استعرض الموضوع التالياذهب الى الأسفلاستعرض الموضوع السابق

حكايات مجنونة - مجدي صابر  Empty حكايات مجنونة - مجدي صابر

kamarado
kamarado
موظف درجة 5
ذكر

الاقامة : Skikda

المشاركات : 375

نقاط : 450

تاريخ التسجيل : 24/01/2014

العمل : موظف
تمت المشاركة الثلاثاء 10 يونيو 2014, 12:55
الحكاية الأولى : من لم يمت بمغص مات بغيره


لم نفهم سر المسألة إلا بعد الحادث الثالث .. ففي المرة الأولى عندما كنا عائدين من الإسكندرية بسيارتي، واصطدمت السيارة بلوري، كانت النتيجة إصابتنا جميعا بكسور وارتجاجات في المخ، أنا وزوجتي وأخي وكانت الوحيدة التي خرجت سليمة من الحادث هي حماتي – تسعين عاماً – والتي أصيبت فقط بكسر في كعب حذائها!

وفي المرة الثانية عندما ذهبت حماتي لزيارة صديقة لها في دار لرعاية المسنين انهارت الدار على رءوس الجميع، ولم يخرج منها أحد حياً غير حماتي وكانت إصابتي طفيفة.. مجرد تمزق في ذيل فستانها.

وفي المرة الثالثة عندما شب حريق في دار السينما التي تعرض أفلاماً هندية في حينا والتي كانت حماتي تذهب إليها ثلاث مرات في اليوم، لم ينج أحد من الحريق غير حماتي طبعاً، والتي لم يحترق منها شيء غير "أعصابها" . وذلك لأن الحريق منعها من مشاهدة نهاية الفيلم ومعرفة ماذا ستفعل البطلة عندما تكتشف أن حبيبها هو أخوها، وأن أمها ليست أمها وأن الشرير الوحيد في الفيلم هو أبوها.

وهكذا تأكدنا أن حماتي من النوع غير القابل "للكسر".. وأن عزرائيل ربما عقد معها معاهدة عدم اعتداء بشكل ما بحيث لا يقترب منها قبل أن تتم المائتين من عمرها. ولما كانت حماتي من النوع الذي يتفنن في ابتكار وسائل غير مسبوقة في العكننة عليّ وتحويل حياتي إلى جحيم، لذلك لم يكن لديّ شك أيضاً في أن ما تبقى من عمري لن يزيد على بضع سنوات قليلة سأقضيها موزعاً ما بين مستشفيات تعالج ضغط الدم والقلب ولسكر وغيرها.. ولم يكن لدي شك أيضاً في أنه يوماً ما ستقف حماتي لتتقبل فيّ العزاء والجميع يدعون لها بالعمر الطويل وتحمل المصاب الأليم!

ولكني فوجئت بحماتي ذات يوم تشكو من مغص في بطنها فظننتها تمزح، فأي مغص يمكن أن يصيب امرأة تقهر النيران والانهيارات والزلازل والحوادث، وتدمن أفلام "أميتاب باتشان"؟

ولكن تحت إلحاح زوجتي اضطررت إلى نقل حماتي إلى أقرب مستشفى حكومي وضد رغبة زوجتي التي أرادت نقل أمها إلى مستشفى خاص أو إلى عيادة طبيب متخصص. فأكدت لها أن أمها "تتدلع" بادعاء المغص، فأي شيء يمكن أن يؤثر في أمعاء أو معدة امرأة لا يؤثر فيها شرب "ماء النار" الكاوية ولو على سبيل الخطأ؟

ولكن بواب المستشفى أخبرنا أننا جئنا بعد مواعيد العمل الرسمية وأنه لا يستطيع فتح بوابة المستشفى بعد الخامسة مساء.. وثار وأرغى وأزبد ضد هؤلاء الذين لا يحلو لهم المرض إلا بعد المواعيد الرسمية!
ولما قامت الورقة الخضراء ذات الخمسة جنيهات بالتفاهم معه رفع يده بالتحية لنا والدعاء للمريضة بالشفاء، وعندما تجاوزنا أسوار باب المستشفى وحماتي تتساند على أيدينا.. وفوجئنا بها في لحظة خاطفة تختفي فجأة كما لو أنها طارت في الهواء أو ابتلعتها الأرض. وبنظرة سريعة أدركت أن ما ابتلع حماتي ليس سوى بلاعة منزوعة الغطاء.. فلما أسرعنا لاستدعاء أحد عمال المستشفى ليتدلى داخل البالوعة مربوطاً من الحبال وسط صراخ زوجتي على أمها.. فوجئنا بحماتي تخرج من البلاعة وليس بها غير كسر في ساقها.. في حين لم يخرج العامل الذي هبط لإنقاذها حتى هذه اللحظة!

