خلال الصائفة من سنة 2010 زرت ضمن وفد حل بأدرار رفقة عروس قريبة لي من الشمال فرأينا طقوس غريبة لا تمت للدين أو الأخلاق بصلة و قد شد انتباهي تقبيل الأيادي لفئة خاصة من الرجال و النساء و طقوس غريبة في الحناء و بحكم تخصصي في علم الاجتماع فقد سألت حينها كثيرا و حاولت فهم الظاهرة أكثر بالبحث و التعمق حتى اهتديت لهدا الموضوع المنشور في الانترنت من أحد السكان . أنقله بأمانة
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته ********
أنا من سكان هاته المنطقة و أرجو من الشاتمين و الحاقدين أن يتبينوا قبل أن يكتبوا ألفاظا نابية أو عبارات جارحة و لن أصدمكم إن قلت أن العنصرية و التطهير العرقي موجود – و ليس الخبر كالمعاينة – و ربما ما سأكتبه سيفاجيء كثير منكم و لكن أرجو بإلحاح أن تقرؤوا ما سأكتب و الله يشهد أني أنشره لا لتشجيعه و إنما لفضح هاته الممارسات و لفت الرأي العام لها في الداخل و الخارخ فوالله لقد أضرت بنا كثيرا و التعتيم عليها أمر يراد في ذمن اختلط فيه الحابل بالنابل و طغت المصالح على الأخلاق و القيم فتابعوا شهادة شاهد من أهلها
منذ القدم وُجدت العنصرية بأدرار و تم تقسيم المجتمع عندنا إلى عدة طبقات أهمها :
- الشرفة : و هم أعلى سلالة ينسبون لعلي بن أبي طالب و هؤلاء ينادى الرجال منهم بلفظ مولاي متبوع بالتسمية و إن كانوا نساء فينادين بلالة متبوعة بالتسمية كأن يقال مولاي أحمد و مولاي عبد القادر و نحوهما أو لالة الزهرة و لالة عائشة و مثله …..
- المرابطين : و هم البيض الذين يشكلون قادة الجند و المشرفون عليه
- العرب : هم باقي البيض سواءا الذين استوطنوا المنطقة من قبل أو حتى الوافدين الجدد منهم بما فيهم الذين جاؤوا مع الاستعمار مساندين .
الحراطين : و هم أحرار السود الذين لم يستعبدوا و مفرد التسمية حرطاني و يقال أن أصلها حر – ثاني أي حر و لكن من درجة ثانية , و جمعها حراطين و يقال أن معناها حراثين وهم الذين اشتغلوا في حراثة الأرض و الزراعة و البناء و مختلف الحرف
العبيد : اولئك السود الذين تم اكتسابهم بالبيع و الشراء و الخطف و تم استغلالهم و استعبادهم في كل المجالات هم و من خرج من أصلابهم .
العنصرية بأدرار اجتماعيا :
الرجل من الشرفاء أو الشرفة كما يتم نطقها محليا يعتبر نسل راقي و بالتالي رجالهم لهم الحق في الزواج من أي من بنات الطبقات الأخرى الأدنى في حين بناتهم لا يمكن نكاحهم إلا من نسل الشرفة و بالمثل الرجل المرابط له الحق في الزواج من بنات جميع الطبقات الأخرى عدا الشريفات الأعلى منه أما نساؤهم ( المرابطين ) فلا يتزوجهم إلا الشرفة أو المرابطين مثلهم …… و هكذا فالرجل العربي له الحق أن يتزوج من المرأة العربية مثله أو الحرطانية غير أن العربية لا يمكن أن يتزوجها من الرجال إلا مثلها أو من هو أسمى منها أي الشريف و المرابط و العربي حتى نصل للحراطين السود فإن نساءهم حلال لكل الطبقات متى رغبوا فيهن غير أن رجالهم من العار و الذل أن يتزوجوا الشريفات أو المرابطات أو العرب هذا ما كان سائدا إلى وقت قريب جدا و لا يزال مع قليل من التعديل . فالأمر حاليا و نحن في القرن الواحد و العشرين أنه و رغم أن التصنيفات ما تزال على حالها شرفة – مرابطين – عرب – حراطين – عبيد إلا أنه في الزواج أصبح الأمر بيض و سود . فالشرفة يشكلون كتلة البيض مع المرابطين و العرب يتزاوجون فيما بينهم دون تمييز في حين السود المكونين من الحراطين و العبيد يشكلون فريقا آخر و من العيب و العار و حرام في عرفهم أن يتزوج رجال السود من البنات البيض كما أن بنات السود أصبحن يتمنعن بالمثل من الزواج من الرجال البيض – إلا ما ندر –و هذا ما جعل الرجال السود يكسرون القاعدة بالزواج من بنات الشمال البيض الشيء الذي يغيظ الآخرين و يولد لديهم الحقد الذي يؤدي للانتقام في كثير من الأحيان و يحدث بالفعل .
