السلام عليكم جميعا .
الملحق أخي بالنسبة للطلب العمومي بمنزلة الدواء لمعالجة بعض الداء (كالزكام العابر) الغير متوقع الذي قد يصيب الصفقة.
أقول الزكام لأنه رغم التلقيح والتشخيص المسبق قد يصيب ربما بسبب تغير طارئ للمحيط أو البيئة الذي قد يتواجد بهما الطلب العمومي نفسه في الزمان أو في المكان من دون أن نستطيع توقع جميع مخالجه بصفة مطلقة. مما يتيح عند الضرورة القصوى تدخل الملحق كدواء لتصويب وتصحيح مسار الصفقة.
--------------------------------------------------------
ولذلك لا يجب أن نعاتب الملحق في ثمنه إذا كان باهظا أو تكرر عدده ، بقدر ما يجب أن نعاتب الملحق في مضمونه الذي يكون ربما جاء ليرخص إعادة تطعيم صفقة ضد مرض مزمن قديم أصابها ربما قبل ولادتها و لم يتم تشخيصه بصورة صحيحة في وقته .
--------------------------------------------------------
أنت حر أخي بأن ترى بأن الملاحق هي الداء وهي سبب الفساد وسبب البلوى، فهل إلغائها في جميع الأحوال هو الدواء الذي يحرر الطلب العمومي من إشكال تنفيذ الصفقة بصورة صحيحة.
ربما آخرون يرون عكس ذلك ، سببا آخر كنقص الضمانات بالصفقة هي سبب البلوى إن لم تكن وافية لتفادي نفقات إضافية كبيرة ، و ربما يرى آخرون بأن الداء والبلوى تكمن في دفتر الشروط الذي لا يحدد الحاجيات من حيث طبيعتها ومداها من طرف أهل الاختصاص وبالدقة المطلوبة.
أقول
بالدقة المطلوبة هنا أخي نفتح قوس بل عدة أقواس للحديث عن الحدود التي قد تشملها عبارة ا
لدقة المطلوبة.
والإقرار بتوفر الدقة المطلوبة لا يكون عادة إلا نسبيا وهنا نتكلم عن دور الرقابة أخي المنصوص عليها ، غير أن أعين الرقابة كما تعلم لا تتم إلا عبر منظار بل عدة مناظير تعمل بدرجات منها 2.5 من 10 ومنها 3 من عشرة إلى غاية 5 من 10 إلى هنا هذا لا يزعج لكن إذا تخطى ذلك وسار نحو 10 من 10 تصبح على أبصارها غشاوة ولا ترى الأمر بوضوح ربما عن قصد أو لجهلها.
فإذا كان الداء مجرد زكام عابر لم يكن متوقعا أصاب الصفقة حتى وإن كان بدرجة خطيرة فهنا نعالجه في حدود توازنها المالي بدواء أسمه الملحق أو بآلاف الملاحق مهما كانت باهظة الثمن .
أما إذا كان المرض مزمنا قديما موروثا وكان بالإمكان تشخيصه لكن لم يتم ذلك في أوانه عن جهل أو عن سوء نية فهنا استعمال دواء الملحق لتدارك ذلك مبدئيا مرفوض حتى وإن كان بثمن بخس.
وعليه لا يجب أن نعاتب هنا ثمن الملحق كما قلنا بل نعاتب الراعي الذي ترك الصفقة تأتي مريضة ومرضها قديم مزمن أصابها قبل ولادتها ولم يتم تشخيصه في أوانه كما يجب.
-------------------------------------------------------
أعطيك مثالا بسيطا جدا جدا ربما من خلاله تتفهم جزء من الأمر.صادفت في إحدى البلديات أين تم طرح دفتر شروط لإجراء مناقصة ، لغرض بناء هيكل طريق مع حماية جزء من الأرضية بحائط دعم من الخرسانة المسلحة .
بالنسبة لهيكل الطريق الأشغال تشمل بالخصوص جلب ووضع طبقة الأساس من حصى الوادي Tout Venant d’Oued بسمك 30 سم بكمية كبيرة تتعدى 9000 م3 .
بالقسم التقني لدفتر الشروط تم تحديد بصورة عادية طريقة استخراج المادة من مجرى الوادي وتكديسها وطريقة وضعها ورصها والمواصفات التقنية الحبيبية المطلوب توفرها في المادة.
بعد إبرام الصفقة و بعد أسبوع من تاريخ إصدار الأمر لبداية تنفيذها طلب المقاول شهادة إدارية تبين احتياج هذه المادة بالكمية المطلوبة في إطار الصفقة مع طلب أمر التوقيف إلى غاية الحصول على ترخيص الاستخراج لدى مصالح الري التي تسير المجال العمومي بخصوص الوديان.
لكن صاحب المشروع تفاجأ بطلب التوقيف وأصر على عدم التوقيف باعتبار أن تنفيذ المشروع مستعجل ولا يمكن التأخير ولا ليوم واحد وأن السيد الوالي شخصيا يتابع سير المشروع .
ثم طلب من المقاول يلومه ويؤنبه لماذا شاركت إذن في المناقصة وأنت لا تملك حصى الوادي ولا تستطيع جلبه. بعبارة (ماعندكش التوفنو علاش سوميسيونيت دبر راسك).؟؟؟؟
--------------------------------------------------------------
إلى هنا الأمر يبدو عاديا بالنسبة للمقاول لأن حصى الوادي مادة متداولة لكن تداولها لا يكون إلا بترخيص مسبق، و صاحب المشروع هنا يغرد خارج السرب.
