استعرض الموضوع التالياذهب الى الأسفلاستعرض الموضوع السابق

الجزائر في مواجهة الاستعمارات الخارجية Empty الجزائر في مواجهة الاستعمارات الخارجية

avatar
karmes
موظف درجة 12
ذكر

الاقامة : عنابة

المشاركات : 9268

نقاط : 13578

تاريخ التسجيل : 25/06/2011

تمت المشاركة الخميس 27 نوفمبر 2014, 12:49
مقدمة
الجزائر في مواجهة الاستعمارات الخارجية
روح المقاومة عقيدة جزائرية مند الآلاف السنين   
تاريخ مقاومة الشعب الجزائري  ضد محاولات  غزو بلاده تمتد الى الالاف السنين  فمند  عهد الاستعمار الروماني  وصولا الى  فترة  الاحتلال الأوربي الفرنسي الصليبي  لم يرضخ ابناء المحروسة لشتى انواع الهيمنة الخارجية فخلال 132 سنة خاض الجزائريون اكثر من 19 ثورة   لاقتلاع  جدور  الاستعمار الفرنسي الأوروبي  من أرضهم أخرها كانت ثورة أول نوفمبر العظيمة
ثورة كان لها الفضل في  التصدي     لسياسة الأرض المحروقة والإبادة الجماعية ، التى تبنها المستوطنون الأوربيون  بقيادة فرنسة الاستعمارية طيلة   مائة واثنين وثلاثون عاما  .  ورغم قلة الإمكانيات الحربية  وقوة المستعمر الا   ان عبقرية  ابطال نوفمبر  تمكنوا من  بناء   جيش تحرير ي   استطاع  في ظرف سبعة سنوات ونصف  الانتصار على الاستعمار الفرنسي المدعم من طرف دول اوروبا والحلف الأطلسي.
أرض الجزائر كانت  قبل الاحتلال الأوروبي الفرنسي  ،محل أطماع الكثير من الدول وعلى رأسهم فرنسا ،اسبانيا ،أمريكا ، وبريطانيا ، حيث كانت هده الدول  طيلة ثلاثة قرون   تعد  الخطط  السرية للقضاء على الدولة الجزائرية ،التي كانت أقوى دولة في البحر الأبيض المتوسط بفضل أسطولها البحري،  أسطول كان له الفضل في إحباط محاولات الغزو التي قامت بها  فرنسا  ومعها دول اروروبا وأمريكا ..
 قبل نجاح فرنسا في احتلال الجزائر كانت هده الاخيرة قد  تعرضت  في بداية القرن ال 16 م  للعديد من الحملات العسكرية   الازروبية    كحملات بيدرونا فاروا على المرسى الكبير  سنة  1505 م ومسرغين   عام1507 م  ووهران  سنة  1509 م  وبجاية  سنة 1510 م  وعنابة  سنة  1510 م .    كما   تعرضت مدينة الجزائر لوحدها لعدة حملات     كحملة ديبقود وفيرا   عام 1516 م.  و حملة دون هوغور ومونكار   عام 1519 م.  و حملة شرلكان الكبرى الفاشلة   عام 1541 م، التي باركها وأيدها البابا بول الثالث واشترك فيها قراصنة إيطاليا وصقلية وفرسان مالطة.   حملة البابا بيوس الرابع الصليبية   عام 1555 م و 1560 م التي اشترك فيها فرسان مالطة و نائب ملك نابلي، وقادها نائب ملك صقلية الدوق دومدنيا  و حملة أندري دوريا على مدينة شرشال عام 1531 م     غارة خوان قسكون الإسباني ضد مدينة الجزائر عام 1567 م بمساعدة وتأييد ملك إسبانيا. ،  الحملة الصليبية الضخمة ضد الجزائر العاصمة عام 1601 م التي اشتركت فيها قوات البابا، وجنوده، ونابلي والطوسكانة.
 الجزائر شكلت أكبر هدف لمعظم الحملات العسكرية التي قادها أباطرة وملوك وأمراء وقراصنة الأوروبيين من أمثال شارلكان الإسباني،  الكاردينال كزيمنس الطليطلي،  وأندري دوريا الجنوي، وقد  تزعم هذه الحركة البرتغال وإسبانيا، تحت  شعار ضرب المسلمين في شمال غرب أفريقيا وهي الجزائر ، منعا للقرصنة التي كان يقوم بها المسلمون حسب ادعاءاتهم على الشواطئ الأطلسية والمتوسط. ويظهر من خلال هذا الشعار، قوة الدافع الديني إلى جانب الدافع الاقتصادي، وقد سيطرت  الروح الصليبية على حاكم أرغون  المسمى فرديناند  وحاكمة قشتالة  المدعوة  إيزابيلا  حيث بديا أكثر تعصبا و تأججا من صليبية القرن ال 11 م ،  ولإنجاح الغزوات الصليبية على الجزائر قام البابوات بتقديم وعودا للبحارة الذين يشاركون  فيها  بالفوز بالجنة، هؤلاء  كانوا  يمضون  بمرافقة رجال الدين  لنشر الكاثوليكية  في الاماكن التى يتم استبطانها  ،في هدا الشأن صدرت خلال  السنوات 1447 م 1455 م، 1456 م، 1493 م ،عدة مراسيم  من  من بينها مرسوم  البابا نيقولا ال 5، كالسين ال 3، اسكندر ال 6   كلها  تشجع على المضي قدما لغزو الجزائر وبلاد شمال إفريقيا    وقد اصدر   البابا نيقولا ال 5  أمرا الى الأمير  هنري يمنحه الحق في السيطرة على جميع البلاد التي تخضع للمسلمين  قائلا له (إن سرورنا لعظيم أن نعلم أن ولدنا العزيز هنري أمير البرتغال قد سار في خطى أبيه الملك جون بوصفه جنديا قديرا من جنود المسيح ليقضي على أعداء الله وأعداء المسيح من المسلمين والكفرة.) ،  
 الجزائر التى حاولت فرنسا الاستعمارية محو تاريخها الحضاري من الوجود كتب عنها  ألبرت فرحات  في مذكرة صغيرة   جاء فيها "ان  « اسم «الجزائر» بالفرنسية «Alger» والذي ينطق "ألجي" مشتق من الكتالانية «Alguère» وهو بدوره مشتق من «الجزاير» (جزاير بني مزغنة) وهو الاسم الذي أطلقه عليها بولوغين ابن زيري مؤسس الدولة الزيرية عند بنائها سنة 960 ميلادية على أنقاض المدينة الرومانية القديمة التي كانت تحمل اسم إكوزيوم «Icosium» ويشير الاسم إلى الجزر التي كانت قبالة ميناء الجزائر في تلك الحقبة والتي تم دمجها فيما بعد بالرصيف الحالي للميناء.
مصطلح جزيرة وفقا لجغرافيي المسلمين العصور الوسطى يمكن أن يشير إلى الساحل الخصب للجزائر الحالية  الواقع بين الصحراء الكبرى والبحر الأبيض المتوسط.
من أوائل من أشار إليها باسم جزائر بني مزغنة الجغرافي المسلم أبو القاسم إبراهيم محمد الكرخي وذلك في أوائل القرن الرابع الهجري، فقال :« وجزائر بني مزغنة مدينة عامرة يحف بها طوائف من البربر، وهي من الخصب والسعة على غاية ما تكون المدن». 
 وقد وصفها أبو القاسم محمد بن حوقل عندما زارها في عهد بلكين  حوالي سنة 337 هـ فقال :« وجزائر بني مزغنة مدينة عليها سور في نحو البحر، وفيها أسواق كثيرة ولها عيون على البحر طيبة، وشربهم منها، ولها بادية كبيرة، وجبال فيها قبائل من البربر كبيرة، وأكثر المواشي من البقر والغنم سائمة في الجبال ولهم من العسل ما يجهز عنهم والسمن والتين ما يقع به وبغيره، من هذه الأسباب الجهاز إلى القيروان وغيرها، ولهم جزيرة تحاذيها في البحر إذا نزل بهم عدو لجأوا إليها، فكانوا بها في منعة وأمن» في ذات السياق ذكر الجغرافي الأندلسي الشهير أبو عبيد البكري في كتابه المسالك والممالك  الذي وصف فيه  شمال أفريقيا  في الفصل الذي يتحدث عن الطريق بين آشير وجزاير بني مزغنة حوالي 1068م  أي حوالي ستة قرون قبل وصول الأتراك «....وهي مدينة جليلة قديمة البنيان، فيها آثار للأول وأزاج محكمة تدل على أنها كانت دار ملك لسالف الأمم».  
في عام 202 قبل الميلاد أ وقعت الجزائر  تحت الهيمنة الرومانية   اثر حلف  وقغ بين سكيبيو الإفريقي وماسينيسا ضد قرطاج ، وغير اسمها من ايكوسيم بالفينيقية إلى اللاتينية ليصبح اٍيكوسيوم  « جزيرة النورس »  تحت حكم يوبا الأول وبطليموس. حاول بطليموس الموريطني أن يسيطر على قبائل مغراوة الأمازيغية المتواجدة بكثرة في محيط إكوسيوم فقام بنقل جزء منهم إلى الشلف  وحارب المقاومين البربر الذين أثارهم تاكفاريناس.  
بعد تاكفاريناس قام البربري فيرموس  خلال  القرن الرابع الميلادي بتحطيم إكوسيوم بمساعدة جميع القبائل البربرية التي  كانت تعيش في الجبال المحيطة  بالمدينة .
حوالى القرن الخامس الميلادي تم إدخال المسيحية إلى إكوسيوم، و في عام 429 م سقطت المدينة تحت سيطرة الوندال أثناء غزوهم لشمال أفريقيا وظلوا فيها حتى عام 442 م حيث ثم عقد معاهدة سمحت لروما باسترجاع اِيكوسيوم وهذا لمدة 100 سنة التي ظل فيها الونذال بالجزائر ،و بعد عام  533 م   سيطر عليها البيزنطيون  الدين هوجموا من قبل قبائل البربر.
أدخلت الفتوحات الإسلامية الإسلام إلى شمال أفريقيا خلال عام 710م ، في ذلك الوقت كانت المدينة خاضعة لحكم سلالة المغراويون الزناتة ، وقتها   كان زيري بن مناد الصنهاجي موالياً للفاطميين وقد أثبت شجاعته لهم عندما فاز على بربر الزناتة الخوارج  مغراوة، بنو يفرن...  ، بعد وفات أبو يزيد استولى زيري بن مناد على المنطقة الوسطى وأسس آشير عاصمة للزيريين.
بحسب ابن خلدون فان  منطقة الجزائر كان يسكنها صنهاجة مع حكم سلالة الزيريين  و هم من أوائل الصنهاجيين الدين  احتلوا مناطق المسيلة، المدية والجزائر   ، بولوغين بن زيري وبتصريح من أبيه زيري بن مناد قام بتأسيس ثلاث مدن هي جزاير بني مزغنة، المدية ومليانة   بعد طرد الزناتة ، حيث قام بولوغين بن زيري بإعادة بناء إكوسيوم في منتصف القرن العاشر  وذلك من خلال تحصين وتوسيع الموقع الذي كانت تحتله قبائل بني مزغنة وسماها جزاير بني مزغنة سنة 960م.  
في وقت مبكر من عام  1302م  كانت أسبانيا تحتل جزيرة الصخرة أمام ميناء الجزائر ،   ورغم دلك  كان هناك قدرا كبيرا من التجارة التي بدأت في التدفق بين الجزائر وأسبانيا  التى كانت تعتبر  الجزائر ، ذات أهمية ضئيلة نسبيا حتى بعد طرد الموريسكيين من إسبانيا  خلال عام 1492 م .
خلال  عام 1510 حاصر الأسبان مدينة  الجزائر وبنوا حصنا على جزيرة صغيرة تقع  في خليجها وهي  جزيرة بينون  فقصفوها  ومنعوا الإمدادات عنها ، فقام خلال عام 1516 سالم بن تومي قائد بني مزغنة  بطلب   المساعدة من الأتراك . 
عندما كانت المدينة تحت المظلة  العثمانية كانت محاطة بسور من جميع الأطراف و على طول الواجهة البحرية و كان يوجد في هذا السور خمسة أبواب تسمح بولوج المدينة وخمسة طرق واحد من من كل باب تعبر المدينة حتى تلتقي أمام مسجد كتشاوة ، الطريق الرئيسي بالمدينة يمتد من الشمال إلى الجنوب ليقسمها إلى قسمين ،  المدينة العليا (آل-جبل، أو 'الجبل') و تتألف من حوالي خمسين حارة صغيرة من الأندلسيين، اليهود، المور والقبائل.  المدينة المنخفضة (الوطاء، أو 'الأرض المنبسطة')  وهي المركز الإداري والعسكري والتجاري للمدينة، يسكنها غالبية من الشخصيات التركية وغيرها من أسر الطبقة العليا. في  عام 1556 شيدت قلعة في أعلى مكان من السور    
 ان  ظهور الإنسان الجزائري يعود الى 600 ألف سنة كما دلت عليه     الرسوم التي اكتشفت بنواحي تاسليي  ،الهقار  ، كسور ومناطق أخرى ،حيث كان   سكّان شمال  افريقيا   يلقبون بالبربر ،  توزعوا  على بلاد المغرب الكبير ، وأول  تنظيم دولي لهم، وإن كانت دولة عابرة، كان في أيام الحروب البونيقية  بين قرطاجة والرومان وذلك في القرن الثالث قبل الميلاد.
 بعدها  تمكن  الفينيقيون  من السيطرة  على التجارة الداخلية والخارجية لسواحل البحر المتوسط، و  أنشئوا محطات تجارية، كان  من أبرزها قرطاجنة في  عام 814 ق.م  التي أقيمت على  الساحل التونسي. وقد امتد نفوذ قرطاجنة ليصل إلى غاية السواحل الجزائرية، فأسسوا بها مدناً ساحلية  ، كبجاية وتنس وشرشال وهيبون (عنابه)، جيجل ووهران.
الفينيقيون هم أمة سامية من ولد كنعان بن لاوذ بن سام بن نوح عليه السلام كانوا مستقرين بجزيرة العرب وارتحلوا بعد ذلك إلى الشام مع إخوانهم ليستقروا بفينيقيا، أرض لبنان الحالية وجزء من سوريا وفلسطين،  فأصبحت  الشام يطلق عليها أرض كنعان وهم العرب في نسبهم ووطنهم.     
 
بعد انتهاء الاحتلال الروماني لبلاد المغرب العربي ، خلفه الاحتلال الوندالي الدي  دام من  عام 429 م إلى غاية عام 534 م، حيث دخلوا من الجهة الغربية للمغرب عبر مضيق جبل طارق، وزحفوا حتى وصلوا إلى قرطاجة  فاستقروا هناك  ، قاموا بإعمال تخريبية كبيرة و استولواعلى  الأراضي الخصبة ، وعاملوا المغاربة بوحشية كبيرة .
 تمكن المغاربة في ظل الحكم الوندالي من إنشاء إمارات ، كمملكة التافنة  التى امتدت من الشلف إلى ملوية، مملكة الحضنة  شملت منطقة التيطري، مملكة الاوراس شملت الشمال الشرقي من الجزائر  ،وانتهى الحكم الوندالي بالمغرب سنة 534 م على يد البيزنطيين لتبقى الجزائر تحت حكم الاحتلال البيزنطي  الى غاية  عصر الفتوحات الإسلامية.
 
خلفيات الصراع الجزائري أوروبي الأمريكي في البحر الأبيض المتوسط
  أن الوضع الجغرافي للجزائر ودول شمال إفريقيا  و دول جنوب أوروبا في غرب البحر الأبيض ، جعل من المحتم أن تدخل هذه المنطقة في صراع عنيف من أجل السيطرة والنفوذ ، في مضايق جبل طارق وصقلية     ومع منتصف القرن الخامس أصبح واضحا أن ميزان القوي، أصبح يرجح نحو جهة جديدة  ففي غرب البحر الأبيض رجح لصالح أسبانيا والبرتغال ضد الأندلسيين (المور)، وفي شرقه رجح لصالح العثمانيين ضد النمساويين. 
  مع نهاية القرن 15 نجح الأسبانيون مع  البرتغاليون في طرد الأندلسيين من شبه جزيرة إيبيريا،  مما اضطروهم  لنزوح إلى الجزائر ودول  إفريقيا الشمالية.  الأسبانيين لم يتوقفوا عند ذلك، بل إستهدفوا إحتلال إفريقيا الشمالية  ،   فأصبحت  مواني ومدن سبتة،  وهران،  الجزائر،  تونس، وطرابلس  كلها مهددة بالتوسع الأسباني ، الأسبان لم يكونوا وحدهم في هذا الصراع ،  بل تلقوا التأييد من طرف البرتغاليين، وأهالي جنوا، ونابولي، وسردينيا، و فرق  أخرى من الأمبراطوية المقدسة ،لذلك كان الوضع يبدو ميؤوسا منه في نظر أهالي إفريقية الشمالية الدين  طلبوا من الدولة العثمانية أن تتحالف معهم لطرد الأجانب من بلادهم فتحالفت الجزائر سنة 1516 مع الدولة العثمانية ،ا لتلتحق بعدها كل من تونس وطرابلس ، أما المغرب  فلم تدخل في تحالف رسمي  ولكنها تعاونت  بدلا من ذلك  مع جيرانها.
  فقضية القرصنة التي ألصقت بدول إفريقيا الشمالية(المغرب، الجزائر، تونس، ليبيا) ، كان وراءها  الكتاب الأوروبيون  والأمريكيون  ،  بدأت مند سنة 1516 حيث إتبعها أهالي المنطقة للدفاع عن حقوقهم حفظا  لتوزان القوى،  ولكن هؤلاء  الكتاب  ، نسوا أن معظم الدول الأوروبية في ذلك الوقت كانت تتبع نفس السياسة في العالم الجديد، وفي جنوب شرق آسيا، وفي البحر الأبيض، ولم تتغير سياسة هذه الدول في الحقيقة  الا  بعد مؤتمر فيينا سنة 1815 .
  عوامل كثيرة ساهمت في خلق الصراع في غرب البحر الأبيض خلال أكثر من ثلاثة قرون ،  وكان  العامل الديني  أقواها جميعا. فالأندلسيون كانوا قد طردوا من الأندلس باسم قضية دينية ،اين لعبت الكنيسة  دورا هاما في استمرار الصراع من الطرفين ، النسما هي أيضا  أعلنت  شبه حرب مقدسة ضد تقدم العثمانيين في وسط أروبا،   ومرة أخرى أظهرت الكنيسة  تأثيرها في توجيه ميزان القوى.
 بالإضافة الى العامل الديني كانت هناك المنافسات التجارية بين الدول المعنية، وقد كانت مضايف جبل طارق وصقلية مركزا للنزاع فكل من يبسط نفوذه على هذه المضايق يضمن لنفسه السلطة في المنطقة. وبالإضافة الى ذلك فإن كل من  موانيء الجزائر،  طنجة،  تونس،  مارسيليا، وجنوا كانت هامة بدرجة كبيرة. أما في شرق البحر الأبيض فإن مضايق الدردنيل، وجزر البحر الأدرياتيكي، والخليج الفارسي كانت كلها أسبابا أخرى للنزاع ،وقد ظهرت المنافسات التجارية في عدة أشكال،   أكثرها وضوحا هي  التنازلات  أو الإتفاق بين فرنسا وتركيا، والشركات الشرقية،  بالإضافة إلى  عدد آخر من المشاريع التجارية التي كونتها الدول الأوروبية في منطقة إفريقيا الشمالية.
 الولايات المتحدة  لم تشارك في هذا الصراع الا بعد حصولها على الاستقلال ،فعندما كانت بريطانيا هي السيدة في أمريكا الشمالية كانت هي التي تحمي المصالح التجارية في منطقة البحر الأبيض  نظرا لتفاهم  هده الاخيرة في تفاهم مع الجزائر خاصة و دول إفريقيا الشمالية عامة  ،حيث  كانت تتمتع بإمتيازات عظيمة ،   بعد سنة 1776 كان على الولايات المتحدة أن تتولى مسؤوليتها بنفسها، لان معظم الدول الأوروبية كانت تتمتع  بعلاقات ودية مع دول إفريقيا الشمالية، ولاسيما بريطانيا، وفرنسا، وهولاندا، والدول الإسكندينافية، في هدا الشأن  كشف   الكاتب أرفينغ   علاقة بريطانيا بكل من مستعمراتها في أمريكا الشمالية ودول إفريقية الشمالية   فائلا
 "إن سياسة بريطانيا في غرب البحر الأبيض... كانت بشكل واضح في صالح مستعمراتها (يقصد الولايات المتحدة)، فقد أعطتها (إلى المستعمرات) قاعدة سياسية لتجارة مربحة، كما أنها قد سمحت لها بتفادي دفع
  الجزية، ثم أنها قد أمنتها وحمتها وجعلتها تتمتع بوضع لا تتمتع به إلا الأمم الأوروبية ذات الامتيازات الخاصة "
 بخصوص  المفاوضات المباشرة  مع  الجزائر،  بذلت أمريكا جهود ا كبيرة  لكي تحافظ على علاقات ودية مع العضو الجديد في مسرح النزاع وهي الجزائر ،  و نتيجة لعوامل أخرى أعترف بها  أرفينغ نفسه، ظهرت الصعوبات على السطح وأصبح النزاع ضروريا   بسبب
1 ـ بطء اتخاذ القرارات الأمريكية  مثلا أن المعاهد التي جرت المفاوضة بشأنها في الجزائر سنة 1815 لم تصادق عليها الولايات المتحدة سوى سنة 1822  .
2 ـ النقص في تنسيق الاتصالات، فالرسالة قد تأخذ شهرين قبل أن تصل الطرف الآخر، بل أن بعض الرسائل قد ضاعت نتيجة لضياع إحدى السفن أو إلقاء القبض على حاملها   .
3 ـ تقص المعلومات عن الشعوب والبلاد المعنية ، فهناك رجل مغربي متدين قد إقنع رئيس دولته، لكي يوقع معاهدة مع وفد أمريكي، بأن الدين في الولايات المتحدة كان هو نفس الدين في المغرب.
 بالإضافة الى ذلك فإن الممثلين  الأمريكيين ولاسيما خلال العقدين التاليين لإستقلال الولايات المتحدة، لم يكونوا مطلعين على الوجهة الثقافية والتجارية والسياسية  للجزائر التى أعتاد حكامها   أن يشيروا الى الرئيس الأمريكي على أنه أمبراطور أمريكا.
  الدول الأوروبية لم تكن مستعدة لمساعدة الولايات المتحدة في علاقاتها مع  الجزائر ، فقد رفضت بريطانيا أن تحمي مصالح أمريكا أثناء حرب عام 1812   التي جعلت بريطانيا تقف ضد الولايات المتحدة في منطقة البحر الأبيض ، ورغم أن فرنسا قد قدمت لأمريكا بعض المساعدات أثناء حرب الاستقلال، إلا إنها أصبحت فيما بعد غير مبالية، بل أصبحت أحيانا تشك، وحتى تعمل ضد الولايات المتحدة. اما إسبانيا  التي كانت على علاقة غير ودية مع  الجزائر  لم  تستطيع أن تساعد الولايات المتحدة      البرتغال هي  البلد  الأوروبي الوحيد الذي  قدم مساعدة لأمريكا ، مما جعل  الكونغرس الأمريكي يفكر  في مساعدة البرتغال بدل إرسال أسطول بحري ضد الجزائر.   ومن جهة أخرى ساعدت كل من السويد، والدانمارك، وسردينيا الولايات المتحدة، ولكنها لم تفعل ذلك  لأن  هذه الدول هي نفسها  كانت في حرب مع واحدة أو أكثر من دول إفريقيا الشمالية ، أما الهولنديون فقد تفاوضوا مع الأمريكان على المساعد تهم  ولكنهم  تراجعوا  في النهاية ،وقد واجه الأمريكان الصعوبات في مفاوضتهم مع  الجزائر  أهمها، قلة معلومات المفاوضين الأمريكان عن  الجزائر ، ضآلة الرصيد المالي الذي كان تحت تصرف المفاوضين ، ضعف فهم الأوضاع عند المفاوضين الأمريكان، فمثلا كانوا يتهمون بعضهم البعض بالجهل والتزوير، وفتح الرسائل...


الجزائر في مواجهة الاستعمارات الخارجية Empty رد: الجزائر في مواجهة الاستعمارات الخارجية

avatar
karmes
موظف درجة 12
ذكر

الاقامة : عنابة

المشاركات : 9268

نقاط : 13578

تاريخ التسجيل : 25/06/2011

تمت المشاركة الخميس 27 نوفمبر 2014, 12:50
المعاهدة الجزائرية الأمريكية الأولى عام 1795 م
          المفاوض الأمريكي جون لامب  " لا طاقة للولايات المتحدة الأمريكية   في فرض السلام على الجزائر"
 
جاء في التقرير المفاوض الأمريكي جون لامب  "انه لا طاقة للولايات المتحدة الأمريكية على فرض السلام على الجزائر  "  في نفس السياق  قال جون آدمز وزير خارجية أمريكا آنذاك  "إن الحرب ستؤدي إلى تخريب الاقتصاد و أنها ليست خطوة حكيمة " ، و قد وافق على هذا الرأي جورج واشنطن رئيس أمريكا ، مع بداية عام 1791م ظهر اتجاه جديد للجزائر و بدا في توقيع هدنة مع البرتغال ، و معنى هذه الهدنة هو  حركة الأسطول الجزائري في المحيط الأطلنطي ، و هذا لم يكن في صالح أمريكا حيث بعد أسابيع من توقيعها قبض الأسطول الجزائري على أحدى عشر سفينة أمريكية و معها  مائة و تسعون أسيرا ، و عندما وصل الخبر إلى الرئيس الأمريكي جورج واشنطن اعتمد مبلغ أربعون ألف دولار لفدية الأسرى و  مبلغ خمسة و عشرون ألف  كجزية سنوية للجزائر ليتم تعيين داود همفريز كوزير في ليشبونة ليقوم بالمفاوضات مع لجزائر ، و بما أنه لم تكن هناك علاقات دبلوماسية بين الجزائر و أمريكا قدم همفريز أوراق اعتماده إلى الداي عن طريق قنصل السويد  في الجزائر  الا ان  هذا الأخير فشل في مهمة التي أوكلت إليه . فرغم المناداة بالحرب ضد لجزائر و ضد بريطانيا التي اتهمها بعض الأمريكيين بالتأمر  مع  الجزائر عليهم، إلا أن الحزب الأمريكي الذي كان ينادي بالسلام مع الجزائر انتصر في النهاية. و كان شعار هذا الحزب   "السلام بأي ثمن " . أرسلت أمريكا  بعثة أخرى إلى الجزائر للمفاوضة تحت مسؤولية همفزير ، و بعد صداقة بين الطرفان  تم  التوقيع  على أول معاهدة سلام و صداقة بين البلدين  في شهر سبتمبرمن عام  1795م ،والتي نصت على أن تدفع أمريكا ما يعادل مليون دولار منها 21600 دولار كجزية سنوية و منح  معدات بحرية للجزائر، و بالمقابل تتعهد الجزائر بحماية التجارة الأمريكية في البحر المتوسط و القيام بمساعيها الحميدة لدى باشا طربلس لتحقيق  السلام مع أمريكا و بناءا على هذا أصبحت الجزائر طرفا ثالثا ضامنا  للسلام حين وقعت معاهدة طرابلس أمريكا ، كما تعهدت الجزائر بالقيام بنفس لمساعي لدىالباشا تونس لصالح أمريكا ، و قد جاء في ديباجة المعاهدة  "من تاريخ إبرام هذه المعاهدة سيحل السلام الدائم و الصداقة المخلصة بين رئيس المتحدة الأمريكية و مواطنيها و بين حسين باشا داي الجزائر و ديوانه و رعاياه و أن سفن و رعايا الأمتين سيتعاملون بكل شرف و احترام  " و تطبيقا لهذه المعاهدة أطلقت الجزائر سراح أسرى  الأمريكان في جوان 1796م ، أما أمريكا فد قدمت للجزائر السفن التالية الهلال ، حسين باشا ، لالا عائشة ، حمد الله و سكجو لديراند ، و كان ذلك خلال السنتين 1798م و 1799م .
 عندما تخلت أمريكا التزماتها تجاه الجزائر ، اتخذت الجزائر في حقها الإجراءات أهمها كان عام 1801 م عندما رست الباخرة الأمريكية جورج واشنطن،حيث طلب الداي من قنصل الأمريكي ومن ربان الباخرة بان تحمل الباخرة على متنها بعثة جزائرية إلى اسطنبول تحت العلم الجزائري وبذلك كانت أول باخرة تدخل القرن الذهبي و تعبر الدردينال  مرمرة ثم إلى اسطنبول عاصمة الشرق في ذلك الحين .


الجزائر في مواجهة الاستعمارات الخارجية Empty رد: الجزائر في مواجهة الاستعمارات الخارجية

avatar
karmes
موظف درجة 12
ذكر

الاقامة : عنابة

المشاركات : 9268

نقاط : 13578

تاريخ التسجيل : 25/06/2011

تمت المشاركة الخميس 27 نوفمبر 2014, 12:50
الجزائر أول دولة  اعترفت  بالثورة الفرنسية والثورة الأمريكية
30 دولة أوربية  تتبنى  خطة   القضاء على " دولة الجزائر".
 