هذه الأعراف العرجاء أفرزت منطقا جديدا غاية في التعقيد و التعصب لا يفهم خباياه إلا من عاشه و عاينه عن قرب مثلنا فزواج رجال البيض بأدرار ببنات السود كثير ما يتولد منه أبناء سود البشرة بيض العرق و النسل ( شرفة أو مرابطين أو عرب ) يدعون لآبائهم بكامل الحقوق المفروضة . هؤلاء الملونين تجدهم أشد بأسا و غلظة على الحراطين السود لحملهم عقدة اللون و الشعور بسمو النسب و بقساوتهم يحاولون إبراز تفوقهم و تقدمهم و لعل أغرب ما في الظاهرة لا يمكن فهمه إلا بمثال : فلو أن إمرأة حرطانية سوداء تزوجها شريف مثلا و انجب معها بنين و بنات – و هذا مسموح و موجود – قد يقول قائل أن أخوة و أخوات هاته المرأة هم اخوال و خالات أبنائها من زوجها الشريف لهم حق الاحترام و التقدير غير أن الواقع يقول عكس ذلك فعلى الأخوال أن ينحنوا لتقبيل أيادي أبناء و بنات أختهم لأنهم شرفة و ليس لهم أي تقدير أو احترام لأنهم أدنى عرقا بل حتى أمهم ما أن يكبروا حتى يشعروا بمركب التفوق اتجاهها و هذا مثال حقيقي موجود في واقعنا ….. و لو حاولنا تعقيد المسألة أكثر لفهم الإجحاف أكثر فلنضرب مثلا آخر كثيرا ما تجسد في واقعنا و منطقتنا و بين أهلينا و اقربائنا و ما يزال . لنفرض أن إمرأة حرطانية ( سوداء ) تزوجها حرطاني ( أسود ) أنجب معها بنين و بنات ثم مات فتزوجها بعده شريف أنجب معها بنين و بنات , طبعا المنطق أن كل أبنائها من كلا الزوجين إخوة – هيهات – لكن لا يمكن أن تتصوروا أن أحفاد هاته المرأة من رجليها ( السابق و اللاحق ) هم أبناء عم لهم حق المصاهرة و التزاوج بل يجب أن يخضعوا إلى نفس العرف السائد أحفادها من الشريف يحق لهم أن يتزوجوا حفيداتها من الحرطاني و العكس غير صحيح و حرام و عيب و عار و زل و خذلان ؟
العنصرية و الاقتصاد و السياسة و الجانب الديني العقائدي : البيض هم الأئمة و القضاة و لعل الكثير منا يذكر العنوان العريض الذي عنوت به جريدة الشروق الأسبوعي ربورتاجها عن الظاهرة سنة 2002 في أحد أعددها و الذي لا يتوفر لي حاليا و الذي يحتفظ الكثير من أبناء المنطقة بنسخ منه حتى الآن ” للبيض مساجدهم و للحراطين مساجدهم ” و للطرافة أقول أن هذه الجريدة صدرت في عهد الوالي بليوز و الذي قام بسرعة البرق بسحب كل الأعداد التي لم يتم بيعها من المجلة حتى لا تنتشر . فانظروا كم يتم التعتيم على الظاهرة بدلا من محاربتها و مجابهتها بالعدل و المساوات و نشر العلم تماما كما تتباهى حكومتنا بأنها كانت دوما ضد الابرتايد و التطهير العرقي العنصري في العالم ؟ .
