الكاتب الدكتور فارس مسدور وكمال منصور
فهرس المقال
الأوقاف الجزائرية واقع وآفاق
أولا: تحليل القوانين واللوائح المنظمة للأوقاف في الجزائر
ثانيا: مدى ملاءمة القوانين المنظمة للأوقاف للمتغيرات الواقعية
ثالثا: أهم محاور وتطوير قوانين الأوقاف في الجزائر
أهم مشكلات الأوقاف الجزائرية
ثانيا: أوضاع الموارد البشرية في إدارة الأوقاف الجزائرية
مقدمة:
- تطورت إدارة الأوقاف في الجزائر بشكل جعل الوزارة الوصية تتمكن من استرجاع عدد معتبر من الأملاك الوقفية التي ضاعت خلال الاستعمار وبعده، ورغم كل الإجراءات والقوانين التي عزّزت من مهام هذه الوزارة إلا أن الأوقاف الجزائرية ما تزال تعاني من الضياع، ليس بسبب إهمال الوزارة الوصية، ولا من انعدام القوانين، ولكن لأسباب عديدة سنحاول من خلال هذا البحث أن نسلط الضوء على عدد منها واقتراح ما نراه يساعد على تجاوزها.
- وتجدر الإشارة إلى أن بحثنا هذا ما هو إلا حلقة ضمن بحوث وتقارير سبقت استعنا بها لإثرائها والاستعانة بما جاء فيها من معطيات نرى من الضروري استخدامها لتطوير إدارة الأوقاف وفق المعطيات والمستجدات التي برزت إلى الساحة، ثم أن هذا البحث قد يكون المحفّز الذي تتولد بعده بحوث تأخذ واقع الأوقاف الجزائرية كما هو وتحاول أن تطورها بما يبرز من معطيات مستقبلية أيضا.
- لذا فقد ورد في بحثنا مجموعة من الانتقادات لم نكن نطمح من خلالها كشف العيوب والتشهير وإنما كان حالنا حال الطبيب الذي يبحث عن الداء ويشخصه لينتقل بعد ذلك إلى وصف الدواء، علما أننا قد نجد وصفات متعددة لمرض واحد، ولا ندّعي رجاحة الرأي ولا صوابه، فكل يؤخذ من كلامه ويرد إلا المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم، وما توفيقنا إلا بالله عليه توكلنا وعليه فليتوكل المتوكلون.
الأستاذ: مسدور فارس (1) الأستاذ: كمال منصور (2)
تحليل القوانين واللوائح المنظّمة لإدارة الأوقاف في الجزائر
وضعت مجموعة من القوانين بغية ضمان السير الحسن لعمل إدارة الأوقاف في الجزائر، علما أن هذه الإدارة هي جزء من وزارة الشؤون الدينية والأوقاف في هذا البلد، وأنها مدمجة مع مديرية الحج، حيث أن تسمية الإدارة الأصلي هو مديرية الأوقاف والحج(3) .
أولا : مضمون القوانين المنظمة لإدارة الأوقاف في الجزائر
كما ذُكر أن إدارة الأوقاف في الجزائر ليست إدارة مستقلة قائمة بذاتها، بل أنها إحدى المديريات الفرعية التابعة لمديرية الأوقاف والحج، وهذا ما يثبته المرسوم التنفيذي رقم 146/2000 المؤرخ في 28 جويلية 2000 حيث تذكر المادة الثالثة منه أن مديرية الأوقاف والحج تضم تحتها ما يلي(4):
- المديرية الفرعية للبحث عن الأملاك الوقفية والمنازعات،
- المديرية الفرعية لاستثمار الأملاك الوقفية،
- المديرية الفرعية للحج والعمرة.
1/- الإدارة المركزية للأوقاف في الجزائر
يتضح أن إدارة الأوقاف ما هي إلاّ إدارتان فرعيتان من مديرية الأوقاف والحج، ما يجعلنا نسجل بعض القصور الذي يمكن أن ينجم عن دمج هذه المديريات الفرعية في مديرية واحدة، مما يشتّت الجهود لدى العاملين فيها وبشكل خاص لدى مسئوليها، خاصة في أوقات الحج التي تتطلب تفرّغًا كاملاً، مما يعني إهمالاً للجوانب الإدارية للأوقاف في فترات التحضير للحج وفي وقت الحج خاصة.
وإذا بحثنا في تكوين كل مديرية فرعية نجد أن كلاّ منها تتكون من مجموعة من المكاتب عادة ما يكون عدد موظفيها أقل من المستوى المطلوب، وهذا بالنظر إلى المهام الموكلة إلى كل منها، هذه المديريات الفرعية هي كما يلي :
أ/ المديرية الفرعية للبحث عن الأملاك الوقفية والمنازعات، حيث تتكون من المكاتب التالية :
- مكتب البحث عن الأملاك الوقفية وتسجيلها،
- مكتب الدراسات التقنية والتعاون،
- مكتب المنازعات.
ب/ المديرية الفرعية لاستثمار الأملاك الوقفية، وتتكون من المكاتب التالية :
- مكتب استثمار وتنمية الأملاك الوقفية،
- مكتب تسيير موارد ونفقات الأملاك الوقفية،
- مكتب صيانة الأملاك الوقفية.
و إذا دقّقنا في كل مكتب نجد أن عدد الموظفين فيه قليل مقارنة مع حجم المهام الموكلة لكل منها، علما أن الأوقاف في الجزائر عانت مدة طويلة من الإهمال والضياع، بما يؤكد فكرة صعوبة مهمة استرجاع الملك الوقفي، وبما يؤكد أيضًا ضرورة توفر الكمّ اللازم من الكوادر والأعوان المؤهلة للعمل في مديرية الأوقاف، هذه الفكرة يمكن أن نعزّزها بشساعة الأرض الجزائرية وتعدّد ولاياتها، حيث يوجد 48 ولاية على مستوى القطر الوطني تتوزع على مساحة تفوق 2.3 مليون كيلومتر مربع، يضاف إلى ذلك أن هنالك ولايات تتوافر على أملاك وقفية قائمة، وأخرى يتم استرجاعها، والباقي في طور البحث، مما يستلزم تخصيص هياكل قائمة بذاتها داخل الإدارة المركزية لمتابعة كل هذه العمليات.
2/- الفروع الولائية لإدارة الأوقاف في الجزائر
تتوفر كل ولاية على مديرية للشؤون الدينية والأوقاف، وفي كل مديرية مصلحة للإرشاد والشعائر الدينية والأوقاف (5)، لكن هذه المصلحة ليست للأوقاف وحدها كما نلاحظ من تسميتها بل أن الأوقاف تأخذ منها مكتبا واحدا فقط هو مكتب الأوقاف إلى جانب :
- مكتب الإرشاد والتوجيه الديني،
- مكتب الشعائر الدينية.
إن هذا التقسيم يجعلنا نؤكد أن مكتب الأوقاف ليست له القدرة على استيعاب أو حمل الأعباء الوقفية بمختلف مشاكلها، خاصة ونحن نتحدث عن الأوقاف في دولة حاول المستعمر طمس كل المعالم الدينية والهوية الوطنية طيلة 130 سنة من الاحتلال، علما أن الأوقاف في الجزائر قبل الاستعمار كانت لها مكانة خاصة لدى الشعب الجزائري.
