المقدمة :
على إثر التوجه الليبرالي للاقتصاد الوطنـي، صدرت عدة نصـوص تشريعيـة و تنظيمة تحكم علاقة العمل تماشيا و التوجه الجديد، و من خلالها تم خلق توازنات جديدة في علاقة العمل، بعدما كانت النصوص القانونية و التنظيمية الصادرة في ظل نظام الإقتصاد الموجه، لا تعطي للمستخدمين مجالاً معتبرا لإمكانية تنظيم نشاطهم بأكثر مرونة، و خاصة في مجال التعاقد، و تجلى ذ لك من خلال القانون الأساسي العام للعامل المؤرخ في 5 أوت 1978 و القانون 82-06 المؤرخ في27-02-1982, حيث تم تكريس مبدأ ديمومة علاقة العمل مع إمكانية اللجـوء إلى أسلوب التعاقـد لمدة محدودة على سبيـل الإستثنـاء .
إلا أنـه و بصدور القانون 90-11 بتاريخ 2 1 - 04-1990 المتعلق بعلاقات العمل الفردية ظهرت آثار التفتح الإقتصادي على تنظيم علاقة العمل بصفة عامة، و على مدتها بصفة خاصـة و هدا ما أدى بالبعض إلى القول أن الأمر يتعلق بمحاولة إضفاء الطابع التعاقدي على علاقة العمل في القانون الجزائري مستدليـن على ذ لك بما جاءت به المادة 12 من القانـون 90-11 و التعديل ال ذ ي لحقـه بموجب الأمر 96-21 . و من ه ذ ا المنطلق أصبح اللجوء إلى عقود العمل محدود المدة، أكثر شيوعا و انتشارا و ذ لك من خلال تفضيل المستخدمين لهذا النوع من العقو د، بإعتباره يخدم مصالحهم الإقتص ادية و هدا كله تحت مظلة تفشي البطالة و إزدياد الطلب على العمل.
لذلك ظهرت لنا فكـرة إختيار ه ذ ا العنوان ليكون موضوعا لمذكرتنـا، خاصة أن المشـرع لم يخصص نصوصا قانونيـة و تنظيميـة تحيـط بشكل واف بالجوانب المتعلقة بعقود العمل المحددة المـدة، إذ أنه إ كتفى في القانون
90-11 بمواد قانونية تعد على رؤوس الأصابع، بالرغم بأن نظام التعاقد محدد المدة نظام قانوني متميز، كونه يعتبر خروجا عن الأصل المتمثل في ديمومة علاقـة العمل، ناهيك على ذ لك فإن الدراسـات و البحوث التي تتناول هذ ا الموضوع قليلة و نادرة ج ـ دا، سواء على المستوى الأكاديمي أو التطبيقي، و أنها حتى و إن وجدت فإنها تتناول أسلوب التعاقد محدد المدة في معرض حديثها عن علاقة العمل بصفة عامة.
وعليه سنتناول الموضوع من خلال تحليلنا للإشكال التالي:
كيف نظم المشرع الجزائري عقد العمل محدد المدة ؟ و كيف تجسد ذ لك في التطبيق القضائي ؟ إظافة إلى إشكالات فرعية أخرى نتعرض لها في حينها .
وأن تبرير طرح ه ذ ا الإشكال ينبع أساسا من كون القانون 90-11، الذي يعتبر الإطار القانوني العام المنظم لعلاقة العمل الفردية، أورد أحكاماً عامة تتعلق بعقد العمل سواء كان محدد المدة أو غير محدد المدة , ماعدا ما جاء به من حصر للحالات التي يجوز فيها إبرام عقد العمل محدد المدة و ذ لك بموجب المادة 12، أو ما جاءت به المادة 14 و المتعلقة بإبرام عقد عمل محدد المدة خلافا لأحكام قانون 90-11 و الأحكام الأخرى الواردة في القانون، إضافة إلى بعض النصوص الأخرى القليلة، و أنه لدراسة ذ لك يتحتم علينا الأمرالإهتداء بالاجتهاد القضائي و خاصة في تطبيقه لقواعد عقد العمل محدد المدة.
وللإجابة على الإشكال المطروح ن تبع الخطة التالية :
المبحث الأول : القواعد العامة في عقد العمل محدد المدة
المطلب الأول : نشأة عقد العمل محدد المدة
المطلب الثاني : سريان عقد العمل محدد المدة و انتهاؤه
المطلب الثالث . أثار عقد العمل محدد المدة
المبحث الثاني : تدخل المشرع في عقد العمل محدد المدة
المطلب الأول : فيما يخص شروط العقد
المطلب الثاني : الحالات القانونية لإبرام عقد العمل محدد المدة
المطلب الثالث : الحالات غير القانونية لإبرام عقد العمل محدد المدة
عقد العمل المحدد المدة دراسة نظرية وتطبيقية.pdf (300.58 KB)