بلغني أيها السائل أنه لم يعد بينك و بين الإدارة حائل ، فقد تحصلت على منصب جدبد و أنت الآن به سعيد ، فهنيئا لك الوظيفة لكن كن حذرا حصيفا ، كريما عفيفا ،و لا تكن ساذجا ضعيفا و لا ساخطا مخيفا ، و لا شاتما عنيفا و لا شامتا سخيفا ، فهذا مكان كالدنيا تتغير فيه الأحوال و تتبدل فيه الايام و الليال .
لا تستمع فيه للقيل و القال و لا تكن للكلام نقال ، و كن في مبادئك ثابتا كالجبال و لا تخف عندها من تقلب الزمان لأن العزيز عند الله لا يهان.
كن للسر كتوما و لا تكن عابسا مشؤوما ، عامل الزملاء حسب أحوالهم ، ففيهم الغني و الفقير ، الصغير و الكبير ، التقي و الفاجر، الطيب و الماكر .
كن لعملك متقنا و لغيرك به محسنا ،فإنك لست به متطوعا بل محاسب عند الله حسابا مروعا.
كن لرئيسك محترما و اعرف مقامه و بحدودك ابق ملتزما حتى و لو ظل لك متواضعا متبسما و كن لمرؤوسك مرجعا و لا تكن له موجعا .
لا تقل مرتبي لا يكفيني و لا علي إن أخذت رشوة بين الحين و الحين ،أقضي بها جزءا من ديني كيف لا و مع الهاتف النقال باتت الصفقات تقضى في الحال !
لا تجعل من الإدارة تجارة ، و لا ترى في الغلول شطارة و لا في الغش مهارة ، فكم مر من ظن أنه للمكتب مالك ، فتركه و أمسى هالك و لم يعد بالخير يذكر و لا ترك أثرا عليه يشكر .
هذا ما جادت به قريحتي و من القلب لك نصيحتي فهي من عصارة تجربتي و لك مني خالص مودتي .