[size=7]
[b]الرشوة و استغلال النفوذ




خـطة المذكـرة

المـقـدمـة
الفصل الأول: ماهية جريمتي الرشوة و إستغلال النفوذ
المبحث الأول: ماهية جريمة الرشوة
المطلب الأول: تعريف جريمة الرشوة
الفرع الأول: تعريف جريمة الرشوة لغة و إصطلاحا و فقها
الفرع الثاني: تعريف جريمة الرشوة قانونا
الفرع الثالث: موقف المشرع الجزائري
المطلب الثاني: أركان جريمة الرشوة
الفرع الأول: الركن المادي
الفرع الثاني: الركن المعنوي
الفرع الثالث: الركن المفترض
المطلب الثالث: أنواع جريمة الرشوة
الفرع الأول: جريمة الرشوة السلبية
الفرع الثاني: جريمة الرشوة الإيجابية
الفرع الثالث: جريمة الوسيط
المطلب الرابع: العقوبات المقررة لجريمة الرشوة
الفرع الأول: العقوبة الأصلية
الفرع الثاني: العقوبة التكميلية
الفرع الثالث: العقوبة المشددة
المبحث الثاني: ماهية جريمة إستغلال النفوذ
المطلب الأول: تعريف جريمة إستغلال النفوذ
الفرع الأول: تعريفه جريمة إستغلال النفوذ الإصطلاحي و الفقهي
الفرع الثاني: تعريف جريمة إستغلال النفوذ قانونا
الفرع الثالث: موقف المشرع الجزائري
المطلب الثاني: أركان جريمة إستغلال النفوذ
الفرع الأول: الركن المادي
الفرع الثاني: الركن المعنوي
الفرع الثالث: الركن المفترض
المطلب الثالث: أنواع جريمة إستغلال النفوذ و هدفها
الفرع الأول:نفوذ حقيقي
الفرع الثاني: نفوذ مزعوم
الفرع الثالث: هدف إستغلال النفوذ
المطلب الرابع: العقوبات المقررة لجريمة إستغلال النفوذ
الفرع الأول: العقوبة الأصلية
الفرع الثاني:العقوبة التكميلية
الفرع الثالث: العقوبة المشددة


الفصل الثاني: مقارنة بين جريمتي الرشوة و إستغلال النفوذ و أثارهما و
أسباب قيامهما و مساعي مكافحتهما
المبحث الأول: مقارنة بين جريمتي الرشوة و إستغلال النفوذ و أثارهما
المطلب الأول: مقارنة بين جريمتي الرشوة و إستغلال النفوذ
الفرع الأول: من حيث الطبيعة القانونية
الفرع الثاني: من حيث الهدف
الفرع الثالث: من حيث الصيغة
المطلب الثاني: أثار جريمة الرشوة
الفرع الأول: الأثار الإجتماعية و الثقافية
الفرع الثاني: الأثار السياسية
الفرع الثالث: الأثار الإقتصادية
المطلب الثالث: أثار جريمة إستغلال النفوذ
الفرع الأول: الأثار على مستوى الجهاز الإداري
الفرع الثاني: الأثار على المستوى الإجتماعي
الفرع الثالث: الثار على المستوى السياسي
المبحث الثاني:أسباب قيام جريمتي الرشوة و إستغلال النفوذ
المطلب الأول: أسباب قيام جريمة الرشوة
الفرع الأول: أسباب إدارية
الفرع الثاني: أسباب إجتماعية
الفرع الثالث: أسباب سياسية
المطلب الثاني: أسباب قيام جريمة إستغلال النفوذ
الفرع الأول: أسباب إدارية
الفرع الثاني: أسباب إجتماعية
الفرع الثالث: أسباب سياسية
المطلب الثالث: المساعي المقترحة لمحاربة جريمتي الرشوة و إستغلال النفوذ
الفرع الأول: المساعي الداخلية لمحاربة جريمتي الرشوة و إستغلال النفوذ
الفرع الثاني: المساعي العربية لمحاربة جريمتي الرشوة و إستغلال النفوذ
الفرع الثالث: المساعي الدولية لمحاربة جريمتي الرشوة و إستغلال النفوذ

الـخـاتـمـة
مـقــدمـة
مقدمة: شهدت السنوات الأخيرة تصاعدا ملموسا في ظهور قضايا الفساد المالي و الإداري التي كشفت عنها مختلف أجهزة الرقابة و الضبط، و عالج القضاء عددا من هذه القضايا و أصدر أحكاما قاسية بحق مرتكبيها، و تضمنت القضايا بالنسبة لكبار الموظفين إرتكاب جرائم الرشوة و التربح من الوظيفة لغرض تكوين ثروات،و الإفتراض من البنوك بضمانات وهمية أو بغير ضمانات أحيانا، و عدم سداد تلك القروض أو فوائدها، ومغادرة البلاد إلى دول أوروبية لا يوجد معها إتفاقات أو معاهدات بتبادل تسليم المجرمين، و قد تباينت التقديرات بشأن كميات الأموال التي نهبت من البنوك العامة و الخاصة طوال السنوات العشر الماضية و وصل بعضها إلى أرقام خيالية، غير أنه لا يوجد تقدير رسمي محدد.
و على ذلك فالرشوة فعل مؤثم، يستغل به الموظف أو ذو الصفة العامة ما لوظيفته من سلطات و إمكانات لغير الغرض الذي وضعت له و بحيث يجعل هذه السلطات تحقق منفعته الذاتية و ليس منفعة المواطنين الذي يجب أن يخدمه الموظف،و يكون ذلك بأن يطلب لنفسه أو لغيره أو يقبل عطية أو يأخذ وعدا لأداء عمل أو يمتنع عن أداء عمل أو أعمال وظيفته بمعنى أن يحصل على مقابل للإخلال بواجبات وظيفته إيجابا أو سلبا، وهي جريمة خطيرة تكشف بجلاء عن تدهور الأخلاق و غيبة الضمير و عدم الإعتياد بالقانون و تجاهل اللوائح المنظمة للوظائف، و تتمثل العطية المطلوبة في منفعة مادية أي مقابل مالي الإخلال بواجبات الوظيفة أو بمقابل معنوي بمعنى الحصول على خدمة أو فعل كالرشاوي الجنسية بغير وجه حق نظير الإخلال بواجبات الوظيفة و بالطبع فإن جريمة الرشوة ليست وليدة هذا العصر و لكنها عرفت منذ القدم، و ربما كان الفارق بينهما أنها الآن أكثر شيوعا، و تشمل كبار الموظفين و صغارهم على السواء و هو ما يطرح تساؤلات كبرى عن حجم الخلل في البناء الإجتماعي و التقصير السائد الآن في المجتمع، و كذلك دور الضغوط الإقتصادية المتزايدة، كمبرر لمثل هذه الجرائم و هو ما يتطلب دراسات تفصيلية و ميدانية معمقة قبل الوصول إلى أحكام عامة.
إن أحد التساؤلات التي تطرح نفسها في قضايا الفساد، تتعلق بالأسباب التي تدفع بعض المنحرفين من الموظفين إلى طلب الرشوة و الإخلال بوظيفتهم العامة و هنا يشار إلى نوعين من الأسباب:
الأول:هو قلة دخل الموظف و حاجته إلى زيادة دخله لمواجهة أعباء الحياة الخاصة مع إرتفاع تكاليف المعيشة، و هو ما يقول به عادة صغار الموظفين الذين يتم ضبطهم و يعترفون بهذه الجريمة.
الثاني:يتعلق بمواصفات ذوي النفوس الضعيفة، بمعنى القابلية للإنحراف و موت الوازع الداخلي أي الضمير و الرغبة الجامحة في الإستزادة في المال الحرام.
و يعتقد "صموئيل هانتتون" يكون الفساد أكثر تفشيا في الدول التي تفتقد لوجود أحزاب سياسية فاعلة أو تعاني أحزابها من الضعف، و كذلك في النظم المهيمنة عليها مصالح الفرد أو العائلة أو العشيرة و المسعى الأساس لفرض سياسة تفشي الرشوة و الفساد الإداري في مؤسسات الدولة هو لخلق نظام جديد يساعد في إستقرار نظام الحكم، و بالتالي إستخدام هذا النظام كخط دفاعي أول لواجهة المجتمع بمعنى آخر توريط قطاعات واسعة من المجتمع بالمساهمة في النظام الجديد و حينئذ تصبح المقولة الشائعة " الشعب قاس فما ذنب السلطة " أكثر شرعية لتبرئة النظام.
و على ضوء ما سبق نطرح الإشكال التالي:
ماهي العوامل التي أدت إلى تفشي ظاهرة الرشوة و من المسؤول على ذلك و ما هو موقف المشرع الجزائري مع تبيان الإجراءات المتخذة للحد من خطورتها؟

