شبكة المكتبات الجامعية الجزائرية السريعة لتكنولوجيا المعومات واقع وآفاق (1) |
<table width="100%" border="0" cellpadding="0" cellspacing="0"><tr><td width="15"> </td><td valign="top"> <table width="100%" border="0" cellpadding="0" cellspacing="0"><tr><td>[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] </td></tr></table></td></tr></table><table width="100%" border="0" cellpadding="0" cellspacing="0"><tr><td> </td></tr></table> ملخص: البحث عرض لتصور وليس عرض لتجربة، وهو يستند إلى واقع المكتبات الجامعية في الجزائر يعتمد البحث على دراسة سابقة وعلى تجربة الباحث والتجارب الدولية وعدد من المصادر الحديثة والأسبوع العلمي للجامعات الذي نظمته جامعة منتوري قسنطينة من 13-18/ابريل 2002 والمعرض الذي نظم على هامشه . يستعرض البحث مفهوم وأهمية التعاون بين الأنظمة المعلوماتية موضحا أنماطا متطورة للتعاون المتمثلة في شبكات المكتبات والمعلومات ، ومبينا تطور هذه الأنظمة وما رافقها من تحولات في مجال تكنولوجيا المعلومات وما يتصل بها من التكنولوجيات الأخرى كنظم الحاسبات والاتصالات .. مع إبراز أهمية الاندماج والتكامل بين المكتبات موضوع الدراسة وصولا إلى بناء نظام موحد للمعلومات يكون كأرضية للبحث العلمي في الجزائر ويتيح الاستغلال الجيد للثروة الإعلامية الوطنية . ثم يستعرض أنواع الشبكات وأشكالها مقترحا الشبكة الملائمة للمكتبات المعنية بالدراسة ، موضحا مراحل بنائها بالاعتماد على الموارد المتاحة واستنادا إلى الطبيعة الجغرافية والتقسيم الإداري للجزائر . ثم يسلط الأضواء باتجاه المركز الرئيسي للشبكة المقترحة الذي يتم اقتراحه هو الآخر من بين عدد من المؤسسات الوطنية ذات الصلة بالمجال وبعد التعرف على التطورات الجارية في مجال الاتصال يتم استعراض الإمكانات المتاحة في هذا الميدان وفي مجال النقل بمختلف أنواعه . يدعم البحث بعدد من النماذج والأشكال في المكان المناسب . مقدمة: يعرف العالم فغي مطلع هذه الألفية تحولات عميقة ورهيبة نتيجة للتطورات السريعة في مجال المعلومات وما رافقها من تكنولوجيات متطورة في الحواسيب والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات . والتحكم في المعلومات يعني الرقي والتقدم والقدرة على المواجهة ومن ثم الصمود في مواجهة التحديات التي تفرضها هذه التطورات الجارفة مع إمكانية مسايرتها ومواكبة نظام العولمة المفروض على العالم قويه وضعيفه . إن المعلومات أصبحت هي الأساس لأية نهضة ولأي تقدم في جميع المجالات . وحتى اقتصاد الدول والأمم أصبح يعتمد عليها وهي معيار التفرقة بين القوي والضعيف . وتتكفل أنظمة الإعلام في مختلف الدول بالعناية بالمعلومات ورعايتها بالنظر إلى أنها تمثل موردا هاما للدولة بصفة عامة وهي مصدر قوة للدول التي تحسن استغلالها وتوظيفها مما يستوجب على هذه الأنظمة جمعها وتنظيمها وتهيئتها ثم إتاحتها للدارسين والباحثين وأصحاب القرار وغيرهم من المهتمين بالمعلومات وذلك من خلال أساليب متطورة وعبر التعاون والتكامل والتنسيق فيما بينها على كافة المستويات . تعد المكتبات الجامعية من أهم الأنظمة المعلوماتية في مختلف الدول مما جعلها أكثر استعدادا وقدرة على تنظيم واستغلال الثروة الإعلامية الوطنية وهذا ما جعل معظم الدول في العالم تعتمد عليها في بناء وتطوير نظام المعلومات الوطني وفي بناء شبكات المكتبات والمعلومات على المستوى القطري وربطها بالشبكات العالمية كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية كما سيتضح ذلك من خلال العرض . وحتى يتسنى للمكتبات الجامعية في الجزائر وغيرها من البلاد العربية المساهمة بفعالية في التطور التكنولوجي السريع في مجال الخدمات الإعلام المتطورة فهي تحتاج إلى دعم وإلى تطوير من خلال الاستغلال الجيد للموارد المتاحة لديها والسعي من أجل رصد الموارد والوسائل الضرورية الأخرى التي تتيح لها الولوج في التقنيات الحديثة التي أتاحت إمكانية إضافة قيمة جديدة للمعلومات مع إمكانية نقلها وتداولها بسهولة وبسرعة عبر مناطق متباعدة من خلال مسارات انسيابية متعددة ومتزامنة . علما أن الأرصدة الوثائقية في أشكالها التقليدية يتم الآن في معظم المكتبات الجامعية في العالم ومنها مكتباتنا الجامعية تحويلها إلى الأوعية الحديثة وغلى قواعد للمعلومات والبيانات مما أتاح للباحثين والدارسين والمهتمين بالمعلومات الاتصال عن بعد بهذه المكتبات عبر شبكات المعلومات المنتشرة عبر العالم والتي تضمها جميعا الشبكة العالمية للمعلومات "الانترنيت" حيث يمكنهم قراءة وطباعة ما يحتاجون إليه العالم بواسطة الحاسوب مما يعني أن هناك تحول في وظيفة هذه المكتبات حيث أصبحت متاحة للمستفيدين في كل وقت من خلال وسائل متطورة للاتصال ونقل المعلومات وأصبح للمستفيد بإمكانه الاتصال بهذه المرافق المعلوماتية في العالم أجمع وهو ليس في حاجة إلى معرفة مواعيد فتحها