لقد أقر دستور 1976 ممارسة الحق النقابي في المادة 60 منه ثم أكّده وكرسه دستور 1989 في المادة 53 منه، وكذلك دستور 1996 في المادة 56 منه.
وبالإسناد إلى هذه المبادئ العامة الواردة بالدستور، فإن الأمر اقتض إصدار قوانين متحلقة ومنظمة لكيفيات ممارسة الحق النقابي.
حيث تنص المادة 18 من القانون النموذجي لعمال المؤسسات والإدارات رقم 85/59 على الاستمتاع بالحق النقابي حيث جاء فيها ما يلي: "يمارس العمال الحق النقابي حسب الشروط المقررة في التشريع والتنظيم المعمول بهما".
وهكذا صدر القانون المتعلق بممارسة الحق النقابي رقم 14-90، ويحقق الأهداف الأساسية التالية:
- ترسيخ الحريات الأساسية في عالم الشغل.
- تعزيز أسس الحوار وتنظيم مشاركة النقابة في المؤسسة.
- الحث على التمثيل الديمقراطي للمتعاملين الاجتماعيين.
- الحرية في إنشاء التنظيمات النقابية، بما يترتب عنه الأخذ بالتعددية المكرسة في دستور 89، حيث نصت على ذلك المادة الثالثة من القانون 90-14 بقولها: "يحق للعمال الأجراء من جهة والمستخدمين من جهة أخرى، أن يكوّنوا لهذا الغرض تنظيمات نقابية أو ينخرطوا انخراطا حرا وإراديا في تنظيمات موجودة شريطة أن يمتثلوا للتشريع المعمول به والقوانين الأساسية لهذه التنظيمات النقابية".
فالقانون المذكور أعلاه (90-14) يحدد وينظم كيفية تأسيس التنظيمات النقابية، وتسييرها.
- شروط التأسيس:
تنص المادة (6) من القانون 90-14 على ما يلي: "يمكن للأشخاص المذكورين في المادة الأولى أعلاه أن يؤسسوا تنظيما نقابيا إذا توفرت فيهم الشروط الآتية:
- أن تكون لهم الجنسية الجزائرية الأصلية أو المكتسبة منذ 10 سنوات على الأقل.
- أن يتمتعوا بحقوقهم المدنية والوطنية.
- أن يكونوا راشدين.
- ألا يكون قد صدر منهم سلوك مضاد للثورة التحريرية.
- أن يمارسوا نشاطا له علاقة بهدف التنظيم النقابي"
* الأشخاص المذكورين في المادة الأولى هم: العمال الأجراء والمستخدم.
- الإجراءات:
حسب المادة السابعة من القانون 90-14 يكون تأسيس التنظيم النقابي بعد جمعية عامة تضم الأعضاء المؤسسين، ويتم التصريح بهذا التأسيس بناء على طلب أعضائه بعد إيداع التصريح لدى السلطات العمومية ممثلة في والي الولاية التي يوجد بها مقر التنظيمات النقابية ذات الطابع البلدي أو المشترك بين البلديات أو الولاية أو لدى وزير العمل فيما يتعلق بالتنظيمات الوطنية.
كما يسلم وصل تسجيل تصريح التأسيس من قبل السلطة العمومية المختصة خلال ثلاثين يوما (30) على الأكثر من تاريخ إيداع الملف، ثم يشهر في جريدة وطنية يومية على الأقل على نفقة التنظيم.
- الملف:
برفق تصريح التأسيس بملف يشتمل على ما يلي:
- قائمة تحمل أسماء وتوقيع الأعضاء المؤسسين، وهيآت القيادة والإدارة، وكذا حالتهم ومهنتهم وعناوين مساكنهم وإقاماتهم.
- نسختان طبق الأصل من القانون الأساسي مصادق عليهما.
- محضر الجمعية العامة.
* حقوق وواجبات أعضاء التنظيمات النقابية:
يتمتع الأعضاء بالحقوق الواردة في القانون المتعلق بالممارسة النقابية المعدل بالقانون رقم 91-30 بتاريخ 21-12-1991 والأمر رقم 26-12 المؤرخ في 10 جوان 1996. كما يلتزم الأعضاء أيضا بالواجبات المحددة في هذه القوانين. ويحق لأي عضو المشاركة في قيادة وإدارة التنظيم حسب قانونه الأساسي ونظامه الداخلي، كما يمنع أي شخص معنوي أو طبيعي من التدخل في تسيير تنظيم نقابي إلا في الحالات المنصوص عليها قانونا صراحة.