و لذا سنحاول الإجابة عليها وفق الخطة المنهجية التالية:
قسمنا موضوعنا إلى فصلين:
الفصل الأول تناولنا فيه جريمتي الرشوة و إستغلال النفوذ و قسمناه إلى مبحثين، في المبحث الأول ماهية جريمة الرشوة، و في المبحث الثاني ماهية جريمة إستغلال النفوذ.
و في الفصل الثاني تناولنا فيه مقارنة بين جريمتي الرشوة و إستغلال النفوذ و أثارهما و أسباب قيامهما و مساعي مكافحتهما و قسمناه إلى مبحثين، في المبحث الأول تناولنا مقارنة بين جريمتي الرشوة و إستغلال النفوذ و أثارهما،و في البحث الثاني تناولنا أسباب قيام جريمتي الرشوة إستغلال النفوذ و مساعي مكافحتهما.

الـفـصل الأول

الفصل الأول: ماهية جريمتي الرشوة و إستغلال النفوذ

المبحث الأول: ماهية جريمة الرشوة
تعتبر الرشوة و الابتزاز من الظواهر المشؤومة التي تؤدي إلى تمرد الطبقات المسحوقة و تؤلبها من سياسة البلاد و أصحاب القدرة و النفوذ فيها مما لاشك فيه أن المجتمعات البشرية قاطبة قد اتفقت كلمتها على قبح كلمة الرشاء و استهجانها و لدلك كان من الطبيعي أن يتعاظم هدا الدم و الاستفباح في المجتمعات الدينية إلى جانب إدانته العرقية و العقلية كانت التعاليم الدينية التي صرحت بحرمته بل ذهبت ابعد من ذلك لتجعله ضمن المعاصي و الذنوب الكبيرة التي توعد الله مرتكبيها بنار أليمة .
المطلب الأول:تعريف جريمة الرشوة
الفرع الأول : تعريفها لغة واصطلاحا وفقها
المفهوم اللغوي للرشوة : لقد ذهب الخليل بن احمد الفراهيدي إلى إن الرشاء هو الحبل الممدود الذي يربط بدلو لإخراجه من البئر و الرشاء يشري الدواء المشري و الرشاء ممدود رشه دلو (1). أما الشرنوبي اللبناني فقد عناها بما يعطي لإبطال حق أو احقاق باطل أو للتلصق فقال : الرشوة مثلثة ما يعطي لابطال حقاو احقاق باطل أو ما يعطي للتملق.
ـواتفق ابن الأثير مع الخليل الفراهيدي على أن الرشاء هو الريش المربوط بالدلو ثم يصفه كوسيلة غير مشروعة ، يستعين بها الإنسان بهدف قضاء حاجته وبلوغ هدفه فيقول لعن الله الراشي والمرتشي والراييش ،فالرشوة الوصلة الى الحاجة بالمصانعة واصله من الرشاء الذي يتوصل به الى الماء فالراشي الذي يعينه على الباطل (2).
ـ ووافقها احمد بن فارس أيضا في أن الرشاء يعني حيل الدلو فقال :
(الرشاء الحبل الممدود ...وراشيتا الرجل إذا عاونته فظاهرته : أما الفيروز الأبدي فقد ذهب الى أن الرشوة تعني مطلق الجمل أي نوع من أنواع حق العمل (3).
ب/المفهوم الاصطلاحي للرشوة : لقد اختلف أراء الفقهاء بشان تعريف الرشوة فقد ذهب آية الله السيد الخوئ الى أنها تشمل ما يعطى بهدف إبطال حق أو إحقاق باطل فقال الرشوة عبارة عن ما يعطى للقاضي ليصدر حكما لصالح الراشي سواء كان ذلك الحكم باطلا أو حقا بينهما أعتبرها بعض الفقهاء أكثر شمولية و سعة من ذلك فهي تشمل الهدية و الهبة التي تعطى للقاضي بغية استمالته ، و لذلك قال في استدلاله على حرمة بعض أقسام الهبات و الهدايا التي تعطى للقضاة و الولاة و عليه فالرشوة أعم من أنها تعني الجهل فقال"ًالرشوة عبارة عن الجهل ".
-أما المحقق اليزيدي فقد عرفها قائلا: "الرشوة عبارة عن كل ما يعطى للقاضي من أجل صدور حكم لصالح الراشي سواءا كان حقا أم باطلا أو من أجل أن يدله القاضي على ما يجعله غالبا لخصمه.
و عليه فإن هذا التعريف يعتبر أكثر شمولية و سعة من سائر التعاريف حيث ذهب إلى أن الرشوة تصدق على سائر الحالات من إعطاء المال بغية إجادة فن الدفاع في المحكمة و كيفية التعامل مع القاضي و الخصم و الطرق العملية لكسب الدعوى و غلبة المدعي.

(1)- بكري فاطمة الزهراء-رسالة ماجيستار- خطابات رئيس الجمهورية في الجرائم التي تمس المصلحة العامة ص 1.
(2) – د فتوح عبد الله الشاذلي-شرح قانون العقوبات القسم الخاص جرائم العدوان على المصلحة العامة ص 22.
(3) - بكري فاطمة الزهراء-رسالة ماجيستار- خطابات رئيس الجمهورية في الجرائم التي تمس المصلحة العامة ص 12.

