مقدمــة:
عملية التربية والتعليم تقف في طليعة المسؤوليات الحضارية للمجتمعات المتطورة في عالمنا المعاصر فهي بمثابة المحرك الأساسي لعجلة التقدم الكفيلة بنقل الأزمة من حاضرها المأزوم إلى مستقبلها المشرق دون أن تدير ظهراً لماضيها العريق، والمدرسة التي تقيم جسوراً وطيدة مع الأسرة والمجتمع الخارجي ككل،تظل بطبيعة تكوينها تشكل المحور الميداني المشترك لعملية التربية والتعليم ، ولكي تتوفر فرص النمو الطبيعي في المجتمع المدرسي لا بد من تحسير العلاقة وتوطيدها بين مجتمع الكبار خارج أسوار المدرسة من جهة وبين مجتمع الأبناء داخلها من جهة أخرى ، بحيث نصل آباء ومعلمين إلى مدرسة المجتمع المفتوحة لكل الطاقات والخبرات التربوية.. إذا لا يمكن للتنمية البشرية في حقل التربية والتعليم أن تؤتي أكلها وان تكون مجدية وفاعلة إذا ما تم تنظيرها وتطبيقها ميدانيا في معزل عن حركة المجتمع الشاملة بكل أبعادها وقيمها السائدة،ولعل من أهم الجماعات الضاغطة التي توجد خارج أسوار المدرسة هي النقابات و جمعية أولياء التلاميذ، اللذان لهما دور مهم في العملية التربوية،ومن هنا سأحاول التعريف بالنقابات ،من حيث المفاهيم وكذا بالتعرض إلى تاريخية نشوء النقابة قبل وبعد الاستقلال، وماهي أهم القواعد والخطوات لإنشاء النقابة،متخذا في ذلك دراسة حالة الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين، ثم تلي هذا جمعية أولياء التلاميذ والتي أركز فيها على مفهومها ،وأهدافها،مع توضيح دورها التي تقوم به إلى جانب أهميتها كبنية اجتماعية فاعلة، وسوف اذكر أهم المعيقات التي تعترض عمل جمعية أولياء التلاميذ.

I-النقابــات في الجزائر:
تمهيـــد:
عرفت الجزائر بعد أحداث أكتوبر 1988 م تغيرات جذرية في كل المجالات السياسية منها و الاقتصادية و الاجتماعية، حيث تحولت من مجال الأحادية في كل شيء إلى مجال التعددية في كل شيء، و على غرار فتح المجال السياسي تم كذلك فتح المجال النقابي.
إلا أن الطريقة لم تكن نفسها من حيث الاهتمام و الدعم و العناية ، ففي المجال السياسي أولت السلطة اهتماما كبيرا للأحزاب و فتحت لها المجال واسعا إلى درجة التعدي على كل منجزات حتى لا نقول مقدسات الدولة و الشعب ، في حين سدت كل الأبواب في وجه العمل النقابي إلى اليوم ، و بطرق تترك النقابي مدهشا في بعض الأحيان لأنه لا يجد مبررا لذلك .ورغم هذا كله ظهرت نقابات عديدة و في وقت قياسي في مختلف المجالات و النشاطات ، إلا أن الأغلبية المطلقة كانت في قطاع التربية و التعليم.
ومن هنا نجده من الضروري التعرض ولو بصفة كرونولوجية حول تطور الحركة النقابية قبل وبعد الاستقلال،لكن من باب المنهجية العلمية سنعرض أولا أهم المفاهيم والمصطلحات التي نسمعها في المجال النقابي، وكيف يتم إنشاء هذا الأخير بصفة قانونية،من حيث قواعده وأسسه،وسوف نحاول أن نضع بين أيديكم أهم مبادئها التي تستند إليها وكذا أهدافها التي تسعى جاهدة لتحقيقها، وسنستعرض أيضا من خلال هذه الدراسة الوصفية للحركة النقابية في الجزائر،برامجها التكوينية وكيف يتم انتخاب أعضائها،بمواد قانونية معينة...إلى جانب هذا كله سننهي هذا الطرح حول النقابة بدراسة حالة الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين،تاريخيته وأهدافه،وسنقوم بوضع أهم انجازات الحركة والصعوبات التي تعتريها.
1- تحـــديد المفاهيم:
1-1)النقابــة:
الاشتقاق اللغوي لكلمة نقابة هي من كلمة " نقيب " التي تعني كبير القوم المعني بشؤونهم، كما تعني أيضا العميد، و بالفرنسية لها معنى مقارب لمعناها بالعربية، فهي تعني المحامي أو المدافع أمام العدالة، أو الاهتمام بشؤون و مصالح الجماعة التي هو عضو فيها.
فالنقابة باختصار تتألف من ثلاثة عناصر أساسية :
أولا / فـــئة
ثانيا / أهــداف
ثالثا / تنظيم النقابي
أولا:الفـــئة:
يتحتم على الأفــراد الذين ينتظمون في نقابة معينة و ذو سمة مشتركة تجمعهم جميعا (عمال، طلاب، معلمين....)فيمثل العمال اتحاد نقابات العمال و يمثل فئة المعلمين الإتحاد الوطني لعمال التربية و التكوين وهكذا.
ثانيا: الأهـــداف:
يجب أن تسعى الفئة أو المجموع الأفراد المنظمين وفق نقابة معينة لتحقيق أهداف مشتركة، فلكل نقابة غرض معين من إنشائها.
ثالثا: التنظيم النقابي: يقوم التنظيم النقابي بربط الفئة وفق منظومة موحدة يحدد بها الحقوق و الواجبات و آلية اتخاذ القرار و كيفية اختيار الممثلين وتوثق هذه الأمور في القانون الداخلي الخاص بالنقابة.
لعل التعاريف السابقة التي أوردناها كلها تصب في المعاني اللغوية الأدبية،لكن ما يهمنا كذلك المعنى العلمي خاصة كيف ينظر السوسيولوجي لهذا المفهوم ولهذا يجدر الإشارة إلى تعريف علمي وهو كتالي:
إن تعريف النقابة في معجم علم الاجتماع كانت كتالي:
" تنظيم اختياري دائم للعمل يهدف إلى رعاية مصالحهم و الدفاع عن شروط عملهم و تحسين أحوالهم و معيشتهم"
غير أن الشارع الإسلامي لم يغفل على هذا المصطلح، والذي ذكر في أكثر من موضع في القرآن والسنة أيضا، ولهذا نجد المجمع الإسلامي أعطى تعريف لهذا المصطلح هو الآخر، أما معناها في الشريعة الإسلامية : فليست النقابة بالكلمة الغريبة عن القرآن الكريم أو السنة ، فقد وردت كلمة " نقيب " في قوله تعالى { ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقينا } سورة المائدة ،أية 12، كما أن الرسول "صلى الله عليه وسلم " قد اختار نقباء ليمثلوا عشائرهم و قبائلهم ،وهو ما يؤكـد إقرار المجتمع الإسلامي قد تقبل وجود هيئات ومنظمات على هذا الأساس ،و لم يجد من المبادئ و الأصول الإسلامية ما يدعوه لمعارضتها أو حلها أو الحيلولة دون قيامها مند فجر الحضارة الإسلامية.
1-2)النقابيــة: syndicalisme

هي مذهب يدعو إلى إحلال سيطرة العمال المنظمين في النقابات محل سيطرة الرأسماليين بحيث تصبح نقابات العمال أساسا للإدارة الصناعية، و إلى قيام نقابات العمال بحركة ثورية مستخدمة العنف لتحقيق أهدافها،مع رفض الاشتراك في الانتخابات والأساليب النيابية.