لأنها أصلا فهي مفتوحة على الدوام وليس المقصود الاتصال بها عن بعد فقط بل يمكن أن تجدها مفتوحة الأبواب في كل وقت من الليل والنهار لمن أراد الخدمة في عين المكان حيث أن المكتبات الجامعية في الولايات المتحدة الأمريكية تستقبل روادها 24 ساعة على 24 ساعة مم اجعلهم يطلقون على المكتبة هناك la Bibliotheque Paremanant . ومن المؤسف عندنا أن زمن الإتاحة لم يتجاوز الست ساعات في اليوم مع غياب الإتاحة عند بعد إلا قليلا وحسب علم الباحث توجد مكتبة جامعية واحدة في الجزائر وهي جامعة بومرداس الجائر تبقى مفتوحة إلى غاية 11 ليلا . هذه الإشارات تمثل بعض مظاهر التطور الحاصل في مجال الخدمات العلمي والتقني مما يستوجب علينا عدم انتظار المستقبل حتى يأتي إلينا بل يجب علينا أن نسعى نحن إليه لنشارك في صنعه حيث لن يكون هناك مكان لمن لا يملك مفاتيح المستقبل . يتضح لنا مما تقدم أن وضعية المكتبات الجامعية في الجزائر لا تسمح لها بالاندماج في المسار الحالي لمجتمع المعلومات وتكنولوجيا المعلومات والاتصال والتطورات المتسارعة التي تعرفها خدمات الإعلام بصفة عامة . ومن ثم فإن التحول الحقيقي المنتظر لهذه المكتبات لا بد أن يمر عبر الاندماج فيما بينها وأنه من الضروري أن يتم من خلال دراسات وخطط وأنظمة تستند إلى قوانين وموارد مالية ثابتة وصلاحيات كافية للمكتبيين والجامعيين، وذلك بعد أن يتم الاعتماد على الموارد المتاحة وتوظيفها توظيف جيد يسمح باستغلالها الاستغلال الأمثل ويسمح أيضا بدعمها وتطويرها. ومع ذلك فإن الشبكة الوطنية لمكتبات الجامعية في الجزائر ومسايرة للتطورات الجارية في المجال فهي من الناحية المادية في طور التكوين والتشكيل ولكن في الإطار التشريعي والتنظيمي. حيث يتضح ذلك من العرض ومن معرض الأسبوع العلمي الوطني للجامعات الذي نظمته جامعة منتوري قسنطينة من 13-18 ابريل 2002 . الباب الأول : واقع الشبكة الوطنية للمكتبات الجامعية في الجزائر 1-1 نشأة وتطور المكتبات المكتبات الجامعية في الجزائر: إن المكتبات الجامعية في الجزائر حديثة، حيث تأسست أول مكتبة جامعية مع تأسيس أول جامعة، وهي جامعة الجزائر التي تم تأسيسها بموجب القانون الصادر في 20 نوفمبر 1897 م وفي نفس السنة انطلقت الأشغال لبناء المكتبة المذكورة التي فتحت أبوابها سنة 1888 م. علماً أن تأسيس هذه الجامعة ومكتبتها كان لهدف خدمة المصالح الاستثمارية الفرنسية وليس بهدف خدمة الجزائر، وما يؤكد ذلك هو أن عدد الطلبة من الفرنسيين واليهود قد بلغ في آخر الخمسينات 4500 طالب، بينما لم يتجاوز عدد الطلبة من أهل البلد (الجزائر) ال 200 طالب. والجدير بالذكر أن محتويات هذه المكتبة قد بلغت في البداية حوالي 40000 مجلد، زفي سنة 1959 تم إحصاء حوالي 500000 مجلد و 1275 عنوان من الدوريات. والجدير بالذكر أيضاً بأنها قد تعرضت لحريق خططت له ونفذته المنظمة الفرنسية المسماة (OAS) وذلك بتاريخ 7 جوان 1962، حيث تم إتلاف أكثر من 200000 مجلد، وفي شهر ديسمبر من نفس السنة تم تشكيل لجنة دولية من أجل ترميمها، حيث أعيد فتحها بعد 6 سنوات من المجهودات وكان ذلك بتاريخ 12 أفريل 1968. علماً أن جامعة الجزائر هي الجامعة الوحيدة التي تم تأسيسها خلال الفترة الاستثمارية. أما الجامعات الأخرى فلقد توالى تأسيسها بعد الاستقلال سنة 1962. ومنها جامعة وهران السانية التي كانت عبارة عن مركز جامعي تابع لجامعة الجزائر الذي تأسس بموجب الأمر 67-278 الصادر بتاريخ 20 نوفمبر 1967 وتحول إلى جامعة بموجب المرسوم الصادر بتاريخ 15 ديسمبر 1975، ونفس الأمر بالنسبة لجامعة قسنطينة التي كانت عبارة على مركز جامعي تابع لجامعة الجزائر الذي تحول إلى جامعة بموجب الأمر 69-54 الصادر بتاريخ 17 جوان 1969. ولقد عرف عقد السبعينات إنشاء عدد من الجامعات المهمة وهي: جامعة هواري بومدين للعلوم والتكنولوجيا - الجزائر العاصمة التي أنشئت لأول مرة بموجب الأمر رقم 74-59 الصادر في أفريل 1974م. جامعة وهران للعلوم والتكنولوجيا، التي تأسست لأول مرة بموجب الأمر رقم 75-27 الصادر بتاريخ 29 أفريل 1975م. جامعة عنابة تأسست في السنة الجامعية 1975-1976. هذه الجامعات تعد من أقدم وأهم الجامعات في الجزائر، إلا أن جامعة الجزائر تعتبر من أعظم الجامعات سواء من حيث القدم أو التطور أو التوسع مما يجعلها تحتل الصدارة في هذا الخصوص، حيث استقبلت خلال السنة الجامعية 1997/1998 (13400) طالب جديد، وهي الجامعة الوحيدة التي تستطيع استقبال هذا العدد الكبير ليصبح العدد الإجمالي بها 45000 طالب علماً أن العدد الإجمالي للطلبة الجدد في تلك السنة قد بلغ 97000 طالب. وهي الجامعة التي أبرمت العديد من العقود والاتفاقيات مع مختلف القطاعات الاقتصادية أدت إلى توطيد علاقتها بالمحيط الاقتصادي ولتحقيق فوائد قدرت ب: 3 ملايين سنتيم سنة 2000. وفي الجامعات التي تم تأسيسها في عقد السبعينات كذلك، والتي مرت بمراحل قبل أن تتحول إلى جامعات ومن بينها