- في حين أضفى عليها بعض الفقهاء المعاصرين شمولية أعم من جوانب أخرى فاعتبروها صادقة حتى على الأموال التي لا تتجاوز الجهاز القضائي فتمنح لغير القاضي و قد عرفها صاحب فقه القضاء قائلا :"الرشوة أعم من المال الذي يعطى لغير الحاكم بهدف تحقيق الغرض المطلوب ".
و نلخص مما سبق أن هذا التعريف لم يقتصر بها على باب القضاء ، بل عممها لتشمل سائر الأجهزة و القطاعات ،كما نستنتج أن كل من التعاريف الأنفة الذكر كانت أعم و أشمل من مثيلاتها على أساس بعض الجوانب و الجهات و بالتالي يمكن القول بأن التعريف الأول قد إتفق عليه مشهور الفقهاء إن لم نقل إجماعهم.
المفهوم الفقهي للرشوة: إن ما حرمه الإسلام و غلظ في تحريمه الرشوة و هي دفع المال في مقابل قضاء مصلحة يجب على المسؤول عنها قضائها بدونه ، ويشتد التحريم إن كان الغرض من دفع هذا المال إبطال حق أو إحقاق باطل أو ظلم لأحــــد.
و قد ذكر أبن عابدين في حاشيته: أن الرشوة هي ما يعطيه الشخص لحاكم أو غيره ليحكم له أو منفعة يمكنه منها أو يقضيها له ، و المراد بالحاكم القاضي و غيره ، و كل من يرجى عنده قضاء مصلحة الراشي سواءا كان من ولاة الدولة و موظفيها و القائمين بأعمال خاصة كوكلاء التجار و الشركات و أصحاب العقارات ، و المراد بالحكم للراشي و حمل المرتشي على ما يريده للراشي تحقيقا لرغبته و مقصده سواءا كان ذلك حقا أو باطلا.
الرشوة من كبائر الذنوب التي حرمها الله على عباده، و لعن رسوله صلى الله عليه و سلم من فعلها، فالواجب اجتنابها و الحذر منها، وتحذير الناس من تعاطيها، لما فيها من الفساد العظيم و الإثم الكبير و العواقب الوخيمة و هي من الإثم و العدوان اللذين نهى الله سبحانه و تعالى عن التعاون عليهما في قوله عز و جل: "و تعاونوا على البر و التقوى و لا تعاونوا على الإثم و العدوان" و قد نهى الله عز و جل عن أكل أموال الناس بالباطل فقال سبحانه و تعالى:"ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل و تدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم و أنتم تعلمون" .
الرشوة من أشد أنواع أكل الأموال بالباطل لأنها دفع المال إلى الغير بقصد إحالته عن الحق و قد شمل تحريم الرشوة أركانها الثلاث و هم الراشي و المرتشي و الرائش و هو الوسيط بينهما فقد قال صلى الله عليه و سلم:"لعن الله الراشي و المرتشي و الرائش" رواه أحمد و الطبراني، و قد وردت أحاديث كثيرة في التحذير من هذا المحرم و بيان عاقبة مرتكبيها منها ما رواه إبن جرير عن إبن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم:" كل لحم أنبته السحت فالنار أولى به قيل ما السحت؟ قال الرشوة" (1). وروى الإمام أحمد عن عمرو بن العاص رضي الله عنهم يقول ما من قوم يظهر فيها
الربا إلا أخذوا بالسنة و ما من قوم يظهر فيه الرشا إلا أخذوا بالرعب.
الرشوة و غيرها من المعاصي تضعف الإيمان و تغضب الرب و تسبب تسليما الشيطان على العبد في إقاعه في المعاصي أخرى، فالواجب على كل مسلم و مسلمة الحذر من الشيطان و من سائر المعاصي
الأخرى مع الرشوة إلى أصحابها إن تيسر له ذلك، فإن لم يتيسر له ذلك يصدق بما يقابلها عن صاحبها إلى الفقراء مع التوبة الصادقة عسى الله تعالى أن يتوب عليــه.
و من أثار الرشوة على مصالح المسلمين ظلم الضعفاء و هضم حقوقهم و إضاعتها أو تأخر حصولها بغير حق بل، و أثارها أيضا فساد أخلاق من يأخذها من قاض أو موظف و غيرهما وانتصاره


(1)- [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] el eslam.com

لهواه، وهضم حق من لم يدفع الرشوة أو إضاعته كليتا مع ضعف إيمان آخذها و تعرضه لغضب الله و شدة العقوبة في الدنيا قبل الآخرة كما في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم: "ما من ذنب أجدر عند الله أن يعجل لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخره له في الآخرة من البغي و قطيعة الرحم.
الفـرع الـثـانــي: تعريف الرشوة قانونــا
لم يشر قانون العقوبات إلى تعريف صريح للرشوة و قد وجد الفقه صعوبة في تعريفها
قد عرفها الدكتور عبد الرحيم صدقي في كتابه قانون العقوبات القسم الخاص على أنها: "العبث بالثقة الواجبة في عمل الجهاز الحكومي أو غير الحكومي بناء على أحد الأفعال المبينة في القانون نظير مقابل معين" و هي على هذا الأساس تقوم على ثلاثة أركان هي:
- العبث بالثقة الواجبة في عمل الجهاز الحكومي و الغير الحكومي
- نظير مقابل معيــن
- قصـد جنــائــي (1).
كما عرفها الدكتور فتوح عبد الله الشاذلي على أنها:"إتجار الموظف العام بأعمال الوظيفة أو الخدمة التي يعهد إليه القيام بها لصالح العام، و ذلك لتحقيق مصلحة خاصة له و عدا ذلك تتمثل الرشوة في إنحراف الموظف في أدائه لأعمال وظيفته عن الغرض المستهدف من هذا الأداء ، و هو المصلحة العامة، من أجل تحقيق مصلحة شخصية له فهي الكسب الغير المشروع من الوظيفة (2).
فالرشوة بمعناها الواسع تتكون في الأصل من إتفاق بين الموظف و من يطلب خدماته بمقتضاها يحصل الموظف على فائدة أو على مجرد وعد بفائدة ، نظير أدائه لعمل من أعمال وظيفته أو إمتناعه عن أداء هذا العمل فهي عدا هذا النحو علاقة أخذ و عطاء متبادل بين الموظف و صاحب المصلحة.
من الضروري الاحتكام الى مقتضى الأصل بهدف إزالة الشبهات في مواضيع الشك والريبة ليس من المستبعد أن يكون العرف هو تأرجح الرشوة بين السعة و الضيق ،فالعرف لا يرى اختصاصها بدفع الأموال للحاكم بهدف إصدار حكم بالباطل ،بل يحكم بان الأموال التي تعطى للحاكم بهدف إصدار حكم بالباطل ، بل يحكم بان الأموال التي تعطى للحاكم من اجل إصدار حكم بالحق رشوة أيضا والدليل على ذلك :
أولا :إن الرشوة هي التي تتبادر الى الذهن بالحق من إعطاء الأموال للقاضي بغية إصدار حكم بالحق لصالح من يعطي الأموال وان كان محقا والتبادر من علائم الحقيقة والواقع .
ثانيا : عدم صواب سلب عنوان الرشوة عن الأموال التي تقدم للقاضي بغية إصدار حكم بالحق .
ثالثا :لقد صرحت الروايات بصدق الرشوة على هذه الحالات والتي استعرض لها لاحقا .
أضف الى ذلك فان العرف يرى صدق مفهوم الرشوة على الأموال التي تمنح لغير القاضي بهدف القيام ببعض الأعمال بالباطل لصالح من يعطيها، و أ دلته أيضا التبادر و عدم صحة السلب إلى جانب استفاضة الروايات التي تؤيد هذا المدعي (3 ).
أما بالنسبة لمدعي صدق الرشوة في غير الأموال كالقيام بإسداء بعض الخدمات، فإنه و إن ورد الإستعمال في إطلاق عنوان الرشوة على هذه الأمور أيضا، إلا أن المفروض منه في علم الأصول هو أن الإستعمال أعم من الإطلاق، و بناءا على هذا فإن الصدق الحقيقي للرشوة على هذه الأمور مشكل .


