الأمة الإسلامية ماض عريق وحاضر مؤلم ومستقبل .............
قال الله سبحانه وتعالى: { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ} ، وهي
شهادة رب العالمين لأمة محمد – صلى الله عليه وسلم – شهادة لها بالخيرية والربانية ، عندما حققت رضا الله سبحانه
برضاها بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد – صلى الله عليه وسلم – نبيا ورسولا .
لقد حققت الأمة في ماضيها كل هذا ، فكانت فعلا{ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ }، عندما أمرت بالمعروف
ونهت عن المنكر وآمنت بالله فقادت وسادت ، قادت بالإسلام شعوبا وقبائل ووحدتهم تحت ظل الدولة الإسلامية
فتمثلوا قوله سبحانه وتعالى: { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } ففتحوا أمصارا ونشروا العدل والرحمة، لم يكرهوا
أحدا على الدخول في دينهم فكيف لهم ذلك والله عز وجل يقول:
{لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} .
لقد امتدت دولة الإسلام عبر قارات العالم القديم فأصبحت دولة مترامية الأطراف ، يهاب جانبها ويطلب ودها ، وتصالحها الشعوب
والدول وتقبل راضية أن تكون تحت ظل سلطانها للتخلص تلك الشعوب من شرور حكامها.
وعاشت الأمة في ماضيها العريق في ظل دوحة العدل الربانية يقودهم خلفاؤهم الذين هم منهم ، يتحسسون مشاكلهم ، ويؤدون الحقوق
ويحفظون الذماء والأموال ، لم تفرقهم عصبية مقيتة ، ولا قومية نتنة ، ولا وطنية ممزقة ، ولا طائفية مذمومة ، كانوا فقط مسلمين
كما أرادهم الله
{مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء
عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ}
وليس عجيبا بعدها أن ترى الأمة قويا بنيانها شامخا صرحها ، تزدهر فيها العلوم بشتى فروعها الدينية والدنيوية
فكان علماء الفلك والطب والرياضيات والكيمياء بجانب علماء الفقه وأصوله والتفسير والحديث واللغة والتاريخ .
وظلت كذلك حتى قضي على دولة الخلافة أيد أثيمة لئيمة عفنة تحركها دسائس الاستعمار ، أمة بنت صرح حضارة
يعز مثيلها ، فكانت الطامة الكبرى والزلزلة الشديدة تلك القاصمة التي حلت بالأمة عندما أعلن ما عرف بالذئب الأغبر
المدعو كمال أتاتورك هدم الخلافة الإسلامية عام 1924في الثالث من آذار الموافق للسابع والعشرين من شهر رجب عام 1343هـ
لتضرب الأمة شرقا في شيوعية ملحدة وغربا في علمانية مضلة ورأسمالية مستغلة قذرة ، وهنا وهناك تتخبط باحثة عن حل ولا حل شافيا
بعد أن جربت القومية المفتقرة للفكر الناهض والوطنية التي مزقت لحمتها ، وجعلتها أكثر من 50 دويلة هزيلة لا تنكأ عدوا ولا ترد غازيا.
عاشت هذه الأمة الخراب بأبشع صوره ، وعاث أعداؤها بأمنها فسادا ، فقتلوا أبناءها ، وانتهكوا أعراض نسائها ، ونهبت ثرواتها ..............
ولم تعد خير أمة لنفسها فكيف لغيرها من الناس ، نعم لقد أوصلها الرويبضات لحال يرثى لها يدثرونها بالعجز والفجور ويخدرونها
ولا يريدون لنا إلا النوم الطويل في مستنقع الغثاء والوحل والطين.
رضيت الأمة بحكم الكفر وبشرعة الكفر ، وبأسوة الكفار بدلا عن رضاها بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا ، فصار هذا حالها
كما تشاهدون لا يخفى على أحد ، والأحداث أكبر من الحديث وأجل من التصوير.
قال تعالى: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ}
و الخلاص هو بعودتها جسد واحدا إذا أصيب عضو فيه تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ، دولة واحدة متوحدين
في قوة واحدة تحمي البلاد والعباد وتقضي على كل آفات الاستعمار ، عندها يكون النصر والتمكين
وموضع آية رب العالمين : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}