الجامعات التالية: جامعة بانتة في شرق البلاد التي تأسست لأول مرة في شهر سبتمبر 1977 كمركز جامعي ثم تحول سنة 1985 إلى معاهد وطنية للتعليم العالي، وفي سنة 1990 تحولت إلى جامعة، وهي تضم الآن (2002) 31000 طالب بعد أن كان العدد 10000 طالب، ثم انتقل إلى 23000 طالب. جامعة سيدي بلعباس في غرب البلاد التي انطلقت لأول مرة في شهر سبتمبر 1978، كمركز جامعي ثم تحول 1984 إلى معاهد وطنية للتعليم العالي، ثم تحولت إلى جامعة بموجب المرسوم رقم 41-89 المؤرخ في أوت 1989، وهي تضم خلال السنة الجامعية 2000/2001 15000 طالب، وسيصل العدد إلى 22000 طالب سنة 2005 حسب تقديرات الجامعة. جامعة تيزي وزو انطلقت كمركز جامعي اعتباراً من سنة 1977، وفي سنة 1989 ارتقت إلى جامعة وهي تضم الآن (2002) 27000 طالب. جامعة بسكة التي انطلقت لأول مرة سنة 1984 كمعاهد وطنية للتعليم العالي ثم تحولت سنة 1992 إلى مركز جامعي، وفي سنة 1998 تحولت بموجب الأمر رقم 98-219 المؤرخ في 7/7/1998 إلى جامعة، وهي تضم 9478 طالب (2000/2001). ومن بين أهم الجامعات في الجزائر والتي مرت بنفس المراحل المشار إليها هي جامعة سطيف التي تأسست لأول مرة بموجب القرار الوزاري رقم 133-78 الصادر بتاريخ 3 جوان 1978 والتي كانت عبارة عن معاهد وطنية للتعليم العالي إلى غاية 1987، وفي سنة 1997 أصبحت جامعة كبرى تتكون من 18 معهداً، وتضم 18270 طالب منهم 4000 طالب جديد. إن الحديث عن تأسيس وتطور الجامعات في الجزائر فهو يعني في نفس الوقت في هذه الورقة الحديث عن تأسيس وتطور المكتبات الجامعية الجزائرية موضوع هذه الدراسة المتواضعة، حيث أن المكتبات الجامعية في الجزائر تنشأ مع نشوء الجامعة وتنعدم بانعدامها، ولم يحدث إطلاقا أن وجدت جامعة بدون مكتبة، حيث يستحيل قيام جامعة في غياب المكتبة الجامعية، وسيتضح الأمر أكثر في هذا الجانب عند الحديث عن موقع المكتبة الجامعية ضمن شبكة التكوين العالي بالجزائر. وتماشياً مع التطور الذي تعرفه الجزائر بعد استقلالها في مجال التكوين فإن عدد الجامعات بها يتزايد بوتيرة سريعة نتيجة تزايد في عدد الطلبة الجدد من سنة إلى أخرى مما أدى إلى التزايد في عدد المدن الجامعية، فمن 25 مدينة جامعية سنة 1987 ارتفع العدد إلى 31 مدينة جامعية سنة 1997. ويتضح جلياً من خلال الفقرات السابقة أن هذا التطور لا يزال متواصلاً وسيتواصل، وخاصة في السنوات الأخيرة التي تعرف ضغطاً كبيراً على الهياكل البيداغوجية ومن بينها المكتبات الجامعية. لقد استقبلت الجامعات الجزائرية خلال السنة الجامعية 1997/1998 97000 طالب جديد والمسؤولون في الجزائر يتحدثون في الآونة الأخيرة عن العدد الإجمالي للطلبة وهو قرابة نصف مليون طالب. مما جعل الوزارة الوصية تقوم من حين لآخر بتوسيع مؤسسات صغيرة إلى مؤسسات كبيرة بإمكانها استيعاب عدد أكبر كما هو الحال في تحويل العديد من المراكز الجامعية والمعاهد الوطنية للتعليم العالي إلى جامعات. هذا بالتوازي مع ذلك يتم تحويل العديد من الهياكل البيداغوجية من قطاعات أخرى إلى قطاع التعليم العالي من الأمثلة على تلك القطاعات : التربية الوطنية، الصحة العمومية، الشبيبة والرياضة... الخ. مما يجعل التفكير في سياسة المواجهة أمر ضروري بالنظر إلى أن الدولة الجزائرية تواجه تحديات عديدة في عدد من المجالات، من بين عناصر تلك السياسة تجنيد الموارد المتاحة وتوظيفها توظيفاً جيداً حتى يتسنى للجامعات ومكتباتها الاستجابة للاحتياجات المتزايدة لهذا العدد الكبير من الطلبة والباحثين من بين هذه الموارد الثروة الإعلامية التي تتوفر عليها المكتبات الجامعية. 2-1- موقع المكتبة الجامعية ضمن الشبكة الوطنية للتكوين العالي في الجزائر: 1-2-1- الوجود المادي للمكتبة الجامعية في الجزائر: ترتبط المكتبة الجامعية في الجزائر بمؤسسات التكوين العالي مهما كان مستواها ومهما كانت أهميتها سواء كانت جامعة أو مركز جامعي أو معهد وطني للتعليم العالي أو مدرسة عليا للأساتذة أو قسم من الأقسام التي حلت محل المعاهد الجامعية في النظام الجديد (نظام الكليات) الذي جاء به المرسوم التنفيذي رقم 98-398 الصادر بتاريخ 2/12/1998م. علماً أن المكتبة الجزائرية تعرف تطوراً معتبراً وسريعاً كغيرها من مؤسسات التكوين العالي، وذلك اعتباراً من بداية عقد السبعينات، حيث انطلق أول إصلاح للتعليم العالي في سنة 1971م. هذه المكتبات تحتل موقعاً هاماً على الأرض في معظم المجمعات الجامعية من بين الأمثلة على ذلك مكتبة جامعة قسنطينة، وهي من بين أهم المكتبات الجامعية في الجزائر، حيث يتوسط مبناها ، الحرم الجامعي أو المجمع الجامعي الكبير، حيث تقابلها من الجهة الشرقية عمارة الآداب والعلوم الإجتماعية، ومن الجهة الجنوبية تقابلها عمارة العلوم، ومن جهة الغرب يقابلها البرج الإداري (العمارة الإدارية) ويقابلها من جهة الشمال قاعة المحاضرات والمطعم الجامعي والرسم الموالي يبين بوضوح موقع هذه المكتبة. لقد سبقت الإشارة