ولما أسرعت إلى الطبيب النوباتشي لعلاج ساق حماتي وتجبيسها، زأر في وجهي كوحش جريح بأنه لن يتزحزح من أمام التلفزيون قبل أن يشاهد فريق الأهلي وهو يسجل هدف التعادل في فريق الزمالك.. لاعنا هؤلاء المرضى قليلي الذوق الذين لا يحلو لهم المرض إلا في أوقات مباريات فريق الأهلي وهو مهزوم بالذات!

ولما كانت النتيجة في النهاية هي فوز الزمالك، لذلك اضطررنا للاستعانة بطبيب زملكاوي راح يضع الجبس حول قدم حماتي وهو يبكي تأثراً ليس حزناً على ما أصابها، بل فرحة بفوز نادي الزمالك، وفوزه هو شخصياً بعشرة جنيهات كان قد تراهن بها مع "ترسناوي" لا ناقة له في المباراة ولا جمل!
وتمددت حماتي بساق في الجبس داخل إحدى حجرات المستشفى وقد عاودتها الآم المغص، ثم انقطع صراخها فجأة ليس بسبب اختفاء المغص بل بسبب سقوط جزء من سقف الحجرة فوق رأسها.. ولو لم نسرع لحملها خارج الحجرة لانهار فوقها بقية السقف.

وهكذا تم عمل جبيرة جبس حول رأس حماتي لعلاج الكسر الذي حدث في جمجمتها.. ولما تركنا الحجرة للحظات بحثاً عن طبيب يعالجها من المغص، عدنا لنجد فأراً في حجم جحش صغير وقد راح يلتهم أصبع قدم حماتي المكسورة وهي لا تستطيع حتى إبعاده بسبب الجبيرة حول رأسها وساقها.. وفر الفأر بغنيمته عندما شرعنا في مطاردته، عبر سرداب ضيق محفور في نفق الحجرة لعله كان ينتهي في حجرة مدير المستشفى!

فلما ضمد الطبيب الاصبع المأكول ولاحظ ضيقاً في تنفس حماتي أسرع بوضع كمامة أكسجين فوق أنفها وفمها وعندما تنبه إلى أن كمامة التنفس التي وضعها لحماتي كانت تمتد لأنبوبة بوتاجاز بدلاً من أنبوبة الأكسوجين – بعد أن استمع إلى تحليل أسباب فوز الزمالك في التلفزيون – كان الأوان قد فات لأي عمل!

ولم يصدق أحد أن حماتي قد انتقلت للعالم الآخر لسبب تافه كهذا.. وعندما وقفت لتقبل العزاء في الفقيدة، كانت تتلاعب على شفتي ابتسامة غامضة.
حسناً. أن أحداً لم يفكر لماذا أصررت بالذات على نقل حماتي إلى ذلك المستشفى الحكومي بالذات عندما أصابها المغص.. فهل أدركتم السر الآن؟




عدل سابقا من قبل kamarado في الثلاثاء 10 يونيو 2014, 13:02 عدل 2 مرات

حكايات مجنونة - مجدي صابر  Empty رد: حكايات مجنونة - مجدي صابر

kamarado
kamarado
موظف درجة 5
ذكر

الاقامة : Skikda

المشاركات : 375

نقاط : 450

تاريخ التسجيل : 24/01/2014

العمل : موظف
تمت المشاركة الثلاثاء 10 يونيو 2014, 13:00
الحكاية الثانية : تيجي تصيده يصيدك





كان تكاثر الفئران في إحدى المحافظات الساحلية بشكل غير عادي عجزت عن ملاحقته قطط المحافظة.. ولما فكر البعض في أن الحل هو استيراد قطط من الخارج لتأكل هذه الفئران احتج البعض بأن هدف الدولة هو زيادة الانتاج وليس زيادة الاستيراد !

وهكذا تفتق ذهن أحد مسئولي المحافظة بحل عبقري يتمثل في ذلك الاعلان الذي أصدره ديوان المحافظة وينص على أن المحافظة ستشتري كل فأر يتم صيده داخل حدود المحافظة بجنيه واحد لا غير !

ولم يكن المسئولون في المحافظة يدركون أنهم سيلاقون مثل هذا النجاح العظيم لهذه الفكرة، فقد فوجئ المحافظ بنصف موظفي الديوان يتقدمون إليه باستقالاتهم، فسألهم في ذهول! انتوا عاوزين تستقيلوا ليه؟
فأجابوه في صوت واحد علشان نصيد فيران ونزوّد دخلنا. شوف بقى لو الواحد مننا اصطاد خمسين فار في اليوم على الأقل. دخله يبقى كام في الشهر؟

وفي نفس اليوم فوجئ المحافظ بكل الذين كانوا قد تقدموا بطلبات للحصول على إجازة للسفر للخارج للعمل، فقد قاموا بسحب اجازاتهم وقدموا بدلاً منها طلبات إجازة في الداخل.. ليمتهنوا صيد الفئران باعتبارها تجلب أرباحاً أكثر من العمل في الخارج!

