قيل أن ملكا كان له وزير حازم مجرب فكان يعرف اليمن فى مشورته ثم انه هلك الملك فقام ابنه بعده فأخده العجب بنفسه واستبد برأيه فقيل له أن أباك كان لا يقطع أمرا دونه فقال كان يغلط فيه وسأختبره بنفسى فأرسل أليه وقال أيهما أغلب على المرء الطبع أم الأدب ؟ فقال له الوزير الطبع أغلب لأنه أصل و الأدب فرع و كل فرع يرجع الى أصله
فدعا بسفرته فلما وضعت أقبلت قطط بأيديها الشموع فوفقت حول السفرة فقال الأمير للوزير اعتبر خطأك و ضعف رأيك .متى كان أبو هده القطط يحمل الشموع؟
فسكت الوزير وقال أمهلنى فى الجواب الى الليلة المقبلة فقال لك دلك
خرج الوزير و دعا بغلام له وقال التمس لى فأرا واربطه بخيط واتنى به فأتاه به الغلام فعقده فى عبائته وطرحه فى كمه ثم راح من الغد الى الملك .فلما أحضر القطط حاملة الشموع حل الوزير الفأر من عبائته ثم ألقاه اليها فاستبقت القطط اليه و رمت بالشموع حتى كاد المكان يضطرم بالنار فقال الوزير يا جلالة الملك هل رأيت غلبة الطبع على الأدب و رجوع الفرع الى أصله ؟
فقال صدقت ورجع الملك الى ما كان أبوه عليه معه .....فأنما مدار كل شيء على طبعه و التكلف فى كل شيء مدموم.