أقول و البيض هم ايضا أصحاب الحل و الربط و التجار وملاك الأراضي و العقارات و مصادر المياه ( الفقارات ) باعتبار أن الزراعة هي عصب الاقتصاد في المنطقة و على الحراطين حراثة الأرض مقابل الخمس من المحصول ( الخماسة ) و حرام عليهم تملك الأرض فكم كانوا يستغلون بأبشع الطرق ومما كان سائدا و يمكن الإشارة إليه أن أحدهم يتم استغلاله في الخماسة لزراعة الأرض فمتى اخضرت تم الاستغناء عنه و تعويضه بآخر فمتى نضج الحب تم الاستغناء عنه ايضا و تعويضه بثالث ليجني المحصول دون حق له لأنه لم يزرع و لم يسقي ليعود كل شيء لصاحب الأرض دون كد أو عناء يتم ذلك في وقت لم تعرف فيه المنطقة سوى الزراعة التقليدية …… كما يشتغل الحراطين في صيانة الفقارات و البناء و مختلف الحرف أما العبيد فإنهم كانوا يعملون لقاء ما يبقيهم أحياء و من أبشع ما تمت معاملتهم به أنهم كانوا يتم ملأ فمهم بالماء كلما دعوا لصعود النخلة لجني التمر و لا يبسقون الماء إلا عندما ينزلون من النخلة و بذلك يتم التأكد أنهم لم يأكلون شيئا أثناء عملية جنيهم الشاقة للتمور . و حتى الآن ما يزال شبه هذا النمط سائد في بعض المناطق النائية ” حرام على الحرطاني كسب الأرض من بستان أو مسكن “….. لا يمكن تصور حرطاني إماما يؤم البيض أو قاضي يعقد قرانهم و حتى الآن كم مرة يتمنع فيها البيض من عقد قرانهم في بلدية رئيس مجلسها حرطاني و لا يمكن توهم أحدهم ولي صالح تضرب له قبة أو روضة كما تسمى محليا و تجعل له ” زيارة ” أو وعدة رغم كثرة أولياء الله الصالحين في المنطقة و كأن الورع و التقى و الصلاح قد خص الله به عنصريا أجناسا دون الغير .
استفاد الاستعمار من الوضع السائد و سهل عليه سياسة فرق تسد فقرب البيض و جعل منهم القياد و المقربين و ظلت العنصرية بشيء من التغيير الطفيف بعد الاستقلال يمكن تلخيصه فيما يأتي :
العنصرية اليوم من الطابوهات التي لا يمكن التحدث عنها رغم وجودها و ممارستها سرا و علانية و رغم ضررها البائن الذي ينبئ بهشاشة البناء الاجتماعي القائم على غير المنطق و العدل , ينذر بانفجار شديد في ظل غياب الدولة و ضعفها و تفشي ظاهرة الرشوة و المحسوبية و استغلال النفوذ و انحياز القضاء و فساده .
