هناك إتجاهان في التفكير ... الإتجاه الأول يبحث في كيفية توفير أقصى شروط إثمار المنافسة و عدم التضييق منها لأسباب شكلية يمكن النص على كيفيات معالجتها .
و هناك إتجاه ثان ينطلق في تفكيره من البحث عن أقصى شروط الإقصاء و الإستبعاد و الإحتكام إلى معايير و ضوابط شكلية على حساب مضمون المنافسة.
و منه يمكننا إقصاء العرض الأحسن و الذي يحقق منفعة للمصلحة المتعاقدة فقط لكونه يتضمن بعض الأخطاء التي يمكن التنبؤ بها و بالتالي وضع إطار لمعالجتها طالما أن القانون لا ينص صراحة على الإقصاء التلقائي.
و بالتالي، يمكن لكل واحد منا أن يطرح على نفسه السؤال التالي :
- هل يوجد في قانون الصفقات ما يمنع تصحيح الأخطاء ؟
- هل مجرد الخطأ الحسابي أو الخطأ في نقل المعلومات و المعطيات يعتبر سببا كافيا للإقصاء ؟
- هل يؤدي تصحيح خطا من هذا النوع إلى التأثير سلبا على مبدأ المنافسة ؟
- ماذا لو كان العرض الذي يتضمن هذا الخطأ هو العرض المقبول تقنيا و ماليا، ألا يؤدي إقصاؤه إلى حرمان المصلحة المتعاقدة من أمر كانت تبحث عنه منذ دعوتها للمنافسة؟
- و لنفترض اننا أمام حالة صار قابلا للتقييم ثم إكتشفنا عند تقييمه وجود مثل هذا الخطأ و طبقنا قاعدة الإقصاء، ألن نخسر كثيرا من الوقت في إعادة الإجراء مرة أخرى ؟
- و ختاما ماذا لو أضفنا إلى دفتر الشروط مادة من حوالي 10 أسطر فقط تبين كيفيات التعامل مع الأخطاء المحتملة، مما يجعل عملنا قانونيا و محققا لأهداف و روحية قانون الصفقات ؟
نعم نستطيع إقصاء العروض لمثل هذه الأسباب ... لا استطيع أن أقول من يقصيها أنه مخطيء ... و لكنني لا أستطيع أيضا أن أقول له أنه مصيب ... و هناك فرق كبير بين أن تكون مصيبا و بين أن لا تكون على خطأ ...
قد لا تكون على خطأ و لكنك لا تتصرف بالضرورة تصرفا صائبا ... أن لا تكون على خطأ يعني أنك لم تخالف قاعدة و لا نصا ... و لكن لكي تكون على صواب يتطلب منك الأمر أن تحقق ما هو أكثر من إحترام القانون .. أي تحقيق مقاصد القانون و روحيته و أهدافه.
لا ادري إن كنت قد أفلحت في إيصال فكرتي ... المهم لقد حاولت.