يقول الله سبحانه وتعالى : " وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا " صدق الله العظيم.
مع تعدّد وتنوّع النباتات والأعشاب التي أنعم بها الله سبحانه وتعالى على خلقه، والتي أطلق عليها البعض اسم (صيدلية الله) العلي القدير، تعدّ نبتة (الحلبة) واحدة من أهم وأعظم هذه النباتات، نظراً لفائدتها الكبيرة وقيمتها العلاجية الواسعة، ومن الصعب حصر هذه الفوائد في موضوع واحد، فالحديث عن الحلبة وفوائدها يحتاج بالفعل إلى كتاب أو إلى مجموعة من المقالات، لكننا سنجتهد في إيجاز هذه الفوائد.
ما هي الحلبة ؟ لعلّ الإجابة على هذا السؤال تبدو ضرورية قبل الخوض في معرفة فوائدها وخصائصها، فالحلبة كلمة ذات أصل (هيروغليفي) وهي نبات عشبي حولي صغير يزرع حالياً في معظم دول العالم، رغم أن موطنها الأصلي شمال أفريقيا وشرق المتوسط، ويتم الإستفادة طبياً من بذور الحلبة الناضجة، نظراً لإحتوائها على البروتينات والنشويات والفسفور، إضافةً إلى التريكو نيلين والكولين، والمواد الصمغية والزيوت الثابتة والطيارة. كما تتشكل العناصر الفعالة في الحلبة من مواد هلامية ومرة ومادة (السابونين - Saponin)، وهي مقوية وملينة للأمعاء، ومضادة للإلتهاب، وكان قدماء أطباء الهند يستعملونها لمعالجة جميع الحالات المرضية التي نعالجها في وقتنا الحاضر بزيت كبد الحوت (زيت السمك) والزرنيخ Arsen والفسفور.
أولاً : الإستعمالات الطبية من الخارج : (لبخة بذور الحلبة) تعدّ أقوى من أي دواء في علاج الدمامل لتسريع فتحها وشفائها، وكذلك معالجة الخراجات المنتنة، والتي تتضاعف بالتهابات الأوعية اللمفاوية (التي تمتد منها خيوط حمراء ملتهبة وهي ما يسميه العامة بتسمم الدم)، والدحاس المتقيح في الأصابع، وخراجات الثدي، وخراجات الشرج الناتجة عن انسداد الناسور، وتقيح العظام، والاكزما، والغلغموني والآلام العضلية الروماتزمية والقروح في الأقدام المستعصية الشفاء، كما أن الغسل بمغلي الحبوب يعيد إلى الجلد المتشقق نعومته وطراوته، وكذلك يفيد بذر مسحوق الحبوب داخل (الجراب) لوقاية الأقدام في الشتاء من الإصابة بالبرد (تثليج)، ويستعمل مرهم الحلبة لتدليك القدمين مساءً قبل النوم لمعالجة الزكام وما يمكن أن يرافقه من سعال جاف، ولبرودة الأقدام أيضاً.
ثانياً : الإستعمالات من الداخل : يستفاد من مغلي الحلبة أو مسحوقها لتسمين الجسم، ويساعد مرضى البول السكري بشفاء الجروح فيهم، كما يستعمله الأطباء الفرنسيون لمعالجة الالتهابات الرئوية والنزلات المعوية والإمساك والبواسير، ويستعمل أيضاً للغرغرة في التهاب اللوزتين، ومرض الخناق (دفتيريا)، وللشرب (ملعقة كبيرة 3 – 4 مرات في اليوم) لتسكين سعال المصابين بالتدرن الرئوي (السل)، غير أن رائحته الكريهة كثيراً ما تحول دون تقبل المريض استعماله من الداخل.
ويمكن للفتيات في سن البلوغ الإستفادة من مغلي الحلبة لتنشيط الطمث، في حين يجدر بالنساء الحوامل الابتعاد عن تناول الحلبة خلال أشهر الحمل الثلاث الأولى، لكونه يساعد على الإجهاض، بينما تشكل الحلبة مصدراً لتقوية الدم وإدرار الحليب عند المرأة المرضعة.