وىذا ما جعل الوظيفة العمومية الشريان الحيوي لتحقيق أىداف المجتمع، والنيوض بمستواه في كافة المجالات الإقتصادية، و الإجتماعية، والسياسية من غير تفرقة بين دولة متقدمة وأخرى نامية. إن ىذا التصور لا يمكن أن يتجسد بمعزل عن مجموعة من الإج ا رءات التي يجب أن تكون ضمن إست ا رتيجية متكاممة من شأنيا أن تضع الوظيفة العمومية في موقع يجعميا قادرة عن مواجية كافة التحديات وفي مقدمتيا الموارد البشرية.
وليذا فإن الوظيفة العمومية تطورت عما كانت عميو من قبل فبعد أن كانت ممكا لشاغميا، تباع وتشترى وتمارس كسمطة عامة و إمتياز في مواجية المواطنين. أصبحت في العصر الحالي خدمة عامة تتضمن مجموعة من الإختصاصات والمسؤوليات يمارسيا الموظف بغرض تحقيق الصالح العام. لذا القول بأن الوظيفة العمومية أصبحت تمثل جزءا من حياة كل مواطن بدءا من مولده إلى غاية وفاتو، فالإنسان يأتي إلى الحياة بشيادة ميلاد ويرحل عنيا بشيادة وفاة وكمتا الشيادتين يحررىما موظف عمومي مختص كي تترتب عنيما الآثار القانونية المطموبة.
ليذا فإن الدولة لا تساوي إلا ما يساويو الموظف العمومي لإن الناس يرونيا من خلالو بإعتباره المفكر والمدبر والمساعد والمنفذ، فيو المرآة العاكسة ليا، فالموظف العمومي ىو المؤتمن عمى حقوق الأف ا رد وتحقيق مصالحيم وحماية أمنيم وحرياتيم، ومن ثم فإن لم يحسن إختياره بانتقاء أفضل وأكفأ وأنزه المواطنين لشغل المناصب الإدارية في الدولة. واذا لم يؤمن مركزه بإعطائه مرتبا لائقا وتحدد مسؤولياتو وعلاقتو برؤسائو، بحيث يكون في مأمن من تعسفيم فإن الفساد
سيحل لامحالة في جميع م ا رفق الدولة.
لأجل ىذه الأىمية قيل أن الوظيفة العمومية تصور في الذىن معنى الدولة بأسرىا لأن مولدىا مرتبط بمولد الدولة بإعتبارىا وعاء السمطة العامة وبالتالي فإن خمودىا من خمود الدولة صاحبة السيادة.
وىكذا تتضح لنا شدة الإرتباط بين كل من الوظيفة والموظف العمومي من جية، وبين الدول ومختمف أجيزتيا الإدارية من جية أخرى. وفي المقابل يطغى عمى نظريات الحريات مبدأ أساسي في كل ما تقرره من حقوق وحريات لمصمحة الأف ا رد وىو مبدأ المساواة ويعني ان جميع الأف ا رد متساوين في التمتع بالحريات الفردية
دون أي تفرقة أو تمييز بسبب الجنس أو المون أو الدين، ولذلك فان الديمق ا رطيات التقميدية ترى في اق ا رر ىذا المبدأ ضمانة أساسية من ضمانات الحريات الفردية وىو يتضمن المساواة أمام القانون و المساواة أمام القضاء والمساواة أمام الوظائف العمومية و المساواة أمام التكاليف
العامة، كأداء الض ا رئب أو أداء الخدمة العسكرية.
ومبدأ المساواة من المبادئ السامية التي كافحت البشرية من اجل تأكيدىا والمطالبة بيا في كل عصر من العصور و المساواة بين الناس تعني أن النفس البشرية واحدة لا فرق بين إنسان وآخر، فالناس متساوون ولا تمييز بينيم بسبب العرق أو الجنس أو الدين أو المون أو ال أ ري السياسي أو العقيدة فالناس من جنس واحد وان تعددت ألوانيم وقبائميم. فميس لعنصر معين أو سلالة معينة فضل عمى آخر . وقد تناولت ىذا المبدأ جميع الأديان السماوية والتي كانت تدعو إلى التسامح والإخاء و
المساواة. ولا تفضيل لاحد عمى الآخر . ولقد حققت الشريعة الإسلامية المساواة بين الناس دون تمييز. فالناس متساوون في مادة الخمق الواحد ويتفرقون في نوع الخمقة والتشخيص وألغت الطبقية والفوارق. وان المساواة مرتبطة بالحرية والعدالة فلا تنيض عدالة دون مساواة ولقد اىتمت العديد من الاتفاقيات والمواثيق الدولية بيذا المبدأ ومنيا المساواة في حق تولي الوظائف العمومية في الدولة وتناولو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقية الدولية الخاصة بالحقوق
المدنية و السياسية . والعيد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية و الاقتصادية و الدولية. لذلك فان المساواة ىي الأمل والصخرة التي تتحطم عمييا كل قيود الحرية وعدم المساواة في كل المجتمعات البشرية المتقدم منيا وغير المتقدم، الغني منيا والفقير. لذلك جاء اختيارنا لموضوع المساواة في تقمد الوظائف العمومية باعتباره أحد الحقوق الأساسية التي نصت عمييا الاتفاقيات والمواثيق الدولية واحد المبادئ الأساسية التي نصت عمييا دساتير الدول المتحضرة بعد ازدياد تدخل دور الدولة في حياة الأف ا رد وتنظيميا عمى الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.
فالمساواة في تقمد الوظائف العمومية فيي تمزم مؤسسات الدولة بعدم التمييز بين المواطنين عند تقديميا لمخدمات أو عند استيفائيا لممقابل عنيا ويدخل ضمن ىذا الأمر عدم جواز اقامة قضاء خاص لبعض الأف ا رد تميي ا زً ليم عن الآخرين ولا يجوز اقامة أي تمييز فيما بين المواطنين بخصوص قبوليم في الوظائف والأعمال العامة طالما كانوا متساوين في الشروط التي يتطمبيا القانون، ومع ذلك يمكن قبول استثناءات محدودة جداً وىذه الاستثناءات التي ترد عن المبدأ المذكور محددة لمغاية .
حمل بعد وصع رد