مقدمة
الجزائر في مواجهة الاستعمارات الخارجية
روح المقاومة عقيدة جزائرية مند الآلاف السنين
تاريخ مقاومة الشعب الجزائري ضد محاولات غزو بلاده تمتد الى الالاف السنين فمند عهد الاستعمار الروماني وصولا الى فترة الاحتلال الأوربي الفرنسي الصليبي لم يرضخ ابناء المحروسة لشتى انواع الهيمنة الخارجية فخلال 132 سنة خاض الجزائريون اكثر من 19 ثورة لاقتلاع جدور الاستعمار الفرنسي الأوروبي من أرضهم أخرها كانت ثورة أول نوفمبر العظيمةثورة كان لها الفضل في التصدي لسياسة الأرض المحروقة والإبادة الجماعية ، التى تبنها المستوطنون الأوربيون بقيادة فرنسة الاستعمارية طيلة مائة واثنين وثلاثون عاما . ورغم قلة الإمكانيات الحربية وقوة المستعمر الا ان عبقرية ابطال نوفمبر تمكنوا من بناء جيش تحرير ي استطاع في ظرف سبعة سنوات ونصف الانتصار على الاستعمار الفرنسي المدعم من طرف دول اوروبا والحلف الأطلسي.
أرض الجزائر كانت قبل الاحتلال الأوروبي الفرنسي ،محل أطماع الكثير من الدول وعلى رأسهم فرنسا ،اسبانيا ،أمريكا ، وبريطانيا ، حيث كانت هده الدول طيلة ثلاثة قرون تعد الخطط السرية للقضاء على الدولة الجزائرية ،التي كانت أقوى دولة في البحر الأبيض المتوسط بفضل أسطولها البحري، أسطول كان له الفضل في إحباط محاولات الغزو التي قامت بها فرنسا ومعها دول اروروبا وأمريكا ..
قبل نجاح فرنسا في احتلال الجزائر كانت هده الاخيرة قد تعرضت في بداية القرن ال 16 م للعديد من الحملات العسكرية الازروبية كحملات بيدرونا فاروا على المرسى الكبير سنة 1505 م ومسرغين عام1507 م ووهران سنة 1509 م وبجاية سنة 1510 م وعنابة سنة 1510 م . كما تعرضت مدينة الجزائر لوحدها لعدة حملات كحملة ديبقود وفيرا عام 1516 م. و حملة دون هوغور ومونكار عام 1519 م. و حملة شرلكان الكبرى الفاشلة عام 1541 م، التي باركها وأيدها البابا بول الثالث واشترك فيها قراصنة إيطاليا وصقلية وفرسان مالطة. حملة البابا بيوس الرابع الصليبية عام 1555 م و 1560 م التي اشترك فيها فرسان مالطة و نائب ملك نابلي، وقادها نائب ملك صقلية الدوق دومدنيا و حملة أندري دوريا على مدينة شرشال عام 1531 م غارة خوان قسكون الإسباني ضد مدينة الجزائر عام 1567 م بمساعدة وتأييد ملك إسبانيا. ، الحملة الصليبية الضخمة ضد الجزائر العاصمة عام 1601 م التي اشتركت فيها قوات البابا، وجنوده، ونابلي والطوسكانة.