(1)-د عبد الرحيم صدقي – قانون العقوبات-القسم الخاص- ط3- دار العربي-ص 341
(2)-د فتوح عبد الله الشاذلي- مرجع سابق- ص 23 .
(3) – [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

اللهم إلا على مبنى السيد المرتضي الذي قال :بأن الإستعمال علامة الحقيقة .
فإذا ما جاء دور الشك دخل هذا البحث في إطار إجمال الشبوهات المفهومية ،فإن جرى الإستعصاب في الشبهات المفهومية كان مقتضى إستعصاب عدم الرشوة هو عدم الحرمة إلا أن المرجع سيكون البراءة من الحرمة ، و ذلك لأن إجراء الإستعصاب في الشبهات المفهومية مرفوض لا معنى له في علم الأصول.
أما إسداء بعض الخدمات للقاضي من أجل إصدار حكم بالباطل فهو حرام و إن لم يصدق عليه حقا عنوان الرشوة، و ذلك لما صرحت به الروايات إلى جانب الأدلة التي قامت على حرمة الرشوة كالعقل(1 ).
و التعريف الراجح هو تعريف الدكتور عبد الله سليمان إذ قال بأن الرشوة :"الرشوة إتفاق بين شخصين يعرض أحدهما على الآخر عطية أو وعد بعطية أو فائدة فيقبلها لأداء عمل أو الإمتناع عن عمل يدخل في أعمال وظيفته أو مأموريته، فهي إذن إتجار بالخدمة العامة أو إتجار بأعمال الوظيفة.
و هي تستوجب وجود شخصين:
الشخص الأول (الراشي) :يدفع للموظف أو من في حكمه جعلا أو فائدة أو يستجيب لطلباته بدفع الجعل أو الفائدة لقضاء مصلحته.
الشخص الثاني(المرتشي) : الموظف أو من في حكمه يطلب أو يقبل عطية أو فائدة ما من أجل أداء عمل أو الإمتناع عن عمل من أعمال وظيفته(2).
كما تطرقنا سابقا فإن هناك إختلاف بين وجهات نظر اللغويين و الفقهاء من جانب و علماء المدارس الحقوقية من جانب آخر بشأن مفهوم الرشوة و سعتها و ضيقها، فقد أضفى عليها كل منهم سعة و شمولية من جهة و محدودية و ضيقا من جهة أخرى على سبيل المثال فإن أرباب اللغة توسعوا في مفهوم الرشوة ليعتبروها هو ما يتسلمه القاضي أو الموظف مصداقا واضحا من مصادقها .
بينما يعتقد بعض الفقهاء أنها تقتصر على ما يعطى لهم بهدف إصدار الأحكام بالباطل، أما ما يعطى للقاضي من أموال و ما شابه ذلك لإصدار حكم بالحق لصالح الراشي فليس من الرشوة في شيء و كذلك المال الذي يمنح لغير القاضي و إن كان من أجل القيام بعمل ليس بحق .
هذا من جانب و من جانب آخر فهناك اختلاف بشأن اختصاص الرشوة بمنح الأموال أو شموليتها للقيام ببعض الأعمال الخدماتية من قبيل إصلاح وسائل النقل، خياطة الثياب و الملابس بيع السلع و البضائع بثمن أرخص من السوق، شراؤها بسعر أغلى و عدم رعاية الدور و النظام في إنجاز بعض الأعمال و الذي يشتق من بعض كلمات الفقهاء وهو التعميم على الخلاف من أراء أصحاب الأربعة.


(1) – [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
(2)-د عبد الله سليمان-دروس في شرح قانون العقوبات-القسم الخاص-د م ج-ص62
الفرع الـثـالـث: مـوقف المشرع الجزائري.
أخذ القانون الجزائري عن القانون الفرنسي بالاتجاه الكافي الذي يجعل من جريمة الرشوة جريمتين مستقلتين:
- جريمة الراشي و هي ما يطلق عليه بالرشوة الايجابية
- جريمة المرتشي ما يطلق عليه الفقه الرشوة السلبية
و لقد واجه هذا التميز بين جريمة الراشي و المرتشي نقدا من بعض الفقهاء الفر نسين الذين رأوا أن جريمة الرشوة هي جريمة واحدة طرفاها الراشي و المرتشي و مع ذلك فنحن لا نرى موجبا لهذا النقد حيث أن إرادة المشرع واضحة في التمييز بينهما حيث نص في المادة25و 26 و27 و28 و40 من قانون مكافحة الفساد على جريمة الرشوة التي يقترفها المرتشي في جريمة الرشوة و التي يقترفها المرتشي وأن لم يذكر كلمة الراشي صراحة في تلك المادة . زيادة على أن التمييز بين الجريمتين يسمح بالمعاقبة على بعض الحالات التي لا يمكن المعاقبة عليها فيما لو اعتبر جريمة الرشوة جريمة واحدة و مثال ذلك أن يقدم الراشي على عرض الرشوة دون أن تلاقي تلك الحالة قبول من الموظف , ففي هذه الحالة لا يمكن ملاحقة الراشي في شروع إلا إذا كان القانون يميز بين جريمة الراشي و جريمة المرتشي, و يلاحظ أن القوانين التي نصت على أن اعتبار جريمة الرشوة جريمة واحدة طرفها المرتشي و الراشي , استكملت النص بتحريم حالة من عرض الرشوة و لم تقبل منه-كشروع في جريمة الرشوة –بنص خاص و هو ما لم يفعله القانون الجزائري , مما يدل بوضوح على اتجاه المشرع الجزائري و اعتبا ره الرشوة جريمتين مستقلتين
الأولى جريمة الرشوة التي
الثانية جريمة الرشوة يرتكبها المرتشي. التي يرتكبها الراشي(1).
المطلب الثانـي:أركـان جريمة الرشـوة
لقد عرفت الرشوة على أساس أنها طلب أو أخذ عطية أو قبول وعد بها لأداء عمل أو الإمتناع عنه بدون علم و رضا صاحب العمل، و على هذا الأساس يجب يتوفر على ثلاثة عناصر وهي كالأتي:
الفرع الأول : الركن المادي:
يلزم لقيام الركن المادي توافر سلوك من المستخدم هو طلبه أو أخذه أو قبوله و موضوع هذا السلوك
هو عطية أو وعد بها هذه الصور للسلوك الإجرامي في الرشوة التبادلية، فكل صورة من هذه الصور منفردة تشكل الجريمة و إجتماعها لا يشكل إلا جريمة واحدة فالموظف يرتكب الجريمة بمجرد الطلب أو القبول أو الأخذ.
أولا:الطلب: يتحقق بمبادرة من الموظف، يعبر فيها عن إرادتها في الحصول على مقابل نظير قيامه بأداء العمل الوظيفي أو الإمتناع عن أدائه(2 ) ولو لم يجب على طلبه، أي حتى و لو لم يجب على طلبه، أي حتى و لو تم الرفض من جانب صاحب المصلحة فالرشوة هي سلوك الموظف، ومن ثم تتحقق كاملة بصرف النظر عن موقف صاحب المصلحة و علة الإكتفاء بمجرد الطلب لقيام الجريمة أن الموظف بهذا الطلب قد عرض العمل الوظيفي كسلعة للإتجار فيها، فأخل بنزاهة الوظيفة و الثقة التي عهد ت إليه للقيام بأعبائها، فلم يعد هناك فرق بين العرض للإتجار و الإتجار الفعلي لأن علة

