ها هو موسم المدارس قد بدأ مرة أخرى ومع بدايته، "عادت الدوامة"، كما يطلق عليه بعض الآباء والأمهات، فقد عادت الحوارات المليئة بالجدال بين الابن ووالديه، وعادت أيضًا الواجبات المدرسية والتي تتراكم على الطفل فتضطر الأم أن تتدخل كي تساعد ابنها، وعادت المذاكرة والتي يمل منها الطفل، فهو يريد أن يقضي وقته في اللعب.وما من شك أن كل عائق وله حل، وكل دوامة ولها ما يجعلها موجة هادئة جميلة، فبقليل من الاستعداد من قِبل الوالدين لهذا الموسم الدراسي، يمكن أن يمر على أفضل ما يكون.وهذه بعض النصائح لكم أيها المربون لمساعدة أطفالكم ليكون هذا أفضل موسم دراسي مروا به
علِّم طفلك تحمل المسئولية:

فتحمل المسئولية يساعد طفلك كثيرًا على أن يعتمد على نفسه في الذهاب إلى المدرسة وعمل الواجبات المدرسية، (فإن تحمل المسئولية يتطلب وقتًا طويلًا، وتحقيقه لا يتأتى دفعة واحدة، ولكن من الخطأ أن نرجئ البدء فيه، وعندما يبدي الطفل رغبة واستعدادًا لأن يقوم بنفسه بعمل من الأعمال، مهما كانت سِنه، فإن هذا يكون هو الوقت المناسب لتعلم تحمل المسئولية.وسواء أكان الصغير في سنته الأولى أم الثانية أم الثالثة، فمن الواجب أن يعطى قدرًا من المسئولية عندما يكون مستعدًّا لذلك كارتداء الملابس وعنايته بشئون نفسه، وبالأشياء التي يملكها والقيام ببعض الأعمال الصغيرة حول المنزل، فهذه هي الطريقة التي يتعلم بها الاتجاه السليم نحو القيام بنصيبه من العمل) [تربية الشعور بالمسئولية عند الأطفال، كونستانيس فوستر].ولتعلم أيها الوالد، أن التدليل الزائد والحماية المتاجوزة للحد، تضر طفلك أكثر من أن تنفعه، فمن آثاره السلبية (ينمو الطفل بشخصية ضعيفة غير مستقلة، أيضًا يعتمد على الغير في أداء واجباته الشخصية وعدم القدرة على تحمل المسئولية ورفضها، ويعاني انخفاض مستوى الثقة بالنفس وتقبل الإحباط، ونجد هذا النوع من الأطفال الذي تربى على هذا الأسلوب لايثق في قراراته التي يصدرها ويثق في قرارات الآخرين ويعتمد عليهم في كل شيء، ويكون نسبة حساسيته للنقد مرتفعة، وسنجد هذا الطفل عندما يكبر يطالب بأن تذهب معه أمه للمدرسة حتى مرحلة متقدمة من العمر يفترض أن يعتمد فيها الشخص على نفسه، وتحصل له مشاكل في عدم التكيف مستقبلًا بسبب أن هذا الفرد حُرم من إشباع حاجته للاستقلال في طفولته، ولذلك يظل معتمدًا على الآخرين دائمًا) [تربية الطفل في الإسلام تأليف سيما راتب عدنان، بتصرف يسير].ومن أهم الأشياء التي تساعد على تحمل المسئولية: الواجبات والمنزلية:فالواجبات المنزلية هي إحدى الطرق التي تعوِّد الطفل في المدرسة عادات صالحة على أداء الأعمال كما تعلمه الشعور بالمسئولية، (فالطفل يُعطى عملًا ليؤديه بنفسه خارج المدرسة وعليه أن ينجزه، وأن يصل في تنفيذه إلى مستوى معين من الإتقان.