------------------------------------------------------------
فإذا كان إصدار التراخيص لاستخراج حصى الوادي متوقف بالمنطقة التي يتواجد بها المشروع قبل إعداد الملحق فنتساءل لماذا تم تحديد إذن مادة حصى الوادي في منطقة لا ترخص استخراج وتداول المادة.
فهل كان هذا توجيه مسبق و غير معلن لمادة أخرى باهظة الثمن سيتم استبدالها لاحقا بواسطة ملحق.
أم أن تلك عفوية عادية فقط ناتجة عن الغشاوة على الأبصار التي قد يسببها كرسي السلطة التي تسير المال العام.؟
بل كيف تم الاعتماد أصلا على دفتر الشروط نفسه بهذه المعطيات الغير دقيقة و لماذا لم يتم تصحيحه قبل أن تولد الصفقة.
أمر غريب أيضا أن نأتي في نهاية الأمر أمام ملحق الاستبدال ونرفض المصادقة عليه متحججين ربما بثمنه الباهظ ، لأن الخاسر الأكبر لا يكون سوى المواطن الذي تتأخر استفادته بشكل أو بآخر من الطريق .
------------------------------------------------------------------
بالرغم من أنني أعي جيدا الظروف القاسية التي تسود العمل التقني بالبلديات والتسلط الإداري المزعج الذي يعاني منه التقنيون وفرض رقابة مزعجة في المواظبة والحضور (من 08 إلى 12 ومن الواحدة إلى 4 والنصف) في وقت يعاملون كإداريين وكأنهم يعملون بالشبابيك المفتوحة أمام الجمهور، في حين مكان عملهم الغالب هو الميدان وضرورة استمرار تواجدهم بغض النظر عن التوقيت الرسمي سواء بالميدان أو عبر فحصهم لكل كبيرة وصغيرة تخص إعداد دفاتر الشروط أو تنفيذ الصفقات.. أ,...إلخ.
---------------------------------------------------------------------
حتى وإن رفضنا الملحق وألغينا كل شيء وتم فسخ الصفقة وإعادة إجراءات جديدة بتحديد بدفتر الشروط مادة أخرى متوفرة بدلا من حصى الوادي.
وتم تعيين مقاولة أخرى وإبرام صفقة جديدة وتم إنجاز طبقة الأساس .
وتقدمنا في تنفيذ المشروع بأكثر من 50 بالمائة لكن عند بداية إنجاز حائط الدعم تبين ضرورة استعمال إسمنت من نوع خاص مقاوم للملوحة بدلا من الاسمنت العادي . باعتبار الطريق بجوار البحر ومنسوب مياه الأرضية ذات ملوحة . وأن دفتر الشروط لم يفصل ذلك بدقة ولم يشر إلى استعمال الاسمنت من نوع خاص واكتفى فقط بتحديد التركيز ولم يشر إلى وجود مخططات تنفيذ أين بقي مخطط التنفيذ بالأدراج ولم تدرج بمكونات دفتر الشروط أصلا عند طرح المناقصة.
نفس السيناريو يتكرر يجب استبدال طبيعة الاسمنت المستعمل أي تغيير طفيف في السعر بواسطة ملحق ثاني . وهلم جر .....
ولا نعاتب هنا الملحق الثاني أو ثمنه ولا يمكننا الوقوف أمام عبوره واعتماده لأننا كتقنيين متيقنين بأنه لا يجب أن نسمح بإنجاز خرسانة أسمنتها يتأثر في وسط ذا ملوحة كبيرة ونحن نعلم بأنه عاجلا سوف يتدهور و لن يحمي حديد التسليح بكفاية من التآكل ومن الصدأ المبكر.....إلخ.
------------------------------------------------------------
وعليه أخي فمن العبث أن نترك مدخل ومبدأ القناة حر العبور ونأتي في نهاية مصبها ونحاول بسذاجة وضع مصفاة أو سدادة لمنع العبور.
في صيرورة الصفقة ( التي تبدأ بفكرة تستوجبها الحاجة ثم شروطا مسبقة لتكريس الفكرة ثم تدقيقا يتطلبه الواقع ثم إطارا يسير وفقه التنفيذ وقد يتطلب حسن سير التنفيذ اللجوء أحيانا إلى ملاحق) فإذا سلمنا بأن كل المراحل هذه على ما يرام فقط هناك مشكل وإشكال واحد ووحيد اسمه الملحق سوف نحبسه و نلغيه .
سيقف الملحق عندئذ صارخا *حبستموني و أنتم تعلمون أن وراء الأكمة ما وراءها*
فلا يجب أن نتوهم (ونتغافل عما وراء الأكمة) لأن الوهم نصف الداء ، و الاطمئنان نصف الدواء ، و الصبر أول خطوات الشفاء.
فالكل يطلب الدواء الذي يوافق علته ولا يلزمه غيره.
والأصل في كل الأمر هو العمل والتفاني في الحماية من الداء وليس في رفض إعطاء الدواء.
------------------------------------------------------------
في الختام أنا أرى بأن الملاحق ليست هي الداء بل هي دواء و إلغاء الملحق كمنع إعطاء الدواء و كترك العلاج و ترك العلاج يعد انتحارا.
فلو قضي على الداء بطل الدواء.
كما أن اعتبار إلغاء الملحق دائما هو الدواء، فلو عالج الطبيب جميع مرضاه بنفس الدواء لمات معظمهم.
والشعوب، أخي التي تفشل في تشخيص أمراضها مبكرا و بشجاعة تموت نتيجة تناول الدواء الخطأ.
أتمنى أن تكون الفكرة قد وصلت .
ودمتم طيبين