إلى أن عقد السبعينات عرف اهتماماً متزايداً بقطاع التعليم العالي، حيث تأسست خلاله بعض الجامعات، وعدد من المعاهد الوطنية للتعليم العالي والمدارس العليا، وبالموازاة مع ذلك انطلقت مشروعات خاصة ببناء بعض المكتبات الجامعية ضمن المشروعات العامة لبناء الجامعات، ومن بين هذه المكتبات مكتبة جامعة قسنطينة التي نستعرضها كنموذج للمكتبات الجامعية الكبرى في الجزائر، حيث تم تدشينها بتاريخ 19/9/1978 وتتكون من قاعة مطالعة شكل دائري (2106 م²) تتسع ل700 مقعد، ومخزن نصف دائري تحت الأرض بمساحة 3000 م²، وطاقة استيعابه تصل إلى 800000 مجلد. ومن بين المكتبات الجامعية الكبرى التي تم بناؤها بداية من عقد السبعينات يمكن الإشارة كذلك إلى مكتبة جامعة العلوم والتكنولوجيا هواري بومدين - الجزائر العاصمة، ومكتبة جامعة العلوم والتكنولوجيا بوهران وفي نهاية العقد المذكور سنة 1979 بلغ عدد المكتبات الأكاديمية بصفة عامة 66 مكتبة بما فيها مكتبات المعاهد الوطنية والمدارس العليا. علماً أن مؤسسات التكوين العالي في الجزائر تختلف بعضها عن بعض من حيث المستوى ومن حيث الحجم ومن حيث لمهام، ومن حيث الأهمية، فلذلك تتدرج وفق ذلك الاختلاف المكتبات الجامعية في الجزائر مشكلة بناء هرمياً تحتل المكتبات الجامعية قمته وتشكل مكتبات المعاهد الجامعية الصغيرة قاعدته، تتدرج المكتبات الأخرى بين الفئتين حسب أهمية كل منها: التدرج الهرمي القديم للمكتبات الجامعية في الجزائر أما التدرج الهرمي للمكتبات الجامعية حسب نظام الكليات الجديد فهو كمايلي: هذه هي الأنواع المختلفة للمكتبات الجامعية في الجزائر، وهي مرتبة حسب أهميتها وأهمية المؤسسات التي تتبعها، وبذلك فهي متدرجة حسب ما هو مبين فيما سبق على شكل هرم توجد في قمتها المكتبات الجامعية التابعة للجامعات الكبرى، وتنتشر في قاعدته مكتبات المعاهد الجامعية، والتي حلت محلها الآن - وفق النظام الجديد المشار إليه، مكتبات الأقسام، وتترج بقية المكتبات الأخرى بين قاعدة الهرم وقمته حسب أهمية كل منها كما سبقت الإشارة. إن الاهتمام بالمكتبات الجامعية في الجزائر من قبل الجامعات والوزارة الوصية واضح وجلي حيث يتم باستمرار تدشين المكتبات الجامعية الجديدة، والإشراف على انطلاق مشاريع أخرى لبناء عدد آخر منها، وخاصة في الجامعات الجديدة وسواء تم الإنجاز ضمن المشاريع الخاصة ببناء الجامعات أو من خلال مشاريع خاصة ببن مكتبات جامعية جديدة. إن المكتبة الجامعية هي وسيلة بيداغوجية هامة، ومرفق أساسي من مرافق المعلومات والبحث العلمي، ومن ثم لا يمكن الاستغناء عنها، ومن هنا لابد أن تحظى باهتمام المسؤولين في قطاع التعليم العالي، علماً أن هذا الاهتمام لم يأت صدفة بل جاء وبعد إدراك للدور الريادي الذي يمكن أن تؤديه المكتبات الجامعية في العملية التعليمية، حيث أنها تشكل حلقة أساسية ضمن سلسلة التكوين العالي والبحث العلمي، ومن ثم فإنها تحتل موقعاً هاماً ومتميزاً ضمن أية مؤسسة للتكوين والبحث. لاشك أن الاهتمام بالمكتبة الجامعية سيزداد مع الوقت، وستحظى برعاية أكثر إلى أن تحتل موقعها الملائم ضمن الخريطة القانونية الجامعية كما احتلتها على الأرض، حيث أن المكتبة الجامعية كبناء مادي وكمرفق خدماتي معترف بها من قبل الجميع، ولم تحظى بعد بالاعتراف القانوني والتشريعي والاهتمام بها يمكنها من القيام بوظائفها وإدراك غاياتها وتحقيق أهدافها من خلال اعتمادها لنظام متكامل التعاون وارتباطها بشبكة معلوماتية متناسقة. 2 1-2-2- الوجود القانوني للمكتبة الجامعية في الجزائر: لقد مرت الجامعة الجزائرية بثلاث مراحل أساسية خلال سيرتها التاريخية، وذلك من خلال النصوص التشريعية التي تكلفت بتأسيس وتنظيم مؤسسات التكوين العالي. المرحلة الأولى: 1962-1983 تستثنى منها جامعة الجزائر التي أنشئت خلال الفترة الاستعمارية كما سبقت الإشارة إليها- خلال هذه الفترة تم تأسيس العديد من الجامعات والمراكز والمعاهد والمدارس العليا للتكوين العالي. علماً أن النصوص التشريعية والتنظيمية خلال هذه المرحلة كانت تقتصر على تحديد طبيعة وأهداف مؤسسات التكوين العالي دون الإشارة إلى طرق تسييرها وهيكلتها. المرحلة الثانية: تبدأ بالمرسوم رقم 83-544 الصادر بتاريخ 24/9/1983 الذي تضمن تأسيس الجامعة والمعاهد حيث ألغى نظام الكليات ليحل محله نظام المعاهد. المرحلة الثالثة: تبدأ بصدور القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 26 ماي 1987 الذي حدد التنظيم الإداري للجامعة ولأول مرة ومنح صلاحيات واسعة لمعاهد في إطار لامركزية التسيير وبذلك يكون هذا القرار الهام قد حدد تنظيماً بدقة وبين هياكلها مع توضيح صلاحيات كل هيكل فيها. كما أنه قد أدخل بعداً آخر من خلال المناصب النوعية التي أقرها قصد تنظيم سلمي تراعى فيه أنشطة الجامعة ومعاهدها. وسعياً لإبراز مكانة المكتبة الجامعية ضمن التنظيم الجديد يندرج من خلال الشكل الموالي: التنظيم المنهجي النموذجي لكل