ما نستطيع ذكره بهذا الصدد، أن مكتب الأوقاف التابع لمصلحة الإرشاد والشؤون الدينية والأوقاف لا يمكن أن يقوم بالمهام الحقيقية التي يجب أن يناط بها موضوع الأوقاف في الجزائر، وإذا فإن رئيس هذه المصلحة سيكون مشتتا بين مشاكل ومشاغل الإرشاد الديني، وأيضا بالأمور المتعلقة بالشعائر الدينية، يضاف إلى ذلك أن في كل مكتب من هذه المكاتب رئيس مكتب ومن يساعده في المهام الموكلة لمكتبه، والتي لا تتوافق من حيث حجمها وأهميتها مع الحجم المعطى له كمكتب.
3/- لجنة الأوقاف (6)
عندما تحدثنا عن الإدارة المركزية للأوقاف في الجزائر اتضح أنها ليست إدارة مستقلة ( قائمة بذاتها)، بل أنها فرع لمديرية أكبر منها، نفس الشيء انطبق على مصالح إدارة الأوقاف على مستوى المديريات الولائية للشؤون الدينية، لكن الغريب أن هنالك هيكل أو تنظيم آخر يدخل ضمن التنظيمات الإدارية التي ذكرناها، هو لجنة الأوقاف، ولو نظرنا إلى تكوين هذه اللجنة لوجدنا أنها تتشكل من(7) :
- مدير الأوقاف وهو الرئيس،
- المدير الفرعي لاستثمار الأملاك الوقفية وهو كاتب اللجنة،
- المكلف بالدراسات القانونية والتشريعية عضواً،
- مدير الإرشاد والشعائر الدينية عضوًا،
- مدير إدارة الوسائل عضوًا،
- مدير الثقافة الإسلامية عضوًا،
- ممثل عن مصالح أملاك الدولة عضوًا،
- ممثل عن وزارة الفلاحة والصيد البحري عضوا،
- ممثل عن وزارة العدل عضوًا،
- ممثل عن المجلس الإسلامي الأعلى عضوًا.
وإذا نظرنا إلى الصلاحيات الموكلة لهذه اللجنة نجد أنها تتولى النظر والتداول في جميع القضايا المعروضة عليها المتعلقة بشؤون إدارة الأملاك الوقفية واستثمارها وتسييرها وحمايتها، حيث تقوم على الخصوص بما يلي :
1)- دراسة حالات تسوية وضعية الأملاك الوقفية العامة والخاصة عند الاقتضاء في ضوء أحكام المواد 03-04-05-06 من المرسوم التنفيذي 98-381 المؤرخ في 1 ديسمبر 1998، وتعدّ محاضر نمطية لكل حالة على حدة.
2)- تدرس أو تعتمد الوثائق النمطية لعمل وكلاء الأوقاف في ضوء أحكام المواد (10-11-12-13) من المرسوم التنفيذي رقم98/381.
3)- تشرف على إعداد دليل عمل ناظر الملك الوقفي، أو تعتمد اقتراحه، والوثائق النمطية اللازمة لذلك، في ضوء أحكام المادتين 13-14 من المرسوم التنفيذي 98/381.
4)- تدرس حالات تعيين نظّار الأملاك الوقفية أو اعتمادهم واستخلافهم عند الاقتضاء، وحقوق كل واحدة على حدة، في ضوء أحكام المواد 15-16-17-18-19-20 من المرسوم 98/381 وكيفيات أدائها بوثائق نمطية معتمدة.
5)- تدرس حالات إنهاء مهام ناظر الأملاك الوقفية، وتعتمد وثائق نمطية لكل حالة في ضوء أحكام المادة 21 من المرسوم التنفيذي98/381.
6)- تدرس وتعتمد الوثائق النمطية المتعلقة بإيجار الأملاك الوقفية عن طريق:
- المزاد العلني،
- التراضي،
- بأقل من إيجار المثل.
وذلك على ضوء أحكام المواد 22-23-24-25-26-27 من المرسوم التنفيذي رقم 98/381.
7)- تشرف على إعداد دفتر شروط نموذجي لإيجار الأملاك الوقفية أو اعتماده في ضوء فقه الأوقاف والتنظيمات المرعية، تطبيقا لأحكام المادة 23 من المرسوم التنفيذي رقم 98/381.
8)- تدرس حالات تجديد عقود الإيجار غير العادية في إطار أحكام المواد 27-28-29-30 من المرسوم التنفيذي 98/381.
9)- تقترح بعد الدراسة أولويات الإنفاق العادي لريع الأوقاف المتاح، والإنفاق الاستعجالي في ضوء أحكام المواد 32-33-34 من المرسوم 98/381، وتعتمد الوثائق النمطية اللازمة لذلك.
10)- علاوة على ما سبق يمكن للجنة الأوقاف تشكيل لجان مؤقتة تُكلّف بفحص ودراسة حالات خاصة.
- ووفق ما ذكرناه من مهام هذه اللّجنة، فإننا نلاحظ أنها تكرس فكرة المركزية في إدارة الأملاك الوقفية في الجزائر، خاصة إذا نظرنا إلى الأحكام الخاصة بالمرسوم 98/381 ، والتي تتعلق بإدارة الأملاك الوقفية وتسييرها وحمايتها وكيفيات ذلك، مما يوحي بأنّ هذه اللجنة وكأنها اختزال لإدارة الأوقاف في الجزائر، علما أن أعضاءها يتشكّلون من عناصر منهم من لهم علاقة مباشرة بالأوقاف، ونقصد الرئيس والكاتب، بينما الأعضاء الباقون ليست لهم علاقة مباشرة بإدارة الأوقاف، بل وأنهم ليسو من المختصين في ذلك، فكيف يتسنى لهؤلاء أن يحكموا أو أن يدرسوا قضايا متعلقة بقرارات الاستثمار، أو إعادة التقييم، أو إصدار وثائق نمطية، وهذا ما يجعلنا نتساءل عن الحاجة إلى مثل هذه اللّجنة علما أننا لو راجعنا وأصلحنا إدارة الأوقاف بما يعطيها الاستقلالية ويكرّس فيها النمط اللامركزي لأمكن أن نستغني عن هذه اللّجنة، أو كان يمكن الاستعانة بمثيلتها لتكون لجنة استشارة أو لجنة مداولات على أن يكون أعضاؤها متخصصون في إدارة وتثمير الممتلكات الوقفية.
ثم أننا إذا نظرنا إلى المادة الخامسة من القرار الوزاري 29/99، لوجدنا أن المديرية الفرعية لاستثمار الأملاك الوقفية تتولى مهام الكتابة التقنية للجنة الأوقاف حيث تُكلّف بهذه الصفة بـ :
- تحضير الملفات التي تعرض على اللّجنة قصد دراستها،
- إعداد جدول اجتماعات اللّجنة،
- حفظ محاضر ومداولات اللّجنة وكل الوثائق المتعلقة بعملها.
مما يؤكد فكرة قيامها بوظيفة السكريتاريا لهذه اللّجنة، علما أن هذه المديرية من المفترض أن تكون الأكثر استقلالية، والأكثر تخصصا، لأنّها المعنية باستثمار الملك الوقفي حتى لا يندثر، بل وأنها إن قامت بوظيفتها المعتادة أو المألوفة لدى مختلف إدارات الأوقاف في العالم الإسلامي لاعتبرناها العصب الحساس في مديرية الأوقاف عامة.