كانت  أوضاع الجزائر  من عام 1516 إلى  غاية عام  1830، متشابهة على العموم بما كانت عليه ارو ربا ، فالمجتمع القديم، أو ما  كان يسمى في أوروبا بالعهد القديم كان مطبقا في الجزائر بطريقة كادت تكون كاملة،  الفرق الوحيد هو أن الجزائر تقع في أفريقيا وليست في أوروبا، وقد سمع الجزائريون بالثورة الفرنسية، ولكنهم لم يفعلوا شيئا لتطبيق مبادئها في وطنهم،  الا أنهم  أقرضوا نابليون مبالغ مالية مهمة ومونوه لكي يواصل حروبه في أوروبا  ،ولكن  هدا الأخير كان يخطط لاحتلال الجزائر وبسط  نفوذه  على شمال أفريقيا  .
إن المؤرخين لا يتفقون على نوع الحكومة التي كانت تحكم الجزائر خلال الثلاثة قرون  ،  بعضهم قال  بأنه الجزائر كان لها   جمهورية عسكرية  ، وقال آخرون بأنه كان لها نظام ملكي،  كما تحدث البعض  في كتبهم عن مملكة الجزائر، ومهما كانت العبارة التي استعملها أولئك وهؤلاء، فإن الجزائر كان على رأسها الداي  هو    منتخبا مدى الحياة من طرف  الديوان (البرلمان) ،  يحكم بواسطة وزراء معينين تعيينا، بما في ذلك المراكز التالية ، وزارة البحرية  ،الشؤون الخارجية،  وزارة الحرب،  وزارة المالية ،  الداخلية، ووزارة الأوقاف والبريد  . كما كان الداي يعين  ولاة الأقاليم الثلاثة التي كانت تتكون منها الجزائر هي ، إقليم قسنطينة، إقليم وهران، وإقليم التيطري.. وبالإضاف إلى ذلك فقد كانت هناك مراكز أخرى أقل أهمية، مثل القضاء، والإفتاء، ومندوبيات مختلف النواحي .   كانت العربية هي لغة الجمهور، والتركية  لغة الحكومية، أما الفرنسية فقد كانت شائعة بين القناصل الأجنبية، و  بين النخبة الجزائرية أيضا، وكان الإسلام هو الدين الرسمي والغالب في البلاد،  بالإضافة الى  وجود أقليات يهودية و ومسيحية.
  كانت الجزائر دولة مستقلة،   لها علم،  عملة،  جيش، وعلاقات ديبلوماسية مع الدولة الأخرى،  إلا أنها كانت  تعترف بالسلطة العثمانية ( الخلافة الإسلامية)  لأسباب دينية،  و ترسل هدية إلى الخليفة في إسطنبول في كل ثلاث سنوات ولكن هذه الهدية لم تكن ضرورية . الإسم الحقيقي للدولة الـجـزائـريـة هو "أيـالـة الجــزائر" أو " مملكة الجزائر"، وبهذه الأسماء أبرمت عشرات المعاهدات مع دول العالم.   
خلال العهد العثماني كانت الجزائر من أقوى الدول فى حوض البحر الأبيض المتوسط، ، ذات مكانة خاصة فى الدولة العثمانية ،إذ كانت تتمتع باستقلال كامل مما  مكنها من نسج علاقات سياسية وتجارية مع أغلب دول العالم،  حيث كانت  أول دولة اعترفت بحكومة الثورة الفرنسية خلال عام 1789 م، وبالثورة الأمريكية بعد استقلالها عن التاج البريطاني خلال عام 1776م  .
وقد  بلغ أسطول البحري  الجزائري قوة عظيمة ،حيث استطاع خلال القرن الثامن عشر إحداث نظام للملاحة فى المتوسط يضمن أمن الدولة الجزائرية خاصة والدولة العثمانية عامة ،وبصورة أعم  للتجارة الدولية فى هذا البحر، وهو ما جعل الدول الأوربية تعمل على إنهاء هذا النظام تحت غطاء إنهاء ما كان يسمى بـ " القرصنة " التي كانت تمارسها جموع المغامرين الأوربيين بموافقة دولهم ومؤازرتها لهم ،في حين أن ذلك كان أسلوبا دفاعيا لمواجهة المد الاستعماري الذي انطلق منذ القرن الخامس عشر .
لقد انفردت الحواضر الجزائرية  بالنشاط الحرفي الذي يوفر الضروريات المنزلية ، و تمثل النموذج الصناعي في صناعة الأحذية و الأغطية و الافرشة و الشموع ثم تطورت لتشمل الدباغة ، النجارة، الحدادة ، الصباغة وصناعة الأسلحة و المجوهرات و حياكة الصوف و كان لكل حرفة نشاطها الخاص و مسؤول يشرف عليها. إضافة إلى صناعات أخرى كانت تحتكرها الدولة كصناعة السفن و مسابك المدافع و مطاحن الدقيق و المناجم .
أما على الصعيد التجاري فقد كانت العلاقات الجزائرية في هذا القطاع تشمل البلدان العربية في المغرب و المشرق و كذا الدول الأوربية التي كانت تصلها الصادرات الجزائرية الزراعية و الصناعية ، كالحبوب التي كان يسيطر على تجارتها السماسرة اليهود الذين كانوا يصدرون كميات كبيرة منها بين سنوات 1788 و 1819 رغم القحط و الجفاف.. ، كما كانت تصدر زيت الزيتون، التمر ،التين ، البرتقال.. و الأبقار و الأغنام و الخيول بالإضافة إلى الشمع و الجلود و الصوف و ماء الورد و الزرابي و الأغطية و بعض السلع الشرقية كالتوابل و الحرير.
أخذت ولاية الجزائر شكلها الأخير في عهد الباشاوات و الدايات، وصار يوجد في المركز إلى جانب الولاية ديوان هو عبارة عن مجلس للشورى،   أهم أعضائه  هم  خمس موظفين ،  المسئول عن الخزينة،  الناظر لشؤون المالية ، ويأتي بعده المكلف بالشؤون البحرية ، و يسمى وزير البحرية  ،و كان يقوم بمهمة كتابة الديوان أربعة كُتَّاب ، اما خوجة الخيل فكان يشكل حلقة وصل بين الحكومة و الشعب.
 أدى استحداث نظام التشريفات مع نهاية القرن 18  الى  توفير الاستقرار و الهدوء للسلطة بعد سلسلة الاغتيالات التي طالت الدايات  ،كما ظهرت في هذه الفترة اللبنات الأولى لجهاز تنفيذي يشبه مجلس الوزراء وهي الهيئة التي كان يطلق عليها اسم الديوان أو مجلس الداي السري ، في داخلها تبلورت عدد من المصالح الإدارية.
قسمت الولاية إلى ثلاثة أقاليم  ، إقليم الشرق و الغرب و التيطري- بالإضافة إلى الإقليم المركزي الذي يدعى دار السلطان ، وكان يوجد على رأس كل واحد من هذه الاقاليم ما يُسمَّى بالباي.
أما أمن البلاد في الداخل فكان تؤمنه القبائل المعفاة من الضرائب والمتمتعة بالامتيازات ، إذ كانت وظيفة هذه القبائل المسماة بالمخزن هي فرض الطاعة على القبائل الأخرى الملزمة بدفع الضرائب. ومن مظاهر استقلال الجزائر قبل هذه الفترة و خلالها هو ان الداي كان:
- يعقد الاتفاقيات الدولية.
- يستقبل البعثات الديبلوماسية –القناصل-
- و يعلن الحرب و يبرم معاهدات السلام.
ارتكزت الدبلوماسية الجزائرية في علاقاتها مع الدول الأوربية خلال الثلث الأول من القرن التاسع عشر على جملة من المبادئ الأساسية تعود إلى القرن السادس عشر،  كالتعاقد المتكافئ مع أي طرف كان  فلم تعقد الجزائر مهما كانت الظروف أي اتفاقية في حالة ضعف ، الوفاء بالعهد و التقيد بالالتزام بشروط الاتفاقيات 
 مع اعتبار حالة السلم هي الحالة الطبيعية في العلاقات الدولية ،و الحرب هي حالة استثنائية ،و المساواة في التعامل مع جميع الدول على حد سواء ، والالتزام بسياسة الحياد في الصراعات الأوربية منذ القرن 17.
و مع ذلك واجهت الجزائر ظروفا جد حرجة بسبب الصراع المتأجج في أوروبا ، و خاصة منذ سنة 1800 حين قامت الجزائر بإبرام هدنة مع فرنسا  التى كانت  في حالة حرب معها بسبب غزوها لمصر سنة  1798.
  أثارت هذه الهدنة ردود فعل معادية من قبل كل من انجلترا و الدولة العثمانية ، حيث هددت انجلترا باستعمال القوة لإجبارها على إلغاء هذا الاتفاق مع فرنسا إلا أنها اضطرت إلى التراجع.
إن تمسك الجزائر بمبدأ الحياد في الصراع الأوربي   الانجليزي الفرنسي بالخصوص ، كان احد الأسباب التي دفعت انجلترا إلى العمل من اجل الانتقام منها، عندما أتيحت لها الفرصة بعد انتهاء الحرب الأوربية سنة 1814.
  في عهد الداي علي خوجة الذي جاء قبيل الداي حسين،  تحسنت العلاقات الجزائرية التونسية ،نفس الأمر حدث  مع المغرب و طرابلس  ، فانطفأت نار الفتنة  ، اما  العلاقات مع الدول الأجنبية كانت تتباين من دولة لأخرى  ، فالعلاقات الجزائرية الفرنسية كانت تتأرجح بين التوتر و الهدوء خاصة بين سنوات 1808 – 1814  بسبب الديون و تحصين المراكز التجارية في الشرق الجزائري التي أصبحت تعرف بالباستيون  ، أما الانجليز و الهولنديين فقد اتضح موقفهما بعد الاعتداء الثنائي على مدينة الجزائر سنة 1816 بقصفها لمدة أكثر من 9 ساعات بمدافع أكثر من خمسين قطعة بحرية ، ستة منها هولندية ، كانت الخسائر الانجليزية معتبرة 883 قتيل و 1500 جريح و أضرار جسيمة لحقت بسفينة القيادة  الملكة شارلوت  .   فرغم الدمار الشبه كلي الدي لحق بالأسطول الجزائري اثر هذا العدوان المباغت، إلا أن دبلوماسيتها لم يعرها أي تخاذل أو ضعف ، بسبب تبرعات الدول الصديقة ،و المجهودات المحلية حيث جمعت قبل سنة 1820 قوة بحرية تفوق تلك التي دمرها الانجليز. 
برز الموقف الروسي بجلاء في مؤتمر لندن الذي سبق مؤتمر اكس لاشابيل ،حيث قدم المندوب الروسي مذكرة وزعت على المندوبين الأوربيين تطالب بضرورة استعمال القوة البحرية و البرية معا،    لكي يتحقق هدف  التحالف الأوربي لتصفية وجود الدولة الجزائرية في البحر المتوسط.
كانت الولايات المتحدة الأمريكية الدولة الوحيدة التي تحضى باحترام الحكومة الجزائرية، من خلال احترام السفن الأمريكية المبحرة في المنطقة ،و ذلك بعد  نجاح المفاوضات  التي قام بها  شالر مع الحكومة الجزائرية   التي انتهت بتعيينه سفيرا في الجزائر من قبل بلاده في 31 جوان 1815. 
  بادرت أوربا فى  مؤتمر فيينا  1814 - 1815 م بطرح موضوع " أيالة الجزائر " فاتفق المؤتمرون على تحطيم هذه الدولة فى مؤتمر " إكس لا شابيل " عام 1819 م، حيث وافقت 30 دولة أوروبية على فكرة القضاء على " دولة الجزائر".   أسندت المهمة إلى فرنسا وانكلترا ،  حبن  توفرت الظروف المناسبة للغزو   تمكنت بحرية البلدين من تدمير الأسطول الجزائري في معركة " نافارين" سنة 1827م، عندما  كان في نجدة الأسطول العثماني ،وبذلك انتهت السيطرة الجزائرية على الحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط. 
 وقد تميز الوضع الداخلي للجزائر مع مطلع القرن التاسع عشر بعدم الاستقرار حيث تعرضت البلاد في هاته الفترة إلى سلسلة من الفتن اندلعت في مختلف المناطق، كانت أخطرها تلك التي نشبت في شمال بايلك الشرق، و    في المقاطعة الغربية تحت راية الطريقة الدرقاوية.
وفي سنة 1803 نشبت ثورة عارمة في منطقة الشمال القسنطيني بقيادة مغامر يدعي ابن الاحرش و التي كانت خيوطها قد أحيكت من خارج البلاد ، حيث  قام حمودة باشا باي تونس الذي كان في خلاف مع الحكومة الجزائرية بتجهيز ابن الاحرش لإشعال نار الفتنة في بايلك الشرق ،امتد لهيب هده الفتنة  الى غاية مدينة قسنطينة عاصمة الإقليم التي كادت أن تسقط بين يديه، لولا المقاومة التي أبداها السكان في الدفاع عن المدينة   حيث تمكنت القوات الحكومية من محاصرة هذه الثورة و تضييق الخناق عليها دون التمكن من القضاء عليها .   كما  اعد القنصل الفرنسي بيير دوفال  خطة  لتوصيل الأسلحة لهؤلاء المتمردين   تهدف إلى القضاء على الدولة و تشتيت شمل أقاليمها.
في بايلك الغرب  اندلعت   ثورة الدرقاوة التى  لم تكن اقل خطرا على البلاد ،من ثورة ابن الاحرش في الشرق   وخيوط هذه الفتنة نسجت هي الأخرى من الخارج ،  كان وراءها  احد أتباع الطريقة الدرقاوية   يدعى محمد بن عبد الله الذي استشار شيخ الطرقاوية التي كان مقرها في المغرب حول شرعية قيامه بعصيان ضد الحكم المركزي في الجزائر فأجاز له ذلك.و على اثر ذلك قام بإشعال الثورة في المقاطعة الغربية ، كما اشتعلت كذلك نار العصيان في مناطق النمامشة و الاوراس ووادي سوف بين 1818 و 1823.  
في المرحلة الأخيرة من حياة الدولة الجزائرية   أصبحت الحالة الصحية للسكان تزداد سوءا و تدهورا  ، مما اثر سلبا على نمو السكان و ترك اثأرا سيئة على وضعهم الاجتماعي  ، فتضاءل سكان المدن و تناقص سكان الأرياف ابتداء من أواخر القرن 18، مما  تسبب في تناقص عدد القوات البرية و البحرية، و ندرة الحرفيين و الصناع و افتقار الأرياف إلى اليد العاملة في الزراعة.و يعود سبب سوء الحالة الصحية إلى انتقال العدوى و انتشار الأمراض في الأقطار المجاورة، و ذلك لصلة الجزائر بعالم البحر و انفتاحها على الأقاليم الأوربية والعربية التي كانت مصدر مختلف الأمراض، كالكوليرا و التيفوس و الجذري و الطاعون و السل  التى دخلت عبر توافد التجار و البحارة و الحجاج و الطلبة إلى الموانئ الجزائرية. وقد تميزت السنوات 1804-1808-1816 إلى 1822  باشتداد هذه الأمراض .و يضاف إلى سوء الأحوال الصحية ،حدوث الكوارث الطبيعية التي أدت بدورها إلى تناقص السكان و تضرر الاقتصاد ، و تمثلت في الجفاف وتكاثر المجاعات التي تميزت بها سنوات 1800-1806-1807-1816 و 1817.،  زحف الجراد  سنوات  1800-1804-1816-1822 و 1824 ، الزلازل كزلزال عنابة عام 1810 ،مدينة الجزائر عام 1818 ،وإقليم الساحل و متيجة عام  1825 .
   .
 هده الكوارث لم تأثر سلبا على الوضع الاقتصادي و الاجتماعي  للجزائر ،حيث  لم تمنع من انتشار البساتين ذات المحاصيل المختلفة من   برتقال ، ليمون ،عنب ،لوز ، مشمش، تفاح ، خوخ و حب الملوك وغيرها ، و  انتشار  الحدائق في العاصمة و غيرها،  اعتبرت من أكثر مناطق العالم انشراحا و بهجة ، بالإضافة إلى الطابع الرعوي الذي كان يتركز في الأرياف و أطراف المدن.


الجزائر في مواجهة الاستعمارات الخارجية Empty رد: الجزائر في مواجهة الاستعمارات الخارجية

avatar
karmes
موظف درجة 12
ذكر

الاقامة : عنابة

المشاركات : 9268

نقاط : 13578

تاريخ التسجيل : 25/06/2011

تمت المشاركة الخميس 27 نوفمبر 2014, 12:51
  أسرار  الحملة الصليبية الفرنسية  الاوروبية  ضد   الجزائر عام 1830م
 فرنسا  حاولت  اغتيال الداي حسين
 
في سنة 1815 أعاد مؤتمر فيننا أسرة البوربون الى عرش فرنسا ، ورغم أن الشعب الفرنسي كان قد تعب من الحرب فإن أفكار الإصلاح،  والحرية، والدستور قد بقيت حية لديه ،  حيث  انتشرت فكرة التهدئة والاستسلام بفضل حماية القوة الرجعية في أوروبا التي كان على رأسها  مترنيخ، والإسكندار الزول  فيما بعد ،وبعض الزعماء البريطانيين. و قد تبنى  لويس الثامن عشر كثيرا من الإصلاحات النابوليونية ،  من بينها الدستور واتجاهات ليبرالية أخرى بخصوص الكنيسة، والصحافة، والفلاحين في الوقت الذي  كان فيه حزب الملكيين المتطرفين يتقدم تدريجيا ليصلوا الى  رئاسة الحكومة  ،بعد وفاة  لويس الثامن عشر سنة 1824 ،  وكان الملك الجديد شارل العاشر  قد  تعاطف مع الملكيين في اول الامر  ثم أيدهم في النهاية بصفة كاملة. 
 أن نمو الاتجاهات الليبرالية في فرنسا ثم الأفكار الجمهورية، والإشتراكية، والبونابيرتية... الخ، قد جعلت الملك يتحول إلى الملكيين والى الجماعات الرجعية ، حيث أعاد شارل العاشر كثيرا من الامتيازات الى طبقة رجال الدين وأعطى طبقة الأشراف مليونا من الفرنكات كتعويض عما فقدوه أثناء الثورة ، و ألغى  حرية الصحافة وجرد معظم الطبقة الوسطى من حق الانتخابات .
وعندما شعر شارل العاشر وجماعته الرجعية أن تيار الشعب الفرنسي يسير ضدهم ،رأوا بأن يعدو حملة ضد الجزائر للنفخ في الروح ا لوطنية ولمنع، أو على الأقل، تـأجيل الثورة التي كان يتوقعها الكل  . وقد قام الملك الرجعي ووزراؤه  بحل مجلس النواب حين فاز الليبراليون بالأغلبية في الإنتخابات العامة ، حيث  أصدر شارل العاشر أمرا ملكيا في يوم الإثنين 17 ماي 1830  بحل مجلس  النواب ودعوة المجالس الانتخابية للاجتماع في شهري جوان وجويلية ،وإجراء إنتخاب مجلس الشيوخ والنواب في الثالث من أوت .
 كانت جماعة الملك شارل العاشر  تأمل  بأن الحملة ضد الجزائر  سوف تغير نتيجة الانتخابات السابقة وتجعلها، تفوز بالأغلبية   في مجلس النواب الجديد ، وقبل شهر واحد من ثورة جويلية التي نجحت في إسقاط الملك الرجعي،  كتب محررو مجلة غلوب "  إن الأزمة التي تتخبط فيها فرنسا الآن تمثل منظرا مرعبا ، وأنه المنظر المرعب للفوضى التي طالما لطخت مكانتها بالدم ،والتي هزت كيان أوروبا كالزلزال يبدو أنها على وشك العودة من جديد... "  
  ففرنسا كانت على وشك ثورة جديدة في جوان 1830، ولكن الثورة التي حدثت أثناء أقل من شهر واحد لم  تكن زلزالا في أوروبا ولا في فرنسا نفسها ، حيث أسقطت شارل العاشر وجأت بلويس فيليب  الدي  إستمر   تطبيق نفس السياسة  سلفه الملك شارل العاشر. 
  الرسميين الفرنسيين لم يذكرا أي سبب يتعلق بالمصاعب الداخلية في بلادهم ،  الا انهم  كانوا يعلمون أن شعبهم سيطيع ويتحمس إذا تحدثوا اليه عن شرف الأمة الفرنسية الذي أهانه الجزائريون ، فرجال الأعمال والتجار كانوا سيهللون لهذه الخطوة لأن الجزائر، كما أدعى الرسميون الفرنسيون، قد صادرت  الممتلكات الفرنسية على الساحل الجزائري. وقد ظنوا  أن مثل هذه النغمة ستجعل هؤلاء يسرعون إلى تأييد الحكومة ويباركون حركتها . 
   اختلف الرسميون الفرنسيون  بمبررات الحملة ضد الجزائر ، و قالوا أن الجزائر لم تطع أمر المبعوثين البريطانيين والفرنسيين، بإلغاء نظام الرق  وأنها قد استرقت ضباطا كانوا قد أسروا على بواخر تحمل  علم روما التي كانت عندئذ تحت الحماية الفرنسية .. إلخ. غير  أن بريطانيا لم تكن مقتنعة بهذ الإدعاءات، وأصرت  على أنه يجب على فرنسا أن  تقدم تفسيرات وافية حول مصير الجزائر إذا نجحت الحملة ،وقد رد ملك فرنسا   على السفير البريطاني في باريس، عن طريق رئيس وزرائه دي بولنياك  ، أنه إذا نجحت الحملة فإن فرنسا مع حلفائها.  مضيفا على  لسان رئيس وزائه بأن احتلال الجزائر في حد ذاته يجب  أن يباركه كل المسيحين وكل العالم المتحضر. وقد جاء في كلامه  "إذا كان في الصراع الذي أوشك أن يبدأ نتيجة هامة فإن الملك في تلك الحالة سيأخذ  في الاعتبار أهمية هذه المسألة لإقرار  ما يجب أن تكون عليه الأشياء أمام الوضع الجديد،  التي يجب أن تسجل أكبر ربح لمسيحية " .
 الجريدة لومنيتور  شبه الرسمية فقد نشرت أهم النقط التي اعتبرتها فرنسا العناصر الأساسية التي أدت إلى حملتها ضد الجزائر، وبناء على هذه الجريدة فإن  أسباب الحملة هي الأتي :
1 ـ لقد استرجعت فرنسا، بمقتضى معاهدة 1817، ممتلكاتها لبعض المؤسسات التجارية التي توقف  استعمالها  أثناء الثورة، ولكن الداي قرر، أنه لا يسمح بامتيازات لفرنسا لا تتمتع بها الدول الأخرى، ولذلك هدم كل الحصون والمؤسسات وتوابعها التي كانت لفرنسا.
2 ـ وبمقتضى نفس المعاهدة  كان لفرنسا امتياز صيد المرجان على الساحل الجزائري بشرط أن تدفع هي 60 ألف فرنك سنويا مقابل ذلك. وبعد سنتين من المعاهدة طلب الداي من الفرنسيين 200 ألف فرنك ففعلوا، وفي سنة 1826 أصدر الداي قرارا يمنح بمقتضاه الحرية لكل الدول في صيد المرجان.
3 ـ وفي سنة 1814 أجبر القنصل الفرنسي، ديبوي ثانفيل  ، على مغادرة مدينة الجزائر لأنه رفض أن يعوض بعض الجزائريين عما أقرضوه لبعض الرعايا الفرنسيين قبل أن يستشير حكومته.
4 ـ إن الداي   رفض أن يعطي إجابات مرضية على حجز والاستيلاء على الباخرة الفرنسية لا فورتون   في عنابة.
5 ـ في سنة 1818 أجاب  الداي كلا من أمير البحر البريطاني والفرنسي بأنه سيواصل نظام الاسترقاق ضد رعايا الدول التي لم توقع معاهدات معها.
6 ـ وفي سنتي 1826 و1827 كان هناك خرق للمعاهدات من  طرف الداي، فهناك بواخر ترفع علم روما قد صدرت رغم أنها كانت تحت الحماية الفرنسية ، كما أن هناك بواخر فرنسية قد نهبت وأرغم ربانها على أن يصدعوا بواخر القراصنة الجزائريين بهدف الاستظهار بأوراقهم.
7 ـ تصرف الداي نحو يهوديين، فبناء على اتفاقية عام 1818 كان اليهوديان سيعوضان، مع الاحتفاظ ببعض النقود لإجابة مطالب بعض الفرنسيين ضدهما، وكان الداي قد طلب أن يدفع إليه شخصيا كل القرض الذي يصل إلى  700.000 فرنك ، وأن على الرعايا الفرنسيين أن يلتجئوا إلى الحكومة الجزائرية لإيجاب مطالبهم، وقد أضاف إلى هذا الموقف الذي يثير السخط (إشارة إلى ضرب الداي للنقل الفرنسي) تهديم المؤسسات الفرنسية، لذلك أصبح حصار مدينة الجزائر أمر لا مناقص منه، وبعد أن كلف هذا الحصار فرنسا حوالي 20 مليون من الفرنكات حاولت فرنسا في جويلية من عام  1829 أن تفتح  مفاوضات ولكنها فشلت، وقد وصف اليبان الفرنسي هذا الموقف من الداي بأنه  جعل كل محاولة أخرى للتفاهم  من جانب فرنسا غير متناسب مع شرف الأمة.   
  أن البيان الفرنسي الذي نشرته جريدة  لومنيتور  قد استعمل نفس النغمة التي استعملها هلتر قبل أن يهجم على ضحيته ، الاتهام بخرق المعاهدات، والإدعاء بامتلاك بعض المؤسسات والممتلكات في بلد أجنبية، وإهانة  شرف الأمة، وغير ذلك.
وقد كشف المؤرخ الفرنسي أرسن برتاي  مؤلف كتاب  الجزائر الفرنسية إن فرنسا قد خسرت حوالي 7 ملايين فرنك  نتيجة للحصار، وأنها تعتبر نفسها صاحبة الحق في الممتلكات التي أسستها منذ القرن الخامس عشر، ولكن أكثر من ذلك أهمية هو أن المؤلف قد ذكر أحد الأ سباب التي أشير إليها في اليبان الفرنسي  وهو  غيرة فرنسا من انكلترا، لأن الداي قد أعطى الحقوق التجارية إلى التجار الأنكليز، فهذا التصرف  بناء على رأيه  قد أغضب فرنسا .   
وبعد قتال مرير وخسائر كبيرة دخل الفرنسيون مدينة الجزائر في 5 جويلية من نفس العام، ولكن القتال في الشوارع وفي الضواحي قد استمر، ومن تلك اللحظة بدأ تاريخ المقاومة الجزائرية.
  وقد أبيحث مدينة الجزئر إلى الجنود الفرنسسين  خلال أكثر من أربعة أيام ،وقد سجل المؤرخون الفرنسيون أنفسهم بخجل انتهاك الحرمات والفظائع التي أصبحت هي قانون المدنية.
لقد كانت فرصة ذهبية لفرنسا أن تضع قدمها على الشطر الاخير من البحر الأبيض المتوسط، وأن تبدأ عهدا جديدا يعرف بعهد الإمبراطورية الثانية الذي يمثل احتلال الجزائر فاتحه له. إن الحرب ضد الجزائر سنة 1830 كانت أعظم  عمل مهين وعنيف ترتكبه أمة ضد  امة أخرى، فقد استغل ملك فرنسا العواطف الدينية للمواطنين الفرنسيين و الاوروبين  طلبا للتأييد الكنسية.
   كان  هناك معارضون كثيرون لهذه الحرب من الشعب الفرنسي، ومن بريطانيا، ومن الباب العالي، فالمعارضة في البرلمان الفرنسي قد  وقفت ضد  الحرب ونادت بالسلام، وقد قام بهذا الدور الجمهوريون والاشتراكيون، والليبراليون عموما، اما الذين أيدوا الاستعمار فكانوا من أهل  النخبة و التجار ورجال الأعمال في الأقاليم، ولا سيما بمرسيليا .
  بريطانيا  كانت هي الأخرى  ضد الحملة ،حيث  أصرت على أن تقدم فرنسا مبررات وضمانا على القيام بالحملة، وقد نشرت جريدة  ليفربول ميركيري بتاريخ  28 ماي1830  رسالة من مدينة مرسيليا جاء فيها "  قد أبحر نحو الجزائر.... ولكن يشاع بأن هناك سوء   تفاهم بين القنصل الإنجليزي وأمير البحر الفرنسي في الجزائر. " وقد أشارت الرسالة  إلى أن "قطعة من الأسطول الروسي  توجهت  نحو الجزائر."
  قبل بداية 1830 كانت مدينة طولون مشغولة( حالة طواريء)، فقد نودي على الجيش الفرنسي من مختلف أقاليم البلاد، كما   كانت البحرية على استعداد  ، وقد وفرت فرنسا لذلك أسلحة ومناورات جديدة، وكان العملاء والجواسيس الفرنسيون يعملون في مختلف الاتجاهات، من مصر إلى المغرب  الأقصى تم طولون، وكانت  هناك اتصالات سرية مع الحلفاء والأصدقاء، وبينما كان  ملك فرنسا الكاثوليكي المتحمس يتآم ضد حرية شعبه وضد ديمقراطية الدستور الفرنسي،  كان داي الجزائر يواجه ثورة في بلاده كان وراءها المخبرين الفرنسيين  وفي نفس الوقت ،اكتشفت مؤامرة قبل أربعة عشر يوما من دخول الفرنسيين الى الجزائر ، هدفها اغتيال الداي مما أدى قتل كثير من المتآمرين، الدين تلقوا الدعم  من طرف فرنسا عبر جواسيسها في الجزائر .     
ومن جهة أخرى كان الفرنسيون يحاولون إضعاف معنويات أهالي الجزائر بواسطة عملائهم، ومشورتهم السرية، فقبل أن يغادروا طولون متجهين إلى الجزائر، أعلنوا بيانا طبعوه بالعربي وأرسلوا منه 400 نسخة إلى قنصلهم في تونس لتوزيعها في الجزائر  وفي هذا البيان ادعى الفرنسيون.  
1 ـ إنهم قادمون إلى الجزائر لمحاربة الأتراك وليس الأهالي.
2 ـ إنهم سيحمون الأهالي ولا يحكمونهم.
3 ـ أنهم سيحترمون دين الأهالي، ونساءهم، وأملاكهم، إلخ.
(لأن ملك فرنسا، حامي وطننا المحبوب، يحمي كل دين).
4 ـ تذكير الأهالي بأن مصر قد قبلت صداقة الفرنسيين (30 سنة مضت على حملة نابليون على مصر) وأن هؤلاء سيعاملون الجزائريين بنفس المعاملة التي عاملوا بها المصريين.
5 ـ طلبوا من الأهالي أن يتعاونوا معهم ضد الأتراك، أوعلى الأقل أن يبتعدوا إلى الريف  "أن الفرنسيين ليسوا في حاجة إلىمساعدة لهزيمة وطرد الأتراك ". 
قائد الحملة دي بورمون  تلقى تعليمات  من رؤساءه على أن  من بين الوسائل التي يمكن استخدامها للتأثير على السكان ،هو طبع ونشر إعلانات وتوزيعها في البلاد فهؤلاء السكان الدين هم من المور والعرب لا يتحملون حسب اصحاب البيان  إلا على مضمض السيطرة العنيفة والمتعسفة لبضعة ألاف من الأتراك ،فهدا الموضوع يجب أن يشكل المحور الرئيسي في هده الإعلانات إلى جانب وعد السكان بتخليصهم من القهر الذي يعنون منه والمسلط عليهم من طرف المليشيا التركية، لكن يجب تجنب وعدهم بالاستقلال وكذلك ذكر أي شيء يتعلق بالحرب وبالاحتلال في هده الإعلانات وفي البيانات العسكرية، وعدم التعرض لأي شيء من شانه أن يستكشف منها نواياها بخصوص الجزائر ،أو يعرقل في المستقبل حرية العمل التي تريد فرنسا أن تحتفظ بها بخصوص تنظيم أو التمسك نهائيا بهاته البلاد ،
 وأدا دخل إلى مدينة الجزائر عنوة فانه يجب إلا يعير اهتماما لأي اقتراح قد يتقدم به الداي، ولن يتعهد نحوه إلا بتامين حياته وكذلك منحه حرية الانسحاب والاستقرار في فرنسا إن أراد دلك وفي احتمال تقدم الداي باقتراح لقائد الحملة ، وادا كانت هده قد وصلته أثناء عبوره البحر فان عليه أن يرد بكونه سيفصح عن نوايا حكومته عندما يصل أمام مدينة الجزائر ، وعندما يكون الأسطول على مرأى من مدينة الجزائر وكانت حكومة هده البلاد قد اختارت هدا الظرف للدخول في التباحث مع الفرنسيين، فقائد الحملة يجب أن يرد بكونه ليست له صلاحيات الدخول في أي مباحثات قبل أن تسلم إليه بطاريات مدافع مدخل الميناء وكذلك دفعات الميناء الأخرى، مع التحصينات المحيطة بالمدينة والحصول على ما يؤمن رسو الأسطول الفرنسي في المرسى وفي داخل الميناء ،وعلى القائد العام أن يحدد أجلا للرد على مقترحاته على أن لا يتجاوز ثلاث ساعات. أما ادا جاءت هاته مباحثات   بعد نزول القوات إلى الساحل ، ففي هده الحالة فان عليه أن يرد بكونه لن يستطيع الدخول في أية مباحثات إلا   بشروط  على راسها  اعتراف الداي   بالسيادة الفرنسية على كامل المنطقة الساحلية الواقعة بين وادي سيبوس حتى الرأس الحمراء ،ويمكن لفرنسا كما هو الشأن في الماضي القيام بإصلاح الحصون الموجودة وتسليحها وإقامة حصون جديدة، وكذلك حقها في الاحتفاظ بحامية عسكرية بها كما يتنازل الداي , لفرنسا على مدينة ومرسي عنابة حتى الرأس الحمراء ، تسليم جميع سفن الحربية، الايالة لن تستطيع الحصول على هده السفن ولا امتلاكها في المستقبل. 
  تسليم القوات الجزائرية لأسلحتها  ، والأتراك لهم الحرية في البقاء في الجزائر لكن عددهم لن يزداد ولن يرتفع عن طريق التجنيد في الموانئ العثمانية، ولا عن طريق تجنيد عناصر أخرى في صفوف الميليشيا بطريقة أخرى .
   دفع تعويض بمبلغ ( غرامة الحرب) خمسين مليون فرنك، التي تمثل مصاريف الحصار والحرب وكذلك التعويض عن الخسائر التي تكبدتاها  فرنسا حسب زعمها على اثر انتهاك الداي للمعاهدات 


الجزائر في مواجهة الاستعمارات الخارجية Empty رد: الجزائر في مواجهة الاستعمارات الخارجية

avatar
karmes
موظف درجة 12
ذكر

الاقامة : عنابة

المشاركات : 9268

نقاط : 13578

تاريخ التسجيل : 25/06/2011

تمت المشاركة الخميس 27 نوفمبر 2014, 12:51
المخططات السرية  الفرنسية  لغزو الجزائر
عام 1664 ، عام 1802،عام 1808،عام1809 .
 
