السياسة السكنية في الجزائر ..كتاب رائع..
--------------------------------------------------------------------------------
1- مقدمة
عندمـا نلقي الضوء على تطــور قطاع السكن في الجزائر تنقلنـا الذاكرة إلى الظروف السكنية البائسـة التي كان يعيشها جل أبناء الجزائـر في المدن والأريـاف والجبال والصحـاري قبل عـام 1954 وعلى امتــداد الفتــرة الاستعمارية.
إلا أن تلك الصورة البائسـة لا يمكنهـا أن تظـل راسخـة في الأذهــان أمام الإنجازات الكبــرى من برامج سكنيــة التي حققتها الجزائـر والآفاق الواعــدة خلال السنـوات الخمسة (2004-2009) وذلك بإنجــاز مليـون وحـدة سكنيـة من مختلــف الصيـغ والأنمــاط .
علينـا أن نتذكــر تلك الظروف السكنيـة المأساويـة والقاسيــة التي كانــت تعيشهـا العائلة الجزائريـة على امتــداد فتــرة الاحتلال خاصة بخلق المناطق المحرومــة وإقامة المحتشــدات أثنــاء مرحلـة التحرير الوطني.
2 – الحضيرة السكنية في الجزائر
من أجل تقديم بعض الحقائـق نشيـر بأنـه إذا كـان الكثيـر منـا يعلـم بأن الحضيـرة السكنية في الجزائـر تقـارب 6 ملايين وحدة سكنيـة وبالتحديـد 5793311 وحدة سكنية، فإن القليـل منـا يدرك بأن مجموع الحضيرة السكنيـة التي سجلت على امتداد الفترة الاستعمارية أي 132 سنـة من الاحتلال لا تتعــدى في مجموعهـا علـى 85000 وحدة سكنيـة قبـل 1945 و 950000 وحــدة سكنيــة أنجزت خلال العشرية (1945-1954) و 148000 وحدة سكنية في الفترة ما بين 1954- 1962.
3 - السياسات السكنية المنتهجة في العهد الاستعماري
أ- ما قبل 1958
لم تكن هناك سياسة سكنية واضحة للمستعمر حيث كـان جـل الجزائريين يقطنـون سكنـات متواضعـة لا تتوفر لا على شبكة الميـاه ولا الكهربـاء بل كـان سكـان المدن يقطنون الأحياء القديمة التي تعرف بالقصبـة وهي الأحياء العتيقـة التي تجدهـا خاصـة في الجزائر العاصمـة وقسنطينـة وتلمسـان وهـي بناءات من النوع التقليــدي وعبارة عن سكنـات تقطنهـا جماعـات.
أما سكـان الأريـاف والجبال فكانـوا يعيشــون ظروفـا سكنيـة وصحيـة سيئــة نظـرا لكـون أغلبيـة هـذه المساكن المشيدة من الطوب تفتقر إلى الميـاه والكهرباء، بل كانت مثـل هذه العناصر تراود حلم الجزائريين وهي الأحلام التي تحققت بانتصار الجزائر، وعلى العكس كان السكن المعاصر يخصص للأقليـة الأوروبية المقيمة بالجزائر التي تقطن الأحياء الراقية.
ب- بعد 1958
تدل بعض المعطيـات المتوفـرة، أن الأغلبيـة الساحقـة من الجزائريين بقيت على هامـش السكن المعاصـر، بل لم نجد أثر للسكن الاجتماعي الذي يتقاسمه أقليـة من الجزائرييــن إلى جانب أغلبيــة أوروبيــة وهي برامج محدودة ظهرت إلى الوجود في منتصف الخمسينات من القرن 19 وخاصة مخطط قسنطينة المشهور عام 1958.
مخطط قسنطينة:
عندما سيطرت الدولة الفرنسية على المجال الجزائري، قام الشعب بعدة ثورات أهمها ثورة نوفمبر 1954 التي جاءت بالاستقلال والتي تعامل معها الفرنسيون على أنها عصيان مدني، فحاولوا دمج المجتمع الجزائري بمجتمعهم، فجاءوا بسياسات تخطيطية أهمها مخطط قسنطينة الذي أعلن عنه رسميا من طرف الجنرال ديغول في 03 أكتوبر 1958 .
أين اقترح ديغول:
-التنمية مقابل الاستسلام.
-الثروة مقابل عدم التمرد.
الرفاهية مقابل الاندماج.
أهدافه:
1-تحقيق معدل نمو سنوي مقدر ب6٪
2-العمل على إيصال الحياة العصرية لكل المناطق و ليس فقط المدن.
3-رفع نسبة العاملين في الإدارة الفرنسية إلى 10٪ .
4- إلحاق ثلثي الأطفال بالمدارس من أجل إعطائهم الثقافة الفرنسية وبالتالي عزل المواطنين عن الثورة.
5-تحقيق 400الف منصب شغل للجزائريين.
6-توفير السكن (إنجاز 250الف وحدة سكنية).
7-توزيع حوالي 250الف هكتار على الأهالي.
وقد كان السكن من المحاور الأساسية للتدخل أين احتل اهتماما كبيرا، فهو مؤشر من مؤشرات المستوى المعيشي وهدفه بناء 100000 مسكن كل سنة.
4- السياسات السكنية المنتهجة بعد الاستقلال
إن الثورة الجزائرية التي حملت شعــار " الثورة من الشعب وإلى الشعـب " كإحدى الثورات الشعبية الكبرى في القرن العشرين قد أعطت محتوى اجتماعي وإنساني في برامجها تجسد في فجر الاستقلال في انتهاج سياسة اجتماعية في مجال السكن مكنت أبناء مختلف فئات الشعب خاصة تلك الفئات الشعبية في المدن والأرياف التي تحملت الأعباء الكبيرة أثناء الثورة التحريرية باعتبار أن الريف هو الذي احتضن الثورة وأبنائه المحرومون قدموا قوافــل من الشهداء لتعيش الجزائر حرة مستقلة، فكان من باب الوفاء لمبادئ ومثل أول نوفمبر أن تحظى هذه الشرائح الاجتماعية برعاية خاصة عبر برامج خاصة في مجال السكن الاجتماعي والإعانات المقدمة للبناء الريفـي.
