--------------------------------------------------------------------------------
التأمينات الاجتماعية على ضوء الممارسة القضائية
المقـدمـــــة
منذ أن وجد الإنسان على ظهر الأرض و هو يسعى إلى تأمين يومه و غده، فهو يعيش يومه و يفكر في غده، و يدرك أن تأمين يومه يكون بتوافر مطالب الحياة التي يحتاجها، و لا يتأتى له ذلك إلا عن طريق العمل، لذلك كان العمل هو السبيل الوحيد لحفظ وجوده. و العمل يتطلب بذل الجهد المادي و الذهني، و القدرة على العمل لا تتوافر للإنسان في طفولته و تزول عنه في شيخوخته، كما أنها في الشباب عرضة للإنتقاص أو الزوال لمرض أو عجز بإعتبارها من حالات المخاطر الإجتماعية التي تعترض الإنسان قيد حياته، و التي يعرفها البعض بأنها محل حدث يجبر الإنسان على أن يتوقف على ممارسة عمله بصفة مؤقتة أو نهائية، فهي تنحصر في تلك المشاكل التي يواجهها الفرد الذي يمارس نشاطا مهنيا، فتؤدي إلى فقده لعمله، أو إلى تحمله أعباء تنقص من مستوى معيشته.
و في هذا الصدد، تقسم المخاطر الإجتماعية إلى نوعين رئيسيين أولهما تلك المخاطر التي تتعلق بممارسة المهنة، أما النوع الثاني فهي المخاطر ذات الصبغة الإنسانية بصفة عامة.
و على ذلك، و حتى يتمكن الفرد من مواجهة هذه المخاطر، أصبح من الضرورة إيجاد نظام قانوني يعمل على الموازنة بين تلك الأخطار الإجتماعية و الأعباء التي يتحملها في مواجهتها و الذي تجسد في نظام الضمان الإجتماعي بوجه عام بإعتباره يشمل كل المخاطر الإجتماعية، و في نظام التأمينات الإجتماعية بصفة خاصة بإعتباره يتدخل في تسيير المخاطر ذات الصبغة الإنسانية لاسيما منها المرض، الولادة، العجز و الوفاة.
و يستخدم إصطلاح التأمينات الإجتماعية بصفة عامة للدلالة على مجموعة الوسائل التي تهدف إلى تعويض أفراد المجتمع أو البعض منهم نتائج مخاطر معينة توصف بأنها مخاطر إجتماعية، بحيث يمكن القول بأن وظيفة التأمينات الإجتماعية هي درء الأخطار الإجتماعية و مواجهة آثارها.
كما تعرف كذلك بأنها مجموع المؤسسات التي تعمل على حماية الأشخاص و الأفراد من الآثار المترتبة عن مختلف الأحداث و الحالات التي تدخل و تصنف في خانة المخاطر الإجتماعية.
فإذا نظرنا إليها من زاوية النظام القانوني، يمكن القول بأن التأمينات الإجتماعية تشكل
مجموع الحقوق و الواجبات المتبادلة بين المكلفين في مجال الضمان الإجتماعي من جهة، و صناديق الضمان الإجتماعي من جهة أخرى.
أما إذا نظرنا إليها من زاوية النشاط، فإن التأمينات الإجتماعية كنظام، هي موجهة لتمويل المستفيدين منها في حال تعرضهم للأخطار التي تغطيها و المتمثلة في المرض، الولادة، العجز و الوفاة.
و تعرف المنظمة العالمية للشغل ( o.i.t ) التأمينات الإجتماعية على أنها حماية يمنحها المجتمع للأفراد من أجل الإستفادة و ضمان خدمات الصحة و تأمين الدخل خاصة في مجالات الشيخوخة، المرض، العجز، حوادث العمل، الأمومة أو في حالة فقدان الشخص المتكفل بالعائلة.
و على كل، فإن نظام التأمينات الإجتماعية هو نظام حديث النشأة، حيث بدأت تظهر معالمه الأولى في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، و لم يرى النور إلا في بداية القرن العشرين، و بصفة خاصة على إثر الأزمة الإقتصادية لعام 1929، و لم يبدأ هذا النظام في الإنتشار إلا في أعقاب الحرب العالمية الثانية. و هي المرحلة التي تمت خلالها سن أولى التشريعات المتعلقة بالتأمينات الإجتماعية في الجزائر و بالتحديد سنة 1949 و ذلك بموجب المقرر رقم 49/45 المطبق بموجب القرار الصادر 10/06/1949 و المتضمن إحداث أول نظام للتأمينات الإجتماعية في الجزائر. إضافة إلى المقرر رقم 49/61 الصادر سنة 1949 و المتضمن إصلاح صندوق التعاون للعمالات و البلديات بالجزائر و تحويله إلى مؤسسة عمومية للجزائر و كذا النصوص اللاحقة له.
و يعتبر القانون رقم 62/157 المؤرخ في 31/12/1962 و القاضي بتمديد مفعول التشريع النافذ بإستثناء مقتضياته المخالفة للسيادة الوطنية كأول تشريع جزائري في مجال التأمينات الإجتماعية، و لو أنه تضمن فقط النص على إستمرار العمل وفق القوانين و المقررات السارية المفعول آنذاك.
و بعد سنة 1962، بدأت القوانين الجزائرية المختلفة و المتعلقة بالضمان الإجتماعي تصدر و تم على إثرها إنشاء الصناديق المكلفة بالضمان الإجتماعي إلا أنه ما يلاحظ عليها أنها كانت تعتمد في توزيعها و تنظيمها على قطاعات النشاط، على غرار نظام الضمان الإجتماعي الخاص بفئة البحارين و النظام الخاص بفئة العاملين بالسكك الحديدية و النظام الخاص بالقطاع الفلاحي و باقي الأنظمة الأخرى.
و في مرحلة موالية، تم إنشاء ثلاثة صناديق جهوية للتأمينات الإجتماعية على مستوى كل من الجزائر ( casoral ) و قسنطينة ( casorec ) و وهران ( casoran ). و التي كانت مكلفة بتقديم الخدمات في مجال التأمينات الإجتماعية، و استمر العمل وفق هذه الأنظمة إلى غاية سنة 1983 أين تم توحيد نظام التأمينات الإجتماعية بموجب القانون رقم 83/11 الصادر في 02 يوليو 1983 و القوانين و المراسيم المعدلة، المتممة و المطبقة له. و يعتمد نظام التأمينات الإجتماعية في الجزائر على وحدة النظام، فهو يطبق على كل الأشخاص الذين يمارسون نشاطا مهنيا. و هي تشمل كل من المرض، الولادة، العجز و الوفاة. و قد أوكلت مهمة تسيير و تنظيم نظام التأمينات الإجتماعية في الجزائر إلى هيئتين أساسيتين و هما الصندوق الوطني للتأمينات الإجتماعية للعمال الأجراء ( cnas ) و الصندوق الوطني للتأمينات الإجتماعية لعمال الغير الأجراء ( casnos ) و هي موضوعة تحت وصاية الوزير المكلف بالضمان الإجتماعي، مقراتها الرئيسية موجودة بالجزائر العاصمة و لها صناديق تتولى تسيير الأخطار المتعلقة بالضمان الإجتماعي عموما و التأمينات الإجتماعية على وجه الخصوص. و هي تمتع بالشخصية المعنوية و الإستقلال المالي، فهي بذلك تخضع في معاملاتها مع الغير إلى أحكام القانون التجاري. و تقع مقراتها الرئيسية بالجزائر العاصمة و تتوفر على مصالح مركزية و وكالات محلية أو جهوية، مراكز الدفع، وكالات في المؤسسات أو في الإدارة بالإضافة إلى مراسلي المؤسسات أو الإدارة. و تقوم هذه الصناديق بتحصيل المستحقات و الإشتراكات بالإضافة إلى تسيير الأداءات العينية و النقدية للتأمينات الإجتماعية.