4/- الصندوق المركزي للأوقاف
ما يرسخ فكرة المركزية في إدارة الأوقاف في الجزائر، هو فكرة الصندوق المركزي للأوقاف، حيث تم إنشاؤه بناء على قرار وزاري مشترك بين وزارة المالية ووزارة الشؤون الدينية ويحمل رقم 31 وهو مؤرخ في 2 مارس 1999م، وهو حساب مركزي، يفتح في إحدى المؤسسات المالية بقرار من الوزير المكلف بالشؤون الدينية (8)، علما أنّه يتم فتح حساب للأوقاف على مستوى نظارة شؤون الدينية (9)، لكن الموارد والإيرادات المحصلة فيها تصب في الحساب المركزي للأوقاف، وهذا بعد خصم النفقات المرخص بها.
و يتضح لنا أنّه حتى في الجوانب التنظيمية المالية للأوقاف في الجزائر نجد فكرة المركزية أكثر تجذّرا، ذلك أنها تلغي تقريبا كل دور مالي للمصالح الفرعية للأوقاف على مستوى الولايات، اللّهمّ إلاّ تلك الجوانب المتعلقة بالنفقات التي تنظمها المادة 33 من المرسوم التنفيذي 98/381 (10) .
1- أستاذ مكلف بالدروس وخبير صندوق الزكاة الجزائري، جامعة سعد دحلب البليدة الجزائر.
2- أستاذ مساعد، جامعة بسكرة ، الجزائر.
3- المادة 1، 3 من المرسوم التنفيذي رقم 2000/146 المؤرخ في 28 جويلية 2000 المتضمن تنظيم الإدارة المركزية في وزارة الشؤون الدينية والأوقاف.
4- المادة 3 من القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 20 نوفمبر 2001، والمتضمن تنظيم مكاتب الإدارة المركزية بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف.
5- المادة 2 من القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 16 نوفمبر 1998 المحدّد لعدد المصالح والمكاتب بنظارات الشؤون الدينية في الولايات.
6- المادة 09 من المرسوم التنفيذي رقم 98/381 المؤرخ في 1 ديسمبر 1998 المحدد لشروط إدارة الأملاك الوقفية وتسييرها وحمايتها وكيفيات ذلك، حيث تذكر هذه المادة أن هذه اللجنة تتولى إدارة الأملاك الوقفية وتسييرها وحمايتها في إطار التشريع والتنظيم المعمول بهما...
7- المادة 2 من القرار الوزاري رقم 29 المؤرخ في 21 فيفري 1999 المتضمن إنشاء لجنة الأوقاف وتحديد مهامها وصلاحياتها.
8- أنظر المادة 2 من القرار الوزاري المشترك رقم 31 المؤرخ في 2 مارس 1999 المتضمن إنشاء صندوق مركزي للأوقاف.
9- المادة 4 من القرار الآنف الذكر.
10- راجع المادة 33 من الملحق رقم 2.
ثانيا: مدى ملاءمة القوانين المنظمة لإدارة الأوقاف في الجزائر للمتغيرات الواقعية
لا ننكر أن هنالك قوانين تم اعتمادها في الجزائر خاصة في فترة التسعينات ساهمت في تفعيل النشاط الوقفي بشكل محسوس، حيث أن النتائج المسجلة على تواضعها توحي بأثر هذه القوانين.
لكن هذا لا يمنعنا من أن نذكر بمجموعة من المتغيرات أصبحت تدعوا إلى ضرورة إعادة هيكلة إدارة الأوقاف بما يتوافق مع المعطيات الواقعية.
في هذا المبحث سنحاول أن نبرز أهم المتغيرات التي برزت سيوأصبحت تدعوا إلى ضرورة أقلمة قوانين إدارة الأوقاف في الجزائر حتى تواكبها بالشكل المرجو، وهذا ما سنتناوله من خلال ما يلي:
1- إدارة الأوقاف وأهمية الوقف في الجزائر
ذكرنا بأن إدارة الأوقاف في الجزائر تكتسي طابعا مركزيا، بما جعل تفعيل البحث عن الأملاك الوقفية واسترجاعها رغم كل ما بذل من جهود تعرف تباطؤًا على كل المستويات، وهذا بالنظر إلى شساعة الأرض الجزائرية، وتخلف الأدوات الاتصالية وبطئها، مما عقّد من عملية إدارة الوقف الجزائري، علما أن الوقف في الجزائر متعدّد الأنواع، ذلك أننا سجلنا في أحد التقارير الصادرة عن وزارة الشؤون الدينية والأوقاف الأنواع التالية من الأوقاف (11) :
1/ السكنات : 1981 (مسكن).
2/ المكتبات : 01،
3/ المحلات التجارية : 787 (محل)،
4/ الأسواق : 01،
5/ المرشات (حمامات الوضوء) : 269،
6/ المدارس : 02،
7/ الحمامات : 26،
8/ المستودعات : 17،
9/ النوادي : 11،
10/ المخابز : 08،
11/ النخيل المستأجرة : 7850 (نخلة)،
12/ أشجار مستثمرة : 1630(شجرة)،
13/ بساتين : 391 (بستان)،
14/ المطاعم : 11 (مطعما)،
15/ بيع يهودية : 19 (بيعة)،
16/ الكنائس : 80 (كنيسة)،
17/ الأضرحة : 21 (ضريح)،
18/ أراضي فضاء : 531 (قطعة أرض = 246 هكتار)،
19/ أراضي فلاحية : 147 (قطعة أرض = 1364 هكتار).
- هذه الأنواع من الأوقاف تجعل عملية تسييرها من حيث من يقوم بها تعتبر صعبة نوعا ما بالنظر إلى الطابع المركزي للأوقاف في الجزائر،واقتصار الإدارة اللامركزية على مكتب الأوقاف الذي ينتمي إلى مصلحة الإرشاد والشعائر الدينية والأوقاف.
- كل هذه الأرقام تم التوصل إليها إلى غاية ماي 1998، يضاف إليها التوزيع الجغرافي الذي يعتبر مهمًّا في الحكم على مواكبة أو عدم مواكبة القوانين الخاصة بإدارة الأوقاف للمتغيرات الواقعية، فإذا نظرنا إلى التوزيع الجغرافي للأوقاف في الجزائر خاصة تلك التي تم العثور عليها نجدها موزعة كما يلي:
/ الولاية / / الهكتار / /// الآر /// // سآر //
تلمسان 5541 48 44
مغنية 140 90 65
معسكر 296 90 0
البويرة 163 69 19
صور الغزلان 97 61 9
المدية 1 39 55
بومرداس (الثنية)38 90 68
الشلف42 10 68
عين الدفلى (خميس مليانة) 0 13 2
تيزي وزو30 48 80
الجزائر وضواحيها544 92 49
عين تموشنت (ولهاصة) 92 88 68
تيبازة 977 0 0
المجموع7961 738 527
هذه الولايات وغيرها من الولايات ما يزال البحث فيها عن الأملاك الوقفية جاريًا، توحي بضخامة المشروع مما يستدعي تنظيمًا إداريًا جديدًا يجعل العملية تسير بفعالية أكبر وكفاءة عالية.