أ- فترة السبعينيات:
منذ السبعينـات أصبح مشكل السكن يشكل إحدى المعالم البارزة للأزمة التي عرفتهـا البلاد عل الرغم من الجهود التي بذلتهـا وتبذلهـا الدولـة الجزائريـة قصـد معالجة أزمة السكن من خلال إقرار برامج سكنيـة ومرافق عمومية من مدارس ومستشفيـات وحدائـق وبرامج خاصة للتنميـة التي مست العديد من الولايـات بهدف خلق شروط التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
وكما سبق ذكره فقـد أصبح الوضع العام في مجال السكن والعمران شائكا بحكم عوامل متعددة ضاعفت من آثار الأزمة ومنها:
- تزايد النمو الديمغرافي بنسبة بلغت 3.5% سنويـا.
- تمركز السكان فوق قطعة ساحلية محدودة المساحة عرضها لا يزيد عن 100 كلم وذات كثافة عمرانية عالية.
- تدهور البنايات القديمة إضافة إلى كون إمكانيات الخزينة محدودة لتمويل البرامج السكنية.
- النزوح الريفي الذي ضاعف من تواجد الأكواخ القصديريـة تحيط بالمدن الكبرى.
ب- فترة التسعينيات:
لقد تجسم مجهـود الدولـة في مجـال السكن في التسعينات بالعناية الكلية للبرامج السكنية الاجتماعية الموجهة للفئات المحرومة وبرزت معها الثانويات والجامعات لتضمن لأطفال الجزائر مقاعد دراسية في إطار سياسة ديمقراطية التعليم التي جعلت التعليم والتكوين يشكل إحدى الأوليات وبفضل هذه السياسة الرشيدة التي مكنت الجزائر من تكوين الآلاف من الإطارات والفنيين والعمال المتخصصين في كافة المجالات ومنها قطاع السكن والعمران الذي كانت لديه مدارس عليا ومراكز للتكوين المهني التي تمكنه من إعداد إطارات مؤهلة تستجيب لحاجيات القطاع المتنوعة من الإطارات والفنيين واليد العاملة المؤهلة في كل مجالات البناء والعمران.
ومنذ منتصف التسعينات، اعتبر قطاع السكن من الأولويات الكبرى في السياسة الاقتصادية و الاجتماعية للدولة الجزائرية على اعتبار أن إشكالية إنتاج السكن كانت دائما تشكل انشغالا بالغ الأهمية بالنسبة لكافة الحكومات الجزائرية المتتالية.
وبالفعل، فإن ارتفاع النمو الديموغرافي الذي رافقه نزوحا ريفيا معتبرا تضاعف خلال العشرية السوداء بالإضافة إلى التحولات الاجتماعية قد زاد من حدة أزمة السكن، لهذا كان لابد للسلطات العمومية أن تجند موارد هامة من ميزانية الدولة من أجل التصدي لهذه الوضعية و التخفيف من حدتها.
هكذا فبعد سنة 1996 أعيد النظر في السياسة المنتهجة، التي كانت تجعل الدولة تتدخل كليا في ميدان بناء السكن وكانت تضمن للعرض العمومي احتكارا شبه كلي، ومن ثمة إدخال رؤية جديدة تتلخص في إحلال فكرة الدولة المنظم محل الدولة المتعامل والمحتكر، وهذا ما أدى بعد ذلك إلى تطوير وتنويع صيغ عروض السكن أو الإعانات من أجل ملائمتها مع مدا خيل العائلات الجزائرية حتى تتم الاستجابة لأكبر عدد من الاحتياجات.
ج- ما بعد 1999:
انطلاقا من المخططات التوجيهية للتهيئة العمرانية ومخططات شغل الأراضي، تم التفكير بالتعاون مع دائرة تهيئة الإقليم في مسعى آخر، يتمثل في تحديد المواقع المحتملة لإنشاء المدن الجديدة للتقليل من الضغط على المراكز الحضرية المكتظة، فظهرت إلى الوجود في السنوات الأخيرة مدينة علي منجلي وماسينيسا بالشرق وعين تموشنت بالغرب إلى جانب مدينة سيدي عبد الله وبوينان مستقبلا.
وفي الوقت نفسه، زاد حجم الإنتاج وتنوع العرض وعرفت البرامج السكنية والمرافق العمومية تحسنا نوعيا وكميـا معتبرا، وفي هذا السياق تم خلال الفترة 1999-2003 إنجـاز 693280 مسكن بمختلف الصيغ، وهذا بمتوسط سنوي يتجاوز 138000 وحدة.
- ففي مجال السكن الاجتماعي تم إنجاز أكثر من 248107 مسكنا،
- 158692مسكن خاص بالبناء الذاتي
- 107257 مسكن متعلق بصيغة السكن الاجتماعي التساهمي
- 40278 مسكن أنجز من طرف المرقين العقارين.
- أما فيما يخص السكن الريفي فقد قدمت الدولة 138986 إعانة مالية وهذا بقصد التخفيف من النزوح الريفي وتثبيت سكانه بفضل برامج التنمية الريفية باعتبارها برامج تكميلية ترمي إلى النهوض الاقتصادي والاجتماعي بعالم الريف.
- 55000 سكـن بصيغـة البيع عن طريق الإيجار (عدل) ممولة من الخزينة العمومية و 65000 ستنجز لاحقـا وستمول من طرف صندوق الاحتياط والتوفير.
