الكاتبة: شذى بنت حمد بن حسين التمامي
~ مقدمة
أمن المعلومات والتحقق من هوية المستخدم أصبحت من أكبر اهتمامات المؤسسات والأفراد ومن هذا الاهتمام ظهرت أنواع للتوثيق. يستخدم مجال الأمن ثلاثة طرق مختلفة في التوثيق أقدم هذه الطرق يعتمد على معلومة خاصة مثل كلمة سر أو الاسم. أما النوع الثاني يعتمد على شيء لديك مفتاحه مثل بطاقة ذكية وآخر هذه الأنواع يعتمد على الصفات الحيوية وهو ما يخص علم الإحصاء الحيوي الذي يقوم بقياس خصائص طبيعية أو سلوكية فريدة لدى الأشخاص لتوثيق أو تأصيل هويتهم والتأكد منها ويتضمّن علم الإحصاء الحيوي بصمات الأصابع، هندسة كف اليد، وشبكيّة العين، والقزحيّة، إضافة إلى بعض خصائص الوجه وملامحه, كما تتضمّن السلوكيات الشخصية مثل التوقيع، والصوت، نمط الضغط على المفتاح، والسير وكل من هذه الصفات لها مميزاتها التي تتوافق مع متطلبات الأنظمة الأمنية المختلفة.
إذاً القياس الحيوي أو ما يسمى بالـ biometrics هو العلم الذي يستخدم التحليل الإحصائي لصفات الإنسان الحيوية وأهم استخداماته تكمن في مجال صناعة الكمبيوتر التي جعلت مفهوم التحليل الإحصائي لدى معظم الناس بأنه الطريقة المثلى لإثبات هوية الأشخاص باستخدام صفاتهم الفريدة. سبب أهميته هي حقيقة أن الصفات الفيزيائية والسلوكية للإنسان لا يمكن نقلها للآخرين ولا يمكن للإنسان نسيانها ولا سرقتها مما جعل بعض الباحثين يعرّف صفة الإنسان الفريدة بأنها كلمة سر PASSWORD. ولكن يجد البعض بأن استخدام هذه السمات الحيوية لا يمكن الاعتماد عليه بشكل كامل لعدم دقة التحليل الإحصائي في بعض الحالات ، ألا أن اختصاصيون أمن المعلومات يرشحون هذا المجال في التحقق من الهوية للجهات المتطلبة للسرية في مجالها .
~ استخدامات علم الإحصاء الحيوي
تستعمل الأنظمة الأمنية علم الإحصاء الحيوي لغرضين أساسيين وهما التدقيق أو تمييز المستخدمين. ويميل التمييز إلى أن يكون الأكثر صعوبة لأنه يتطلب من النظام أن يبحث في قاعدة البيانات عن تطابق بين المستعمل المختبر والمستعملين المسجلين. فنجد أن النظام الأمني يعتمد على التكنولوجية الحيوية ليحدد ما يقوم بحمايته وما يحاول الحماية منه .
~ أنواع المقاييس الحيوية
بصمات الأصابع
تستخدم بصمة الإصبع لاختبار الأنماط الموجودة على طرف الإصبع التي تُمسح ضوئياً باستخدام قارئات خاصة مثل القارئات المدمجة بأجهزة الكمبيوتر الخاصة التي تستخدم للتحقّق من شخصية المستخدم وتعتبر أدوات بصمة الإصبع الأكثر توفرا من أي نوع توثيقي آخر. فالتوثيق عن طريق بصمة الإصبع قد يكون اختيارا جيّدا للأنظمة الخاصة، حيث تستطيع إعطاء شرح كافٍ وتدريّب بسيط للمستخدمين لسهولة التعامل معه. وقد تكون منطقة طلب الدخول إلى التطبيقات مستندة تقريباً على بصمات الأصابع فقط بسبب الكلفة المنخفضة نسبيا، والحجم الصغير للآلات.
هندسة اليد
هندسة اليد تتطلب تحليلاً وقياساً لشكل اليد حيث تتميز هذه التكنولوجية الحيوية بتوازن جيد لخصائص الأداء وتعتبر سهلة الاستعمال نسبياً. كما أنها تكون مناسبة عند وجود عدد كبير من المستخدمين أو عندما يدخل المستخدمون النظام بشكل نادر ويمكن أن تكون الدقة عالية جداً إذا كان ذلك مطلوباً. وتستعمل الشركات قارئات هندسة اليد في سيناريوهات مختلفة، مثل تسجيل وقت الحضور والانصراف. و الجدير بالذكر أن هذا النظام قد أثبت شعبيته الكبيرة بسبب اقترانه بسهولة الاستعمال بحيث توضع اليد عل الجهاز الماسح في المكان المخصص لها، ويقوم النظام بفحص تسعين صفة من بينها شكل اليد ثلاثي الأبعاد 3D، طول وعرض الأصابع، وكذلك شكل مفاصل الأصابع ومن ثم يقوم بمقارنة هذه الصفات بصفات المستخدمين المسجلين في قاعدة البيانات حيث يتم قبول أو رفض المستخدم في حالة عدم التطابق .