ليس هذا فقط.. بل إن المدارس التي كانت تشكو من تكدس التلاميذ بحيث كان كل أربعة أطفال يجلسون على دكة واحدة، فوجئ مفتشو ونظار المدارس بخلوها من التلاميذ. فلما استقصوا عن السر في الأمر اكتشفوا الاجابة المذهلة.. وهي أن التلاميذ ذهبت لصيد الفئران!

وكنتيجة منطقية فقد تخلصت تلك المدينة الساحلية من البطالة بين خريجي جامعاتها.. إذ كيف يكون هناك بطالة في بلد ما، ثمن الفأر فيه جنيه مصري واحد؟
ليس هذا فقط.. بل إن حركة السياحة الداخلية في ذات المحافظة قد نشطت بطريقة لم تعرفها من قبل ، إذ امتلأت كل الفنادق والبنسيونات برواد المحافظات الأخرى، وبالطبع فلا بد أن تخمن السبب، في أنهم جاءوا لصيد الفئران وتحسين دخولهم!

وكل هذه الأسباب دفعت مسئولي المحافظة للتفاخر بين اقرانهم بأنهم بواسطة ذلك الحل العبقري فقد تخلصوا من مشكلة البطالة والكساد السياحي وتكدس التلاميذ في المدارس وتكدس الموظفين أيضاً.. ذلك كله كان بذلك الحل الجهنمي.. وهو جنيه واحد لكل فأر يتم صيده !

بل وقامت بعض شركات السياحة بتنظيم رحلات سفاري للأجانب في المحافظة الساحلية للتمتع بصيد الفئران في أماكن تواجدها الطبيعية!

ولكن المؤسف أن الشيء الوحيد الذي لم تستطع المحافظة التخلص منه كان هو الفئران.. فنظراً للمكاسب الهائلة التي كان يجنيها صيادوا الفئران.. لذا قام بعض أصحاب مزارع الدجاج والماشية في المحافظة بتحويل نشاطها سرا إلى تربية الفئران باعتبارها ذات أرباح مضمونة ولا تتكلف تربيتها شيئاً.. وأنشئت لذلك عدة شركات استثمارية برأسمال أجنبي مصري مشترك.. وهذه النتيجة بالطبع لم تكن في حسبان من أعلن شراء الفأر بجنيه واحد.. لأنه كان يريد التخلص من الفئران وليس تربيتها لبيعها بعد ذلك، وهكذا أصدرت المحافظة أوامرها بعدم شراء فئران تلك المزارع، ولكن كيف كان يمكن لموظفي المحافظة المساكين المسئولين عن شراء تلك الفئران، في التمييز بين الفئران الضالة والأخرى التي تُربى في المزارع؟

وحتى عندما حاولت المحافظة القيام بحملات بوليسية لمداهمة مزارع تربية الفئران فإنها فشلت في ذلك، لسبب بسيط وهو أن بعض كبار رجال المحافظة كانوا يشاركون سراً في رأسمال تلك المزارع الفئرانية!!

نتيجة أخرى لم ينتبه إليها المسئولين عندما أعلنوا أن الفأر بجنيه ربما بسبب جهلهم بالقاعدة الاقتصادية التي تقول أن سعر الشيء يتحدد حسب ندرته والعرض والطلب ليه.. ولأن الفئران في المحافظات الأخرى كانت لا تساوي ثمن رشة المبيد القاتل لها، في حين أنها تساوي جنيهاً كاملاً في تلك المحافظة الساحلية .. ويعد خصم نفقات السفر والإقامة فإن الربح يكون كبيراً دون شك.

ولأن البعض كان وقته لا يسمح بالسفر – وإن كان يسمح بصيد الفئران – لذلك ظهر بعض السماسرة الذين كانت مهمتهم تنحصر في شراء الفئران من كل المحافظات بالجملة وبسعر خصم مناسب، ثم بيعها في تلك المحافظة الفأر بجنيه!

ولما تنبهت المحافظة الساحلية لتلك التجارة، قامت بإغلاق حدودها مع المحافظات الأخرى لمنع دخول الفئران الغريبة، فلجأ صائدوا الفئران من المحافظات الأخرى والسماسرة إلى تهريب تلك الفران إلى المحافظة الساحلية بوسائل لا تخطر على بال، فمنهم من كان يقوم بتهريبها عبر البحر ليلاً.. ومنهم من كان يصنع صُرة مكونة من خمسين فاراً لتشدها زوجته على بطنها وكأنها حامل ليتم تهريبها.. ومنهم من استعان بخبرة تجار المخدرات في هذا المجال!