وكانت هذه النتائج الملموسة ترتكز على حلول واقعية و ملموسة لأزمة السكن وتعتمد أساسا على تنويع و تطوير صيغ عروض السكن أين أصبحت تتناسب مع مدا خيل الأسر وفئـاتـها الاجتماعية المختلفة.
و تجدر الإشارة، أن عرض السكن أثناء العشرية الأخيرة، لم يقتصر على الشرائح المحرومة حيث كانت السياسة المنتهجة تهدف إلى جعل عروض السكن أو الإعانات تتلاءم أكثر مع مدا خيل الأسر.
إضافة إلى السكن الاجتماعي الذي تموله الدولة كلية من ميزانيتها و يبقى مخصص فقط للأسر ذات الدخل الضعيف، نجد السكن الاجتماعي التساهمي الذي يمس الشرائح الاجتماعية ذات الدخل المتوسط، و يرتكز أساسا على تركيبة مالية مشتركة بين المساهمة الشخصية للمستفيد و إعانة الدولة، وعليه أصبحت هذه المساهمة الشخصية النقطة البارزة في المسعى الجديد الذي بادرت به الحكومة، كما يمكن للمستفيد من اللجوء للبنوك قصد الحصول على قرض بفوائد مقبولة.
و يستطيع المرقي العقاري الذي يساهم في انجاز برامج سكنية أن يتحصل على أرضية تابعة للأملاك الخاصة للـدولة عن طريق التنازل وبتخفيض يقدر بـ 80 % من التكلفة بالنسبة للسكن التساهمي والبيع عن طريق الإيجار، وهي تسهيلات و حافز إضافي يمنح للمستفيدين من هذه الصيغ و الذين يستفيدون، أيضا من إعانة مباشرة من الدولة دون تسديد تتراوح بين 400000 دج و 500000 دج حسب مستوى مدا خيل الأسر.
وما تجدر الإشارة إليه، هو أن هذه الصيغة عرفت إقبالا كبيرا في عدة ولايات التي أصبحت تنجز برامج سكنية سنوية معتبرة مثل ولاية سيدي بلعباس ووهران بالغرب قسنطينة وبرج بوعريريج في الشرق الجزائري على سبيل المثال.
و علاوة على هذا يجب التذكير بأنه شرع في سنة 2001 وضع صيغة البيع بالإيجار التي ظهرت تجسيدا لسياسة و عهد جديدين، حيث لم تعد الدولة العنصر الوحيد المطلق في إنجاز وتمويل المشاريع السكنية كما كانت قرابة أربع عشريات، مما جعـل هذه الصيغة الجديدة المدخلة على دائرة التمويل والتي يلعب فيها المستفيد دورا هاما من خلال المساهمة النسبية في تمويل المشروع، تلقى رواجا واسعا مكنت المواطنين من الاستفادة من سكنات في آجال و بمبالغ مالية معقولة تسدد على حده تصل إلى عشرين سنة. واليوم فإن هذه العملية لم تقتصر على الولايات الكبرى بل توسعت إلى 8 ولايات على مستوى التراب الوطني وهذا من خلال مشروع إنجاز 20000 سكن خلال برنامج 2001، إضافة إلى ذلك تجاوزت هذه الصيغة بسرعة كل التوقعات من حيث الإقبال الكبير وذلك بتوسيعها في مرحلة ثانية إلى 24 ولاية وهذا في إطار برنامج 2002 بمشروع 35000 سكن.
ومن جهة، التزم الصندوق الوطني للتوفير والاحتياط بتمويل برنامج متكونا من 65000 مسكن، 10000 وحدة في إطار برنامج 2003.
ومن بين الوسائل التي ساهمت في نجاح الصيغة، طريقة دفع ثمن السكنات، حيث حاولت التوافق مع الإمكانيات المالية للفئة الوسطى في المجتمع.
وحددت المساهمة الأولية للمستفيد في هذه الصيغة ب25% من ثمن تكلفة المسكن تدفع 10%منها عند عملية الدفع الأولى أما ال15 %الأخرى تدفع على مدى 03 سنوات بنسبة 5% في كل سنة.
وبالنسبة لباقي ثمن الشقة 75% فيدفع بالتقسيط خلال مدة 20 سنة كحد أقصى وذلك على شكل دفعات شهرية، وعند الانتهاء من المستحقات تتم عملية تحويل الملكية، كما يمكن تقليص مدة التحويل إذا قام المكتتب لهذه الصيغة بتسديد الثمن الإجمالي للمسكن.
ومن أجل إعادة الاعتبار إلى النسيج العمراني ومعالجة ظاهرة النزوح التي عرفتها الجزائر والتي تسعى الدولة للقضاء عليها لتعيد للمدن وجهها الحقيقي، نجد ظـاهرة الأحياء القصديرية أو كما يسمى بالسكن الهش الذي ما انفك يتكاثـر هنا وهناك بطريقة فوضوية لتصبح المدن محاصرة بأحياء فوضويـة تعكس الظروف الصعبـة التي مرت بها البلاد فالعاصمة لوحدها على سبيل المثال قد سجلت 24000 سكن هشا و544000 على المستوى الوطني لسنة 2003، قامت الدولة باتخاذ إجراءات ملموسة وسارعت بمعالجة الوضع عبر سياسة القضاء على السكن الهش بإعادة إسكان هؤلاء المواطنين في مساكن عصرية للأسر وتشجيع العائلات التي ترغب في العودة إلى الوسط الريفي.
وفي مجال التهيئة العمرانية، فقد أدخلت تعديلات مؤخرا عبر القانون رقم 04-05 المؤرخ في 14 أوت 2004 والذي يعدل ويتمم القانون رقم 90-29 المؤرخ في أول ديسمبر 1990 والمتعلق بالتهيئة والتعمير والذي يهـدف إلى الاحترام الصارم لمقاييس البناء والتعميـر على ضوء الدروس والتجارب التي استخلصت من زلزال مايو 2003 كمـا سيضع حـدا لانتشار السكنات الهشـة والبيوت القصديرية ويفرض على الجميع احترام مقاييس البناء المعاصر والمقاوم للزلازل.
