بسم الله الرحمن الرحيم
" كل المواطنين سواسية أمام القانون … ".
المادة 29 من الدستور
" يتساوى جميع المواطنين في تقلد المهام والوظائف في الدولة دون أية شروط
أخرى غير الشروط التي يحددها القانون".
المادة 51 من الدستور
هذه المساهمة المتواضعة عبارة عن بعض الملاحظات حول موضوع سياسة التمييز التي تنتهجها الحكومة في تعاملهـا مع مختلف قطــاعات الوظيفــة العمومية، من خــلال إجراء مقــارنة لمختلـــف القوانيـــن الأساسيـة و نظم التعويضات الصادرة في هذا المجال و يتجلى هذا التمييز في جانبين :
- التمييز بين قطاع و قطاع مثال ( المالية، الأسلاك المشتركة، التربية… ).
- التمييز في التعامل مع أصحاب الشهادات و المؤهلات العلمية.
خصصت الجزء الأول من هذه الملاحظات إلى التمييز من حيث أجال صدور القوانين الأساسية أما الجزء الثاني فخصصته إلى المقارنة بين بعض القــوانين الأســاسية و نظم التعويضـــات.
الملاحظ لمختلف القوانين الأساسية و نظم التعويضــات الصادرة لحد الآن يصـــل إلى قنــاعة أن الحكومة لا تتعامل مع مختلف قطاعات الوظيفة العمومية على قدم المساواة و هذا سواء من حيث تاريخ صدور هذه القوانين أو من حيث أحكام هذه القوانين.
أولا : من حيث أجال صدور القوانين :
إذ نجد مثلا أن القانون الأسـاسي الخــاص بالموظفين المنتمين للأسلاك المشتركة صدر في 19 يناير سنة 2008، بينما لم يصدر لحد الآن - و نحن في الثلاثي الأول من سنة 2011- عدة قوانين أساسية لقطاعات أخر وحجة الحكومة في ذلك أن بعض القطاعات لم تتمكن من إعداد مشاريع هذه القوانين و هي حجة لا يقبلها عاقل بالنظر إلى محتوى هذه القوانين و بالنظر إلى الإمكانيات البشرية و المادية المتاحة لدى مختلف الوزارات.
بل أن الحقيقة هي أن رزنامة صرف مخلفات هذه الزيادات بأثر رجعي ابتداء من 01 يناير 2008 -- عكس ما كانت تتوقع الحكومة التي تراجعت عن قرارها القاضي بصرفها ابتداء من تاريخ صدور القوانين الأساسية تحت ضغط الإضرابات - هي التي فرضت هذا التأخر لان حجم هذه المخلفات يفوق بكثير ما هو مرصود لها في مختلف الميزانيات ، كما أن صرف هذه المخلفات أدى إلى ظاهرة خروج كتلة نقدية ضخمة من السيولة متداولة خارج يد المؤسسات المالية للدولة الشيء الذي فرض على الحكومة اعتماد سياسة التأخير هذه لتقليص من حجم هذه الظاهرة.
و لعل أهم مظهر لهذه الأخيرة هو التضخم الذي وصل إلى مستويات قياسية و شح و انعدام سيولة نقدية لدى مختلف المؤسسات المالية ( مصالح البريد، بنوك) هذا الواقع أدى بدوره إلى فقدان ثقة المواطن في هذه المؤسسات المالية مما أدى بهذا الأخير إلى سحب أمواله و إحجامه على أي عملية إيداع أو ادخار ليزيد من حجم المشكل.
لذلك فان الحكومة التي تتحجج بأن بعض القوانين الأساسية تتطلب إعادة النظر في مختلف الوظائف و الرتب كالقانون الأساسي لعمال البلديات و تسوق لنا فكرة أن هناك مجهودات جبارة لإتمام انجاز هذه القوانين و ذلك بتشكيل للجان و خبراء، حجة واهية و عارية من الصحة لأنه لو كان الأمر كذلك لم تم إصدار القانون الأساسي للوالي مثلا الذي يتضمن رتبتين فقط هما الوالي و الوالي المنتدب أو قانون الأمين العام للبلدية الذي يتضمن رتبة واحدة فقط أو قانون الحرس البلدي الذي لا يستدعي إعادة النظر في رتبه باعتبار انه نظام شبه عسكري، وهي حجة كانت يمكن أن تكون مقبولة لو أن هذا التأخير كان في اجل منطقي و معقول و ليس بعد مرور أكثر من 3 سنوات.
و عليه فان الحكومة تبنت معيار وحيد لإصدار هذه القوانين هو منطق إسكات القطاعات التي تعرف إضرابات و احتجاجات على حساب القطاعات الأخرى، لذلك نجد أن عمــال التربية مثلا قد صدر قــانونهم الأســاسي و نظــامهم التعويضي و استفــادوا من جميع المخلفـات، لأنه ببساطة القطاع الذي عرف اشد الاحتجاجات، وخير دليل على هذه السيــاسة هو تراجعهــا عن الكثير من القوانين و القرارات التي اتخذتها و التي أدت إلى إشعال الجبهة الاجتماعية لعل أخرها إصدار مرسوم لذلك
إلى اللقاء في الجزء الثاني