2- إدارة الأوقاف وعلاقتها بالإدارات الأخرى:
إن من المتغيرات التي برزت إلى الوجود والتي أصبحت تطرح نفسها بشدة هو أن عملية استرجاع الأوقاف في الجزائر ترتبط بمجموعة من الإدارات على اختلاف مستوياتها، هذا الأمر جعل الوزارة الوصية توقّع مجموعة من القرارات الوزارية المشتركة والتي تمكنها من التعامل معها وفق أصول وقواعد متفق عليها مسبقا، عن هذه الوزارات وإداراتها ما يلي (12):
- وزارة المالية:
و فيها مجموعة من الإدارات التي لها علاقة بتوفير الإمكانات اللازمة لاسترجاع الأملاك الوقفية هي كما يلي:
أ/ مصالح مسح الأراضي، والتي يمكن الاستفادة من خلالها من:
1- وثائق مسح الأراضي ( من سنة 1989 إلى اليوم ).
2- وثائق أرشيف مسح الأراضي ( إبّان الاحتلال الفرنسي ).
ب/ مصالح أملاك الدولة، والتي توفر بدورها إمكانية البحث عن أنواع معينة من الأملاك الوقفية من خلال:
1- المحافظة العقارية: حيث تتوفر على عقود الملكيات ووثائق إدارية تمكن من الوصول إلى المالكين الأصليين.
2- أرشيف المحافظة العقارية: حيث تتوفر هذه المصلحة على وثائق وعقود إدارية حول صفقات مصادرة الأملاك الوقفية من طرف الإدارة الاستعمارية الفرنسية، ويوجد بهذه المصلحة مختلف السجلات التي يعود تاريخها إلى ما بين 1841-1900.
ج/ مصالح الضرائب، والتي تحتوي على:
1- أرشيف الضرائب الخاص بالبطاقات التقنية للعقارات مرتبة حسب أسماء المالكين، أيضا تسجيل العقود الإدارية منذ عهد الاستعمار الفرنسي.
2- أرشيف الرهون، المرتبة حسب الأسماء، عمليات البيع والشراء للعقارات، شهادات الرهن.
- وزارة العدل:
و التي تمكّن من خلال مصالحها إمكانية إضافية لاسترجاع الأملاك الوقفية، هذه المصالح هي:
أ/ أرشيف المحاكم والمجالس القضائية، خاصة تلك الخاصة بـ:
1- أحكام البيع في المزاد العلني لأملاك الوقف.
2- أرشيف المحاكم الشرعية المالكية والحنفية ( اللتان كانتا في العهد الاستعماري).
ب/ أرشيف وزارة العدل، حيث تتوفر مصالحه على وثائق القضاة لها علاقة بالوقف.
- وزارة الثقافة والإعلام:
هذه الوزارة يمكنها أن تمكّن من استرجاع الأملاك الوقفية منذ العهد العثماني وذلك من خلال مركز المخطوطات الوطنية الذي يحتوي على وثائق فيها ما يخص الوقف، مثل:
- سجل العثمانيين للأملاك الوقفية.
- سجل مداخيل الوقف.
- سجلات أملاك موقوفة لصالح مساجد وجمعيات دينية ( مكة والمدينة، الأندلس، سبل الخيرات، الجامع الأعظم ...).
- وزارة الفلاحة:
تمكّن هذه الوزارة من خلال إدارتها من:
أ/ البحث عن الوثائق فيما يتعلق بتأميم أملاك الزوايا والأوقاف العامة والخاصة في إطار الثورة الصناعية وهذا تطبيقا للمنشور الوزاري المشترك رقم 11 المؤرخ في 14 جانفي 1992 المحدد لكيفية استرجاع الأراضي الوقفية المؤممة في إطار قانون الثورة الزراعية.
ب/ البحث في الأرشيف على الوثائق المختلفة.
- وزارة الداخلية والجماعات المحلية:
و هذا من خلال ما يتوفر لدى مختلف مصالحها على المستوى المحلي من بلديات ودوائر وولايات من الوثائق التالية :
أ/ عقود الملكية والعقود الإدارية وأيضا المخططات.
ب/ عقود تمويل أراضي ( بناء مساجد، مدارس قرآنية، عقود التنازل عن عقارات لصالح الجمعيات الدينية ).
- وزارة الدفاع الوطني:
و هذا من خلال الخرائط التابعة لها والتي يمكن أن تسهّل عملية البحث وحصر الأملاك الوقفية.
- أرشيف ولاية الجزائر: ذلك أن بهذه الولاية مقابر لمسلمين ومسيحيين أسست على أملاك وقفية.
- أرشيف المجلس الشعبي لمدينة الجزائر: الذي يحتوي على وثائق قد تكون الأساس لانطلاق عملية استرجاع أملاك وقفية اندثرت منذ عهد الاستعمار الفرنسي.
- الأرشيف الوطني: ذلك أن الأرشيف يحتوي على حوالي 4000 عقد ملك وقفي تحتاج إلى جهود مادية وبشرية لاستغلالها.
- الأرشيف الخارجي: و نقصد به خارج الدولة الجزائرية، خاصة ما هو متواجد بفرنسا وبشكل أدق لدى أرشيف إكس أنبروفنس، وهي مؤسسة تمتلك وثائق مهمة خاصة بالأملاك الوقفية في الجزائر في عهد الاستعمار الفرنسي.
كل هذه الوزارات وإداراتها المختلفة جعلت الحاجة إلى إعادة النظر في إدارة الأوقاف في الجزائر أمرًا لازمًا، ذلك أن الإدارة بالشكل الذي هي عليه الآن تعتبر قاصرة أمام حجم المهام الموكلة إليها، إننا نتحدث في الجزائر عن استرجاع الأملاك الوقفية التي ضاعت منذ عهد الاستعمار وتم إهمالها بعد الاستقلال، وطالت مدة ضياعها، بل أن منها ما أصبح مستحيل ردّه، نتيجة أنّ عقودها ترجع إلى العهد العثماني، وأن الأماكن تغيرت من حيث الطبيعة والاسم إذا تعلق الأمر بشارع أو منطقة أخذت الآن أو قبله تسميات مختلفة تمامًا عن اسمها في العهد العثماني.
ألا يعتبر كل هذا دافعًا قويًا إلى ضرورة إعادة النظر في الإدارة الوقفية في الجزائر، ثم أن العلاقات المتشعبة مع الوزارات المختلفة وإدارتها ، تستدعي كفاءة جيدة في المستخدمين وأيضا نوعًا من التخصص ثم تطوير تقنيات العمل والكم اللازم من المستخدمين.
كل هذا يضاف إليه أن الوثائق الخاصة بالوقف في الجزائر هُرِّبت من طرف الإدارة الاستعمارية الفرنسية، وهي حاليا متواجدة في أحد المراكز التي ذكرناها، مما يستدعي جهودًا إضافية لدى السلطات المعنية لاستعادتها أو إيفاد من يقوم باستغلالها، علمًا أن هنالك أملاكا وقفية أخرى بمكة المكرمة والمدينة المنورة وغيرهما تستدعي أيضا معاملة خاصة.
ثالثا: أهم محاور تعديل وتطوير قوانين إدارة الأوقاف في الجزائر
تعرضت الإدارة الوقفية في الجزائر إلى مجموعة من التغيرات من خلال مختلف القوانين والمراسيم التي استهدفت تطويرها بما يتوافق مع تحسين أدائها في كل وضع جديد كان يطرأ عليها، لكن كل هذه القوانين لم تستطع أن تجعل منها إدارة عصرية وفعالة في القيام بمهامها، وهذا نظرا لطول المدة التي ظل الوقف الجزائري فيها ضائعًا.