ونظرًا لأن الواجبات المنزلية تعلم الشعور بالمسئولية فعلًا، فإن من المهم أن يفهم الآباء ذلك كي يعاونوا على إعطائها الأهمية المناسبة لها، فالتذمر من أن هذا المدرس "يعطيكم واجبات منزلية كثيرة"، أو من أنه يستنفد كثيرًا من وقت الطفل بحيث يصعب عليه إتمام واجباته، كل هذا من شأنه أن يربك الطفل لدرجة خطيرة تزعزع إدراكه لماهية مسئولياته وتؤخر نموه ليصبح شخصًا مسئولًا) [تربية الشعور بالمسئولية عند الأطفال، كونستانيس فوستر، ص(92)].كيف تتغلب على مشلكة الواجب المنزلي:((عليك أن تعلم أولًا أنك أنت المسئول عن مساعدة أبنائك في حل واجباتهم وليس الأخ الأكبر، أو عمه أو خاله.2.القاعدة الأساسية في مساعدة الأبناء في حل الواجبات هي: "لا يجب أن يحل أحد محل الطفل في أداء الواجب".3.ضع لابنك جدولًا لحل الواجبات المدرسية واجعله يساعدك في وضعه بأن يختار هو موعد أداء الواجبات المناسب له مع التوجيه منك طبعًا.4.يحتاج معظم الأطفال لبعض الوقت للترفيه بعد اليوم الدراسي وقبل أداء واجباتهم المدرسية، ولكن لا يجب الانتظار حتى وقت متأخر حين يصبح الأطفال متعبين.5.يجد الأطفال صعوبة في التركيز وهم جائعون، ولو أن الواجب يجب أن ينتهي قبل وجبة العشاء فقدم لطفلك وجبة خفيفة صحية، ولكن لا تقدم لطفلك وجبات من الحلوى أو المشروبات التي تحتوي على الكافيين.6. من الصعب كثيرًا على الأطفال الصغار أن يجلسوا بلا حراك لفترات طويلة لأداء الواجب مقارنة بالأطفال الأكبر سنًا، ولحسن الحظ غالبًا ما تؤدي جلسات الاستذكار القصيرة إلى مستوى تعلم أعلى من جلسات الاستذكار الطويلة فلو كان الواجب يأخذ ساعة في حلِّه، فقسمه إلى أربع جلسات كل جلسة ربع ساعة بدلًا من جلستين كل جلسة نصف ساعة) [كيف تساعد طفلك في واجباته المنزلية، د.مارجريت سي رادنسيش ود.جان شي شوم، ص(12-14)، بتصرف].درِّب طفلك على النشاط:إن من المشكلات التي تواجه بعض الآباء مع آبانئهم، مشكلة الكسل التي تكون عند الأبناء، ويظهر ذلك جليًا في الاستيقاظ من النوم متأخرًا مما يؤدي إلى التأخر عن المدرسة، أيضًا في عدم الرغبة في الاستذكار وإيثار النوم، ولعل سبب ذلك يكون في سوء القدوة من قبل بعض الآباء، فكما يقول الشاعر:مشى الطاووس يوما باختيال فقلد شكل مشيته بنوهفقال علام تختالون قالوا سبقت به ونحن مقلدوهفخالف مشيك المعوج واعدل فإنا إن عدلت معدلوهأما تدري ابانا كل فرع يجاري بالخطى من أدبوهوينشأ ناشيء الفتيان فينا على ما كان عوده أبوه(فيتعلم الأطفال عن طريق التقليد، فقدرتهم على الملاحظة والتقليد من الصفات قدرة رائعة في هذه المرحلة، والعلماء يشيرون إلى ذلك بأنها عملية تشكيل وفقًا لنموذج يحتذي به الطفل، والأطفال يتعلمون الكلام عن طريق التقليد والاستماع والملاحظة، ويكتسبون ميولهم أيضًا في الحياة ويتعلمون القيم وحق الاختيار، وكذلك عاداتهم عن طريق المحاكاة) [كيف تكون قدوة حسنة لأبنائك، د.سال سيفير].