الجزائر شكلت أكبر هدف لمعظم الحملات العسكرية التي قادها أباطرة وملوك وأمراء وقراصنة الأوروبيين من أمثال شارلكان الإسباني، الكاردينال كزيمنس الطليطلي، وأندري دوريا الجنوي، وقد تزعم هذه الحركة البرتغال وإسبانيا، تحت شعار ضرب المسلمين في شمال غرب أفريقيا وهي الجزائر ، منعا للقرصنة التي كان يقوم بها المسلمون حسب ادعاءاتهم على الشواطئ الأطلسية والمتوسط. ويظهر من خلال هذا الشعار، قوة الدافع الديني إلى جانب الدافع الاقتصادي، وقد سيطرت الروح الصليبية على حاكم أرغون المسمى فرديناند وحاكمة قشتالة المدعوة إيزابيلا حيث بديا أكثر تعصبا و تأججا من صليبية القرن ال 11 م ، ولإنجاح الغزوات الصليبية على الجزائر قام البابوات بتقديم وعودا للبحارة الذين يشاركون فيها بالفوز بالجنة، هؤلاء كانوا يمضون بمرافقة رجال الدين لنشر الكاثوليكية في الاماكن التى يتم استبطانها ،في هدا الشأن صدرت خلال السنوات 1447 م 1455 م، 1456 م، 1493 م ،عدة مراسيم من من بينها مرسوم البابا نيقولا ال 5، كالسين ال 3، اسكندر ال 6 كلها تشجع على المضي قدما لغزو الجزائر وبلاد شمال إفريقيا وقد اصدر البابا نيقولا ال 5 أمرا الى الأمير هنري يمنحه الحق في السيطرة على جميع البلاد التي تخضع للمسلمين قائلا له (إن سرورنا لعظيم أن نعلم أن ولدنا العزيز هنري أمير البرتغال قد سار في خطى أبيه الملك جون بوصفه جنديا قديرا من جنود المسيح ليقضي على أعداء الله وأعداء المسيح من المسلمين والكفرة.) ،
الجزائر التى حاولت فرنسا الاستعمارية محو تاريخها الحضاري من الوجود كتب عنها ألبرت فرحات في مذكرة صغيرة جاء فيها "ان « اسم «الجزائر» بالفرنسية «Alger» والذي ينطق "ألجي" مشتق من الكتالانية «Alguère» وهو بدوره مشتق من «الجزاير» (جزاير بني مزغنة) وهو الاسم الذي أطلقه عليها بولوغين ابن زيري مؤسس الدولة الزيرية عند بنائها سنة 960 ميلادية على أنقاض المدينة الرومانية القديمة التي كانت تحمل اسم إكوزيوم «Icosium» ويشير الاسم إلى الجزر التي كانت قبالة ميناء الجزائر في تلك الحقبة والتي تم دمجها فيما بعد بالرصيف الحالي للميناء.
مصطلح جزيرة وفقا لجغرافيي المسلمين العصور الوسطى يمكن أن يشير إلى الساحل الخصب للجزائر الحالية الواقع بين الصحراء الكبرى والبحر الأبيض المتوسط.
من أوائل من أشار إليها باسم جزائر بني مزغنة الجغرافي المسلم أبو القاسم إبراهيم محمد الكرخي وذلك في أوائل القرن الرابع الهجري، فقال :« وجزائر بني مزغنة مدينة عامرة يحف بها طوائف من البربر، وهي من الخصب والسعة على غاية ما تكون المدن».
وقد وصفها أبو القاسم محمد بن حوقل عندما زارها في عهد بلكين حوالي سنة 337 هـ فقال :« وجزائر بني مزغنة مدينة عليها سور في نحو البحر، وفيها أسواق كثيرة ولها عيون على البحر طيبة، وشربهم منها، ولها بادية كبيرة، وجبال فيها قبائل من البربر كبيرة، وأكثر المواشي من البقر والغنم سائمة في الجبال ولهم من العسل ما يجهز عنهم والسمن والتين ما يقع به وبغيره، من هذه الأسباب الجهاز إلى القيروان وغيرها، ولهم جزيرة تحاذيها في البحر إذا نزل بهم عدو لجأوا إليها، فكانوا بها في منعة وأمن» في ذات السياق ذكر الجغرافي الأندلسي الشهير أبو عبيد البكري في كتابه المسالك والممالك الذي وصف فيه شمال أفريقيا في الفصل الذي يتحدث عن الطريق بين آشير وجزاير بني مزغنة حوالي 1068م أي حوالي ستة قرون قبل وصول الأتراك «....وهي مدينة جليلة قديمة البنيان، فيها آثار للأول وأزاج محكمة تدل على أنها كانت دار ملك لسالف الأمم».