يكتسب التنظيم النقابي الشخصية المعنوية والأهلية المدنية بمجرد تأسيسه طبقا للمادة (8) من القانون، وعلى هذا الأساس يمكنه القيام بما يلي:
- التقاضي سواء مدعي أو مدعى عليه.
- ممارسة الحقوق المدنية أو المخصصة للطرف المدني لدى الجهات القضائية، المختصة عندما تلحق الأضرار التنظيم النقابي سواء تعليق الأمر بمصالح أعضائه الفردية أو الجماعية أو المادية والمعنوية
- إبرام العقود والاتفاقيات التي لها علاقة بهدفه.
- اقتناء أملاك منقولة أو عقارية مجانا أو بقابل لممارسة النشاط المنصوص عليه في قانونه الأساسي ونظامه الداخلي.
- كما يحق للتنظيمات النقابية في إطار التشريع والتنظيم المعمول بهما الانخراط في التنظيمات النقابية الجهوية أو القارية أو الدولية التي تنشد نفس الأهداف أو المماثلة لها.
* منح التسهيلات:
يحق للمندوبين النقابيين التمتع بحساب عشر (10) ساعات في الشهر مدفوعة الأجر كوقت فعلي لممارسة مهمتهم النقابية. ويمكن للمندوبين النقابيين أن يجمعوا أو يقتسموا فيما بينهم مجموع حساب الساعات الممنوحة أياهم بعد موافقة المستخدم (المادة 46 من القانون المنظم للحق النقابي 90-14). كما تنص المادة 47 على أنه: "لا يدخل في حساب الساعات الشهري الممنوح بمقتضى المادة 46 أعلاه، الوقت الذي يقتضيه المندوبون النقابيون في الاجتماعات التي يستدعون إليها بمبادرة من المستخدم أو التي يقبلها بناء على طلبهم. كما لا يؤخذ بعين الاعتبار الغيابات التي يرخص بها المستخدم ليمكن المندوبين النقابيين من المشاركة في ندوات مؤتمرات التنظيمات النقابية وفي ملتقيات التكوين النقابي". انظر المادة 47 مكرر المضافة بالقانون رقم 91-30 المؤرخ في 21-12-1991.
- يجب على المستخدم أن يضع تحت تصرف التنظيمات النقابية التمثيلية المذكورة في المادة 40 من القانون، الوسائل الضرورية لعقد اجتماعاتها، ولوحات إعلامية موضوعة في أماكن ملائمة.
- كما يضع المستخدم تحت تصرف التنظيم النقابي التمثيلي محلا ملائما، إذا ضم التنظيم أكثر من 150 عضوا (م48).
- يمكن للتنظيمات النقابية للعمال الأجراء الأكثر تمثيلا على الصعيد الوطني أن تستفيد من إعانات الدولة في إطار التشريع المعمول به، وحسب المقاييس والكيفيات المحددة عن طريق التنظيم.
* موارد وممتلكات التنظيم النقابي: تتكون الموارد مما يلي:
1- اشتراكات أعضاء التنظيم النقابي.
2- المداخيل المرتبطة بنشاطات التنظيمات النقابية.
3- الهبات والوصايا، وهذه تكون بشروط، كما أنها إذا كانت من هيآت أجنبية فهي لا تقبل إلا بعد موافقة السلطات العمومية المعنية، التي يجب عليها التأكد من مصدرها، وعدم معارضتها للأهداف المسطرة في القانون الأساسي للتنظيم النقابي، تتحقق السلطات من أن هذه الهبات والوصايا لا تتولد عنها ضغوطا من الهيآت والجهات الواهبة.
4- الإعانات المحتملة للدولة.
ملاحظة: فيما يخص الهبات والوصايا، على التنظيم النقابي ألا يقبل بها إذا كانت مثقلة وشروط تتنافى مع الأهداف المسطرة في القانون الأساسي للتنظيم، وأحكام هذا القانون (90-14).
- توقيف التنظيم النقابي وحله:
يمكن أن يطلب من الجهات القضائية المختصة، وذلك على رفع دعوى من طرف السلطات العمومية المعنية توقيف نشاط أي تنظيم نقابي إذا كان يمارس نشاطا مخالفا للقوانين المعمول بها، أو غير منصوص عليه في قوانينه الأساسية. وتوضع الأختام على أملاكه، دون الإخلال بالقوانين والأنظمة المعمول بهما. وتنتهي هذه التدابير بقوة القانون إذا رفضت الجهة القضائية المختصة الدعوى وذلك بصرف النظر عن أي سبيل آخر للطعن.