من خلال هذا المبحث سنحاول أن نسلط الضوء على أهم محاور تعديل وتطوير قوانين إدارة الأوقاف في الجزائر.
1- التعديلات السابقة لقوانين إدارة الأوقاف في الجزائر
مرت قوانين إدارة الأوقاف في الجزائر بمجموعة من التعديلات أو التطورات يمكن أن نصنفها كما يلي:
- قوانين إدارة الأوقاف من 1962 إلى 1991 (13)
بعد الاستقلال غدت الجزائر تعاني من فراغ قانوني في مجال إدارة الأملاك الوقفية وتسييرها، وهذا كان ناجما عن تصرفات المستعمر الذي حاول طمس هوية الشعب الجزائري بكل الأساليب التي كان يجدها مناسبة لذلك، وكان منها سلب الملك الوقفي واستخدامه لأغراض عسكرية ودينية (غير إسلامية) وحتى لجعلها في متناول المعمرين آنذاك.
لكن أثر الاستعمار الفرنسي لم يكن الوحيد الذي ساهم بشكل كبير في اندثار الملك الوقفي وتردي إدارة الأملاك الوقفية في الجزائر، بل أن هنالك آثار أخرى جاءت نتيجة صدور المرسوم التشريعي رقم 62/157 المؤرخ في 31/12/1962 والقاضي بتمديد سريان مفعول القوانين الفرنسية في الجزائر فيما عدا تلك التي كانت تمس بالسيادة الوطنية، ونتج عن ذلك إدماج كل الأملاك الوقفية إما ضمن أملاك الدولة ( الأملاك الشاغرة بعد الاستقلال) أو في الاحتياطات العقارية.
و رغم صدور المرسوم 64/283 المؤرخ في 17/09/1964 والمتضمن نظام الأملاك الحبسية (الوقفية) العامة إلاّ أن الآثار السابقة بقت قائمة، علما أن هذا المرسوم بقي دون تطبيق، مما يعني ضعفًا كبيرًا في إدارة الأوقاف آنذاك ووسع من ضياع واندثار الأملاك الوقفية في الجزائر.
و مما برز ضعف القوانين الخاصة بإدارة الأوقاف في الجزائر خاصة في فترة السبعينات والستينات أن الأمر رقم 71/73 والمتضمن قانون الثورة الزراعية أكد في المادة 34 منه على أن الأملاك الوقفية مستثناة من عملية التأميم التي كانت سارية آنذاك، لكن ما حدث هو أن أراضي وقفية تم تأميمها في إطار المرحلة الأولى من الثورة الزراعية، ما يؤكد ضعفًا كبيرًا وقصورًا واضحًا في إدارة الوقف آنذاك.
يضاف إلى كل هذا ما حدث في بداية الثمانينات خاصة ما تعلق بالقانون رقم 81/01 المؤرخ في 07/02/1981 والمتضمن التنازل عن أملاك الدولة، ولم يستثني الأملاك الوقفية من عملية البيع، وكان هذا ضربة من الضربات القوية التي تعرضت لها الأملاك الوقفية في الجزائر قبل وبعد الاستقلال مما عقّد من إمكانيات استيرادها.
بعدها جاء قانون الأسرة رقم 84/11 ليخصص فصلاً كاملاً يحدد فيه مفهوم الوقف، لكن ذلك لم يكن كافيا لضمان إدارة قانونية قوية وفعالة لحماية الوقف وإدارته.
لكن صدور دستور 23/02/1989 مكّن من إقرار حماية الأملاك الوقفية، وهذا من خلال نص المادة 49، وأيضًا أحال تنظيم وتسيير الأوقاف إلى قانون خاص.
و بعدها تجسد الوجود القانوني للأوقاف بصدور القانون رقم 90/25 والمتضمن التوجيه العقاري الذي رتّب الأوقاف كصنف من الأصناف العقارية القانونية الثلاثة في الجزائر، بنص المادة 23، وأبرز هذا القانون أهمية الوقف واستقلالية تسييره الإداري والمالي، وخضوعه لقانون خاص في مادتيه 31 و32.
ثم بعدها صدر قانون الأوقاف تحت رقم 91/10 الصادر بتاريخ 27/04/1991 الذي أقر الحماية والتسيير والإدارة إلى السلطة المكلفة بالأوقاف، ومن هنا بدأت تجسيد استقلالية القوانين الخاصة بالأوقاف في الجزائر من حيث مختلف الأحكام المتعلقة بها وأيضا الإدارة والتسيير.
- قوانين إدارة الأوقاف بعد 1991
بموجب المرسوم التنفيذي رقم 94/470 المؤرخ في 25/12/1995 أُنشأت مديرية الأوقاف، ولقد تضمن المرسوم تنظيم الإدارة المركزية لوزارة الشؤون الدينية، وأصبحت الأوقاف في الجزائر مُسيَّرةً من طرف مديرية فرعية وهذا ما كان ساريًا منذ 1965 وذلك بناءً على المراسيم التالية :
- المرسوم رقم 65/207،
- المرسوم رقم 68/187،
- المرسوم رقم 86/130،
- المرسوم رقم 89/100،
ثم بدأت البرامج الحكومية تعطي أهمية كبيرة للأملاك الوقفية ولإدارتها حيث أكّد برنامج الحكومة المصادق عليه من طرف المجلس الشعبي الوطني في 17/08/1997 على مكانة الأوقاف، وضرورة النهوض بها حتى تكون أداة فعالة تساهم في التنمية الاجتماعية والتضامن الوطني، وأكد أيضا على أهمية إعادة تثمينها لفائدة المجتمع.
لكن إلى غاية 97 لم يكن قد صدر المرسوم التنفيذي المحدد لكيفيات إدارة وتسيير الأملاك الوقفية وطرق استثمارها رغم مضي 6 سنوات على صدور قانون الأوقاف (91/10) (من 91 إلى 97).
أما فيما يتعلق بالتنظيم الإداري للأوقاف فإن المديرية الفرعية للأوقاف حاولت أن تغطي النقص في النصوص القانونية التنظيمية باستعانتها بالمناشير والمذكرات المحددة لكيفيات تنظيم وتسيير الأملاك الوقفية وضبط مداخيلها ونذكر هنا :
- المنشور الوزاري رقم 37 المؤرخ في 05/06/1996 المحدد لكيفية دفع إيجار الأوقاف،
- المذكرة رقم 01/96 المؤرخة في 03/07/1996 المحددة لكيفية دفع إيجار الأوقاف،
- المذكرة رقم 03/96 المؤرخة في 17/07/1996 المتضمنة ضبط التقارير المالية (حسب نماذج موحدة) ومواعيد إرسالها،
- المنشور الوزاري رقم 56 المؤرخ في 05/08/1996 الموجه للسادة الولاة والنظار والمتضمن موضوع توسيع دائرة الاهتمام بالأملاك الوقفية،
- المذكرة رقم 01/97 المؤرخة في 05/01/97 المتضمنة توجيهات تنظيمية لإدارة الأوقاف لا سيما: ترشيد المكلفين بالأوقاف - علاقة مسير الأوقاف بالمستأجر - الوثائق الواجب توفرها في ملفات الأوقاف.
- المذكرة رقم 02/97 المؤرخة في 19/07/1997 المتضمنة ضرورة الحرص على تنمية وتثمين الأملاك الوقفية.