و يدعو أصحاب هذا المذهب إلى ملكية العمال وإدارتهم المباشرة للمصانع التي يعملون بها.فالنقابيون يعتقدون أن ملكية الدولة و إدارتها للصناعة تتعارض مع التحرر الحقيقي للطبقة العاملة، إن سيطرة العمال أنفسهم هي وحدها، في نظرهم الكفيلة بتحقيق الكفاءة مع الحرية،ولعل هذا برز جليا أثناء قيام الثورة الصناعية،وكان قد ظهرت أثناء هذه الاحتجاجات رجل اسمه فرديدك نيسلون تايلورTaylor صاحب المدرسة العلمية لإدارة والذي كان لا يرى ضرورة لهذه النقابات،وان العامل موجود فقط للعمل،مقابل أجر محدد مسبقا،ولا يحق له الاحتجاج بأي حال من الأحوال.
1-3) الحركة الاجتماعية: Mouvement Social:
كثيرا ما يتداول هذا المفهوم عند أصحاب علم الاجتماع تنظيم وعمل،ويعتقد كذلك انه لا فرق بينه وبين النقابة التي تدافع على العامل البسيط والطبقة العاملة الكادحة ككل،إلا انه يوجد فرق بسيط بينه وبين النقابة وهذا التعريق سيوضح الفرق بينهما وخاصة في العملية في حد ذاتها.
"الحركة الاجتماعية هي الجهد الموحد و المتصل الذي تقوم به مجموع لتحقيق هدف أو أهداف مشتركة بين أعضائها". أو "هي الجهد الذي يتجه نحو تعديل أو إبدال أو هدم نظام اجتماعي قائم".
على ضوء هذا المفهوم يتضح لنا أن النضال الموجه والمؤطر، سيحول دون ممارسة الفوضوية النقابية، كما أنه لا يسقطنا في ايدولوجية الهيمنة الحزبية على العمل النقابي بقدر ما يأتي نتيجة للالتزام بمبادئ العمل النقابي، وضوابطه التنظيمية وتفاعلية مع مكونات المجتمع السياسية واجتماعية،وإذا تجسد هذا المفهوم في الممارسة النقابية اليومية ،فإن هذا التجسيد سيفتح المجال لاستقطاب قطاعات عريضة من العمال للانخراط في النضال النقابي من أجل انتزاع المزيد من المكاسب الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية و السياسية حتى تشعر تلك القطاعات بإمكانياتها النضالية،ولكن تبقى هذه الكلمات قيد المستوى النظري فقط،و لاترقى إلى أن تكون واقعيا معاشا، وهذا ما نلاحظه على النقابات الموجودة في الجزائر،لا تكاد تسمع عن ميلاد نقابة تدافع عن هموم العمال، إلا وتجد لها إيديولوجيا معينة حزب سياسي مثلا،والأدهى من ذلك كله هو انه

هذه الحزب ينتمي وبصورة واضحة للعيان إلى النظام،ومن هنا نجد هذا الأخير قد فاز بمعركته على العامل البسيط المهضوم الحقوق،حيث قام باختراق النقابة ثبت عناصر تنتمي إليها لاحتوائها،ويبقى الضحية الوحيد في هذا كله هو العامل الذي كان ولا يزال يتكبد عناء المعيشة،كل هذا يقودنا للبحث في مسألة واقع و حرية الحركة النقابية ،و لا ينبغي فقط الاقتصار بالاهتمام إلى النصوص القانونية وطريقة تطبيقها ،إنما إلى سهولة فهم واقع نقابات العمال الجزائريين في الوقت الحاضر على ضوء تاريخها وسنتناول، المراحل الرئيسية لنمو الحركة النقابية قبل الاستقلال وبعــده ،وسنحاول إعطاء أهم النصوص القانونية التي كرست العمل النقابي في الساحة الوطنية الجزائرية لتحمل على عاتقها مسؤولية انشغالات الطبقة العاملة.
2) واقع الحركة النقابية وطبيعتها القانونية في الجزائر :
2-1) الحركة النقابية قبل الاستقلال:
أن الحركة النقابية كانت غير موجودة بشكل عملي حتى فترة الاحتلال، فارتبطت ارتباطا كبيرا بالظاهرة الاستعمارية، إلا أن جذورها التاريخية تعود إلى سنة1880م، إذ أن عمال المطابع التي كانت تضم أساسا عمالا أوربيين يعملون بالجزائر غير انه هناك أسباب حالت دون تأسيس فرع حركة نقابية و نذكر منها:
- انعدام كلي للبنية التحتية الصناعية .
- استحالة " مشروعية" لتنظيم الجزائريين.
فالعمل النقابي غلب عليه الطابع الأوروبي و إن معظم قادة التنظيم النقابي في ذلك الوقت كانوا غير جزائريين من حيت المنشأ الأصلي وكان لا يضم إلا عددا ضئيلا من العمال الجزائريين،وربما يعود هذا أيضا إلى ذهنية العامل الجزائري،فالعامل الثقافي لعقلية الجزائري لم تكن تستوعب هذه الحركة ولا ما تسعى إليه في تحقيق ما يطمح إليه العامل بصفة عامة والجزائري بصفة خاصة،غير أن العامل الأوربي المشبع بالثقافة الغربية،والذي كان يرى أن النضال من أجل حقوقه المهضومة من أصحاب رؤوس الأموال شيء مقدس،و لايجوز المساس به بأي حال من الأحوال.