و يتمز نظام التأمينات الإجتماعية الجزائري بميزتين أساسيتين و هما:
أنه نظام إجباري، حيث ألزم المشرع كافة الأشخاص الطبيعيين الذين يمارسون نشاطا مهنيا بالتسجيل و الإنتساب لدى هيئات الضمان الإجتماعي.
أنه نظام تساهمي، و يقصد به إشتراك أطراف التأمينات الإجتماعية بمن فيهم الأشخاص أو الهيئات المستخدمة و كذا العمال أو المهنيين في تمويل هيئات الضمان الإجتماعي.
و فيما يلي سوف نتطرق إلى الحديث عن مجموع المخاطر التي تغطيها التأمينات الإجتماعية و تطبيقها من حيث الأشخاص، لننتهي إلى طرق تسوية النزاعات التي قد تنشأ خلال أو بمناسبة تطبيق أحكام القانون المتعلق بالتأمينات الإجتماعية، و ذلك وفق الخطة التالية.
المبحث الأول: المخاطر التي تغطيها التأمينات الإجتماعية و الأداءات
المرتبطة بها.
المطلب الأول: المخاطر التي تشملها التغطية في مجال التأمينات الإجتماعية.
الفرع الأول: المرض و الولادة.
الفرع الثاني: العجز و الوفاة.
أولا: حالة العجز.
ثانيا: حالة الوفاة.
المطلب الثاني: الأداءات المستحقة للمستفيد من التأمين في حال تحقق الأخطار
التي تغطيها التأمينات الإجتماعية.
الفرع الأول: بالنسبة للمرض و الولادة.
أولا: الحق في العلاج و الرعاية الطبية.
ثانيا: الحقوق المالية.
الفرع الثاني: بالنسبة العجز و الوفاة.
أولا: الأداءات المتعلقـة بحالـة العجـز.
ثانيا: الأداءات المتعلقـة بحالـة الوفــاة.
المبحث الثاني: نطاق سريان التأمينات الإجتماعية من حيث الأشخاص و شروط الإستفادة منها.
المطلب الأول: سريان قانون التأمينات اﻹجتماعية من حيث الأشخاص.
الفرع الأول: فئة العمال ومن في حكمهم.
الفرع الثاني: الفئات الأخرى.
الفرع الثالث: ذوي الحقوق للمؤمن له.
المطلب الثاني: شروط الإستفادة من خدمات التأمينات الإجتماعية.
الفرع الأول: الشروط العامـة.
أولا: بالنسبة للمؤمن له.
ثانيا: بالنسبة لذوي الحقوق.
الفرع الثاني: الشـروط الخاصـة.
أولا: الشروط المتعلقة بمدة العمل.
ثانيا: الشرط المتعلق بمراعاة الإلتزامات المفروضة قانونا.
المبحث الثالث: تسويـة المنازعـات المتعلقـة بالتأمينـات الإجتماعيـة.
المطلب الأول: التسوية الإدارية لمنازعات التأمينات الإجتماعية.
الفرع الأول: التسوية الإدارية للمنازعات العامة.
الفرع الثاني: التسوية الإدارية للمنازعات الطبية.
أولا: الخبـرة الطبيــة.
ثانيا: لجان تقدير و إثبات العجز.
المطلب الثاني: التسويـة القضائيـة لمنازعات التأمينـات الإجتماعيـة.
الفرع الأول : الإختصاص القضائي في مجال منازعات التأمينات الإجتماعية.
الفرع الثاني: شروط قبول الدعوى و القيود الواردة على رفعها.
أولا: الصفة والمصلحة.
ثانيا: القيود الواردة على رفع الدعوى.
المبحث الأول: المخاطر التي تغطيها التأمينات الإجتماعية و الأداءات
المرتبطة بها.
بتوحيده لنظام التأمينات الإجتماعية، حدد القانون 83/11 و على سبيل الحصر الأخطار التي تشملها التغطية و التي تظمنتها المادة الثانية (02) منه. كما حدد لكل خطر من هذه الأخطار الأداءات المرتبطة بها، و التي بموجبها تلتزم هيئات الضمان الإجتماعي بأن تمنح للمستفيد منها مبلغ التعويضات و التي تمثل إما المبالغ التي ينفقها المؤمن له بسبب المرض الذي اعتراه، أو تلك التي لم يتقاضاها من عمله بسبب توقفه عن النشاط. و هو ما سوف نتعرض له من خلال ما سوف يأتي.
المطلب الأول: المخاطر التي تشملها التغطية في مجال التأمينات الإجتماعية.
لقد ورد النص على هذه المخاطر كما أسلفنا في المادة الثانية (02) من القانون 83/11 و هي واردة على سبيل الحصر لا المثال.وهي تشمل كل من المرض، الولادة، العجز و الوفاة.
الفرع الأول: المرض و الولادة.
يعرف المرض أو الداء كما يصطلح عليه علميا بأنه حالة غير طبيعية تصيب الجسم أو العقل البشري محدثة تأثير فيه أو ضعف في الوظائف.
و لما كان المستفيد من التأمين معرض للمرض في غير الظروف و الحالات التي تدخل في إطار التأمين عن حوادث العمل و الأمراض المهنية، أصبح من الضروري إيجاد نوع من أنواع التأمين لتغطيته. و هو ما تجلى في التأمين على المرض في إطار التأمينات الإجتماعية.
و منه، فإن التأمين على المرض هو التأمين الذي يغطي المخاطر التي تنتج عن الإصابة و المرض اللذان لا يتصلان بالعمل. بحيث يستثنى من تطبيقها الأمراض الناتجة عن حوادث العمل و الأمراض المهنية. و يهدف التأمين على المرض إلى تمكين المؤمن لهم و لذوي حقوقهم من مواجهة المصاريف العلاجية التي تتطلبها حالتهم الصحية. كما يهدف كذلك إلى ضمان نوع من الدخل و الذي يعوض من خلاله المؤمن له عما فاته من أجر نتيجة توقفه عن ممارسة نشاطه.
