كل وسيلة إعلام في هذا العالم هي أداة للترويج لفكرة ما أو مشروع ما ... فلا يوجد إعلام مستقل ... يوجد فقط إعلام حكومي و إعلام خاص .. و قناة الجزيرة كقناة العربية هما وسيلتان إعلاميتان تعملان و تتحركان في إطار ما يقتضيه منهما مشروع محدد يستهدف غسل الوعي الشعبي و إعادة تشكيل المفاهيم و الرؤى في المجتمعات الإسلامية و تحضير الرأي العام العربي و الإسلامي لمرحلة ما بعد " الصراع الإسلامي الصهيوني الصليبي "... كما عملت و تعمل هذه القنوات على تكريس قناعات جديدى غير بريئة في عقول العرب و المسلمين... و الغريب في الأمر أن هذه القنوات ممولة من طرف أنظمة معروفة بفساد البيئة السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية فيها و بتبعيتها للمحور المتحالف مع الولايات المتحدة الإمريكية.
لقد عملت هذه القنوات على " إدخال العلم الصهيوني " إلى بيوت مليار مسلم .... حتى أصبح هذا الرمز الصهيوني مألوفا و لا يثير في المشاهد أي تقزز أو نفور .. ذلك مع جملة أخرى من الأساليب التي تهيأ الرأي العام لقبول التطبيع مع الكيان الصهيوني و إعتباره مع الوقت جارا وجب الإحسان إليه ... حتى أن خارطة فلسطين على هذه الشاشات لا تشمل سوى الضفة الغربية و قطاع غزة .. بينما يكتب على باقي الأرض المحتلة تسمية " إسرائيل " فلو طلبت من إبنك الصغير أن يرسم لك خارطة فلسطين فلن يرسم لك سوى الضفة الغربية و قطاع غزة .. فكيف تطلب من هذا الطفل بعد 20 سنة مثلا أن ينخرط في النضال ضد الصهيونية؟
كما تعمل هذه القنوات بخطة مدروسة على إختلاق اعداء جدد للأمة الإسلامية و للعرب .. عدو بديل عن الصهيونية .. فقد صارت إيران هي الخطر الذي يتهدد الأمة ... و هي الدولة الوحيدة في العالم التي يجب محاربتها و التضييق عليها .. أما الكيان الصهيوني فهو ليس عدوا ... بل يجب التفاوض معه و معاداة كل حركة مقاومة تقف في وجهه سواء جزب الله أو حركة حماس أو حركة الجهاد الإسلامي أو غيرها من حركات المقاومة الشريفة.
أذكر في الأيام الخوالي كيف كانت الجزيرة تحديدا تتربص بالجزائر كل يوم جمعة ... حين ينزل السيد سعيد سعدي إلى ساحة أول ماي محاطا بحوالي 20 شخصا ... فتقوم الجزيرة أسبوعيا بتغطية الحدث و إشباعه تحليلا و نقاشا ... بطريقة تضخم الحدث و تصوره على انه إنتفاضة شعبية و ثورة عارمة ضد النظام.
( أنا هنا لا اعارض السيد سعيد سعدي و لا ادافع عن النظام و لكنني أضرب مثلا على حماقة الجزيرة التي لا تغطي ما يجري في البحرين و السعودية )
في كل هذا إخواني الكرام ... تطل علينا قناة الشروق من العاصمة القطرية الدوحة .. و نسأل الله أن لا تتحول إلى فرع من فروع قناة الجزيرة.... و أن يكون مقرها هذا مجرد معطى جغرافي فقط.