وتعد فرنسا المهد الأول لتكوين النواة الأولى للمناضلين النقابيين الجزائريين، وقد كانت النقابات تدافع عن العمال الأوروبيين و الفرنسيين خاصة، والجزائريين لم يكن لهم تأثير في العملية النقابية،والنقابات في تلك الفترة كان عددها حوالي 33 نقابة سنة 1901م، و ارتفع هذا العدد إلى 47 نقابة في 1907م، و في ظل هذه الظروف الاستعمارية وفي خضم هذا كله احتفل المعمرين بالذكرى المئوية للوجود الاستعماري بالجزائر لسنة 1930، انعقد مؤتمر العرب بالجزائر وأسفر المؤتمر على دعوة إنشاء نقابة جزائرية لكن هذه الفترة لم تتكلل بالنجاح نظرا لأن
الفكرة طرحت و الحركة العمالية في طور التشكل و النقابيين الجزائريين قلة علاوة على حداثة عهدهم بالممارسة النقابية لكن بقيت العلة الوطنية ثابتة وكامنة.
وتميزت هذه الفترة أيضا،بزيادة اهتمام الحكومة الفرنسية بتعزيز مثل هذه السياسة وجذب العمــال إليها و هو ما عمدت إلى تحقيقه الكنفدرالية العامة للعمال الفرنسيين (C .G .T)  و التي وحدها كانت تسيطر على المنظمات العمالية في الجزائر. ولقد كان ميلاد أول الاتحادات النقابية من سنة 1947م مثل إتحاديه الأفران و المطاعم مع ريحاني صادق ،البقالون مع مسعودي عمار ،التجار مع بوجودي سعيد.
ويعود كل هذا إلى هجرة الجزائريين إلى فرنسا و اكتشافهم لأشياء جديدة كالحزب، النقابة... وكذا استفادتهم من الحريات السياسية التي كانت موجودة في فرنسا فانخرط الجزائريون في التيارات النقابية الفرنسية (CGT, CGTU) اللتين كانتا لهما أراء مختلفة حول القضية الجزائرية و حول الاستعمار الفرنسي. فنقابة"CGTU » كانت شيوعية المذهب لها تصور مناهض للاستعمار،وفي ظروف استعمارية صعبة سعت إلى الدفاع عن وضعية العمال الجزائريين
و تنظيمهم النقابي بالرغم من ملاحقات قانون الأهالي للقضية الوطنية ،لذلك ذهب إلى حد المطالبة بالاستقلال التام للجزائر
وكان انفصال العمال الجزائريين عن الكنفدرالية العامة للعمال (CGT) و التي عمل خلالها المسيرون على تنظيم هيئات خاصة بالعاطلين عن العمل وتشكيل خلايا و مؤسسات الحزب برئاسة "عيسات إيدير" و ذلك داخل حركة انتصار الحريات الديمقراطية و كان ذلك عام 1952 و تواصل النضال حتى الثورة التحريرية.
فأحداث أول نوفمبر وتعميم الكفاح المسلح هى شروط خلق نقابة مركزية جزائرية وذلك لأنها تجاوبت مع الإرادة العميقة للأجراء الجزائريين مع الوضع السياسي العسكري للنضال ضد الاستعمار.
بانعقاد المجلس التأسيسي للاتحاد العام للعمال الجزائريين 24 شباط 1956 في مدينة الجزائر و كان هذا في إطار جبهة التحرير الوطني،ولقد انشق الاتحاد العام للعمال الجزائريين إلى نقابتين مستقلتين هما:
الإتحاد العام للنقابات الجزائرية UGSA التي تكونت في جوان 1954م تحت قيادة "قايدي لخضر" واكتفت هذه النقابة بالمطالب الاجتماعية واتحاد نقابة العمال الجزائريين USTA ،والتي كانت تابعة للمصالين تكونت سنة 1956م تحت قيادة "رمضاني محمد".
- لكن دور هذه النقابات لم يكن كبيرا مقارنة بالاتحاد العام للعمال الجزائريين الذي بذا من 1956 في العمل مع بلدان خارجية لأجل مساعدة الثورة فكان له دور دبلوماسي بما أدى بالسلطات الفرنسية إلى ملاحقة إطارات الاتحاد واعتقالهم وتوقيفهم و قتلهم لأنهم كانوا يعتبرون الحركة النقابية امتداد للحركة الوطنية و ما يمكن أن نستنتجه هو أن :
1) تأثر النقابية في الجزائر بالنقابات الفرنسية .
2) الاهتمام بمطالب الحركة الوطنية بدلا من الاهتمام بالمطالب العمالية.


3) العمل النقابي جاء متأخرا نظرا للظروف الاستعمارية .
2-2) الحركة النقابية بعد الاستقلال:
بعد الاستقلال كانت السياسة التشريعية بـالجزائر تستند إلى الأهداف الاشتراكية حيث نصت المادة 60 من دستور 1976 "حق الانخراط في نقابة معترف به لجميع العمال، سواء على المستوى الجماعي أو الفردي "
إلا أنها كانت تسيطر عليها الأحزاب الاشتراكية مقيدة بتحويل النقابة إلى جزء من هياكل الدولة و الحزب ،وفي هذا الإطار تعلقت القوانين الاجتماعية من سنة 1962 -1990 بإلزامية العامل لا غير، في حين تمثل الخطوط العريضة للتشريعات الجديدة في حرية الإضراب و الحق في التنظيم و المفاوضات الجماعية في 1989 كان استفتاء 23 فبراير الذي كرس التعددية النقابية و كفل ضمان:
1- ممارسة الحريات الأساسية و حقوق الإنسان والمواطن.
2- الدفاع الفردي أو الجماعي للحقوق الأساسية للإنسان و الحريات الفردية و الجماعية حرية التعبير و تشكيل الجمعيات.
3- التعددية النقابية.
4-حق ممارسة الإضراب في إطار القانون.
- ومن ثم جاء القانون المعدل و المتمم بالقانون 91/30 المؤرخ في 21/12/1991 المتعلق بممارسة الحق النقابي مقررا لمبادئ الأساسية و الدفاع عن مصالح المستخدمون المادية و المعنوية وإعطاءها الصفة التمثيلية للعمال بالتفاوض باسم العمال إذ توفرت فيها شروط الاعتماد و مرور ستة أشهر على اعتماد ، لها 20 % على الأقل من مجموع العمال المنخرطين في تنظيمها النقابي أمــا باقي التنظيمات النقابية التي لا يتوفر على شرط من هذا الشروط وخاصة التمثيل ،فإن لها حق إبداء الرأي و الملاحظــة
كما جاءت أحكام القانون المتعلق بعلاقات العمل لتنص على إنشاء "لجنة المشاركةcomité de participation "في كل مؤسسة مبنية على كيفية تكوينها وصلاحياتها، إذ تتكون لجنة المشاركة بالمؤسسة من مجموع المندوبين عن المستخدمين بمكان عمل متميز يحتوي على 20
عاملا على الأقل يبدأ التمثيل بمندوب واحد ليرتفع حسب عدد العمال بمكان العمل...
و تدوم مدة و ينتخب المندوب من بين العمال البالغين 21 سنة على الأقل و المثبتين الذين لهم سنة أقدمية عمل بالمؤسسة على الأقل .
- وما يمكننا إسخلاصه أن الحركة النقابية بعد الاستقلال تميزت بمرحلتين و هما: ما قبل الانفتاح السياسي ، مرحلة ما بعد الانفتاح .
وتميزت الأولى بـ :
1- النقابة تحولت إلى جزء من هياكل الدولة و الحزب.
2- النقابة أصبحت وسيلة لتجنيد العمال لصالح مشاريع الدولة السياسية
و الاقتصادية و الاجتماعية.
3- الدفاع الجزئي عن بعض الفئات العمالية الأكثر حرمانا و الأقل تجربة مطلبية.
تحولت إلى وسيلة ترقية اجتماعية لبعض الفئات الاجتماعية.