شبكيّة العين
هذه التقنية تعتمد على اختبار شبكيّة العين حيث يتضمّن تحليلاً لطبقة الأوعية الدموية خلف العين ويمكن أن يكون المسح الشبكي دقيقاً جداً لكنه يتطلّب من المستخدم التركيز وإطالة النظر في نقطة محدده داخل إناء وهذا ليس ملائماً جداً إذا كان المستخدم يرتدي النظّارات أو قلقاً بشأن الالتماس المباشر بأداة القراءة. لهذه الأسباب، فإن المسح الشبكي لم يتم استقباله بشكل مرضي من قبل كلّ المستخدمين، بالرغم من أنّ التقنية في حد ذاتها تستطيع العمل بشكل جيد.
اختبار قزحيّة العين
هذا الاختبار يحلل المميزات الموجودة في الحلقة الملونة للنسيج الذي يحيط بؤبؤ العين وعادة تتم هذه العملية باستخدام آلة تصوير تقليديه ولا تتطلب من المستخدم تقريب هذه العدسات من عينه فهي تعطي النتائج بدقة عالية مع سهولة الاستخدام.
ملامح الوجه
يعتمد هذا الاختبار على ملامح الوجه حيث يقوم بتحليل خصائص الوجه والتعرف عليها ويتطلب هذا النظام آلة تصوير رقمية لتصوير صورة وجهيه للمستعمل لغرض التوثيق، و يملك هذا الاختبار ميزة انه يقارن مع غيره من نظم التحقق من الهوية بأنه لا يحتاج التفاعل المباشر مع شخص كما تفعل البصمات أو بصمة العين.
ولكن المشكلة الرئيسية التي تحدث عند استخدام هذا النوع من النظم هي الإضاءة التي يمكن تغير لون الوجه وأيضا مرور الوقت لأنه كلما تقدم الشخص في السن تعرض وجهه لتغيرات مثل زيادة الوزن أو كثرة التجاعيد والتي يمكن أن تمنع التعرف.
التوقيع
يستخدم التوقيع في إثبات الهوية بحيث يحلل و يركز على صفات التوقيع إلى جانب التوقيع نفسه ومن صفات التوقيع , السرعة في التوقيع واهتزاز اليد أثناء التوقيع والضغط على القلم. وتكمن طريقته في توقيع الشخص على شاشة حساسة للمس، ومن ثم يتم تحويل توقيعه إلى شكل أو تمثيل رقمي والذي يتم مقارنته مع ما خزن مسبقاً في النظام للتأكد من الهوية.
الصوت
تعتمد هذه التقنية على الموجات الصوتية بحيث يتم تسجيل الصوت وتحليله ومن ثم تحويله إلى رسومات بيانيه وطيفيه تبين تردد وشدة وزمن النطق وغيرها من الخصائص الاكوستيه لموجات الكلام. ومن ثم يتم مقارنتها وتحديد ما إذا كان الصوت هو نفسه الذي تم تسجيله ولكي تعطي نتائج صحيحة يجب أن تكون بيئة هذا النظام هادئة.
جدول مقارنة بين المقاييس الحيوية
~ بعض الجدل حولها
من سلبيات تقنية السمات الحيوية أنها قد ترفض شخصية غير معرفة من السابق من الواجب عدم رفضها والعكس صحيح ولتلافي تلك السلبية فمن المناسب أن يضاف طريقة تعريف أخرى في نفس الوقت كإدراج رقم سري وخلافه. ويعتبر التعرف على الأشخاص من خلال السمات الحيوية نظام قصير المدى حيث انه عندما يتقدم الشخص في العمر أو يتعرض لوعكة صحية تتغير سماته الحيوية وبالتالي يرفضه النظام فمن المناسب تحديث المعلومات المسجلة في النظام . و قد يشكل استخدام هذا النوع من الأنظمة الأمنية خطراً على ملاكها مثل ما حدث في ماليزيا عام 2005 عندما أقدم لصوص بسرقة سيارة Mercedes-Benz S-Class قد قام صاحبها بحفظها بقفل البصمة فقاموا بقطع أصبعه للحصول عليها. ومن المخاوف المشتركة حول هذا النظام احتمالية استخدام المعلومات الشخصية المستخدمة في هذا النظام لأغراض أخرى من قبل الحكومات مثلا .
~ الخاتمة
مع مرور الأيام بات القياس الحيوي أكثر وأفضل تجهيزاً حيث تعددت السمات الحيوية المستخدمة و أجهزة قياسها مع سهولة استخدامها وتقبل المستخدمين لها. كما أنها أصبحت في متناول الكثير مثل بصمة الإصبع المدمجة في أجهزة الكمبيوتر المحمول. ومع زيادة التنافس بين الشركات المصنعة لهذه التقنيات فسوف تكون هذه الأجهزة والتقنيات في متناول كل شخص. وسوف يُعتمد عليها بشكل كبير في مجالات عديدة ولن تتوقف عند السمات المذكورة في المقال فحسب لان هناك دائما الجديد في البيانات الحيوية.