في سنة 1664 انجز جاسوس فرنسي   تقريرا  جاء فيه " استجابة لرغبة سيدي كولبير وتنفيذا للأمر الذي أصدره لي من طرف جلالته  ، لتحرير مذكرة حول الأشياء التي لاحظتها ولمدة خمسة وعشرون سنة من إقامتي بين الأتراك(المسلمين )  ، سواء فيما يتعلق الأمر بالدولة أو بمدينة الجزائر أو التي تتعلق بالمدن الأخرى التابعة لها  ، أولا   إن مدينة الجزائر التي هي أهم وأشهر مدينة بين المدن الواقعة على الساحل الإفريقي تقع على ربوة وامتدادها حتى على شاطئ البحر ،وتتكون من حوالي أربع ألاف موقد وما بين 25و30 ألف ساكن على أكثر تقدير في الوقت الحاضر، لقد أودى وباء الطاعون بحياة ما يزيد عن مأتي ألف شخص في السنة الماضية   وبعدد اكبر في المناطق المحيطة بالمدينة إلى درجة إن أصبحت البلاد شبه مقفرة.
 
كل البلاد الخاضعة للجزائر تتوفر على كميات هائلة من القمح والعنب والرز والجلود والحرير الناعم وعلى كميات هائلة من الزيت والمواشي من ذات الصوف وذات الشعر ،كما انه لا يمكن تنظيم مبادلات   والسود الدين يقطنون في ليبيا حيث إن أهل الجزائر لهم مركزين تجاريين ،وهما تقرت وتور قولا(ورقلة ) وعن طريقها تصل كميات كبيرة من التبر والتمر وريش النعام وصوف الغنم والخيول ،التي يستبدلونها بالقمح والشعير، ويدفعون (الأفارقة) الضرائب لمدينة الجزائر للحصول على رخصة الاتجار والتعامل مع السكان التابعين لهده المدينة ..."
  كاتب التقرير اكد  أن مشروع غزو الجزائر من السهل تحقيقه ،مبينا إلى جانب الفوائد الكثيرة التي يمثلها فانه سيضع تحت يد فرنسا  مراسي مأمونة في البحر الأبيض المتوسط... كما سيوفر الحصول على الخشب الذي هو من أجود أنواع الخشب في العالم، لبناء السفن كما سيوفر لملك فرنسا لاحتلال ممالك عديدة  كبيرة وجميلة .
  بتاريخ  18  اوت  1802  كتب الفرنسي   تيدينا  وهو محافظ للعلاقات التجارية في سافون تقريرا  حول الجزائر جاء فيه " لقد اتخذت هده الايالة مند بضعة أشهر موقفا من شانه إزعاج التجارة بوجه عام، وفتح أعين الدول البحرية كلا وروبية أخيرا . ففي الوقت الراهن  ، فان المتوسط معفن بإحدى عشرة سفينة من أسلحتها ، هي فرقاطنيتين واحد منها ذات 46 مدفعا والأخرى ذات 36 مدفعا  ، وستة شباك واثنين بولاكر وبريك واحد فهي لا تحترم آية راية . لقد وقعت ضحية لها عدة مراكب تابعة لمختلف الأمم لحد الآن. وأهمها قيمة فرقاطة برتغالية ذات 44 مدفعا و350 رجلا من طاقمها ، إن القائم على تسيير شؤون الجزائر (يقصد الداي ) هو في حالة هيجان اد هو يعتقد بكونه في مستوى، بتوقيفه لعدد من المراكب الفرنسية وإظهاره لادعاءات حمقاء.
 إن كراهية سكان البلاد البربرية  ، للأوروبيين بوجه عام , وكرصنتهم وقسوتهم وانعدام الإنسانية لديهم هي على أشدها . لقد حان الوقت لأوروبا وهي سيدة العالم أن لا تبقي أسيرة على أبوابها ، وهدا العمل العادل الذي تطالب به الإنسانية بصوت عال هو عمل مدخر للبطل الذي منح السلم للأمم وحدد والى الأبد  المكانة المرموقة لفرنسا.  أن قسوة سكان البلاد البربرية هي قوة زائفة وظرفية، وسأثبت دلك لكم بالكلام عن الجزائر التي هي أقواها .
  
لا نستطيع أن ننكر أن الجزائر تشكل قلعة حصينة  ،بسكانها الدين يتجاوز عددهم مائة ألف نسمة أولا ، ثم بحصونها بعد دلك وبطارياتها المزروعة بالمدافع ، وعلى دلك فلا يجوز تصور إمكانية مهاجمتها من جهة البحر.
 ويضيق الجاسوس الفرنسي في تقريره انه في عام 1775 نزل الأسبان بقوات مكونة من عشرين ألف من المشاة وألفين من الفرسان ، وكانت خطة الهجوم قد أعدت إعداد جيدا ولكن التنفيذ كان سيئا بسبب الخلاف الذي دب بين اورللى قائد القوات البرية وكاستيقان أميرال الأسطول . وفي عام 1783_1784 هاجم الأسبان من جديد من جهة البحر ولكن بعد أن استهلكوا كمية كبيرة من الذخيرة انسحبوا بدون ان يتمكنوا من أخدها أو تخريبها  .
وحسبه لكي تكلل حملة ضد الجزائر بالنجاح  ،يجب حشد ما بين ثلاثين إلى خمسة وثلاثين ألف رجل من خيرات القوات من مدفعه، في نسب ملائمة فشواطئ تنس بمعنى ساحل غرب الجزائر يبدو لي أفضل موقع لمكان الإنزال ... فالجزائريون لم يستعملوا أبدا مدفعية الميدان ، وادا كانت الاعتبارات السياسية لا تسمح بالقضاء على هده الحكومة، فانه يستلزم إجبار حاكم البلاد على تسليم كل الذهب الذي تحت حوزته وتجريده من كل سفنه الحربية وإلزامه بعدم تملكها أبدا للقيام بالقرصنة وإجباره كذلك على تحويل أقاليمه إلى دولة متمدنة ومشتغلة بالتجارة . 
وان اقل مكسب نحصل عليه (بالهجوم على الجزائر ) واكرر دلك  ،هو الاستيلاء على الملايير التي جمعها الحكام والتي يحتفظون بها ،فلا يمكن لهم تهريبها عن طريق البحر لان الميناء سيكون محاصرا كما انه لا يستطيع حملها معه ( الداي) عن طريق البر دلك انه  ، فإلى جانب كون الجيش الفرنسي سيقطع عليه كل اتصال مع الداخل فانه سوف لن يغامر بالإلقاء بنفسه في هدا الطريق بسبب انعدام الأمن  ، وعلى دلك فان أية هزيمة تلحق بالجيش التركي تكفي لتجعل سكان البلاد يجردون السلاح ضده ( الداي) و يصبح بدون حماية ولا قوات في وسطهم.
 
الجاسوس بوتان أنجز هو الأخر  تقريرا عن الجزائر جاء في بعض مقتطفاته " من استطلاع المدن والحصون وبطاريات مدينة الجزائر و نواحيها الذي أنجز بمقتضى أوامر وتعليمات صاحب السعادة سيدي ديكري وزير البحرية والمستعمرات والمؤرخة في 1 و2 من شهر مارس 1808، لاعتماده كمشروع لإعداد حملة وتوجيهها ضد هاته البلاد والاستقرار نهائيا في هاته البلاد  .
كل العناصر التي يتم تناولها لإعداد المشروع المذكور ،هناك عنصرين أساسيين وهما مكان الإنزال والمقاومة التي يتحتم التغلب عليها بعد دلك ،أن العنصر الأول يجد خلاله في الدراسة المفصلة لطبيعة الأرض  ، والثاني سيتضح بوصف الحصون وتقرير قوات الداي . سنشرع ادن في الكلام أولا عن الأرض ثم عن الحصون والبطاريات ثم نتناول بعد دلك مختلف المسائل، وبعد أن استعرض الأماكن القابلة للإنزال في شرق مدينة الجزائر وتبيين معايبها أردف مؤكدا  . لم يبق ادن سوى الرقعة الواقعة بين رأس فاكسين وسيدي فرج وما تحتها  ،فهنا بالفعل المكان اللائق لدلك  ، فالشاطىء في هده الرقعة رملي وفي كل هدا الجزء لا توجد لا بطارية ولا حصن ما عدا البرج الوحيد عند سيدي فرج ،والدي لا يستحق أن يوضع في الاعتبار . فهو مربع الشكل ودو ارتفاع ما بين 15 إلى 20 مترا على أكثر تقدير  ، وعرض جنباته ما بين ثلاثة إلى خمسة أمتار وبه مدفع واحد صغير في حالة سيئة،فهو برج قديم لن يستطيع الصمود أمام قصف مدفعي حتى ولو كان خفيفا . 
وترتيبات الهجوم العامة الأخرى تتمثل في إرسال مفرزة من القوات أمام كمدينة وهران ،والعمل على أن يكون باي قسنطينة في حالة حرب مع باي تونس، وقيام بحريتنا أثناء عملية الإنزال عند سيدي برج ، في حالة توفر سفن كافية  ، باستعراضات متحرشة أمام مرسي وميناء مدينة الجزائر لأجل تثبيت الجزائريين عند بطارياتهم وهو شيء يعجبهم كثيرا ، فقوات الداي  تتكون من المشاة   الأتراك... بمعنى أولئك الدين قدموا مباشرة من الشرق وكذلك من الكلوغية أبناء الجنود الأتراك الدين رخص لهم بالزواج في الجزائر، ومن عدد قليل من الزواوة . وجميعهم يمكن أن يصل عددهم إلى  خمسة عشرة ألفا  ، أي عشرة ألف تركي وخمسة ألاف كلوغلي ... ومن هدا العدد تتشكل حاميات مختلف المدن في البلاد ،ولن يبقى في مدينة الجزائر أكثر من عشرة ألاف جندي ففي الحملة ضد تونس تم تعبئة ثمانية ألاف جندي ولم يبقى سوى عدد قليل من القوات في مدينة الجزائر وكل الناس لاحظت دلك ."
 
خلال عام  1809  اعد ديبوا تانفيل  القنصل الفرنسي في الجزائر تقريرا اخر حول توفر أسباب النجاح للحملة العسكرية المزمع إرسالها ضد الجزائر،أهم ما جاء في هدا التقرير ان تانفيل يوصي "بوجوب العمل لكسب المرابطين الدين هم يتمتعون باحترام كبير من طرف السكان، و ينقادون لهم انقيادا تاما لقد تعرفت على عدد منهم من الدين يسكنون الجبال  ، سواء من الناحية الشرقية أو الغربية والدين يقومون في بعض الأحيان بزيارتي وأقدم لهم بعض الهدايا البسيطة ،وهم متفقون على التأكيد لي بان الإمبراطور (نابليون) يتمتع بتقدير كبيير في جبالهم . وقبل سفري من الجزائر بأربعة أو خمسة أشهر قام احد منهم بالمرور وقضاء الليلة عندي ومن بين الأشياء التي قالها، والتي بعض منها اغرب من بعض وبحضور السيد فيريي كاتب القنصلة، والدي هو صديقه مند ثلاثين سنة ،هده النبوءة والتي مفادها أن الباشا الذي يحكم الآن سوف يلقى نفس المصير الذي لقيه سلفه ، وسيخلف عليا هدا علي آخر والدي سيكون آخر داي للجزائر  ، اد عند دلك سيظهر أمير أوروبي في هدا الإيقاع على رأس جيش كبير والله يوفق مسعاه  .
انه لمن الغريب أن جزءا من هده النبؤة قد تحقق فعلا  ، فعلى قد خنق بعد شهور قليلة وخلفه الحاج علي . إنني أتوسل إلى الله أن يحقق بقية النبؤة شيخي المرابط في اقرب الآجال ،فالأرض والسماء تطالب مند قرون بالثار من اللصوص الدين هم على أبواب أوروبا، والدين يقومون بالتحرش ضد أقوى الأمم ، فصعوبات استعمار إفريقيا ليست هي بالحجم الذي تتصوره بعض العقول الضعيفة."
 
  فرنسا كانت قد  حاولت تحقيق امنيتها في احتلال الجزائر  باستغلالها لهزيمة الاسطول الجزائري في معركة   ليبانت بسواحل اليونان خلال  عام 1571م  وهي  معركة بحرية بين الدول المسيحية والإمبراطورية العثمانية    التى   شارك فيها الأسطول الجزائري  إلى جانب الأسطول العثماني   والتى انهزم فيها كلا الاسطولين  ،  مما جعل مطامع فرنسا تتجلى في الاستيلاء على الجزائر . إذ طلب ملك فرنسا شارل التاسع  وقتها  عن طريق سفيره بتركيا  فرانسوا دي نواي ، من باب العالي الذي كانت تربطه به صداقة و معاهدة بان توضع الجزائر تحت حماية فرنسا  غير أن حاكم تركيا رفض هذا طلب.
بدعوى من ملك فرانسوا الأول  دخلت كل من فرنسا والدولة العثمانية طوال القرن السادس عشر والنصف الأول من القرن السابع عشر الميلاديين في تحالف عسكري  بغرض  مواجهة الأسبان، وقد استجابة السلطان العثماني سليمان القانوني لفكرة هذا التحالف الذي كان الهدف منه منع قيام أي تكتل أوروبي قوي ضد الدولة العثمانية تكون فرنسا طرفا فيه، وتحطيم القوة البحرية الإسبانية التي كانت تسعى لفرض سيادتها على البحر المتوسط والشواطئ العربية ، بالإضافة  إلى  ضمن فرنسا الى جانب الدولة العثمانية لخلق تفرقة بين القوى الأوربية ذاتها، ونتيجة لهذا التحالف العثماني - الفرنسي الذي دُعم بمعاهدة تجارية أعطت الدولة العثمانية للفرنسيين حرية الملاحية في كافة المياه الإقليمية التي تسيطر عليها. فكانت فرنسا أولى الدول الأوروبية التي حصلت على امتيازات تجارية في الجزائر بعد دخولها تحت الحكم العثماني ، وقد مهد ذلك لقيام علاقات دبلوماسية حين تأسست أول قنصلية فرنسية في الجزائر عام 1580. 
كان حرص فرنسا على إقامة علاقات دبلوماسية مع الجزائر ينبع من رغبتها العميقة في استغلال خيراتها   الاقتصادية، واحتكار استثمار المرجان الذي كان الساحل الجزائري مصدرا هاما له.
 
   وقد  استغلت  فرنسا   هزيمة الأسطول العثماني في معركة ليبانت لعام 1571 فانتزعت السلطان سليمان    الموافقة على إقامة قواعد عسكرية في منطقة ساحل الجزائر الشرقي الممتد  بين القالة وعنابة  . فكان ذلك سببا في توتر العلاقات الجزائرية الفرنسية ، وقد استمر ت هده  الخلافات  ، حتى وصل الأمر بحاكم الجزائر خضر باشا  الى   تحطيم حصن القالة في عام 1603 ، واعتقال القنصل الفرنسي ،وقد عرّض هذا العمل   خضر باشا إلى  العزل من طرف السلطان في الباب العالي   تحت الضغوطات الفرنسية، ولم يقف الضغط الفرنسي عند هذا الحد بل تعداه إلى مطالبة الوالي الجديد  للجزائر  السماح بإعادة بناء حصن القالة، وتوقيع اتفاقية تضمن سلامة الأسطول الفرنسي في المياه الجزائرية.
 
  اشتدت حدة هذا الصراع  في عهد لويس الرابع عشر ،الذي كان يطمح إلى تأسيس إمبراطورية استعمارية فرنسية ، فوجه عدة حملات عسكرية ضد الموانئ الجزائرية كان أهمها  ،حملات سنة 1664 على ميناء جيجل  والحملات الواقعة بين 1683 - 1688 على الجزائر العاصمة ،كان نصيب جميع هذه المحاولات  الفشل  نظرا لاستمرار التفوق الحربي لدى الأسطول الجزائري. 
رغبت الحكومة الفرنسية منذ عام 1620 في تحسين علاقاتها مع الجزائر ، فسافر من أجل هذه الغرض وفد جزائري برئاسة سنان باشا إلى مرسيليا، ليعرض وجهة النظر الجزائرية في أُسس العلاقات المشتركة وإثناء الاجتماع وصلت شائعات حول مهاجمة الأطول الجزائري لبعض السفن الفرنسية  ، فأقدم الفرنسيون على قتل أعضاء الوفد الجزائري ، فكانت هذه الحادثة سببا في قطع العلاقات الدبلوماسية وإعلان الجزائر الحرب على الأسطول الفرنسي في البحر المتوسط مما ألحق بالتجارة الفرنسية خسائر فادحة ، وكعادة الحكومة الفرنسية بعد كل نزاع مع الجزائر، توجهت مجددا إلى السلطان العثماني مطالبة إياه بالتدخل لإعادة التعاون التجاري مع الجزائر والسماح لفرنسا بإعادة بناء المراكز التجارية وتحصينها. 


الجزائر في مواجهة الاستعمارات الخارجية Empty رد: الجزائر في مواجهة الاستعمارات الخارجية

avatar
karmes
موظف درجة 12
ذكر

الاقامة : عنابة

المشاركات : 9268

نقاط : 13578

تاريخ التسجيل : 25/06/2011

تمت المشاركة الخميس 27 نوفمبر 2014, 12:52
مدفع بابا مرزوق رمز قوة الجزائر البحرية   طيلة ثلاثة قرون
مرزوق اعدم الكثير من جواسيس فرنسا
 
يعتبر مدفع بابا مرزوق من أقدم وأشهرها المدافع التى صنعتها الجزائر خلال القرن السادس عشر حيث تم صنعه في سنة 1542 بمصنع دار النحاس  ، من طرف مهندس من البندقية،  وكان دلك احتفاءا بانتهاء أشغال بناء تحصينات الرصيف الذي يربط البنيون بمدينة الجزائر ودار الصناعة ، حيث تم وضعه داخل تحصينات الميناء قرب برج القومان  و بقي هناك  الى غاية  سنة 1830 .
   ذكر بلقاسم باباسي صاحب عدة كتب حول تاريخ الجزائر منها "ملحمة بابا مرزوق .. مدفع الجزائر "
 أن مدفع بابا مرزوق الذي وصفه ب"حارس العاصمة"  ، يعود له الفضل  في بقاء العاصمة قلعة حصينة طوال ثلاثة قرون  ، مدفع يعتبر فريد من نوعه في القرن 16، ويعتبر  رائد المدافع التي صنعتها دار النحاس بالجزائر   ،وبذلك يبقى هدا المدفع  جوهرة الصناعة العسكرية التي كانت "جد متطورة" في دلك الوقت .
 و قد صنع  من مادة البرونز بطول  7،5 متر، ومسافة قذف تتجاوز أل 5 كلم.
استولى عليه عند احتلال الجزائر من فرنسا الاستعمارية من ضمن مجموعة الغنائم التذكارية ، لعرضها في متحف "الانفاليد" بباريس   بناء على رغبة الأميرال "دوبيري" الذي راسل وزير البحرية الفرنسية في 6 أوت 1830 ، يطلب السماح له بنقل هده القطعة البحرية  الى فرنسا ،  اين  تم نصبها سنة 1833  في ساحة الترسانة  ،  و وضع فوقه ديك رومي مصنوع بالبرونز .  
مدفع بابا مرزوق كان قد اعدم الكثير من جواسيس فرنسا وعزم  جيوشها  لسنوات عندما حاولت غزو الجزائر المحروسة  ،  فكم من فرنسي وضع في فوهة هدا المدفع وأطلق كقذيفة إلى البحر، وكم من مفخرة حققها للأسطول الجزائري على مدار سنوات طويلة ، حيث يروي بعض المؤرخين إن احد دايان الجزائر الدين جاؤوا بعد وفاة حسن باشا ،غضب من"الأب فاشر"  القنصل الفرنسي و سفير الملك لويس الرابع عشر بالجزائر الذي ساعد بتقاريره الاستخبارية الأميرال أبراهام دوكاسن في حملته الفاشلة لغزو الجزائر، فوضعه أمام فوهة مدفع "بابا مرزوق" وقصف به السفينة التي تقل قائد الحملة ، ومن هنا أصبح الفرنسيون يسمون مدفع بابا مرزوق "لاكونسيلار"  ،ومن هنا تبين ان خلفيات سرقة مدفع بابا مرزوق وارساله الى فرنسا هو انتقام  لسفير الفرنسي الذي أعدمه بابا مرزوق في عام  1546 .


الجزائر في مواجهة الاستعمارات الخارجية Empty رد: الجزائر في مواجهة الاستعمارات الخارجية

avatar
karmes
موظف درجة 12
ذكر

الاقامة : عنابة

المشاركات : 9268

نقاط : 13578

تاريخ التسجيل : 25/06/2011

تمت المشاركة الخميس 27 نوفمبر 2014, 12:52
أسباب  توتر العلاقات بين الجزائر وفرنسا
قضية اليهود و ظهور أزمة الديون ب24 مليون فرنك لصالح الجزائر  
 
كانت العلاقات الجزائرية  الأوروبية غير متكافئة منذ أوائل ق 19م و هذا ما  تسبب في أضرار بالاقتصاد الجزائري، فهذه العلاقات كانت في أساسها لا تتماشى مع المصالح المالية للايالة الجزائرية ،  فالامتيازات كثيرا ما كانت تمنح مقابل أشياء تافهة و ترضيات بسيطة لم يكن لها أي مساهمة ايجابية، في ميزانية البلاد و من أمثلة على  ذلك أن غرفة التجارة بمرسيليا قدمت للداي في 8 مارس1764م كمية من الفواكه و المصبرات و بعض المواد الغذائية الأوروبية، مقابل تحسين أوضاعها و تأكيد امتيازاتها ، و كانت الأموال الأوروبية تفقد قيمتها أمام كرم الجزائر تجاه تلك الدول، فحكومة الإدارة الفرنسية مثلا نالت قرضا بدون فائدة قيمته مليون فرنك مع تسهيلات و تشجيعات للنشاط التجاري سنة 1793م.
و كانت الدول الأوروبية تتصرف كأنها صاحبة الحق الشرعي في البلاد، فهي تقوم بدور الوساطة بين الجزائر و الراغبين في الانتفاع بحق الصيد و التجارة، ففرنسا كانت تمنح لكثير  من المراكب رخصة الصيد مقابل فوائد مالية تحصل عليها بنفسها على حساب الجزائر ،  فتتحصل على فائدة قدرها 1000 فرنك و أحيانا    5000 فرنك  متجاهلة بذلك سيادة الجزائر على مياهها الإقليمية، و بذلك أصبحت الجزائر تقدم الطعام و المؤونة إلى ألد أعدائها في الصراع البحري و لو بطريقة غير مباشرة، كما  نسيبت الاحتكارات الأجنبية في خسائر الاقتصاد الجزائري،   بحيث كانت شركة  لنش الفرنسية  عند تعاملها مع الجزائر تتجاهل اتفاقيات تصدير القمح و تخول لنفسها   سيادة  على مراكزها التجارية، فهي تقوم بتصدير الحبوب حتى في سنوات القحط و المجاعة متحدية بذلك أوامر السلطات الجزائرية ، هدا التصرف كان احد الأسباب الرئيسية   في تعرض المصالح الفرنسية إلى التضييق في كثير من الأحيان.
 حيث  كان الفرنسيون يتصرفون في الجزائر تصرف السادة في ارض محتلة، فالحصن الداي هو مركز هذه الامتيازات ،تعرض للهدم من طرف الجزائريين عدة مرات في 1508-1637م ، 1799-1827م و قد تضررت   منطقة القل من انقطاع التجارة مع الفرنسيين، فاضطرت الجزائر لإعادة بناء الحصن بعد تهديمه سنة 1640م و ذلك لتوقيف عصيان شيوخ القبائل المنتفعين ببيع حبوبهم و منتوجاتهم للمركز التجاري بالحصن.
و هكذا أصبحت المراكز التجارية مواطن ضعف في الاقتصاد الجزائري،  حيث كانت  تساعد على استنزاف المنتوجات الجزائرية و دخولها إلى أوروبا بأثمان بخسة و بكميات كبيرة،  بغض النظر عن المنتوجات المهربة دون علم الحكومة الجزائرية. فالحكومة الجزائرية و هي صاحبة الحق الشرعي في الاستفادة من خيرات أرضها فلم تنل الا القليل من العامل الخارجي، بينما الشركات الأجنبية و التجار اليهود كانوا يحصلون على فوائد فاحشة،   الهدف الوحيد لهذه الدول التي على رأسها فرنسا و بريطانيا  كان  الحصول على اكبر فائدة ممكنة عن طريق شراء المواد الأولية و بيع مصنوعاتها ،و لبلوغ هذه الأهداف أصبحت سفن الدولتين لا تدفع عن بضاعتها الداخلة إلى المرسى سوى 5% بعد ما كانت هذه الرسوم المفروضة عليهم لا تقل عن 12% من قيمة الحمولة قبل منتصف القرن الثامن عشر. 
في أواخر القرن الثامن عشر و أوائل القرن 19   أخذت الحكومة الجزائرية تفقد صبغتها البحرية  ووجهت اهتمامها بالشؤون الداخلية، و هذا الاهتمام كان يخفي وراءه مطالب مالية زادت في شقاء السكان .
  قطع العلاقات التجارية بين الجزائر و فرنسا بعد استقرار النظام الإمبراطوري لنابليون و تعويض هذا الطرف بالطرف البريطاني  خلف التنافس بين الدولتين بعد اتفاقيات 1815م . 
 كان قطع العلاقات الجزائرية الفرنسية من جراء الحملة على مصر من الدوافع التي جعلت الجزائر تقطع العلاقة بالمتعاملين التقليديين من مرسيليا و ليفرونة ،و المراسي القديمة دون أن تحل قضية الصفقات الموقعة مع الجمهورية الفرنسية الأولى و التي قام بها الداي نفسه و بلغت 7 ملايين (مليار و نصف المليار).
كان الدالي سيتسلم 200 قرش(200الف فرنك) و 15.6 كيلوغرام من المرجان لكل مركب، و كانت السلطات الانجليزية تتولى الاحتكارات طوال عشر سنوات (1806-1816م) محددة بذلك الصادرات في وجه الأسواق الجزائرية، في الوقت الذي كانت فيه فرنسا تعوض النقص في الحبوب الجزائرية الضرورية لحاجات الفرنسيين.
و بعد حملة اللورد اكسمرث سنة 1816م عندما أبطل الداي المعاهدات مع بريطانيا ،كسدت منتوجات الحبوب الجزائرية في أسواق أوروبا مع انخفاضها في السعر بسبب مشاكل النقل و التوزيع .
  عوامل أخرى أدت هي كذلك  إلى تصنيف المعاملات التجارية بين الجزائر و فرنسا،   كمماطلة الحكومة الفرنسية ورفضها دفع ما عليها من أموال التي وافقت عليها بعد معاهدة 1817م، متعللة بنقص التبادل التجاري و لجوئها مع بريطانيا إلى ضغوط عسكرية جديدة ،مثل حملة الأميرال "فيرمنتال" و "جيران" سنة 1819م و لم يطبق مبدأ العودة إلى نظام الامتيازات رغم المعاهدة الأولى سنة 1820م إلا بعد 1822م لصالح شركة بارنيت  بمرسيليا التي أصبحت صاحب شركة إفريقيا دون منازع و راعي النظام التجاري .
و من ابرز مظاهر الانهيار التجاري حصول انقباض جديد في زراعة الحبوب، التي كانت إلى ذلك الوقت متواصلة في السهول المجاورة للموانئ مثل متيجة و عنابة و ارزيو ،حسب حاجيات الأسواق الخارجية رغم القرب من جمع الضرائب و على حسب الحبوب كثر المراعي و تربية المواشي.
و من نتائج نقصان حجم المبادلات التجارية بين الجزائر و فرنسا هو حرص تجار مرسيليا على تدارك ما كانوا يتحينون الفرص لفرض حكمهم الاقتصادي الفرنسي ،و سيطرته على التجار الانجليز، فحجم المبادلات الخارجية الجزائرية قد تدهور كما أن حجم المعاملات مع فرنسا قد انخفض انخفاضا كبيرا، و هو ما جر إلى ظهور سيطرة شبه استعمارية للقوى الأوروبية ،سمحت بها طريقة الدفاع عن مصالح الطبقة الحاكمة الإقطاعية بمساندة رجال المال اليهود من أصل فرنسي و هو عامل من عوامل انهيار البلاد و إغراء هذه القوى للحصول   نهائيا على هذه السيطرة .
 أثناء الثورة الفرنسية  لجا نابليون إلى الحكومة الجزائرية ،فأمدته بالحبوب  و أنواع الزرع و أقرضته المال و استمرت تسانده إلى أن تغلبت فرنسا على المجاعة و انتصرت في ثورتها. استمرت فرنسا في استيراد القمح الجزائري بواسطة شركاتها –أجانس ناسيونال دافريك- بسعر لا يتجاوز 42 فرنك للقنطار الواحد حتى قطعت فرنسا تعاملها مع هذه الشركة بشكل مفاجئ لتعقد صفقة معاملة جديدة مع شركة يعقوب كوهين بوخريص(باكري)  ،و بوزناك أبو شناك و هي شركة يهودية كانت محتكرة لحبوب الجزائر و أخشابها، و قد عمل هؤلاء على الحصول على إذن خاص من الداي في التعامل مع الخارج في التجارة ،و قد تحقق لهم ذلك سنة  1818م ، و منذ ذلك الوقت و هذه المجموعة تنفرد باحتكار الحبوب و الزرع و عرفت بذلك كيف تقبض على دواليب الدولة.
و هذا التعاقد الذي وقع بين اليهود و فرنسا بشان الحبوب كان ب 120 فرنك للقنطار بدل 42 فرنك و هو مبلغ باهضا و لم تبدي فرنسا اعتراضا على السعر ، و قد فسره بعض المؤرخين بأنه اتفاق سري بين اليهود و بعض الخونة من الفرنسيين من أعضاء السلك الدبلوماسي في الجزائر ووزراء فرنسا الغير معترضين من أمثال (تاليران) الذي يقول فيه بوخريص  " لو لم يكن الأعرج -يشير بذلك إلى تاليران – ملك يدي ما كانت لاستطيع فعل شيء في باريس " ، و كان الهدف من هذه المؤامرة هو اقتسام الإرباح بين المتآمرين دون انتفاع الخزينة الجزائرية، و خسر بذلك الطرفان معا، فرنسا و الجزائر أموالا جد قيمة ،و استمرت الجزائر تمد فرنسا بالحبوب و تقدم لها القروض المالية من غير فائض، و لا سيما عندما أفلست خزينتها و اتصلت المعاملة التجارية بينهما على يد تلك الشركة التي كانت مدينة للجزائر بـ 30000 فرنك و لتجار آخرين في مقابل ما ترتب عليها من ثمن الصرف الذي اشترته من الحكومة الجزائرية و لم تسدده، و كلما طالبت به طالب التجار الباقون بديونهم ،اعتذرت بحجة أنهم ينتظرون أن تسدد لهم فرنسا ديونها ،و هذا ما اجبر الدالي على التدخل في قضية باكري مع فرنسا باعتباره جزائري الجنسية .
  أن سبب تجميد الديون كان بإيعاز من وزير خارجية فرنسا  تاليران المتعامل مع اليهود إلى وزير المالية لكي تبقى الشركة اليهودية تحت أيديهم لا تتحاور عن مصالح فرنسا ،و كان من الممكن أن يتولى باي الجزائر  
أمر الشركة اليهودية بماله من نفوذ، و لكنه رأى نفسه في مأزق من حيث إن اغلب معاملات الدولة مع الخارج كانت بيد هده  الشركة، فما كان عليه إلا أن يلجا للقضاء، و الحقيقة أن الشركة اليهودية تعمدت التأخر في دفع الديون لإثارة مشكلة و اعتبار القضية  بين دولتين و ليست قضية  شخصية. و مع كل ذلك استمرت فرنسا في استيراد القمح بمعدل مليون فرنك سنويا ،إلى أن تجمع لديها من الدين يقدر ب 24 مليون فرك  ثم نقص إلى 18 م ف و اليهود متكتمون على الأمر.
  بعد بقاء مشكلة الديون عدة سنوات  لدى القضاء ، تشكلت سنة 1819م لجنة لدراسة قائمة الحساب  مشكلة من ثلاثة خبراء فرنسيين الدين توصلوا بتاريخ 28 أكتوبر 1819م  إلى أن للجزائر الحق في المطالبة بمبلغ سبعة ملايين فقط   ، و صوت  على التقرير  بمجلس النواب الفرنسي  يوم 24 جويلية 1820م، و قد  توصل  القضاء الفرنسي بان الشركة اليهودية  استلمت من فرنسا مبلغ 3175631فرنك لتسلمه للجزائر لكنها لم تفعل. 
  لما شدد الداي الخناق على الشركة، التجأت إلى المراوغة و الرشوة و قد نال السفير الفرنسي و مندوب الشركة بفرنسا- نيقولا بليخيل- من هذه الرشوة يومئذ مليونان فرنك ، وفي  الاخير  أظهرت فرنسا استعدادها لدفع اعتمادا إلى الحكومة الجزائرية بمبلغ 583000 فرنك أسبوعيا،  بعد طول انتظار  انتهت القضية باعتماد المبلغ المطلوب في  24 جويلية 1820م، و لما بدأت فرنسا في التسديد   مليونين و نصف المليون من ديونها  ظهرت جماعة فرنسية تدعي أن لها ديون عند الشركة اليهودية ،مطالبة بحجز المبلغ المذكور   فقامت فرنسا   بتاريخ 1819م بوضع يدها على جزء من النقود التي تعطى للتجار اليهود.
  احتج الداي لدى القنصل الفرنسي معترضا على قرار المحكمة و أرسل رسالة إلى شارل العاشر يعبر فيها عن سخطه مما حصل و لما تكررت مكاتبة الداي ثلاث مرات أحالها الملك إلى السفير بالجزائر. و عندئذ تأكد الداي الجزائري بان أمواله و أموال الدولة ضاعت بين تسويف الفرنسيين و احتيال اليهود.