وقد كان زلزال بومرداس والجهود الكبرى التي بذلتها الدولة ومؤسساتها والتضامن الشعبي إحدى التحديات الكبرى.
وفورا، وبعد الانتهاء من مرحلة التقييم، قامت السلطات العمومية بإحداث برنامج خاص بالتكفل بمنكوبي الزلزال، يتكون من مرحلتين:
-المرحلة الأولى:
خاصة بإعادة إسكان العائلات المنكوبـة في سكنات جاهزة حيث أنجز ما يزيد عن 7233 مسكن جاهز بولاية بومرداس و 3926 مسكن آخر بولاية الجزائر العاصمة، ما يمثل عدد إجمالي يقدر بـ 11159 سكن جاهز وضعت لفائدة العائلات المنكوبة و هـذا من مجـموع 17000 سـكـن جـاهـز مـنجـز. إضافة إلى وضع حوالي 6000 سكن اجتماعي تابع لدواوين الترقية والتسيير العقاري تحت تصرف المنكوبين بولاية الجزائر والولايات المجاورة لها في الشهور الأولى من وقوع هذه الكارثة الكبرى.
كما شرع في عملية الترميم وإصلاح و تمتين و تقوية البنايات المتضررة، مع إعادة تأهيل الحظيرة المتكونة من مـساكن جماعية مأهـولة بالمواطنين والمرافـق العمومية اللازمة للنشاط الاقتصادي والاجتماعـي والتربية والتعليم العالي.
وقد قدرت مجمل البنايات المرمّمة في ولاية الجزائر و بومرداس بـ 76134 مسكن، وسمحت العملية بعودة أكثر من 180000 منكوبا إلى سكناتهم قبل آجال قصوى.
- المرحلة الثانية:
خاصة ببناء المناطق المنكوبة، حيث شرع منذ عدة أشهر في بناء 20000 مسكن بولايتي الجزائر و بومرداس، منها5000 مسكن سيشرع في بنائها في المستقبل القريب بالمدينة الجديدة "بوينان" بولاية البليدة التي تحضى اليوم باهتمام كبير في مجال تهيئة الإقليم.
ومن أجل وضع حد للإهمال والتلاعب وتحديد المسؤوليات على إثر زلزال 23 مايو 2003 الذي ضرب منطقة الجزائر و بومرداس، تقرر اتخاذ إجراءات بخصوص فتح تحقيقات حول الغش و مختلف التجاوزات التي كانت السبب في ضخامة الكارثة خاصة في البنايات الخاصة وبرامج الترقية العقارية والتي لم يكن فشلها الرقابة التقنية.
وقد وضعت وزارة السكن و العمران بتاريخ 2 أوت 2003 شكوى رسمية لدى النائب العام لولاية الجزائر و بومرداس، من أجل فتح تحقيق قضائي لتحديد المسؤوليات لكل من لهم علاقة بقطاع البناء سواء من بعيد أو قريب.
وإن الملف بيد العدالة التي لها الحق وحدها الفصل في المخالفات.
5- الخاتمة
إن الهدف الذي حدده فخامـة رئيس الجمهورية السيـد عبد العزيز بوتفليقــة هـو تسليم مليون وحدة سكنيـة خــلال الخمس سنــوات المقبلــة مما يعني إنجــاز برنامج سنوي يتكون من 200.000 مسكن في المتوسط على امتداد الفترة 2004-2009.
ولتنفيذ هـذا البرنامــج الطموح، تم معاينة المواقع التي ستشيد فوقها المساكن والمرافق العمومية الضرورية سواء منها في المناطق العمرانية أو المناطق الريفية التي ستستفيد من حصة هامة في شكل إعانات توجه للبناء الريفي مما يدعم مجهود الدولة في مجال التنمية الريفية ويساهم في استقرار سكانها في ظروف حسنة وسيتواصل الجهد بمضاعفة العمل بالتعاون مع الأطراف المعنية ومؤسسات الدولة لضمان تمويل السوق الوطني بصفة مرضية بالنسبة لبعض الموارد التي لا يوفرها الإنتاج الوطني كالإسمنت، حديد الخرسانـة والخشب بتقديم التسهيلات الضرورية للمتعاملين المستوردين لتموين السوق بصفة منتظمة.
كما تجدر الإشارة إلى أن نقص اليد العاملـة المؤهلة في مختلف الاختصاصات التي لها علاقة بالسكن والبناء تعتبر إحدى العوامل التي يتعين التغلب عليها بتكاثف الجهود الوطنية لإنجاز البرامج في آجالهـا خاصة وأن السكن فضلا عن كونه حاجة ووظيفة اجتماعية فهو من العوامل الاقتصادية التي تساهم بفعالية في خلق الوظائف بالمساهمة في امتصاص البطالة وضمان التوازن الاجتماعي والعائلي.
وهكذا يمكن القول بأننـا قد أطلقنـا رهـانـا كبيـرا بإرادة قويـة للقضاء على أزمة السكن في الجزائر بإنتاج سكنـات وكل المرافق الضرورية للحياة العصرية في آجال مقبولـة، وبأسعار معقولـة ونوعيـة جيــدة.
الفهرس
1- مقدمة
2 – الحضيرة السكنية في الجزائر
3 - السياسات السكنية المنتهجة في العهد الاستعماري
أ- ما قبل 1958
ب- بعد 1958
4- السياسات السكنية المنتهجة بعد الاستقلال
أ- فترة السبعينيات
ب- فترة التسعينيات
ج- ما بعد 1999
5 - الخاتمة
المراجع :
- كلمة للسيد محمد نذير حميميد، وزير السكن والعمران في الذكرى الخمسين لاندلاع ثورة التحرير.
- الموقع الإلكتروني لوزارة السكن و العمران.