في عام 202 قبل الميلاد أ وقعت الجزائر تحت الهيمنة الرومانية اثر حلف وقغ بين سكيبيو الإفريقي وماسينيسا ضد قرطاج ، وغير اسمها من ايكوسيم بالفينيقية إلى اللاتينية ليصبح اٍيكوسيوم « جزيرة النورس » تحت حكم يوبا الأول وبطليموس. حاول بطليموس الموريطني أن يسيطر على قبائل مغراوة الأمازيغية المتواجدة بكثرة في محيط إكوسيوم فقام بنقل جزء منهم إلى الشلف وحارب المقاومين البربر الذين أثارهم تاكفاريناس.
بعد تاكفاريناس قام البربري فيرموس خلال القرن الرابع الميلادي بتحطيم إكوسيوم بمساعدة جميع القبائل البربرية التي كانت تعيش في الجبال المحيطة بالمدينة .
حوالى القرن الخامس الميلادي تم إدخال المسيحية إلى إكوسيوم، و في عام 429 م سقطت المدينة تحت سيطرة الوندال أثناء غزوهم لشمال أفريقيا وظلوا فيها حتى عام 442 م حيث ثم عقد معاهدة سمحت لروما باسترجاع اِيكوسيوم وهذا لمدة 100 سنة التي ظل فيها الونذال بالجزائر ،و بعد عام 533 م سيطر عليها البيزنطيون الدين هوجموا من قبل قبائل البربر.
أدخلت الفتوحات الإسلامية الإسلام إلى شمال أفريقيا خلال عام 710م ، في ذلك الوقت كانت المدينة خاضعة لحكم سلالة المغراويون الزناتة ، وقتها كان زيري بن مناد الصنهاجي موالياً للفاطميين وقد أثبت شجاعته لهم عندما فاز على بربر الزناتة الخوارج مغراوة، بنو يفرن... ، بعد وفات أبو يزيد استولى زيري بن مناد على المنطقة الوسطى وأسس آشير عاصمة للزيريين.
بحسب ابن خلدون فان منطقة الجزائر كان يسكنها صنهاجة مع حكم سلالة الزيريين و هم من أوائل الصنهاجيين الدين احتلوا مناطق المسيلة، المدية والجزائر ، بولوغين بن زيري وبتصريح من أبيه زيري بن مناد قام بتأسيس ثلاث مدن هي جزاير بني مزغنة، المدية ومليانة بعد طرد الزناتة ، حيث قام بولوغين بن زيري بإعادة بناء إكوسيوم في منتصف القرن العاشر وذلك من خلال تحصين وتوسيع الموقع الذي كانت تحتله قبائل بني مزغنة وسماها جزاير بني مزغنة سنة 960م.
في وقت مبكر من عام 1302م كانت أسبانيا تحتل جزيرة الصخرة أمام ميناء الجزائر ، ورغم دلك كان هناك قدرا كبيرا من التجارة التي بدأت في التدفق بين الجزائر وأسبانيا التى كانت تعتبر الجزائر ، ذات أهمية ضئيلة نسبيا حتى بعد طرد الموريسكيين من إسبانيا خلال عام 1492 م .
خلال عام 1510 حاصر الأسبان مدينة الجزائر وبنوا حصنا على جزيرة صغيرة تقع في خليجها وهي جزيرة بينون فقصفوها ومنعوا الإمدادات عنها ، فقام خلال عام 1516 سالم بن تومي قائد بني مزغنة بطلب المساعدة من الأتراك .