وبالتالي فإن التأمين على المرض يمنح المستفيد من التأمين الحق في الإستفادة من العلاج
و الرعاية الطبية، فضلا على أنه يعطيه الحق الكامل في تعويض يحل محل الأجر الذي قد يفقده نتيجة توقفه عن العمل بسبب المرض. و يستوي في ذلك أن يكون المرض من العلل القصيرة أو الطويلة الأمد، على ألا تتجاوز مدة الثلاث (03) سنوات، لأنه في هذه الحالة تتحول التغطية و التعويض من باب التأمين عن المرض إلى باب التأمين عن العجز. غير أنه إذا إستأنف المؤمن له اجتماعيا العمل بعد انتهاء مدة الثلاث (03) سنوات و اعتراه مرض مصنف ضمن الأمراض الطويلة الأمد، فإنه يتاح له أجل جديد و بنفس المدة بشرط أن يكون ذلك بعد سنة كاملة على الأقل من تاريخ استئنافه العمل و ألا يكون التوقف الجديد بسبب ذات المرض الذي بسببه توقف عن النشاط في السابق. كما تنص على ذلك المادة 16 من القانون 83/11 و المطبقة بموجب المادة 22 من المرسوم 84/27.
أما في غير ذلك من الحالات المرضية الأخرى، فإن التأمين على المرض يغطي الإصابات
و العلل الأخرى غير الطويلة الأمد التي يتعرض لها المؤمن له إجتماعيا على نحو يضمن طوال فترة مدتها سنتان (02) متتاليتان و ذلك على علة أو عدة علل مختلفة على ألا يتقاضى المؤمن له أكثر من ثلاثمائة (300) تعويضة يومية خلال كل تلك الفترة.
و باعتبارها كذلك من الحالات المرضية الخاصة التي قد تتعرض لها المرأة العملة أو المستفيدة من التأمين، فقد نصت الفقرة الثانية (02) من المادة الثانية (02) على التأمين عن المخاطر المتعلقة بالأمومة. ذلك أن حالة الحمل و الوضع أيضا تعتبر من الحالات المرضية التي تؤدي إلى التوقف عن النشاط. و بالتالي فإن المرض في مجال التأمينات الإجتماعية لا يقتصر مفهومه على المعنى الضيق، بل أنه يشمل فيما يشمل حالة الحمل و الوضع بالنسبة للمرأة العاملة أو المستفيدة من التأمين.
و بالنظر إلى خصوصية المخاطر المتعلقة بالأمومة، فقد نظمها المشرع بأحكام خاصة، بحيث يتم التكفل بالمرأة العاملة عبر كل المراحل المرتبطة بها سواء كان ذلك أثناء الحمل أو خلال الوضع و تبعاته، و حتى إلى ما بعد الولادة أيضا. فقد نصت المادة 29 من القانون 83/11
و المعدلة بموجب المادة 12 من الأمر 96/17. على أن تستفيد المرأة العاملة من التغطية في مجال التأمين على الأمومة طيلة مدة أربعة عشر (14) أسبوع متتالية على أن تبدأ على الأقل
ستة (06) أسابيع منها قبل التاريخ المحتمل للولادة.
و تجدر الإشارة إلى أن هذه المدة غير قابلة للتقليص حتى في حالة ما إذا تم الوضع قبل التاريخ المحتمل. ذلك أن القانون قد منح للمؤمن لها الحق في إكمال مدة الأربعة عشر (14) أسبوعا في الإحتفاظ بحقها في الإنتفاع بالأداءات المقررة في باب التأمين على الأمومة.
الفرع الثاني: العجز و الوفاة.
تنتهي خدمة المؤمن له كليا عن ممارسة النشاط المهني إما بعجزه أو بوفاته. فالشخص يعتبر عاجزا عن العمل عجزا كليا إذا فقد قدرته عن العمل بصفة كاملة في مهنته الأصلية، حتى و إن كان قادرا على الكسب عموما، كما يعتبر أيضا عاجزا عجزا مستديما من لا يقدر على الكسب بوجه عام. كما قد يحدث أن يصاب العامل بعجز جزئي بحيث لا يذهب قدرته عن العمل بصفة كلية، إلا أنه لا يمكنه من الإستمرار في مزاولة نشاطه المهني.
أولا: حالة العجز. يعرف العجز بأنه كل ما يؤدي بصفة مستديمة إلى فقدان المؤمن له لقدرته على العمل كليا أو جزئيا في مهنته الأصلية، أو قدرته على الكسب بوجه عام بما فيها حالات الإصابة بالأمراض العقلية.
و قد نصت المادة 32 من القانون 83/11 على تحديد نسبة العجز و التي على أساسها ينشأ للمؤمن له الحق في الإستفادة من معاش العجز عندما يكون مصابا بعجز ذهب بنصف (2/1) قدرته على العمل أو الكسب على الأقل، مما يجعل منه غير قادر أن يحصل في أية مهنة كانت على أجر يفوق نصف أجر أحد العمال من نفس الفئة في المهنة التي كان يمارسها. و يتم تقدير حالة العجز إما عند تاريخ العلاج الذي يتلقاه المصاب، أو عند تاريخ إجراء المعاينة الطبية للحادث.
و لتحديد مفهوم العجز، يعتمد التشريع الخاص بالتأمينات الإجتماعية على عنصرين أساسيين و هما:
- اللياقة البدنية المتعلقة بالحالة الصحية للمؤمن له
- حالته المهنية، و هي تشمل كل ما يتعلق بظروف ممارسته لنشاطه المهني.
و هنا لا بد أن نشير إلى أن تأمين العجز هو في الغالب نتيجة لما بعد تأمين المرض. بمعنى أنه إذا كان المؤمن له في حالة عجز مؤقت عن العمل ( في إطار التأمين على المرض)، و تجاوزت مدة التأمين الثلاث (03) سنوات، فهنا تتحول التغطية تلقائيا من باب التأمين على المرض إلى باب التأمين على العجز. بحيث تتولى هيئة الضمان الإجتماعي النظر في حقوق المؤمن له من باب التأمين على العجز دون انتظار طلب المعني بالأمر، و الذي يجوز له في بعض الحالات التقدم به في حالة تقاعس الهيئة في تحويله.
و في جميع الأحوال يتم تقدير مدى العجز باعتبار ما بقي من قدرة المؤمن له على العمل، و حالته العامة و عمره و قواه البدنية و العقلية و كذا مؤهلاته و تكوينه المهني.
و بحسب المادة 42 من المرسوم 84/27 فإنه في حالة تعدد العوامل المتسببة في العجز و لو كانت هذه العوامل أو بعضها سابقة للتاريخ الذي يبتدئ منه التأمين، فإن المؤمن له يستفيد من احتساب إجمالي العجز من أجل المنح المحتمل للمعاش. دون الأخذ بعين الإعتبار تاريخ هذه العوامل المسببة للعجز.
و يهدف التأمين على العجز إلى منح معاش للمؤمن له الذي يضطره العجز إلى التوقف عن عمله. و بالتالي فإن هذا المعاش موجه لتغطية و تعويض العامل عن فقدان الأجر بسبب تقلص قدرته على العمل نتيجة مرض أو حادث مما لا يدخل في مجال حوادث العمل.
و منه فإن المستفيد من أداءات التأمينات الإجتماعية من باب التأمين على العجز هو المؤمن له شخصيا بحيث يعتبر هذا الحق استئثاري له لا يجوز أن ينتفع به غيره.
تصنيف العجز يختلف تصنيف العجز باختلاف الفئة التي ينتمي إليها المؤمن له.