وهكذا اضطر مسئولو تلك المحافظة الساحلية آسفين لاعلانهم أنهم لن يشتروا فأراً واحداً بعد اليوم.. فكان أن توقف الموظفون والتلاميذ والعاطلين عن صيدها.. وأطلق أصحاب مزارع الفئران فئرانهم.. وفعل المهربون نفس الشيء فتضاعفت أعداد الفئران في المحافظة عما كانت من قبل عشر مرات.. وهو الأمر الذي جعل مسئولو المحافظة يفكرون في الحل الأول.. وهو استيراد القطط من الخارج لصيد الفئران.. القطة بعشرة جنيهات.. وهو ما يستعد له البعض من الان بإنشاء مزارع لتربية القطط !


حكايات مجنونة - مجدي صابر  Empty رد: حكايات مجنونة - مجدي صابر

kamarado
kamarado
موظف درجة 5
ذكر

الاقامة : Skikda

المشاركات : 375

نقاط : 450

تاريخ التسجيل : 24/01/2014

العمل : موظف
تمت المشاركة الثلاثاء 10 يونيو 2014, 13:05
الحكاية الثالثة : موقف سياسي


امتهن البعض الحمير في بلادنا لدرجة أنهم إذا أرادوا سب شخص ما، وصفوه بأنه حمار، دون أن يدروا أن هناك جمعية راقية للحمير، يحمل رئيسها لقب "صاحب الحدوة".. وأعضاؤها يتوزعون ما بين "الجحش الصغير" و "الحمار الكبير" و " الأتان"!

وربما كان ذلك الحقد والامتهان للحمير بسبب أن الوجبة المفضلة لها هي الفول، مما يجعله غير متواجد بسعر رخيص للحمير الآخرين.

وقد نشرت الجرائد في الأسابيع القليلة الماضية بضعة حوادث تدل على أن الحمير ليست بمثل ذلك الغباء الذي نظنه، وأن بعضها أكثر شجاعة وذكاء من بعض الآدميين. وعلى سبيل المثال ففي إحدى القرى كان الحمار هو الشاهد الوحيد على جريمة قتل وقعت لصاحب ذلك الحمار، الذي كان راكباً حماره وذاهباً به إلى السوق – الحمار هو الذي كان ذاهبً بصاحبه للسوق وليس العكس لأن أصحاب الحمير لا تعرف طريق السوق عادة- عندما خرج أحد خصوم صاحب الحمار وأطلق عليه الرصاص فأرداه قتيلاً. دون أن يهتم ببقاء الشاهد الوحيد – الحمار – على قيد الحياة. وعندما جاءت الشرطة والنيابة هرب بقية الشهود من البني آدمين ورفضوا الشهادة خوفاً من سطوة القاتل الذي بدأ حياته كلص للحمير، وأنهاها كسفاح لإخوانها! ولكن وفي عرض قانوني للمشتبه فيهم استطاع الحمار تمييز القاتل فنهق في وجهه، فكان ذلك سبباً في إدانته وحصوله على الإعدام!

وهانك حادثة أخرى تدل على مدى شجاعة بعض الحمير، فقد كانت هناك عصابة قامت بترويع الفلاحين في إحدى القرى وحدث أن ذهب اللصوص لسرقة منزل أحد الخفراء فلم يجدوا في المنزل ما يستحق السرقة غير كيس تبن الحمار- ووقتها كان الخفير مختبئاً تحت سريره في رعب من اللصوص- ولكن الحمار وقد رأى عشاءه يُسلب منه، فلم يعجبه ذلك وانقض على اللصوص وأشبعهم ركلاً وعضاً حتى اضطرهم للصراخ طالبين النجدة، بعد أن سقطوا مصابين إصابات بليغة، فكان من السهل القبض عليهم بعدها. ولما كان القانون للأسف لا يتيح تشغيل الحمير لدى الحكومة – فهناك أنواع أخرى من الحمير تشتغل لدى الحكومة وتبرطع في دواوينها دون أي عمل- لذلك لم يكن من الممكن تعيين الحمار البطل ضمن قوة الأمن في القرية فاكتفوا بترقية صاحبه كشيخ للخفراء.. والذي لم يشاهد بعدها حاملاً سلاحه الميرى، اكتفاء بحماره .