عندما كانت المدينة تحت المظلة العثمانية كانت محاطة بسور من جميع الأطراف و على طول الواجهة البحرية و كان يوجد في هذا السور خمسة أبواب تسمح بولوج المدينة وخمسة طرق واحد من من كل باب تعبر المدينة حتى تلتقي أمام مسجد كتشاوة ، الطريق الرئيسي بالمدينة يمتد من الشمال إلى الجنوب ليقسمها إلى قسمين ، المدينة العليا (آل-جبل، أو 'الجبل') و تتألف من حوالي خمسين حارة صغيرة من الأندلسيين، اليهود، المور والقبائل. المدينة المنخفضة (الوطاء، أو 'الأرض المنبسطة') وهي المركز الإداري والعسكري والتجاري للمدينة، يسكنها غالبية من الشخصيات التركية وغيرها من أسر الطبقة العليا. في عام 1556 شيدت قلعة في أعلى مكان من السور
ان ظهور الإنسان الجزائري يعود الى 600 ألف سنة كما دلت عليه الرسوم التي اكتشفت بنواحي تاسليي ،الهقار ، كسور ومناطق أخرى ،حيث كان سكّان شمال افريقيا يلقبون بالبربر ، توزعوا على بلاد المغرب الكبير ، وأول تنظيم دولي لهم، وإن كانت دولة عابرة، كان في أيام الحروب البونيقية بين قرطاجة والرومان وذلك في القرن الثالث قبل الميلاد.
بعدها تمكن الفينيقيون من السيطرة على التجارة الداخلية والخارجية لسواحل البحر المتوسط، و أنشئوا محطات تجارية، كان من أبرزها قرطاجنة في عام 814 ق.م التي أقيمت على الساحل التونسي. وقد امتد نفوذ قرطاجنة ليصل إلى غاية السواحل الجزائرية، فأسسوا بها مدناً ساحلية ، كبجاية وتنس وشرشال وهيبون (عنابه)، جيجل ووهران.
الفينيقيون هم أمة سامية من ولد كنعان بن لاوذ بن سام بن نوح عليه السلام كانوا مستقرين بجزيرة العرب وارتحلوا بعد ذلك إلى الشام مع إخوانهم ليستقروا بفينيقيا، أرض لبنان الحالية وجزء من سوريا وفلسطين، فأصبحت الشام يطلق عليها أرض كنعان وهم العرب في نسبهم ووطنهم.
بعد انتهاء الاحتلال الروماني لبلاد المغرب العربي ، خلفه الاحتلال الوندالي الدي دام من عام 429 م إلى غاية عام 534 م، حيث دخلوا من الجهة الغربية للمغرب عبر مضيق جبل طارق، وزحفوا حتى وصلوا إلى قرطاجة فاستقروا هناك ، قاموا بإعمال تخريبية كبيرة و استولواعلى الأراضي الخصبة ، وعاملوا المغاربة بوحشية كبيرة .
تمكن المغاربة في ظل الحكم الوندالي من إنشاء إمارات ، كمملكة التافنة التى امتدت من الشلف إلى ملوية، مملكة الحضنة شملت منطقة التيطري، مملكة الاوراس شملت الشمال الشرقي من الجزائر ،وانتهى الحكم الوندالي بالمغرب سنة 534 م على يد البيزنطيين لتبقى الجزائر تحت حكم الاحتلال البيزنطي الى غاية عصر الفتوحات الإسلامية.
خلفيات الصراع الجزائري أوروبي الأمريكي في البحر الأبيض المتوسط
أن الوضع الجغرافي للجزائر ودول شمال إفريقيا و دول جنوب أوروبا في غرب البحر الأبيض ، جعل من المحتم أن تدخل هذه المنطقة في صراع عنيف من أجل السيطرة والنفوذ ، في مضايق جبل طارق وصقلية ومع منتصف القرن الخامس أصبح واضحا أن ميزان القوي، أصبح يرجح نحو جهة جديدة ففي غرب البحر الأبيض رجح لصالح أسبانيا والبرتغال ضد الأندلسيين (المور)، وفي شرقه رجح لصالح العثمانيين ضد النمساويين. مع نهاية القرن 15 نجح الأسبانيون مع البرتغاليون في طرد الأندلسيين من شبه جزيرة إيبيريا، مما اضطروهم لنزوح إلى الجزائر ودول إفريقيا الشمالية. الأسبانيين لم يتوقفوا عند ذلك، بل إستهدفوا إحتلال إفريقيا الشمالية ، فأصبحت مواني ومدن سبتة، وهران، الجزائر، تونس، وطرابلس كلها مهددة بالتوسع الأسباني ، الأسبان لم يكونوا وحدهم في هذا الصراع ، بل تلقوا التأييد من طرف البرتغاليين، وأهالي جنوا، ونابولي، وسردينيا، و فرق أخرى من الأمبراطوية المقدسة ،لذلك كان الوضع يبدو ميؤوسا منه في نظر أهالي إفريقية الشمالية الدين طلبوا من الدولة العثمانية أن تتحالف معهم لطرد الأجانب من بلادهم فتحالفت الجزائر سنة 1516 مع الدولة العثمانية ،ا لتلتحق بعدها كل من تونس وطرابلس ، أما المغرب فلم تدخل في تحالف رسمي ولكنها تعاونت بدلا من ذلك مع جيرانها.