أ/فبالنسبة لفئة العمال الأجراء. يصنف العجز إلى ثلاثة (03) أصناف.
- الصنف الأول: و يشمل العجزة القادرين على ممارسة نشاط مهني مأجور.
- الصنف الثاني: و يخص العجزة الغير قادرين على ممارسة أي نشاط مهني مأجور.
- الصنف الثالث: و يتعلق بالعجزة الغير قادرين على ممارسة أي نشاط مهني مأجور و الذين يحتاجون في نفس الوقت إلى مساعدة الغير من أجل القيام بأعمالهم اليومية.
و قد اعتمد المشرع الجزائري هذا التصنيف فيما يخص حساب و تحضير مبلغ المعاش المستحق للمؤمن له الذي يضطره عجزه سواء كان جزئي، كلي، مؤقت أو مستديم للتوقف عن ممارسة نشاطه المهني و ذلك من خلال المادة 36 من القانون 83/11.
و يتم تقدير حالة العجز عند انتهاء المدة القصوى التي استفاد خلالها المؤمن لهمن الأداءات النقدية في باب التأمين على المرض. و على ذلك يقدر العجز إجمالا دون التمييز بين المرض أو الحادث الذي تسبب فيه، و باقي العوامل الأخرى و لو كانت هذه الأخيرة أو بعضها سابق للتاريخ الذي يبدأ منه التأمين.
غير أن الأمراض و الجروح و الإعاقات البدنية الخاضعة لتشريع خاص لا تؤخذ بعين الإعتبار في تقدير حالة العجز.
ب/ أما بالنسبة لفئة العمال غير الأجراء. فلا يوجد سوى تصنيف واحد للعجزة الذين ينتمون إلى هذه الفئة. حيث تشترط المادة 03 من المرسوم 85/35، في المؤمن له كي يستفيد من معاش عجز أن يتعرض لعجز كلي و نهائي يجعله غير قادر مطلقا على ممارسة أو الإستمرار في ممارسة أي نشاط مهني مهما كان.
ثانيـا: حالة الوفاة. أما فيما يتعلق بالوفاة، و باعتبارها حالة طبيعية تنتهي على إثرها خدمة المؤمن له كليا عن ممارسة النشاط المهني. فقد ورد في نص المادة الثانية 02 من القانون 83/11 النص على إدراج خطر الوفاة ضمن الأخطار التي تشملها التغطية في مجال التأمينات الاجتماعية. و قد وردت عدة تعريفات علمية لحالة الوفاة اتفقت في مجموعها على أنها حالة انعدام وظائف الدماغ و ساق الدماغ و النخاع الشوكي بشكل كامل و نهائي و ذلك نتيجة الانعدام الفجائي لدوران الدم في الأوعية الدموية و التنفس و الوعي.
و عليه تنتهي خدمة المؤمن له بوفاته، و يقصد بالوفاة في هذا السياق هي الوفاة الطبيعية لا الوفاة الناتجة عن حادث عمل، بغض النظر عن سببها. على أنه يجب أن تثبت الوفاة بالشهادة الدالة على ذلك.
و يهدف التأمين على الوفاة إلى توفير الحماية لذوي حقوق المؤمن له الذي قطع دخلهم بسبب الوفاة و ما يصاحب ذلك من إرتباك في نظام حياة الأسرة نتيجة فقدها لعائلها و انقطاع مورد رزقها. و كل ذلك لضمان مواجهة المصاريف العاجلة الناجمة عن الوفاة.
فمنحة الوفاة إذن هي في الأصل موجهة لمواجهة المصاريف الناتجة عن وفاة المؤمن له، إضافة إلى تعويض انقطاع موارد الدخل التي كان يضمنها لذوي حقوقه قيد حياته.
وكما ورد في المادة 47 من القانون 83/11، فإن التأمين على الوفاة يستهدف إفادة ذوي حقوق المؤمن له المتوفى من منحة وفاة.
و في هذا الصدد تجدر الإشارة إلى أن الإستفادة من منحة الوفاة لا يشترط فقط أن تكون أثناء فترة خدمة المؤمن له، أي أثناء و خلال ممارسته لمهنته أو نشاطه، و إنما هي مقررة كذلك لذوي حقوق صاحب معاش العجز أو معاش التقاعد أو معاش التقاعد المسبق أو ريع حادث العمل الموافق لنسبة عجز عن العمل المعادلة ل 50% على الأقل. حيث و بناءا على ما هو مقرر في المادة 51 فإنه يحق لذوي حقوق الأشخاص المذكورين الإستفادة من منحة الوفاة دون الإخلال بالحقوق الأخرى التي يخولهم إياها التشريع الخاص بالتأمينات الإجتماعية، لاسيما منها التعويضات التي تقدمها هيئات الضمان الإجتماعي في باب التأمين على المرض.
حالة المفقود: المفقود هو الشخص الغائب الذي لا يعرف مكانه و لا تعرف حياته من مماته، و المفقود لا يعتبر ميتا إلا بصدور حكم قضائي بالموت الحكمي. و هو لا يصدر إلا بمرور مدة زمنية معينة مقدرة بأربع (04) سنوات في حالة الحرب و الحالات الإستثنائية، ويكون في الحالات الأخرى بمرور مدة زمنية يقدرها القاضي بعد الأربع سنوات. كما هو وارد في الفصل السادس من قانون رقم 84/11 الصادر في 09 يونيو 1984 المتضمن قانون الأسرة المعدل و المتمم بالأمر 05/02 الصادر في 27 فبراير 2005 في المواد من 109 إلى 115. حيث أجاز القانون لذي المصلحة من رفع دعوى قضائية لاستصدار حكم بفقدان الشخص الغائب إذا ما استحال معرفة مكانه و لا حياته من مماته، على أن ترفع دعوى تقرير الوفاة الحكمي بناءا على طلب أحد الورثة أو صاحب مصلحة أو حتى من طرف النيابة العامة بعد أربع سنوات كاملة من البحث و التحري و تثبيت الحكم المقرر لفقدان الغائب.
و الواقع أن إعمال هذا الحكم في مجال التأمينات الاجتماعية يؤدي حتما إلى إلحاق ضرر مؤكد للمستحقين للمعاش و الذي يتمثل في حرمانهم من الحقوق التأمينية التي تنشأ من فقدان المؤمن له، كما حدث في قضية ورثة ( ب ش ق) ضد الصندوق الوطني للتأمينات الإجتماعية و التي إنتهت بحكم صادر عن القسم الإجتماعي لمحكمة وهران بتاريخ 12/11/2008 تحت رقم 5418/08 و الذي قضى برفض دعوى المدعين لعدم التأسيس القانوني، بدعوى أن المدة الفاصلة بين تاريخ صدور الحكم الصادر عن قسم شؤون الأسرة و المتضمن الموت الحكمي لمورث المدعين المفقود، و تاريخ التوقف عن النشاط قد تجاوزت الأجل المنصوص عليه و المشروط لإستحقاق المعاش. إذ جاء في حيثياته"..... فإن طلب المدعية بمنحة معاش زوجها غير مؤسس قانونا كونه لم يعمل خلال مدة ثلاثة أشهر السابقة عن تاريخ الوفاة، و أن شهادة العمل تثبت عملة إلى تاريخ 26/07/1994 و تم الحكم بالوفاة بتاريخ 21/05/2003 مما يتعين معه التصريح برفض الدعوى لعدم التأسيس القانوني."