الجزائر في مواجهة الاستعمارات الخارجية Empty رد: الجزائر في مواجهة الاستعمارات الخارجية

avatar
karmes
موظف درجة 12
ذكر

الاقامة : عنابة

المشاركات : 9268

نقاط : 13578

تاريخ التسجيل : 25/06/2011

تمت المشاركة الخميس 27 نوفمبر 2014, 12:54
القنصل الفرنسي دوفال تحصل على رشاوي من اليهودي بكري
 فرنسا أمرت   دوفال بافتعال حادث يكون مبررا لإعلان حملة   على الجزائر
 
لم تعرف علاقة الجزائر بفرنسا يوما بالهدوء و الاستقرار، و إن حصل بينهما يوما ما اتفاق فانه كان مجرد تغطية لأوضاع معينة، ففرنسا لم ترغب يوما بصداقة الجزائر و لم تشعر الجزائر يوما بالثقة فيما تفعله فرنسا تجاهها. لذلك منذ إنشاء حصن القالة و بداية العلاقات التجارية بينهما و أسباب الخلاف تتزايد و فرص ضرب فرنسا للجزائر تتأتى لها من حين لأخر.
  قصة ديون اليهوديين بكري وبوشناق ،كانت آخر موضوع خلاف دار بين البلدين و آخر سبب اتخذته فرنسا للقيام بآخر حملة على الجزائر لكنها دون كل الحملات السابقة كانت  ناجحة أكثر مما توقعه الجزائريون.
بعد أن حددت فرنسا حجم الديون بـ 7 ملايين من الفرنكات ،  تماطلت هده الاخيرة في التسديد  ، و بما أن باكري كان مدينا لخزينة الجزائر بمبالغ هامة هي  قيمة كميات من الصوف كان قد اشتراها من الدولة ،فانه كان يعتمد على التصفية لدفع هذه الدين و غيره من الديون التي ترتبت عليه في فرنسا،  عندما  تقدم عدد كبير من دائني باكري إلى الخزينة معترضين على الدفع  ، تعقدت التصفية نتيجة لهذه الاعتراضات، و لما رأي اليهوديين أن تسوية القضية ما تزال بعيدة شرعوا في مفاوضات  ، فوقعوا سندات بمائة ألف فرنك و تنازلوا عنها بعشرين ألف،  حيث  تقرب باكري من القنصل دوفال و وعده بمبلغ كبير إن هو عمل على إنهاء القضية في باريس و قد حصل نفس الأمر مع تاليران الذي تدخل في القضية و حمل الحكومة الفرنسية على تسديد الديون ،لكن فرنسا دفعتها إلى عائلة بوشناق و بوخريص دون دفع شيء للخزينة الجزائرية، و أبقت جزءا من المال تحت الرهن في حالة ما إن كان هناك أشخاص أو شركات لهم دين على اليهوديين.
و قد اتضح للداي ان خيط  المؤامرة في الجزائر هو القنصل دوفال و رأسها في فرنسا تاليران، و أدرك أن الاتصال بالحكومة الفرنسية عن طريق قنصلها لن يفيد ما دام طرفا في الخديعة،  لذلك طلب من الحكومة الفرنسية  سحب قنصلها و توجيه اليهوديين بفرنسا إلى الجزائر .
و قد صادف دلك أن كانت أحسن السفن الحربية الجزائرية في المشرق حيث ذهبت لنجدة القسطنطينية، فأرادت الحكومة فرنسية أن تستغل الوضع ، لتنفذ خطتها لاحتلال الجزائر ،فأرسلت قنصلها دوفال و طلبت منه أن يستغل كل فرصة ممكنة لاستفزاز الداي و افتعال حادث يكون مبررا لإعلان حملة جديدة على الجزائر .
 في هدا الشان  جرت العادة أن قوم قناصل الدول الأوروبية المعتمدين لدى الجزائر، بزيارة إكرام إلى الداي بمناسبة اليوم الأول من البيرم (كلمة تركية تعني عيد الفطر) و كان القنصل الانجليزي و الفرنسي يتنافسان الصدارة في هذه المناسبات ،و لتجنب أي نقاش قرر الداي أن يستقبل الواحد عشية الاحتفال و الأخر في يوم العيد نفسه، و على هذا الأساس جاء السيد دوفال ليؤدي زيارته بحضور جميع أعضاء الديوان ، الدي لم  يكن   يجيد التركية و بعد الحفل سال الداي القنصل، لماذا لم تجبه حكومته عن برقياته العديدة الخاصة بمطلب باكري ،فكان جواب دوفال في مستوى الوقاحة إذ قال "أن حكومتي لا تتنازل بإجابة رجل مثلكم" و لان هذه الكلمات قد قيلت أمام ديوان الباشا فأنها مست كرامته لدرجة انه لم يتمالك نفسه من الغضب و ضربه بالمروحة (مصنوعة من سعف النخيل)، و قد استفاد القنصل من هذا الظرف لتغطية سلوكه و إخفاء عباراته الوقحة و قام بعرض القضية بكيفية مخالفة لما حدث متسببا في المشاكل بين الجزائر و فرنسا ، و كانت فرنسا قد احتملت قبل ذلك إهانات اكبر من هذه الإهانة ،  إلا أن  هذه مرة  كانت مهتمة  باستغلال الحادثة لمصلحتها  ،حيث  كتب القنصل الفرنسي في تلك الليلة تقريره إلى حكومته ،  طالبا منها اتخاذ الوسائل اللازمة للمحافظة على كرامة فرنسا   فأسرع وزير الخارجية الفرنسي بقراءة تقرير دوفال  على مجلس الوزراء و طلب بإجبار الداي على الاعتذار ولو تطلب الأمر استخدام القوة  ، فقرر مجلس الوزراء إرسال الأسطول الفرنسي للمطالبة بذلك .
في الحادي عشر من جوان من عام 1827  وصل الأسطول الفرنسي برئاسة الكومندان "كولي" الى الساحل الجزائري ،حيث  وجه إلى الداي  إنذارا بعد وصوله بأربعة أيام عن طريق قنصل سردينيا يطالبه فيه بتوجيه وفد يتكون من وكيل الخرج وزير البحرية و الشؤون الخارجية و القائد العام للبحرية و قائد الميناء صحبة أربعة فوجات من قصر الداي ، على أن يتوجه الداي إلى الباخرة الفرنسية و يقدم وكيل الخرج علانية باسم الداي اعتذاراته إلى القنصل العام، ثم يرفع العلم الفرنسي فوق حصون مدينة الجزائر، و توجه له تحية بمائة طلقة مدفعية جزائرية ،و إذا لم يستحب الداي في ظرف 24 ساعة تبدأ الحرب ضد الجزائر ، بعد  رفض الداي لكل طلبات قائد الاسطول الفرنسي أعلنت فرنسا  الحرب  على الجزائر في 16 جوان 1827م، في ظل غياب أسطولها وفرضت  حصارا  دام   ثلاث سنوات من 16  جوان  1827م إلى 13  جوان  1830م   


الجزائر في مواجهة الاستعمارات الخارجية Empty رد: الجزائر في مواجهة الاستعمارات الخارجية

avatar
karmes
موظف درجة 12
ذكر

الاقامة : عنابة

المشاركات : 9268

نقاط : 13578

تاريخ التسجيل : 25/06/2011

تمت المشاركة الخميس 27 نوفمبر 2014, 12:55
مشاة الموت و الطوابير الجهنمية وراء إبادة الجزائريين
فرنسا تبنت سياسة إبادة الهنود الحمر في الجزائر
أذان الجزائريين تقطع   مقابل 10 فرك فرنسي
 اعتمد الجيش الفرنسي و قادته إستراتجية الحرب الشاملة في تعاملهم مع الشعب الجزائري ، بهدف   الإسراع في القضاء على مقاومة المستميتة التي أظهرتها مختلف فئات الشعب،و قد ازداد إصرار القادة الفرنسيون و تجذر في الوجدان الفرنسي مدني كان أو عسكري ،على انتهاج كل أنواع القهر و الإبادة و التدمير دون مراعاة أي وازع إنساني أو ديني أو حتى حضاري ، حتى أضحت يوميات و تقارير الفرنسيين لا تخلو دون سرد المذابح و الجرائم الفظيعة و الافتخار بها.
كما بقيت معالم الحرب الشاملة التي خاضتها الإدارة الاستعمارية الفرنسية ضد الشعب الجزائري ماثلة بكل أوجهها، من إبادة للجنس البشري و طمس معالم المجتمع الجزائري العربية و الإسلامية ،و هدم مؤسساته الدينية و الثقافية، و شن الحملات العسكرية دون هوادة ضد القبائل الرافضة للاستيطان، و ما ترتب عنها من أعمال تعسفية كالنفي و الإبعاد و التهجير و الحبس .و قد كان قادة و حكام فرنسا من عسكريين و مدنيين الذين تولوا تسيير شؤون الجزائر الأداة الفاعلة في تنفيذ هذه السياسة الوحشية ، مكرسين كل طاقتهم من أجل تثبيت الاحتلال و ترسخ دعائمه .حيث يعترف أحد القادة العسكريين الفرنسيين في واحد من تقاريره، قائلا  "أننا دمرنا تدميرا كاملا جميع القرى و الأشجار و الحقول و الخسائر التي ألحقها فرقتنا بأولئك السكان لا تقدر ،إذا تساءل البعض ، هل كان عملنا خيرا أو شرا ؟ فإني أجيبهم بأن هذه هي الطريقة الوحيدة لإخضاع السكان و حملهم على الرحيل..." وقد فسر الجنرال بيجو عدم احترام الجيش الفرنسي للقواعد الإنسانية في تعامله مع الجزائريين إلى أن  احترام هذه القواعد يؤخر عملية احتلال الجزائر ،وهو   اعتراف صريح على ممارسة الجيش الفرنسي لأسلوب الإبادة و التدمير و النهب و التهجير تجاه الجزائريين .
  أن  العقلية العسكرية للجيش الفرنسي قد غلبت عليها النزعة العدوانية الوحشية، إلى درجة أن القائد السفاح مونتانيك  أطلقها على جنوده صفة  شبه الرسمية  ،و هي مشاة الموت كما ان  كبار الضباط و المؤرخين كانوا يطلقون على طوابير التخريب التي سلطها بيجو على الجزائر، تسمية شبه رسمية وهي الطوابير الجهنمية .
 التي افخر بجرائمها   سانت أرنو في رسائله ، بأنه محا من الوجود عدة قرى ، و أقام في طريقه جبالا من جثث القتلى  ، و لما لام البرلمان الفرنسي الجنرال بيجو ، عن الجرائم التي مارسها ضباطه و جنوده على الجزائر ، رد على وزير حربيته قائلا   " و أنا أرى بأن مراعاة القواعد الإنسانية تجعل الحرب في إفريقيا تمتد إلى ما لا نهاية " .
كانت البداية بمذبحة البليدة على عهد الجنرال كلوزيل ، ثم مذبحة العوفية  في  عهد الدوق دي ريفيقو ، التي كشفت طبيعة الإبادة الجماعية ، كأسلوب لسياسة فرنسا في الجزائر  ،و تلتها مذابح كان أشهرها مذبحة غار الفراشيش على يد العقيد بليسييه ، ناهيك عما اقترفه المجرم كافينياك في حق قبائل الشلف ،  الذي  طبق طريقة تشبه الإعدام عن طريق الاختناق ، فكانت مجزرة قبائل السبيعة ، ولم تنحصر عملية إبادة العنصر البشري على منطقة محددة في الجزائر ، بل أصبحت هواية كل قائد عسكري فرنسي ، أو كلت له  مهمة بسط نفوذ فرنسا و رسالتها الحضارية  حسب ادعائتهم  .
   إن أساليب الاستعمار الفرنسي الوحشية التي كان يمارسها على الجزائريين لم تتغير ولم تنقص مثقال ذرة،    طيلة سنوات الاحتلال   حتى أصبح يشك في وجود شيء اسمه الإنسانية. فقد سجل التاريخ صفحات مخزية من انحطاط خلقي وأدبي وإنساني كتبت بأقلام قادة وجلادى الاستعمار الفرنسي 
 في هدا الشان  كتب ضابط يدعى "بان"  واصفا مذبحة اقرفت ضد ابناء الجزائر  "أنها مذبحة فظيعة اختلطت فيها الجثث بالحجارة والحيوانات وبيوت الشعر والتراب، وقد تبين من تقرير دقيق قمنا به بعد الانتهاء من العملية أننا قتلنا 2300 شخصا بين النسوة والأطفال، وكان جنودنا يهجمون على المنازل ويذبحون فيها كل مخلوق يعثرون عليه أمامهم   . "  
الجزائريون اعتبروا من الجنس المنحط  حسب جول فيرى  الدي قال " ان المعمرين يعتبرون الأهالي من جنس بشري  منحط ،لا يصلح إلا للاعتقال والأعمال الشاقة بدون مقابل، ولا يستحقون إلا القهر والإذلال"       
 لقد  ارتكبت فرنسا   مئات المجازر  الجماعية،  من تقتيل الفردي والعشوائي،  حيث  استعانت  بعدة وسائل وقوانين عقابية تتعارض مع القوانين الدولية وحتى الفرنسية، أطلقت عليها   اسم القوانين الخاصة ،  كما أطلق احد الجنرالات الفرنسيين المسمى " Bugeaud" سياسة الأرض المحروقة وحرب الإبادة  على مشروع همجي لإنهاء الوجود الجزائري بكل الطرق  .
 إلى جانب عمليات الاستيطان واغتصاب الأراضي الصالحة للزراعة شنت قوات الاستعمار الفرنسي حرب إبادة منظمة  بتوجيه من قادة الجيش،  وهو ما يعترف به احد  الفرنسيين المشاركين  في إحدى عمليات الإبادة  "...أن مسالة العرب قبرت نهائيا، ولم يبقى لهم سوى الموت أو الهجرة أو قبول الخدمة عند أسيادهم، هل يستيقظون قبل أن تطلق عليهم رصاصة الرحمة؛؟ أتمنى ذلك..." ،  احد القادة الفرنسيين  يعترف كذلك  "... وقد تتخذ الإجراءات الصارمة للإطاحة بالقبيلة المنوي تدميرها بقوات كبيرة، بحيث يكون الهرب مستحيلا لأي مخلوق، والسكان الآمنون لايدركون الخطر المحدق بهم، إلا عندما يسمعون قرع الطبول التي تضرب نغمة مؤذية للسمع وبعد ذلك تحدث المفاجأة  ، التي لايوجد لها مثيلا إلا فيما نعرفه من قصص إبادة الهنود الحمر." 
و يعترف الكونت ديريسون هو الأخر في كتابه" مطاردة الإنسان"   فيقول " إننا والحق يقال أتينا ببرميل مملوء   أذانا غممناها أزواجا من الأسرى..." ، حيث  يؤكد ديريسون أنه في أيام الاحتلال بلاد القبائل سنة 1857 كان قادة الاحتلال الفرنسي يشجعون الجنود ويعطوهم عشر فرنكات عن كل زوج من أذان الأهالي التي يحضرونها ...!  ويضيف  ديريسون في اعترافاته   " ...اقترفنا جرائم يذوب لوحشيتها الصخر، وكثيرا ما حكمنا بالإعدام... ونفذنا ذلك رميا بالرصاص" ،في نفس الاطار   يقول العقيد  فوري  " انطلقت من مليانة سبعة طوابير بهدف  التخريب، واختطاف اكبر عدد ممكن من قطعان الغنم، وعلى الأخص النساء   والأطفال، لان الوالي العام ( الجنرال بيجو) كان يريد إرسالهم إلى فرنسا  ،   واختطفنا في هذه الحملة ما يزيد على ثلاثة  ألاف من رؤوس الغنم، وأشعلنا النار في مايزيد على عشرة من القرى الكبرى وقطنا واحرقنا أكثر من عشرة ألاف من أشجار الزيتون التين وغيرها.. "
ويتحدث الرائد " ويستي " عن إحدى حملاته فيقول هو كدلك " إن الدواوير التي أحرقت والمحاصيل الزراعية التي أتلفت، لا تكاد تصدق، فلم يكن يرى من الجانبين من الطابور سوى النيران." ويقول   ديفو   في مذكراته  عن قرية بني راشد  " بعد العشاء كانت جميع المنازل قد التهبت بالحطب الذي بنيت به، وكانت السنة اللهب تتصاعد، فكم  كانت هذه العملية جريئة من طرف جيوشنا، فرغم الجرائم لا أنسى قساوة حياة  هؤلاء المساكين في فصل الخريف القريب، كم امرأة وطفل هلكوا .."
  لم تكن عمليات الإبادة والتخريب قاصرة على المناطق الشمالية، بل امتدت   إلى المناطق الجنوبية والى واحات الصحراء، مثل ما حدث في واحة الزعاطشة سنة 1849   التى قال فيها  العقيد " بان " يكرر نفس المشهد في مدينة الاغواط سنة1852  " لقد كانت مذبحة شنيعة حقا، كانت المساكن والخيام التي في ساحة المدينة والشوارع والأزقة، والميادين، كانت كلها تغص بالجثث ، إن الإحصائيات التي أقيمت بعد الاستيلاء على المدينة وحسب معلومات استقيناها من مصادر موثوقة، أكدت أن عدد القتلى من النساء والأطفال 2300 
قتيل، أما عدد الجرحى فلا يكاد يذكر لسبب بسيط ،هو أن جنودنا كانوا يهجمون على المنازل ويقتلون كل من وجدوه بلا شفقة ولا رحمة.".
   لقد تعددت جرائم الإبادة في  مرحلة  الممتدة بين عام 1830 الى عام 1870،بهدف خنق المقاومة التى كان يخوضها الشعب الجزائري ضد الوجود الاحتلال الفرنسي لبلادهم ، كإبادة سكان البليدة  يوم 26  نوفمبر 1830 التى وقعت على اثر الهجوم  نظمه المقاومون ضد الحامية الفرنسية بالمدينة، وبعد انسحاب المقاومون قامت القوات الفرنسية بالانتقام من السكان العزل،  حيث  أقدم الضابط   ترو لير  على   إصدار  أمر إلى وحداته العسكرية بمحاصرة بلدة البليدة وتقتيل  جميع سكانها البالغ عددهم قرابة الألفين مواطن، وفي بضع ساعات تحولت المدينة إلى مقبرة حقيقية  امتزج التراب بالدم حتى أصبح لون الأرض احمرا لشدة
القتل الذي لم يرحم لا طفلا ولا شيخا و لا عجوزا ولا امرأة  ،  قبيلة العوفية بوادي الحراش تعرضت هي الاخرى يوم 05 افريل 1832  الى عملية ابادة  ومصادرة ممتلكاتها  بسبب  اعتقاد القوات الفرنسية ان هده القبيلة قامت بسب مبعوثي  فرحات بن السعيد احد عملاء فرنسا بمنطقة الزيبان، بالرغم من أن التحقيق قد أوضح انه ليس لقبيلة العوفية أي مسؤولية في ذلك ، حيث  أقدم الجنرال دوروفيقو   الذي يعرف بسياسة العنصرية اتجاه الجزائريين، بإعطاء أمر بمحاصرة قبيلة العوفية المتمركزة في المنطقة الجنوبية من وادي الحراش  ، وبعد  إلقاء القبض على شيخها "الربيعية" وإعدامه دون محاكمة ،  قتل جميع  أفرادها في مذبحة رهيبة والناس نيام، وعند عودتهم من هذا العمل المخجل  حمل الجنون الفرنسيين القتلى على أسنة رماحهم .  وبيعت كل أرزاقهم لقنصل الدانمرك، وباقي الغنيمة عرضت في سوق باب عزون، وكان يظهر في هذا المنظر الفظيع أساور النساء في معاصم مبتورة، وأقراط أذان لاصقة و أشلاء اللحم متدلية منها، ثم وزع ثمن هذا البيع على ذابحي أصحابها، وفي مساء ذلك اليوم أمرت السلطات السكان بإضاءة محلاتهم احتفالا بذلك.
 لعنة أرواح افراد قبيلة العوفية  التي زهقت باطلا، ظلت تراود الدوق روفيقو في نومه ويقضته حتى أصيب بهستيريا رهيبة، فقد على إثرها عقله وجن.
 إبادة قبيلة بني صبيح  خلال عام 1844 هي الاخرى يعترف بشأنها  الجنرال كافينياك  فيقول " لقد تولى الأجناد   "الجنود" جمع كميات كبيرة من الحطب، ثم كدسوها عند مدخل المغارة التي حملنا قبيلة بني صبيح على اللجوء إليها بكل ما تملك من متاع وحيوانات، وفي المساء أضرمت النار وأخذت جميع الاحتياطات حتى لا يتمكن أيا كان من الخروج حيا .."أما الناجون من فرن كافينياك الذين كانوا خارج أراضي القبيلة، فقد تولى  العقيد كانروبار  جمعهم بعد حوالي عام من حرق أهاليهم، ثم قادهم إلى المغارة ثانية وأمر  بغلق  جميع مخارجها ليجعل منها على حد تعبيره " مقبرة واسعة لإيواء أولئك المتزمتين  ولم ينزل احد تلك المغارة، ولا يعرف احد غيري أنها تضم تحت ركامها خمسمائة من الأشرار الذين لن يقوموا بعد ذلك بذبح الفرنسيين" وفي تعليقه على هذه الجريمة قال السيد برار " لقد ظلت تلك المغارة مغلقة وبداخلها جثث رجال ونساء وأطفال وقطعان تتآكل أو يأكلها التراب" ، جرائم الإبادة المنظمة التامة الأركان تعرضت لها كذلك قبيلة أولاد رياح    خلال  جانفي من عام  1845 كان مهندسها  القائد الفرنسي  بيليسيه  ،بعد وقوع  معركة كبيرة  بناحية الظهرة  والتى تعرف عند الفرنسيين بانتفاضة الطرق الصوفية، شاركت فيها على الخصوص القادرية والرحمانية والدرقاوية والطيبية وفروعها، وكانت قبيلة أولاد رياح التي شاركت في الانتفاضة تقطن جنوب تنس فغزاها بيليسيه ، بحجة المشاركة في هده انتفاضة  حيث تعرض أفرادها الى عمليات الحرق العشوائي وبعد فرار ما تبقى من السكان إلى الجبال واحتموا بغار   يطلق عليه اسم غار الفراشيش ، وعددهم أكثر من 1000  شخص رجالا ونساءا وأطفالا وشيوخا مع حيواناتهم، حاصرهم بيليسيه وجنوده من جميع الجهات، وطالب القبيلة بالاستسلام فردت عليه بإطلاق النار، فأعطى الأوامر لجنوده بتكديس الحطب أمام مدخل المغارة، وإشعاله فهلك كل أفراد القبيلة  حيث استمرت هذه العملية يومين كاملين من 17  الى  18 جوان من عام 1845 ، وقبل طلوع نهار اليوم الثاني بنحو ساعة وقع انفجار كبير داخل المغارة فقضى على من تبقى على قيد الحياة، ونظرا لكون السلطات الفرنسية أعجبت بهذا العمل ،قامت بمكافأة الجنرال بيجو الحاكم العام حيث منحت له "عصا المارشالية " أو ما يسمى بقاهر الجزائريين  . 
بدافع الانتقام من الانتصارات التي حققتها مقاومة الشيخ بوزيان ببسكرة، أرسلت السلطات الفرنسية و العقيد  كاريوكسي بتاريخ 26 نوفمبر 1849 ،جيشا قوامه 19 ألف جندي بقيادة الجنرال هيربيون  الدي  حاصر  كل المحيط الخاص بقبيلة زعاطشة  ،حيث  ستخدمت المدفعية لضرب الواحة وتدميرها، وكلل هذا القصف بدخول الفرنسيين إلى الواحة   وبدءوا في تنفيذ أحكام الإعدام في حق أكثر من 1500 شخص  و على رأسها الشيخ بوزيان  الدي علق  رأسه على مقصلة أمر بنصبها الجنرال هيربيون  على باب معسكره، رفقة رأس ابنه ورأس الحاج موسى الدرقاوي نكاية وعبرة للثائرين ،  وقام هدا الجنرال  بحرق أشجار النخيل   هذه النماذج المقدمة هي مجرد عينة من أنواع القهر والعذاب الذي ذاقه الشعب الجزائري على ايدي الاستعمار .
 فجرائم الإبادة التي رسمتها أنامل الجنود الفرنسيين في حق الجزائريين لم تتوقف عند هذا الحد ،فبداية من سنوات الخمسينات من القرن التاسع عشر  اقترف سفاحون آخرون  جرائم إبادة اخرى من أمثال ديمونتنياك الذي اشتهر كقاطع للرؤوس، الدي سجل في كتابه رسائل جندي   " أننا رابطنا في وسط البلاد وهمنا الوحيد الإحراق والقتل والتدمير والتخريب حتى تركنا البلاد قاعا صفصفا، إن بعض القبائل لازالت تقاومنا لكننا نطاردها من كل جانب حتى تصبح النساء والأطفال بين سبي وذبيح والغنائم بين سلب ونهب ."  وفي رسالة بعث بها إلى احد أصدقائه  قال هدا السفاح  " لا يمكن تصور الرعب الذي ، يستولي على العرب حيث يرون قطع رأس بمسيحية، فاني أدركت ذلك منذ زمن بعيد ،واقسم لك بأنه لا يفلت احد من أظفاري حتى ينال من بز رأسه مايناله... وقد أنذرت بنفسي جميع الجنود الذين أتشرف بقيادتهم أنهم لو أتوا بعربي حي لأنهلت عليهم ضربا بعرض نصل سيفي. وأما قطع الرؤوس فهي تكون على مرأى ومسمع جميع الناس ويضيف هذا السفاح قائلا:"ينبغي أن نقتل كل الرجال والأطفال وان نضعهم في السفن ونبعث بهم إلى جزر المركيز أو غيرها،وبكلمة مختصرة، ينبغي أن نقضي على كل من لايركع أمامنا كالكلب ".
 
وديمونتنياك هذا هو القائل في إحدى رسائله  " قد اقطع الرؤوس لطرد الخواطر المحزنة التي تساورني احيانا...!!!".
 هذه الظواهر اللاانسانية هي ميزة تميز بها معظم جنرالات فرنسا الاستعمارية   حيث لم يشذ الجنرال سانت أرنو  عن هذه الظاهرة   " ان ناحية بني مناصر بديعة وهي من أغنى نواحي افريقيا، ترى فيها القرى والمساكن متقاربة بعضها لبعض، احرقنا كل شيء فيها وحطمنا كل شيء ،الحرب وما أدراك ما الحرب!، ما أكثر عدد النساء والأطفال الذين اعتصموا بثلوج الأطلس فماتوا فيها بردا وجوعا"... " إننا نحطم ونحرق، ونخرب الديار والأشجار أما المعارك فإنها لاتوجد أو قلما توجد"، وعن حملته التي قادها على منطقة القبائل  خلال 1851 يقول سانت أرنو " تركت  ورائي حريقا هائلا، أحرقت نحو مائتين من القرى، أتلفت جميع البساتين وقطعت جميع أشجار الزيتون ". 
 جرائم الاستعمار الفرنسي في   القرن التاسع عشر لا تزال مجرد قطرات من بحر الدماء الذي اغرق فيه الجزائريون بلا رحمة ولا شفقة، هذه الجرائم الابادية لم تتوقف عند هذا الحد، وفي هذا القرن بل أخذت مناحي أخرى وأشكالا أكثر جهنمية في القرن العشرين.
 
