العلاقةوالتأثير بين قيم الفرد والمنظمات في بناء أخلاقيات المهنة
من منظور الفكر المعاصر والإسلامي
من منظور الفكر المعاصر والإسلامي
مقدمة :
يقوم المنهج الإسلامي العظيم على تقويم السلوك البشري وتهذيبه وتوجيهه
بما يحقق المصلحة الفردية والجماعية وذلك لأن الإنسان بطبعه خلق ضعيفاً
هلوعاً ، وقد كان النبي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم أعظم الناس خلقاً
وأحسنهم سلوكاً ، وقد وصفه المولى عز وجل بقوله "وإنك لعلى خلق عظيم"(
.القلم : 4) .
والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم جعل من الأخلاق الفاضلة والقيم النبيلة
طريقاً فسيحاً لدعوته ، فقال "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"،كما أن الله جل وعلا
جعل تغيير أحـــوال الأمم رهيناً بتغيير أخلاقها وسـلوكها كما في قوله
تعالى(إن الله لا يغير ما بقوم
حتى يغيروا ما بأنفسهم) (الرعد: 11) .
وإذا كان هناك عدد من الصفات الأخلاقية التي ينبغي على الفرد المسلم
التحلي بها في التعامل مع الآخرين فإن الالتزام بهذه الصفات في مجال العمل
يكون أوجب وأهم ، ذلك لأن المهنة هي محـور علاقة مباشرة بين الفـرد ومن
حوله ممن يتعاملـون معه من الزملاء و الرؤســـاء والمرءوسين والمستفيدين
من عمله من محتاجين وعملاء .
وتؤدي القيم الفاضلة التي يعتنقها الفرد المسلم المستمدة من عقيدة التوحيد
ومبادئ الشريعة دوراً أساسياً في التأثير على سلوكه ونشاطاته بل
وممارساته اليومية ، ومن هذا المنطلق فإن قيمنا هي أهم ما يميز شخصياتنا
، فهي تؤثر على سلوكنا والأشخاص الذين نثق بهم والرغبات التي نلبيها ،
وكذلك الطريقة التي نستثمر بها أوقاتنا وجهودنا ، وعلى جميع مظاهر
حياتنا ، بل إن قيمنا هي التي توجهنا للطريق القويم في الأوقات الحرجة حين
تتفرق بنا السبل وتتقاذفنا الضغوط وأمواج الحياة .
والقيم تعبر عن المعتقدات الأساسية للفرد ، وهي التي تحدد له ما يجب أن
يفعله أولا يفعله ، وما هو صحيح أو خطأ أو حق و باطل أو اختصاراً هي التي
توجه أخلاقنا وسلوكنا في التعامل مع الأشياء أو مع الآخرين من حولنا .
وإن لمظاهر السلوك الإنساني الذي يسلكه الفرد وهو يؤدي مهنته التي
يزاولها علاقة وطيدة بين قيمه التي يعتنقها من جهة وبين قيم المنظمة التي
يعمل فيها ويطبق فلسفتها من جهة أخرى ، وبين قيم المجتمع الذي يعيش فيه
كل من الفرد والمنظمة من جهة ثالثة .
وقد تصدى مجموعة من العلماء والباحثين في شتى الحقول العلمية والمعرفية
في علم النفس والاجتماع وعلم الأجناس البشرية والإدارة إلى قضية القيم
ومحاولة فهمها لتفسير السلوك الإنساني وما يصدر عنه من ممارسات صحيحة
أو خاطئة نتيجة للقيم أو الموروثات التي يحملها الفرد ويؤمن بها.
وفي هذه الدراسة سنتعرض بإيجاز للعلاقة بين قيم الفرد والمنظمات وتأثيرها
في بناء أخلاقيات المهنة من منظور الفكر المعاصر والإسلامي ، وتنقسم هذه
الدراسة إلى محورين رئيسين نجملهما فيما يلي :
أولاً : العلاقة بين قيم الفرد والمنظمة وتأثيرها على الأداء من منظور الفكر المعاصر
ثانياً : القيم الأخلاقية للفرد والمنظمة من منظور الفكر الإسلامي .
ثالثاً : أخلاقيات المهنة من منظور الفكر الإسلامي
حمل الدراسة كاملة من هنا