تعتبر الوظيفة العمومية الخلية الأولى في كل جهاز اداري ذو طابع عمومي، والتي تحتل مكانة
مرموقة ضمن المجموعة الوطنية باعتبارها أداة و مظهر من مظاهر ممارسة سلطة الدولة، ولها دو ا ر
سياسيا و اداريا في النظام المؤسساتي، فهي مطالبة لاسيما في الدول النامية، بالتكيف مع مقتضيات
العصرنة وخدمة التنمية المستدامة.
اذا كان الدستور يعهد الى الدولة ممارسة نشاطها الضبطي تحقيقا للأهداف العامة فان قيامها بتحقيق
هذه الأهداف وممارسة هذه الأنشطة لا يمكن أن يتحقق الا عبر الموظف العام الذي يعرف على أنه
"يعتبر موظفا كل عون عين في وظيفة عمومية دائمة ورسم في رتبة في السلم الاداري". 1
للالتحاق بالوظيفة العمومية تسبقه مبادئ محددة لابد من أخذها بعين الاعتبار من طرف الجهة المعنية
بالقيام بعملية التوظيف وأهمها مبدأ المساواة الذي يؤدي الى تحقيق العدالة بين ال ا رغبين في الالتحاق
بالوظيفة العمومية على أن تتوفر فيهم الشروط اللازمة بأن يكون ج ا زئري الجنسية ومتمتعا بحقوقه
المدنية، ولا تحمل شهادة سوابقه القضائية ملاحظات تتنافى وممارسة الوظيفة الم ا رد الالتحاق بها، وأن
يكون في وضعية قانونية تجاه الخدمة الوطنية وتتوفر فيه شروط السن، والقدرة البدنية والذهنية، وكذا
المؤهلات المطلوبة للالتحاق بالوظيفة. 2
و قد نصت أغلب الدول في دساتيرها على أن الوظائف العامة حقا للموظفين يطبق على قدم
المساواة وذلك بموجب اعلان العالمي لحقوق الانسان لسنة 1191 .و الج ا زئر كغيرها من الدول اتخذت
هذا المبدأ حيث نصت المادة 11 من دستور 1991 والتي تقابلها المادة 11 من دستور 6111 : "يتساوى
جميع الموظفين في تقلد الوظائف في الدولة دون أية شروط أخرى غير الشروط التي يحددها القانون"،
كما عملت النصوص القانونية المنظمة للوظيفة العامة على تبني هذا المبدأ في التوظيف العمومي وذلك
منذ الاستقلال الى غاية يومنا هذا.
يتصل بمبدأ المساواة مبدأ يجعل من الكفاءة اساسا لاختيار الموظف العام وهو ما يقتضي الرفع من
مستوى أداء الادارة العمومية وهو مبدأ الجدارة. يرتكز هذا المفهوم في الج ا زئر أساسا على التوظيف عن
طريق المسابقات سواء كانت هذه المسابقات بالشهادات أم بالاختبا ا رت 1 وهو ما تنص عليه المادة 61 من
القانون الأساسي للوظيف العمومي و المادة 11 من القانون الأساسي العام للعامل.
يصبح للموظف العمومي بمجرد تعيينه في الوظيفة العمومية مجموعة من الحقوق و الضمانات
يستمدها من القوانين واللوائح، هذه الحقوق منها ما يتمتع بها أثناء الخدمة كالحق في ال ا رتب والحماية،
ومنها ما يتمتع بها بعد الخدمة، وفي المقابل يترتب على الموظف واجبات و الت ا زمات منها ما هو مرتبط
بالوظيفة التي يقوم بأعبائها ومنها ما هو غير مرتبط بها 2 .ويتم تحديد هذه الواجبات و الالت ا زمات في
نصوص القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية وفي القانون الأساسي الخاص بكل سلك من أسلاك
الوظيفة العمومية، وكل اخلال بها يع رض صاحبها الى عقوبة تأديبية.
يعتبر التأديب أنجع وسيلة لضمان احت ا رم قواعد النظام ال وظيفي و تحقيق السير المنتظم و الفعال
للم ا رفق العمومية، فهو بذلك اج ا رء تنظيمي خاص بالوحدات الادارية ناشئ ومترتب عن العلاقة القائمة
بين الموظف و المرفق العمومي الذي ينتمي اليه.
ان هذا الاج ا رء مرهون ومقيد بعدة شروط وضمانات يجب كفالتها للموظف العام أثناء تأديبه، حيث
أقرها المشرع الج ا زئري لحماية الموظف في مواجهة أي ق ا رر اداري تأديبي سواء كان هذا قبل توقيع
العقوبة و التي تتمثل في اخطار الموظف بما هو منسوب اليه من مخالفات، بالإضافة الى حق
الموظف بالاطلاع على ملفه التأديبي الموجود لدى الادارة 3 وهذا ما يتيح له المجال لمعرفة الأدلة التي
بحوزة الادارة ليتسنى له ضمان تقديم دفاعه، وهذا اج ا رء جوهري مخالفته تعرض الق ا رر الى الالغاء،
وكذلك حق الموظف بالاستعانة بمحامي او بمدافع وهو ما أكده المشرع من خلال المادة 119 فقرتها
الثانية من الأمر 10 11 ،ولم يغفل هذا الأخير في تقديم ضمانات اضافية للموظف حتى بعد توقيع -
1 غوفي هارون، المبادئ المعتمدة في تولي الوظائف العمومية، مذكرة ماستر، تخصص قانون اداري، جامعة خيضر- -
- . بسكرة الج ا زئر، 6110 ، ص 16
2 مثلا ما نصت عليه المادة 40 من الأمر 10 11 ،بأن يلتزم الموظف بالتفرغ الكلي لوظيفته وعدم الجمع بينها وبين مهنة - -
أخرى.
3 نصت المادة 111 من الأمر 10 11 "يحق للموظف الذي تعرض لإج ا رء تأديبي أن يبلغ بالأخطاء المنسوبة اليه وأن - -
يطلع على كامل ملفه التأديبي في أجل خمسة عشر يوما ابتداء من تحريك الدعوى التأديبية".العقاب عليه و ان لم تكن توقف تنفيذ العقوبة الا أنها تعتبر جوهرية، حيث يحق للموظف الطعن في
الق ا رر التأديبي الذي ي ا ره بأنه غير قانوني عن طريق التظلم الاداري، وتتمثل هذه التظلمات في التظلم
الرئاسي أو الولائي أي أمام السلطة المصدرة للق ا رر التأديبي، وغالبا ما لا يكون هذا التظلم فعالا بسبب
اص ا رر الادارة على عدم تغيير ق ا ررتها الادارية التأديبية، فيلجأ الى لجان خاصة مهمتها اعادة النظر في
ق ا ر ا رت الادارة.
رغبة من المشرع الج ا زئري في تطوير سياسات التوظيف وتسيير الحياة الوظيفية و حمايتها ومواكبة
التغي ا رت السريعة التي أفرزتها العولمة و مسايرة التطو ا رت الكبيرة التي يشهدها العالم، حيث أنشأ بموجب
نصوص قانونية خاصة هياكل و هيئات تسير الوظيفة ، تسهر على تحقيق و تقديم ضمانات للموظف
بعد توقيع العقاب عليه ويتجلى ذلك في هياكل وهيئات الوظيفة العمومية.
مذكرة التخرج لنيل شهادة الماستر في القانون
الهيكل المركزي وهيئات الوظيفة العامة
إعداد الطالبتين:
شوارفي نجية
شوارفي سمية
ضع ردا و حمل
او حمل