الطفل والحاجات النفسية:
قد يظهر على الطفل بعض الكره للمدرسة، أو مادة من المواد التي يدرسها، أو المعلم، ويكون نتيجة ذلك عدم رغبة الطفل في الذهاب للمدرسة، ويرجع ذلك لعدة أسباب إما لسوء معاملة المعلم لطلابه واستخدام أسلوب التهديد دائمًا والاستبداد، فيكثر من شتم الطلاب ويضرب البعض، فيكون في موضع الكره بالنسبة للطلاب.وقد تكون المناهج صعبة الميراث للطلاب، فيغيب عنها عنصر الإثارة والتشويق، (إن هناك حقيقة لابد أن ندركها جيدًا ونحن نتعامل مع الأطفال، وهي أن لهم حاجات نفسية كثيرة لا يستطيعون العيش من غير تلبيتها، كالحاجة للحب والحاجة للتقدير والحاجة أيضًا للتعلم، فالطفل بفطرته يحب التعلم، ولا أدل على ذلك مما نراه منه في بدايات ذهابه إلى المدرسة من تلهف وطلب لكل علم جديد بالنسبة له، ولكن المشكلة أننا لا نحسن أن نستغل هذه الحاجة فنوفر لها الجو المناسب لتلبيتها؛ ذلك لأننا ربما نسعى لتلبيتها من جانب واحد، ولكننا من زاوية أخرى نخل بتلبية حاجاتهم النفسية الأخرى.إن عدم إشباع معظم الحاجات العضوية يؤدي إلى الموت، ولكن الحاجات النفسية ليست كالحاجات العضوية، فعدم إشباع الحاجات النفسية لا يؤدي إلى الموت، ولكنه يترك أثرًا خطيرًا على الشخصية، ويبدو هذا الأثر في سلوك الفرد ومقدار سعادته كما يبدو أثناء تعامله مع غيره) [التربية بالحب، د.ميسرة طاهر].
ثقِّف نفسك:
هل تعلم أن حالتك العلمية والثقافية تؤثر على تفوق طفلك، فهذا ما أثبتته الدراسات، وإذا كنا نتحدث عن البيئة المنزلية باعتبارها مجالًا مؤثرًا في التحصيل المدرسي للطفل فإن ذلك يتضمن في الواقع عوامل متعددة، ذكرنا منها بالفعل المستوى التعليمي للوالدين، والمستوى الاقتصادي الاجتماعي لهما، وهناك إلى جانب ذلك نوع الشخصية التي يتميز بها الوالدين.(فإن رب الأسرة الذي يواظب على القراءة سوف تستفيد أسرته من ثقافته، وسوف يشب أبناؤه محبين للإطلاع الذي نشأوا وترعرعوا في أحضانه، وليس بمقبول الاعتذار بالأعذار الواهية، كمن يقول إني مشغول لا أجد وقتًا للقراءة، ألا يجد وقتًا للطعام؛ بلى يجد بالقطع، فإذا كان الطعام غذاء الأجسام، فإن القراءة غذاء العقول والأفهام، كما لا يقبل أن يقال: إن جهاز المرناة (التليفزيون) شغل الناس، وحسب ذلك الزعم فسادًا أن الذين اخترعوا المرناة جلهم يواظبون على القراءة، أذكر أني كنت في مبنى المرناة لتسجيل بعض البرامج ثم خرجت للحديث في الهاتف، فرأيت عامل الإضاءة وهو مجرد عامل ـ وهو أوروبي من بولندا ـ رأيته ينفرد بنفسه في مكان قصي ويقرأ في كتاب، فسألته، فقال أنه كتاب في بعض برامج الحاسوب (الكمبيوتر)، وأنه لا بد أن يقرأ ساعتين يوميًا مهما كان الظرف، حتى ولو كان مريضًا، ألا يمكن أن نعود للقراءة والإطلاع، وأن نرجع لصداقة الكتاب من جديد، حتى نبني ثقافتنا ونستعيد حضارتنا) [الأسرة المسلمة وتحديات العصر، حسن محمد الحفناوي].
[/size]