و على ذلك نرى أنه من المستحسن أن يعالج المشرع مثل هذه الحالة و ذلك بسن قواعد قانونية تمكن و تيسر لذوي حقوق المفقود صرف المنح و التعويضات المستحقة دون التقيد بالإجراءات المتبعة في هذا الشأن في القواعد العامة، مع تمكين هيئة الضمان الاجتماعي من الاحتفاظ بحق مطالبة ذوي الحقوق برد ما دفعته في حال ظهور المؤمن له الغائب من جديد.
وفي هذا الإطار صدر منشور (circulaire) عن وزارة الشؤون الإجتماعية بتاريخ 03/06/1991 تحت رقم 91/09 والمتضمن تقديم منحة الوفاة و معاش التقاعد المنقول إلى ذوي حقوق الصيادون المبحرون المفقودون في البحر و الذي بموجبه تلتزم هيئات الضمان الإجتماعي (cnas / cnr) بتعويض ذوي حقوق المؤمن لهم اجتماعيا و العاملين في مجال الصيد البحري دون سواهم في حال تعرضهم لخطر الفقدان في البحر، و ذلك بتمكينهم من منحة الوفاة و الحقوق التأمينية الأخرى، شرط تقديمهم للملف المتكون من التقرير المتعلق بحادث الفقدان و المحرر من طرف إدارة الصيد البحري كما هو مقرر في الأمر 76/80 المؤرخ في 23 أكتوبر1976 المتضمن القانون البحري لاسيما المواد من 603 إلى 607 منه، و كذا تقرير بحادث العمل، بالإضافة إلى تعهد مكتوب و موقع من المستفيدين من التعويض يلتزمون فيه بإرجاع المبالغ الممنوحة لهم في حالة ظهور المؤمن له المفقود من جديد، أو تقديم شهادة تثبت وفاته و ذلك بعد حصولهم على الحكم المقرر لغيبته و الحكم القاضي بالموت الحكمي له. و بانتهاء آجال صدور الحكم دون تقديم أي بيان للوفاة، تحتفظ هيئة الضمان الإجتنماعي بحقها في المطالبة القضائية لاسترداد المبالغ المدفوعة.
و على ذلك نرى و نقترح تعميم هذه الحالة و تطبيقها على كافة الأشخاص المؤمن لهم اجتماعيا أيا كان قطاع النشاط الذي يعملون به. ذلك أن تطبيق القواعد العامة المقررة لحالة المفقود من شأنه أن يسبب ضرر مؤكد لذوي حقوقه، خاصة و التأمينات الإجتماعية كما سبق و أشرنا إليه تهدف إلى مواجهة الخطر الإجتماعي، و أن خطر الفقدان من الإخطار الإجتماعية التي تعترض المؤمن له شأنها في ذلك شأن خطر الوفاة و خطر العجز و باقي الأخطار الأخرى. مع إلزام هيئات الضمان الإجتماعي بتقديم إعانات دورية لذوي حقوق المفقود حتى قبل صدور الحكم بالوفاة الحكمي.
المطلب الثاني: الأداءات المستحقة للمستفيد من التأمين في حال تحقق الأخطار
التي تغطيها التأمينات الإجتماعية.
لما كان الهدف من إحداث نظام التأمينات الإجتماعية يرمي إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمواجهة نوع محدد من الأخطار التي تعترض المؤمن له أو الأشخاص الذين يكفلهم، فإن التشريع الخاص بالتأمينات الإجتماعية قد نص على استفادة الأشخاص الذين يشملهم التأمين من الحقوق التأمينية و التي تتمثل في الأداءات التي تمنحها صناديق الضمان الإجتماعي في حال تحقق واحد أو أكثر من تلك المخاطر. و تتمثل أداءات التأمينات الإجتماعية فيما يلي:
الفرع الأول: بالنسبة للمرض و الولادة.
تنشأ للعامل المصاب حقوق قبل صناديق الضمان الإجتماعي تتمثل في حقه في العلاج و الرعاية الطبية، بالإضافة إلى الحقوق المالية. كما أن نفس الحقوق تنشأ للمرأة العاملة أو المستفيدة من التأمين بحسب الحالة فيما يتعلق بحالة الأمومة باعتبارها كما سبق و أن أشرنا إليه من الحالات المرضية. و هذه الحقوق تناولتها المواد 07 و ما يليها و 23 و ما يليها من القانون 83/11 و هي منظمة على النحو التالي.
أولا: الحق في العلاج و الرعاية الطبية. يقصد بالعلاج و الرعاية الطبية، تقديم الخدمات و المستلزمات العلاجية المختلفة التي يستلزمها مرض المنتفع بالتأمين أو تعويضها، و التي تتمثل في الأداءات العينية لهيئات الضمان الإجتماعي. حيث يتم التكفل بمصاريف العناية الطبية و العلاجية و الوقائية للمستفيد من التأمين و ذلك من خلال تغطية الخدمات التي يؤديها لهم الأطباء بما فيهم الأخصائيون و الإقامة بالمستشفى أو المركز المتخصص، و كذا الفحوص البيولوجية و علاج الأسنان و استخلافها الإصطناعي الخاص بالأجهزة الوظيفية أو العلاجية أو تلك الضرورية لممارسة بعض المهن المحددة عن طريق التنظيم طبقا للمادة 11 من القانون 83/11. إضافة إلى النظارات الطبية و الأجهزة و الأعضاء الإصطناعية البديلة و الجبارة الفكية و الوجهية و إعادة التدريب الوظيفي للأعضاء، و كذا النقل بسيارة الإسعاف أو غيرها من وسائل النقل عندما تقتضي حالة المريض ذلك. و على العموم، فإن قائمة الخدمات الطبية و العلاجية التي تشملها الأداءات العينية للتأمين على المرض و الواردة في المادة 08 من القانون 83/11 ليست واردة على سبيل الحصر و إنما يجوز إتمامها بموجب قائمة إضافية تصدر بموجب مرسوم.
كما تتكفل هيئة الضمان الإجتماعي بمصاريف تنقل المستفيد من التأمين عند الإقتضاء في حال تم استدعاءه من أجل مراقبة طبية أو خبرة أو في إطار عمل لجنة العجز أو في حالة ما إذا استحال عليه متابعة العلاج في بلدية إقامته، إذا كانت طبيعة العلاجات الطبية المقدمة غير متوفرة فيها. و هي الحالة التي جاءت بها المادة 09 من القانون 83/11 و التي نصت على أنه " يتم التكفل بمصاريف تنقل المؤمن له، أو ذوي حقوقه، أو عند الإقتضاء مرافقه ضمن الشروط المحددة بموجب التنظيم، إذا تم إستدعاءه من أجل مراقبة طبية أو خبرة من قبل هيئة الضمان الإجتماعي أو لجنة العجز أو عندما يستحيل العلاج في بلدية إقامته. "
و على هذا تتكفل هيئة الضمان الإجتماعي بتسديد مبلغ المصاريف التي يدفعها المستفيد من التأمين بمناسبة تلقيه للعلاج في القطاعات غير المصنفة ضمن الهياكل الصحية العمومية
و ذلك على أساس نسبة 80 % من التعريفات المحددة عن طريق التنظيم. و يتم تطبيق هذه النسبة كذلك على المصاريف المدفوعة على الإستجمام و الحمامات المتخصصة مهما كانت طبيعة المؤسسة التي يتم فيها العلاج.