من الجامعة والمعهد الخاص بجامعة قسنطينة ليكون مثالاً عن الجامعات الجزائرية التي تخضع لنظام تسيير واحد. إن القرار المذكور أخيراً يقسم الجامعة إلى ثلاثة أقسام رئيسية لبيرة وهي: - رئاسة الجامعة. - المصالح المشتركة - المعاهد. القسم الثاني يمثل المصالح المساعدة يطلق عليها المصالح المشتركة للجامعة ممثلة في الآتي: - مكتبة الجامعة - مركز التعليم المكثف للغات - مركز الطبع والسمعيات والمرئيات. - مركز الحساب. هذه المصالح قد نصت عليها المادة (5) من المرسوم رقم 83-544 السابقة الإشارة إليه، وحددتها المادة 19 من القرار الوزاري المشترك الصادر بتاريخ 26 ماي 1987 المذكور سابقاً أيضا. وفيما يتعلق بالمكتبة الجامعية المعنية بهذه الدراسة، فإن المادة 20 من القرار المذكور تنص على ما يلي: يتولى تسيير المكتبة الجامعية المذكورة في المادة 19 أعلاه محافظ رئيس، وتضيف فقرتها الثانية ما يلي: ويقوم المحافظ الرئيسي زيادة على ذلك بتنسيق أعمال مكتبات معاهد الجامعة المنصوص عليها في المادة 32. إن المادة 32 المشار إليها لم تحمل الكثير، وكانت مختصرة جداً إلا أنها قد أعطت الحق لكل معهد من معاهد الجامعة أية جامعة بإنشاء مكتبة تابعة له، حيث نصت على ما يلي: يكون للمعهد مكتبة. ويتضح موقع المكتبات الجامعية بوضوح عبر هذا الاستعراض الموجز والمندرج لبعض النصوص التشريعية التي تحكم وتسير منظومة التكوين العالي في الجزائر. وما يمكن استنتاجه من خلال العرض المقدم هو الآتي: أ- تأكيد الوجود المادي للمكتبة الجامعية ضمن الخريطة الجامعية من خلال: ظهورها في الهيكل التنظيمي لكل من الجامعة و المعهد. استفادتها بمنصب عالي (نوعي) يمنح للمشرف عليها سواء كانت مكتبة جامعية أو مكتبة معهد جامعي. 3- وجود نصوص قانونية تتعلق بتنظيم بعض الجوانب الهامة فيها: تحديد المسير لها أو المشرف عليها، من قبل القرار الوزاري المشترك في المادة 2 منه. تكليف المحافظ الرئيسي لكل مكتبة جامعية بالتنسيق بين مكتبات معاهد الجامعة الفقرة الثانية من المادة 20 المذكورة أعلاه. تأكيد وجودها في كل معهد (المادة 32 من القرار المذكور أعلاه). ب- انعدام الأنظمة والقوانين التي تحكم وتسير المكتبات الجامعية، حيث أغفل القرار الوزاري المشترك الذي تولى تنظيم الجامعة، التنظيم الإداري للمكتبات الجامعية، والأخطر من ذلك أن جعلها مجرد مصلحة مع بعض المصالح الأخرى التي تقل عنها كثيرا من حيث الأهمية ومع ذلك فلقد وضعها في درجة واحدة معها، وأطلق عليها: المصالح المشتركة كما رأينا من قبل. وهذا يعد تقزيم للمكتبة الجامعية لا شك أنه كان نتيجة عدم إدراك للدور الحيوي الهام الذي تقوم به المكتبة الجامعية في مجال التعليم العالي والبحث العلمي. ومع ذلك فإن وجود المكتبة الجامعية ككيان مادي معترف به، وبروزها واضحة جلية على الخريطة القانونية الجامعية، والإشارة إليها وتنظيم بعض المسائل فيها من قبل القوانين و الأنظمة السارية فيها تعد كلها عناصر إيجابية يمكن أن تساعد وتسهل قيام تعاون منظم ومقنن في شكل شبكة متكاملة ومتناسقة للمعلومات. ومن جهة أخرى فإن غياب القوانين والأنظمة التي تحكم وتسير هذه المكتبات، ومن ثم انعدام الهيكل التنظيمي لها الذي يسمح بتوزيع الصلاحيات على الأقسام الفنية والإدارية فيها، وغيرها من المسائل الأساسية التي لم تنظم ممن قبل القوانين والأنظمة المعمول بها كلها عناصر سلبية تعيق تقدم المكتبة وتطورها وتصعب في أداء مهامها ووظائفها. 1-2-3- الموارد البشرية في المكتبات الجامعية الجزائرية: قد تكون المكتبات الجامعية في الجزائر أحسن حظا في هذا الجانب، حيث أن المشرع الجزائري زودها في وقت مبكر بمجموعة من القوانين الخاصة بعمال هذه المكتبات. لقد عرفت الفترة الممتدة بين 1968 -1989 صدور عدد من القوانين الخاصة المنظمة للأسلاك التابعة لبعض القطاعات ذات العلاقة مع بعضها وهي: المكتبات الجامعية قطاع الثقافة. الآثار الأرشيف. حيث أصدرت وزارة التربية الوطنية التي كانت مشرفة على قطاع التعليم العالي عدد من المراسيم هي: المراسيم رقم 68-311 إلى 68-313 الصادرة بتاريخ 30 ماي 1968 المتضمنة القوانين الأساسية الخاصة بثلاثة أسلاك تتعلق بالمكتبيين وهي: - المحافظون المكلفون بالأبحاث. - الملحقون بالأبحاث. - المساعدون بالأبحاث. لاشك أن هذا يعد إدراك ووعي مبكرين من قبل هذه الوزارة بأهمية المكتبات بصفة عامة والمكتبات الجامعية على وجه الخصوص. إلا أن المكتبات الجامعية لم تستفد بصورة ملموسة من تلك النصوص القانونية لسببين: قلة أو ندرة الإطارات في تلك الفترة نتيجة الفراغ الذي تركه الاستعمار الفرنسي، حيث لايوجد من يحمل الشهادات والمؤهلات التي تستجيب لشروط التوظيف المنصوص عليها في القوانين المذكورة. إن الوزارة التي أصدرت القوانين المذكورة لم تعد هي المشرفة على قطاع التعليم العالي بداية من سنة 1971 . وهذا ما جعل الوزارة المعنية بالتعليم العالي تلجأ إلى توظيف عناصر غير مؤهلة