هذا هو المشكل ... عدم الفصل بين كل من المراقب المالي و الآمر بالصرف و المحاسب ... كل واحد منهما مسؤول مسؤولية محددة قانونا ...
مسؤولية المراقب المالي و المحاسب هي في المقام الأول و الأخير الحفاظ على المال العام و على شرعية النفقة ... و ليسا مسؤولين عن أمور هي من صميم صلاحيات الآمر بالصرف و مسؤوليته...
يمكن للآمر بالصرف أن يختار إقتناء هذه المادة أو تلك و لا يستطيع المراقب المالي ولا المحاسب أن يعقب على إختياره هذا .. و لكن الآمر ملزم بأن يثبت للمراقب المالي و للمحاسب أن إختياره هذا لا يخالف نصا قانونيا قائما و ساري المفعول ... و إذا إتضح أن الآمر بالصرف قد أخطأ في إختياره فلن يتحمل المراقب المالي أو المحاسب تبعات سوء الإختيار.
بالعودة إلى السؤال ... حين يرى الآمر بالصرف أن لا حاجة لإبرام عقد مكتوب .. فهو مسؤول عن تبعات قراره هذا ...
و لكن حيث أن للمراقب المالي و للمحاسب دور إستشاري ، فلا يجب أن ننكر عليهما الحق بل الواجب المتمثل في " تنوير " و لفت إنتباه الآمر بالصرف .. و على الآمر بالصرف ( و مستخدمي هيئته ) أن يتحلى برحابة الصدر .. فحين يكون رأي المراقب المالي و المحاسب وجيها يكون من السذاجة عدم الأخذ برأيهما .. و بالمقابل يجب أن يتحلى المراقب المالي و المحاسب بسعة النظر .. فليس كل طلب عمومي يقتضي إبرام عقد مكتوب ... لا اتصور شخصيا أن توريد أقلام و أوراق و حافظات أرشيف يقتضي إبرام عقد ... و أيضا لا أتصور ان قسيمة طلب تكفي لضمان حق المصلحة االمتعاقدة حين يتعلق الأمر بإقتناء تجهيزات أو تنفيذ خدمات معينة ...
علينا في هذه النقطة أن نستعمل المنطق السليم .. فالنصوص القانونية وحدها لا تجيب بشكل مقنع و حاسم عن السؤال المطروح.