- أمـا المرحلة الثانية فقد تم فتح الباب على مصراعيه لتأسيس النقابات و الجمعيات وهذا يفسر العدد الهائل من النقابات على الساحة التي أفرزت حياة عملية داخل المؤسسة من نزاعات و خلافات جماعية "النزاع الجماعي" الذي يقوم بين العامل و المؤسسة بشأن ترتيب الحقوق.

وفي الأخير فإن ما نستشفه من هذا الطرح والوصف لكرونولوجية الحركة النقابية بالجزائر،حول واقع النقابة في ظل الحقبة الاستعمارية والتي تميزت بهيمنتها واحتكارها لهذا الباب والمنفذ بقوة تغطرسها إلى مرحلة الاستقلال كما اشرنا سابقاً، فإنها تميزت في فترتها الأولى بإجحاف و تمركز القوة النقابية لخدمة الاشتراكية و أغراض حزبية محضة إلى أن تم الانفتاح السياسـي و التعدديـة و التي أصبحت النقابة الجزائرية ترفع خلالها الرهانات و التحديـات في المعترك الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي،وهذا الأمر يبقى نسبيا طبعا،وقد يكون في كثير من الأحايين أمراً سلبياً،نتيجة أن أغلب الأحزاب الموجودة في الساحة السياسية حاليا بالجزائر،إنما هي بالضرورة امتداد لنظام القائم،الأمر الذي يؤثر سلباً على فاعلية النقابية ودورها المنتظر منها.
3) قواعـــد وخطوات تأسيس النقابة:
3-1) قواعد إنشاء النقابة:
العمل النقابي السليم يتطلب عمل منظم ومنهجي، لذا وضعت الأعراف النقابية قواعد تأسيس النقابات مهما كان نوع هذه النقابة، و نجد الكثير من المنظمات تعاني مشاكل عديدة داخل جهازها وأعضائها ،ولعل هذا راجل إلى وجود خلل في قواعد تأسيسها،فينبغي مراعاة ضمانات وخطوات في التأسيس ولعل أبرز هذه الخطوات مايلي:
1- أن تكون فكرة تأسيس النقابة مقبولة عند الفئة المعنية.
2- أن تتخذ إجراءات التأسيس ضمن آليات العمل الجماعي تضمن مشاركة الغالبية أو تأييدهم على الأقل.
3- أن تعهد الإجراءات التنفيذية للجنة تحضيرية تتشكل بطريقة ديمقراطية تكتسب ثقة الجميع.
4- أن تراعى اللوائح المطبقة في الدولة التي تضم هذه النقابة.
وقد يتسبب الإخلال بأحد هذه الضمانات حدوث انشقاقات في القطاع الذي ينوي تشكيل هذه النقابة، مما يؤدي إلى تأسيس عدة نقابات تمثل نفس القطاع وتكون عرضة للتناقض فيما بينها مما يضعف بنيانها النقابي، أو قد تؤدي إلى تأسيس نقابة بطريقة مخالفة للقانون مما يسقط حق النقابة في الحصول على الشخصية الاعتبارية لها وإشهارها من قبل الجهات المسؤولة في الدولة.
3-2) خطوات إنشاء النقابة:
ككل عمل له أهمية ويتطلع من وراءه نتائج مرضية على جميع الأصعدة، يجب أن ينطلق من خطوات مؤسسة ومركزة، ولا يتم ذلك إلى ببذل جهد جهيد في وضع هذه الخطوات الضرورية واللازمة، فما هي أهم الخطوات التي يتم بموجبها إنشاء نقابة مهما كانت نوعها،ولعل العنوان التالي سوف يجيب بنوع من الاختصار الشديد على أهم هذه الخطوات وفيما تتمثل.
1- تداول فكــرة التأسيس: يبدأ الناشطون لفئة معينة بالسعي لتداول فكرة تأسيس منظمة تمثل هذا القطاع فيما بين الأفراد ،ويتم التعريف بأهمية الفكرة و مناقشتها حتى يلم الجميع ويفهمونها، ويظهروا قناعتهم بها وفي حالة ما كان عدد المؤيدين بالفكرة كبيرة، يتم القيام بدعوة الأفراد لعقد اجتماع تشاوري عام لمناقشة الفكرة بشكل جماعي.
2- اللقــاء التشاوري : يقوم بعض الأفراد الذين لهم صيت وخيرة،وكذا قبول اجتماعي لدى هذه الفئة بالدعوة إلى لقاء للتشاور حول جدوى التأسيس نقابة تمثل الفئة و يدعى إلى هذا اللقاء كافة القطاعات و الجماعات التي من الممكن أن تساهم في تشكيل نقابة، و يتم خلاله تبادل و جهات النظر، و في حالة عدم الاتفاق يتم تكرار اللقاءات التشاورية حتى يتم حسم الخلافات و عندها يتم الإعلان عن المؤتمر التحضيري.
4- المؤتمر التحضيري: هو مؤتمر تمهيدي تناقش فيه الخطوات الأولى على صعيد الاتصالات و إعداد الوثائق المطلوبة و التقارير و الدراسات التي تتناول الهدف الذي يطمح من خلاله إنشاء أو تأسيس نقابة.
4- اللجنــة التحضيريــة: تتولى اللجنة التحضيرية التمهيد لعقد المؤتمر التأسيسي وتقوم بإعداد مسودة لدستــور النقابة و لائحتها الداخلية و تجري الاتصالات اللازمة لتأسيس الاتحاد و تفاوض المسؤولين حول تأسيس نقابة وتضع تصوراتها عن حال النقابة و طبيعة أنشطتها كما تتولى كافة الترتيبات الإدارية اللازمة لعقد المؤتمر التأسيسي (الموعد، المكان ،جدول أعمال الدعوة،......الخ).
5-المؤتمـــر التأسيســي : يناقش أعمال المؤتمر التحضيري و اللجنة التحضيرية و يعــدل منها ما شاء و أهم أعمال المؤتمر إعلان تأسيس النقابة و إقرار الدستور و اللائحة الداخلية وانتخاب الهيئات المختلفة للنقابة و يتولى إدارة جلسات المؤتمر مكتب السن ثم مكتب المؤتمر
6- إشهـــــار النقـــابـة : يقصد بإشهار النقابة الحصول على الاعتراف القانوني بوجودها و حصولها على الشخصية الاعتبارية التي تؤهلها للتقاضي أمام القضاء و تملك الأموال و إبرام العقود و قبول التبرعات و الهبات و إجراء سائر التصرفات القانونية .
4- دراسة حالة للاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين:
4-1)الأسس والتطلعات:
الاتحاد الوطني منظمة نقابية مستقلة يرمز لها بالحروف العربية ( إ .و.ع.ت.ت) وبالحروف اللاتينية U.N.P.E.F ،والذي أخذ اعتماده في 27/10/1990،لا يخضع لأي وصاية حزبية ويتمتع بالشخصية المعنوية والأهلية المدنية والاستقلال المالي وذلك كله وفقا للتشريع المعمول به في ظل التعددية النقابية كما يتواجد مقره بالجزائر العاصمة و يضم جميع فئات عمال قطاع التربية والتكوين , طبعا يمارس نشاطه على كامل التراب الوطني ولمدة غير محدودة , لذلك دأب أن يأخذ على عاتقه هموم المنظومة التربوية التي يفترض فيه أن تكون حاملة مشروع مجتمع مستقبلي تظل مجال للاستثمار الضامن للاستمرارية والازدهار وكذا المحافظة على التواصل مع التاريخ، إذ أن الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين مازال ينادي ويؤكد على ضرورة احترام
الثوابت الوطنية في كل صياغة جديدة للمنظومة التربوية لأنها تمثل المعلم التي تميزنا على غيرنا وتحصن شبابنا من الاستلاب والضياع كما تضمن للأمة وحدتها وقوة تمسكها.
- لكن المتتبع لأهداف هذه الحركة و انجازاتها على أرض الواقع،نجدها رهينة مصالح إيديولوجية يستعملها أصحاب الميزانيات السياسية لتوسيع هامش الحرية،ولعل نظرية روبرت ميشلز ضاربة بجذورها،إذ بها تكشف الشفرات التي تقوم عليها هذه النقابة،ومدى استعمال الحزب لهذه النقابة كأداة لضغط على السلطة والتي بدورها –أي النقابة- تستعمل عمال التربية كأداة لفرض طوق على السلطة ،حيث تجد هاته الأخيرة مرغمة لتلبية مطالب هذه النقابة والتي ليس بضرورة مطالب نقابية تخص العمال،فقد تكون شخصية في كثير من الأحيان.
4-2) هيئات الاتحاد الوطنية لنقابة الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين:
بموجب القانون الأساسي يتكون الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين على هيئات على مستوى الوطني،والبلدي والجهوي،لكن ما يهمنا بصفة عامة هم أهم الهيئات الموجودة على المستوى الوطني،وهي تتمثل في:المؤتمر الوطني،المجلس الوطني والمكتب الوطني.

