الشخص إما أن يكون مقلدا أو مفكرا, والأمة كذلك
تصوروا امة يطلب منها التقليد ولا يطلب منها التفكير !
و الشيء الذي جعل العرب لا يميلون الى التفكير ولا يبدعون في هذا العصر هو محنة النموذج الغربي الجاهز
العلم والتكنولوجيا لا تنطبق عليه كلمة تقليد ، لأن العلم واحد وأي مكتسب علمي هو مكتسب بشري وليس خاص بثقافة دون أخرى ،
أقصد العادات والتقاليد والنظرة الى الحياة والإنسان والمجتمع واللباس والأكل والعلاقات ونمط الحياة والدين .
والغرب يروج لثقافته من خلال هذه الفكرة ، فكرة أن من أراد أن يكون مثل الغرب في تقدمه المادي عليه أن يكون مثله في حياته الاجتماعية
والمعنوية على مبدأ ( خذني بالكامل أو اتركني بالكامل ) وهو شرط بلا مبرر
، فلماذا هذه الحضارة الغربية المغرورة تطالب الحضارات الأخرى بأن تأخذها بالكامل ، وهذا مالم يحدث في تاريخ الحضارات .
والصورة التي تقدم عن العرب والمسلمين في الماضي مع أن فيها صحة جزئية ، إلا أنها صورة قاتمة ، و ليست قاعدة عامه ،
وليس كل إبداع يحارب لأنه إبداع .. نعم كانت السياسة تتدخل أحيانا وتشوه بعض المبدعين ، لكن إذا لم يكن لها علاقة أو
استفادة فإنها تشجع المبدعين .. كان الأمراء والخلفاء هم أكبر الحوافز للعلماء والمبدعين و الكتاب ، وبلاطاتهم تعج بالمثقفين والعلماء ..
وكان الكثير من الكتاب يهدون كتبهم الى الأمراء والخلفاء . فالأرستقراطية كانت تدعم الإبداع ، و هذا ما حصل في عصر النهضة في اوروبا ،
و في الخلافتين العباسية و الأموية ..
من وجهة نظري ليس سبب أزمة الابداع عندنا هو القمع على طول الخط ، فهذه مبالغة لا شك ، في الماضي والحاضر .
لا أتوقع أن أحدا سيقف في طريق من سيبدع في مجال علمي أو أدبي أو تكنولوجي ، لأنه سيخدم الجميع ، بمن فيهم القامعين .
بل ويسجل له براءة اختراع إذا كان مخترعا .. المشكلة نفسية ، وهي الشعور بالنقص ، وفكرة أن الغرب أبدعوا وانتهى الأمر ،
بل وفكرة أنه لا يمكن أن يبدع أحد إلا في تلك البلاد ، إذا تغيرت هذه الأفكار فسوف يكثر الإبداع في كل المجالات .
نريد أن نقلد على بصيره ، ونبتكر على بصيره ، ومن كان هذا شأنه لا يسمى مقلدا، العلم ليس مشكلتنا في التقليد ،
مع أن التفكير يجب أن يكون له دور حتى في نقل العلم وتطويره وربماتغيير جزئي فيه وفي توجهاته ، المشكلة في تقليد الأنماط السلوكية