الجرائم الشنيعة كثيرة  لا تعد ولا تحصى  ارتكبها الاستعمار الفرنسي في الجزائر، مسلسل الجرائم الفرنسية  كان أبطاله امثال الجنرال بيجو مهندس الابادة ، الذي منذ أن حلّ بالجزائر سنة1841، تبنى سياسة الحرب الشاملة ضد الشعب الجزائري،  معتمدا على  إستراتيجية أساسية  و هي حرب الإبادة،  التى كانت في نظره كفيلة بالقضاء على مقاومة الشعب الجزائري وإضعاف قدراته القتالية والنضالية. الجنرال  سانت أرنو ، وهو أحد معاوني الجنرال   بيجو قال  في مذكراته «لقد كانت حملتنا في الجزائر حملة  تدميرية أكثر منها عملاً عسكريا، ونحن اليوم وسط جبال مليانة لا نطلق إلا قليلا من الرصاص، وإنما نمضي وقتنا في حرق جميع القرى والأكواخ، وإن العدو يفر أمامنا سائقا أمامه قطعان غنمه»
 في نفس السياق  قال جيرار  وزير الحرب الفرنسي إنه «لا بد من إبادة جميع السكان العرب، إن المجازر والحرائق وتخريب الفلاحة هي في تقديري الوسائل الوحيدة لتركيز هيمنتنا» ، وأما الجنرال  يجو ، فقال أمام البرلمان الفرنسي «أينما وُجدت المياه الصالحة والأرض الخصبة، يجب إقامة المعمرين بدون استفسار من أصحاب الأراضي هذه».  وقد  أكد المؤرخ فرنسي جاك جوركي  على خلاف جميع المؤرخين الفرنسيين  أن «الفرنسيين قتلوا منذ الاحتلال مرورا بالثورات والانتفاضات التي قام بها الوطنيون الجزائريون إلى غاية الاستقلال عشرة ملايين  جزائري  ّ.
اعترافات هؤلاء المجرمين تؤكد ان الشعب الجزائري عاش وسط حرب ابادة جماعية منظمة تبنتها فرنسا مند عام 1830 والى غاية عام 1962   


الجزائر في مواجهة الاستعمارات الخارجية Empty رد: الجزائر في مواجهة الاستعمارات الخارجية

avatar
karmes
موظف درجة 12
ذكر

الاقامة : عنابة

المشاركات : 9268

نقاط : 13578

تاريخ التسجيل : 25/06/2011

تمت المشاركة الخميس 27 نوفمبر 2014, 12:56
مشاة الموت و الطوابير الجهنمية وراء إبادة ملايين الجزائريين
 المؤرخ الفرنسي جاك جوركي ّ ان فرنسا أبادت 10 مليون جزائريّ
مخابرات الثورة اخترقت حكومة ديغول وجندت وزارء ه
 اول بازوكا جزائرية صنعت في معاقل الثورة
جنرال في الحلف الأطلسي عميل جنده بوصوف  لصالح الثورة
عبد الحفيظ  جمع 8 مليارات  فرنك لصالح الثورة
عبد الحفيظ بوصوف هواري بومدين رشيد كازا عبد العزيز بوتفليقة
في مهام مستحيلة ضد أجهزة مخابرات الاستعمار
عبد الحفيظ بوصوف   قال عن بوتفليقة   "هدا الشاب سيكون له شان عظيم"
 
7360مليار فرنك فرنسي  خسائر الاستعمار الفرنسي الأوروبي في الجزائر
بين 1954 و1962
36 عقيد جزائري في مواجهة 60 جنرال و700 عقيد فرنسي
الثورة الجزائرية  أسقطت ثماني  حكومات فرنسية   
 
 
 
فرنسة الاستعمارية سرقت 50 مليون جنيه إسترليني ذهبا
 من خزينة الدولة الجزائرية
إبادة 2،3 مليون جزائري بين عام 1830 وعام 1861
 
ارتكبت فرنسا على مدار سنوات احتلالها للجزائر الكثير من الجرائم ضدّ الجزائريين،  حيث ظلّ هذا الملف في عداد المسكوت عنه، إلى غاية تسريب وثائق تاريخية كشفت كثير من فظائع  هدا الاْحتلال ،منها  استحوذ الفرنسيون على أموال ضخمة من  خزينة الجزائر،  في هدا الشأن تقول  وثائقهم بأن الخزينة التي كانت تقع في القصب كانت تحتوي على حوالي 2.400.000 جنيه استرليني ذهبا، ولكن حسب ما ذكره  المؤرخين فأن الداي علي خوجة قد استعمل سنة 1817، 50 بغلا   لمدة خمسة عشر ليلة لنقل محتوى الخزانة  عندما   نقل  
 مقر الحكومة   إلى القصبة   والتى كانت  تحتوى على  على أكثر  من 50 مليون جنيه إسترليني .
 وقد ابتكرت فرنسا الاستعمارية وسائل جديدة لقهر الجزائريين، فقامت بجمعهم   في محتشدات الأسلاك الشائكة،  و تركتهم في الصحراء  يعانون الموت البطيء في العراء، كما شكلت   فرقة خاصة مهمتها اغتصاب النساء وقتل الأطفال؛ لإرهاب أي قرية يشتبه في تمردها ضد فرنسا .   
 بين عامي1830 و1861 قامت قوات الاحتلال الفرنسي بابادة 2.267.000 جزائري   ،هده الإبادة كانت نتيجة المقاومة الشعبية التي خاضها الجزائريون ،فمنذ أن احتلت  فرنسا الجزائر  لم تمر سنة واحدة من دون مقاومة شعبية الى غاية  عام 1919 .  في المقابل فقد تضاعف عدد المغتصبين  من الفرنسيين و أجناس أخرى من الأوروبيين ثماني  مرات   حيث   وصل عدد المستوطنين  الأوروبيين سنة 1847 الى  109000 نسمة ارتفع هدا العدد  إلى 829000 نسمة سنة 1921 . كما عملت فرنسا على توطين الفرنسيين في الأراضي الجزائرية ليكونوا عيونًا لها في الأراضي المحتلة، فأعطتهم أفضل الأراضي وأكثرها خصوبة؛ ليشعروا بأهمية ما قُدِّم لهم فيكونوا مخلصين لحكومتهم، 
  وقد تزامنت هده الهجرة مع الإبادة المبرمجة عن طريق التجهيز و التفقير و حشد السكان في الأراضي القاحلة و الصحاري و سفوح الجبال و المساعدة على نشر الأوبئة بين السكان  مثل الطاعون و الكوليرا و التيفوييد ، و نفي الآلاف منهم إلى المستعمرات الفرنسية ككاليدونيا لجديدة و غيرها  . وقد جاء في تقرير رسمي رفعته لجنة التحقيق الفرنسية إلى الملك شارل العاشر سنة 1833م، ما نصه: "كيف يجوز لنا أن نشكو من مقاومة الجزائريين للاحتلال، في وقتٍ قامت فيه فرنسا بتهديم المساجد، وإلغاء القضاء الشرعي، والاستيلاء على أموال الأوقاف، وتعيين الإمام والمفتي الموالين للإدارة الفرنسية؟! لقد أهدرت السلطات الفرنسية حقوق الشعب، وداست مقدساته، وسلبت حرياته، واعتدت على الملكية الفردية، ودنَّس جنودها المساجد، ونبشوا القبور، وأعدموا شيوخًا من الصالحين؛ لأنهم تجرءوا على الشفاعة لمواطنيهم! " .    
بالتزامن مع سياسة الابادة والتهجير التى تعرض لها الشعب الجزائري من طرف السقاحي  فرنسة الاستعمارية  تبني    قائد الغزو الفرنسي  روفيجور    مخطط  تحويل المساجد الى كنائس  بقوله " يلزمني أجمل مسجد في المدينة لاجعل منه معبدًا للمسيح "،  فاختار مسجد القشاوة وأمر على الفور بتحويله إلى كنيسة    فتقدمت إحدى فرق الجيش الفرنسي وهاجمت على المسجد بالفئوس والبلط،  و بداخله  4000   مسلمٍ  جزائري  الدين اعتصموا جميعًا خلف الأبواب دفاعًا عن بين الله ،  لتهجم عليهم  القوة العسكرية  بالسكاكين   والحراب ،   وقد استمرت هذه المعركة طوال الليل  ،والتى ادت الى قتل كل المصليين  ولما انتهى الجنود من اغتصاب هذا المسجد، تحولوا إلى مسجد  القصبة الغني بالذكريات عن الإسلام، ففعلوا به ما فعلوه  بمسجد القشاوة..!! ثم اصطف الضباط، والجنود بعد ذلك لإقامة قداس ابتهاجًا بهذا الفوز العظيم!! .
 كما  تعرضت المؤسسات الثقافية و الدينية إلى الهدم و التخريب و التدمير  ، حيث تم  تركيز على المؤسسات الدينية ، وعلى رأسها المساجد و الجوامع و المدارس و الزوايا ، لما لهذه المؤسسات  من دور في الحفاظ على مقومات الشعب الجزائري و إنتماءه الحضاري العربي الإسلامي .و كان من نتائج سياسة ، تدهور الثقافة و المستوى التعليمي في المجتمع الجزائري . حيث كانت مدينة الجزائر تضم   لو حدها 176 مسجدا قبل الاحتلال الفرنسي لينخفض هذا العدد سنة 1899  إلى خمسة فقط ،و أهم المساجد التي عبث بها الاحتلال  ، جامع القصبة الذي  تحول إلى كنيسة الصليب المقدس،و جامع علي بتشين الذي تحول إلى كنسية سيدة النصر  .
و كان الحال نفسه في باقي المدن الجزائرية، كما  تعرضت الزوايا إلى نفس أعمال الهدم و البيع و التحويل ،  حيث لقيت نفس مصير المساجد و الجوامع  ، فقد تعرضت 349 زاوية إلى الهدم و الاستيلاء  ، ومن أشهر الزوايا التي إندثرت من جراء هذه السياسة زاوية القشاش و الصباغين و المقياسين و الشابرلية. 
  و  لخص أحد جنرالات فرنسا في تقريره إلى نابليون الثالث إصرار الإدارة الفرنسية على محاربة المؤسسات الثقافية الجزائرية   قائلا:" يجب علينا أن نضع العراقيل أمام المدارس الإسلامية ...كلما استطعنا إلى ذلك سبيلا ... و بعبارة أخرى يجب أن يكون هدفنا هو تحطيم الشعب الجزائري ماديا و معنويا".
واتبع الفرنسيون سياسة تبشيرية لتنصير المسلمين خاصة في منطقة القبائل، فتعرض رجال الإصلاح وشيوخ الزوايا للتضييق والمراقبة والنفي والقمع، وفتحت كثير من المدارس التبشيرية وبنيت الكنائس ووجه نشاطها للأعمال الخيرية والخدمات الاجتماعية لربطها بواقع السكان هناك، وقام الرهبان والقساوسة بالتدريس في الكثير من المدارس. وحسب الإحصائيات الفرنسية بالجزائر فإن منطقة القبائل كان بها مدرسة لكل 2100 طفل، في حين كانت هناك مدرسة لكل أربعين ألف طفل في بعض المناطق الأخرى بالجزائر. 
وسعى الفرنسيون إلى عزل بعض المناطق بالجزائر والحيلولة دون اتصالها أو تفاعلها مع باقي المناطق الأخرى، وكان تركيزهم على منطقة القبائل، ورعوا نزعاتها الإقليمية التي تتنافى مع وحدة الشعب الجزائري، وذلك بالاهتمام بالأعراف والتقاليد واللهجات والفولكلور على حساب الثقافة العربية الإسلامية، وصدرت تعليمات واضحة لموظفي الإدارة الاستعمارية الجزائرية تتلخص في ضرورة حماية القبائل وتفضيلهم في كل الظروف على العرب، ولولا المواقف الشجاعة والتضحيات التي قدمها أبناء القبائل لأمكن للمخطط الاستعماري تدمير البنية الاجتماعية للشعب الجزائري في تلك المناطق 
 فرنسا الاستعمارية بدلت اقصى جهودها   لضرب الوحدة الوطنية الجزائرية بين العرب والبربر، فأوجدوا تفسيرات مغرضة وأحكاما متحيزة لأحداث التاريخ الجزائري، ومنها أن البربر كان من الممكن أن يكون لهم مصير أوروبي لولا الإسلام، واعتبروا العنصر البربري من أصل أوروبي، وحكموا عليه بأنه معاد بطبعه للعرب، وسعوا لإثبات ذلك من خلال أبحاث ودراسات تدعي العلمية، وخلصوا من هذه الأبحاث الاستعمارية في حقيقتها إلى ضرورة المحافظة على خصوصية ولغة منطقة القبائل البربرية بعيدًا عن التطور العام في الجزائر.
كانت الألقاب الجزائرية قبل الاستعمار الفرنسي ثلاثية التركيب (الابن والأب والجد)، وفي حالات أخرى خماسية التركيب، بحيث تضاف لها المهنة والمنطقة. الا أن الإدارة الاستعمارية الفرنسية غيرت هد ه الطريقة
 بإصدارها في 23 مارس 1882 قانون الحالة المدنية أو قانون الألقاب، الذي نص على استبدال ألقاب الجزائريين الثلاثية وتعويضها بألقاب لا ترتبط بالنسب ، وسبق صدور هذا القانون محاولات متواصلة لطمس الهوية الجزائرية، أهم ملامحها إجبار الأهالي ، وهو التعبير الشائع لتوصيف الجزائريين ،على تسجيل المواليد الجدد وعقود الزواج لدى مصلحة الحالة المدنية الفرنسية، بعدما كانوا يقصدون القاضي الشرعي أو شيخ الجماعة. وكانت الغاية من استبدال ألقاب الجزائريين الثلاثية وتعويضها بألقاب لا ترتبط بالنسب ،هو تفكيك نظام القبيلة لتسهيل الاستيلاء على الأراضي، وإبراز الفرد كعنصر معزول، وتغيير أساس الملكية إلى الأساس الفردي بدلا من أساس القبيلة، وطمس الهوية العربية والإسلامية من خلال تغيير الأسماء ذات الدلالة الدينية وتعويضها بهوية هجينة، وإحلال الفرد في المعاملات الإدارية والوثائق مكان الجماعة، و   تطبيق النمط الفرنسي الذي يخاطب الشخص بلقبه وليس باسمه.
و بموجب هذا القانون لم تكتف السلطات الاستعمارية بتغيير أسماء وألقاب الجزائريين ،بصفة عشوائية بل عوضت العديد منها بأسماء مشينة ونابية وبعضها نسبة لأعضاء الجسم والعاهات الجسدية، وألقابا أخرى نسبة للألوان وللفصول ولأدوات الفلاحة وللحشرات وللملابس وللحيوانات ولأدوات الطهي ، ولم يكن هناك أي منطق في إطلاق الألقاب على الأشخاص، وكل ما هنالك هو رغبة في تحطيم معنويات الجزائريين، من خلال منح الفرصة لترديد أسمائهم مشينة طول الوقت وعلى مرّ الأزمان ، حيث بقي  الأبناء والأحفاد يتوارثون هذه الأسماء منذ عام 1882 وهي أسماء لم يختاروها هم ولا آباؤهم، وإنما أجبروا على حملها حتى اليوم.
 
السياسة الهدم و التخريب أكدها  تقرير فرنسي صدر سنة 1833 جاء فيه " لقد حطمنا .. و جرّدنا السكان الذين و عدناهم بالاحترام .. و أخذنا ممتلكاتهم الخاصة بدون تعويض .." ، هذا المسلك اعتمده السفاح بيجو في مخططه الذي تضمن عدة أساليب جهنمية منها تخريب القرى التي يسكنها الأهالي تخريبا تاما ،  وهدم المؤسسات الدينية أو بيعها للمستوطنين الأوربيين فهدموها و بنوا مكانها 


الجزائر في مواجهة الاستعمارات الخارجية Empty رد: الجزائر في مواجهة الاستعمارات الخارجية

avatar
karmes
موظف درجة 12
ذكر

الاقامة : عنابة

المشاركات : 9268

نقاط : 13578

تاريخ التسجيل : 25/06/2011

تمت المشاركة الخميس 27 نوفمبر 2014, 12:57
 مليون مستوطن اوروبي  لدعم مشروع الصليبية في الجزائر
كلوز يل  وراء  فكرة  تحويل  الجزائر الى سان دومينغ جديدة
 ما بين عام 1871 وعام 1889  تمكن الاستعمار الفرنسي في تملك حوالي مليون هكتار من  الاراضي الجزائرية  بعدما   كان قد استولى على 481000 هكتار   بين عام  1830  وعام  1870   وفي مدة 130 سنة من الاستيطان  استحوذ الغزاة على حوالي خمسة ملايين من الهكتارات من جملة سبعة ملايين صالحة للزراعة.
بالموازاة مع دلك كانت وتيرة توطين الفرنسين والاوروبين  في ارتفاع مستمر ففي سنة 1871 تم توطين   119000  ليصل عددهم  سنة  1903 الى 200.000  مستوطن وقد تضاعف هدا العدد بخمسة مرارات ليصل الى مليون مسوطن اوروبي  بحلول عام 1962  فكان كلما استمر الاستيطان مدة أطول كلما ازداد توسعه و كثرت مستوطناته . التى بلغت  150 مستوطنة خلال عام1850   و  في عام 1880  وصل    العدد  الى  207 مستوطنة   أما في عام 1920  ارتفع هذا العدد إلى 217 مستوطنة    . 
 إن الحملات الاستيطانية التي انتهجتها فرنسا منذ دخولها أرض المحروسة ،كانت ضمن مشروع صليبي حاقد  بدليل ما قاله  الجنرال دو بورمون و هو يخاطب جنوده بعد استيلاء على  مدينة الجزائر "لقد جددتم عهد الصليبيين  " في نفس الاطار  صرح الجنرال بيجو  خلال عام 1844م لأحد الرحالة الفرنسيين يدعى بوجولا   " إن الحرب التي نقوم بها في إفريقيا إنما هي حلقة من حلقات الحروب الصليبية  ".حيث ادعى القادة الفرنسيين بأن من أسماء الله الحسنى أنه إلله الجيوش وإلله المعارك وأن المجتمعات لا تتقدم إلا بالدماء والدموع ، فحسبهم أن الهدف الذي يسعون لتحقيقه من حروبهم في إفريقيا هو أسمى و أقدس من الهدف الذي يسعون لتحقيقه من حروبهم في أوروبا ، فبالنسبة لهم المسألة تتعلق بقضية روحية قضية الحضارة و قضية التعاليم لمسيحية الخالدة التي كتب الله لها النصر المؤزر في هذه الدنيا و خير فرنسا لتكون لها سندا قويا . لافيجري وهو مهندس السياسة التبشيرية في الجزائر  قال  بشان هدا الامر   " يجب أن نلهم هذا الشعب عن طريق أبنائه أحاسيس أخرى و مبادئ أخرى غير الإسلام ... و ينبغي أن نقدم له مبادئ الإنجيل ... فإما أن يندمج في حياتنا أو نطرده إلى الصحاري ".
نشرت إحدى الصحف الباريسية مقالا عن أهمية الجزائر بالنسبة للفرنسيين جاء فيه  "... و نظرا لكل هذه الاعتبارات من جودة و خصوبة الأراضي و قرب المسافة بينها (لجزائر) و بين فرنسا و    أطماع فرنسا في الجزائر كانت بلا حدود حيث حرمت  الجزائريين وهم السكان الأصليين  من الخيرات فعانوا  أقصى درجات الحرمان والبؤس .. " .
منذ السنوات الأولى للاحتلال   باشرت  ادارة الاستعمار الفرنسي  سياسة استيطانية شرسة وواسعة جندت لها كل الإمكانيات المادية والبشرية العسكرية منها ومدنية  ،  وقد   قال  الفرنسي  لامورسيير  بشان الاستيطان في العهد العسكري من عام 1830 الى غاية 1870     " من أجل تحقيق هذا الهدف ، لابد من الاستعانة بالمعمرين الأوربيين ، وذلك أننا لا نستطيع على أية حال أن نثق ثقة تامة بالأهالي . فهؤلاء سيغتنمون أول فرصة ليثوروا ضدنا، فإخضاع العرب لسلطتنا إن هو إلا مرحلة انتقالية ضرورية بين حرب الاحتلال والفتح الحقيقي. والشيء الوحيد الذي يجعلنا نأمل أن نتمكن ذات يوم من تثبيت أقدامنا في الجزائر ، هو إسكان هذه البلاد بمعمرين مسيحيين يتعاطون الزراعة … ولهذا ينبغي أن نبذل جميع المساعي لترغيب أكبر عدد ممكن من المعمرين في المجيء فورا إلى الجزائر، وتشجيعهم على البقاء فيها باقتطاعهم الأراضي فور وصولهم ". وقد ساهمت المدرسة السان سيمونية والكنيسة المسيحية ، مساهمة كبيرة في وضع الأسس والمفاهيم التي انطلق منها الاستيطان الأوربي في الجزائر  ، والتي انطلقت كلها من فكرة مفادها "إن الأراضي غير الأوروبية تعد مناطق خالية من الحضارة، فهي ملائمة للاستعمار".
 ومن أبرز و أخطر القوانين التي فتحت المجال واسعا للمعمرين و الذي يدخل في إطار سياسة الاستيطان التي ميزت مرحلة الحكم المدني ما بين 1871 و 1899 ،هو قانون فارنييه الذي صدر عام 1873 و قد سمي بقانون الكولون أي المستوطنين، يضاف إلى  مرسوم التبعية لعام  1881 وهي قوانين تصب كلها في الاستيلاء على كل الأراضي مهما كانت وضعيتها ، و من أشهر الحكام المدنيين الذين أطلقوا يد المستوطنين و عملوا على نجاح سياسة الاستيطان، الحاكم العام ألبير غريفي الذي شهدت مرحلة حكمه بناء القرى الاستيطانية ،و تخصيص أكثر من 300 ألف هكتار لبنائها، كما أن الاستيطان الحر الذي قننه الطبيب وارني ساعد على امتلاك الكولون لأراضي واسعة ، فما بين عامي 1880 و 1908 استولى المستوطنون على أكثر من 450823 هكتار لتصل هذه المساحة إلى مليون هكتار ما بين 1871 و 1898 وبالتالي فإن الحكم في ظل النظام الجمهوري الفرنسي هو الذي قدم أكبر مساعدة للمستوطنين وفرض إرادتهم في الجزائر، من خلال قوانين وبرامج مسطرة لتوسيع نطاق الإستيطان الرسمي, إلى جانب إنشاء المشاريع التجارية و العمرانية الخاصة بالمعمرين الجدد و الهدف من ذلك هو ترجيح كفة العنصر الأجنبي على العنصر العربي في الجزائر لفرنسة الجزائر كليا.
بعد  احتلال القوات الغازية الفرنسية  لمدينة الجزائر وما جوارها ، أقيمت  في سنة 1834  حكومة الممتلكات الفرنسية في شمال إفريقية  ، وكان من رأي بعض الفرنسيين الاكتفاء باحتلال الأجزاء الشمالية من البلاد  الجزائر   تحقيقاً للسيطرة الاقتصادية على منافذ تجارة أفريقيا الوسطى  عبر الصحراء   وللسيطرة الإستراتيجية على غرب حوض المتوسط ، لكن المقاومة  التي قادها الأمير عبدا لقادر الجزائري ضد فرنسا سنة  1837 ، أقنعت الكثيرين من القادة في فرنسا  بأن الاحتلال يجب أن يكون كاملاً ، لذلك لمّا قُضي على مقاومة الأمير عبد القادر  سنة 1847  استمرّت عملية الاحتلال الجزائر الى غاية مطلع القرن العشرين  حيث استطاعت القوات الغازية الفرنسية  أن تفرض سيطرتها  على كامل التراب الجزائري .  
وليس المهم فقط هو أن فرنسا احتلّت الجزائر، ولكن الأكثر أهمية هو السياسة التي سارت عليها فرنسا في  
وقد اعتبرت الجزائر جزء من التراب الفرنسي بناءا على مرسوم سنة 1840  الصادر عن لويس فيليب ملك فرنسا ،وفي سنة 1846 اعتُبِر الجزائريون فرنسيين، ووضعت أسس الحكم المباشر مع البطش بالسكان الأصليين . 
   في الوقت الذي كانت فيه  جيوش فرنسا الاستعمارية تشن حرب إبادة ضد الجزائريين ،انهزمت في حربها    مع بروسيا سنة  1871 ،وعلى  اثر دلك سُلِّمت الألزاس واللورين لألمانيا ، فحاولت فرنسا أن تسترد المجد المحطم في فرنسا بانتصارات   ضد الثوار الجزائريين ، واعطاء  الفرنسيين الذين أُجلُوا   عن الألزاس واللورين، والذين انتقلوا إلى الجزائر بأعداد لا يستهان بها، أراضيَ جيدة يقيمون عليها، ولم يكن انتزاع أراضي التل وغيرها يسير على غير هدى أو يقوم على المصادفة ،بل  يسير وفق سياسة مرسومة واضحة القواعد  ، حيث  أُنشئت  لجنة خاصة لبحث مشكلة الأراضي في منطقة مِتِدجة   وهي أراضٍ كانت أصلاً  مللك للجزائريين ، فأصدرت قرارها سنة 1850  سمحت فيه للجزائريين بـامتلاك 11 هكتار، وللفرنسيين بأن يتملكوا   36  هكتار ، وكانت حصة الحكومة الفرنسية 96  هكتار، التي وُضِعت تحت تصرف المعمَّرين.
 لم يقف الجزائريون مكتوفي الأيدي أمام هذه التصرفات ،  فبعد ثورة  الأمير عبدالقادر ، قامت ثورة أبو زيان   سنة 1849 والتي  دامت ستة أشهر كاملة ،ولما انتصر الجيش الفرنسي عليه بعد محاصرته في بسكرة، نكّل الجيش بالسكان هناك، فدمّر الواحة وقتل سكانها ، وفي سنة 1871 قامت في الجزائر ثورة  كان على رأسها الشيخ المقراني والشيخ محمد الحداد شيخ الطريقة الرحمانية، عمّت بلاد زواوة ومقاطعة قسنطينة وأيالة الجزائر،.  حيث بلغ عدد القتلى فيها نحو ستين ألفاً من الجزائريين وعشرين ألفاً من الفرنسيين ، وبعد انتصار الجيش الفرنسي حُكِم على ستة آلاف جزائري بالإعدام، وغُرِّمت الجزائريين  بستة وثلاثين مليون فرنك ، وبسبب عجز القبائل عن الدفع صُدرت الأملاك، وأُجلي السكان ، فقامت على أثر ذلك ثورة أخرى بوهران استمرت خمس سنوات ،  و ثورة القبائل المهرانية في سنة 1882  .
لجأ الجزائريين خلال عام 1910 إلى غير سبيل الثورة لتوضيح وجهة نظرهم والحصول على حقوقهم ، ولكن الخلاف بين النظرة الجزائرية والنظرة الفرنسية كان كبيراً جداً؛ ففرنسا كانت تريد أن تصبح الجزائر فرنسية وأن يصبح الجزائريون فرنسيين، بحيث ينسون مقوّماتهم الذاتية وشخصيتهم التي أكسبهم إياها تاريخهم ولغتهم ودينهم ، هذه السياسة كان يقرر قواعدها فئتان ، المعمَّرون الفرنسيون في الجزائر الذين أصبحوا أصحاب  الكلمة  الأول في شؤون البلاد  كلها، والحكومة الفرنسية التي اتّبعت هذه الخطة منذ الاحتلال.     في حين كان  أصحاب الأرض يريدون أن يظلوا جزائريين مسلمين، وأن يكونوا أحراراً مستقلين في بلادهم ، ومن ثم فلم يكن من  حل لهذه المشكلة إلا عن طريق الثورة، التى  قاومتها فرنسا بمنتهى الشدة، وقمعتها بمنتهى البطش
  أثناء الحرب العالمية الأولى هاج الجزائريون على أثر اعتزام الحكومة الفرنسية تجنيدَ عدد كبير من أبناء  الجزائر  للقتال في صفوف الجيش الفرنسي ، إلاّ أن فرنسا وَعَدَتهم  بمنحهم، بعد الحرب سائرَ الحقوق المدنية  فقبلوا العرض،  حيث تم  تجنيد نحو ستين ألف جزائري  للقتال في صفوف الجيش الفرنسي ، و عند ما انتهت الحرب تقدّم وفد جزائري إلى ولسون رئيس الولايات المتحدة يطالب بحقوق  الجزائر على أساس بنوده الأربعة عشر، وخاصة ما يتعلق منها بتقرير المصير
  هذه الجماعة هي التي أصبحت فيما بعد  تسمى كتلة الناخبين المسلمين الجزائريين ،تركزت أهدافها في أمرين  الحصول على الحقوق المدنية كاملة، وإصلاح أحوال الجزائريين الاقتصادية والاجتماعية ،  لم تستجيب  فرنسا إلى أيٍّ من هذه المطالب، حيث   كان على رأس هذه الجماعة الأمير خالد الذي الذي نُفي مرتين بسبب انتشار فكرته بين أفراد الشعب  وتوفّي في سوريا منفياً سنة 1936 . 
 في سنة 1924  انعقد في باريس المؤتمر المغربي ،  الذي  طالب بحرية التعبير  والنشر وإلغاء قانون الأنديجينيا أي قانون السكان الأصليين الذي كان يحرم الجزائريين من حقوقهم المدنية،  و السياسية  وقد نشأ عن هذه الحركة وعن انتشار الروح القومية بين الأفارقة   الشماليين   المقيمين في فرنسا، قيامُ   جمعية نجم شمال أفريقيا التي صارت لها صيغة سياسية  1926  .
  كان انتهاء الحرب العالمية الثانية   إنذار سلام على الأوربيين،  وعلى الجزائريين  إنذار شؤم  حيث تحولت فرحتهم إلى مأساة حقيقية  ، هذه المأساة تمثلت في مجزرة الثامن ماي 1945، يومها  اغتنم زعماء الحركة الوطنية فرصة الاحتفال بالعيد العالمي للشغل المصادف ليوم  01 ماي1945، وكذلك الاحتفال بالهدنة  نتيجة انتهاء الحرب العالمية الثانية، فنظموا مظاهرات سلمية نددت بالقمع الاستعماري،   ليؤكدوا للعالم مشروعية الطموحات الوطنية للشعب الجزائري و تفنيد مقولة  "الجزائر فرنسية " .
فرنسا الاستعمارية بدل الوفاء بتهداتها اتجاه الجزائريين الدين خضوا الحرب لتحريرها من المان قامت طيلة اسبوع بارتكاب مجازز فضيعة  كانت حصيلتها  النهائية    تراوح  مابين 45 ألف إلى 100 ألف شهيد، بالإضافة إلى ألاف الجرحى كما  ان الاستخدام الواسع للطائرات المقنبلة والإعدام الجماعي، ساهم في ارتفاع عدد القتلـى الغير المبلغ عنهم.
 و مجازر هي دليل  على مدى عظمة الحقد الاستعماري اتجاه الشعب الجزائري و  الرغبة في إنهاء وجوده، 
 فالقتل والتدمير والإعدام الجماعي وقنبلة القرىوالمد اشر والأرياف بالإضافة إلى الاعتقالات وحملات النفي التي  ، تبين النوايا الإجرامية مع سبق الإصرار والترصد للسلطات الفرنسية بالتخطيط المسبق لارتكاب المجزرة
ومن أهم المصادر التي أكدت ذلك صحيفة" ستارز- اندرستربيرز" لسان حال الجيش الأمريكي في 28 ماي 1945 حيث ورد فيها   " ... إن قاذفات القنابل الفرنسية قد حطمت قرى آهلة بالسكان بأكملها ... لقد طار الطيارون الفرنسيون حوالي ثلاثمائة مرة في اليوم الواحد مستعملين القاذفات الأمريكية الثقيلة والمتوسطة، حتى سويت القرى بعدد من القرى ... والدواوير... أثناء حملة دامت تسعة أيام.."
  لقد  تفنن أحفاد بيجو في قتل الجزائريين والتنكيل بهم، فأحرقوا ألاحياء بعد جمعهم بالعشرات ورشهم بالقازوال في حظائر بيع الحيوانات، وفتحت بطون الحوامل على ذهان زجاجة البيرة بين جنديين إن كان في بطن الحامل ذكر أم أنثى ،وألقوا بالشيوخ ذو المكانة في القبيلة  من أعلى الطائرات ،ورش ألاف الجثث بالجير حتى لا تؤدي الأحياء الأوربيين  بعد تركها أيام وليالي على شوارع الطرق لتكون عبرة لمن بقي حيا من الجزائريين ولتكون قرة عين للسادة الأوروبيين.
 فرغم كل التضحيات التي قدمها الجزائريون إلى فرنسا في الحرب العالمية الثانية، إلا أن قادة الاحتلال الفرنسي أبوا إلا أن يتركوا بصمتهم في يوم احتفل به العالم ضد النازية والاحتلال،   وكان مفهوم السلام والأمن العالميين يمس شعوب أوربا دون سواهم. 