(1)- د عبد الله سليمان-مرجع سابق-ص63
(2 ) -نقض 6 نوفمبر 1967 –مجموعة أحكام النقض-رقم 225 –ص1087
التجريم متوافرة في الحالتين بالقدر ذاته و طلب الرشوة قد يكون بعبارات صريحة كما قد يكون ضمنيا و الطلب الضمني يستفاد من تصرفات الموظف التي لا تدع شكا في دلالتها على التعبير عن إرادته في تعليق أداء العمل الوظيفي أو الإمتناع عنه على دفع المقابل أو الوعد به، و ليس بلازم أن يطلب الموظف العطية أو الوعد لنفسه، بل قد يطلب ذلك لغيره (1) ، مادام هذا الطلب صدر منه و وصل إلى علم صاحب المصلحة مباشرة أو عن طريق وسيط و عليه فالموظف الذي يلبي الرشوة لزميل له يعد فاعلا أصليا للرشوة و ليس مجرد شريك فيها، فيستوي أن بالكتابة إلى صاحب المصلحة أو بإرسال وسيط يبلغه بالطلب أو أن يكون بوشر شفاهة في مواجهة صاحب المصلحة، و لا يتحقق الطلب إلى بوصوله إلى علم صاحب المصلحة، و لذلك فإذا صدر الطلب عن الموظف ثم حالت أسباب لا دخل لإرادته فيها دون اتصال علم صاحب المصلحة به.
فان الرشوة تتوقف عند مرحلة الشر ع , و ر يختلف الحكم إذا كان الطلب قد حمله رسول كلف من قبل أن تصل إلى صاحب المصلحة فان جريمة الرشوة تتوقف بذلك عند مرحلة الشروع , لكن الرسول لم ينفذ ما كلف به لآي سبب من الأسباب و ينبني على ما تقدم أن الموظف الذي يطلب الرشوة ثم يعدل عن طلبه , قبل وصول الطلب إلى علم صاحب المصلحة ,يستفيد من العدول الاختياري, فلا يتوافر في حقه حتى مجرد الشر وع في الرشوة .
و لا يشترط في الطلب أن يكون محددا فيما يتعلق بالعطية أو الوعد بها, بل يكفي أن يكون الطلب منصبا على عطية قابلة للتحديد ذلك أن الموظف قد يطلب ثمنا لأداء العمل الوظيفي و يترك التحديد ماهية هذا الثمن لفطنة و حسن تقدير صاحب المصلحة , لكن يشترط في الطلب أن يكون محددا بالنسبة للعمل الوظيفي الذي يتعهد الموظف بأدائه لقاء العطية أو الوعد بها, فان لم يكن كذلك فلا تقوم الجريمة بهذا الطلب
و يخضع إثبات الطلب لقواعد الإثبات في المسائل الجنائية و يجوز إثباته بكافة طرق الإثبات منها شهادة الشهود و القرائن أيا كانت قيمة هذا الطلب (2 )
ثانيا: القبول: يفترض القبول كصور ة للركن المادي في جريمة الرشوة , أن يكون هناك إيجابا
صدر من صاحب المصلحة يتضمن عرض الوعد بالرشوة , إذا ما أتم الموظف العمل أو الامتناع المطلوب منه , و يتمثل سلوك الموظف في هذه الصورة قبول الوعد الصادر من صاحب المصلحة أي في موافقة على تلقي مقابل أداء العمل الوظيفي في المستقبل و بالتقاء قبول الموظف المرتشي بإيجاب صاحب المصلحة الراشي, ينعقد الاتفاق صحيحا الذي يعني توافق إرادتين و بقبول الموظف
للوعد بالعطية تتحقق جريمة الرشوة سواءا احصل ما وعد به أم لم يحصل بغض النظر عن أسباب عدم حصوله كما يشترط قيام الموظف بالعمل أو الامتناع الذي قبل الوعد من أجله.
كما تتم الرشوة و لو رفض الموظف أداء العمل المتفق عليه كرد من جانبه على مخالفة صاحب المصلحة عن وعده , طالما حدث هذا الرفض بعد قبول الموظف للوعد.
و لا يشترط أن بقوم بالقبول وفق شكل معين فهو إرادة يتم التعبير عنها بأي وسيلة كانت كما قد يكون القبول ضمنيا يستفاد من الوقائع.