إلا أنه و فيما يتعلق بالحالات المحددة بالمادة 04 من المرسوم 84/27 الصادر في 11 فبراير 1984 المحدد لكيفيات تطبيق العنوان الثاني من القانون 83/11 و المعدل بموجب المرسوم 88/209 الصادر بتاريخ 18 أكتوبر 1988، فإن نسبة التعويض عن المصاريف الطبية و العلاجية ترفع إلى حدود 100% من التعريفات القانونية المحددة و ذلك في الحالات المرضية الإستثنائية لاسيما منها العلل الطويلة الأمد و الأمراض القلبية و الوراثية و أمراض الغدد و داء المفاصل الحاد و غيرها من الحالات المرضية الواردة على سبيل الحصر بالمادة 05 من المرسوم 84/27، و يشمل التعويض على أساس هذه النسبة مصاريف التزود بالدم أو المصل أو مشتقاتهما و أيضا تلك المتعلقة بوضع المولود في المحضنة و كذا مصاريف الإقامة بالمستشفى عندما تتجاوز مدتها الثلاثون (30) يوما أو عندما يتطلب العلاج توقف عن العمل لمدة متواصلة تفوق الثلاثة (03) أشهر و ذلك ابتداءا من أول يوم من الشهر الرابع (04). و المصاريف المتعلقة بالجبارة الفكية الوجهية، إعادة التدريب و التكييف الوظيفي و كذلك عندما تكون هذه التعويضات نتيجة الخدمات المقدمة للمؤمن له الحاصل على ريع حادث عمل أو مرض مهني يطابق معدل عجز قدره 50% على الأقل.بالإضافة إلى ذوي حقوق المؤمن له المتوفي و الذين احتفظ لهم بحق الإستفادة من الخدمات العينية و أيضا إذا كان المستفيد من التعويض حاصل على معاش عجز أو معاش تقاعد حل محل معاش العجز أو الحاصل على معاش تقاعد أو على منحة مقدمة لقدماء العمال الأجراء المسنين و لذوي حقوقهم إذا كان المبلغ الذي يستفيدون منه أقل أو يساوي مبلغ الأجر الوطني الأدنى المضمون. ففي كل هذه الحالات تكون نسبة التعويض في حدود نسبة 100% من التعريفات القانونية المحددة.
كما تغطي هيئة الضمان الإجتماعي نفقات العلاج بمياه الحمامات المعدنية و العلاج المتخصص الذي يصفه الطبيب لاسيما منها نفقات الرعاية الطبية و العلاج و الإقامة في المؤسسات العلاجية التي تعتمدها وزارة الصحة، و كذا مصاريف التنقل وذلك لمدة تتراوح ما بين 18 و21 يوم بالنسبة للعلاج بمياه الحمامات المعدنية للمدة المحددة بالوصفة الطبية بالنسبة للعلاج المتخصص على أن يتحمل المؤمن له النفقات المنصوص عليها في التعريفات المحددة على أساس نسبة 20% منها.
هذا وبالإضافة إلى تعويض المصاريف الطبية، العلاجية والصيدلانية تستفيد المرأة العاملة أو زوج المؤمن له اجتماعيا في باب التأمين على الولادة من تغطية وتعويض المصاريف المتعلقة بإقامتها وبإقامة مولودها ولو تعددوا بالمستشفى وذلك على أساس نسبة مئوية كاملة أي 100% شرط ألا تتعدى مدة الإقامة ثمانية (08) أيام. كما تخضع المستفيدة من التأمين في باب التأمين على الأمومة لفحوص طبية إجبارية منها ما يتم وقبل الولادة ومنها ما يتم بعدها وذلك تطبيقا لنص المادة 34 من المرسوم 84/27.
بحيث يتم لزوما إجراء أول فحص طبي كامل قبل انتهاء الشهر الثالث من الحمل وفحص قبلي خلال الشهر السادس منه على أن تنتهي الفحوص إجباريا بفحصين يجريهما مختصان بأمراض النساء والتوليد أحدهما قبل أربع أسابيع من الوضع في أقرب الحالات والآخر في أربعة أسابيع منه ( أي من الوضع) في أبعد الحالات وفي أقصى تقدير.
وتلتزم هيئة الضمان الإجتماعي بتقديم الأداءات حتى إذا تعلق الأمر بوضع عسير أو تبعات الوضع المرضي دون المساس بمدة الأداءات الممنوحة ونسبتها حيث أنها تكون مستحقة كاملة في الحدود المنصوص عليها قانونا في باب التأمين على الولادة.
وتستحق المستفيدة من التأمين جميع الأداءات المقررة في هذا الباب في حالة انقطاع الحمل الذي يحدث بعد نهاية الشهر السادس من تكوين الجنين ولو لم يولد الطفل حيا تطبيقا لنص المادة 35 من المرسوم 84/27.
وفي جميع الحالات لا يجوز لهيئة الضمان الاجتماعي أن تدفع الأداءات المستحقة للمستفيدين من التأمينات الاجتماعية خارج التراب الوطني.
و عموما تتولى هيئة الضمان الإجتماعي و تلتزم بتعويض النفقات العلاجية التي يدفعها المستفيد من التأمين، بإستثناء حالة ما إذا قصد طبيب أو صيدلية أو مؤسسة علاجية تربطها إتفاقية معها تسمح له بموجبها من الإستفادة من نظام الدفع من قبل الغير.
كما تتكفل هيئة الضمان الإجتماعي بالنفقات الناجمة عن مصاريف العلاج و الإقامة في الهياكل الصحية العمومية على أساس إتفاقيات مبرمة بينها و بين المؤسسات الصحية المعنية، لاسيما العمومية منها. و كل ذلك في حدود النسب و التعريفات المحددة بموجب التنظيم.
تلقي العلاج بالخارج: الأصل أن هيئات الضمان الاجتماعي لا تتكفل بتغطية نفقات العلاج بالخارج. إلا أنه إذا تعلق الأمر بعلاجات طارئة خلال الإقامة المؤقتة للمستفيد من التأمين بالخارج، كحالة العطل المدفوعة الأجر أو تربصات أو مهمات قصيرة المدى، فإنه يتم التكفل بالمصاريف المنفقة ضمن الشروط المطبقة في باب التأمين على المرض، على أن تحتفظ هيئة الضمان الاجتماعي بحقها في القيام بكل مراقبة طبية أو إدارية تراها ضرورية.