أو ذات تأهيل بسيط للاستعانة بهم للعمل في المكتبات الجامعية، وذلك وفقاً لما يسمح به الأمر رقم 66-133 الصادر بتاريخ 2 جوان 1966 والمتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية والمرسوم 66-136 الصادر بنفس التاريخ المحدد للأحكام المطبقة على العمال المتعاقدين التابعين للدولة والمجموعات المحلية. مما جعل المكتبات الجامعية في الجزائر تعيش وضعية سيئة أثرت سلبياً على تقدمها وتطورها، وفي ظل هذه الوضعية السيئة تنبهت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي إلى خطورة الوضع وبادرت بإصدار القانون الخاص بعمال المكتبات الجامعية تضمن خمسة أسلاك تحكمها خمس مراسيم. علماً أن القانون الأول المذكور قد تضمن ثلاث أسلاك فقط بينما أضاف القانون الجديد سلكان جديدان وهما: سلك الأعوان التقنيين في المكتبات ومراكز الوثائق. سلك المساعدين التقنيين في المكتبات ومراكز الوثائق. ولقد جاءت بالقانون الجديد التي أصدرته وزارة التعليم العالي والبحث العلمي المراسيم رقم 80-60 إلى 80-64 الصادرة بتاريخ 8/3/1980. علماً أن هذا القانون قد تم تعميمه على قطاعات أخرى ذات الصلة مما جعل الوزارة الأولى آنذاك تقوم بإلغائه معتبرة أن الأسلاك التي أنشأها هذا القانون أسلاك مشتركة وليست تابعة لوزارة التعليم العالي، ومن ثم فإن أي قطاع من القطاعات المعنية يرى ضرورة في إنشاء مثل هذه الأسلاك أو المناصب أن يتبناها بواسطة مرسوم فقط، ومن بين هذه القطاعات قطاع التعليم العالي وبالرغم من أنه القطاع الذي أنشأ لأول مرة هذه الأسلاك وكان يهدف ذلك إلى توحيد الأنظمة والنصوص التي تحكم العاملين في الدولة، كذك توحيد الجهة المشرفة على تطبيق هذه النصوص وهي الوظيف العمومي الذي كان تابعاً آنذاك إلى الوزارة الأولى المشار إليها سابقاٌ، مما جعل وزارة التعليم العالي تتبنى هذه الأسلاك من جديد. هذه الخطوات الهامة في المجال التشريعي جعلت عمال المكتبات الجامعية في الجزائر يشعرون بارتياح كبير نتيجة تسوية وضعيتهم الإدارية والمهنية هذا من جهة ومن جهة أخرى كانوا ينظرون إلى هذه القوانين على أنها تعد خطوة هامة على طريق تحسين وضعية المكتبات الجامعية كما أنها تعد دافعاً هاماً لقطاع المعلومات بصفة عامة في الجزائر ، بالنظر إلى أن المكتبات الجامعية تعد من المؤسسات الوثائقية الرائدة والحاملة لراية هذا القطاع. ومما يؤكد هذه النظرة هو الشروع في خطوة أخرى أكثر أهمية بالنسبة لهذه المكتبات بصفة خاصة، وبالنسبة لقطاع المعلومات في الجزائر بصفة عامة، هذه الخطوة تتمثل في انطلاق التكوين في مجال المكتبات والمعلومات بداية من جامعة الجزائر التي تخرجت منها أول دفعة من الإطارات المتوسطة تتكون من 50 طالبا سنة 1981 ثم تبعتها جامعة قسنطينة وبعدها جامعة وهران. وبإلقاء نظرة علة القانون المذكور نجده قد قسم العاملين بالمكتبات الجامعية إلى أربعة فئات رئيسية تتماشى ووظائف المكتبة ومهامها مع الانسجم في توزيع الصلاحيات بين هذه الفئات وهي: - فئة المسيرين (les dirigeants) - فئة المختصين (les specialistes) - فئة التقنيين (les techniciens) - فئة المنفذين(les executants) - تتكون فئة المسيرين من المحافظين والمحافظين الرئيسيين. - تتكون فئة المختصين من الملحقين بالأبحاث. - تتكون فئة التقنيين من المساعدين بالأبحاث. - تتكون فئة المنفذين من الأعوان والمساعدين التقنيين. وهذا ما أخذ به أحد خبراء اليونسكو في تقريره عن المكتبات الجامعية الجزائرية الذي قدمه في نفس السنة التي صدر فيها القانون المذكور. وكانت آخر حلقة في سلسلة هذه القوانين التي كانت دعماً مهماً وأساسيا للمكتبات الجامعية في الجزائر، وخاصة فيما يتعلق بجانب الموارد البشرية فيها تتمثل في المرسوم التنفيذي رقم 89-122 الصادر بتاريخ 18/7/1989 والمتضمن القانون الأساسي الخاص بالعمال المنتمين للأسلاك التابعة للتعلم والتكوين العاليين، حيث اشتمل الباب الثالث منه على الأحكام المطبقة على سعبة المكتبات الجامعية الذي يضم ستة أسلاك وهي: - الرؤساء المحافظين للمكتبات الجامعية. - محافظي المكتبات الجامعية. - الملحقين بالمكتبات الجامعية. - مساعدي المكتبات الجامعية. - الأعوان التقنيين للمكتبات الجامعية. - المعاونين التقنيين للمكتبات الجامعية. لقد أضاف هذا القانون الأخير سلك آخر وهو سلك الرئساء والمحافظين للمكتبات الجامعية، حيث كان عبارة عن منصب نوعي بموجب القانون السابق كما أنه خفف عبارة: المكلفين بالأبحاث من الأسلاك الثلاثة الأولى : (محافظ ، ملحق، مساعد). وما يجدر ذكره هو أن هذا القانون الأخير قد كان سباقا في اإشارة إلى موضوعات مهمة بالنسبة للمكتبات والتي تهمنا في موضوعنا هذا أيضاً. وهي التعاون والشبكات ، حيث لم تشر إليها القوانين الخاصة من قبل إلا نادرا، أو أشير إليها في قوانين أخرى تتعلق ببعض المؤسسات ذات العلاقة بالموضوع حيث أضافت المادة 52 في فقرتيها الثامنة والتاسعة مهام جديدة