(1) - بكري فاطمة الزهراء-رسالة ماجيستار-مرجع سابق-ص 23 .
(2) -د عبد الرحيم صدقي-مرجع سابق- ص341 .
و يشترط في قبول الموظف للوعد أن يكون جديا و حقيقيا فإذا لم تتوفر لدى الموظف إرادة جادة و صحيحة تلتقي مع عرض صاحب المصلحة, فلا يتحقق القبول الذي تقوم به جريمة الرشوة ,و تنتقي عند القبول صفة الجدية في حالة تظاهر الموظف بقبول الوعد لمجرد الإيقاع بصاحب المصلحة و تمكين السلطات من القبض عليه متلبسا و يستوي لقيام الجريمة بقبول الموظف للوعد أن يكون الوعد بعطية تؤول الى الموظف أو الى غيرة , لكن الوعد بعطية أو هدية أو منفعة لغير الموظف, فليزم أن تتوافر مصلحة شخصية للموظف حتى تقوم الجريمة بقبول لهذا الوعد, مثال ذلك أن يكون الوعد لابن الموظف أو لزوجته أو لشخص يرتبط به بصلة قرابة أو صداقة ,. كما لو وعد صاحب المصلحة بتعيين ابن الموظف أو احد أقاربه في وظيفته أو وعد بانتداب زوجته لأداء عمل في مؤسسة أو هيئة عامة أو خاصة يتولى رئاستها.
ثـلثـا : الأخذ : يتحقق الركن المادي لجريمة الرشوة بأخذ الموظف فعلا لعطية قدمها له صاحب المصلحة و الأخذ في حقيقته هو قبول لكنه قبول لهدية أو عطية تقدم في الحال و ليس الإستقبال و ليس قبولا لوعد بتقديم هدية أو عطية، و هذه هي الصورة الغالبة في جريمة الرشوة و الجاري عليها العمل في مجتمعنا، فقد ساد بين المتعاملين مع الإدارة شعار "لا تنتظر أن يطلب منك الموظف، ولا تدفعه إلى الطلب" لأن الغالب أنه لا يرفض ما يقدم إلي، كما أن الموظف لا يقنع في الغالب الأعم بمجرد قبول خشية أن يضر به صاحب المصلحة و من ثم يفضل الموظف تسلم ثمن العمل الوظيفي مسبقا و غالبا قبل أداء العمل المطلوب،يتضح من ذلك أن الأخذ هو سلوك الموظف يفترض إعطاء من طرف الراشي، و إذا كان مقابل الرشوة ذا طبيعة مادية، فإن الأخذ يعني تسليم المقابل للمرتشي أي نقل حيازته إليه، أو دخوله في حوزته بأي طريق كان .
و لا يشترط أن يكون تسليم لشخص آخر لا يعلم بالغرض من التسليم، و قد يرسل المقابل عن طريق البريد، و هنا يعد الأخذ محققا بمجرد علم الموظف بالغرض من التسليم أو الإرسال أو إرادته الإحتفاظ بالمقابل، و لا يشترط لقيام الرشوة التسليم الحقيقي للمقابل فيكون التسليم رمزيا كما لو سلم الراشي لحقه على هذه الأشياء و إن لم يكن مقابل موضوع الرشوة أو سلمه المستندات المثبتة لحقه على هذه الأشياء وإن لم يكن مقابل الرشوة ماديا و إنما تتمثل في منفعة أو فائدة معنوية يحصل عليها المرتشي نظير قيامه بالعمل الوظيفي فالأخذ يتحقق بحصول المرتشي على هذه المنفعة أو الفائدة، كما لو تمثل مقابل الرشوة في حصول الموظف على ترقية له أو لأحد أقاربه أو كان المقابل ذو ميزة غير مادية كتسهيل حصول الموظف على خدمة أو تحقيق منفعة له أو لأقاربه، فالأخذ هو السلوك الذي يحقق ماديات الرشوة بصرف النظر عن المستفيد من المقابل فقد يكون المستفيد هو الموظف ذاته، كما قد يكون المستفيد كليا أو جزئيا غير الموظف يستوي أن يكون الغير موظفا أو غير موظف (1).
الفرع الثاني : الركن المعنوي :الرشوة من الجرائم العمدية التي لابد أن يتوفر فيها القصد الجنائي و هذا يعني أن الخطأ الغير عمدي لا يكفي لقيام هذه الجريمة لأنه لا نتصور أن يرتكب الموظف العام جريمة الرشوة عن طريق الخطأ أو الإهمال، و القصد الذي يجب توافره في جريمة الرشوة هو قصد عام و هذا رأي أغلبية الفقهاء لأن المشرع لا يعتد بالغاية من سلوك الجاني و لا يجعل من نية الإتجار بالوظيفة و استغلالها لأغراض ينبغي أن يستهدفه الجاني إذا استبعدنا القصد الخاص من جريمة الرشوة و القصد العام كما نعلم يقوم على عنصري العلم و الإرادة .

(1) -د فتوح عبد الله الشاذلي- مرجع سابق- ص 85.
أولا: العلم بكافة أركان الجريمة :العلم بكافة الأركان التي يقوم عليها النموذج للجريمة هو أحد عناصر القصد الجنائي، و في صدد هذه الجريمة ينبغي أن ينصب علم الموظف المرتشي على صفته الخاصة و كونه موظف عام أو من في حكمه و يجب توافر صلة إرتباط نفسي بين المقابل الذي يحصل عليه و العمل الذي يلتزم به.
فيلزم أولا أن يعلم الجاني بثبوت صفة الموظف العام له بإعتبارها ركنا يدخل في نموذج الجريمة كما حدده نص القانون، فإذا إنتفى علمه بهذه الصفة إنتفى القصد الجنائي لديه، فينتقي القصد الجنائي لدى الموظف الذي فصل من الخدمة ثم أعيد إليها و ارتكب الواقعة قبل أن يعلم بصدور قرار إعادته، لكن إنتفاء علم المتهم بالرشوة بأن وظيفته تدخل في عداد الوظائف التي تضفي على شاغلها صفة الموظف العام في تطبيق أحكام الرشوة، ليس من شأنه أن ينفي القصد الجنائي لديه، لأن إنتقاء العلم هنا لا يعتد به بإعتباره جهلا بقاعدة جنائية ينصب على نص التحريم ذاته . (01)
و يلزم ثانيا أن يعلم الجاني بأنه تلقى مقابلا للقيام بعمل وظيفي و يعني ذلك أن هذا العمل ينبغي أن ينصب على أمرين المقابل ثم الإرتباط بين المقابل و العمل الوظيفي، فإذا إنتفى علمه بأحد هذين الأمرين إنتفى القصد الجنائي لديه و العلم بوجود المقابل لا يثير شكا في حالة طلبه أو قبول العرض الصادر به أو أخذه بالفعل من صاحب المصلحة بإعتباره كذلك و لكن قد يحدث ألا يعلم الموظف بأنه قد أخذ عطية بالفعل إذا كانت قد دست إليه أو وضعت في درج مكتبه دون علمه أو قدمت إليه في ملف يحتوي على مجموعة كبيرة من الأوراق فوضعه في درج مكتبه دون فحصه و بالتالي دون أن يعلم بتلقيه عطية من صاحب المصلحة .
وقد يعلم الموظف بوجود العطية أو الهدية لكنه لا يعلم بقيام إرتباط بينهما وبين العمل الوظيفي ، أن لا يعلم الغرض منها أي إنتفاء علمه بالصلة التي توافرت في ذهن صاحب المصلحة وحده ، بين المقابل الذي قدمه للموظف وبين العمل الوظيفي الذي حقق مصلحته ، كما لو إعتقد أنها هدية تبررها صلات القرابة أو الصداقة أو أنها سلمت إليه على سبيل الوديعة أو كان قد طلب مبلغا من المال من صاحب المصلحة على أنها سلعة يلتزم بردها ، وقدمها هذا الأخير لقاء ما قام به من أعمال وظيفته ففي هذه الأحوال ينتقي العلم بالإرتباط بين العطية أو الوعد بها وبين العمل الوظيفي لإنتفاء الصلة في نفسية الجاني بين ما يحصل عليه والعمل الذي يؤديه .
مفادها تقدم أن عنصر العلم في القصد الجنائي يتوافر إذا ثبت العلم الحقيقي للموظف بأن ما يتلقاه هو مقابل لأداء العمل الوظيفي أو الإمتناع عنه أو الإخلال بواجبات الوظيفة ، وإنما تلتزم محكمة الموضوع التي تفصل في توافر القصد الجنائي بالتحقق من توافر العلم الفعلي للموظف لإمكان القطع بتوافر قصده الجنائي .
ثانيا : إرادة تحقيق السلوك الذي يقوم الجريمة : العنصر الثاني من عناصر القصد الجنائي في جريمة الرشوة هو إرادة إثبات السلوك المحقق للجريمة ، فلا يكفي توافر العلم بمعناه السابق لقيام جريمة الرشوة وإنما يجب أن تتجه إرادة المرتشي إلى تحقي السلوك الذي يشكل ماديات الجريمة ويلزم كذلك أن تتجه إرادة الجاني إلى الإستفادة من المقابل ، سواءا كانت إستفادته شخصية أو بواسطة