غير أنه إذا كانت طبيعة عمل أو دراسة المستفيد من التأمين تتطلب إقامة دائمة بالخارج على غرار الأعوان العاملين في البعثات الدبلوماسية و التمثيليات الجزائرية و أصحاب المنح الدراسية و المتربصين و كذا ذوي حقوقهم المقيمين معهم، فإن الأداءات المستحقة لهم من باب التأمين على المرض و الأمومة تتكفل بها هيئات الضمان الإجتماعي باعتبارهم ملحقين إجباريا بالنظام الجزائري للضمان الإجتماعي بما فيها التأمينات الإجتماعية.
و ما تجدر الإشارة إليه هو أن نسبة الأداءات العينية التي تقدمها هيئات الضمان الإجتماعي سواء كانت في شكل تغطية أو تعويض المصاريف و النفقات التي يدفعها المستفيد من التأمين لا تتماشى و لا تتوافق مع تكلفة العلاج التي ينفقها أو تتطلبها الحالة المرضية له باعتبار أن التعويضات الممنوحة محددة على أساس سعر مرجعي أصبح لا يمثل سوى نسبة ضئيلة مقارنة بالتكاليف التي تتطلبها التكاليف الطبية و العلاجية حاليا.
و على هذا و من أجل تفعيل الدور الحقيقي لهيئات الضمان الاجتماعي في تحقيق التوازن الاجتماعي و التكفل بالمستفيدين من التأمين في إطار مواجهة الأخطار الاجتماعية و النفقات غير العادية التي تتطلبها، نرى أنه من الضروري تحيين الأسعار المعتمدة بشكل يجعل التعويضات المستحقة و الممنوحة تتناسب حقيقة مع التكاليف التي يتحملها المستفيدون من التأمين خاصة منها تلك المتعلقة بالمصاريف الطبية و العلاجية و الإقامة بالمصحات و عيادات الولادة.
ثانيا: الحقوق المالية. بالإضافة إلى الحق في العلاج، ينشأ للمستفيد من التأمين في باب التأمين على المرض و على الولادة الحق في الأداءات النقدية. بحيث يحق للعامل الذي يتعرض لعجز سواء كان بدني أو عقلي يمنعه من مواصلة عمله أو استئنافه الحق في تعويضة يومية عن الأجر الذي يتقاضاه و ذلك على النحو التالي:
1/ بالنسبة للتعويض في حالة المرض. تختلف الحقوق المالية المتمثلة في الأداءات النقدية باختلاف السبب أو العلة التي أصابت المؤمن له اجتماعيا. بحيث يستفيد المؤمن له اجتماعيا من تعويضة يومية تحسب على أساس نسبة 100% أي قيمة ما يعادل كامل الأجرة التي كان يتقاضاها و ذلك إما لتعرضه أو إصابته بإحدى العلل الطويلة الأمد كما هي واردة في المادة 21 من المرسوم 84/27، أو في حال ما إذا تطلبت الحالة الصحية للمؤمن له الدخول إلى المستشفى و لو بسبب مرض من غير الأمراض الطويلة الأمد.
و عليه يستحق المؤمن له تعويض عن أجره كاملا بعد اقتطاع اشتراك الضمان الإجتماعي و الضريبة، على ألا تتعدى مدة الإستفادة من هذه الأداءات النقدية الثلاث (03) سنوات فيما عدا حالة التوقف الذي يتبعه استئناف العمل لمدة سنة كاملة على الأقل ففي هذه الحالة يستفيد المؤمن له من أجل جديد مدته ثلاث (03) سنوات أخرى.
غير أنه و فيما يتعلق بالأمراض من غير العلل الطويلة الأمد، فإن استحقاق التعويضات اليومية يكون عن كل يوم توقف فيه المؤمن له عن العمل، و يتم إحتساب مبلغ تعويض الأجر على أساس نسبة 50% من الأجر اليومي بعد اقتطاع اشتراك الضمان الإجتماعي و الضريبة، و ذلك إبتداءا من اليوم الأول (01) إلى غاية اليوم الخامس عشر (15) الموالي للتوقف عن العمل. و تتحول إلى نسبة 100% من الأجر اليومي أي ما يعادل الأجرة كاملة إبتداءا من اليوم السادس عشر (16) الموالي للتوقف عن العمل. شرط ألا تتجاوز قيمة واحد من ستين (1/60) أو واحد من ثلاثين (1/30) حسب الحالة من الأجر الذي كان يتقاضاه و المعتمد كأساس في حساب الإشتراكات، دون أن تقل قيمتها عن (08) مرات المبلغ الصافي لمعدل الساعات للأجر الوطني الأدنى المضمون، و منه فإذا كان مبلغ التعويضة اليومية أقل من ذلك وجب على هيئة الضمان الإجتماعي تعديله و رفعه إلى الحد الأدنى للأجر الوطني الأدنى المضمون.
و في جميع الأحوال لا يجب أن يستفيد المؤمن له أكثر من ثلاثمائة (300) تعويضة يومية إذا ما استمرت الحالة المرضية للمؤمن له أكثر من سنتين متتاليتين و لو بسبب علل مختلفة.
2/ بالنسبة للتعويض في حالة الولادة. باعتباره من الحالات المرضية، ينشأ للمرأة العاملة إذا ما اضطرتها حالتها الصحية المرتبطة بحالة الحمل و الوضع إلى التوقف عن العمل الحق في تعويضة يومية كاملة أي بنسبة 100% من الأجر يومي الذي تتقاضاه بعد اقتطاع المبالغ المستحقة لهيئة الضمان الإجتماعي و التي تمثل نسبة الإشتراك بالإضافة إلى المبالغ المستحقة لمصالح الضرائب، و ذلك لمدة أربعة عشر (14) أسبوعا متتاليا تبدأ على الأقل ستة (06) أسابيع منها قبل التاريخ المحتمل للولادة. و تقوم هيئة الضمان الإجتماعي وجوبا بتعديل مبلغ التعويضة اليومية المستحقة و رفعه إلى حدود ثمانية (08) أضعاف المبلغ الصافي لمعدل الساعات للأجر الوطني الأدنى المضمون إذا كان أقل من ذلك، بعد أن يتم حسابه بناءا على الوثائق التي تقدمها المؤمن لها وجوبا و التي تتمثل في شهادة تبين تاريخ الإنقطاع عن العمل و مبلغ الرواتب الأخيرة.
و عليه، يطرح التساؤل حول طبيعة الأداءات النقدية التي تقدمها هيئات الضمان الإجتماعي.
هل تعتبر تعويض أم أجر؟. تعتبر الأداءات النقدية المستحقة للمستفيد من التأمين الذي تضطره حالته الصحية إلى التوقف عن العمل بمثابة تعويض عن الأجر الذي يتوقف صرفه له بسبب تخلفه عن عمله إلى حين شفائه أو ثبوت عجزه المستديم أو حدوث وفاته. على اعتبار أن العلة من منحها هي حيلولة الإصابة بينه و بين أداءه لعمله. كما أن طبيعة الأجر تقتضي أن يمنح مقابل أداء عمل ما، و بما أن المستفيد من التأمين في حالة توقف عن ممارسة النشاط المهني بسبب الإصابة فلا يمكن القول بأن هذه الأداءات أجرا و إنما هي تعويض. و هي النتيجة التي خلص إليها القضاء المقارن من خلال قرارات محكمة النقض المصرية في الطعن رقم 28 بجلسة 16/12/1976 و في الطعن رقم 814 بجلسة 17/06/1979 و في الطعن رقم 19 بجلسة 11/04/1983.