الجزائر في مواجهة الاستعمارات الخارجية Empty رد: الجزائر في مواجهة الاستعمارات الخارجية

avatar
karmes
موظف درجة 12
ذكر

الاقامة : عنابة

المشاركات : 9268

نقاط : 13578

تاريخ التسجيل : 25/06/2011

تمت المشاركة الخميس 27 نوفمبر 2014, 12:58
الاستيطان الفرنسي   فجر   أكثر من 17 قنبلة  في صحراء الجزائرية
إسرائيل فجرت  قبلتها النووية  الأولى  في الجزائر
 
  إذا كانت الصحراء  الجزائرية قد دخلت في نطاق سياسة الجديدة لاستيطان الفرنسي ،التى تزامنت مع   المراحل الأخيرة  لثورة الجزائرية ،فإن التجارب النووية و الأسلاك الشائكة أو طريق الموت كما كان يسميها المجاهدون ، اعتبرت كسياسية معلنة من طرف السياسي العجوز ديغول الذي كان يسعى لخروج من دائرة الطوق الأمريكي التي ظهرت عقب التطويق الاقتصادي و العسكري الذي جاء بعد التفوق الاقتصادي الذي  مكن الأمريكان من الهيمنة السياسية  على العالم ، و في غياب الوعي الإقليمي و الدولي وجدت فرنسا نفسها  في منطقة آمنة بالوطن العربي و القارة الإفريقية، لتقوم بتجاربها النووية الباطنية و الجوية   التى  كانت    الصحراء  الجزائرية مسرحا لها  ، فقامت فرنسا بتنفيذ مخططاتها الإجرامية دون أي اعتبار للبيئة و الإنسان .        
بعد تغيير موازين القوى في  سنوات  الخمسينات ،  لم تعد هناك قيمة  للمستعمرات التقليدية و الإمبراطوريات التي لا تغيب عنها الشمس،  حيث  صار  عنصر القوة  هو  امتلاك أحدث الأسلحة، و منها السلاح  النووي   الذي عرفته العلاقات الدولية من خلال توازن الرعب  الذي وقع  بين العملاقين الأمريكي و الاتحاد السوفياتي سابقا ،  ومن هدا المنطلق بدأت فرنسا في عهد ديغول بتنفيذ مشاريعها النووية حتى لا تقصى  من نادي الأقوياء، لأنها  لم تكن في دلك الوقت  تملك القوة الاقتصادية القادرة على مواجهة المنافسة الشديدة داخل   العالم الحر بعد تحطم قوتها العسكرية و الاقتصادية   أثناء الحرب العالمية  الثانية ،و الاستنزاف الكبيرة الدي لحق  بميزانيتها في حربها الخاسرة بالجزائر ،و لولا المساعدة الأمريكية  لما كانت فرنسا قوية  رغم مراوغات العجوز ديغول للتملص من الهيمنة العسكرية و الاقتصادية للسيد الأمريكي الجديد الدي  حرر باريس و فرنسا من الاستعمار ألماني . 
  التجارب و الدراسات و الأبحاث الفلكية و الجيولوجية التي قامت بها فرنسا في الصحراء الجزائرية  كانت كلها  تصب في خانة المنافسة العلمية من أجل امتلاك قوة الردع ،و فرض سيطرتها  أوروبيا و إفريقيا     بغرض الالتحاق بركب أمريكا و الاتحاد السوفييتي سابقا  في إنجازاتهما الفضائية،  نظرا لما يحتويه هذا البعد من قوة لفرنسا و تعويض عقدة جيش فرنسا المنهزم عسكريا أثناء حروبها في أوروبة و الهند الصينية و الجزائر ، الهدف الحقيقي الذي طرحه الجنرال ديغول كما تثبته الدراسات  الحديثة ،هو ضرب الانقلابيين الذين  هندسوا انقلاب  يوم  13 ماي 1958 م و رهن الثورة و الشعب الجزائري من أجل إقناع الرأي العام الفرنسي و الرأي العام الدولي، أن فرنسا لا تزال الدولة العظيمة القوية،  كانت تجارب فرنسا النووية هي الورقة الأخيرة للضغط على المفاوض الجزائري و إقناع العالم بحتمية فرنسة الصحراء  بحجة بانهم هم  من  مدوا خطوط السكك الحديدية، و أقاموا المنشآت البترولية، و أحدثوا مجالات للصناعة، كما أقنعوا شركائهم بأن الصحراء مكان جيد لردم النفايات الأوروبية في فضاء خال هو ملك فرنسا وحدها، دون بقية الدول الإفريقية و الجزائر بصورة خاصة رغم الرفض العالمي لخطوات و مغامرات فرنسا منذ جوان 1958 إلى جويلية 1962م .
 قي  فبراير 1960 تمكنت فرنسا من تفجير  قنبلتها النووية الأولى في الصحراء الجزائرية في ظل تعتيم إعلامي غربي و فرنسي كبير  يخص ظروف و سير التجربة و أخطارها على الإنسان و الحيوان ،تلتها بعد دلك   تفجير أكثر من 17 قنبلة و تجربة نووية، تفوق حدود المنطق العلمي و الضرورة الاستيراتيجية ،كانت منطقة رقان بالهقار وواد النموس ببشار  مسرحا لها  ، حيث استباحت  فرنسا النووية الأرض و أصحابه  وقامت  بتدمير المنطقة و أهلها بالكامل .
  الاسرائليون كانوا  حاضريين في جميع مراحل تركيب مراكز التجارب النواوية والبكترولوجية  التى انشاتها فرنسا الاستعمارية قي الصحراء الجزائرية  ،في هدا السياق أكدت العديد من المصادر العلمية والتاريخية بان القنبلة النووية  الاولى  التى فجرت بالصحراء الجزائرية هي قنبلة اسرائلية جربت تحت غطاء فرنسا  .
وكانت فرنسا المستوطنة عند إجراءها للمفاوضات مع المجاهدين الجزائريين الدين رفضوا   خطة استقلال الشمال عن الجنوب ،  هددت  باستعمال القنبلة النووية  في أكبر التجمعات السكانية  .
  ان التجارب النووية والبكترولوجية التي أجرتها فرنسا المستوطنة ، قد أحدثت  أضرارا بالبيئة والإنسان الجزائري   نتيجة  الأخطار المترتبة عن التلوث الإشعاعي الناتج عن التجارب النووية و دفن النفايات النووية في بعض المناطق من  الصحراء الجزائرية   ،  ولحد الساعة  لا يزال أهل رقان و مثلث الموت الذي يزيد عن 1000 كلم²  يتعرض للإشعاع،  الذي تركه من يدعون اليوم انهم  دخلوا الجزائر لتحضير سكانها فخرجوا منها مرغمين تحت نير رشاشات الشهداء والمجاهدين تاركين اشعاءات نووية واخرى خفية تشهد على وحشيتهم لا على تحضرهم .


الجزائر في مواجهة الاستعمارات الخارجية Empty رد: الجزائر في مواجهة الاستعمارات الخارجية

avatar
karmes
موظف درجة 12
ذكر

الاقامة : عنابة

المشاركات : 9268

نقاط : 13578

تاريخ التسجيل : 25/06/2011

تمت المشاركة الخميس 27 نوفمبر 2014, 12:59
خطط الجنرال ديغول للقضاء على الثورة الجزائرية
   خط شال وموريس ب6000 فرلط ،و500 ألف  جندي فرنسي و 3 ملايين  لغم
  1073 جندي  فرنسي  التحفوا بالمجاهدين  بالولاية الخامسة 
عندما دخلت الثورة الجزائرية  شهرها الرابع ،اجتمع في 15 مارس 1955 المجلس الوزراء الفرنسي  ،والدي  انتهى بإقرار الحكومة الفرنسية قانون الحالة الاستثنائية،  بموجبه منحت باريس سلطات خاصة للوزير المعين في الجزائر لمواجهة ما تسميه بحوادث الجزائر، حيث أصبحت هذه السلطات كاملة سنة 1958  من اجل اتخاذ كافة الإجراءات للقضاء على الثورة الجزائرية  ،  فتشكلت محاكم خاصة لقمع الجزائريين استنادا إلى التشريع الاستثنائي الذي سنته فرنسا الاستعمارية ، لتوجيه تهمة الخيانة إلى كل من يحمل سلاحا  ضد فرنسا .
  جندت فرنسا الاستعمارية  مختلف وسائل القمع و التدمير بمساعدة حلف شمال الأطلسي للقضاء على  الثوار الجزائريين ، في هدا الاطار  شهدت الجزائر من 1956  إلى 1958  ، تدفقا ضخما لقوات العدو الفرنسي  بلغ في نهاية الخمسينيات حوالي 800 ألف جندي ،  هذا الجيش المدجج بأحدث الأسلحة  قام بعمليات كبرى في القرى و الأرياف الجزائرية، فضاعف من المناطق المحرمة و اتخذ من سياسة الأرض المحروقة و المحتشدات وسيلة لعزل الثورة عن  الشعب   ، كما أنشأت السدود المكهربة المشهورة  بخطي موريس و شال على طول الحدود الشرقية والغربية الجزائرية ، التي أرغمت أكثر من 280.000 جزائري على  الهجرة إلى تونس و المغرب ، كما  زجت بمئات الآلاف من المواطنين في السجون و المعتقلات،و قبل البدء في عمليات التطهير و التمشيط والسحق حسب زعم الفرنسيين،  تابع ديغول تصميم سياسته محاولا القضاء على عزيمة المجاهدين الجزائريين وقيادتهم ، فصرح في 8 جانفي 1959م قائلا  ".. و ضمن المجموعة المشكلة بهذه الكيفية هناك مكانة مفصلة مخصصة مشتركا اشتراكا متينا مع فرنسا...  " .
 وقد عمدت القيادة الفرنسية المحتلة  إلي التعبئة العسكرية الضخمة لتنفيذ عمليات الجنرال ديغول و التي بلغت ذروتها انطلاقا ،من الخطة العسكرية التي عرفت بخطة الجنرال شال مهندس البرنامج المفضل عسكريا  ضد الجيش التحرير  الجزائري  ،و تتمثلت هذه الخطة في سلسلة من العمليات العسكرية،التي تختص كل واحدة منها بمنطقة معينة، و تحمل كل عملية اسما معينا ،و تقوم كل عملية من تلك العمليات على تعبئة كل القوى العسكرية الفرنسية في منطقة محدودة تحاصرها من جميع الجهات ثم تقوم بغارات جوية و عمليات إنزال ، حتى يتم القضاء على مراكز الجيش التحرير الجزائري و وحداته، من خلال تمشيط محكم لا يترك وراءه أثر لموقع ثورة .
  بدأت أولى هذه العمليات بتاريخ 6 فيفري 1959 التي أطلق عليها اسم التاج ، في سعيدة بالولاية الخامسة،      حيث وضع  شال قواته البالغة  أكثر من 40ألف عسكري التي كانت تحت تصرف الثلاثة ضباط ، وهم الجنرال غامبياز، الذي تولى قيادة عملية التاج بمساعدة جنرال الطيران ايزانو من مركز طيران  في سانيا قرب وهران،والعقيد بيجار الذي كان آنذاك مسؤولا على قطاع سعيدة ، و توزع الجنود الفرنسيون كالجراد على الجانب الغربي من جبال الونشريس و جبال الظهرة و جبال سعيدة و فرندة ،أما الجيش التحرير  الجزائري     بقيادة العقيد الشهيد لطفي  تجنب الاصطدام مع  العدو، و اعتمد على  تقسيم وحداته   إلى مجموعات صغيرة يتراوح عدد عناصرها بين اثنين و أربعة مجاهدين ،  من أجل تسهيل اختفاء و تنقل المجاهدين و لإيهام العدو بأن الولاية الخامسة خالية تماما  من جيش التحرير ،  اعتقد الجنرال شال بأنه نجح في عمليته و أن مدينة وهران قد تطهرت نهائيا من الثوار، فأخذت الصحف الاستعمارية تشيد بهذه الانتصارات لدرجة أن راديو باريس الفرنسي تغنى بهذه العمليات الحربية الموفقة التي قام بها الجنرال شال ، كما  نشرت الصحف الاستعمارية في شهر أفريل 1959  مقالات تقول بأن الجنرال ديغول هنئ القادة العسكريين على عمالياتهم الأخيرة في وهران .
 بعد عملية التاج التي اعتقد جنرال شال بأنه نجح في تنفيذها ،انتقلت قواته إلى الولاية الرابعة ، للقيام بعملية أخرى التي أطلق عليها  هذه اسم الحزام وكان يظن أنه سيقضي على مجاهدي الولاية خلال شهرين جوان و جويلية من عام1959  ، ولكن بمجرد أن بدأت قوات العسكرية الفرنسية  بالانتشار في الولاية الرابعة حتى  قوبلت بهجمات  مجاهدو الولاية الخامسة الذين كانوا بانتظارهم  بعد أن أعادوا تنظيم وحداتهم،  أخلطت هده هجومات أوراق خطة شال  فجعلته و قواته العسكرية في مأزق لم تكن ينتظرانه،الأمر الذي أجبر القائد العام للقوات الفرنسية أن يختار بين أمرين، الواحد إما أن يطلب المساعدة من فرنسا ليرد بها على هجمات جيش التحريرالجزائري، و إما أن يقسم قواته و يدفع بها إلى الجبهات التي فتحها المجاهدون، و هو ما حدث بالفعل لأن الخيار الأول لم يقبله جنرال ديغول، فقسم  شال قواته .
 في الوقت الذي كان فيه شال منهمكا في تطبيق عملية الحزام، تناقلت وكالات الأنباء العالمية تفاصيل معركة عنابة التي اشتبكت فيها مجموعة قليلة من المجاهدين الجزائريين  مع  حوالي ثلاث و عشرون ألف عسكري فرنسي ، حيث  كان ضابط بحرية بريطاني شاهد عيان على تلك المعركة  من ميناء عنابة ، و لما شهد كثرة العنف و كثرة الجنود الفرنسيين و الاستعدادات الضخمة ، سأل شخصا كان بجانبه  " كم عدد الثوار الذين تحاربونهم الآن ...؟  " فأجابه أخر بأن عددهم حوالي سبعين ثائرا. فابتسم الضابط البريطاني ابتسامة سخرية و قال  " باستطاعة حلف شمال الأطلسي الاعتماد على الجيش الفرنسي ضد الإتحاد السوفيتي  "، كانت معركة عنابة دليل فاضح على حتمية فشل سياسة ديغول بأرض الجزائر، ورغم هذا الفشل لم يمنع شال من تصريح  في صيحة جنونية عقب معركة عنابة قائلا  "سأشعلها نارا  " و من وحي هذه العبارة أطلق على العملية التي جند لها أكثر من 20 ألف جندي و استهدف بها عنابة  اسم الشرارة جبال  الحضنة ، التي تعبر السلسلة الرابطة بين الأوراس و القبائل، و وضح الأسباب التي دعته إلى الاختيار ذلك المكان بقوله  " أنه طريق العدو الإستراتيجي ،و طرق الفلاقة من الأوراس إلى الولاية الثالثة "  و أضاف قائلا " لقد أشعت قبل انطلاق هذه العملية أنني سأقصد منطقة القبائل و هكذا كانت المفاجئة حيث لم تعلم بوجهتي إلا القليل من المقربين إلي ".
  استغرقت هذه العملية أحدة عشر يوما بدءا من 9 إلى20 جويلية 1959م ، لكن لم تمكن هذه المدة لعملية الشرارة من إطفاء نار الثورة بالمنطقة القبائل . بعدها هيأ جنرال  شال نفسه لاقتحام معاقل المجاهدين بالولاية الثالثة و سميت هذه العملية  بالعملية المناضر المكبرة (جيمال) وهي أطول عملية من مخطط شال حيث استغرقت مدة ستة أشهر، كما تعتبر حسب رأيه من أهم العمليات الناجحة والتى رفض فيها تكليف السلطات الجهوية لقيادة العملية كما تعود في عملياته السابقة، وإنما عمد إلى قيادتها بنفسه مصطحبا معه الجنرال فور الذي كان مسؤولا للقطاع و يحفظ الولاية عن ظهر قلب  . 
  كان الجنرال ديغول يتابع العملية باهتمام كبير،لأنها كانت في نظره أحسم عملية من عمليات التمشيط التي خططها شال، وتمتد مساحة هذه العملية من مدينة دلس إلى شرق مدينة بجاية ساحل البحر، و من الجنوب تمتد من مدينة البويرة إلى قرية قنزات ،  حيث  استعملت القيادة العليا الفرنسية في هذا العملية أكبر قوة مسلحة،  حسب تصريح  القائد العام الجنرال زلير  الذي قال " لقد وضع في متناول الجنرال شال كل القوى اللازمة لنجاح عملية جيمال وأجمعت الصحف الفرنسية على  أنها أضخم و أكبر عملية حربية نظمت في الجزائر منذ بداية الثورة  "، حيث بلغ تعدادها سبعين ألف عسكري أي ما يعادل عشر الجيش الفرنسي المتواجد في الجزائر.
و لتسهيل هده  العملية اختيرت المناطق العالية لتكون مراكز مراقبة، حيث أقام شال مركزين للقيادة   ، أحدها في جبل أزرو و نطهور   علوه 7126 م ،و الأخر في أكفادو - اوالزان بعلو يبلغ 1621 م  ، فمن هذه الجبال أشرف شال ومعاونيه أمثال نائبه غراسيو الذي كان يباشر في تنفيذ العمليات، و إذا تغيب   يخلفه العقيد سيكالدي بمساعدة إما الكومندو فوليكس أو الكومندو دي سان مارك، مع العلم أن الجنرال ديلبير قد انتقل من سطيف إلى مركز قيادة شال لمساعدته في تدبير العملية، أما التدعيم الجوي فقد كان تحت إشراف الضباط  الطيارون تحت قيادة جنرال الطيران بوني الذي كان  في نفس الوقت رئيس مركز قيادة شال المكلف بالتنسيق الاستعلام، والذي كان يعتبر آنذاك العنصر الأساسي الذي تعتمد عليه كل العمليات . 
   إن عملية جيمال التي انطلقت يوم الأربعاء 21 جويلية 1959 ،اشتركت فيها كل أنواع القوات الفرنسية بما فيها القوات الجوية، حيث قامت الطائرات العمودية بنقل جنود المظليين  إلى جبل اكفادو شرق عزازقى  وهو مركز من مراكز الثوارالهامة،و في نفس الوقت كانت سفن الأسطول تنقل الجنود إلى شاطئ الصخري عند رأس سيقلي غرب مدينة بجاية ، حيث بدأ  الجنود في تسلق الجبال واتخذت مواقعها عند الصخور الكبيرة والدروب الجبلية الضيقة ، كما قامت أربعة ألاف سيارة مصفحة و مائتا دبابة بمحاصرة الطرق الكبيرة ، و شمل الحصار كذلك مئات المدن والقرى الواقعة في نطاق العملية ، لان الفرنسيين كانوا متخوفين من الهزيمة    حيث صرح أحد القادة الفرنسيين إلى صحيفة لا لوران الفرنسية في عددها الصادر في 31 جويلية عام 1959  قائلا  " سنعرف في أقل من شهران  ان كانت هذه الحرب ستستمر إلى ما لا نهاية   أم أنها ستنتهي عما قريب ، و استطيع أن أؤكد أنها ستنتهي عن قريب " و بالفعل انتهت كما انتهت العمليات السابقة  ، فصرح الجنرال فور يوم 3 أوت 1959   قائلا  "الواقع أن عملية جيمال ليست شيئا خارقا للعادة ، إنها ليست إلا استمرار للعمليات وظروف الحرب في الجزائر تفرض علينا أن نغير في كل يوم نفس العمل، الذي قمنا به بالأمس  هذه الحروب تتطلب منا أن يكون السكان في معونتنا ، و إذا لم نحصل على تأييد السكان و معونتهم لنا فان هذه الحرب لن تكون لها نهاية  " و في اليوم التالي أي في 4 أوت 1959  نشرت الصحف الفرنسية تصريحا للجنرال شال جاء فيه  " الواقع أن عملية جيمال  صعبة و شاقة إلا أننا نعرف ذلك منذ البداية، فالعدو يذوب بكيفية عجيبة كالزئبق ، لكننا سنتمكن من الانتصار عليه  " ورغم الهزيمة التي تلقاها شال في الولاية الثالثة  الا انه  كان مصرا على مواصلة القتال ، فلما زار الجنرال ديغول مركز قيادة أرتوا  في شهر أوت من عام 1959  ، لمعرفة  كيفية تطبيق برنامجه على طول الجزائر و عرضها ، أشار شال إلى خريطته العسكرية و قال  "هذه هي خريطة الجزائر ... وكلما نجحنا في تهدئة جهة من الجهات و طوينا الجانب الذي تقع فيه هذه الجهة ، إننا بدأنا هجومنا على المعاقل الثوار من الحدود المغربية من ناحية التراب الجزائر ،و سنواصل هذا الهجوم    إلى الحدود التونسية من الشرق، و نضمن أن لا نرجع إلى الوراء مطلقا فإذا ما وصلنا إلى الحدود التونسية بهذا الزحف تكون التهدئة قد نجحت ، و عندئذ نستطيع أن نعلن للعالم أن الحرب في الجزائر قد انتهت ...  "
بعد أن أصاب الشلل عملية المناظر المكبرة ،توجه شال إلى ولاية الثانية ،و طبق عليها عملية أسماها الأحجار الكريمة، و التي  بدأت في الأسبوع من شهر ديسمبر من عام 1959 ،بزحف عشرة ألاف عسكري فرنسي على التراب الشمال القسنطيني قصد تمشيطه من المجاهدين.
في السنين الأولى من اندلاع الثورة  المسلحة إلى غاية سنة 1956 كانت مناطق الحدود الجزائرية على طول الخط الحدودي آهلة بالسكان،  كانت الدرع الواقي لجيش التحرير في الإقامة والتمركز و التموين و الاتصالات   و نتيجة للمعارك اليومية الطاحنة  بين وحدات جش التحرير الجزائري ، والقوات الفرنسية بمناطق الحدود   حولت  هده الأخيرة هذه المناطق في عمق 50 كلم داخل الجزائر، مناطق عسكرية محرمة ، حيث قامت القوات الفرنسية بتحطيم المنازل و إتلاف المحاصيل الزراعية و قطع الأشجار و تسميم المياه ، وقتل الحيوانات و المواشي،مما أدى إلى  فرار السكان إلى المناطق  الداخلية ، وإلى الحدود الجزائرية المغربية و التونسية،    و ما بقي من سكان هذه المناطق جمعت السلطات الاستعمارية في المحتشدات و المعتقلات و مراكز التجمع و   السجون ، تحت الحراسة العسكرية و المراقبة الشديدة، عن طريق البطاقات الخاصة يتم  تقديمها عند الدخول و الخروج في الأوقات المسموح بها.
   قامت القوات الفرنسية تحت قيادة شال و موريس ووزراء الدفاع والقوات العسكرية على الحدود الغربية و الشرقبة  ، بتسييج الحدود  حيث  جندت لها قوات مادية و بشرية كبيرة ،من المساجين و المعتقلين الجزائريين   و حتى من المدنيين و عساكر فرنسية ، و   اللفيف الأجنبي ، للإسراع  في  تطويق الحدود الجزائرية و عزلها عن عالمها الخارجي  .
 وقد جهزت   القوات الفرنسية الأسلاك الشائكة المكهربة بقوة 6000فولط ، بأحدث الآلات الإلكترونية و الرادارات و الأضواء الكاشفة و غيرها من الوسائل ،  وأقامت عليها  حراسة شديدة 24/24   ،  إذ كان عدد القوات الفرنسية الرابطة بالمنطقة الثامنة للصحراء  بالولاية الخامسة 110 ألف عسكري فرنسي ،و في المنطقة  الشمالية للحدود الجزائرية المغربية 145ألف جندي فرنسي ،  وفد بلغ عدد أفراد القوات الفرنسية حسب المصادر و الإحصائيات  مجلة الدفاع الفرنسي ووثائق أخرى.. ما يزيد عن 200ألف جندي للقوات الثلاثة المتمركزة على خط الحدود الجزائرية التونسية  .
وقد تم تدعيم  الأسلاك الشائكة المكهربة و الملغمة بموجة لالتقاط الصوت على طول الخطوط الحدودية   بمراكز و أبراج المراقبة، و قواعد مجهزة ببطاريات المدفعية و صواريخ أرض-أرض وأرض –جو و الرادارات المتحركة فوق المدرعات   ،والرادارات الثابتة في المراكز و القواعد التي تحدد بالضبط مكان المرور،  كما  تزودت  مراكز المراقبة وأبراجها بكل المعلومات للقصف المدفعي الآلي ، خاصة وأنها تتتبع ما يحمل فوق أكتاف الإنسان و على ظهور الحيوانات من أسلحة كيف ما كان نوعها  من مدافع الهاون و الرشاشات المدفعية و حتى الأسلحة الفرية من البنادق المختلفة . 
 وكشفت  خرائط الألغام  ان المنطقة الشمالية الممتدة  من سيدي الجيلالي جنوب غرب ولاية تلمسان إلى القنادسة  ولاية بشار زرعت بها  أكثر من ثلاثة ملايين لغم بلاستيكي متنوع ، ذو صناعة ألمانية  التي يصعب اكتشافها بالآلات و الأجهزة الإلكترونية و تحتفظ بفعاليتها  لمدة  100 سنة  .
 وحسب مصادر رسمية فرنسية عسكرية موثقة أنه في الفترة ما بين  1955/1959 ،  تم فرار 1073 جندي  فرنسي من صفوف القوات الفرنسية بالولاية الخامسة لغرب الجزائر ، خاصة تلك المتمركزة على الحدود الجزائرية المغربية و التحاقهم بصفوف المجاهدين الجزائريين ،حيث تولت القيادة الثورة  الجزائرية   إرسالهم إلى  بلدهم  أو بلدان أخرى رغبوا الالتحاق  بها.
لقد  صخرت  فرنسا  الاستعمارية  ما يزبد عن نصف مليون جندي فرنسي على الحدود الجزائرية المغربية و التونسية ، بالإضافة إلى الجبهات الأخرى للحدود الجزائرية الليبية و النيجر و المالية و موريتانيا و الصحراء الغربية و السواحل البحرية...  فأصبحت مناطق الحدود الجزائرية المغربية و التونسية إلى عمق 50 كلم فأكثر مناطق محرمة و أرض محروقة خالية من السكان المدنيين،   اجتمعت فيها أشرس جيوش القوات الفرنسية   مثل اللفيف الأجنبي ، ورجال الكمندوس و المظليين   للتدخل السريع و غيرهم  .