(1)-د فتوح عبد الله الشاذلي- مرجع سابق- ص99.
الغير ويعني ذلك وجوب أن تتجه إرادة الجاني للإستيلاء على العطية بقصد التملك أو الإنتفاع ، ولا يثور شك في توافر عنصر الإرادة حين يطلب الموظف مقابلا لأداء عمله إنما يثور الشك في حالتي القبول والأخذ إذ القبول قد لا يكون جديا ، كما أن دخول العطية في حيازة المرتشي قد لا يكون إراديا من جانبه ، والقبول الظاهري للإيقاع بصاحب المصلحة كي يضبط متلبسا بعرض الرشوة ، ففي هذه الحالة لا يتوافر التلاقي بين إرادة الراشي وإرادة الموظف العام ومن ثم لا تتوافر جريمة الرشوة في حق هذا الأخير ، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى لا يكون دخول العطية في حيازة المرتشي إراديا و من ثم لا تتوافر إرادة الأخذ التي تحقق العنصر الثاني من عناصر القصد الجنائي في جريمة الرشوة ، وإرادة الأخذ تنتقل في حالتين :
أ= أن لا يكون الموظف قد علم مطلقا بوجود العطية في حوزته كما لو كانت قد دست إليه في ملابسه أو وضعت في درجه دون علمه ، ففي هذه الحالة يستحيل القول بتوافر الإرادة التي تفترض العلم ، طالما ثبت إنتفاء علم الموظف المعاصر لأداء العمل الوظيفي .
ب= علم الموظف بدخول العطية في حوزته لكن إرادته تتجه إلى رفض هذه العطية ويحدث هذا إذا كانت العطية قد دست إلى الموظف أو وضعت في درج مكتبه أو قدمت له في ظرف مغلق لكنه سارع إلى رفضها بعد أن إكتشف وجودها والغرض منها ، وقام بردها إلى من قدمها أو بإبلاغه السلطات العامة بالأمر ، ففي هذه الحالة تنتفى إرادة الأخذ أو القبول بعد أن توافر عنصر العلم ومن ثم ينتفي القصد الجنائي .
والإرادة التي يتحقق بها القصد الجنائي تكون تطبيقا للقواعد العامة ، أي تكون جدية ومختارة ، فإذا ثبت أن الموظف كان واقفا تحت ضغط أو إكراه أو أن هناك ضرورة ألجأته إلى ذلك إنتفى القصد الجنائي لديه أو إمتنعت بالتالي مسؤوليته الجنائية ، إذا توافرت الشروط التي تجعل من الإكراه مانعا من المسؤولية الجنائية .
وإذا توافر القصد الجنائي بعنصريه تحققت جريمة الرشوة ، ولو كان الموظف لا ينوي القيام بما وعد به صاحب المصلحة من عمل أو إمتناع أو إخلال بواجبات الوظيفة وقد نص المشرع على ذلك صراحة كما رأينا حسما لكل خلاف يمكن أن يثور بصدد قيام الجريمة في هذا الغرض ، فإنتفاء قصد الإتجار بالوظيفة ليس من شأنه أن يؤثر في قيام القصد الجنائي لأن نية الإتجار في أعمال الوظيفة لا تدخل في الركن المعنوي لجريمة الرشوة لأن المشرع لم يشترط لتوافره أي نية خاصة (01).
الفرع الثالث : الركن المفترض : وهي صفة الجاني لجريمة الرشوة التي فيها طرفان الراشي والمرتشي قد يتوسط بينهما شخص آخر يسمى الوسيط ، وقانون العقوبات لا يشترط أي صفة في الراشي أو الوسيط فهو من عامة الناس ، وعلى الغالب يكون الراشي شخص له مصلحة يريد قضائها عن طريق المرتشي ، أما هذا الأخير فله صفات خاصة نصت عليها المواد 25 و 26 و 27 و 28 و 40 من القانون 06-01 المؤرخ في 20 فيفري 2006 المتعلق بمكافحه الفساد .

(1)-د فتوح عبد الله الشاذلي- مرجع سابق- ص10
أولا : الموظفون العموميون أو من في حكمهم :
• القاضي و الموظف، ذو الولاية النيابية ،الخبير، العضو في جهة قضائية، الطبيب، الجراح، القابلة وطبيب الأسنان.
و القاسم المشترك بينهم هو أهمية الوظيفة الاجتماعية و ضرورة توفير النزاهة الكاملة، و قد حشر موظفي السلك القضائي مع بعض أصحاب المهن الحرة التي يعتد بتقريرها و ترتب أثارها في مواجهة الغير قاصدا حماية أخطر الوظائف العامة في المجتمع ( القضاء و الإدارة) من العبث.
و هذه التسمية تدل بوضوح على أهمية دور الموظف العام التي هي في الأصل جريمة الموظف (1)
أ-الموظف العام:يجب التفريق بين الموظف العام في القانون الإداري والقانون الجنائي.
1-الموظف العام في القانون الإداري: كل شخص يقوم بأداء عمل يتميز بصفة الدوام في خدمة مرفق عام أو مصلحة أو مؤسسة عامة تديرها الدولة كما عرفته المادة 01 من الأمر رقم 66-133 الصادر في 02 جوان1966 حيث حددت الموظفين العموميين بنصها:"الموظفون هم الأشخاص المعينين في عمل دائم،و المصنفين في درجة بحسب السلم الإداري المركزي للدولة، سواء في المصالح الخارجية التابعة لها أو في الهيئات المحلية و كذلك المؤسسات و المرافق العامة بموجب نماذج محددة بمرسوم." و قد إستثنت الفئات التالية من بين الموظفين: القضاة،رجال الدين، أفراد الجيش الوطني الشعبي.
2-الموظف العام في القانون الجنائي:يختلف عنه في القانون الإداري بالنظر إلى المصلحة المحمية في كلا القانونين:
-في القانون الإداري:تحديد الحقوق و الالتزامات التي تربط الموظف بالدولة و يستبعد من الموظفين من كان تعيينه باطلا و من يكلف بعمل عارض و من لا تتحقق فيه شروط معينة تقتضيها الوظيفة.
-في القانون الجنائي: يرتكز على إعتبارات أخرى تقتضيها نزاهة الوظيفة و حماية الجمهور فهو يعتبر كل من يواجه الجمهور بإسم الدولة و لحسابها و لو كان له قدر ضئيل من السلطة موظف عام في القانون الإداري هو كذلك في القانون الجنائي بالإضافة إلى من لا يعتبر موظف عام في القانون الإداري قد يعتبر موظف عام في القانون الجنائي. (2).
أما المشرع المصري فقد خصص له في نهاية معالجته لجرائم الرشوة المادة 111 فعرفه القانون الجنائي على أنه: " كل شخص له نصيب من الإشتراك في إدارة أعمال الحكومة مهما كان نصيبه في مسألة إختصاصه .
*إختصاص الموظف العام: قد يكون إختصاصه شاملا للعمل محور الرشوة و قد يكون جزئيا أو
فرعيا أو قد يزعم إختصاصه.
*الإختصاص الشامل: العمل المطلوب منه يدخل برمته ضمن عمله دون تدخل من زملائه الموظفين .
*الإختصاص الجزئي: عمل الموظف جزء من العمل محل الرشوة كأن يختص بتوقيع الشهادة و لكن يجب لإعتمادها توقيع زميل ثاني.
*الإختصاص الفرعي: أن يكون قد ندب أو أعير للقيام بهذا العمل كله أو جزء منه
*الزعم بالإختصاص: لا جريمة في الأمر إذا كان العمل المراد القيام به أو الإمتناع عنه لا يدخل في إختصاص الموظف فإذا إنعدمت الصفة أو الإختصاص نكون أمام جريمة النصب، وفق إعتقادنا ، الزعم بالإختصاص من المتصور وجودها في عرض الرشوة. (3)