أما فيما يتعلق بحل التنظيم النقابي، فيمكن أن يصل بشكل إرادي، إذ يعلن أعضاؤه أو مندوبوهم عن حل التنظيم إراديا طبقا للأحكام والقواعد المنصوص عليها في القانون الأساسي.
أما إذا تم حله عن طريق آخر، عندما يمارس التنظيم النقابي نشاطات مخالفة للقانون أولئك التي ينص عليها قانونها الأساسي.
ويسري أثر الحل ابتداء من تاريخ إعلان الحكم القضائي بصرف النظر عن جميع طرق الطعن (أي أنه حكم نهائي) (المادة 31 معدلة)، كما يمكن للمحكمة أن تأمر بمصادرة أملاك التنظيم النقابي موضوع الحل القضائي بناء على طلب النيابة العامة، دون الإخلال بالأحكام الأخرى الواردة في التشريع المعمول به.
لا يمكن أن تؤول (ترجع) أملاك التنظيم النقابي موضوع الحل إلى أعضائه، غير أن يمكنهم استعادة مساهماتهم العقارية على حالتها يوم وقوع الحل.
تخول استعادة المساهمات العقارية طبقا للقانون الأساسي.
- التنظيمات النقابية التمثيلية:
في مجال التمثيل تنص المادة 35 من القانون رقم 90-14 معدّلة بالأمر 91-30 مؤرخ 21-12-1991 ومتمَّمة بالأمر رقم 96-12 المؤرخ في 10-06-1996 على ما يلي: "تعتبر تمثيلية داخل المؤسسة المستخدمة التنظيمات النقابية للعمال التي تضم 20% على الأقل من العدد الكلي للعمال الأجراء الذين تغطيهم القوانين الأساسية لهذه التنظيمات النقابية أو التنظيمات النقابية التي لها تمثيل 20% على الأقل في لجنة المشاركة إذا كانت موجودة داخل المؤسسة.
يتعين على التنظيمات النقابية المذكورة في الفقرة الأولى أعلاه إبلاغ المستخدم أو السلطة الإدارية المختصة حسب الحالة في بداية كل سنة مدنية بكل العناصر التي تمكنها من تقدير تمثيلية هذه المنظمات ضمن الهيأة المستخدمة الواحدة لاسيما عدد منخرطيها واشتراكات أعضائها."
(أنظر المواد 36 مكرر و37 مكرر و38).
- حماية النقابيين:
يحمي القانون النقابيين من أي تعسف قد يصدر عن الهيأة المستخدمة، ويقرر توقيع عقوبات جزائية على كل من يقوم بعرقلة العمل النقابي.
تنص المادة (50) من الق 90-14 على أنه: "لا يجوز لأحد أن يمارس أي تمييز ضد أحد العمال بسبب نشاطاته النقابية إبان التوظيف والأداء وتوزيع العمل، والتدرج والترقية خلال الحياة المهنية، وعند تحديد المرتب، وكذلك في مجال التكوين المهني، والمنافع الاجتماعية".
المـادة 51 "لا يجوز لأحد أن يمارس ضد العمـال ضغوطـا أو تهديدات تعارض التنظيم النقابي ونشاطاته".
المادة 53 مكرر "لا يحق للمستخدم أن يسلط عقوبة العزل أو التحويل أو أية عقوبة تأديبية على أي عضو في الهيئة التنفيذية القيادية للهيكل النقابي المنصوص عليه في المادة 40 بسبب نشاطاته النقابية وفقا للتشريع المعمول به".
المادة 56 معدّلة ومتممة "يعد كل عزل لمندوب نقابي خرقا لأحكام هذا القانون باطلا وعديم الأثر. ويعاد إدماج المعني في منصب عمله، وترد إليه حقوقه بناء على طلب مفتش العمل، وبمجرد ما يثبت هذا الأخير المخالفة.
وفي حالة رفض مؤكد من قبل المستخدم للامتثال في أجل ثمانية أيام (8) يحرر مفتش العمل محضرا بذلك ويخطر الجهة القضائية المختصة التي تثبت في أجل لا يمكن أن يتجاوز سنتين (60) يوما بحكم نافذ بصرف النظر عن الاعتراض أو الاستئناف".
فيما يتعلق بالشق الجزائي، فالباب الخامس من القانون رقم 90-14 يورد أحكاما جزائية ضد كل من يعرقل العمل النقابي، ويحاول الحد من حرية ممارسة الحق النقابي.
(أنظر المواد من 58 إلى 61 من القانون المذكور أعلاه)
ملاحظة: يخضع العمال الأجراء التابعون للدفاع والأمن الوطنيين لأحكام خاصة.