أولا : المؤتمر الوطني :
يتمثل في أعلى هيئة للاتحاد يشرف على تحضيره المكتب الوطني وأعضاء المكاتب الجهوية ويشارك في المؤتمر الوطني كل من أعضاء المجلس الوطني السابق ومندوبون ينتخبون من المكاتب الولائية و ممثلو الأسلاك والأطوار على أساس مندوب على كل 500 منخرط ، ويجتمع كل خمس (05)سنوات.
تتمثل صلاحياته في :
تزكية مكتبا مقترحا من قبل المكتب الوطني من بين مندوبية، يسير أشغاله والذي بدوره ينتخب رئيسا له لتسيير أشغال المؤتمر.
1- يحدد النظام الداخلي للمؤتمر يسيير أشغاله ولجانه.
2- المصادقة على نظامه الداخلي وجدول أعماله
3- الاستماع إلى التقريرين الأدبي والمالي للمجلس الوطني ومناقشتهما والمصادقة عليهما.
4- تزكية لجنة إثبات العضوية والترشيحات المقترحة من قبل المكتب الوطني من بين المندوبين للمؤتمر ولا يحق لهم الترشح .
5- مناقشة أو تعديل القانون الأساسي والمصادقة عليه.
6- مناقشة القرارات واللوائح والتوصيات المصادقة عليها.
7- تشكيل المجلس الوطني.

ثانيا : المجلس الوطني
المجلس الوطني يمثل على هيئة بين مؤتمرين وهو المسؤول أمام المؤتمر، ويتكون من أعضاء المكتب الوطني السابق ورؤساء المكاتب الولائية بحكم منصب وعضو عن كل (1000) منخرط ينتخب على مستوى الولائي من بين أعضاء المكاتب الولائية الذين استوفوا (05 ) سنوات بهذه الصفة وممثلون عن الأسلاك والأطوار ، يجتمع في دورتين (02) عاديتين سنويا واستثناء بطلب من (1/3) أعضاء المجلس الوطني أو ثلثي (2/3) أعضاء المكتب الوطني أو بطلب من الرئيس.
كما تتمثل صلاحياته هو أيضا في:
1- المصادقة على جدول أعمال المجلس
2- المصادقة على النظام الداخلي الخاص بكيفية تسيير أشغال المجلس .
3- مناقشة التقريرين الأدبي والمالي والمصادقة عليهما.
4- مناقشة ميزانية الاتحاد والمصادقة عليها ومراقبة تنفيذها.
5- إعداد النظام الداخلي للإتحاد وتعديله والمصادقة عليه .
6- تحديد بطاقة الانخراط.
7- البث في القضايا المعروضة عليه .
8- وينتخب المجلس الوطني من بين أعضائه الذين استوفوا مدة خمس (05) سنوات عضوية في المجلس الوطني ،و أعضاء المكتب الوطني تم ينتخب المجلس من بينهم رئيس الاتحاد ، وفي حالة تساوي المرشحين لرئاسة في الأصوات تعطى الأولوية لأقدمهم في المنظمة ثم لأكبرهم سناً كما يمكن للمجلس الوطني تشكيل لجان حيث ترك لنظام الداخلي تحديد عدد أعضائها وصلاحياتها.
ثالثا: المكتب الوطني
هو الهيئة التنفيذية للاتحاد وهو مسؤول أمام المجلس الوطني ويتكون من (09) إلى (11) عضوا ويعقد اجتماعاته مرة (01) كل شهر في دورة عادية واستثناء بطلب من (2/3) أعضائه و الرئيس ، كما يسهر المكتب على تنفيذ قرارات وتوصيات المجلس الوطني ،كما للرئيس توزيع
المهام على الأعضاء ويحق له اتخاذ إجراءات تحفظية اتجاه أعضاء أو هيئات الاتحاد لمدة محددة وفق شروط يفصلها النظام الداخلي . وهو الناطق الرسمي للمنظمة ويمثلها لدى الهيئات المحلية و الوطنية والدولية أو من ينوبه من يكلفه لهذه المهمة.
وككل الهيئات التي سبق عرضها، يتمتع المكتب الوطني بصلاحيات متعددة، تجعل منه ركيزة من ركائز الاتحاد العام لعمال التربية والتكوين، فما هي أهم هذه الصلاحيات ومن هم أعضاء المكتب الوطني.
تتمثل صلاحيات المكتب في مايلي :
1- تسيير مجموعة الوسائل البشرية والمادية والمالية للاتحاد في إطار ميزانية عامة مصادق عليها من طرف المجلس .
2- تنظيم اجتماعات المجلس بتوفير المكان وتوجيه الاستدعاءات الشخصية للأعضاء 15 يوم قبل الاجتماع .
3- إطلاع المجلس الوطني والمكاتب الولائية على نشاطات الاتحاد ومستجدات العمل النقابي.
4- يصادق على تعيين المكاتب الجهوية ويشرف عليها .
5- يطلع على التقارير لكل عضو من أعضائه ويدونها في محضر الاجتماع
يقترح برنامج عمل سنوي على المجلس للمصادقة.

