بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إذا كان الإنسان كائنا اجتماعيا بطبعه فإنه بحكم طبيعته وتكوينه لا يستطيع أن يعيش
حياته كلها رهن مشيئة المجتمع، فالانغماس داخل الحياة الاجتماعية لا يحول دون وجودمجال معين من حياة الإنسان يبقى بعيدا عن تدخل المجتمع، ومن أجل تنظيم حياة الإنسان
يبقى بعيدا عن تدخل المجتمع، ومن أجل تنظيم حياة الإنسان داخل هذا الأخير فإن ذلك
يستلزم إنشاء قواعد قانونية تنظم تواجده، وتضبط علاقاته الاجتماعية والاقتصادية
والسياسية مع باقي أفراد مجتمعه، ولما كانت حماية حقوق ومصالح المجتمع وأفراده
الهدف الأسمى الذي ينشده القانون، فإن وسائل وآليات هذه الحماية تختلف بحسب طبيعة
الحقوق والمصالح التي يتعدى القانون لحمايتها، فمنها ما تكون وسيلة حمايته بتوفير
العلانية له ومنها ما يكون وسيلة حمايته أحاطته بإطار من السرية فوسيلة الحماية لتوفير
العلانية هي إعلام الكافة بحق صاحب الشأن حتى لا يتعدى أحد على حقه أو ينازعه إياه،
ووسيلة حماية الحقوق والمصالح المحاطة بالسرية هي أن تبقى طي الكتمان وأن لا يفشيها
المؤمن عليها، وإذا كانت الحقوق والمصالح التي يسعى الإنسان إلى إحاطتها بالسرية
متنوعة بتنوع تدخلات الإنسان في الحياة المجتمعية، فإن كل فرد يريد الاحتفاظ بأسراره
بعيدا عن الجمهور، إلا أنه كثيرا ما يجد المرء نفسه مضطرا إلى البوح بسره إلى غيره
بنية الحصول على خدمة أو مساعدة معينة، كما هو الحال عندما يلجأ إلى بعض المهنيين،
كالأطباء والمحامين وغيرهم...، فهنا لا جدال في أن السرية تمثل تطبيقا بل ضرورة
للثقة المعهودة في هذه المهن لكن إفشاء السر يشكل خيانة لهذه الثقة ونقصا من مبادئ
الشرف والأمانة، فالأسرار التي يودعها الأفراد لدى المهنيين يطلق عليها " الأسرار
المهنية" وتعتبر من أدق الالتزامات التي تقع على عاتقهم، بل إنها من المواضيع بالغة
التعقيد، هذا راجع لطبيعة هذا الالتزام، الأمر الذي يجعله يحاط بإطار من الخصوصية
والسرية، فالخصوصية هي تعبير عن حق الإنسان في التعامل مع حياته الخاصة بما يراه،
وهي بهذا المعنى تقترب من السر ولا شك فيه فالخصوصية قد تتوافر بالرغم من عدم
وجود السرية.
فإن كان الاعتراف بالحق في الخصوصية يغطي نطاقا كبيرا من أمور الحياة
الخاصة إلا انه لا يكفي لتغطية بعض الأمور الاعتداء على الحق في السرية ذلك أن
السرية تشمل كل ما من شأنه إحاطة حقوق الشخص والتزاماته وأية أمور أخرى تهمه
بسياج من السرية التامة فالمريض الذي يلجأ إلى الطبيب ليعرض عليه حالته كثيرا ما
تكون له مصلحة في أن لا يعرف شيئا من المرض الذي يعالج منه، وكثيرا ما يكشف
للطبيب عن أمور لا يعرفها أحد عنه، ولا يود أن يعلمها أحد، ونفس الأمر بالنسبة
للشخص الذي يلجأ إلى المحامي ويستشيره، أو يعهد إليه في بعض قضاياه، قد يكشف له
عن بعض أسراره وخصوصياته التي لا يعرفها أحد عنه حتى في محيطه العائلي أحيانا
ففي هاته الحالات وما يماثلها، يكون ثمة شخص مؤتمن على مصالح وأسرار شخص
آخر، وسيلة هذه المصالح والأسرار، هي أن تبقى طي الكتمان.
مسؤولية الموظف عن إفشاء السر المهني
إعداد الطالبة
شيراز جاري
حمل بعد وضع رد
كل رد او تعليق غير لائق يعرض صاحبه للحظر
شُكرآ لك على المرور
مع السلامه