الجزائر في مواجهة الاستعمارات الخارجية Empty رد: الجزائر في مواجهة الاستعمارات الخارجية

avatar
karmes
موظف درجة 12
ذكر

الاقامة : عنابة

المشاركات : 9268

نقاط : 13578

تاريخ التسجيل : 25/06/2011

تمت المشاركة الخميس 27 نوفمبر 2014, 12:59
ديغول حاول  تقسيم  الجزائر  إلى اثنة عشر مقاطعة
الاتصالات السرية بين  جيش التحرير الجزائري  وديغول الفرنسي
 
 كان الجنرال ديغول يعلم بأن نجاح الخطة العسكرية لن تأتي بالنتائج السياسة المطلوبة إن لم تكن متبوعة بخطة سياسية تعمل على مستويين، الأول داخلي أي من داخل الجزائر و ذلك  لتأمين الحد الأدنى من الشروط اللازمة لتأثير على الرأي العام الجزائري و دفعه إلى التخلي عن جبهة التحرير الوطني ، و الثاني خارجي  يعمل على  بحث  الدعم الدولي لضمان السياسة الديغولية ، و قد أكمل الجنرال ديغول خطته العسكرية بخطة سياسية أعلنها في 16 سبتمبر 1959 م التي اسماها  تقرير المصير، و قدمه الإعلام الفرنسي في صورة مشروع متفتح يدل على وجود استعداد جدي للتفاوض لدى الجنرال ديغول .
  ،فمشروع المذكور يعني  بمفهوم  ديغول فرض الخيار بين أمرين إما إبقاء الجزائر فرنسية أو تقسيمها ، فالجنرال ديغول يقول بالحرف الواحد " باسم فرنسا و الجمهورية ، و نظرا للسلطة التي يخولني إياها الدستور ، ألتزم فيما أبقاني الله حيا و أنصت الشعب لي ، بأن أطلب من الجزائريين في محافظاتهم ألاثني عشر ماذا يريدون أن يكنوا في النهاية من جهة، ومن جهة أخرى أطلب من الفرنسيين أن يصادقوا على هذا الاختيار   أما تاريخ التصويت فسأحدده عندما يحين الأوان و هو على أكثر تقدير أربع سنوات بعد العودة الحقيقية
 للسلام "،و هذا ما يعنى بأن  ديغول كانت له نية في استبعاد الصحراء من الاستفتاء، فالجزائر آنذاك كانت مقسمة إلى 15 محافظة من بينها اثنان تشملان المناطق التي ينوي الجنرال اقتطاعها في الجزائر لتظل فرنسية في حل تصويت الجزائريين  الذين يعتبرهم أفرادا ضد الإدماج، إضافة إلى الموانئ التي لا يشملها الاستفتاء  من أجل ضمان شحن البترول في جميع الحالات، والمناطق الآهلة الأوروبيون الذين سوف يختارون أن يبقوا فرنسيين مادام السؤال سوف يطرح على سكان الجزائر كلهم كأفراد.
كان يشير  ديغول في مشروعه أيضا  إلى  الحكم الذاتي للجزائريين الذي  يكون تحت لواء فرنسا، فنص المشروع تقرير المصير  كان يسعى  على إبقاء كل من  الاقتصاد و التعليم والدفاع و العلاقات الخارجية تابعة لسلطة باريس المركزية  ،و يكشف مضمون  تقرير المصير حسب المشروع الديغولي  عن أحد الأهداف  الخطة السياسية التي تكمل خطة الجنرال شال العسكرية ، و عن امتدادات هذه الخطة  جزائريا و دوليا ، فقد كان الجنرال ديغول يراهن على خلاف تقرير المصير و ما سوف يثيره من أمال في السلم لدى الجماهير الجزائرية  لكي يحدث لديها صدمة نفسية جديدة تدفعها عن التخلي في التعبئة حول الجبهة ، و كان في الوقت نفسه يراهن على عرض أن يكسب تأييد الرأي العام الدولي و بذلك يستطيع أن ينهي  الحرب كما يريد هو و حسب الشروط التي يريد ها هو .
 رغم فشل الخطة العسكرية في القضاء على الجيش التحرير الوطني  الجزائري من جهة ،و فشل الخطة السياسية المتمثلة في مناورة تقرير المصير من جهة أخرى ،  لم يفقد ديغول الأمل في جعل الجزائر بطريقة آو بأخرى محافظة من محافظات فرنسا .
بعد الفشل ديغول في إنجاح ما كان يصبو إليه من خلال سياسته على المستوى الداخلي ،انتقل إلى المستوى الخارجي إذ فكر في استعمال المجموعة الإفريقية الفرنسية لتحقيق ما عجز عن تحقيقه عبر الحرب وعبر دبلوماسية تقرير المصير   ،هذا الأخير الذي وجد بأن استمرار الحرب على جبهة و جيش التحرير الوطني الجزائري  سوف يتضاءل ، و من هنا كانت الحاجة الشديدة لفرنسا إلى الهدنة دون أن تسبق تحديد أية شروط سياسية و عسكرية لوقف القتال و دون سابق مفاوضات، و كان سعى ديغول إلى تسخير المجموعة في طورها الجديد لتحقيق ما يريده.
 فقد عرفت المجموعة الإفريقية  بين صيف 1959  و صيف 1960 م تطورا يتمثل في إعلان على الاستقلال لبعض بلدانها مثل المالي ( السودان الغربي سابقا )، و كان اعتراف فرنسا باستقلال مالي بمثابة الثغرة في بناية المجموعة و تؤكد أنه من المستحيل مقاومة التيار الاستقلال ، لكن الجنرال ديغول المعروف بعناده الشديد حاول أن يظهر من خلال اعترافه   بالاستقلال مالي  في مظهر من أراد هذه النتيجة ، و ليس في مظهر من فرضت عليه فرضا لأنه كان يحرص على عدم تشتيت قواته  و على الاحتفاظ بها مجتمعة حتى يتفرغ لمواجهة  جيش التحرير الوطني الجزائري  .
 من هنا يمكن فهم مسعى ديغول للتلاؤم مع تيار الاستقلال في البلدان الإفريقية  بجنوب الصحراء الجزائرية من جهة و لتوظيف موقعه في  إفريقيا ، للمناورة ضد الثورة التحريرية الجزائرية في وقت نفسه ، فلن يعدم ، بين المسؤلين الأفارقة ، من يتصور بشيء من الإيحاء  الديغولي   ، أن باستطاعته أن يلعب دورا تاريخيا بين ديغول و الثورة الجزائرية  ، و تتمثل الوساطة التي  أرادها  الجنرال ديغول ممن رشحهم لهذه الخدمة في إقناع الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية بضرورة هدنة غير مشروطة ، على الأساس أنها سوف تمكن الجنرال ديغول من التخلص من المتطرفين المناهضين للسلم في الجزائر ،لأنه ليس في إمكان الرئيس الفرنسي من أن يتفاوض و الجزائريين مع استمرار الحرب .
 في  الواقع   كان الجنرال ديغول يلح على هدنة غير مشروطة ،أي التي لا تسبقها تحديد أي شروط سياسية و عسكرية من اجل إحداث صدمة نفسية تخدم مشروعه ، و هذا ما دفع بالضباط الجبهة إلى  رفض  المشروع لأنها تعرف بحكم التجربة و الممارسة أن مثل تلك الهدنة، إذ تخلق أملا في السلم ولو كاذبا ، من شأنها أن تجعل عزيمة القتال تفتر وإرادة الكفاح ترتخي  و المجهود الحربي الذي يغذيه التوتر النضالي ، يتوقف و في هذه الحالة تصبح الهدنة التي تتم في غياب اتفاق مسبق على شروطها السياسية  نوعا من الاستسلام المقنع .
إلا أن الأفارقة الذين تم  تسخريهم لخدمة الهدف الديغولي لم يكونوا ليكتشفوا بمفردهم طبيعة الخطة الفرنسية ،إذ أن انعدام التجربة النضالية المسلحة لديهم تجعلهم يقعون فريسة سهلة في فخ  المناورة الديغولية  فيصدقون الزعم بان الهدنة تسمح للجنرال ديغول بأن يتغلب على المتطرفين من أعوانه ، في حين أنها تسمح لهؤلاء بأن يضربوا جهود السلم.
    توجه  مؤسس الجمهورية الخامسة إلى تونس مع  وفد من المجموعة الإفريقية يضم على الأخص حماي ديوري رئيس جمهورية النيجر ، و ماما دوديا رئيس مجلس الجمهورية السنغال لإقناع الجزائريين بضرورة الهدنة  ،لكن الأحداث التي تعاقبت ، مع بداية الستينات في القارة الإفريقية و التي كان للثورة الجزائرية دورا حاسما في إنضاج الكثير منها ، دعمت موقف جبهة التحرير الوطني في رفض أي هدنة قبل التفاوض و في رفض أي وقف للقتال قبل تحديد شروطه السياسية و العسكرية  ، فقد دعم استقلال مالي موكب البلدان الإفريقية التي تدعم كفاح الشعب الجزائري دعما صريحا ، كما أن غانا اعترفت بالحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية  و أصبحت هتان الدولتان مع كل من المغرب و الجمهورية العربية المتحدة و الجزائر تشكل مجموعة دار البيضاء الإفريقية التي لعبت الدور المعروف في تحضير  المعركة على الصعيد الإفريقي ، والتي كان لها بعض التأثير في  إحباط الأطروحة الفرنسية حول الصحراء ،و هو الدور  الدي  عززته التعبئة الجماهيرية الضخمة التي عمدت إليها جبهة التحرير الوطني حول جزائرية الصحراء .
 و قد جسمت كتلة الدار البيضاء الإفريقية تلك الحقيقة و هي التي تتعلق بمدى الارتباط و التفاعل بين القارة الإفريقية و المغرب العربي. فاستقلال عدد من البلدان الإفريقية في هذه الفترة أدى إلى بروز حق الجزائر في الاستقلال في صورة جعلت بعض رجال المجموعة الإفريقية الفرنسية مثل مختار ولد دادة يطالبون فرنسا   بالتفاوض مع الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية  ، كما شهدت هذه الفترة اعتراف الاتحاد السوفياتي سابقا  بجبهة التحرير الوطني ، و كذلك تقديم ألمانيا الشرقية للتسهيلات التي كانت تحتاجها الجبهة بعد أن كانت قد خلقت لها مصاعب .
 وقد سجل المراقبون آنذاك بأن جبهة التحرير الجزائرية قد تحصلت على تلك التسهيلات من ألمانيا الشرقية دون أن تقدم الجبهة مقابلا أو تنازلات تتعلق بالحزب الشيوعي الجزائري ،و قد ساعد هذا الموقف و تلك النتيجة على تعزيز مكانة و  سمعة الجزائر ، ليس فقط  لدى حلفائها و أصدقائها و خاصة في يوغسلافيا سابقا  و الصين الشعبية ، و لكن أيضا في مجموع العالم .   


الجزائر في مواجهة الاستعمارات الخارجية Empty رد: الجزائر في مواجهة الاستعمارات الخارجية

avatar
karmes
موظف درجة 12
ذكر

الاقامة : عنابة

المشاركات : 9268

نقاط : 13578

تاريخ التسجيل : 25/06/2011

تمت المشاركة الخميس 27 نوفمبر 2014, 13:00
تقرير سري   يكشف  أن الجيش الرسمي الفرنسي  وراء انشاء  منظمة الجيش السري
فنون  التعذيب والإبادة بمدرسة جان دارك
عندما اندلعت ثورة التحرير الجزائرية  في نوفمبر 1954، اختارت السلطات الفرنسية عدم الاعتراف بالطابع السياسي للقضية الجزائرية  واعتماد  بدلا من ذلك، مسلك القوة  فأحجمت عن تسمية الحرب باسمهما، وبقيت مصرة إلى غاية سنة (1956)، على نعتها رسميا بـ"حوادث الجزائر" ، أما العمليات الحربية التي كانت قواتها تقوم بها لمواجهة الثورة، فقد أطلقت عليها مصطلح " التهدئة". غير أن سلسلة القوانين التي سنت تباعا، ناقضت هذا الخطاب الإدماجي و تطابقت تماما مع واقع الحرب الهادفة  إلى إعادة غزو الجزائر.  
في بداية عام 1955، نقل الحاكم هيرتز من الأغواط إلى بسكرة، ليتولى مهمة القمع في المناطق الممتدة بين لأوراس و الصحراء ، وتم  إحياء من جديد  قانون "العقوبات الجماعية"   الذي سبق أن ألغي لدواعي الإدماج ، و بمقتضاه، أصبح لأي عمل فدائي، يقع في محيط بمجموعة سكانية جزائرية ما، يعتبر من مسؤولية هذه المجموعة ماديا و معنويا ، وكلما ظهر جيش التحرير الجزائري في ناحية من نواحي البلاد، راحت السلطات المحلية المعنية تطبق فيها هذه القاعدة.
 في مطلع أفريل 1955، صادق البرلمان الفرنسي على قانون الطوارئ ، وفي 12 مارس 1956، صوت البرلمان المذكور لصالح قانون السلطات الخاصة الممنوحة للحاكم العام في الجزائر، روبير لاكوست. بموجبها حصل هذا الأخير على تعزيزات عسكرية ضخمة و صلاحيات واسعة لخنق الحريات. 
   بهذه التدابير  تنوعت  مهام الجيش الفرنسي  إلى درجة أن أعمال فرقة ما في الجزائر أصبحت غير قابلة للخضوع للرقابة التنظيمية و التشريعية  الفرنسية ، وفي ظلها، راحت سلطة القضاء العسكري الاستثنائي تتعزز، مقرونة بتعميم التعذيب الذي لم يبق بالنتيجة أسلوبا بوليسيا بحتا ،و إنما إلى وسيلة حربية أيضا. كل ذلك كان  يجري في ظل تعتيم رسمي، مسند برقابة على منشورات قلقة للغاية.  
فطوال الأشهر السبعة الأولى من عام 1957  كانت الحملة القمعية المسماة  " معركة الجزائر "  ،  مصدر معلومات حية تدين جلادي الشرطة و الجيش ،  هؤلاء،  كانوا يطلقون على قاعات الفظائع اصطلاح " لابوراتوار"، أي المخابر،حيث  يشرعون في التعذيب النفسي لحظة انقضاضهم على المواطنين بقصد الاعتقال. لذا تراهم يقومون بالتحضير جو مرعب يوقع له اثارا مدمرة " إن الحالات التي تمت معاينتها و المتعلقة بالإصابة بالجنون بمختلف درجاته و بالولادة السابقة لأوانها و بالأزمات النفسية وبالوفيات على إثر سكتة قلبية، حالات لا تحصى   . 
 في مقال مطول و مفيد للغاية، تصدى أحد الكتاب لجانب من الطرح الرسمي الفرنسي الذي دافع عنه الكثيرون، من بينهم غي مولي،   لتفنيد القول بأن التعذيب في الجزائر لا يمثل سوى " حادثا عرضيا أو غلطة أو زلة ". هذا ما كان يتم ترديده رسميا، بعد أن استحال صمود السلطات في الموقف المعتاد القاضي بنفي ممارسة التعذيب. 
  الشهادات لم تتوقف عن التسرب إلى مسامع الناس و أبصارهم من الطرفين معا  متضمنة تفاصيل كثيرة ودقيقة ، ومما ورد فيها، مثلا، أن التعذيب في الجزائر يتحول من شبه العشوائية التي كانت تميزه حتى عام 1957إلى شكل من الأشكال المهنية وإلى مؤسسة قائمة بذاتها ضمن نظام الاحتلال ككل، لها هياكلها و منظورها – كالمدعو لوفريدو و المدعو بودفان – ومراكزها التكوينية في فنون الإبادة، مثل " مدرسة جان دارك "   في سكيكدة....إلخ 
إن عناصر الشرطة والجيش، الذين مارسوا التعذيب في الجزائر، يعتبرون ضرورة تبريره " عارا و مفارقة " في نفس الوقت.     
 لقد كان بوسع أندري مالرو أن يعلن، بصفته وزيرا للثقافة، عن زوال تعذيب الجزائريين منذ تولي ديغول الحكم في ماي 1958، لكن الدليل على استمرار التعذيب الواسع النطاق كان ماثلا لأعين الجميع  إنه، قبل كل شيء عدم تخلي رئيسه الجنرال عن الحل العسكري ، بل إن هذا الأخير تبنى، بعد سنة من إمساكه مقاليد السلطة، مخطط شال الهادف إلى إعادة غزو الجزائر، منطقة بعد الأخرى، الشيء الذي كان يتطلب وفرة من المعلومات الدقيقة لا يمكن الحصول عليها إلا بالاستنطاق الوحشي للمساجين و المشتبه بهم و عامة الناس بعد    تعميم استعمال التعذيب كوسيلة حربية. 
  في اليوم السبت 23 ماي 1959،  انتشر  خبر اغتيال المحمي الجزائري أمقران ولد أو عدية، الذي سبق
 و أن رافع أمام المحاكم الفرنسية لفائدة عدد من مناضلي جبهة التحرير الوطني، وكان ينتظر أن يدافع، في ذلك اليوم المذكور، عن مجموعة من الطلبة متهمين بإعادة تشكيل الإتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين. وبعد حوالي شهر من تلك الواقعة، أمرت الحكومة الفرنسية بحجز كتاب " لاغانغرين   الذي  تضمن شهادات سبعة من المتهمين المعنيين بشأن التعذيب الذي عانوه في مقر مديرية أمن الإقليم في باريس، إبان فترة اعتقالهم. ولم تمضي سوى بضعة أسابيع حتى انتشر نبأ وفاة عيسات  إيدير، الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين،  على إثر تعرضه للتعذيب ، فاتسعت رقعة ردود الفعل، مرة أخرى، خاصة في أوساط الحقوقيين و النقابيين في فرنسا و في بلدان أخرى كثيرة، مما أجبر المسؤولين العسكريين الفرنسيين على الخروج عن صمتهم المألوف ،وقد صدر عن هؤلاء نصان، واحد رسمي، وهو بيان هيئة أركان الجزائر العاصمة، و الثاني شبه رسمي، في شكل افتتاحية بجريدة البلاد. البيان لم  يأت بجديد بالنسبة لجوهر المسألة ، فهو لا يعدو " أن يفسر " أن عيسات إيدير " انتحر" و لم يمت نتيجة حرقه بالشفاطة (الشاليمو) ، على نحو قولهم فيما سبق أن علي بومنجل " انتحر" و العربي بن مهيدي "انتحر" وغيرهما كثيرون. 
أما المقال، فإنه حمل في ثناياه ما لم يكن معهودا، ألا وهو الإقرار بوجود التعذيب في الجزائر مع تجنب الإشارة إلى التهم الدقيقة الواردة في كتاب " لا غنغرين" و إلى وفاة عيسات إيدير ومن سبقه  ولحقه، ولكنه توجه إلى أصحاب النوايا الحسنة " مطالبا إياهم" أن يعملوا و يخبروا غيرهم أن الحكومة و القيادة العليا للجيش ينددان صراحة بالتعذيب... .و انه تقرر اتخاذ عقوبات جنائية و تأديبية و سيتواصل اتخاذ مثلها في حق الأخطاء المرتكبة التي لا مفر منها على المستوى الفردي.
"...... لا شك أن الحديث عن العقوبات، حديث شكلي طالما يعمد المسؤلون إلى بقاء هذه العقوبات المفترضة في نطاق السرية و كأنها غير خاضعة للقانون الجنائي. أما الرسالة الموجهة لأصحاب النوايا الحسنة في الامة الفرنسية، فهي تحمل، من خلال التنديد بالتعذيب، اعترافا واضحا بسريان ممارسته وهو اعتراف تدلي به الأوساط الرسمية الفرنسية لأول مرة، ليس في مجالس خاصة، كما حدث أحيانا، وإنما منشورا في صحيفة يقوم بتحريرها مساعدون مقربون من وزير الحرب.
وفي مكان آخر من الافتتاحية المذكورة، لا حظ كاتبها " أن الجيش يسير وفق تقاليد جيوش الجمهورية " ولكنه لم يذكر أن جيش الغزو، في عام 1830 وما تلاه، كان خلافا لجيش " التهدئة "،   فنشر ضباطه وجنوده بصفة رسمية العديد من المذكرات و الرسائل يتحدثون فيها بزهو المنتصرين عن قيامهم بقطع الأذنين واغتصاب النساء و الزج بالجزائريين في المغارات قبل تدخينها أو هدم المداشر فوق رؤوسهم ... إلخ.  في الحقيقة، كان جيش " التهدئة" يسير بسرعة متزايدة على طريق التحلل من القيم الجمهورية ،هذا ما أظهرته مشاركته في عدة حركات انقلابية، بدءا من عام 1960  
وقد كشفت فحوى تقرير سري كتبه بعض الجنود الفرنسيين  على  أن منظمة الجيش السري هي  بالفعل بنت الجيش الرسمي، جهاز ولد رحمه كمؤسسة قمع. هذه المنظمة، التي انصهر بداخلها العسكريون و المدنيون اليمينيون المتطرفون، كانت تأوي، في نفس الوقت تشكيلة من الفرق المسلحة وحزبا سياسيا يجمع أنصار " الجزائر الفرنسية " ، وكان هؤلاء يهتدون بمذهب معاد لتراث الجمهورية الديمقراطية ،فضلا عن احتماء الرؤوس المدبرة بالحكم الفاشي القائم حينذاك في إسبانيا ،وكان نشطاء المنظمة داخل الجزائر لا يترددون، أحيانا، في إشهار تبنيهم للتصور النازي كليا أو جزئيا ، وهو الأمر الذي لم يكن خاصا بالجنود البسطاء وصغار المستوطنين المغمورين، وإنما كان يمتد إلى كبار الضباط  وأصحاب الثروات الضخمة، من أمثال سالان وقودار وأرقو  وغيرهم من القادة العسكريين " الذين وجدوا في الفلسفة النازية و الفاشية غياتهم  المنشودة  لأنها تنسجهم مع حقدهم العنصري ضد الشعوب المكافحة في سبيل استقلالها ،ومع رغبتهم في بناء كل شيء على أساس القوة العسكرية و الإرهاب و الاستبداد. إن طرق التعذيب بالكهرباء وحمام الاستحمام و الزجاجات ........ إلخ، مقتبسة من أساليب " الجستابو " 
 ان  تشويه المناضلين عقليا و نفسيا لاستخدامهم كحواسيس وعملاء  ،واستخدام   أساليب الدعاية وترديد الشعارات و الأكاذيب لترسخ بكثرة التكرار، كلها تطبيقات للأساليب النازية تم  تكيفها مع الواقع الجزائري .
  فكبار المستوطنين،  سبق لبعضهم ، أن رحب بانتصار القوات الألمانية على فرنسا  عام 1940، و بالتعاون مع حكومة بيتان، من منطلق لم يتغير طوال عقود حضورهم في الجزائر وهو استعدادهم للتحالف مع كل قوة تحمي امتيازهم ،فعندما شرعت منظمة الجيش السري  في عمليات القتل و التفجير، لم يجد المحققون رسوما للصليب المعكوف على جدران الفيلات و القصور التابعة لهؤلاء فقط، بل عثروا أيضا على دلائل تورطهم " إن قائمة المدنيين الأوربيين الذين ألقي عليهم القبض مع مرتزقة اللفيف الأجنبي في حادثة اغتيال  غافوري    محافظ الشرطة بالجزائر العاصمة،  تشتمل على جماعة من أكبر الإقطاعيين و الرأسماليين الأوربيين في الجزائر ،  عائلات غوتيي و سالياج و لونغ و ديمازور      عائلة بورجو    ليس من قبيل الصدفة أن تكون هذه العائلات التي سيطرت على قطاعات هامة من الاقتصاد الجزائري، هي نفسها التي كانت تتعاون مع النازية خلال الحرب العالمية الثانية  


الجزائر في مواجهة الاستعمارات الخارجية Empty رد: الجزائر في مواجهة الاستعمارات الخارجية

avatar
karmes
موظف درجة 12
ذكر

الاقامة : عنابة

المشاركات : 9268

نقاط : 13578

تاريخ التسجيل : 25/06/2011

تمت المشاركة الخميس 27 نوفمبر 2014, 13:01
ديغول حاول  تقسيم  الجزائر  إلى اثنة عشر مقاطعة
الاتصالات السرية بين  جيش التحرير الجزائري  وديغول الفرنسي
 
 كان الجنرال ديغول يعلم بأن نجاح الخطة العسكرية لن تأتي بالنتائج السياسة المطلوبة إن لم تكن متبوعة بخطة سياسية تعمل على مستويين، الأول داخلي أي من داخل الجزائر و ذلك  لتأمين الحد الأدنى من الشروط اللازمة لتأثير على الرأي العام الجزائري و دفعه إلى التخلي عن جبهة التحرير الوطني ، و الثاني خارجي  يعمل على  بحث  الدعم الدولي لضمان السياسة الديغولية ، و قد أكمل الجنرال ديغول خطته العسكرية بخطة سياسية أعلنها في 16 سبتمبر 1959 م التي اسماها  تقرير المصير، و قدمه الإعلام الفرنسي في صورة مشروع متفتح يدل على وجود استعداد جدي للتفاوض لدى الجنرال ديغول .
  ،فمشروع المذكور يعني  بمفهوم  ديغول فرض الخيار بين أمرين إما إبقاء الجزائر فرنسية أو تقسيمها ، فالجنرال ديغول يقول بالحرف الواحد " باسم فرنسا و الجمهورية ، و نظرا للسلطة التي يخولني إياها الدستور ، ألتزم فيما أبقاني الله حيا و أنصت الشعب لي ، بأن أطلب من الجزائريين في محافظاتهم ألاثني عشر ماذا يريدون أن يكنوا في النهاية من جهة، ومن جهة أخرى أطلب من الفرنسيين أن يصادقوا على هذا الاختيار   أما تاريخ التصويت فسأحدده عندما يحين الأوان و هو على أكثر تقدير أربع سنوات بعد العودة الحقيقية
 للسلام "،و هذا ما يعنى بأن  ديغول كانت له نية في استبعاد الصحراء من الاستفتاء، فالجزائر آنذاك كانت مقسمة إلى 15 محافظة من بينها اثنان تشملان المناطق التي ينوي الجنرال اقتطاعها في الجزائر لتظل فرنسية في حل تصويت الجزائريين  الذين يعتبرهم أفرادا ضد الإدماج، إضافة إلى الموانئ التي لا يشملها الاستفتاء  من أجل ضمان شحن البترول في جميع الحالات، والمناطق الآهلة الأوروبيون الذين سوف يختارون أن يبقوا فرنسيين مادام السؤال سوف يطرح على سكان الجزائر كلهم كأفراد.
كان يشير  ديغول في مشروعه أيضا  إلى  الحكم الذاتي للجزائريين الذي  يكون تحت لواء فرنسا، فنص المشروع تقرير المصير&


الجزائر في مواجهة الاستعمارات الخارجية Empty رد: الجزائر في مواجهة الاستعمارات الخارجية

avatar
karmes
موظف درجة 12
ذكر

الاقامة : عنابة

المشاركات : 9268

نقاط : 13578

تاريخ التسجيل : 25/06/2011

تمت المشاركة الخميس 27 نوفمبر 2014, 13:01
الحلف الأطلسي دعم فرنسا الاستعمارية   لسحق الثوار الجزائيين
أوروبا وأمريكا وقفتا  ضد إرادة الشعب الجزائري
صحيفة  "المقاومة  الجزائرية" وتقرير السيناتور الامريكي كنيدي
 
  إن الدعم  الغربي  الأطلسي الذي تلقاه الجيش الفرنسي  للقضاء على الثورة الجزائرية ، كان مرتبطا بإحدى ركائز الإستراتجية  الفرنسية ,  التي كانت  تعتبر الجزائر أرضا فرنسية،  حيث  أن أطراف الحلف  الأطلسي  يتشاورون كلما رأى أحدهم ان الوحدة الترابية  أو الاستقلال  السياسي أو الأمن القومي أصبح مهددا  ، و بناء على هذه المادة طالب  بعض النواب الفرنسيين  دول  الحلف الأطلسي بدعم عسكري  خصوصا وان المادة  السادسة من المعاهدة  المذكورة تنص على  أن كل  هجوم مسلح  ضد  المحافظات الفرنسية  بالجزائر يعتبر عدوانا مسلحا .  
 وعلى اثر دلك   قرر  الحلف  الأطلسي  منذ  مارس  1957  الترخيص  للحكومة  الفرنسية   تحويل  جزء  من  العتاد  و الجيش  الفرنسي  المخصص  أساسا  "للدفاع  عن  العالم  الحر" لاستعماله  في  الجزائر ، و قد  ظهرت  نتائج  هذا  القرار  في  ميدان  العمليات ، فقد  كان  معدل  تدخل  الطيران  في  المعارك  ستة  آلاف مرة  خلال  الأشهر  الأولى  من  عام   1956  ,  بينما  بلغ  خلال  نفس  الفترة  من  عام  1957  ما  لا  يقل  عن  سبع و  عشرين  ألف  مرة.  و قد  سجل  المعلق  الفرنسي  جان  بلانشي  ,  في  صحيفة  لوموند  ان  معدل  طلعات  الطيران   في  عام  1957  أصبح  عشرة  آلاف  مرة  في  الشهر  يبلغ  مجموعها  عشرين  ألف  ساعة  طيران  . 
و  ظهر  الدعم   الأطلسي  على  الخصوص  في  نوعية  الطائرات   ذات  الصنع  الأمريكي  ,  مثل  حاملات  القنابل  ب  26 ,  و  الطائرات  العمودية  التي  يتطلبها   الميدان  الجزائري  و  التي  لم  تكن  تصنع في  فرنسا  ,  فقد  سبق  لسوستيل   الذي  تحمل  مسؤولية  الولاية  العامة  للجزائر  في  1955  الى  مطلع  فبراير  1956 ، أن  اشتكى  من  كون  الجيش  الفرنسي  بالجزائر  لم  يكن  يملك  من  الطائرات    في  أوت  1956   الا   150 وحدة ,   أضيفت   إليها  بعد  أشهر قلائل 200 وحدة  من  تلك  التي  لم  تكن  تصنع  في  فرنسا.  
     ارتفعت    اصوات  في  الغرب  تعارض  المنحى   الذي  بدأت  تأخذه   المساعدة  الغربية  لفرنسا  في  الحرب  ,  تحت  ضغط  رأي  عام  أصبح  يتعاطف  مع  القضية  الجزائرية ,  كما كان  الشأن  في  بريطانيا  و  ألمانيا  الغربية  و  إيطاليا  , 
و  قد  بلورت  الصحافة  الغربية  اهتمامات  و  توجيهات  الرأي  العام  و  الأوساط  السياسية، بخصوص دعم الحلف الأطلسي والدول الغربية لفرنسا  في هدا الشأن   نشر  السناتور  "كندي"  تقريره  الذي  أحدث  ضجة  كبيرة  في  الغرب ،  والدي  نشرته  آنذاك  صحيفة  "المقاومة  الجزائرية"  التي   كانت  تصدر  قبل توحيد  صحف  جبهة  التحرير ، كما  كتبت  صحيفة  "دي  والت"  الألمانية  الغربية  في  2  نوفمبر  1957 مقالا  تطالب فيه  الحلف  الأطلسي  بأن  "يجبر  الفرنسيين  و  الجزائريين  على  الجلوس  معا  حول  مائدة  التفاوض".
و  بعد  أن  تساءلت    " هل  يعد  هذا  تدخلا  في  الشؤون  الفرنسية  "  اجابت    "ان  حرب  الجزائر  كلفت  أوربا  ثمنا  غاليا"  ثم  انتقدت  انفراد باريس  باتخاذ   مبادرات  لم  تكن  في  صالح  الغرب.
و  كتبت  صحيفة  "نيوزويك"  الأمريكية  في  ديسمبر   عام  1957  تقول     "ان  هناك  خطرا  يهدد  الغرب  مثل  خطر  السبوتنيك  و  الصواريخ  السوفيتية  ,  انها  حرب  الجزائر"  
  في عام 1956  قامت فرنسا الاستعمارية  بسلسلة  من الاعتداءات  على  تونس و المغرب, و انتهاك  سيادتهما ،حيث  بلغ معد طلعات  الطيران  الفرنسي المتمركز  في تونس و المغرب  و مساهمته في  العملية العسكرية  بالجزائر ما لا يقل عن مائة  مرة في  الأسبوع , حسب مصادر مجلة الدفاع الفرنسي ، و  كان الاعتداء على ساقية  سيدي يوسف  بالأراضي التونسية  في 8 فبراير  1958 هو ابرز  تلك الاعتداءات  وأشدها  وأشنعها .  هذا العدوان ,   اعطى  بعدا  جديدا  لتدويل  القضية  الجزائرية,  بعد ان   رفعت  تونس   شكوى الى  مجلس الأمن   في  14  فبراير  1958,  التى على اثرها  منعت  القوات  الفرنسية  المتمركزة  في  تونس  من   التحرك,  و   في هدا الشان   اتصل  فينوغرادوف السفير  السوفياتي  في  باريس   بوزير  الخارجية  الفرنسي ، و ابلغه  انشغال  الإتحاد  السوفياتي  بالأزمة  التونسية   الفرنسية,  وردا على شكوة تونس   قامت   باريس  الاستعمارية  برفع  شكوى يوم 15 فيراير  الى  المجلس  الأمن  ضد  تونس   بتهمة " مساعدتها   للمتمردين  الجزائريين".  
 في هدا الشان  سعت أمريكا لتمنع خروج  معالجة الأزمة الذي طرأت على  العلاقات  بين تونس  و فرنسا من الإطار الغربي،    فبادرت   و معها  بريطانيا الى عرض مساعي  حميدة  على فرنسا  و تونس في 16 فبراير 1958 ؟، فسارعت تونس  الى إعلان قبولها , و تقدمت   بمذكرة  في  الوقت  نفسه  إلى  مجلس  الأمن  جاء  فيها ان  "أمن  تونس  متوقف  على  جلاء  القوات  الفرنسية"  و ان  " ضمان  السلم  في  المنطقة  يتوقف على  إنهاء  الحرب  الجزائرية". أما  فرنسا  فقد  قبلت  في  مبدأ  الأمر ,  ثم  تنكرت  رافضة  أي  نقاش  حول  الوجود  العسكري  الفرنسي  بتونس. 
   كان  هدف  هذه  المساعي  هو  محاولة  وضع  حد  للتأزم   الذي  طرأ  على  العلاقة  بين  تونس  و فرنسا  و  إيجاد  مخرج  من  المأزق  العام  في  الشمال الإفريقي  المرتبط  بحرب  التحرير  في  الجزائر  ،  لكن  تعنت  الطرف  الفرنسي  في  تونس  و إيجاد  صبغة  يقبلها   الطرفان  , أي  تونس  و  فرنسا , على  ان  يترك  موضوع  الحرب  الجزائرية  الى  مرحلة  لاحقة ،و على الرغم من  هذا  التراجع  الأمريكي استمر  الطرف الفرنسي  يرفض  المساعي الأمريكية .
عند ذلك اضطر الرئيس الأمريكي إيزنهاور  الى   التدخل في الموضوع  , فوجه بتاريخ 11 افريل 1958  رسالة الى  فيليس غايار  رئيس الحكومة  الفرنسية  تضمنت النقاط  التالية :
ــ أمريكا تؤيد الدول العربية  المناهضة للشيوعية و في مقدمتها  تونس و المغرب , و دلك  لقطع   الطريق  امام التقدم السريع الذي تحرزه حركة  القومية العربية .
ــ من خلال هذا المنظور تنظر أمريكا لمشكلة الشمال  الإفريقي و ترغب في حل  القضية  الجزائرية على   هذا الأساس.
ــ لا تريد  امريكا أن تتدخل في الخلاف الحاصل بين  فرنسا و دول الشمال الافريقي , لكنها تريد أن تتوصل  فرنسا الى تفاهم مع عرب هذه المنطقة , و تحرص على  الخصوص  ان يوضع حد  لدفع  الجزائريين في اتجاه  التحذير.
ــ ان التجاء فرنسا  الى مجلس الأمن لن  يكون له من نتيجة الا فتح المجال واسعا أمام الإعلام  السوفياتي  الذي سوف يظهر مدى  تحمس موسكو  للقضايا العربية , في  الوقت الذي تكون فيه أمريكا محرجة نظرا  لحيرتها  بين  موقف  التأييد لفرنسا  و موقف منافسة موسكو  على تأييد العرب , علما  بأن السياسة الامريكية  لها مبدأ ثابث  هو  علاقاتها  مع حلفائها الأوروبيين و العرب  على  السواء   .
و قد حاولت صحيفة   نيوزاندبيورت  الأمريكية ان ترد على الفرنسيين الذين كانوا يرون في  هذه الرسالة  تدخلا غير  مقبول  فكتبت   تقول " ان السبب  في ذلك (أي التدخل الامريكي) هو ان حرب الجزائر أصبحت تثير شمال  افريقيا  كله ضد  الغرب , و اننا نخشى ان يؤدي استمرار  الحرب  ان يخسر الغرب أصدقاءه في إفريقيا، ان  حصول هدنة في  الجزائر  ليس بالامر  السهل , من المتوقع  أن تثور موجة  عداء لامريكا 
فالجيش الفرنسي  سيغضب  لا محالة من التدخل لامريكي , اما الثوار الذين يحاربون  من أجل استقلال  بلادهم  فانهم سوف  يستاؤون  حتما من  الجهود الأمريكية  التي تحاول دفعهم الى تقديم تنازلات .
لكن  عدم  التدخل  الأمريكي ستكون له  نتيجة واحدة  هو ضياع الشمال  الإفريقي لصالح  الاتحاد السوفياتي . لهذا قررت أمريكا  ان تعدل  عن  سياسة  عدم  التدخل و ان تبدل  جهدها  للحصول على  هدنة  و لو رفضت  فرنسا واستاؤت  " و الواقع ان  هذا  المنحنى  الجديد الذي اتخذه  بعض المراكز المؤثرة في القرار الامريكي كان  نتيجة الخوف  من تدويل  يفتح  الباب للاتحاد السوفياتي.