- أما مهام أعضاء المكتب الوطني هي : الرئيس - نائبه - كاتب العام - مساعد له أمين المال والوسائل - أمين مكلف بالإعلام والاتصال - أمين مكلف بالتكوين- أمين مكلف بالعلاقات - أمين مكلف بالتنظيم - مساعد له - أمين مكلف بالدراسات و الاستشراف والبرامج .
- أن من أهم التحديات التي تواجه النقابات في الوقت الحالي تتمثل في كسب الاعتراف السياسي بعد حصولها على الاعتراف القانوني ،صحيح أنه تم قانونيا الاعتراف بعدد كبير من النقابات المستقلة ،غير أنه بالمقابل بقيت نقابات معينة معترف بها سياسياً... أمام هذا الوضع يبقى على النقابة المستقلة أن ترفع تحدي التمثيلية ، فنفوذ هذه النقابات و تمكنها من فرض نفسها كشريك اجتماعي لا غنى عنه، يمر بالاجتهاد في كسب ثقة العمال للانخراط بقوة عن طريق السعي بجد للدفاع عنهم وحمايتهم من كل تعسف يقعون ضحيته في مكان عملهم، و هذا بالرغم من كل العراقيل التي قد تضعها الإدارة والمسيرون لعرقلة هذا النشاط و تسوية صورة النقابات المستقلة.

4-3)أهم الإنجازات:
عرف المكتب الوطني لاتحاد لعمال التربية والتكوين نشاطا مكثفا تمثل في لقاءاته الدولية والوطنية و الجهوية ، بمشاركته بوفد بماليزيا لحضور فعاليات مؤتمر نقابة الاتحاد الإسلامي الدولي للعمل وبوفد أخر نسوي لتونس في إطار التعاون والتبادل مع المنظمة العالمية للتربية للمشاركة في ملتقى المربيات النقابيات للمغرب العربي ، وإرسال ممثل عنه للمغرب في إطار مؤسسة " فريد ريش إيبرت " لحضور ملتقى مغاربي (تونس ، الجزائر ، المغرب ) لتأسيس مسابقة مغاربية للشباب ما بين 15 و 18 منه لكتابة مقال صحفي حول نظرتهم لمستقبل المغرب العربي.
وطنينا إحياء اليوم العالمي للمعلم إضافة إلى شروعه في تقديم برنامجه العملي حيث تجسيد في هيكلة و تأطير التنسيقيات الوطنية لكل الأسلاك واللقاءات التكوينية الجهوية بالتعاون مع مؤسسة " فريدريش أبيرت " لتجسيد برنامجه التكويني والخاصة بالعنصر النسوي ،و قد توجهت هذه اللقاءات والنشاطات بحوصلة جملة من الانشغالات التي نوقشت عندا القيام بلقاءات دورية مع المدراء المركزيين جملة من الملفات التي تضعها للإدارة العمل بمشروع المؤسسة ( عقد النجاعة) ( Contract de performance)
محليا أو على مستوى الجنوب الجزائري،ظهر في الآونة الأخيرة قرار يوم 8/03/2009م من طرف وزير التربية والتعليم، ينص هذا بالتكفل بإسكان في إطار حصة 4200 سكن المخصصة لولاية الجنوب،وعلى إثرها قامت النقابة المتمثلة في الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين بضغط على تعديل أو إلغاء هذا القرار،واستخدمت في ذلك وسائل الإعلام المكتوبة ،ونشرت في أكبر جرائد الجزائرية الخبر اليومية وجريد النهر اليومية في يوم 28 مارس 2009م،بعدما وضعوا بيان بخصوص القرار يوم 26/03/2009م،وبهذا التحرك الإعلامي والذي صاحبه المطالبة بإلغاء القرار، واتخاذ مواقف طارئة في حالة ما تم رفض مطلبهم الشرعي،ومهددين بذلك بقيام بإضرابات واسعة ،فأمام هذا الضغط الرهيب الذي مارسه الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين على الدولة قامت بتجميد هذا القرار يوم 07/03/2009م،ولعل هذا ما يحسب لهذه النقابة والتي قامت بهذا العمل لصالح المعلم.

-أولياء التلاميذ:
تمهيـــد:
لقد كان البيت يقوم بجميع الوظائف التربوية والاقتصادية والتنشئة الاجتماعية، ولكن مع تعقد أساليب الحياة وتطور المجتمعات أخذت كثيرًا من هذه الوظائف في الانفصال واحدة تلو الأخرى، إ لا أن الأسرة بحكم طبيعتها ومكانتها الثقافية مازالت تلعب الدور الرئيس في التنشئة الأولى للطفل بوجه خاص، وفي مراحل تربيته المتتابعة بوجه عام، الأمر الذي يجعلنا نسلم بضرورة التعاون بين البيت والمدرسة ولا يتم ذلك إلا بوجود روابط بين الآباء والمدرسة، وأهم هذه الروابط مجالس الآباء والمعلمين التي تجعل الآباء على صلة ومتابعة لأمور أبنائهم في المدرسة لكن الملاحظ غياب كثير من الآباء عن حضور هذه المجالس مما يفوت عليهم الفرصة لمساعدة أبنائهم،ولكن ما مدى فاعلية هذه المجالس في تحقيق التواصل المنشود بين البيت والمدرسة . إن مثل هذه المجالس قد تتمكن من تقريب وجهات النظر وإحداث نوع من التفاهم بين الآباء والمعلمين مما يؤدي بالتالي إلى التعاون المنشود بين البيت والمدرسة ويحقق الأهداف التي من أجلها تقوم هذه المجالس ، وبين التصور والواقع تتضح لنا الفجوة العميقة إذ أن هذه المجالس لا يتم تفعيلها وأحيانا يصبح القانون الشكلي هو الملزم الوحيد الذي يجبر المدرسة على عقد اجتماع لمجلس الآباء ، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى نجد أن هناك تجاوب سلبي من قبل أولياء الأمور وقد يحدث هذا لقلة الوعي بأهمية مثل هذه المجالس أو الهروب من دفع ضريبة التبرعات التي تطلبها المدرسة لا قامة مشروع ما أو نتيجة لخطأ في وسيلة الاتصال بأولياء الأمور وإخطارهم بأهمية الحضور .
ومن هنا تنبثق العديد من الأسئلة حول ماهية هذا المجلس، وما هي أهدافه التي يسعى لتحقيقها ومنهم أعضائها،وهل هناك فاعلية في الوسط التربوي يحدثه هذا المجلس أمن مجرد حبر على ورق؟وماهي مزايا العلاقة الموجودة بين مجالس الأباء والمدرسة بصفة عامة والمعلم بصفة خاصة؟ كل هذه الأمور سوف نتناولها بنوع من التبسيط أو بالأحرى بنوع من الاختصار الشديد،ولعل يرجع هذا الأمر إلى الندرة الشديدة في المراجع على المستوى المركز الجامعي غرداية،وبالتالي اعتمادي الكلي على الشبكة المعلوماتية الانترنيت والقليل من المراجع والجرائد.