فقضية القرصنة التي ألصقت بدول إفريقيا الشمالية(المغرب، الجزائر، تونس، ليبيا) ، كان وراءها الكتاب الأوروبيون والأمريكيون ، بدأت مند سنة 1516 حيث إتبعها أهالي المنطقة للدفاع عن حقوقهم حفظا لتوزان القوى، ولكن هؤلاء الكتاب ، نسوا أن معظم الدول الأوروبية في ذلك الوقت كانت تتبع نفس السياسة في العالم الجديد، وفي جنوب شرق آسيا، وفي البحر الأبيض، ولم تتغير سياسة هذه الدول في الحقيقة الا بعد مؤتمر فيينا سنة 1815 .
عوامل كثيرة ساهمت في خلق الصراع في غرب البحر الأبيض خلال أكثر من ثلاثة قرون ، وكان العامل الديني أقواها جميعا. فالأندلسيون كانوا قد طردوا من الأندلس باسم قضية دينية ،اين لعبت الكنيسة دورا هاما في استمرار الصراع من الطرفين ، النسما هي أيضا أعلنت شبه حرب مقدسة ضد تقدم العثمانيين في وسط أروبا، ومرة أخرى أظهرت الكنيسة تأثيرها في توجيه ميزان القوى.
بالإضافة الى العامل الديني كانت هناك المنافسات التجارية بين الدول المعنية، وقد كانت مضايف جبل طارق وصقلية مركزا للنزاع فكل من يبسط نفوذه على هذه المضايق يضمن لنفسه السلطة في المنطقة. وبالإضافة الى ذلك فإن كل من موانيء الجزائر، طنجة، تونس، مارسيليا، وجنوا كانت هامة بدرجة كبيرة. أما في شرق البحر الأبيض فإن مضايق الدردنيل، وجزر البحر الأدرياتيكي، والخليج الفارسي كانت كلها أسبابا أخرى للنزاع ،وقد ظهرت المنافسات التجارية في عدة أشكال، أكثرها وضوحا هي التنازلات أو الإتفاق بين فرنسا وتركيا، والشركات الشرقية، بالإضافة إلى عدد آخر من المشاريع التجارية التي كونتها الدول الأوروبية في منطقة إفريقيا الشمالية.