- محاضرات في مقياس التخطيط العمراني.
--------------------------------------------------------------------------------
1- مقدمة
عندمـا نلقي الضوء على تطــور قطاع السكن في الجزائر تنقلنـا الذاكرة إلى الظروف السكنية البائسـة التي كان يعيشها جل أبناء الجزائـر في المدن والأريـاف والجبال والصحـاري قبل عـام 1954 وعلى امتــداد الفتــرة الاستعمارية.
إلا أن تلك الصورة البائسـة لا يمكنهـا أن تظـل راسخـة في الأذهــان أمام الإنجازات الكبــرى من برامج سكنيــة التي حققتها الجزائـر والآفاق الواعــدة خلال السنـوات الخمسة (2004-2009) وذلك بإنجــاز مليـون وحـدة سكنيـة من مختلــف الصيـغ والأنمــاط .
علينـا أن نتذكــر تلك الظروف السكنيـة المأساويـة والقاسيــة التي كانــت تعيشهـا العائلة الجزائريـة على امتــداد فتــرة الاحتلال خاصة بخلق المناطق المحرومــة وإقامة المحتشــدات أثنــاء مرحلـة التحرير الوطني.
2 – الحضيرة السكنية في الجزائر
من أجل تقديم بعض الحقائـق نشيـر بأنـه إذا كـان الكثيـر منـا يعلـم بأن الحضيـرة السكنية في الجزائـر تقـارب 6 ملايين وحدة سكنيـة وبالتحديـد 5793311 وحدة سكنية، فإن القليـل منـا يدرك بأن مجموع الحضيرة السكنيـة التي سجلت على امتداد الفترة الاستعمارية أي 132 سنـة من الاحتلال لا تتعــدى في مجموعهـا علـى 85000 وحدة سكنيـة قبـل 1945 و 950000 وحــدة سكنيــة أنجزت خلال العشرية (1945-1954) و 148000 وحدة سكنية في الفترة ما بين 1954- 1962.
3 - السياسات السكنية المنتهجة في العهد الاستعماري
أ- ما قبل 1958
لم تكن هناك سياسة سكنية واضحة للمستعمر حيث كـان جـل الجزائريين يقطنـون سكنـات متواضعـة لا تتوفر لا على شبكة الميـاه ولا الكهربـاء بل كـان سكـان المدن يقطنون الأحياء القديمة التي تعرف بالقصبـة وهي الأحياء العتيقـة التي تجدهـا خاصـة في الجزائر العاصمـة وقسنطينـة وتلمسـان وهـي بناءات من النوع التقليــدي وعبارة عن سكنـات تقطنهـا جماعـات.
أما سكـان الأريـاف والجبال فكانـوا يعيشــون ظروفـا سكنيـة وصحيـة سيئــة نظـرا لكـون أغلبيـة هـذه المساكن المشيدة من الطوب تفتقر إلى الميـاه والكهرباء، بل كانت مثـل هذه العناصر تراود حلم الجزائريين وهي الأحلام التي تحققت بانتصار الجزائر، وعلى العكس كان السكن المعاصر يخصص للأقليـة الأوروبية المقيمة بالجزائر التي تقطن الأحياء الراقية.
ب- بعد 1958
تدل بعض المعطيـات المتوفـرة، أن الأغلبيـة الساحقـة من الجزائريين بقيت على هامـش السكن المعاصـر، بل لم نجد أثر للسكن الاجتماعي الذي يتقاسمه أقليـة من الجزائرييــن إلى جانب أغلبيــة أوروبيــة وهي برامج محدودة ظهرت إلى الوجود في منتصف الخمسينات من القرن 19 وخاصة مخطط قسنطينة المشهور عام 1958.
مخطط قسنطينة:
عندما سيطرت الدولة الفرنسية على المجال الجزائري، قام الشعب بعدة ثورات أهمها ثورة نوفمبر 1954 التي جاءت بالاستقلال والتي تعامل معها الفرنسيون على أنها عصيان مدني، فحاولوا دمج المجتمع الجزائري بمجتمعهم، فجاءوا بسياسات تخطيطية أهمها مخطط قسنطينة الذي أعلن عنه رسميا من طرف الجنرال ديغول في 03 أكتوبر 1958 .
أين اقترح ديغول:
-التنمية مقابل الاستسلام.
-الثروة مقابل عدم التمرد.
الرفاهية مقابل الاندماج.
أهدافه:
1-تحقيق معدل نمو سنوي مقدر ب6٪
2-العمل على إيصال الحياة العصرية لكل المناطق و ليس فقط المدن.
3-رفع نسبة العاملين في الإدارة الفرنسية إلى 10٪ .
4- إلحاق ثلثي الأطفال بالمدارس من أجل إعطائهم الثقافة الفرنسية وبالتالي عزل المواطنين عن الثورة.
5-تحقيق 400الف منصب شغل للجزائريين.
6-توفير السكن (إنجاز 250الف وحدة سكنية).
7-توزيع حوالي 250الف هكتار على الأهالي.
وقد كان السكن من المحاور الأساسية للتدخل أين احتل اهتماما كبيرا، فهو مؤشر من مؤشرات المستوى المعيشي وهدفه بناء 100000 مسكن كل سنة.
4- السياسات السكنية المنتهجة بعد الاستقلال
إن الثورة الجزائرية التي حملت شعــار " الثورة من الشعب وإلى الشعـب " كإحدى الثورات الشعبية الكبرى في القرن العشرين قد أعطت محتوى اجتماعي وإنساني في برامجها تجسد في فجر الاستقلال في انتهاج سياسة اجتماعية في مجال السكن مكنت أبناء مختلف فئات الشعب خاصة تلك الفئات الشعبية في المدن والأرياف التي تحملت الأعباء الكبيرة أثناء الثورة التحريرية باعتبار أن الريف هو الذي احتضن الثورة وأبنائه المحرومون قدموا قوافــل من الشهداء لتعيش الجزائر حرة مستقلة، فكان من باب الوفاء لمبادئ ومثل أول نوفمبر أن تحظى هذه الشرائح الاجتماعية برعاية خاصة عبر برامج خاصة في مجال السكن الاجتماعي والإعانات المقدمة للبناء الريفـي.