1-مفهومها:
يرجع تنظيم اللقاءات بين المعلمين والأباء بشكل واضح إلى القرن التاسع عشر حيث أسست الهيئة للآباء والمعلمين في أمريكا،ليتدارسوا الأمور المشتركة التي تهمهم،وقد عرف سابقاً هذا المجلس "بالمجلس الوطني للأمهات" وركز وقتها على المطالبة بتعليم الأم بوصفها المعلمة الأولى للطفل وعلى تبصير الأم بواجبات الأمومة وحاجات الطفل،وقد حول هذا المجلس سنة 1964م إلى مجلس الأباء والمعلمين،ثم انتشرت الفكرة في نختلف أقطار العالم.
ومن الجانب القانوني يمكننا تعريف جمعية أولياء التلاميذ بمايلي:
" الجمعية اتفاقية تخضع للقوانين المعمول بها، وتجمع في إطارها أشخاص طبيعيون أو معنويون على أساس تعاقدي ولغرض غير مربح، كما يشتركون في تسخير معارفهم ووسائل لمدة محددة أو غير محددة من أجل ترقية الأنشطة ذات الطابع المهني والاجتماعي والعلمي والديني والتربوي والثقافي والرياضي على الخصوص".
2-أهدافها:
إذا نظرنا بتمعن في أهداف مثل هذه المجالس لوجدنا أنها تحقق جزءا كبيرا من التعاون الذي ننشده بين البيت والمدرسة ونستطيع أن نورد هنا بعض الأهداف التي نرجو أن تتحقق ومنها:
1- توثيق الصلات بين أولياء الأمور والهيئة التدريسية بالمدرسة بما يحقق تعاونهم على تنشئة الطلاب ليصبحوا مواطنين صالحين في المجتمع .
2- دراسة حاجات الطلاب ومشكلاتهم والمشاركة في تلبية هذه الحاجات والعمل على حل تلك المشكلات.
3- رعاية الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة واقتراح البرامج التي تنمي قدراتهم بما يساهم في رفع المستوى التعليمي والاجتماعي لديهم .
4- دراسة متطلبات المجتمع والمساعدة في حل ما يعرضه من مشكلات تؤثر في الأداء وإعداد الخطط المناسبة لذلك.

5- مشاركة المدرسة في التصدي للظواهر الاجتماعية والاقتصادية والخلقية التي تضر بالمجتمع .
6- توجيه الطلاب نحو العناية بالمبنى المدرسي .
7- توجيه الطلاب نحو العناية بالمرافق العامة في البيئة.
8- المحيطة بالمدرسة والمحافظة عليها (وزارة التربية والتعليم.
وهناك أهداف لعلها تكن أوضح وأشمل حسب دراسة قام بها باحثون تربويين وهي كالتالي:
1-تعميق الصلة بين البيت والمدرسة.
2- تمهيد الطريق لنمو التلميذ نموا شاملا.
3- إفادة الأباء وأهالي البيئة المحلية من إمكانات المدرسة ومكتبتها وملاعبها وأدواتها.
4- نشر الوعي الصحي بالتعاون مع المراكز الصحية، ورعاية الأمومة والطفولة.
5- نشر الوعي التربوي بين أولياء الأمور ومشاركتهم في مناقشة القضايا التربوية وتقديم الاقتراحات.
6- العمل على تحسين العملية التربوية بسد حاجة المدرسة من أثاث وبناء ووسائل تعليمية وغيرها من خبرات أصحاب المهن.
7- إيجاد حلول للمشكلات التي لا تقدر المدرسة على مواجهتها بمفردها.
3-دور جمعية أولياء التلاميذ:
لقد طرأ تحول على شكل العلاقة بين المدرسة وأولياء الأمور وأصبحت مجالس الآباء عنواناً لهذه العلاقة، وأخذت تهدف إلى زيادة مستوى الوعي التربوي لدى الأسرة ومساعدتها في فهم نفسية الطالب ، وأساليب التربية، ومناقشة معيقات العملية التعليمية والعمل على فهم متطلبات الطالب والمدرسة وتعاون المجلس مع إدارة المدرسة بوضع خطة عمل تتسم بالتنوع ووضوح الأهداف والتنظيم ، والتركيز على حماية المجتمع وأبنائه من الانحراف واستقطاب المزيد من أولياء الأمور للتعاون مع مدارس أبنائهم للقيام بالدور الإرشادي لجميع العناصر التربوية.