ثم جاء المرسوم التنفيذي رقم 98/381 المؤرخ في 01/12/1998 ليحدد شروط إدارة الأملاك الوقفية وتسييرها وحمايتها وكيفيات ذلك، وقد احتوى على خمسة فصول هي كما يلي :
* الفصل الأول أحكام عامة
* الفصل الثاني: تسوية وضعية الأملاك الوقفية وإدارتها وتسييرها وفيه:
/ تسوية وضعية الأملاك الوقفية،
/ نظارة الأملاك الوقفية،
/ أجهزة التسيير،
/ مهام ناظر الملك الوقفي وصلاحياته،
/ شروط تعيين ناظر الوقف،
/ حقوق ناظر الملك الوقفي وكيفية أداء مهامه وانتهائها.
* الفصل الثالث: إيجار الأملاك الوقفية
* الفصل الرابع: أحكام مالية
* الفصل الخامس: أحكام ختامية
و أعطى هذا المرسوم دفعة إدارية وتنظيمية وتسييرية لإدارة الأوقاف في الجزائر، مما فعّل العملية إلى حدّ معين، وهذا مجسّد من خلال النتائج التي ذكرناها سابقا أو التي سنذكرها لاحقا.
ثم جاء القانون رقم 01-07 المؤرخ في 22 ماي 2001 ليعدل ويتمم القانون رقم 91/10 المؤرخ في 27 أفريل 1991، حيث احتوى على مجموعة من التعديلات كان أبرزها تفصيل لاستثمار وتنمية الأملاك الوقفية مما أعطى توضيحًا أكثر لهذا الجانب لدى إدارة الأوقاف المكلفة ضمن مهامها باستثمار وتنمية الملك الوقفي وهذا وفق الصيغ المحددة في هذا القانون، كما أعطى للسلطة المكلفة بالأوقاف حق إبرام العقود.
2- محاور تعديل وتطوير مقترحة لقوانين إدارة الأوقاف في الجزائر:
رغم كل النتائج الإيجابية المتواضعة التي حققتها إدارة الأوقاف في الجزائر فيما يتعلق باسترجاع الأملاك الوقفية، إلاّ أننا نرى أنها تظل قاصرةً وعاجزةً عن الوصول إلى مستويات مردودية عالية أو مقبولة بشكل أكبر مما هي عليه الآن في ظل القوانين التي تنظمها، لذا فإننا نقترح مجموعة من التعديلات والتطويرات التي تجعل قوانين إدارة الأوقاف في الجزائر أكثر فاعلية وأكثر مردودية نوجزها فيما يلي :
- على المستوى التسييري: إن أبرز فكرة يمكن أن نطرحها هنا هي مراجعة أحكام المادة 3 من المرسوم التنفيذي رقم 2000/146 المؤرخ في 28 يونيو2000 والمتضمن تنظيم الإدارة المركزية في وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، وهذا باعتبار مديرية الأوقاف مديرية مستقلة تمامًا عن غيرها، حيث يكون هيكلها التنظيمي خاصًا بالأوقاف فقط ونقترح أن تدعى مديرية الأوقاف (DW).
ثم إنشاء المديرية الجهوية للأوقاف والتي يمكن أن تقتصر على ما يلي :
/ المديرية الجهوية للأوقاف بالوسط: وتضم كل ولايات الوسط،
/ المديرية الجهوية للأوقاف بالغرب: وتضم كل ولايات الغرب،
/ المديرية الجهوية للأوقاف بالشرق: وتضم كل ولايات الشرق،
/ المديرية الجهوية للأوقاف بالجنوب: وتضم كل ولايات الجنوب.
أيضا إعادة النظر في أحكام المادة 3 من القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 16 نوفمبر 1998 والمحدد لعدد المصالح والمكاتب بنظارات الشؤون الدينية في الولايات، على أن يتم تعويض مكتب الأوقاف الذي يعتبر أحد مكاتب مصلحة الارشاد الديني والشعائر والأوقاف، بما يمكن أن نطلق عليه اسم مصلحة الأوقاف.
كما نقترح إلغاء لجنة الأوقاف واستبدالها بالمفتشية العامة للأوقاف والتي تعتبر السلطة الرقابية لإدارة الأوقاف في الجزائر، ويمكن أن توكل إليها مهام لجنة الأوقاف المنصوص عليها في القرار الوزاري رقم 29 المؤرخ في 21 فبراير1999، المتضمن إنشاء لجنة الأوقاف وتحديد مهامها وصلاحياتها، ذلك أننا نرى أن هذه اللجنة ليست مختصة وبالتالي فإن إنشاءها يعزّز فكرة المركزية في إدارة الأوقاف في الجزائر.
كما يمكننا أن نقترح إلغاء مهمة متابعة مشاريع استغلال الأملاك الوقفية وتفقدها وإعداد تقارير دورية عن ذلك من مهام المفتشية العامة في وزارة الشؤون الدينية والأوقاف المحدثة بالمرسوم التنفيذي رقم 2000/371 المؤرخ في 18 نوفمبر 2000.
تجسيدًا أيضا للامركزية فإننا نقترح أيضًا إنشاء الصندوق الجهوي للأوقاف عِوَضَ الصندوق المركزي على أن لا يتم إلغاء هذا الأخير، حيث لابدّ أن يكون مخصّصًا لإيرادات الأملاك الوقفية بالخارج أو يمكن أن تخصص نسبة من إيرادات الأملاك الوقفية الجهوية لتصب فيه على أساس استغلالها بما يخدم المصلحة العامة، وهذا يعني تعديلاً على القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 2 مارس 1999 والمتضمن إنشاء صندوق مركزي للأملاك الوقفية.
- على المستوى التنظيمي: مجموعة من المقترحات نرى من الضروري أن تؤخذ بعين الاعتبار فيما يتعلق بالجانب التنظيمي لدى إدارة الأوقاف، ويمكن أن نعرضها فيما يلي:
أ/ اعتماد مذكرات، مناشير، تعليمات، تنظيمات مفصلة تغطي الفراغ القانوني والغموض الذي يكتنف قانون الأوقاف الجزائري، وأيضا مختلف القضايا التي تبرز من خلال الممارسات العملية.
ب/- إنشاء دليل أو دلائل تساعد على توحيد الممارسات الوقفية على مستوى كل الإدارات المحلية للأوقاف.
ج/- اعتماد بطاقية وطنية لكل وقف، تشكل القاعدة لاعتماد أي استراتيجية وقفية وطنية، سواء ما تعلق منها بالاستثمار أو الإيجار أو غير ذلك من الأنشطة الوقفية.
د/- تفعيل النشاطات الاتصالية الإعلامية فيما بين الإدارة المركزية للأوقاف والإدارات المحلية، من خلال أيام دراسية دورية، تمكن من طرح الانشغالات وإيجاد الحلول الموافقة، وتدوينها حتى تكون مرجعا يساعد على تنوير عمل وكلاء الأوقاف.
هـ/- اعتماد موقع على الأنترنيت توصل به كل الإدارات المحلية، يحتوي مختلف الأدوات القانونية والتنظيمية والاجرائية، التي تمكن من تسهيل العمل الوقفي خاصة في مجال البحث.
و/- تكثيف عمليات البحث عن الأملاك الوقفية لدى مختلف الإدارات ذات الصلة بالموضوع وهذا بإصدار قرارات وزارية مشتركة تجد لها تطبيقا في أرض الواقع وبشكل عملي وفعال.