تعلم أبناء السود و تبوؤا و تحصلوا على شهادات عليا فمنهم أساتذة الجامعة و الأطباء و المهندسين و المحامين و الحقوقيين و الإداريين غير أن لعنة اللون ظلت تطاردهم بسبب فساد السياسة ليكون الإقصاء و التهميش و الحقرة و عدم تكافؤ الفرص واضحا جليا في مختلف الميادين و لم ولن يشفع لهم تفوقهم العلمي و الأخلاقي ما لم يتم طرق باب الحرية بمحاربة الداء الخبيث بما هو مناسب . فرغم هذا التفوق و على كثرتهم و غالبيتهم في المجتمع أكثر من 65 في المئة سود على أقل تقدير وفي أسوأ الأحوال و مع ذلك فقلما تجد منهم المدير أو المدير الفرعي أو نائب المدير أو رئيس المصلحة و في بعض المصالح تقوم الدنيا و لا تقعد و تحدث الطوارئ بالداخل و الخارج و تصرف الأموال و تحرك المعارف و تدبر أمور كثيرة بالليل والنهار و كثيرا ما تلفق التهم وتسلط العقوبة الظالمة و تلطخ الملفات مسبقا حتى لا يكن من هؤلاء نافذون على غرار إدارة الضرائب التي يمكن أن نلحظ بسهولة و يسر أنه لا يوجد أي أسود فيها مدير فرعي أو رئيس مفتشية أو قابض ضرائب في أي من دوائر الولاية الإحدى عشر علما أن هاته الإدارة يتم استغلالها بحرص شديد لتحطيم كل المقاولين و التجار السود بإثقال كاهلهم بالضرائب مستغلين النظام الجزافي الجائر حتى لا يبرزوا أو يكن لهم سلطان مال أو ثروة ….. و نفس الشيء في مديرية التجارة و المنافسة و الأسعار وبدرجة أقل و في غيرهما من المصالح و الإدارات كثير…..
في المجال السياسي و منذ الإستقلال سنة 1962 و حتى الآن فإن السود و على كثرتهم و غالبيتهم لم يكن منهم قط عضو برلمان رغم أن العهدة الواحدة تعطي الفرصة لأربع ممثلين و هذا حتى سنة 2012 حيث صعد منهم واحد و سبب ذلك أن السود لا يزال منهم من يسلم أن البيض أقدر منهم على تحمل هاته المهام راضين مطمئنين راكنين لما ورثوه من تقسيم عن آبائهم و أجدادهم و جزء منهم همهم المساواة مع البيض و إثبات الوجود فيؤازروا البيض و يتحالفوا معهم في قوائم تظهر العنصرية في ترتيب أعضائها واضحة جلية و جزء قليل عرف العنصرية و حاول مقاومتها بالمثل و التعصب لها في حين الطرف الآخر المتمثل في البيض يسعى في كل مرة للتلاحم و الانسجام و إعداد الخطط لتكسيرهم و تشتيتهم و إفساد و حدتهم . نفس الشيء يمكن إسقاطه على الانتخابات المحلية إذ لم يكن تصور رئيس بلدية في عهد الحزب الواحد من السود و لم يحدث ذلك على الإطلاق في أية بلدية من أصل 28 بلدية على مستوى الولاية فكانت القوائم ترتب في مقار البلديات و تعدل و يتغير ترتيبها بمقر الولاية و محافظات الحزب و مع التعددية الحزبية كانت بلدية أولف سباقة لظهور أول رئيس بلدية أسود سنة 1991 ومنذ الاستقلال .
لأثبت لكم أن
هاته العنصرية أضرت بالسود في المنطقة فالكثير فقد وظيفته بسببها و منهم من تعرض للعقاب بالنفي بتلفيق التهم و شهادة الزور لدوافع عرقية و البعض تعرض للتهميش باستغلال ضعف الدولة و غيابها و استعمال النفوذ و الرشوة و المحسوبية بل أن هناك من يجزم أن العنصرية موجودة بتأييد و مباركة الدولة و منهم من يستدل على ذلك أنه لا يمكن أن يتقدم أسود و أبيض أمام القضاء و يتوهم الأسود أن يأخذ حقه مهما كانت حجته كما أن الناس ها هنا لم تنس كيف أنه حينما تم اقتياد منتسبي الفيس للمحتشدات و المعتقلات تم الانتقاء و التصفية فمن السود من كان مجرد محب تم اعتقاله في حين لم يتم اقتياد أي من البيض رغم أن منهم من مارس مهمة رئيس بلدية ؟ ومن شكك في الأمر فليسأل رئيس بلدية أقبلي يومها و المرشح الثاني للمجلس الشعبي الوطني بقائمة الفيس بدائرة أولف ؟.
الرجاء الإشارة إلى هاته الممارسات و فضحها أمام الجمعيات الحقوقية في الداخل و الخارج عسى أن يتم اجتثاثها طالما أن الدولة عاجزة عن محاربتها أو متواطئة.