أ- فترة السبعينيات:
منذ السبعينـات أصبح مشكل السكن يشكل إحدى المعالم البارزة للأزمة التي عرفتهـا البلاد عل الرغم من الجهود التي بذلتهـا وتبذلهـا الدولـة الجزائريـة قصـد معالجة أزمة السكن من خلال إقرار برامج سكنيـة ومرافق عمومية من مدارس ومستشفيـات وحدائـق وبرامج خاصة للتنميـة التي مست العديد من الولايـات بهدف خلق شروط التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
وكما سبق ذكره فقـد أصبح الوضع العام في مجال السكن والعمران شائكا بحكم عوامل متعددة ضاعفت من آثار الأزمة ومنها:
- تزايد النمو الديمغرافي بنسبة بلغت 3.5% سنويـا.
- تمركز السكان فوق قطعة ساحلية محدودة المساحة عرضها لا يزيد عن 100 كلم وذات كثافة عمرانية عالية.
- تدهور البنايات القديمة إضافة إلى كون إمكانيات الخزينة محدودة لتمويل البرامج السكنية.
- النزوح الريفي الذي ضاعف من تواجد الأكواخ القصديريـة تحيط بالمدن الكبرى.
ب- فترة التسعينيات:
لقد تجسم مجهـود الدولـة في مجـال السكن في التسعينات بالعناية الكلية للبرامج السكنية الاجتماعية الموجهة للفئات المحرومة وبرزت معها الثانويات والجامعات لتضمن لأطفال الجزائر مقاعد دراسية في إطار سياسة ديمقراطية التعليم التي جعلت التعليم والتكوين يشكل إحدى الأوليات وبفضل هذه السياسة الرشيدة التي مكنت الجزائر من تكوين الآلاف من الإطارات والفنيين والعمال المتخصصين في كافة المجالات ومنها قطاع السكن والعمران الذي كانت لديه مدارس عليا ومراكز للتكوين المهني التي تمكنه من إعداد إطارات مؤهلة تستجيب لحاجيات القطاع المتنوعة من الإطارات والفنيين واليد العاملة المؤهلة في كل مجالات البناء والعمران.
ومنذ منتصف التسعينات، اعتبر قطاع السكن من الأولويات الكبرى في السياسة الاقتصادية و الاجتماعية للدولة الجزائرية على اعتبار أن إشكالية إنتاج السكن كانت دائما تشكل انشغالا بالغ الأهمية بالنسبة لكافة الحكومات الجزائرية المتتالية.
وبالفعل، فإن ارتفاع النمو الديموغرافي الذي رافقه نزوحا ريفيا معتبرا تضاعف خلال العشرية السوداء بالإضافة إلى التحولات الاجتماعية قد زاد من حدة أزمة السكن، لهذا كان لابد للسلطات العمومية أن تجند موارد هامة من ميزانية الدولة من أجل التصدي لهذه الوضعية و التخفيف من حدتها.
هكذا فبعد سنة 1996 أعيد النظر في السياسة المنتهجة، التي كانت تجعل الدولة تتدخل كليا في ميدان بناء السكن وكانت تضمن للعرض العمومي احتكارا شبه كلي، ومن ثمة إدخال رؤية جديدة تتلخص في إحلال فكرة الدولة المنظم محل الدولة المتعامل والمحتكر، وهذا ما أدى بعد ذلك إلى تطوير وتنويع صيغ عروض السكن أو الإعانات من أجل ملائمتها مع مدا خيل العائلات الجزائرية حتى تتم الاستجابة لأكبر عدد من الاحتياجات.
ج- ما بعد 1999:
انطلاقا من المخططات التوجيهية للتهيئة العمرانية ومخططات شغل الأراضي، تم التفكير بالتعاون مع دائرة تهيئة الإقليم في مسعى آخر، يتمثل في تحديد المواقع المحتملة لإنشاء المدن الجديدة للتقليل من الضغط على المراكز الحضرية المكتظة، فظهرت إلى الوجود في السنوات الأخيرة مدينة علي منجلي وماسينيسا بالشرق وعين تموشنت بالغرب إلى جانب مدينة سيدي عبد الله وبوينان مستقبلا.
وفي الوقت نفسه، زاد حجم الإنتاج وتنوع العرض وعرفت البرامج السكنية والمرافق العمومية تحسنا نوعيا وكميـا معتبرا، وفي هذا السياق تم خلال الفترة 1999-2003 إنجـاز 693280 مسكن بمختلف الصيغ، وهذا بمتوسط سنوي يتجاوز 138000 وحدة.
- ففي مجال السكن الاجتماعي تم إنجاز أكثر من 248107 مسكنا،
- 158692مسكن خاص بالبناء الذاتي
- 107257 مسكن متعلق بصيغة السكن الاجتماعي التساهمي
- 40278 مسكن أنجز من طرف المرقين العقارين.
- أما فيما يخص السكن الريفي فقد قدمت الدولة 138986 إعانة مالية وهذا بقصد التخفيف من النزوح الريفي وتثبيت سكانه بفضل برامج التنمية الريفية باعتبارها برامج تكميلية ترمي إلى النهوض الاقتصادي والاجتماعي بعالم الريف.
- 55000 سكـن بصيغـة البيع عن طريق الإيجار (عدل) ممولة من الخزينة العمومية و 65000 ستنجز لاحقـا وستمول من طرف صندوق الاحتياط والتوفير.
وكانت هذه النتائج الملموسة ترتكز على حلول واقعية و ملموسة لأزمة السكن وتعتمد أساسا على تنويع و تطوير صيغ عروض السكن أين أصبحت تتناسب مع مدا خيل الأسر وفئـاتـها الاجتماعية المختلفة.