مشكلات إدارة الأوقاف الجزائرية واتجاهات إصلاحها:
تعاني إدارة الأوقاف الجزائرية من مجموعة من المشكلات تعيق السير الحسن لنشاطاتها، خاصة إذا أكّدنا أن الوقف في الجزائر عرف فترة طويلة من الإهمال والاندثار وبالتالي فإن النشاطات التي أعقبت قانون الأوقاف 91/10 وما بعده كانت مركّزةً بشكل أكبر على استرجاع الأملاك الوقفية على وجه الخصوص، هذا من جهة، ومن جهة أخرى نجد أن إدارة الأوقاف بالشكل الذي ظهرت عليه بعد القانون 91/10 إلى غاية يومنا هذا تعتبر حديثة نسبيًا، كما يعني قلة التجربة التي تقابلها ضخامة المشروع من حيث المهام المرتبطة به، كل هذا يضاف إليه الأساليب التقليدية التي ما تزال تستخدمها إدارة الأوقاف الجزائرية في بداية القرن الواحد والعشرين، رغم كل التطورات التي حدثت في الأساليب الحديثة للتسيير والتنظيم الإداري.
من خلال هذا الفصل سنحاول أن نسلط الضوء على مجموع المشاكل التي تعاني منها إدارة الأوقاف في الجزائر، وعرض مختلف الجهود التي بذلت من أجل توفير مجال أفضل لتسهيل النشاط الإداري الوقفي في الجزائر.
أولا: أهم المشكلات الإدارية للأوقاف في الجزائر
ما تزال إدارة الأوقاف في الجزائر عاجزة عن القيام بالمهام الموكلة إليها بالمستوى الذي يفترض أن تقدمه، لكن هذا بعيد عن التحقيق على أرض الواقع، خاصة إذا كنا نتحدث عن إدارة أوقاف حديثة (ليست قديمة) في ظل قانون الأوقاف 91/10، الذي أعطى لهذه الإدارة نوعًا من الأهمية، والجهود حاليا تنصب على تأسيس تقاليد وقفية في الجزائر، علمًا أنه لا وجود لما يمكن أن يُطلق عليه تسمية التقاليد الوقفية.
1- غياب قاعدة قانونية متينة:
و هذا من أبرز المشاكل التي تعاني منها إدارة الأوقاف في الجزائر، ذلك أنّ أبرز قاعدة قانونية للأوقاف في الجزائر هي قانون 91/10 الذي ذكرناه من قبل ثم يليه قانون 01-07 المؤرخ في 22 ماي 2001 المعدّل والمتمّم لقانون 91/10، وما دون هذين القانونين لا وجود لقوانين أخرى تنظّم إدارة الأوقاف في الجزائر، هذا ما يعكس قصورًا كبيرًا في آداء هذه الإدارة، خاصة إذا علمنا أنه لم يتم إصدار المرسوم التنفيذي لتقنية إدارة وتسيير الأملاك الوقفية وطرق استثمارها إلاّ بعد 7 سنوات من صدور قانون 91/10 وهذا ما يؤكّد فكرة الإهمال النسبي للأوقاف في الجزائر، علمًا أنه بدون هذا المرسوم لم يكن ممكنا تفعيل النشاط الإداري الوقفي، وبالتالي فبعد التأخّر والإهمال السابق للأوقاف وإدارتها قبل سنة 1991 أضيف لها إهمال آخر حتى بعد صدور هذا القانون وما تزال الإدارة الوقفية تعاني من نقصان ما يلي:
- التنظيمات الإدارية التي توضّح كيفيات تطبيق القوانين المختلفة للأوقاف في الجزائر.
- التعليمات الخاصة بالممارسات الإدارية الوقفية، خاصة على المستوى المحلي.
- المذكرات والمناشير التي يمكن أن تقدم توضيحات حول مختلف الإشكالات التي قد يتعرض لها المشرفون على الإدارة الوقفية على كل المستويات.
هذا ما يجعل إدارة الأوقاف في الجزائر تواجه فراغًا كبيرًا بين واقع الأوقاف الذي يطرح مشاكل عدة متشعّبة، تجعل في الكثير من الأحيان إمكانيات استرجاعها شبه مستحيلة رغم وجود قوانين تؤكد على ضرورة استرجاع الملك الوقفي مهما كانت الجهة المستغّلة له، علمًا أنه يوجد صيغ يمكن من خلالها الحصول على تعويض مقابل الأوقاف غير المسترجعة. لكن في التطبيق كل هذه الأشياء وغيرها تكاد تكون الإجراءات القانونية المقابلة لها حبرًا على ورق.
فوق كل هذا أو ذاك فإن القضايا النزاعية للأوقاف في الجزائر تطرح نفسها بشدة من حيث كون العديد من الأوقاف في الجزائر ليست لها وثائق ومستندات لإثبات وقفها، ثم أن هذه القضايا تحتاج إلى متابعة جادة، لكن عندما نأتي إلى قانون الأوقاف لا نجد إلاّ مادة واحدة تشير إلى أنّه ( تتولى المحاكم المختصة التي تقع في دائرة اختصاصها محل الوقف، النظر في المنازعات المتعلقة بالأملاك الوقفية. (المادة 48 من قانون الأوقاف 91/10)). علما أن القضايا النزاعية تحتاج إلى تفصيل أكبر في النصوص القانونية اللاّزمة، إذ لا يعقل أن تختصر المنازعات الوقفية في مادة واحدة تحدد فقط الجهة الوصية على هذه المنازعات، حيث يمكن أن نجد منازعات خاصة بإعادة تقييم الإيجار، وأخرى تتعلق بتمويل عمليات الصيانة وقد نجد أيضًا منازعات خاصة بتحصيل المستحقات الوقفية، كل هذه القضايا وغيرها يمكن أن تدرس وتعالج على المستوى المحلي أو على المستوى المركزي، وبالتالي فإننا نسجل أحد أكبر المشاكل التي تعاني منها إدارة الأوقاف في الجزائر والمتمثلة في قصور قانون الأوقاف في مجال المنازعات.
و نحن نرى أن المنازعات على أرض الواقع قد تأخذ الأشكال التالية:
أ/ المنازعات الإدارية: والتي يمكن أن تعالجها الإدارة بالأخذ والردّ مع الطرف المنازع لها، حتى يصلان إلى تسوية مقبولة من كليهما. هذه المنازعات قد تكون :
1- منازعات محلية: وتعطي الإدارة المحلية صلاحية البث فيها.
2- منازعات وطنية: والتي قد يكون حجمها كبير حيث يتطلب الأمر تدخل الإدارة المركزية للبث فيها من خلال ما تمتلك من خبرات تقنية وقانونية تؤهلها إلى البث في القضايا النزاعية الإدارية الكبرى.
ب/ المنازعات القضائية: هذه المنازعات يمكن أن تكون ضمن أحد الأسباب التالية :
1- قضايا نزاعية إدارية كبرى عجزت الإدارة عن إيجاد تسوية لها مع الطرف المنازع، ولم يكن من الممكن حلّها إلاّ باللّجوء إلى القضاء، عندها يتولى القضية محامي الإدارة.