(1)- د عبد الله سليمان-مرجع سابق-64.
(2)- د عبد الله سليمان-مرجع سابق-66.
(3)-د عبد الرحيم صدقي-مرجع سابق- ص345.
القانون الجنائي قد سمى بعض الطوائف من غير الموظفين وجعلهم في حكم الموظفين العامين من بينهم :
1-القاضي: يتردد كثيرا في مواد قانون العقوبات النص على القاضي و الموظف إلا أنهما يخضعان لنفس الأحكام في عدا بعض الحالات التي يشدد فيها عقوبة القاضي نظرا لأهمية و خطورة منصبه و بالرجوع إلى القانون الأساسي للقضاء الصادر بالأمر 69 -27 بتاريخ 13ماي1969و تعديلاته اللاحقة و يمكننا تحديد رجال القضاء على أنهم:قضاة الحكم و النيابة العامة و المجلس الأعلى و المجالس القضائية و المحاكم الذين يعينون بموجب مرسوم من وزير العدل حافظ الأختام بعد إستطلاع رأي المجلس الأعلى للقضاء .
تحيط الدولة القاضي بكافة الضمانات للمحافظة على نزاهته و إبعاده عن الشبهات (الرشوة).
2- ذو الولاية النيابية:أعضاء المجالس الشعبية الذين يحملون صفة التمثيل النيابي (المجالس الولائية، البلدية) و ضمهم إلى الموظفين لوجوب تأكيد نزاهة وظيفة التمثيل النيابي لأن أعمالهم هي غاية في الخطورة فهم يمارسون الإختصاص التشريعي للدولة و مراقبة أعمال السلطة التنفيذية للدولة.
3-الخبير و المحلف و العضو في جهة قضائية:إختصاصها مكمل لإختصاص القضاء، عليهم إلتزام الأمانة و عدم خيانة الثقة التي منحت لهم، يرتكب الرشوة إذا أصدر قرار أو أبدى رأي لمصلحة أحد الأفراد أو ضده تحت تأثير ما ناله من منفعة.
أما المحلف أو العضو في جهة قضائية عمله متمم لعمل القاضي و لا يقل خطورة عنه، تسري عليه عقوبة رشوة القاضي .(1)
- الطبيب و الجراح و طبيب الأسنان و القابلة: لا يجوز لهم خيانة شرف مهنتهم تحت تأثير الرشوة لأن المجتمع إئتمنهم على مصالحه.
أما غير الموظفين من الأطباء فتمارس عليهم أحكام الرشوة و يحاسبون على أساس موظفين.
الأعمال التي يرتكبها الأطباء في أعمال الرشوة هي:التقرير الكاذب بوجود أو إخفاء مرض أو عاهة أو حمل أو بإعطاء بيانات كاذبة عن مصدر مرض أو عاهة أو عن سبب الوفاة.
ثانيا: الموظفون أو العاملون في المؤسسات الخاصة:بسط المشرع الحماية على المصالح الخاصة إذ إعتبر أن لها أسلوبها و أسرارها الخاصة في العمل و الواجب أن يقوم المستخدم بعمله دون المتاجرة فيه على نحو لا يرضي مخدمه، المادة 40 من قانون مكافحة الفساد.
فقد تكون جريمة الرشوة في المشروعات الخاصة الفردية (البسيطة) فيكون الجاني مرتبط بعلاقة تبعية تعاقدية مع مشروع خاص، سواءا كان شخصا طبيعيا أو معنويا و أن يكون عاملا فيه أو موظفا أو مديرا، أي يشغل عملا على مختلف درجات السلم الوظيفي التعاقدي، وأي كانت أي طبيعة المشروع أو مشروعية النشاط الذي يمارسه أو عدم مشروعيته، سواءا كان عمل الجاني مؤقتا أو دائم.
و من الأمثلة على إرتكاب الجريمة تلقي الجاني مقابلا على الخدمات التي يقدمها المشروع أو السكوت عن عيوب المواد الموردة له، أو إبلاغ مشروع منافس بأسرار المشروع الذي يعمل فيه معرضا إياه لمناقشة غير مشروعة.
كما قد تكون في نطاق شركات المساهمة و ما إليها كأن يقدم بطلبها عضو مجلس الإدارة أو إحدى الجمعيات التعاونية و النقابات ذات النفع العام أو مدير أو مستخدم في إحداها بطلب هدية أو عطية لقاء تقديم خدماته لهذه الهيئات التي ليست من القطاع العام لا تتبع الدولة و لا تخضع لوصايتهـا الإداريـة

(1)- د عبد الله سليمان-مرجع سابق-67.
تتميز بأهمية إقتصادية و إجتماعية خاصة، إذ أن ما تقوم به من أعمال و ما تؤديه من دور في المجتمع له أهمية أساسية تفرض حرصا خاصا على نزاهة العاملين بها و على ثقة جمهور الناس فيها.
النقابات العمالية تعتبر من أشخاص القانون الخاص بالنظر إلى أن الدولة تقوم بإنشائها، بل يتوقف تكوينها على إرادة أفراد المهنة و لا تملك في علاقاتها بأعضاء حقوق السلطات العامة .(1)
المطلب الثالث: أنواع الرشوة .
تقتضي الرشوة إتحاد إرادة شخصين صاحب مصلحة يعرض هدية أو عطية على موظف ليحمله على أداء عمل من أعمال وظيفته و يسمى راشيا و فعله رشوة إيجابية و موظف أو أمن في حكمه يطلب أو يتلقى الهدية أو العطية و يتجر بوظيفته و يسمى مرتشيا و عمله يكون رشوة سلبية.
ويستفاد من مراجعة المادتي25-26-27-28-40 من قانون رقم 06 -01 الخاص بمكافحة الفساد أن لها أنواع أركان و هي الرشوة السلبية، الرشوة الإيجابية، الوسيط.
الفرع الأول: جريمة الرشوة السلبية .
تقتضي الرشوة السلبية وجود شخصين الراشي و فعله الرشوة الإيجابية و المرتشي عمله الرشوة السلبية حسب المادة 25 من قانون مكافحة الفساد و لها ثلاثة أركان:
الركن الأول: ركن مفترض و هو صفة المرتشي لكونه مختصا بما كلف به.
الركن الثاني: ركن مادي و هو طلب أو القبول لفائدة ما.
الركن الثالث: الركن المعنوي هو القصد الجنائي.
يجب على قضاة الإستئناف أن يستظهروا في قضائهم بإدانة المتهم بالرشوة طبقا لأحكام المادة 25 ق م ف أركان الجريمة حتى يتسنى للمجلس الأعلى مراقبة صحة تطبيق القانون الذي قام به المرتشي مقابل ذلك يعتبر قاصر البيان و يستوجب النقض .
*الركن المفترض:صفة المرتشي و كونه مختصا بما كلف به ونص القانون على الفئات التي تتم بواسطتها الرشوة :
1-الموظفون العموميون و من في حكمهم المادة 25.
2-الموظفون المستخدمون في المؤسسات الخاصة المادة 40.
و هم موظفون مختصون