الجزائر في مواجهة الاستعمارات الخارجية Empty رد: الجزائر في مواجهة الاستعمارات الخارجية

avatar
karmes
موظف درجة 12
ذكر

الاقامة : عنابة

المشاركات : 9268

نقاط : 13578

تاريخ التسجيل : 25/06/2011

تمت المشاركة الخميس 27 نوفمبر 2014, 13:02
مخابرات الثورة اخترقت حكومة ديغول وجندت وزارء ه
 اول بازوكا جزائرية صنعت في معاقل الثورة
جنرال في الحلف الأطلسي عميل جنده بوصوف  لصالح الثورة
عبد الحفيظ  جمع 8 مليارات  فرنك لصالح الثورة
عبد الحفيظ بوصوف هواري بومدين رشيد كازا عبد العزيز بوتفليقة
في مهام مستحيلة ضد أجهزة مخابرات الاستعمار
عبد الحفيظ بوصوف   قال عن بوتفليقة   "هدا الشاب سيكون له شان عظيم"
  
من بين الأعمال الجليلة التي أنجزها المجاهدون وسطرها التاريخ بأحرف لا يمحوها الدهر، الانتصارات العسكرية في ميدان القتال والعمليات الفدائية واستبسال المسبلين والمحافظين السياسيين والممرضين والممرضات وغيرهم من أبطال جبهة التحرير وجيش التحرير الوطني. غير  أن هناك عملا جليلا في الثورة المسلحة كثيرا ما كان يشق طريقه في الخفاء ولا يظهر  للعين مثلما تظهر العمليات الأخرى ذات الطابع العسكري الكلاسيكي، ألا وهو سلاح المخابرات الذي جندت له القوات الاستعمارية أكفأ ما عندها من ضباط محنكين ومصالح سرية وجواسيس وما تملكه من أموال وإمكانيات مادية ضخمة بغية إخماد هذا السلاح الجديد  الذي أنجزه جيش التحرير الوطني،         
معجزة ثورة اول نوفمبر الجزائرية وثقها التاريخ باحرف من دهب ولا يمكن ان ينساها الفرنسيون مهما اجتهدوا في نشر حقائق مزورة حول انجازاتها العظيمة التى تكللت بانتزاع الاستقلال  بعد ان  دفع أبناء المحروسة ضريبة دم فاقت مليون ونصف مليون شهيد والالاف الجرحى.
احدى هده المعجزات التى يتفتخر بها اليوم من صنعوا انتصارات نوفمبر هي إنشاء جهاز مخابرات الثورة  الدي تمكن من امتلاك   أحدث  وسائل الانصال العسكرية
 وهو الجهاز  الدي اسسه المجاهد  المرحوم  عبد الحفيظ بوصوف مع بداية عام 1954   لعب دورا كبيرا في تكوين إطارات في هذا المجال  
 ملقّب بأب المخابرات الجزائرية المجاهد  المرحوم  عبد الحفيظ بوصوف كان قد أنضم إلى حزب الشعب الجزائري بقسنطينة وتعرف على محمد بوضياف والعربي بن مهيدي وبن طوبال وغيرهم. عند إندلاع الثورة الجزائرية عين نائبا للعربي بن مهيدي بالمنطقة الخامسة وهران، مكلفّا بناحية تلمسان غرب الجزائر . بعد مؤتمر الصومام   أصبح عضوا في المجلس الوطني للثورة الجزائرية ،وعين وزير للاتصالات العامة والمواصلات في الحكومة المؤقتة   من عام 1958 الى غاية عام 1962
  استطاع المجاهد  المرحوم  عبد الحفيظ بوصوف  وهو على رأس مخابرات الثورة من  جمع 8 مليارات فرنك فرنسي قديم   بفضل حنكته ودهائه،   في ممارسة  تجارة المعلومات  في سوق  الاستعلامات الدولية، حيث باع معلومات للولايات المتحدة، الاتحاد السوفييتي، الصين، اليابان ، و هي  معلومات كانت تخص شئوناً دولية لهذه البلدان  لها مصلحة فيها،
  ومن اهم هده  العمليات التى وصفت  بالبارعة  هو كشف أحد عملاء المخابرات الأميركية بالجزائر إبان الثورة، الدي بعد استنطاقه تحصل عناصر مخابرات الثورة    على معلومات مهمة تتعلق ببعض الوزراء العرب العملاء لهذه الوكالة، فأخبر حكوماتهم  بامر عمالتهم  والتى تأكدت من صحة هذه المعلومات بعد ان اجرت  تحقيقات حول الأشخاص المشار إليهم. في تقرير عبد الحفيظ بوصوف
  انجازات مخابرات الثورة لم تقف عند هدا الحد بل  وصل الى حد  تجنيد  سكرتيرة فاتنة    تعمل لدى جنرال كبير في حلف الناتو للقيام بتجنيده  و  كان الهدف  نت هده العملية إيصال أجهزة اتصال حديثة لجهاز الإشارة  
التابع لجيش التحرير  حتى تتمكن وحداته الاتصال فيما بينها  وقد  استطاع  رجال عبد الحفيظ بوصوف من الحصول على  هده الأجهزة  التى مكنتهم  في  العديد من المرات التجسس على الاتصالات بين الوحدات الفرنسية واكتشاف الكثير من أسرار الجيش الفرنسي هذه العملية تمت بعد عملية السفينة اليونانية وإعدام اليوناني الخائن .
   جهاز مخابرات  الثورة وهو تحت قيادة عبد الحفيظ بوصوف   تمكن كدلك من   تجنيد  بعض الوزراء في الحكومة الفرنسية لصالح ثورة   من بينهم ميشال دوبري الذي كان رئيس الوزراء في حكومة شارل ديغول ووزير الاقتصاد فوركاد ووزير الفلاحة إيدغار بيزاني وشخصيات أخرى لها صلة بالحكومة. كما جند  أوناسيس المليونير اليوناني الذي تزوج فيما بعد بأرملة الرئيس الأمريكي الراحل جون كيندي  
 المجاهد المرحوم  مسعود زڤار  الدي عمل الى جانب مؤسس مخابرات الثورة المجاهد عبد الحفيظ بوصوف    أدرك هو كدلك    بأن الكفاح لن ينجح إلا بالجمع بين المال والاستخبارات فكان أكبر رجل مخابرات يمد القيادة الثورية بالمعلومات ا الثمينة  لمواجهة العدو وكان أيضا أول من عمل في صناعة السلاح ومول الثورة بالعتاد الحربي الحديث  
   فكان الراعي الأول للثورة من حيث التسليح والاستعلامات ثم السند المدعم للرئيس الراحل هواري بومدين في سياسته الخارجية  
 مسعود زقار كان   صديق  الرئيس الأمريكي السابق نيكسون  كانت له علاقة وطيدة مع جورج بوش الأب بالإضافة إلى العديد من الشخصيات العالمية وهو أيضا الرجل الذي كان يملك مؤسسة للطيران وبئر للنفط بتكساس ويتمكن من الحصول على قنبلة ذرية والقائمة   طويلة.
 كان مسعود يعرف بألقاب مختلفة كرشيد كازا و"بحري" و"شلح" و"ميستر هاري" وهي التسمية التي اشتهر بها وسط الضباط الأمريكان المعسكرين بالقاعدة الأمريكية بالمغرب وهي القاعدة التي تمكن من اختراقها  نظرا  لإتقانه للغة الإنجليزية  التى سمحت له بالاحتكاك  بكثير  من  ضباط هده القاعدو التى تمكن   من  توظيف أحد أصدقائه بها ويتعلق الأمر بالسيد نواني أحمد الذي  كان يمد مسعود بمختلف المعلومات الحربية
 وقد تمكن الاثنان من الحصول على أسلحة وأجهزة اتصال بالتواطؤ مع بعض الضباط  الامريكيين وبهذه الطريقة تمكن رشيد من الحصول على جهاز إرسال متطور يستعمل في تجهيز البواخر وهو الجهاز الذي أدخلت عليه بعض التعديلات وأصبح يستعمل في البث الإذاعي لـ "صوت الجزائر" بالناظور حيث شرعت هذه الإذاعة السرية في البث بتاريخ 16 ديسمبر 1956
   احتكاك رشيد كازا  بالأمريكيين سمح له باكتساب خبرة واسعة في مجال السلاح وأجهزة الاتصال وبلغ به الأمر حد تكوين علاقات مع شخصيات أمريكية راقية وبعض أعضاء الكونغرس الأمريكي فكان يحضر معهم معظم الحفلات والنشاطات التي ينظمونها كما أتيحت له الفرصة بأن يتعرف على حرم السيناتورجون كينيدي الذي أصبح بعد سنوات رئيس الولايات المتحدة الأمريكية  
   هذه العلاقات وظفها زقار  لدعم القضية الجزائرية  بعد ان كللت عملياته الاستخباراتية  بالنجاح الباهر  الرجل وسع دائرة استعلاماته في عدة أماكن تمكن  من خلالها  من خلق علاقات في محيط الرئيس الفرنسي ديغول وفي كل مرة يزود قيادات الثورة بمعلومات سرية للغاية وكان بمثابة النواة لشبكة المخابرات التي لعبت دورا بارزا في الاستعلام الحربي وبما أنه  كان  يتقن التعامل مع أجهزة الاتصال فقد زود مقر "المصلحة الخاصة للسلاح الإشاراة" بمحطة للاتصال اللاسلكي يتصل بها مباشرة ببوصوف وبومدين .
لم يسبق لأي شخص أن تكفّل بمفرده بإنجاز مصنع للسلاح  الا  رشيد كازا  الدي اختار أن تكون هذه المغامرة بالمغرب وكان ذلك في مكان ما بالقرب من منطقة الناظور ونقول مكان ما لأنه لا أحد يعلم الموقع بالضبط إلا مسعود وقلة ممن معه وحتى هذه القلة كانت إذا غادرت المكان لا تكاد تعرف طريق العودة إلا بتوجيه من رشيد كازا فلا ملك المغرب ولا أي شخص مغربي كان يعلم شيئا عن هذه المؤسسة النادرة في الوطن العربي فظاهريا المصنع يبدو مختصا في صنع الملاعق والشوكات ويعمل به عمال أجانب من دولة المجر لكن في المستودعات الخفية المكان مخصص لصنع ما يدعى بـ "البازوكا" وبما أن مسعود كان حريصا على سرية النشاط فلم يوظف فيه إلا المقربين إليه بعضهم من أفراد العائلة وكلهم تقريبا من أبناء المنطقة أي من مدينة العلمة حتى أن بعضهم يقول إن العلمة هي التي زوّدت الثورة بالسلاح ومن هؤلاء أمين سر زڤار السيد جيلاني صغير. زڤار عبد الله، منصوري خالد، نواني بشير، زقار عبد الحميد، عوفي مصطفى، مزنان علي ونواني محمد، وقد كان هؤلاء يشرفون على عمليات التركيب لمختلف قطع الغيار التي كان يستقدمها زقار من أمريكا بطريقته الخاصة التي لا يعلمها إلا هو والتي ظلّت غامضة ومجهولة إلى يومنا هذا وحتى المقربين إليه لا يعلمون كيف كان زڤار يُدخِل مختلف القطع إلى المغرب خاصة تلك التي تبدو من خلال شكلها بأنها مخصصة لصنع القذائف وأما بعض القطع فقد كانت تدخل علانية على أساس أنها موجّهة لصنع الملاعق والشوكات وحتى العمال المغاربة الذين تم تشغيلهم لم يكونوا على دراية بطبيعة المصنع الذي يعملون به. فكانوا يعزلون في مستودع خاص وتقدم لهم مادة RDX وهي نوع المتفجرات فيقومون بتفتيتها وفي اعتقادهم أنها مخصّصة لصنع البلاط (الكارلاج) وهذه المادة في حد ذاتها تشبه من حيث الشكل قطع البلاط، لكن حسب جيلاني صغير مفعولها أقوى منTNT وبعد تكسيرها يتم تحويلها إلى جيلاني ورفاقه لتذويبها في حمامات خاصة وتعبأ بها القذائف. ولم يتوقف مسعود عند هذا الحد، بل أحضر خبيرا أمريكيا يدعى "ماكينزي" وهو مهندس مختص في تصميم الأسلحة والذي استقر بالمصنع، وكان يشرف على عملية التصنيع، ومع مرور الوقت تم تطوير البازوكا الأمريكية واستنسخت منها بازوكا "جزائرية" وذلك بإجراء بعض التعديلات على مستوى الماسورة التي أصبحت غير قابلة للطي حتى لا تستهلك وقتا طويلا أثناء صنعها، ونفس الشيء بالنسبة للقذيفة التي كانت مقدمتها مقوسة فعدلت وأصبحت تحمل رأسا حادا عكس ما كانت عليه في السابق، وذلك حتى يكون مداها أبعد وقوتها أكبر، وقد أثبتت التجارب بأن القذيفة بإمكانها اختراق سندان الحدادة وإصابة هدفها بدقة.
كما كان هناك عملاء أمريكان يتجسسون لصالح زقار وساعدوه على تقديم معلومات مهمة للقيادة إبان الثورة وكمثال على ذلك عميل أمريكي أخبر مسعود بأن الأمن الفرنسي يدبر لاغتيال مسؤول من جبهة التحرير بألمانيا وهناك عميل أمريكي آخر أخبر زقار بأن هناك عميلا فرنسيا في أجهزة الحكومة المؤقت والقائمة طويلة
 هواري بومدين كان هو كدلك من اهم رجالات مخابرات الثورة  الدي بعد  اجراء تحريات عليه   من بين مئات الطلبة الجزائريين الذين كانوا يدرسون في الوطن العربي وفي كافة العالم   تم اختياره لاداء مهام جريئة    لقيادة  عملية جلب الاسلحة من  مصر على متن الباخرة ديانة التابعة لأسطول المملكة الأردنية،
  في  هدا الشأن كلف  هواري بومدين عام 1958  لقيادة الفريق   الذي اختير للانتقال إلى الجزائر صحبة شحنة من الأسلحة تقدر حمولتها ب 13 طن من الأسلحة الخفيفة المتنوعة على متن اليخت ديانا لتدعيم الثورة   وهي  مساعدة من مصر للثورة الجزائرية والثوار المغاربة . في صبيحة يوم 25 مارس 1955 جاء رسول من بوصوف إلى الحاج بن علة يحمل كلمة السر التالية (الزواج يوم 26 مارس) أي أن الدفعة الأولى من الأسلحة القادمة من مصر قد وصلت    أرسل هذه الأخير أحد المناضلين  الى  مدينة الغزوات  لجلب    18 متطوعا من العتالين المحترفين فقادهم إلى ناحية كبدانة   ليتمركزوا  على مقربة من الشاطئ في انتظار وصول يخت الملكة ديانا، ولما خيم الليل أرسل الحاج بن علة عدة إشارات ضوئية باتجاه البحر   لم يرد عليها أحد. وفي اليوم الموالي   بعث بمرسول    يستفسر عن  الأمر بالناظور فعلم  
أن اليخت قد أرسى البارحة بميناء ميليلية وجرى ترتيب موعد جديد بمكان يدعى (كابو- دي أغلوا- رأس الماء) وصلت الشحنة في الموعد    لتبدأ عملية تفريغ الأسلحة بواسطة زورق اشتري خصيصا لهذه المهمة التي لم يكن في مستواها لسوء الحظ فقد غرق بحمولته منذ التجربة الأولى وعندها تقرر التوجه باليخت إلى الشاطئ.   فارتطم  السفينة  بصخور الشاطئ ورماله، وبهذه الطريقة تمكن العتالون القادمون من الغزوات من أداء واجبهم على الوجه الأكمل رغم صعوبة التفريغ الذي استغرق الليل كله. وفي الصباح زحف اأفراد من قبيلة كبدانة بقطعان الماشية على الشاطئ فمحوا كل أثر للعملية،   وعندما وصل  حراس السواحل لبحرية الاستعمارية  لمعاينة اليخت لم يلاحظوا شيئا واعتبروه حادثا عاديا
بعد ذلك تم نقل حمولة من الأسلحة إلى المنطقة الخامسة  على ظهور المجاهدين  لتوزع  بين الناحتين الأولى والثانية  في حين    تسلم ربعها الثوار المراكشيين في إطار الاستعداد للقيام بعمل منسق ضد العدو المشترك يهدف إلى تحرير الأقطار المغربية الثلاثة ،بهذه الأسلحة انتعش الكفاح المسلح بالقطاع الوهراني. في هذه الفترة التقى بومدين بالمسؤول السياسي على الغرب المجاهد العربي بن مهيدي  الدي عينه نائبا له  بعدها بدا نجم المرحوم هواري بومدين يسطع حتى وصل الى تولي منصب قائد اركان جيش التحرير خلال عام 1958 .
 المجاهد  عبد العزيز بوتفليقة  كان هم كدلك من رجالات الاستعلامات  والاتصال بجيش التحرير  حيث  كان   احد المجاهدين قد قدمه  لعبد الحفيظ بوصوف الدي قال عنه ا  ان هدا الشاب سيكون له شان عظيم فتم  اختياره ضمن عناصر المالك  وقد  التقى  بعدة قادة بارزين كايت احمد وبومدين  وغيرهم  اصبح اسمه الحربي سي عبد القادر  ارتقى الى رتبة ملازم خلال عام تم تعينه بعد دالك للعمل ضمن نطاق المنطقة الرابعة  والسابعة التابعتين للولاية 5 اين عمل كمراقب عام ثم ملحق بها،   وجه في عام 1960الى مركز قيادة الاركان لجيش التحرير تحت الاشراف
المباشر لراحل هواري بومدين الدي  رئيس الاركان      من هنا كلف بمهمة سرية على الحدود  الصحراوية  القريبة من  مالي لقيادة جبهة  هناك   بهدف افشال محاولات الاستعمار الفرنسي القاضية الى تقسيم الجزائر خلال عام  1961  اسندت له مهمة  خطيرة من طرف جهاز المالك للقيام بالاتصال بقادة الخمسة المسجونين بسجن اورلى الفرنسية  وهم ايت احمد ،بن بلة  بوضياف  وخيضر    
 وهو ما كشقته المجاهدة قايد خديجة  على ان بوتفليقة    كان مكلف بالاتصال والعلاقات بقيادة الأركان ،  يقوم بزيارات كثيرة الى الخارج   لتوزيع بيانات القيادة  كانت له لقاءات كثيرة هناك لا اعلم أهدافها ، خلال عام 1961قام  بمهمة سرية الى فرنسا اين التقى  بالسجناء الخمسة  


الجزائر في مواجهة الاستعمارات الخارجية Empty رد: الجزائر في مواجهة الاستعمارات الخارجية

avatar
karmes
موظف درجة 12
ذكر

الاقامة : عنابة

المشاركات : 9268

نقاط : 13578

تاريخ التسجيل : 25/06/2011

تمت المشاركة الخميس 27 نوفمبر 2014, 13:03
30 الف مجاهد جزائري في مواجهة مليون جندي استعماري
36 عقيد جزائري في مواجهة 60 جنرال و700 عقيد فرنسي
الثورة الجزائرية  أسقطت ثماني  حكومات فرنسية  
7200 مليار فرمك فرنسي خسائر فرنسا الاستعمارية في الجزائر بين  عام 54 وعام 62
 
تكبدت القوات الفرنسية بجيوشها الثلاثة والمساعدين لها ،هزائم عسكرية متتالية على يد المجاهدين  الجزائريين  ... رغم ما ألقته الحكومة الفرنسية من ثقل سياسيي وعسكري  للقضاء على جيش التحرير الجزائري  ،  فرغم النجدات والتعزيزات المستمرة والمتتالية لقواتها بالجزائر، التي بلغت ما يزيد عن مليون جندي فرنسي بالإضافة إلى  213 الف حركي   و  تشكيلات العملاء والمعمرين والمرتزقة    حيث  كانت النفقات اليومية للقوات الفرنسية بالجزائر  تقدر بأكثر من 3 ملايير سنتيم. وحسب الوثائق و المصادر الفرنسية والأجنبية  ، التي تطرقت في مختلف دراستها وتحاليلها لنفقات الفرنسية على ما سمي  يحرب الحزائر  ، كشفت كل من جريدة ليبراسيون  بتاريخ 03-11-1959 في دراستها وتحليلها للفترة مابين، 1954-1959. و المجلة البريطانية ´´ دابنكر لسنوات 1954-1957 ،و اللجنة الاقتصادية الفرنسية سنة 1958  ، و تقرير´قيون  كاتب الدولة الفرنسية للميزانية للسيد ´ لسنة 1958،  ان  الأزمة الاقتصادية الفرنسية  كان أهم أسبابها انخفاض الإنتاج والواردات من الجزائر  ،والواردات أيضا من العملة الصعبة  وانخفاض الفرنك الفرنسي ، والمأساة الاجتماعية في فرنسا. كل هذه الأسباب  ارجعتها دات المصادر الى  الثورة الجزائرية .
في هدا الشأن تعرضت  جريدة  ليبراسيون بتحليل  هده الأزمة بعنوان  "... عوضا أن تبني فرنسا بهذه النفقات لإسكان 800 ألف عائلة، فإننا نحطم ونخرب بها في سياسة الأرض المحروقة في حرب الجزائر بالجزائر ...،".  إحصائيات المصادر السالفة الذكر وغيرها حول، نفقات وتكاليف الحرب في الجزائر  قدرتها   ب200  مليار سنتيم سنة1954 ،  280 مليار سنة1955 ، 620 مليار سنة1956 ، 700 مليار سنة1957 ،900 مليار سنة 1958 ،  1000 مليار سنة  1959،  1080 مليار سنة 1960 ،  1200 مليار سنة1961   1180 مليار سنة1962  بالإضافة الى 200 مليار سنتيم  لإجلاء قوات الفرنسية المحتلة  من الجزائر.
 من جانب أخر جندت فرنسا الاستعمارية 60جنرال ،700 عقيد و مقدم  ،1300 رائد  ، 4000 ضابط ،19000 ضابط صف من اجل تاطير إستراتجية الأرض المحروقة في الجزائر .
في حين ضمت الثورة الجزائرية   منذ تفجير الثورة إلى الاستقلال  36 عقيد ، الولاية الأولى 8 ،الولابة الثانية   6 ،الولابة الثالثة  6 ،الولاية الرابعة  7، الولاية الخامسة 5 ،الولاية السادسة 4 ، كما كان  عدد المجاهدين    الجزائريين نحو  30 ألف، بالإضافة إلى الذين كانوا في السجون و المعتقلات و المكلفين بمهام خاصة و القوات المساعدة في زيها المدني .. و طبقا لتصريحات الحكومة الجزائرية المؤقتة فأن عدد الشهداء قد  بلغ 600 ألف سنة 1958 ،  و في سنة 1962  وصل عددهم  المليون و نصف المليون شهيد...
  أدت ضربات جيش التحرير الجزائري في الجبال و الصحاري، و القوات المساعدة له من الفدائيين في المدن و القرى، و المظاهرات و المسيرات الشعبية التي تطالب بالاستقلال ، و الانتصارات السياسية في المحافل الدولية، وانشاء خلايا جبهة و أفواج جيش التحرير  عبر التراب الجزائري ، إلى الأزمات السياسية و العسكرية و الاقتصادية و الاجتماعية الفرنسية  ، كادت أن تؤدي إلى حروب أهلية في فرنسا و الجزائر بين الفرنسيين و المعمرين و القوات المسلحة،عوامل كانت سببا في  سقوط الجمهورية الفرنسية الرابعة  بعد ان تعاقبت عدة حكومات    في الفترة ما بين 1954-1958 من اجل  القضاء على الثورة الجزائرية ، وهذه الحكومات  هي  حكومة  مندس فرانس  من 18/06/1954 إلى 23/02/1955 ، ادكار فور من 23/02/1955 إلى 01/02/1956 ، كيمولي من  0102/1956إلى 13/06/1957 ،موريس بوربس مونري من 13/06/1957 إلى 06/11/1957 ، فليكس كيار من 06/11/1957 إلى 14/05/1958 ، بيار بفليملان من 14/05/1958 إلى 01/06/1958 ،  شارل ديغول من 01/06/1958 إلى 08/01/1959، وميشال دوبيري ابتداء من 09/01/1959.
  و أمام  ما كانت تعانيه  فرنسا  وجه الرئيس الفرنسي الجنرال ديغول  نداءا للشعب الفرنسي من مدنيين وعسكريين   ... يشرح فيه دورة الخلاف الحاد الذي ظهر  على الساحة العسكرية من المتمردين والمنشقين في الوقت الذي تخوض فيه فرنسا حربها مع الجزائريين الذين يحققون الانتصارات المتتالية في جميع المستويات السياسية والعسكرية داخل الجزائر وخارجها وفي المحافل الدولية ... إذ ظهر الجنرال ديغول في زيه العسكري وهو يظهر من حين لآخر ساخرا وساخطا و مهددا ،وأمرا لتثبيت شخصيته وسلطته وهيبته في الكفزة الفرنسية بفرنسا والجزائر و العالم قائلا: ´´... إن مجموعة من الجنرالات المتقاعدين مع مجموعة من الضباط الأنصار الطموحين المتعصبين المحكوم عليهم ، نحملهم مسبقا مسؤولية احتمال وقوع كارثة وطنية ... هاهي الدولة الفرنسية تنهار، قوتنا تزعزت  ، وهيبتنا الدولية انخفضت مكانتها ، وتحطم دورنا في افريقيا ... من طرف من ؟ أه ياللأسف ، أه ياللأسف ، من طرف رجال كان من واجبهم الشرف والخدمة والطاعة ... باسم فرنسا إنني أستخدم كل الإمكانيات أقول كل الوسائل الممكنة لسد الطريق على هؤلاء الرجال في انتظار متابعتهم ... وإنني أمنع كل فرنسي ،كل جندي تنفيذ أي أمر من المتمردين ، ولا تسامح و لا تقبل أي ظروف ...   و أعلن الرئيس الفرنسي اللجوء إلى المادة 16 من الدستور التي تخول له كل الصلاحيات واختتم قائلا: ´´... أيها الفرنسيات والفرنسيون ها أنتم ترون الخطر الذي يهدد وتذهب إليه فرنسا خلافا لما كانت عليه في مجدها أيتها الفرنسيات أيها الفرنسيون ساعدوني...
فمن خلال الدراسات والتحاليل نجد أن فرنسا كانت مقبلة على حرب أهلية وتمزقات داخل القوات الفرنسية ، وبين الجماهير الشعبية بين المؤيدين والمعارضين لاستقلال الجزائر ... لكن أجبر الجنرال ديغول على استمرار في الحرب  مع الجيش الجزائري ،  والخضوع إلى مطالب المعمرين لمتابعة هده  الحرب ،بوسائل  الجهنمية وبأسلحة الحلف الأطلسي، لانقاد شرف فرنسا من الهزيمة ،ومحافظته على مصالح الاقتصادية والعسكرية لدول الحلف الأطلسي بالجزائر  .
 في هدا الإطار طبقت فرنسا الاستعمارية   سياسة  "تنشيف حوض الماء ليختنق السمك " ،حيث قامت   بتعزيز مواقعها العسكرية ، و  قواتها داخل الجزائر ،و إقامة الأسلاك الشائكة المكهربة ومناطق الألغام على طول خط الحدود الجزائرية المغربية والتونسية ،  كما ضربت حصار  البري و البحري والجوي على الجزائر لعزلها عن العالم الخارجي  ، و إنشاء المحتشدات ومراكز التجمعات والمعتقلات و السجون جمع فيها ما يزيد عن ثلاثة ملايين جزائري  ،بالاضاقة الى تحويل المناطق الإستراتيجية مناطق محرمة لمنع أي اتصال بين الشعب و المجاهدين  .
مصادر
 
كتاب التاريخ المغاربي القديم   السياسي والحضاري  محمد الهادي حارش
مرشد غاصمة الجزائر  دار البيازين
كتاب اروبا مند بداية القرن الرابع عشر وحتى نهاية القرن الثامن عشر
جان بيرنجيه  ،فليب كونتامين ،ايف دوران ،فرنسيس راب ،ترجمة وجيه البعيني
كتاب نصوص ووثائق في تاريخ الجزائر الحديث  الدكتور جمال قنان 
كتاب جرائم فرنسا في الجزائر الأستاذ سعدي بزيان
 مجلة ليفربول ميركوري the Liverpool Mercury 18 جوان 1830.
   كتاب مراسلات دايات الجزائر مع ملوك فرنسا  1579 ـ 1833   بوجين بلانتي
   كتاب التاريخ الوسيط والحديث  ريكاردو البيرهيما   
مقال في تاريخ الجزائر الدكتور سعد الله
 قراءة في جريدة المجاهد  1957-1962 أحمد رضوان شرف الدين جامعة الجزائر
  مقال الأستاذ  محمد الطيب العلوي
   مجلة  ذي أميريكان وبغ  The Amirican whig  سنة 1851
مجلة الجيش عدد555  شهر اكتوبر 2009
كتاب المعارك السرية بين مخابرات الثورة الجزائرية ومخابرات الاستعمار الفرنسي 
  المجاهد الثقافي  عدد 9  سنة 1969تم ترجمها السيد كاوش إلى الفرنسية ونشرتها جريدة  الجمهورية   وهران   17 يناير 1970.


استعرض الموضوع التاليالرجوع الى أعلى الصفحةاستعرض الموضوع السابق
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى