ان فن الادارة يختلف تماما" عن علم الادارة ؛ فاذا كان العلم يخضع للمعايير الاكاديميّه المكتوبه فنجد ان فن الاداره يخضع للمعايير النفسيّة الحاكمة للعلاقة التي تربط المدير بموظفيه أي بمعنى قانوني علاقة الرئيس الاداري بمرؤوسيه . أن البشر لايشبه الآلات في شيء فلانعمل بتوجيه إلكتروني بل بمجموعة من الأحاسيس والمشاعر ،والعمل لاشك مرتبط بتلك المشاعر. ولذا فحسن أداء العمل أو سوءه يرتبط بمشاعرالعاملين نحوه و صلتهم بمديرهم الاعلى وظيفيّا" و نفسيّا" ، لذا فمن الاهميّة بمكان أن يدرك الرئيس الاداري الناجح كيفية التعامل مع المرؤوسين لإخراجأفضل ما لديهم نحو العمل المنوط بهم عن طريق تحفيزهم بمجموعة الدوافع التي تربطهم بحب العمل ، و هنا فإن الرئيس الاداري لا يستطيع أن يحفز مرؤوسيه فحسب بل تستطيع أن يوجد لهم أو يذكرهم بمايجب عليهم فعله لإتقان العمل و سرعة انجازه بكفاءه . و لعلّ من أهم هذه الدوافع ما يلي:_
أولاً: إشعار الموظف بأنه جزء لا يتجزأ من المؤسسه الاداريّة التي ينتمي اليها بحيث يدرك أن نجاحها نجاح لهوفشلها فشل عليه و ان المؤسسة التي يعمل فيها ما هي الا جزء من وجوده كيانه . فإذا استطاعالمدير أن يوصل تلك المفاهيم إلى العاملين معه فسيكون قد وضع يده على أكبر حافزلهم ، فهم لا يعملون لصالح المدير بل هم يعملون لصالح المؤسسة ككل وما المدير إلا فرد فيها .
ثانيا": اقناع الموظف بأنه عضو مهم في هرم الاداره و مهما كان عملهصغيرًا فلا يوجد أبدًا عمل تافه ، بل يوجد إنسان تافه يأبى أن يكون إنسانًا ذا قيمة ،فإذا شعر الموظف بأهميته بالنسبة للمؤسسة التي يعمل فيها فان ذلك سيمثل دافعًا كبيرًالتحسين أدائه في عمله بل سيزيده إصرارًا على الابتكار في كيفية أدائه لذلك العمل ،لذا فالمدير الناجح هو الذي يشعر كل موظفيه مهما كان دورهم بأنهم أعضاء مهمّون فيالمؤسسة وأن عملهم هو عمل مهم ، فإذا تمكن هذا الشعور من العاملين ككل في المؤسسةفلن يعرف الرئيس من المرؤوس في العمل فتراهم كلهم متساوين في الغيرة و الحرص على أداء العمل .
ثالثا: وجود مساحةللاختيار. لابد للمدير الناجح أن يترك مساحة للاختيار للعاملين معه ، فيطرح عليهمالمشكلة ، ويطرح ـ مثلاً ـ بدائل لحلها ، ويستشير العاملين معه ؛ حتى إذا وقع اختيارهمعلى بديل من البدائل المطروحة عليهم تحملوا مسئوليتها مع المدير ، وأصبح لدى كل واحدمنهم الحافز القوي على إتمام نجاح ذلك العمل .
فإذا بذل المدير جهده ـ أو اعتقد ذلك ـ ولم يجدنتيجة مباشرة ولم يجد هناك تغيير وان شعور الموظفين لازال كما هو فلابد أن هناكمعوقًا من معوقات التحفيز موجودًا ، وينبغي البحث عنه وإزالته لعل معوقات التحفيز يمكن تلخيصها بما يلي :_
· الخوف أو الرهبة لدى الموظف من المؤسسة ؛ بسبب عدم ادراكه الحقوق و الواجبات الوظيفية .
· عدم وضوح الأهداف لدى إدارة المؤسسة.
· عدمالمتابعة للعاملين فلا يعرف المحسن من المسيء.
· قلة التدريب على العمل وقلةالتوجيه لتصحيح الأخطاء.
· عدم وجود قنوات اتصال بين المديرين والعاملين فيكون كل منهم في وادي و تصبح الهوّة واسعة" بين الموظفين و مدرائهم .
· الأخطاء الإدارية , مثل تعدد القرارات وتضاربها.
· تعدد القيادات وتضاربأوامرها فلا يعلم المرؤوس من أين يستلم القرار و التوجيه الصحيح .
· كثرة التغيير في القيادات وخاصة إذا كان لكل منهم أسلوب في العمل يختلفعن سابقه.
إذا" ما العوامل التي تساعد على تحفيز الموظفين داخل المؤسسة الحكوميّه:_
· ان يحاول الرئيس الاداري أن يتحلىبالصبر، وان يشعر العاملين أنه مهتم بهم.
· أن يفسح المجال للعاملين بأن يشاركوا في تحملالمسؤولية لتحسين العمل ، وان يعمل على تدريبهم من اجل ذلك .
· ان يحاول الرئيس الاداري بأن يشعر العاملينالهادئين و الصاخبين ، أو المنبسطين بأنه يعرفهم على حد سواء .
· أشراك المرؤوسين مع الرئيس الاداري في التصورات الاداريّه ، ولا ضير في الطلب اليهم بعرض المزيد من أفكارهم و تصوراتهم .
· العمل على تعليم الآخرين كيف ينجزواالأشياء بأنفسهم ، وتشجيعهم على ذلك.
· ربط العلاوات و المكافآت التشجيعية بالإنجاز الجيد للعمل ، وليسبالمعايير الوظيفية والأقدمية في العمل.
· السماح و تشجيع المبادرات الجانبية للموظفين .
· تشجيعالعاملين على حل مشاكلهم بأنفسهم.
· تقيِّيم إنجازات العاملين ، وتبيان القِيَمة التيأضافتها تلك الإنجازات للمؤسسة و السعي الى تطويرها .
· التذكير بفضل العمل الذي يؤديه الموظف.
· التذكيربالتضحيات التي قام بها الآخرون من الموظفين الانقياء في سبيل العمل مع إحياء شعور مؤداه أن الجميع في مركب واحد .
· العمل على ازالة الخوف من قلوب الموظفين و معرفة الجانب النفسي الذي يحتاجه الموظف في لحظات ضغط العمل النفسيّة و ان يكون قريبا" اليهم في اللحظات الحقيقيّة التي يكون فيها المرؤس بحاجة الى الرئيس .
· أهميّة ان يوفّر الرئيس للمرؤوس حصانة" منالإشاعات والافتراءات ولو بالحدود الممكنه .
· ان يتم تكرار مبدأ وجوبي قوامه إقتران الاخلاص بالعمل و العكس بالعكس .
· ان يحاول الرئيس الاداري جعل مجموعات العمل متناسبة من خلال توزيع المهام مع محاولة ضمان التفاعلو التواصل فيما بينهم .
ان السؤال الذي قد يثار هو : ما الطرق التي تمكّن الرئيس الاداري من ان ينقل الحافز إلى العاملين
أولا":_التحفيز عن طريق الخوف على وجود المؤسسه:_ بأن يجري تذكير الموظف بالأخطار التي تحيط بالمؤسسةوأن الوقت يداهمنا ، ويجب المحافظة على وجوديّة المؤسسة كجزء من هيبة الدولة . وهذه طريقة تجدي في أول الأمر ثم لا تجد لها بريقًا بعد ذلك ولن تجديولن يكون من ورائها أي مردود إيجابي.
ثانيّا":_التحفيز عن طريق المكافآتوالحوافز المادية: وهذه الطريقة أيضًا تجدي في أول الأمر ولكنها لا تلبث إلا أن تخفحدتها ولا تجدي على المدى البعيد ؛ لأن الموظف إذا اعتاد على ذلك فلن يتحرك إلاإذا كان هناك حافز مادي ومن الممكن أن يعطي العمل على قدر ذلك الحافز المادي فقط .
ثالثا":_ مخاطبة العقل بالإقناع: بإقناع الموظف أن تطور المؤسسة يعود عليهو على الجميعً بالنفع ويساهم في بناء مستقبل أفضل .
وهنا كيف نتعامل مع الطبيعة الإنسانية للموظف ؟ فقد نفعل الكثير من أجلرفع المعنويات والتحفيز لكن لا نجد استجابة !! لذا فمن المفيد أن نتعرفعلى الطبيعة الإنسانية للموظف لكي نستطيع ان نفهم نفسياتهم ، ومن ثم الوصول إلى الهدفالذي ينشده المدير بقصد رفع وتنمية مهارات الموظفين في أداء الأعمال الموكلة إليهم ، و هناك نظريتان أساسيتانفي التعامل مع المرؤسين وخاصة لأول مرة:
الأولى :_ نظرية متشائمة جدًا تفترض الخطأ في كل المحيطين إلى أن يثبت العكس، كمنيقول الإنسان متهم حتى تثبت براءته . وتقومفروض النظريّه الاولى على المبادئ التاليه (( الوظيفة عمل شاق .. الموظف كسول .. الموظف لا يحب العمل .. الموظف غيرطموح .. الموظف يتملص من المسئولية .. الموظف يحب الإشراف المباشر الذي يعفيه منالمساءلة .. الموظف لا يتحرك إلا بالمال .. الموظف مستعد لتقبل الرشوة بالمال حتى لوكان ضد المصلحة العامّه .. )) وتبعا" لذلك يكون المدير وفقًا لهذه النظرية "" || منفردا" بالقراراتدون الرجوع إلى أحد .. يهيمن على سير العمل .. كل خطوة تتم في العمل تحت إشرافه .. لايثق إلا بنفسه .. يسعى لتحقيق أهدافه بكل الوسائل .. لا يقبل كلمة نقد توجه إليه || ""
الثانية :_ تفترض التفاؤل الكبير وتفترض الصوابفي كل المحيطين إلى أن يثبت العكس ، كمن يقول المتهم بريء إلى أن تثبت إدانته. وتقوم فروض هذه النظرية على المبادئ التاليّه : (( الموظفون دائمًا يستمتعون بالعمل .. العمل المحبب لا إرهاق فيه ولا ملل.. تحقيق الإنجاز عامل مهم تمامًا للموظف .. الموظفون ملتزمون بطبيعتهم .. الموظفون مبدعون إذا وجدوا الفرصة المناسبة )) وعليه فإنالإدارة تكون كالآتي "" || القرارات بالتشاور .. يُشعر الموظفون بالانتماء للعمل .. يساعدالموظفين على التطور .. يشجع العمل الجماعي || "". ومن الواضح أن الطريقة الثانيةهي أفضل للعمل ولكن لها محاذير تتمثل بان المرؤس قد يسيء استخدام السلطةالممنوحة لهم وأيضا" عدم وجود سياسات صارمة تجاه العمال و أحيانًا لا يهتم الموظفون بسياسةالمؤسسة ويسير كل واحد منهم بمفرده فتصبح الامور فوضى لا ضابط لها .
خلاصة القول انه لكي تنجح عوامل التحفيز التي يتخذها المدير الناجح فمنالضروري أن يتعرف على الاحتياجات التي يحتاجها الموظفون و ينبغي مراعاة ما يلي:_
· العمل على توفير أجواء مكانيّةمريحة للعمل .
· محاولة جعل سلامة الموظف من أولويات المدير و أن يتم أشعارهم بذلك .
· تحري إقامة العدلبين الموظفين .
· محاولة منح أعمالا" إضافية لتحسين رواتب الموظف الذي يحتاج لذلك .
· محاولة الاجتماع بالمرؤوسين على فترات لكي يستمع الرئيس إليهم ويستمعوا إليه بعيدًا عن توترات العمل .
· محاولة أشرك الموظفين في التشخيص واطلب اليهم دائمًا بتقديم الأفكار الجديدة.
· استعمال المدير دائما لعباراتالشكر عند تحقيق الإنجاز و ان لا يوجه اللوم الى الموظف الا عند تحقق موجبات ذلك .
· استعمال أسلوب الجهر بالمدح والإسرار بالذم.
· ان يعطي المدير الناجحدائمًا المثل والقدوة للموظفين بسماحه لهم بانتقاد سياسته في الاداره من أجل الوصول للأفضل .
· ان يضع المدير نصبعينيه دائما إيجاد بديل له أو نائب ينوب عنه عن طريق إفساح المجال للجميع لاكتسابالخبرات و معرفة ما هو كائن داخل الوحدة الاداريّه .
مع التقدي
مـــــروان إبراهيم نعمــــــه
ماجستير في القانون العام