2- قضايا نزاعية تستوجب تدخل القضاء عند انطلاقها، وهي تلك المتعلقة باسترجاع الملك الوقفي أو التعويض الناتج عن استحالة استرجاعه، هذه القضايا ومثيلاتها لا يمكن معالجتها إلاّ عن طريق القضاء الذي لديه صلاحية البث فيها، ذلك أن العديد من الأوقاف في الجزائر ليست لها سندات ملكية وهذا له أسبابه التاريخية المعروفة ولا يمكن تسويته إلاّ عن طريق المحكمة المخوّل لها صلاحية ذلك.
و بالتالي فإننا نرى أن القضايا النزاعية الإدارية يجب أن تكون لها قوانين وقفية تنظمها، تعتمدها الإدارة في حل مختلف القضايا والمشاكل التي تطرح على أرض الواقع.
و هذا لا يعني أبدًا أن النزاعات القضائية ليست معنية بها بل يجب أن يشير القانون إلى مختلف القضايا الوقفية التي يمكن أن تكون محل نزاع قضائي، والإشارة إلى مختلف الإجراءات الأساسية الواجب توفيرها لتأسيس القضية وضمان احترام الشروط الشكلية والضمنية لقبول معالجتها.
و الواقع أن أغلب إن لم نقل كل القضايا الوقفية في الجزائر تدرس وتعالج على مستوى الإدارة المركزية، مما يعني ضخامة المهام الموكلة للمديرية الفرعية للبحث عن الأملاك الوقفية والمنازعات.
قضية أخرى تطرح نفسها بشدة وهي استثمار الأملاك الوقفية، حيث لا نجد في قانون الأوقاف: 91/10 إلاّ مادة واحدة التي كانت تشير إلى استثمار وتنمية الأملاك الوقفية: المادة 44 التي تنص على أنه:( تنمى الأملاك الوقفية وتستثمر وفقا لإرادة الواقف وطبقا لمقاصد الشريعة الإسلامية في مجال الأوقاف حسب كيفيات تحدد عن طريق التنظيم ).
و رغم هذا الفراغ القانوني في مجال استثمار الأوقاف إلاّ أنه كان ينتظر أن يقدم المرسوم التنفيذي رقم 98/381 تفصيلا بخصوص هذا المجال، ونقصد تفصيلاً أكبر للمادة 44 من قانون 91/10، لكنه لم يقدم ولو إشارة بسيط لذلك، وإذًا فرغم انتظار 7 سنوات حتى يصدر هذا المرسوم إلاّ أنه أغفل أحد أهم وظائف إدارة الأوقاف المتمثلة في تنمية واستثمار الملك الوقفي.
رغم أن المرسوم التنفيذي 91/114 ينص على أن من مهام وكيل الأوقاف السهر على استثمار الأوقاف لكن لا توجد أي صيغ وأساليب يستنير بها في القيام بمهامه.
لكن القانون 01-07 المؤرخ في 22 ماي 2001 المعدّل والمتمّم للقانون 91/10 تناول قضية استثمار الأملاك الوقفية في المواد التالية :
المادة 26 مكرر التي تنص على أنه:( يمكن أن تستغل وتستثمر وتنمى الأملاك الوقفية بتمويل ذاتي أو بتمويل وطني أو خارجي مع مراعاة القوانين والتنظيمات المعمول بها ).
أيضا نجد المادة 26 (مكرر1) على أنه: يمكن أن تستغل وتستثمر وتنمى الأملاك الوقفية إذا كانت أرضًا زراعية أو شجرًا بأحد العقود الآتية:
1- عقد المزارعة ....
2- عقد المساقاة ....
... أيضا المادة 26 ( مكرر2 ) تنص على أنه يمكن أن تستثمر عند الاقتضاء الأرض الموقوفة العاطلة بعقد الحكر ...
و تنص نفس المادة ( مكرر5 ) على أنه يمكن أن تستغل وتستثمر وتنمى الأرض الموقوفة بعقد المرصد...
ثم نجد نفس المادة ( في المكرر 6 ) على أنه تستثمر الأملاك الوقفية بعقد المقاولة... وعقد المقايضة...
أما المكرر 7 من نفس المادة نجده يحدّد طريقة خاصة لاستثمار وتنمية الأملاك الوقفية المبنية المعرّضة للخراب والاندثار بعقد الترميم أو التعمير....
ونجد المكرر 10 من نفس المادة يتحدث عن تنمية الأملاك الوقفية العامة عن طريق تحويل الأموال المجمّعة إلى استثمارات منتجة باستعمال مختلف أساليب التوظيف الحديثة مثل:
1/ القرض الحسن.
2/ الودائع ذات المنافع الوقفية.
3/ المضاربة الوقفية.
و الشيء الملاحظ هو أن مادة واحدة مضاف إليها المادة 45 اللتان أصبحتا تنصان عن استغلال الأملاك الوقفية استغلالاً تنمويًا استثماريًا.
وعندما نأتي إلى التنظيمات والمذكرات والمناشير والتعليمات لا نجد أيًا منها فصل كيفيات تطبيق مختلف هذه الصّيغ، ناهيك عن العقود النموذجية التي يجب أن تكون موجودة لمواجهة طلبات المستثمرين، ذلك أنه حتى لو وجد المستثمر فإن تطبيق العقد غير ممكن لعدم توفّر نماذج لعقود معتمدة لدى إدارة الأوقاف الجزائرية، ونحن نقصد بالعقود ما يلي:
1- عقد المزارعة.
2- عقد المساقاة.
3- عقد الحكر.
4- عقد المرصد.
5- عقد المقاولة.
6- عقد المقايضة.
7- عقد الترميم / أو عقد التعمير.
8- عقد القرض الحسن.
9- عقد المضاربة الوقفية.
كل هذه العقود وغيرها تحتاج إلى نماذج تقترح تكون مجالاً لنقاش يضمن إخراجها وفق شروط لا تعرض الملك الوقفي للمخاطر المختلفة، لكن إلى غاية يومنا هذا لم يتم اعتماد أي عقد لدى إدارة الأوقاف الجزائرية، مما يعني أن عملية استثمار الملك الوقفي في الحقيقة ما هي إلاّ مادة أو مادتين قانونيتين لم تجد لهما تطبيقا على أرض الواقع.
2- الافتقاد إلى تقاليد إدارية وقفية:
إذا تحدثنا عن التقاليد الإدارية فنحن نقصد ذلك الرصيد من الخبرة المتأتية عن ممارسة إدارية معينة، والتي تمنح صاحبها القدرة على التصرّف والمبادرة وفق ما علّمته الخبرة المهنية الموجّهة بتصحيح الأخطاء والاستفادة منها.
هذه التقاليد غائبة تمامًا لدى الإدارة الوقفية الجزائرية، ذلك أن الأمر راجع بالدرجة الأولى إلى أن الأوقاف كإدارة لم يكن لها وجود حقيقي بالمفهوم الصحيح إلاّ بعد صدور القانون 91/10 ثم المرسوم التنفيذي 98/381، وأن تنظيمها بالشكل الحالي جاء بناء على القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 20 نوفمبر 2001 والمتضمن تنظيم مكاتب الإدارة المركزية بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف، هذا على المستوى المركزي أما على المستوى المحلي فلم يتم اعتماد مكتب الأوقاف بالشكل الحالي إلاّ بعد صدور القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 16 نوفمبر 1998 المحدّد لعدد المصالح والمكاتب بنظارات الشؤون الدينية في الولايات.
كل هذا يؤكّد على حداثة الإدارة الوقف