و تجدر الإشارة، أن عرض السكن أثناء العشرية الأخيرة، لم يقتصر على الشرائح المحرومة حيث كانت السياسة المنتهجة تهدف إلى جعل عروض السكن أو الإعانات تتلاءم أكثر مع مدا خيل الأسر.
إضافة إلى السكن الاجتماعي الذي تموله الدولة كلية من ميزانيتها و يبقى مخصص فقط للأسر ذات الدخل الضعيف، نجد السكن الاجتماعي التساهمي الذي يمس الشرائح الاجتماعية ذات الدخل المتوسط، و يرتكز أساسا على تركيبة مالية مشتركة بين المساهمة الشخصية للمستفيد و إعانة الدولة، وعليه أصبحت هذه المساهمة الشخصية النقطة البارزة في المسعى الجديد الذي بادرت به الحكومة، كما يمكن للمستفيد من اللجوء للبنوك قصد الحصول على قرض بفوائد مقبولة.
و يستطيع المرقي العقاري الذي يساهم في انجاز برامج سكنية أن يتحصل على أرضية تابعة للأملاك الخاصة للـدولة عن طريق التنازل وبتخفيض يقدر بـ 80 % من التكلفة بالنسبة للسكن التساهمي والبيع عن طريق الإيجار، وهي تسهيلات و حافز إضافي يمنح للمستفيدين من هذه الصيغ و الذين يستفيدون، أيضا من إعانة مباشرة من الدولة دون تسديد تتراوح بين 400000 دج و 500000 دج حسب مستوى مدا خيل الأسر.
وما تجدر الإشارة إليه، هو أن هذه الصيغة عرفت إقبالا كبيرا في عدة ولايات التي أصبحت تنجز برامج سكنية سنوية معتبرة مثل ولاية سيدي بلعباس ووهران بالغرب قسنطينة وبرج بوعريريج في الشرق الجزائري على سبيل المثال.
و علاوة على هذا يجب التذكير بأنه شرع في سنة 2001 وضع صيغة البيع بالإيجار التي ظهرت تجسيدا لسياسة و عهد جديدين، حيث لم تعد الدولة العنصر الوحيد المطلق في إنجاز وتمويل المشاريع السكنية كما كانت قرابة أربع عشريات، مما جعـل هذه الصيغة الجديدة المدخلة على دائرة التمويل والتي يلعب فيها المستفيد دورا هاما من خلال المساهمة النسبية في تمويل المشروع، تلقى رواجا واسعا مكنت المواطنين من الاستفادة من سكنات في آجال و بمبالغ مالية معقولة تسدد على حده تصل إلى عشرين سنة. واليوم فإن هذه العملية لم تقتصر على الولايات الكبرى بل توسعت إلى 8 ولايات على مستوى التراب الوطني وهذا من خلال مشروع إنجاز 20000 سكن خلال برنامج 2001، إضافة إلى ذلك تجاوزت هذه الصيغة بسرعة كل التوقعات من حيث الإقبال الكبير وذلك بتوسيعها في مرحلة ثانية إلى 24 ولاية وهذا في إطار برنامج 2002 بمشروع 35000 سكن.
ومن جهة، التزم الصندوق الوطني للتوفير والاحتياط بتمويل برنامج متكونا من 65000 مسكن، 10000 وحدة في إطار برنامج 2003.
ومن بين الوسائل التي ساهمت في نجاح الصيغة، طريقة دفع ثمن السكنات، حيث حاولت التوافق مع الإمكانيات المالية للفئة الوسطى في المجتمع.
وحددت المساهمة الأولية للمستفيد في هذه الصيغة ب25% من ثمن تكلفة المسكن تدفع 10%منها عند عملية الدفع الأولى أما ال15 %الأخرى تدفع على مدى 03 سنوات بنسبة 5% في كل سنة.
وبالنسبة لباقي ثمن الشقة 75% فيدفع بالتقسيط خلال مدة 20 سنة كحد أقصى وذلك على شكل دفعات شهرية، وعند الانتهاء من المستحقات تتم عملية تحويل الملكية، كما يمكن تقليص مدة التحويل إذا قام المكتتب لهذه الصيغة بتسديد الثمن الإجمالي للمسكن.
ومن أجل إعادة الاعتبار إلى النسيج العمراني ومعالجة ظاهرة النزوح التي عرفتها الجزائر والتي تسعى الدولة للقضاء عليها لتعيد للمدن وجهها الحقيقي، نجد ظـاهرة الأحياء القصديرية أو كما يسمى بالسكن الهش الذي ما انفك يتكاثـر هنا وهناك بطريقة فوضوية لتصبح المدن محاصرة بأحياء فوضويـة تعكس الظروف الصعبـة التي مرت بها البلاد فالعاصمة لوحدها على سبيل المثال قد سجلت 24000 سكن هشا و544000 على المستوى الوطني لسنة 2003، قامت الدولة باتخاذ إجراءات ملموسة وسارعت بمعالجة الوضع عبر سياسة القضاء على السكن الهش بإعادة إسكان هؤلاء المواطنين في مساكن عصرية للأسر وتشجيع العائلات التي ترغب في العودة إلى الوسط الريفي.
وفي مجال التهيئة العمرانية، فقد أدخلت تعديلات مؤخرا عبر القانون رقم 04-05 المؤرخ في 14 أوت 2004 والذي يعدل ويتمم القانون رقم 90-29 المؤرخ في أول ديسمبر 1990 والمتعلق بالتهيئة والتعمير والذي يهـدف إلى الاحترام الصارم لمقاييس البناء والتعميـر على ضوء الدروس والتجارب التي استخلصت من زلزال مايو 2003 كمـا سيضع حـدا لانتشار السكنات الهشـة والبيوت القصديرية ويفرض على الجميع احترام مقاييس البناء المعاصر والمقاوم للزلازل.
