يتعرض الكثير من العاملين إن لم نقل جميعهم في شتى الوظائف إلى الضغط النفسي أثناء انجازهم للأعمال المطلوبة منهم. وقد بينت الدراسات العلمية فائدة وجود قدر من هذا الضغط لدفع العامل إلى الإبداع والجد وتنفيذ المهام الموكلة إليه. ولكن ماذا عن ضغط العمل الزائد عن الحاجة وهل هو مفيد أو قد يعرض الشخص إلى مضاعفات غير مرغوب فيها، وأسباب هذا الضغط الزائد. |
في عام 1979 توصل العالم كاراساك إلى نظرية أثبتتها الكثير من الدراسات العلمية وهي إن من أكثر الوظائف التي يتعرض لها العاملون إلى الضغط النفسي العالي هي الوظائف ذات السيطرة القليلة والطلب الكثير. |
والأمثلة كثيرة مثل العاملين في خدمة العملاء، محاسبي الكاشير في الجمعيات والمحلات، وغيرهم من العاملين تحت الطلب الكبير مع عدم القدرة على اتخاذ القرار في حينه والسيطرة على الموقف. |
فهؤلاء الفئة معرضون أكثر من غيرهم إلى الضغط النفسي العالي أثناء العمل وما يتبعه من ترجمة هذا الضغط إلى أعراض وأمراض جسدية ونفسية واجتماعية من أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم والاكتئاب والإدمان على الكحول والمخدرات ومحاولات الانتحار وزيادة الخلافات العائلية وزيادة الإصابات نتيجة قلة التركيز. وأيضا ذكرت بعض الدراسات قابلية المعرضين للضغط النفسي العالي المرتبط بالعمل إلى الإصابة ببعض أنواع السرطانات. |
وهناك فئة أخرى يتزايد عندهم الضغط بدون أن يشعروا بذلك وهم مدمنو العمل. فهؤلاء نتيجة لزيادة المسؤوليات وأعباء العمل عليهم وبالأخص المدراء والرؤساء التنفيذيين لا يستطيعون التفكير في غير العمل لدرجة الإدمان. |
إذا هل نتوقف عن العمل؟ أو نقلل ساعات الدوام؟ النقاش الدائم يدور حول نوعية العمل وليس الكمية. ولكن إذا استطاع احدنا انجاز المطلوب منه في ساعتين فهل يرجع إلى المنزل؟ |
آخر الدراسات العلمية أثبتت أن العمل مفيد للصحة، إذا يجب أن يكون هناك حد أدنى من ساعات العمل بالإضافة إلى تناسب طبيعة العمل مع تخصص الموظف للوصول إلى نتائج ايجابية وتجنب تولد الضغط النفسي المضر. |
وهناك وسائل وأساليب عديدة لتجنب الوصول إلى نقطة الانكسار. طبيعة العلاقة بين المدير والموظف. فالعلاقة المبنية على الثقة والتفاهم ستنجب المدير من إعطاء موظفيه أوامر ومهمات لا تتناسب مع تخصصهم، والمدير الذي يعطي موظفيه مساحة من الإبداع والمبادرة والعمل بروح الفريق سيجنبهم الضغط النفسي وبالعكس سيجعلهم يقبلون على العمل بشغف وحماس. |
الحوافز سواء المادية وغير المادية تعتبر وسيلة أخرى لتقليل الضغط النفسي المضر في بيئة العمل.لكن الكثير من المؤسسات في الفترة الحالية لا تستطيع استخدام وسيلة الحافز المالي إلا في نطاق ضيق. |
لكن الموظف لا ينظر دائما إلى الحافز المالي، فما هي الفائدة إذا كان الموظف يحصل على مرتب عال لكن المدير لا يوافق على إعطاء الإجازات أو تقبل بعض الظروف العائلية الطارئة للموظف. |
شهادة تقدير أو كلمة شكر أو بطاقة تهنئة الكترونية على موقع المؤسسة أو الدائرة قد يكون له اثر السحر على الموظف. لقاء المدير مع موظفيه ولو مرة في الشهر على طاولة الإفطار والاستماع إلى مقترحاتهم وسيلة أخرى. |
إرسال رسالة نصية قصيرة للموظف في مناسبة غالية عليه من زواج أو قدوم مولود سيحس الموظف بانه غير منسي. |
لكن الأهم في كل هذا المصداقية. فالموظف يشعر بمصداقية الحافز من عدمه. وقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام: «أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه» فالأجر هنا ليس بالضرورة فقط الراتب الشهري. |
إذا باستخدام بعض الأساليب الغير مكلفة نستطيع من تحفيز الموظفين في بيئة العمل وإبعادهم عن الضغط النفسي المضر مما سيجنب الموظف من الأمراض والتي ترهق الموظف والعائلة والمؤسسة والدولة من تبعات المرض من علاج ودخول المستشفيات. |
فالعمل مفيد للصحة لكن بدون إفراط ولا تقصير، حيث تكون الصحة المهنية أدت دورها في وقاية العاملين من الضغط النفسي المضر المرتبط بالعمل. |
أخصائي طب الأسرة والصحة المهنية ـ هيئة الصحة بدبي |