وهناك أيضاً تلك الحمير الخمسة التي ضُبطت على الحدود المصرية الليبية محملة بأجهزة الفيديو المهربة، والتي قام أصحابها بتحميل أجهزة الفيديو على ظهورها، ثم أطلقوها لتأخذ الحمير طريقها الذي تعرفه جيداً عبر الحدود خلال الجبال لتصل إلى الناحية الأخرى.. حيث يستقبلها أصحابها دون أن يعرضوا أنفسهم للخطر أو القبض عليهم بتهمة التهريب.. ولكن الحمير سلكت طريقاً مكشوفاً تمر به دوريات الشرطة فكان أن وقعت في يديها وتمت مصادرة أجهزة الفيديو.. ويقول العليمون ببواطن الأمور هناك بان الحمير غيرت طريقها قاصدة لتقع في قبضة الشرطة لأن صاحبها كان قاسياً ويسيء معاملتها ويضربها.. وأنها أرادت عقابه بما فعلت.. ولكن بعد ذلك الاستقبال الحافل الذي استقبلت به الشرطة الحمير لدرجة جعلت وزن كل حمار يتضاعف من شدة الضرب، فقد قررت الحمير العودة إلى صاحبها آسفة لتعاود نفس العمل.. وهو ما يكشف خطأ وزارة الداخلية وقصور نظرتها في تعاملها مع بعض المتهمين، وأنه ليس من الحكمة معاملة كل الحمير المتهمين نفس المعاملة!

أما أشهر أحداث الحمير والتي كادت تتسبب في سقوط وزارة بأكملها، فوقعت في منتصف العشرينات، عندما كان إسماعيل صدقي باشا وهو وزير الداخلية في مصر وكان على خلاف مع الزعيم الوطني سعد زغلول وكان يقف مع المرشح المنافس لسعد زغلول في البرلمان، وأمر صدقي كل ضباط الشرطة بأن يحشدوا الأهالي لتحية منافس سعد زغلول الذي كان سيمر مع الوزراء على بعض القرى والبلاد بالقطار، فكان أن حشد أحد الضباط النشطين الأهالي فوق حميرهم لتحية منافس سعد زغلول، وحمل الأهالي لافتات الترحيب والتأييد ... وبعد أن اطمأن الضابط للاستقبال المرتقب انصرف سعيدا تاركاً الأهالي وحميرها في استقبال المرشح المنافس.. ولكن عندما مر موكب المنافس كان الأهالي قد اختفوا تاركين حميرهم وحدها.. وقد عُلقت على ظهورها عبارات التأييد من نوعية "نحن نؤيدكم" و "قلوبنا معكم" و "نحن منكم وإليكم"!!

وكانت حادثة تندرت مصر بها وقتاً طويلاً.. وتناقلتها وكالات الأنباء.
وهكذا أثبتت الحمير في بلادنا أن لها موقفاً ووعياً سياسياً.. بعكس بعض المواطنين الآخرين ممن ليسوا من أصحاب الحدوة!


حكايات مجنونة - مجدي صابر  Empty رد: حكايات مجنونة - مجدي صابر

kamarado
kamarado
موظف درجة 5
ذكر

الاقامة : Skikda

المشاركات : 375

نقاط : 450

تاريخ التسجيل : 24/01/2014

العمل : موظف
تمت المشاركة الثلاثاء 10 يونيو 2014, 14:45
الحكاية الرابعة : جيل تلفزيوني


كان مجيء طفلي حدثاً غير عادي في حياتي كأم ، ليس فقط بسبب أن التجربة كانت جديدة عليّ، بل وأيضاً لأن طفلي لم يكن عادياً بكل تأكيد . ففي الشهور الأولى لولادته وعندما كان والده يداعبه بمنحه قرشاً، كان طفلي يرفض أن يمد يده ليحصل على القرش، ولكنه يمدها إذا أظهر له والده شلناً أو بريزة ويعد أن صار عمره عاماً صار يرفض البريزة، ولا يقبل إلا الجنيهات الصحيحة!

وكنت -كما أخبرتني أمي- قد تعلمت المشي متأخرة وعمري ثلاثة أعوام، أما طفلي ففي ذلك السن كان يستعد للحصول على الحزام الأصفر في الكاراتيه!

وفي ذلك السن أيضاً كان يرفض مشاهدة برامج الأطفال ويتهمها بالسخافة، ويصر على البقاء حتى الثانية صباحاً أمام الفيلم العربي.