للمحافظ الرئيسي، وهي كمايلي: - المشاركة في إنشاء شبكات إعلام علمية ووضع نصوص وبنوك للمعطيات. - المبادرة والنهوض بسياسة تعاون وتبادل للوثائق قصد تكوين شبكات الإعلام العلمي والتقني، ونفس المهام أسندت للمحافظ أيضا في المادة 55 الفقرتان 7-8 دون الإشارة إلى هذها المهام الجديدة في الأسلاك الأخرى وهذا أمر طبيعي بالنظر إلى أن المحافظ الرئيسي والمحافظ يشكلان الفئة المسيرة في سلك العاملين بالمكتبات الجامعية كما سبقت الإشارة. وللعلم فإن هناك لإشارة أخرى للموضوع وردت في الفقرة الثانية من المادة 20 من المرسوم الوزري المشترك المؤرخ في 26 ماي 1987م المشار إليه من قبل ونصها كما يلي: "ويقوم المحافظ الرئيسي زيادة علة ذلك بتنسيق أعمال مكتبات معاهد الجامعة المنصوص عليها في المادة 32". تعد هذه الإشارات الجديدة للموضوع من قبل القوانين السرية عناصر إضافية تضاف إلى العناصر الأخرى الإيجابية التي يمكن أن تساعد المكتبة في التحول إلى جهاز معلومات متطور عن طريق إقامة نطاق متكامل للتعاون بين جميع المكتبات الجامعية ومن ثم ارتباطها بشبكات المعلومات القائمة سواء كانت وطنية أو دولية. وهذه الإشارات الواردة في القوانين المشار إليها تشجع على أن يبقى الطموح قائماً في ظهور قوانين أخرى كالقانون الخاص الذي يحكم وينظم ويسير المكتبات الجامعية في الجزائر وهو الحلقة المفقودة في سلسلة العوامل والمتطلبات التي تسمح لهذه المكتبات بالقيام بدورها الهام والحساس، والمتمثل في إقامة نظم جامعي متطور للمعلومات يسمح بالسيطرة على الثروة الإعلامية الجامعية الضخمة من أجل استغلالها الاستغلال الأمثل والواسع، وتنميتها بطريقة عقلانية باستعمال الموارد المتاحة استعمالاً حسناً دون اللجوء إلى موارد إضافية، والتي من الممكن توجيهها إلى مجالات ونشاطات أخرى. وخلاصة ما تقدم هي: إن المكتبة الجامعية كبناء مغرو في الأرض وكوعاء معرفي ضخم وكوسيلة بيداغوجية لايمكن الاستغناء عنها وكمرفق خدماتي جامعي يقدم خدمات أكثر من أي مرفق آخر من حيث حجم الخدمات المقدمة فهي موجودة ومجسدة على الأرض مع الاعتراف بها واقعياً. إن المكتبة الجامعية ككيان قانوني يتمتع بالاستقلالية الضرورية التي تسمح بها بالتحرك نحو إدراك غاياتها وتخلصها من الروتين الإداري المسلط عليها. فهي غير موجودة وما هي إلا عبارة عن مصلحة من المصالح المشتركة للجامعة. كما هو موضح بالقرار الوزاري المشترك المؤرخ في 26/5/1987 السابقة الإشارة إليه من قبل. ومن ثم فهي تابعة للأمانة العامة للجامعة، يشرف على الجانب الفني فيها محافظ رئيسي إن وجد، وإن لم يوجد فتسند تلك المهمة إلى المحافظ أو إلى ملحق بالمكتبات أو إلى أي شخص آخر في حالة عدم وجود العنصر المختص وهذا هو الساري عمليا في الميدان في نعظم الجامعات الجزائرية، وذلك بالرغم من أن القرار الوزاري المشترك المذكور أعلاه بحصر مهمة تسيير المكتبة الجامعية في المحافظ الرئيسي فقط. ومع ذلك فإن المكتبات الجامعية في الجزائر تتمتع بمورد بشري هام، وهو في حالة تطور وتحسن منذ عقد الثمانينات، لقد اكتسبت هذه المكتبات هذا المورد بفضل القوانين السابقة الإشارة إليها والتكوين المتخصص إلا أنها لاتزال تعاني في هذا الجانب من بعض الآثار السلبية الناتجة عن الوضعية السيئة السابقة، حيث لايزال من ضمن العاملين بها عمال ينتمون إلى إدارية أخرى يقترب عددهم نسبة 50% حسب دراسة سابقة. الباب الثاني آفاق الشبكة الوطنية للمكتبات الجامعية في الجزائر 2-1- التعاون بين المكتبات - مدخل 2-2- مفهوم التعاون بين المكتبات 2-3- أهمية التعاون بين المكتبات 2-4- أهداف التعاون بين المكتبات 2-1- التعاون بين المكتبات - مدخل إن التعاون سلوك قديم عرفه الإنسان في الحضارات القديمة أين كانت المكتبات المشهورة في هذه الحضارات مثل مكتبة الاسكندرية في مصر ومكتبة آشور بانيبال في العراق، ومكتبات اليونان تتبادل فيما بينها الوثائق المتوفرة لديها. أما في العصر الحديث فإن التعاون أصبح سمة من سمات هذا العصر ، وهو أسلوب تلجأ إليه جميع الدول والمؤسسات على مختلف أنواعها وأشكالها ومستياتها من أجل تدعيم خططها ومشروعاتها في جميع المجالات ولايقتصر التعاون على المجال المعرفي والمعلوماتي إلا أن التعاون في مجال المعلومات أصبح يحتل الصدارة من حيث الأهمية بالنظر إلى أن عالمنا المعاصر أصبح يعتمد على المعلومات بصفة كلية. مما يجعل المؤسسات المعلوماتية والمؤسسات التوثيقية بصفة عامة أكثر إلحاحاً وأكثر حاجة لمثل هذا التعاون، و من ثم فإن المكتبات بصفة عامة والمكتبات الجامعية على وجه الخصوص قد سعت منذ القديم من أجل إقامة تعاون متكامل فيما بينها، وذلك بداية من الحضارات القديمة - كما سبقت الإشارة. أما النظرة الحديثة للتعاون فتعود لبداية القرن العشرين وقد تطور مفهوم التعاون بين المكتبات نتيجة عوامل عديدة من أهمها التزايد الهائل في حجم المعلومات المنشورة على مستوى العالم يقابله الإمكانيات الاقتصادية المحدودة وتكرار الجهود والأعمال والإجراءات الإدارية والفنية مما أدى إلى عجز المكتبات عن تلبية احتياجات روادها المتنامية. ومن البديهيات هو عدم وجود مكتبة واحدة في العالم مهما توافر لديها من إمكانيات ووسائل قادرة لمفردها على التزود بكل ما ينشر في العالم من معلومات في مختلف الأشكال و الموضوعات واللغات و هي تتزايد بصورة سريعة. ومن ثم لابد لأية مؤسسة معلوماتية أن تلبي رغبات روادها بمفردها حتى ولو كانت مكتبة المتحف البريطاني كما يقولون في الماضي، أما الآن فيمكن أن نقول حتى ولو كانت شبكة الانترنت الخزان العالمي الضخم. 