إن مجالس الآباء حلقة وصل بين المدرسة والأهل من خلالها نعطي صورة واضحة للأهل عن مستويات أبنائهم مع العلم أن المدرسة تعد من أهم عوامل التنشئة الاجتماعية بعد الأسرة ويتكامل
دورهما معاً في أنتاج الأجيال النافعة للمجتمع،ومن هنا نتساءل فيما يكمن تحديداً دور أولياء التلاميذ سنحاول إيجاز دور أولياء التلاميذ وفقا لما نص القانون،في العناصر التالية:
1- مساعدة المؤسسة مادياً و معنوياً.
2- مساعدة التلاميذ المحتاجين.
3- تشجيع التلاميذ الموهوبين لتحفيزهم على المزيد من العمل والجهد.
4- تقديم اقتراحات تهدف إلى تحسين الحياة المدرسية في المؤسسة.
5- توثيق الروابط بين المدرسة وأولياء التلاميذ والسلطات الوصية.
6- الدفاع عن مصالح التلاميذ المادية والمعنوية.
4)أهمية وجود مجالس الآباء والمدرسين :
إن أهمية اللقاءات بين الآبـاء والمدرسـين كما جملها كتـاب ( الخطيب وآخرون، 1998 )
1- إن هذه الاجتماعات فرصة جيدة لتوضيح البرنامج التربوي والحصول على تأييد المجتمعين وموافقتهم عليه.
2- إن هذه اللقاءات تقرب بين المدرسة والبيئة وتفتح آفاق التعاون بينهما وتمنح المدرسة دعم المجتمع المحلي ومؤازرته لها.
3- إنها تتيح التعرف إلى إمكانيات المجتمع والبيئة المحلية والاستفادة منها.
4- تقدم هذه اللقاءات مقترحات مفيدة وتكشف عن حاجات المجتمع والبيئة وبالتالي تشير إلى بعض حاجات الطلاب مما يفيد المدرسة في العمل على تحقيق تلك الحاجات.
5- تعمل على ظهور بعض الأفكار المبتكرة التي يمكن أن تعود على المدرسة والبيئة بالنفع لصالح الطلاب الذين هم محور العملية التربوية.
وبالرغم من وجود أهمية بالغة لمجالس الآباء والدرسين،إلا أنها تصطدم ببعض المعوقات،التي تحول بينها وبين القيام بعملها على أكمل وجه،وتحد من فعاليتها ،ولعل العنوان التالي يوضح بعض المعيقات التي تحول دون فعالية مجالس الآباء والمعلمين.
5)المعيقات التي تحول دون فعالية مجالس الآباء والمعلمين:
هناك عوامل عدة تحول دون تحقيق مجالس الآباء والمعلمين للأهداف المرجوة منها،ومن هذه العوامل مايلي:
1- عدم وضوح دور مجالس الآباء والمعلمين في العملية التربوية عند أعضاء هذا المجلس وأولياء الأمور وضوحاً يكفي لفاعلية هذه المجالس في العملية التربوية وإثرائها.
2- قلة وجود مقابلات منظمة بين المعلمين وأولياء الأمور قبل تشكيل مجالس الأباء والمعلمين لاقتصارها على المناسبات،أو حدوث مشكلة للتلميذ،فليست هناك محاولات كافية يقوم بها كل منهم بالاتصال بالآخر.
إن العناصر الأساسية لنجاح هذه المجالس يعتمد على الأباء والمعلمين،بحيث يكون هناك قدر مشترك من التفاهم بين الطرفين نابع لدى كل منهم من تفهمه لمسؤولياته،وتقديره لضرورة هذا التعاون وفائدته للمصلحة العامة،ثم إحساس كل منهم بالدور الذي تلعبه المدرسة في تربية الأطفال،بحيث يكون كل واحد منهم نافعا لنفسه ومجتمعه،ليكون هناك في المستقبل مجتمع واع لمهماته.
خاتمــــة:
لا شك أن بعض الأسر تعتبر أن دورها في تربية الأبناء انتهى بدخولهم المدرسة، وتترك عملية المراقبة وتنشغل في أمور الحياة ولا تتابع أبنائها في المدرسة أو خارجها مما يتسبب في العديد من المشاكل أو الفشل الدراسي، وبناء كل ذلك يفترض أعطاء أهميّة بالغه لتفعيل العلاقة بين المدرسة والأسرة من خلال مجالس الآباء ومشاركة أولياء الأمور في الرؤية المستقبلية للمدرسة وتنفيذ برامجها المختلفة مما يساعد على حل كثير من القضايا التربوية وتفعيلها
ولابد إذن – من تقوية العلاقة بين مجالس الآباء وإدارات المدارس، وبناء منظومة تعارف وتعاون بشكل يهدف إلى بناء قواعد تربوية أساسها خدمة الطالب،هذا من جهة ومن جهة أخرى نرى أن نقابة الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين ،قد مرت في مسيرتها النقابية بكثير من التحديات التي اعترضت العمل النقابي في البلاد ، لكنها على امتداد عمرها التأسيسي وعمرها الوحدوي رسخت وجودها ودورها في المجتمع كممثل لشريحة لها أهمية استثنائية في مناخ ديمقراطي حزبي تعددي الأمر الذي يجعلها في مقدمة النقابات الوطنية والمنابر التي ترفد وتعزز التجربة الديمقراطية، وهو ما يحملها مسؤولية كبيرة في أن تصبح نموذجا يحتذى في مسيرتها النقابية وأدائها وإسهامها في إنضاج الحياة التربوية وحتى السياسية وتعزيز الحريات،وهي مسؤولية وطنية تستلزم جهدا كبيرا لا يتسق وأهداف الكسب الآني للأحزاب المتنافسة عليها.


لفهرس
مقدمــة 1
I-النقابــات في الجزائر 2
1- تحـــديد المفاهيم 3
1-1)النقابــة 3
1-2)النقابيــة 4
1-3) الحركة الاجتماعية 5
2) واقع الحركة النقابية وطبيعتها القانونية في الجزائر 6
2-1) الحركة النقابية قبل الاستقلال 6
2-2) الحركة النقابية بعد الاستقلال 9
3) قواعـــد وخطوات تأسيس النقابة: 11
3-1) قواعد إنشاء النقابة 11
3-2) خطوات إنشاء النقابة 12
4- دراسة حالة للاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين 13
4-1)الأسس والتطلعات 13
4-2) هيئات الاتحاد الوطنية لنقابة الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين 14
4-3)أهم الإنجازات 18
-أولياء التلاميذ 19
1-مفهومها 20
2-أهدافها 20
3-دور جمعية أولياء التلاميذ 21
4)أهمية وجود مجالس الآباء والمدرسين 22
5)المعيقات التي تحول دون فعالية مجالس الآباء والمعلمين 23
خاتمــــة: 24

المراجع
المراجع باللغة العربية:
أ- النصوص الدينية:
1-القرآن الكريم،رواية ورش،
ب- الكتب:
2-حمدي أمين عبد الهادي، تنظيم العلاقات الصناعية والشؤون الأفراد، مطبعة بغداد، 1970.
3- حمد زكي بدوي،معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية، مكتبة لبنان، 1977م.
4- حمود عقلة العنزي ،المفاهيم العشرة في إدارة العمل النقابي ، مراجعة و تقديم ،أ.محمـد الدلال ،دنا،دتا.
5- فضيلة عكاش ،تطور الحركة النقابية في الجزائر،معالم عامة، ط9 ،الجزائر،2006م.
6- قبطان عبد العزيز ، الاقتصاد الجزائري ماضيه و حاضره 1830-1985 ديوان المطبوعات الجامعية،الجزائر،دتا.
7- محمد عبد الرحيم الدعس وآخرون:الإدارة والإشراف التربوي،دنا،دتا.
8- المعهد الوطني لتكوين مستخدمي التربية، التنشيط الإداري والمالي، (كتاب الكتروني).
ج- مجلات ونشريات:
9-مجلة الإتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين ، العدد03.
10-مجلة الجيش ،العدد 430 ، ماي 1999 م.
11-مجلة المرشد:عدد 09، 1988
12-نشرية يصدرها الاتحاد الإسلامي الدولي للعمل، طبعة يونيو 1999م.
د-رسائل جامعية:
13- بوحميدة التومي.بكوش قدور،دور النقابة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية،مذكرة تخرج لنيل شهادة دراسات جامعية تطبيقية، ،جامعة التكوين المتواصل،السنة الجامعية2006/2007،غرداية.
و- قوانين ودساتير:
14- الدستور 1976 المادة 60 .الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، مصلحة الطباعة المعهد التربوي الوطني 1976.
15- القانون المعدل و المتمم بالقانون 91/30 المؤرخ في 21/12/1991
16- القانون 90/31 المؤرخ في 04 ديسمبر .1990.
17- القانون الداخلي :الإتحاد الوطني لعمال التربية و التكوين ،المصادق عليه 16/02/2005م
18- القانون90/31 بتاريخ04/12/1990،المنشور في الجريدة الرسمية رقم53 بتاريخ05/12/1990م
19- القانون الأساسي للاتحاد .المعدل في المؤتمر الوطني الثالث يومي 29 /30 /12 /2004 .القبة الجزائر

المراجع باللغة الفرنسية:

20- Brahim Ben moussa : les cadres dans l’entreprise publique en algerie D E A sociologie Université d’Alger, 1983 .p52-53
21- Omar Derras,Le phénomène associatif en Algérie,FES Bureau,Alger,2007
22- Weiss François : doctrine et action syndicales en Algérie CUJAS-Paris.1970
منقول