إن عقد البيع عقد ملزم للجانبين، لأنه ينشئ بمجرد انعقاده التزامات في ذمة البائع وأخرى في ذمة المشتري، أي أن إرادة الطرفين تتجه نحـو إنشاء التزامات معينة، مما يجعل كلا منهما دائنا ومدينا في نفس الوقت.
المطلب الأول :
ضمـان التعـرض و ضمـان الاستحقاق:
ولما كان المشتري يهدف من البيع إلى الحصول على المبيع للتمتع بكافة السلطات التي يخولها له القانون تمتعا كاملا. فلا يكفي لذلك أن ينقل البائع إلى المشتري الحق المبيع وأن يقوم بالتسليم بل يلزم فضلا عن ذلك أن يضمن البائع الحق المبيع و الانتفاع به انتفاعا هادئا أي يضمن عدم منازعته فيه.
ويشمل هذا الضمان شقين هما: ضمان التعرض وضمان الاستحقاق.
الفرع الأول:
ضمـــان التعــــرض
ينص القانون المدني الجزائري في المادة 371:
" يضمن البائع عدم التعرض للمشتري في الانتفاع بالمبيع كله أو بعضه سواء كان التعرض من فعله أو من فعـل الغير، يكون له وقت البيع حق على المبيع يعارض به المشتري..."
كما ينص القانون المدني المصري في المادة 439:
"يضمن البائع عدم التعرض للمشتري في الانتفاع بالمبيع كله أو بعضه سواء كان التعرض من فعلـه أو من فعل أجنبي يكون له وقت البيع حق على المبيع يحتج به على المشتـري ويكـون البائع ملزما بالضمان ولو كان الأجنبي قد ثبت حقه بعد البيع إذا كان هذا الحق قد آل إليـه من البائع نفسه".
وفي القانون المدني الإماراتي في المادة 534: "يضمن البائع سلامة المبيع من أي حق للغير يعترض المشتري إذا كان سبب الاستحقاق سابقا على عقد البيع، كما يضمن البائع سلامة المبيع إذا استند الاستحقاق إلى سبب حادث بعد البيع ناشئ عن فعله".
يتضح من خلال هذه النصوص أن البائع مطالب بأن يضمن للمشترى حيازة المبيع الهادئة، وهذا الضمان من طبيعة البيع، فلا يلزم لوجوده اشتراط خاص في العقد، فللمشترى هذا الضمان بمقتضى نصوص القانون التي جاءت تفسيـرا لإرادة المتعاقدين والتي تبين مدى الالتزامات التي يضعها العقد على عاتق البائع و النصوص المذكورة ليست من النظام العام، فللمتعاقدين حق تعديلها بالتشديـد أو التخفيف، أو النزول عنها بالاتفاق على عدم الضمان .
و ينبني على ذلك أنه لا ضمان إذا ظهر أن العين المبيعة مؤجرة بعقد ثابت التاريخ قبل البيع، لأن ضمان البائع لا يشمل إلا الحقوق العينية .
فالقول بأن البائع يلتزم بنقل حيازة هادئة للمشتري يعني أن البائع يلتزم بضمان التعرض و الاستحقاق، ولا يلتزم بهذا إلا إذا وقع تعرض يعكر هدوء هذه الحيازة.
و تختلف دعوى العجز عن دعوى الضمان، فدعوى العجز متفرعة من التزام البائع بتسليم ما باعه بأكمله للمشتـرى، وفيها يظهـر للمشترى أن المبيـع أقل مقدارا مما تبين في العقد، و يسقط حق المشتـرى في المطالبة بفسخ البيـع أو إنقاص الثمن بالسكوت عليه مدة سنة من تاريخ التسليم.
أما دعوى الضمان فمتفرعة من التزام البائع تمكين المشترى من الانتفاع بالمبيع و حيازته حيازة هادئة، و فيها يجد المشترى المبيع بمقداره، و إلا أن الغير ينازعه فيه، وهي لا تسقط إلا بمضي 15 سنة على المنازعة أو على الحكم النهائي الصادر باستحقاق الغير للمبيع على الرأي الأرجح.
ويشمل ضمان البائع ناحيتين ، فالبائـع يضمن للمشترى فعله هو، كما يضمن الفعل الصادر من أجنبي.