2-2- مفهوم التعاون : إن المعنى العام للتعاون هو العمل سويا من أجل الوصول إلى نهاية واحدة أو هدف معين. وهناك من يعرفه على أنه تمكين مجموعة من المؤسسات المعلوماتية من الإفادة سويا من المعطيات وما يتوفر لديها من مصادر وخدمات وإمكانيات مادية وبشرية وتكنولوجية وفقا لقواعد وأسس يتم الاتفاق عليها من قبل المؤسسات المتعاونة. وذهب آخر إلى أن التعاون يعني : الفائدة المتبادلة في الاشتراك في الموارد المكتبية بين طرفين وأكثر، وهناك من يرى بأن التعاون ارتباط بعمل أو نشاط بين فرقين أو أكثر من أجل منفعة متبادلة. يتضح من التعريف الأول أن هناك تطور ملموس لمفهوم التعاون من مجرد التعاون في مجال الإعارة المتبادلة أو في مجال التزويد والخدمات الفنية كالفهرسة التعاونية وغيرها إلى مفهوم أوسع وأشمل. وهو تقاسم الموارد (Resource Sharing) الذي يقصد به هنا أن تتفق المؤسسات المعلوماتية على أن تتشارك فيما بينها بجميع مصادر المعلومات والأنشطة والعمليات والخدمات والأجهزة أو التسهيلات الأخرى والإمكانيات المادية والبشرية المتوفرة لديها وفقا لأسس واضحة مكتوبة، وذلك خدمة للمستفيدين من هذه المؤسسات حيث الهدف النهائي من التعاون هو خدمة المستفيد، وهناك من يعتبر أن المكان والزمان يدخلان ضمن الموارد المكتبية. 2-3- أهمية التعاون بين المكتبات : إن أهمية التعاون بين المكتبات في المجتمع الحديث لم تعد في حاجة إلى برهان مما يجعل أهمية التعاون بين المكتبات تفرض نفسها هي الأخرى، لاتحتاج إلى دليل حيث اتفق جميع المهتمين بالموضوع على عدم قدرة أية مكتبة على تلبية احتياجات روادها بمفردها مما توفر لها من الإمكانيات والقدرات ومهما كان موقعها سواء كانت تقع في الدول المتقدمة أو في الدول النامية. ومما يزيد في أهمية التعاون بين المكتبات ويؤكده هو أن حجم المعلومات في مختلف المجالات قد وصل إلى درجة كبيرة من التضخم والتعقيد لم يسبق أن عرفتهما الحضارة الإنسانية من قبل مما جعل المهتمون بالموضوع يطلقون على عصرنا هذا : عصر انفجار المعلومات، حيث أن ضخامة ما يطبع وينشر كل عام قد جعلت أي عالم مختص يعجز عن الإطلاع على مافي مجال تخصصه الضيق ولو خصص وقته بالكامل لذلك ولنضرب على ذلك مثلا :فالطبيب المختص في السرطان وهو فرع ضيق من فروع الطب لكي يتسنى له الاطلاع على ما نشر في مجاله الضيق عليه أن بقرأ كل عام أكثر من 25 ألف بحث. ولم تتمثل مشكلة ضخامة المعلومات في عددها ما ينشر فقط، بل هناك مشكلات أخرى ترتبت عن هذا الانفجار المعلوماتي ومنها ما يتمثل في عدد اللغات التي تنشر بها المعلومات حيث وصلت أكثر من 30 لغة بعد أن كانت ثلاث لغات فقط وهي : الإنكليزية، الفرنسية، الألمانية، وتتمثل المشكلة كذلك في الأشكال المختلفة لمصادر المعلومات، حيث لم تعد قاصرة على الأوعية التقليدية مثل الكتب والدوريات بل هناك أشكال أخرى جديدة وعديدة. إن أهمية المعلومات للتنمية الاقتصادية والاجتماعية هي نفس الأهمية بالنسبة للتعاون بين المكتبات الذي يتيح ويسهل الحصول على المعلومات بشكل أفضل وبتكاليف أقل ويوسع الإفادة منها. إن الحديث عن انفجار المعلومات وعصر المعلومات وثورة المعلومات ومجتمع المعلومات.. الخ ما هي إشارة واضحة نحو تحول واضح وبارز في أهمية المعلومات ومن ثم أهمية التعاون للتحكم فيها حيث أنها أصبحت مصدر قوة لمن يحسن جمعها وتنظيمها واستخدامها. مما يجعلنا نؤكد بأن مسألة التعاون بين المكتبات الجامعية في الجزائر وفي البلاد العربية بصفة عامة مسألة جوهرية وهامة تؤهل للتعامل الراشد مع هذه الظاهرة الجديدة، حيث أن التعاون بين المكتبات يعد أسلوبا حديثا وخاصة إذا كان في شكل شبكة معلوماتية (التعاون المتطور) يمكن من التعامل مع المعلومات والسيطرة عليها في الوقت الذي أصبحت فيه الأساليب التقليدية لتجميع المعلومات وتنظيمها عاجزة عن تلبية احتياجات رواد المكتبات بكفاءة وفاعلية. إن ارتباط المعلومات والمكتبات بقضايا المجتمع المعاصر هو ارتباط شديد التعقيد، وذلك لأن المعلومات قد أصبحت إحدى المقومات الأساسية للمجتمع بل أصبح الاقتصاد الوطني مرتبطاً ارتباطا طرديا بكمية المعلومات الحديثة التي تستطيع الدولة أن تمتصها في جسمها، علما أن هذه المقدرة هي التي ستسد الفجوة بين الدول المتقدمة والدول النامية أو أن تزيدها اتساعا. |