الجمع بين التعويض المالي و الأجر باعتبار أن الأداءات النقدية التي تقدمها هيئة الضمان الإجتماعي للمؤمن له الذي يمنعه عجز بدني أو عقلي من مواصلة عمله بمثابة تعويض عن الأجر الذي يفقده نتيجة توقفه عن أداء عمل، فإنه لا يجوز له ممارسة أي نشاط مهني تحت طائلة سقوط حقه في الإستمرار من الإستفادة من التعويضات اليومية. و بالنتيجة فإنه لا يجوز للمستفيد من الأداءات النقدية لهيئات الضمان الإجتماعي أن يجمع بينها و بين اجر يتقاضاه عن ممارسة نشاط مهني مهما كان.
إلا أنه و في حالات خاصة، و بالرجوع إلى الحكم الوارد في المادة 17 من القانون 83/11 يتبين لنا بأنه يجوز للمؤمن له أن يستفيد من التعويض و الأجر في آن واحد و ذلك بصفة كلية أم جزئية، إذا تقرر من خلال المعاينة الطبية بأن العمل المؤدى من المستفيد كفيل بمساعدته على تحسين حالته الصحية، أو أنه إذا اقتضت الضرورة إلى إعادة تدريبه وظيفيا، و إعادة تأهيله مهنيا حتى يتمكن من شغل منصب عمل مناسب لحالته. و في جميع الحالات، لا يجوز أن تتعدى فترة العمل هذه سنة واحدة (01) من مجموع السنوات الثلاث (03). على أن يحتفظ المؤمن له بالحق في الأجر الذي كان يتلقاه سابقا أي قبل تعرضه لمرض.
الفرع الثاني: بالنسبة العجز و الوفاة.
باعتبارها كذلك من المخاطر الإجتماعية التي تكفلها و تغطيها التأمينات الإجتماعية، يستفيد المؤمن لهم اجتماعيا أو ذوي حقوقهم بحسب الحالة من معاش تتكفل هيئة الضمان الإجتماعي بتسديده. ذلك أن خطر العجز أو خطر الوفاة يعتبران من الأخطار المحتملة الوقوع في أية مرحلة من عمر الإنسان، بالإضافة إلى ما يترتب عليه من فقدان المؤمن له أو ذوي حقوقه القدرة على الكسب و انقطاع مورد رزقهم. مما أدى بنظم التأمينات الإجتماعية إلى إعطاءه أهمية كبرى بهدف علاج الآثار المترتبة عنها سواء العاجلة منها أم الآجلة، و ذلك ما سوف سنتعرض إليه فيما يأتي.
أولا: الأداءات المتعلقـة بحالـة العجـز. و هي تتمثل في مجموع الأداءات النقدية و العينية المستحقة لفائدة المؤمن له في حال تعرضه إلى إصابة تجبره على التوقف عن ممارسة عمله، و هي على النحو التالي:
1/ الحقوق المالية لصاحب معاش العجز. كما أسلفنا سابقا، فإن تأمين العجز يهدف إلى إفادة المؤمن له الذي يضطره العجز إلى الإنقطاع عن عمله من معاش عجز. و منه يحق لكل من منعه عجزه من مزاولة نشاطه المهني الحصول على معاش بشرط ألا يبلغ السن القانونية التي تخول له الحق في الإحالة على التقاعد، لأنه في هذه الحالة لا يقبل طلبه المتعلق بمعاش العجز و يتم إحالته مباشرة على نظام التقاعد.
غير أن المؤمن له الذي لا يستوفي شرط مدة العمل فإن شرط السن لا يسري عليه. أي لا يحال على نظام التقاعد و لو كانت سنه تسمح له بذلك.
أما إذا تم قبول طلب معاش العجز، يستفيد المؤمن له من مبلغ معاش بما يتناسب مع الصنف المحدد لطبيعة و نسبة عجزه كما هو محدد في المواد 36 و 37 من القانون 83/11 و التي تصنف العجز إلى ثلاث (03) أصناف من حيث تحضير مبلغ العجز.
الصنف الأول: و يستفيد من مبلغ معاش سنوي يعادل ما نسبته 60% من الأجر السنوي المتوسط للمنصب الذي كان يشغله قبل إصابته.
الصنف الثاني: يستفيد المؤمن لهم المدرجون في هذا الصنف من مبلغ معاش عجز سنوي محسوب على أساس 80% من الأجر السنوي المتوسط للمنصب الذي كان يشغله قبل ثبوت العجز.
الصنف الثالث: يحق للمؤمن لهم المدرجون ضمن هذا الصنف أن يستفيدوا من مبلغ سنوي لمعاش عجز يقدر ب 80% من الأجر السنوي المتوسط للمنصب الذي كان يشغله، مع زيادة نسبة 40% منه، و التي تمثل مقابل مساعدة الغير للمؤمن له المصاب، باعتبار أن المصنفون عجزة من الصنف الثالث هم من الذين يحتاجون دوما إلى مساعدة الغير في القيام بالوظائف اليومية. على ألا تقل هذه الزيادة عن إثني عشر ألف 12.000,00 دينار.
و في جميع الحالات لا يجوز أن يقل المبلغ السنوي لمعاش العجز مهما كان الصنف الذي ينتمي إليه المؤمن له عن 75% من المبلغ السنوي للأجر الوطني الأدنى المضمون. على أن تلتزم هيئة الضمان الإجتماعي بدفعه شهريا و مباشرة عند حلول أجل استحقاقه.
و الملاحظ أن تصنيف العجز على النحو السابق يخص فقط العمال الأجراء دون سواهم. ذلك أنه و بالرجوع إلى المرسوم 85/35 المتعلق بالضمان الإجتماعي للأشخاص غير الأجراء الذين يمارسون عملا مهنيا. فإن قيمة المبلغ السنوي لمعاش العجز لهذه الفئة تحسب في جميع الحالات على أساس 80% من الدخل السنوي الخاضع لإشتراك الضريبة بعنوان الضريبة على الدخل الذي يصرح به المؤمن له، مع الأخذ بعين الإعتبار حالة المؤمن له و حاجته إلى مساعدة الغير، بحيث يتم رفع مبلغ المعاش في هذه الحالة بنسبة 40%. كل ذلك في حدود الحد الأقصى المقدر بثماني (08) مرات المبلغ السنوي للأجر الوطني الأدنى المضمون. أي أن قيمة مبلغ معاش العجز لا يجوز أن تتجاوز الحد الأقصى مهما بلغ المبلغ السنوي المصرح به و الخاضع للإشتراك.
مراجعة معاش العجز يجوز مراجعة مبلغ المعاش تبعا لتطور الحالة الصحية للمؤمن له و تغير حالة العجز، فباعتباره من طبيعة مؤقتة، يجوز لهيئة الضمان الإجتماعي أن تراجع مبلغ المعاش بأن تعدله أو ترفع في قيمته إذا تبين لها بعد الفحوص الطبية التي يخضع لها المؤمن له وجوبا بأن حالته لصحية قد تغيرت سواء بالشفاء أو الإنتك