الولايات المتحدة لم تشارك في هذا الصراع الا بعد حصولها على الاستقلال ،فعندما كانت بريطانيا هي السيدة في أمريكا الشمالية كانت هي التي تحمي المصالح التجارية في منطقة البحر الأبيض نظرا لتفاهم هده الاخيرة في تفاهم مع الجزائر خاصة و دول إفريقيا الشمالية عامة ،حيث كانت تتمتع بإمتيازات عظيمة ، بعد سنة 1776 كان على الولايات المتحدة أن تتولى مسؤوليتها بنفسها، لان معظم الدول الأوروبية كانت تتمتع بعلاقات ودية مع دول إفريقيا الشمالية، ولاسيما بريطانيا، وفرنسا، وهولاندا، والدول الإسكندينافية، في هدا الشأن كشف الكاتب أرفينغ علاقة بريطانيا بكل من مستعمراتها في أمريكا الشمالية ودول إفريقية الشمالية فائلا
"إن سياسة بريطانيا في غرب البحر الأبيض... كانت بشكل واضح في صالح مستعمراتها (يقصد الولايات المتحدة)، فقد أعطتها (إلى المستعمرات) قاعدة سياسية لتجارة مربحة، كما أنها قد سمحت لها بتفادي دفع
الجزية، ثم أنها قد أمنتها وحمتها وجعلتها تتمتع بوضع لا تتمتع به إلا الأمم الأوروبية ذات الامتيازات الخاصة "
بخصوص المفاوضات المباشرة مع الجزائر، بذلت أمريكا جهود ا كبيرة لكي تحافظ على علاقات ودية مع العضو الجديد في مسرح النزاع وهي الجزائر ، و نتيجة لعوامل أخرى أعترف بها أرفينغ نفسه، ظهرت الصعوبات على السطح وأصبح النزاع ضروريا بسبب
1 ـ بطء اتخاذ القرارات الأمريكية مثلا أن المعاهد التي جرت المفاوضة بشأنها في الجزائر سنة 1815 لم تصادق عليها الولايات المتحدة سوى سنة 1822 .
2 ـ النقص في تنسيق الاتصالات، فالرسالة قد تأخذ شهرين قبل أن تصل الطرف الآخر، بل أن بعض الرسائل قد ضاعت نتيجة لضياع إحدى السفن أو إلقاء القبض على حاملها .
3 ـ تقص المعلومات عن الشعوب والبلاد المعنية ، فهناك رجل مغربي متدين قد إقنع رئيس دولته، لكي يوقع معاهدة مع وفد أمريكي، بأن الدين في الولايات المتحدة كان هو نفس الدين في المغرب.
بالإضافة الى ذلك فإن الممثلين الأمريكيين ولاسيما خلال العقدين التاليين لإستقلال الولايات المتحدة، لم يكونوا مطلعين على الوجهة الثقافية والتجارية والسياسية للجزائر التى أعتاد حكامها أن يشيروا الى الرئيس الأمريكي على أنه أمبراطور أمريكا.
الدول الأوروبية لم تكن مستعدة لمساعدة الولايات المتحدة في علاقاتها مع الجزائر ، فقد رفضت بريطانيا أن تحمي مصالح أمريكا أثناء حرب عام 1812 التي جعلت بريطانيا تقف ضد الولايات المتحدة في منطقة البحر الأبيض ، ورغم أن فرنسا قد قدمت لأمريكا بعض المساعدات أثناء حرب الاستقلال، إلا إنها أصبحت فيما بعد غير مبالية، بل أصبحت أحيانا تشك، وحتى تعمل ضد الولايات المتحدة. اما إسبانيا التي كانت على علاقة غير ودية مع الجزائر لم تستطيع أن تساعد الولايات المتحدة البرتغال هي البلد الأوروبي الوحيد الذي قدم مساعدة لأمريكا ، مما جعل الكونغرس الأمريكي يفكر في مساعدة البرتغال بدل إرسال أسطول بحري ضد الجزائر. ومن جهة أخرى ساعدت كل من السويد، والدانمارك، وسردينيا الولايات المتحدة، ولكنها لم تفعل ذلك لأن هذه الدول هي نفسها كانت في حرب مع واحدة أو أكثر من دول إفريقيا الشمالية ، أما الهولنديون فقد تفاوضوا مع الأمريكان على المساعد تهم ولكنهم تراجعوا في النهاية ،وقد واجه الأمريكان الصعوبات في مفاوضتهم مع الجزائر أهمها، قلة معلومات المفاوضين الأمريكان عن الجزائر ، ضآلة الرصيد المالي الذي كان تحت تصرف المفاوضين ، ضعف فهم الأوضاع عند المفاوضين الأمريكان، فمثلا كانوا يتهمون بعضهم البعض بالجهل والتزوير، وفتح الرسائل...