حدث الوظيف العمومي من خلال مفتشياتها الولائية فتنة عظيمة في قطاع التربية بين مختلف الاسلاك والرتب وهذا على خلفية القرارات الاخيرة التي اتخذها خاصة ما تعلق منها بالرخصة الاستثنائية التي منحها للنظار والمستشارين المشاركين في الامتحانات المهنية الاخيرة ليومي 8 و9 ديسمبر 2015. وكذلك تفسير المادة 31 مكرر من المرسوم التنفيذي رقم 240-12 المعدل والمتمم للمرسوم التنفيذي رقم 315/08 المتضمن القانون الاساسي الخاص بعمال التربية.

فمديريات التربية على مستوى الوطن سمحت للمستشارين والاساتذة الرئيسيين ونظار الثانويات بالمشاركة في المسابقات المهنية لرتبة مدير متوسطة ومدير ثانوية وفقا لمراسلة وزارة التربية رقم 1173 المؤرخة في 28 نوفمبر 2015 التي رخصت للمستشارين المنحدرين من رتبة أستاذ تعليم متوسط وللنظار المشاركة بصفة استثنائية في تلك الامتحانات المهنية لشهر ديسمبر 2015 دون اعتماد الاقدمية المطلوبة وهي07 سنوات أقدمية للأساتذة والمستشارين من أجل المشاركة في الامتحان المهني للترقية لرتبة مدير متوسطة, و05 سنوات أقدمية للمشاركة في الامتحان المهني للترقية لرتبة مدير ثانوية. والاساتذة الرئيسيين في التعليم المتوسط الذين تم السماح لهم بالمشاركة هم الذين تم ادماجهم في 03 جوان 2016 والمنحدرين من رتبة أستاذ مجاز سابقا.

لكن المشكلة ظهرت بعد أن أعلنت المديريات الولائية للتربية قوائم الناجحين ونشرتها، تدخلت مفتشيات الوظيف العمومي من خلال الرقابة البعدية لملفات المترشحين الناجحين، حيث رفضت بشكل قاطع الاعتراف بالرخصة الاستثنائية التي أصدرتها وزارة التربية، وأكدت انه ليس من صلاحية وزارة التربية او أي وزارة اخرى منح مثل هاته التراخيص، والتي تعتبر من الاختصاص الحصري للمديرية العامة للوظيف العمومي، وهذا ما أدى الى الغاء نجاح كل المستشارين والنظار الذين لا يستوفون شرط الاقدمية المطلوبة.

ومن جهة اخرى فان مفتشو الوظيف العمومي على مستوى الولايات اختلفوا في قراءة المادة 31 مكرر، حيث ان بعضهم اعتبر ان هاته المادة تسمح للأساتذة الرئيسيين في التعليم المتوسط من جمع أقدمية رتبة الادماج (من 03 جوان 2016) بأقدمية الرتبة الاصلية (من 01 جانفي 2017) وبالتالي سمحوا بنجاحهم بعد ان تم المستشارين الذين لم يستوفوا شرط الاقدمية. لان هاته المادة استفاد منها الاساتذة للإدماج في رتبة استاذ رئيسي، بينما يستفيدون منها مرة اخرى للترقية لرتبة مدير، والادماج يختلف في مفهومه ودلالاته عن الادماج، كما أنه لا يوجد أي نص قانوني يمنع من الاستفادة منها مرتين، مرة في الادماج ومرة ثانية في الترقية. بينما البعض الاخر من مفتشي الوظيف العمومي اعتبر ان المادة 31 مكرر تم استهلاكها في ادماج الاساتذة الرئيسيين في 03 جوان 2016 ولا يمكن استعمالها مرة اخرى للاستفادة من الترقية لرتبة مدير.




وتفاقمت المشكلة أكثر بعد تدخل النقابات والتي طالبت الوظيف العمومي بإصدار رخصة استثنائية للنظار المستشارين الناجحين في المسابقات المهنية ليومي 8 و9 ديسمبر 2015، وهو ما تم فعلا حيث اصدرت المديرية العامة للوظيف العمومي رخصة استثنائية تحت رقم 288 بتاريخ 04 مارس 2015 لفائدة هؤلاء الموظفين، وهو ما أعاد المشكلة للمربع الاول، حيث أن هاته المراسلة لم تحل المشكلة بل فاقمتها, فمن جهة منحت الترخيص للمستشارين المنحدرين من رتبة أستاذ تعليم متوسط, بينما لم توضح هاته المراسلة وضعية ومصير المستشارين المنحدرين من رتبة أستاذ تعليم أساسي. هل يستفيدون من الرخصة أم لا؟ وهل يعقل أن يتم التمييز بين الموظفين في نفس الرتبة والصنف ويمارسون نفس المهام؟ لذلك فان بعض مفتشيات الوظيف العمومي سمحت نجاح كل المستشارين سواء منحدرين من رتبة أستاذ متوسط او اساسي، بينما البعض الاخر تحفظ أو آخرون رفضوا الامر. ومن جهة أخرى فان الوضع الحالي يطرح السؤال حول مصير الاساتذة الرئيسيون الناجحون في المسابقات المهنية الاخيرة.

فهل سيتم تفعيل المادة 31 مكرر ليستفيدوا منها ويتمكنوا من النجاح. أم سيبقون رهينة التفسير الذاتي لكل مفتش وظيف عمومي؟ ومما سبق فان الوظيف العمومي أحدث فتنة حقيقة بين الاساتذة الرئيسيين والمستشارين فمرة يقصي هذا ويرسم نجاح ذاك، ثم يعود أخرى ويرفض نجاح من رسم نجاحه سابقا ويؤشر على نجاح من رفضه، وهكذا دواليك وفي كل مرة يعاد ترتيب قائمة الناجحين بشكل دراماتيكي هزلي.
فمثلا بعض الناجحين في مسابقة مدير متوسطة، والمنحدرين من رتبة استاذ رئيسي والذين يزالون حاليا التكوين في المعاهد المتخصصة، ممكن أن يتم اقصائهم بعد وصول الرخصة الاستثنائية لمفتشيات الوظيف العمومي ويتم تعويضهم بمستشاري التربية. إذا المطلوب من النقابات التدخل الحاسم لتسوية هاته الوضعية الشاذة قبل ان يستفحل الامر لان الاصل ان يتم اعتماد مقاييس ومعايير موحدة في الترشح والنجاح والترخيص الاستثنائي.