السلام عليكم
عذرا أخي لم أشهد هذا الإرسال من طرفك إلا متأخرا، وسأرد كما يلي:
1- نفقات الميزانية العامة للدولة قسمين: نفقات تسيير (حسب دوائر وزارية) لا تعنينا هنا. ونفقات استثمارات عمومية (قطاعات) وهنا هي مدار الحديث. نفقات التسيير نجدها بالجدول ب الملحق بقوانين المالية المختلفة، والإستثمارات العمومية نجدها مجتمعة بالجدول ج من نفس القوانين، وبها نجد قسمين (الإستثمارات العمومية):
- الإستثمارات برأس المال: البرامج الخاصة وتبعات الخدمة العمومية.
- الإستثمارات الحقيقية: وهي ثلاث البرامج القطاعية الممركزة (psc) يأمر بصرفها آمر بالصرف رئيسي وهو الوزير، والبرامج القطاعية غير الممركزة (PSD) ويأمر بصرفها آمر بالصرف فريد / وحيد وهو الوالي (بالنسبة لنفقات التجهيز العمومي لميزانية الدولة وليس ميزانية الولاية) ، والمخططات البلدية للتنمية (PCD) ويأمر بصرفها آمر بالصرف رئيسي هو رئيس المجلس الشعبي البلدي بميزانية البلدية لا غير.
2- بعد المصادقة على قانون المالية وصدوره، يصدر بالنسبة لنفقات التجهيز (ج) مرسوم تنفيذي لتوزيع اعتمادات التجهيز العمومي عن الوزير الأول طبعا. ولتنفيذه نجد طبعا اعتمادات مرصدة لنفقات برأسمال وأخرى هي "الإستثمارات الحقيقية" وهته الأخيرة كما وضحتها آنفا هي مدار ما تسأل عنه أخي.
3- تنفذ الـ PSC/ PSD/ PCD باعتبارها نفقات تجهيز للدولة في شكل "برنامج للتنمية" (Programme de developpement) تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية وتكون مدته خمس (5) سنوات عادة (بعهدات بوتفليقة) وتختلف تسمياته كما وضحت بالطرح أعلاه (إنعاش/ دعم/ توطيد)، ولكن كيف السبيل لتنفيذ هته البرامج الخماسية في شكلها السنوي بميزانية الدولة (الجدول ج)؟؟
4- أفرح لما أجد نماذج من الطلبة يقدرون على التمييز بين مبادئ الميزانيات العمومية لأنه نادرا ما نجد أساتذة المالية العامة يتطرقون لهته المبادئ بالتفصيل بالجامعة، ويتغلغلون إلى استثناءاتها وعوائقها. أقصد بهذا حديثك عن الحسابات الخاصة بالخزينة التي أقررت بأنها استثناءات عن مبدأ الوحدة للميزانية العمومية، ولأضيف على قولك، فهي أيضا تشكل في الواقع الجزائري استثناء على مبدأ السنوية، وكذلك مبدأ العمومية/ الشمولية. كيف ذلك؟
5- دعني أخص الحديث على محور النقاش هنا، وهو حسابات التخصيص الخاص من بين الحسابات الخاصة بالخزينة هته، فهي حسابات تظهر بقوانين المالية دون غيرها، فهته القوانين هي من تفرضها وتلغيها وتعدلها وتتممها، كما يمكنها الإشارة إلى النصوص المتعلقة بها دون هته القوانين (قوانين المالية)، ميزتها بالجزائر أنها منذ سنة 1999 إن لم تخنني الذاكرة أصبحت تتمتع بميزة ترحيل الرصيد (الفائض أو العجز) أي أنها تكون قابلة للتنفيذ في السنة الموالية عن صدورها سواء بالفائض أو بالعجز، فهي لا تحتاج هنا إلى رخصة تشريعية جديدة للمواصلة في تنفيذها، بل هي بما أقررت، تعد مشروعة، وتلك سابقة في التشريع الجزائري المتعلق بالقانون الميزاني، إذا لا تكاد تخلوا دائرة وزارية من حساب خاص بالخزينة، بل لا تكاد تخلوا أيضا من حسابات تخصيص خاص، فهي تمثل استثناء عن مبدأ الوحدة في كونها لا تظهر بوثيقة واحدة مع ميزانية الدولة (الجداول الملحقة بقوانين المالية) وتشكل أيضا بميزتها الترحيلية للأرصدة عبر السنوات خاصية الإستثناء عن مبدأ السنوية وأيضا تشكل استثناء عن مبدأ العمومية/ الشمولية الذي يقر بأن إيرادات الدولة تمول دون تمييز نفقات ميزانية الدولة، إذ لا يمكن تبعا لهذا المبدأ تخصيص أي إيراد لتغطية نفقة محددة، وفي الواقع هذا هو حيز النشاط بالنسبة للحسابات الخاصة بالخزينة عموما، ومن بينها حسابات التخصيص الخاص على وجه الخصوص. ولكن لماذا نتعمق بحسابات التخصيص الخاص هته؟؟
