سلامي إليك اخي زوقنان ....
ليس هناك من دعوة إلى التوقف عن طرح الأسئلة ... و لكننا نحاول إستنهاض الهمم لإثراء المنتدى و نحن نرى في هذا المنتدى كفاءات متميزة و لكن عطاءهم أقل مما نأمل منهم و نرجوه .... صحيح أن من بيننا زملاء لا ننتظر منهم أكثر من الأسئلة و الأجوبة لأنهم أصلا بعيدون بعض الشيء عن المناصب التي تجعلهم يحصلون على المعلومة و الوثائق فكيف يمكنهم أن يعطوننا ما لم يحصلوا عليه .... و نحن موجودون أصلا لمساعدة هذه الفئة على تخطي بعض العقبات التي تعترضهم في بعض الإدارات المغلقة المتحجرة.
أما الفئة الثانية من الزملاء فهم يملكون المعلومة و الوثيقة و القدرة على التحليل أحسن مما نفعل نحن .. و من حقنا عليهم مساعدتنا و تمكيننا مما مكنهم الله منه... فإن فعلوا كنا شاكرين لفضلهم و إن إمتنعوا لا نفقد الأمل في قدرتنا على تغيير موقفهم لأننا نثق في طيبة قلوبهم و صفاء أنفسهم و سمو أخلاقهم .. و إن فشلت كل محاولاتنا في هذا الإتجاه فلا يضر الأمل في أخيك بقدر ما يضرك اليأس منه.
هذا بالنسبة للشق الأول من ملاحظاتك...
أما بالنسبة للشق الثاني و المتعلق بالتناقض ما بين ما قلته هنا و بين ما سبق لي قوله في موضوع آخر .. فقد يكون الأمر حقيقيا في المبنى و غير حقيقي في المعنى .. و الفرق ما بين مبنى الكلام و معناه لا يدل على التناقض في جوهر الكلام بقدر ما يدل على التناقض في قراءاته.
لقد قلت أن العطاء إما أن يكون من باب الواجب .. و لا فضل في آداء الواجب .. و إما أن يكون من باب المبادرة فيكون فضلا كله ... و أضرب مثلا و لله المثل الأعلى ... والد كريم ينفق على اولاده القصر و يشقى في تنشئتهم و تربيتهم و إعالتهم ... فلا فضل له في ذلك لأنه يقوم بواجب يقع على عاتقه شرعا و قانونا .. و لكن لننظر إلى حال هذا الوالد نفسه و هو يغدق بالعطاء على أبنائه البالغين الكبار و أنظر كيف نصفه بأنبل الأوصاف لكونه يتفضل عليهم بالعطاء فيما لا يوجبه عليه لا الشرع و لا القانون ... نفس الوالد .. نفس الأبناء ... نفس السلوك ... و لكن لكل عطاء منهما قيمة و الثاني أشد وقعا في النفس و أثقل وزنا... فإن إمتنع عن العطاء في الحالة الأولى يذم و يعاقب و إن توقف عن العطاء في الحالة الثانية لا يذم و لا يلام و لا يعاقب.
هذا عن الفضل في العطاء ... و قد إتضح ....
أما الأخذ و العطاء في غير ما يوجبه الواجب فهو مسألة قناعة شخصية ... تجد منا من يقابل المعروف بالمعروف و يزيد ... و هناك من يقابل المعروف بالجحود مع الأذى .. و هناك من يقابل العطاء بالجحود دون الأذى .. فالناس معادن .. و لا يمكن أن تقنع أحدا بأن الحياة أخذ و عطاء إلا إذا كانت هذه القناعة متأصلة فيه ...
فالأخذ و العطاء معادلة ...غير انه لا يمكن حلها و أحد أطرافها قيمة مجهولة ...
هذا ما قلته و ما قصدته ...
فإن أصبت فبتوفيق من الله و إن أخطأت فمن نفسي الأمارة بالسوء