وفي ذلك السن كذلك بدأت التساؤلات المحرجة.
فذات مساء ونحن جالسون نستمع إلى الإعلانات التليفزيونية قبل المسلسل العربي، أشار طفلي إلى إعلان كان يُذاع عن حبوب منع الحمل والتفت لي قائلاً: مش ده زي اللي عندك يا ماما في أوضة النوم؟
فشحب وجهي لدقة ملاحظته وأجبته مرتبكة: لا يا حبيبي.. اللي جوه في أوضتي ده ملبس وبونبوني.
فأجابني بنظرة عميقة محتجة قائلاً: لو كان ملبس وبونبوني صحيح، صحيح بابا ما بياخدش منه ليه؟

ومرة أخرى وأثناء عرض المسلسل العربي انفجرت البطلة باكية، فالتفت لي متسائلاً: هي البطلة بتعيط ليه يا ماما؟
فأجبته بسرعة: لأن باباها عيان.
فهز رأسه نافياً فقال: لا.. دي تلاقيها بتعيط عشان جوزها سابها وحيتجوز الخدامة!

وفي مساء آخر كنا نشاهد أحد الأفلام، وشحب وجهي عندما شاهدت بطل الفيلم يهم بتقبيل البطلة، فنظرت إلى طفلي في حذر، فوجدته يلتفت نحوي فيمكر متسائلاً: همه بيعملوا إيه؟
فأجبته بارتباك: أصل البطل بيقول للبطلة سر في بقها.
فقال ساخراً: لأ يا ماما.. لو كان عاوز يقولها سر بصحيح كان قاله في ودنها!
فسألته في غضب واندفاع: أمال يعني تفتكر همه بيعملوا إيه؟
فغمز لي بعينه قائلاً بابتسام: ما انتي عارفة يا ماما!

وعندما جاء طفلي الثاني كان طفلي الأول قد بلغ الرابعة من عمره، وسألني بعد الولادة مباشرة وهو يتأمل أخاه الصغير: هو أخويا ده جبتوه منين؟
فأجبته وأنا أداري خجلي: إحنا لقيناه جنب الجامع. مع إن الناس التانيين بتولد عيالها بعد الجواز بتسعة أشهر!

وفي سن الخامسة كان قد دخل الحضانة فارتحت من مشاغباته وأسئلته المحرجة..
ولكنه جاءني ذات يوم وهو يبكي فسألته في دهشة : مالك يا حبيبي.. حد مزعلك؟
فأجابني باكياً: شيرين.
بدهشة سألته: شيرين مين؟
قال وهو يمسح دموعه: شيرين اللي قاعدة جنبي في الفصل.
- مالها؟
قال وهو ينهنه باكياً: أصلنا إحنا الاتنين اتواعدنا من أول الدراسة نكون لبعض مهما كانت الظروف، واكتشف النهادرة بس إنها مرتبطة بولد تاني في الحضانة إللي جنبنا علشان بيجيب لها مجلات سمير وميكي، أتاريها كانت بتخدعني وخانت العهد اللي بيننا.. مع إني كنت ناوي أخطبها في إجازة نص السنة!!


حكايات مجنونة - مجدي صابر  Empty رد: حكايات مجنونة - مجدي صابر

kamarado
kamarado
موظف درجة 5
ذكر

الاقامة : Skikda

المشاركات : 375

نقاط : 450

تاريخ التسجيل : 24/01/2014

العمل : موظف
تمت المشاركة الثلاثاء 10 يونيو 2014, 15:17
الحكاية الخامسة : مدرسة الإرهاب




كانت تنشئة طفلي تحت عيوننا أنا وأمه .. فحرصنا على إدخاله مدرسة لغات خاصة لكي ينال أفضل تعليم.. كما أحطناه بسياج من الحب والحنان يسمح له بأن يكاشفنا بكل ما يدور في عقله لكي ننصحه في الوقت الملائم.

وعندما بلغ العاشرة من عمره رأيناه يصادق كلب الجيران، واكتشفنا أن هذا الخبيث لم يفعل ذلك إلا للوصول إلى قلب ابنة الجيران التي تبلغ التاسعة من عمرها!

وكانت أحلى أوقاتنا هي التي نقوم فيها بتشجيع نادي الزمالك في التليفزيون حيث أن زوجتي تنتمي بصلة قرابة لبواب النادي، ومن ثم كان أمر تشجيعنا للزمالك هو أمر حتمي ضماناً لتوافر السلام العائلي في المنزل.

ولكن ابني – ذو السنوات العشر- اندفع عائداً ذات يوم من مدرسته مكفهر الوجه وعيناه تطلقان شرراً حتى خشيت أن يكون قد أصيب بالحصبة، ولكنه أغلق التليفزيون صائحاً: انتوا ازاي بتتفرجوا على ماتشات الكورة.. دي حرام.