وقد كان زلزال بومرداس والجهود الكبرى التي بذلتها الدولة ومؤسساتها والتضامن الشعبي إحدى التحديات الكبرى.
وفورا، وبعد الانتهاء من مرحلة التقييم، قامت السلطات العمومية بإحداث برنامج خاص بالتكفل بمنكوبي الزلزال، يتكون من مرحلتين:
-المرحلة الأولى:
خاصة بإعادة إسكان العائلات المنكوبـة في سكنات جاهزة حيث أنجز ما يزيد عن 7233 مسكن جاهز بولاية بومرداس و 3926 مسكن آخر بولاية الجزائر العاصمة، ما يمثل عدد إجمالي يقدر بـ 11159 سكن جاهز وضعت لفائدة العائلات المنكوبة و هـذا من مجـموع 17000 سـكـن جـاهـز مـنجـز. إضافة إلى وضع حوالي 6000 سكن اجتماعي تابع لدواوين الترقية والتسيير العقاري تحت تصرف المنكوبين بولاية الجزائر والولايات المجاورة لها في الشهور الأولى من وقوع هذه الكارثة الكبرى.
كما شرع في عملية الترميم وإصلاح و تمتين و تقوية البنايات المتضررة، مع إعادة تأهيل الحظيرة المتكونة من مـساكن جماعية مأهـولة بالمواطنين والمرافـق العمومية اللازمة للنشاط الاقتصادي والاجتماعـي والتربية والتعليم العالي.
وقد قدرت مجمل البنايات المرمّمة في ولاية الجزائر و بومرداس بـ 76134 مسكن، وسمحت العملية بعودة أكثر من 180000 منكوبا إلى سكناتهم قبل آجال قصوى.
- المرحلة الثانية:
خاصة ببناء المناطق المنكوبة، حيث شرع منذ عدة أشهر في بناء 20000 مسكن بولايتي الجزائر و بومرداس، منها5000 مسكن سيشرع في بنائها في المستقبل القريب بالمدينة الجديدة "بوينان" بولاية البليدة التي تحضى اليوم باهتمام كبير في مجال تهيئة الإقليم.
ومن أجل وضع حد للإهمال والتلاعب وتحديد المسؤوليات على إثر زلزال 23 مايو 2003 الذي ضرب منطقة الجزائر و بومرداس، تقرر اتخاذ إجراءات بخصوص فتح تحقيقات حول الغش و مختلف التجاوزات التي كانت السبب في ضخامة الكارثة خاصة في البنايات الخاصة وبرامج الترقية العقارية والتي لم يكن فشلها الرقابة التقنية.
وقد وضعت وزارة السكن و العمران بتاريخ 2 أوت 2003 شكوى رسمية لدى النائب العام لولاية الجزائر و بومرداس، من أجل فتح تحقيق قضائي لتحديد المسؤوليات لكل من لهم علاقة بقطاع البناء سواء من بعيد أو قريب.
وإن الملف بيد العدالة التي لها الحق وحدها الفصل في المخالفات.
5- الخاتمة
إن الهدف الذي حدده فخامـة رئيس الجمهورية السيـد عبد العزيز بوتفليقــة هـو تسليم مليون وحدة سكنيـة خــلال الخمس سنــوات المقبلــة مما يعني إنجــاز برنامج سنوي يتكون من 200.000 مسكن في المتوسط على امتداد الفترة 2004-2009.
ولتنفيذ هـذا البرنامــج الطموح، تم معاينة المواقع التي ستشيد فوقها المساكن والمرافق العمومية الضرورية سواء منها في المناطق العمرانية أو المناطق الريفية التي ستستفيد من حصة هامة في شكل إعانات توجه للبناء الريفي مما يدعم مجهود الدولة في مجال التنمية الريفية ويساهم في استقرار سكانها في ظروف حسنة وسيتواصل الجهد بمضاعفة العمل بالتعاون مع الأطراف المعنية ومؤسسات الدولة لضمان تمويل السوق الوطني بصفة مرضية بالنسبة لبعض الموارد التي لا يوفرها الإنتاج الوطني كالإسمنت، حديد الخرسانـة والخشب بتقديم التسهيلات الضرورية للمتعاملين المستوردين لتموين السوق بصفة منتظمة.
كما تجدر الإشارة إلى أن نقص اليد العاملـة المؤهلة في مختلف الاختصاصات التي لها علاقة بالسكن والبناء تعتبر إحدى العوامل التي يتعين التغلب عليها بتكاثف الجهود الوطنية لإنجاز البرامج في آجالهـا خاصة وأن السكن فضلا عن كونه حاجة ووظيفة اجتماعية فهو من العوامل الاقتصادية التي تساهم بفعالية في خلق الوظائف بالمساهمة في امتصاص البطالة وضمان التوازن الاجتماعي والعائلي.
وهكذا يمكن القول بأننـا قد أطلقنـا رهـانـا كبيـرا بإرادة قويـة للقضاء على أزمة السكن في الجزائر بإنتاج سكنـات وكل المرافق الضرورية للحياة العصرية في آجال مقبولـة، وبأسعار معقولـة ونوعيـة جيــدة.
الفهرس
1- مقدمة
2 – الحضيرة السكنية في الجزائر
3 - السياسات السكنية المنتهجة في العهد الاستعماري
أ- ما قبل 1958
ب- بعد 1958
4- السياسات السكنية المنتهجة بعد الاستقلال
أ- فترة السبعينيات
ب- فترة التسعينيات
ج- ما بعد 1999
5 - الخاتمة
المراجع :
- كلمة للسيد محمد نذير حميميد، وزير السكن والعمران في الذكرى الخمسين لاندلاع ثورة التحرير.
- الموقع الإلكتروني لوزارة السكن و العمران.
- محاضرات في مقياس التخطيط العمراني.