6- بالنسبة للتشريع المالي الجزائري (القانون 84/17 المتعلق بقوانين المالية المعدل والمتمم) يعتمد بقوة على هته الحسابات، لا سيما الإستثناء النادر جدا بالميزانيات العمومية على الصعيد الدولي، وهذا يعد بحسب رأيي أهم العوامل المتعلقة بتراجع تصنيف البلد في معايير الشفافية الدولية بمنظمة الشفافية الدولية. كيف ذلك؟ تعمل الجزائر تحت الرعاية السامية لرئيسها بتنفيذ برامج تنموية خماسية في القطاعات المتواجدة بالجداول "ج" التي تظهر سنويا، والسبيل إلى ذلك هو جعل البرنامج التنموي الخماسي كله، يسري في شكل حساب تخصيص خاص، يفتح بموجب قانون المالية المعني برخصة البرنامج المتعلقة به، مثلا برنامج توطيد النمو الإقتصادي الحالي ظهر حساب تخصيصه الخاص أواخر سنة 2009 بقانون المالية لسنة 2010، وتظهر بالجدول الملحق "ج" أول الإعتمادات المالية المرصدة للسنة المالية الأولى للبرنامج عبر قطاعاته التي يغطيها هذا البرنامج. كما تظهر معها أيضا رخصة البرنامج حسب القطاع، وما يمتاز على الإعتمادات المالية للسنة التي تظهر بالجدول ج هو أنها كلها مجتمعةً توجه بموجب مقرر إلى حساب التخصيص الخاص المتعلق بالبرنامج التنموي الخماسي، وطبعا هذا الحساب يسري خارج الميزانية العامة للدولة. يعني هذا أن الوزراء القطاعيين، يصبحون يسيرون الإعتمادات المالية لقطاعاتهم (نقول قطاعات فقط بالنسبة لنفقات التجهيز) وهي في إطار حسابات التخصيص الخاص والمتعلق بالبرنامج وليس من منظور ميزانية الدولة، طبعا تسري على هته الحسابات نفس المميزات والخصوصيات المتعلقة بالتسيير الميزاني العمومي المطبقة على ميزانية الدولة، من مراحل تنفيذ النفقة وإجراءات الرقابة عليها. غير أن هدف الحكومة كسلطة تنفيذية في ذلك، ولو كان بنية خفية، هو إنقاص فعالية الرقابة البرلمانية على أعضاء الحكومة لأن هذا النوع من الرقابة ينقص بقوة على حسابات التخصيص الخاص مقارنة بميزانية الدولة، ضف إلى هذا رغبة الحكومة في التخلص أيضا من عقدة الرخصة التشريعية السنوية، ولو نفذت برامج التجهيز في شكلها السنوي استنادا إلى مبدأ سنوية
الميزانية لما لما تم إتمام كل المشاريع التي يشرع فيها الوزراء القطاعيون، لأن هته الحصة السنوية المعول إنجازها في هته المشاريع تشهد في معظم الأحيان تأخر في وتيرة الإنجاز، ولو تم التنفيذ بمفهوم الميزانية العامة الأصيل، لرجعت كل الإعتمادات التي لم يأمر بصرفها بعد من الحصة السنوية هته وتصبح لاغية، يعني عدم المقدرة على المواصلة في إنجاز الحصة السنوية، لأن الميزانية تنفذ برخصتها التشريعية لسنة مالية واحدة فقط يقتضي الأمر اللجوء لرخصة موالية. وبهذا نجد أن الإعتمادات المالية السنوية للقطاعات المتعلقة بنفقات التجهيز الحقيقي كلها تذهب إلى حساب التخصيص الخاص المنشأ لهذا الغرض وباسم برنامج التنمية الخماسي الكبير الذي يأتي عادة باسم رئيس الجمهورية.
7- إذن: الـ PSC، والـ PSD، والـ PCD كلها لها مدونة استثمارات حقيقية خاصة بها، ليست منشورة بصفة رسمية بل عن طريق التنظيم ، وهي مدونات تخص الإستثمارات الحقيقية نشهد بها كووووووووووول التصنيفات المتعلقة بنفقات الدولة للتجهيز هته، ضف إلى هذا أنها كوووولها تنفذ في إطار حساب تخصيص خاص هو نفسه المتعلق ببرنامج التنمية الخماسي.
الحساب رقم 302-087 المتعلق ببرنامج توطيد النمو الإقتصادي 2010- 2014 (برنامج تنمية خماسي: وصرت تعلم الآن بحكاية تنفيذه السنوية وطريقة إخراجه من الميزانية في إطار حسابات التخصيص الخاص)
ربي يسهل
سلام