فاندهشت للحظة متشككاً إن كان يقول ذلك لأنه تحول إلى تشجيع الأهلي بدلاً من الزمالك.. ولكنه صاح بأعلى صوته بأن الكرة كلها مكروهة.. ولو كان لاعبها هو الشيخ طه!
فابتلعت أمه لعابها بدهشة وحاولت تغيير الموضوع قائلة إنها تفضل رؤية الفيلم العربي.. فصرخ ابننا فيها بأن كل الأفلام العربي هي رجس من الشيطان..

فاندهشنا أكثر وحاولنا استقصاء الأمر منه، فعلمنا أن مدرس اللغة العربية قد قال له إن الكرة حرام، وكل الرياضات الأخرى ولو كانت لعب الحجلة.. فرفعت حاجبي في دهشة، ولكنه صاح بي أيضاً إن اللعب بالحواجب حرام!

فنظرت لزوجتي بهدوء لكي نمتص غضب ابننا حتى يمكننا مناقشته فيما بعد بهدوء، وعدت إلى السفرة لإكمال طعامي، ولكن ابني أمسك بيدي قبل أن أضع اللقمة في فمي مباشرة وصرخ فيّ: أنت مش خايف من غضب ربنا عليك وأنت بتاكل بإيدك الشمال؟
- طب وأنا أعمل إيه.. ما أنا طول عمري أشول؟
- يبقى لازم تستغفر وتتوب!
- أتوب عن إيه؟
- عن الأكل بإيدك الشمال.. مدرس العلوم هو اللي قال لنا كده اللي بياكل بإيده الشمال بتاكل معاه الشياطين والبركة ما تدخلش بيته.
وحدّق في حذائي المثقوب مضيفاً: وواضح أن بيتنا ما فيهوش بركة!
وذلك بالرغم من أنني لم أتمكن من شراء حذاء جديد لأن كل ما معي دفعته رسوماً لمدرسته الخاصة!

ودق جرس الباب في نفس اللحظة ودخلت ابنة الجيران وهي تبكي لتسأل ابننا إن كان قد رأى كلبها لأنه غائب منذ الصباح. فأشاح بوجهه عنها قائلاً أنا ما أعرفش حاجة عن الكلب النجس ده!
فانصرفت الطفلة باكية، ولكني سألته في شك: أنت باين عليك تعرف حاجة عن الكلب ده ومخبيها؟
فالتمعت نظرة شريرة في عيينه وقال: أيوه.. أنا أخذته الصبح وسربته بعيد عن العمارة.
سألته مندهشاً:
- ليه؟
- علشان الكلب نجس ومش لازم يعيش وسط البني آدمين.. مدرس التربية الاجتماعية هو اللي قال لنا كده!
جززت على أسناني وقلت له: ومش حرام عليك تكذب على صاحبة الكلب؟
- لا.. لأن الضرورات تبيح المحظورات.. مدرس الانجليزي هو اللي قال لنا كده!

وفي نفس اللحظة سمعنا بكاء أطفال الجيران.. وخرجنا لاستطلاع الأمر فاكتشفنا أن كل كلاب الجيران قد اختفت.. فابتسم ابني بخبث فسألته متشككاً إن كان هو من فعل ذلك أيضاً ولكنه قال: لا.. لكن أنا أديت أوامري لكل جماعتي في فصل خامسة أول بتاعي انهم يسربوا كلاب الجيران.
سألته في ذهول: انت عملت جماعة؟
- ايوه.. وانا بقيت أمير جماعة فصل خامسة أول.
وأمسك بيده سكيناً صغيرة دسها في جيب الجلباب الذي ارتداه وهو يضيف : أنا دلوقتي نازل لجماعتي عشان يبتدوا يشوفوا واجباتهم الأمنية في الشارع.. زي حضرة الناظر ما قال لنا!


حكايات مجنونة - مجدي صابر  Empty رد: حكايات مجنونة - مجدي صابر

kamarado
kamarado
موظف درجة 5
ذكر

الاقامة : Skikda

المشاركات : 375

نقاط : 450

تاريخ التسجيل : 24/01/2014

العمل : موظف
تمت المشاركة الثلاثاء 10 يونيو 2014, 15:24
الحكاية السادسة : اللي عاوزني يجيني ..أنا ما بروحش لحد



كانت أول معرفتي به وأنا تلميذ بالمدرسة الابتدائية، وكان هو تلميذاً في مدرسة الحياة، برغم أن عمره لم يكن يزيد عني إلا ببضع سنوات قليلة، إلا أنني تعودت أن أراه واقفاً أمام مدخل مدرستي يلاعب تلاميذها لعبة "الثلاث ورقات" ويستولي على قروشهم القليلة وساندوتشاتهم التي يتراهنون عليها.. وللأسف كان التلاميذ من خلاله يحاولون كسب المال بطرق غير تقليدية، تمهيداً لأن يصيروا من زبائن المدعى الاشتراكي فيما بعد!

