مسؤولون يحولون مكاتبهم إلى أبراج مراقبة للتجسس على الموظفين
لا تخلو مكاتب المسؤولين سواء في الإدارة العمومية ومؤسسات الدولة وكذا المؤسسات الخاصة من أجهزة الرقابة المتمثلة في كاميرات مزروعة في الأروقة والقاعات، وهو إجراء يرى البعض أنه إجراء تعسفي خاصة عندما يستعمله المسؤول في التجسس على الموظفين وتقييد الحرية الشخصية للأفراد، خاصة بزرع أجهزة الرقابة والكاميرات داخل مقرات العمل، ويرى الموظفون في العديد من أماكن العمل أنهم يتحركون تحت الهواجس لأنهم يشعرون وأنهم مراقبون طيلة تواجدهم في مناصبهم، وتحسب عليهم كل التحركات "متى غادروا المكتب، مع من التقوا، مع من تحدثوا"..
ففي البداية كانت كاميرات المراقبة إجراء أمنيا جد متطور انتهجته وزارة الداخلية لتغطية شوارع الجزائر العاصمة ثم المدن الكبرى لمواجهة الجريمة المنظمة والعنف والسرقة، وقبل ذلك كانت تستعمله المؤسسات الحساسة لتأمين محيطها وضمان حماية خاصة داخلها، خاصة في البنوك والمصارف ومكاتب البريد، وهو الاستعمال الأساسي للكاميرات، لكن مع مرور الوقت أصبحت المقرات الحكومية والمباني والأروقة والمؤسسات الخاصة تنتهج هذا النهج كأسلوب متطور في الرقابة لكن تزرع العدسات داخل الأروقة والقاعات والسلالم وفي كل مكان، وتعتبر المحاكم والمجالس القضائية أكثر المقرات زرعا لهذه الأجهزة التي يراها البعض إجراء أمنيا، لكن سوء استعماله يعتبر تعسفا في حق الحريات، فبعد الإصلاحات لا توجد إدارة ولا مكتب وكيل الجمهورية أو نائب عام بدون كاميرا.
يقول المحامي الأستاذ إبراهيم بهلولي، محام لدى المحكمة العليا، إن كاميرات الرقابة تستعمل تحت غطاء أمني لكنها تعدٍّ على الحريات الشخصية للأفراد، وهي وسائل تجسس بيد المسؤولين ضد الموظفين، كما تستغل من طرف المسؤولين لاختيار من يستقبلون ومن يرفضون استقباله. ويرى أن الكاميرات في المحاكم الهدف منها هو مراقبة المحامين وكتاب الضبط والموظفين البسطاء والشرطة، تحت غطاء محاربة الرشوة لكن الرشوة لا تدفع في أروقة المحاكم، وبالتالي فهي مجرد ذريعة لأغراض أخرى تتمثل في حراسة الموظفين والتجسس عليهم، ويضيف أن كاميرات الرقابة داخل المؤسسات سمة العالم الثالث
هذه الظاهرة ليست في أروقة العدالة فقط بل في كل الإدارات تقريبا حيث أصبحت مربوطة بأجهزة الرقابة داخل المقرات، يجلس المسؤول خلف جهاز كمبيوتر ويراقب مداخل المؤسسة والأروقة ومداخل المكاتب والقاعات والبهو، بهدف التجسس على الموظفين بالدرجة الأولى.
وصرح لنا البعض أن عدسات الكاميرات سرية ومجهوله المكان مما يجعل الموظف يتحفظ في سيره وكلامه وتحركاته بشكل كبير، يقول أحد الموظفين بشركة خاصة: "نعلم أن هناك كاميرات في كل مكان، إنها سرية ولا نعرف مكانها، فلا نتحدث في الأروقه ولا ننتقد العمل وإلا يتم استدعاؤنا من طرف المسير ومعاقبتنا وهو ما يحدث في كل الشركات والمؤسسات الخاصة تقريبا".
حتى الوزارات والمؤسسات العمومية تعرف زرعا كبيرا لأجهزة التجسس على الموظفين و"حراستهم" وتقييد تحركاتهم.
منقول(جريدة الشروق اليومي 01/03/2013)