وعندما اشتكاه ناظر المدرسة للشرطة – قيل إن الناظر فعل ذلك بعد أن خسر نقوده أيضاً في نفس اللعبة – جاء عدد من المخبرين لفحص الشكوى وإلقاء القبض على صاحبنا، ولكنهم بدلاً من ذلك أشفقوا عليه واعتبروا سجنه تعطيل لإحدى الأيدي العاملة. ولأن اليد البطالة نجسة فقد عرضوا على صاحبنا نوعاً من المشاركة في الأرباح وافق عليها مضطراً. وفي النهاية وبعد أن صار صاحبنا لا يحصل إلا على 1 % من الأرباح اعتزل اللعبة.

وفوجئت وأنا في المدرسة الاعدادية بأنه صار لصاً للغسيل.. لا يفرق بين فردة الشراب أو ملاءة السرير!

وذات ليلة أوقع سوء الحظ صاحبنا في سرقة غسيل جارة لنا كانت تزن ما لا يقل عن نصف طن، ولما قبضت عليه متلبساً بالجرم المشهود هوت فوقه بذراعها فلم يفق إلا بعد ثلاثة أيام، ودعاه ذلك الحادث إلى اعتزال المهنة الجديدة بعد أن شاهده الجيران والسكان يجري بالملابس الداخلية، بعد أن استولت الجارة السمينة على ملابس صاحبنا لحساب زوجها!

وبعدها وأنا في الثانوية فوجئت بصاحبنا وقد ارتدى جلباباً أبيض وأمسك بميكروفون ودفتر ايصالات مختومة، واقفاً على ناصية شارعنا يدعو المارة وراكبي الاتوبيسات للتبرع لأعمال الخير وبناء المستشفيات والملاجئ والمساجد. وسعدنا جميعاً لأن الله هدى صاحبنا، فأسرعنا بالتبرع ولكن شاء سوء الحظ أن يطارد صاحبنا في اصرار عجيب، وحدث ذلك عندما ذهبت زوجته الأولى لتشكوه في النيابة لأنه كتب عمارته الجديدة باسم زوجته الثانية، فلما فحصت النيابة البلاغ اكتشفت أن صاحبنا لم يسهم بالتبرعات التي كان يجمعها في أي عمل خيري، بل بنى بيتا له هو شخصيا!

وعندما دخلت الجامعة كان صاحبنا قد دخل السجن أيضاً، وعندما تخرجت من الجامعة كان هو قد تخرج من السجن. واختفى عن الأنظار بضعة شهور.. فوجئت بعدها بصورته في التلفزيون بعد أن صار من أصحاب شركات توظيف الأموال باعتبار أنه لا فارق كبيرا بين "لعبة الثلاث ورقات" و "توظيف الأموال"!

وصار صاحبنا يوزع ثلث رأس المال أرباحاً في كل عام حلالاً لا شبهة فيها كما تقول اعلاناته، وصار أيضاً يغيّر زوجاته كما يغير جلبابه الأبيض الناصع البياض.. مرة ظهراً ومرة مساء. وقال الطيبون من الناس إن صاحبنا رجل مبروك وإنهم اختاروه لايداع أموالهم لديه بالذات.

ولكنه هذه المرة كان قد تعلم الدرس، فعندما ذهبت زوجته الأخيرة لتشكوه للنيابة بأنه لم يكتب لها النصف مليار جنيه التي وعدها بها وأنه قام بتهريب كل أمواله للخارج، أسرعت الشرطة للقبض عليه، ولكنه كان قد سبقها وطار إلى الخارج نحو بلاد بعيدة تتزحلق على الجليد في الشتاء وترتدي نساؤها الفراء في الصيف، وتحتفظ بنوكها بأسرار عملائها الكبار من صنف صاحبنا. و لما طالبه البعض بالعودة إلى مصر في نداء حار وإعادة أموال الغلابة التي هربها للخارج، أخرج صاحبنا لسانه للجميع قائلاً: اللي عاوزني يجيني.. أنا ماباروحش لحد!


حكايات مجنونة - مجدي صابر  Empty رد: حكايات مجنونة - مجدي صابر

الكلمة الطيبة
الكلمة الطيبة
موظف درجة 12
انثى

الاقامة : الاغواط

المشاركات : 2606

نقاط : 4609

تاريخ التسجيل : 06/12/2012

العمل : مهندسة
المزاج المزاج : أحترم من يحترمني

تمت المشاركة الثلاثاء 10 يونيو 2014, 20:56
حكايات مجنونة - مجدي صابر  16hor3n


استعرض الموضوع التاليالرجوع الى أعلى الصفحةاستعرض الموضوع السابق
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى