عموما تهدف الرقابة إلى تقدير نوعية التسيير و الإدلاء عند الاقتضاء باقتراحات حول الوسائل الكفيلة بتحسين اساليبه، و تشمل هذه الرقابة جميع مظاهر التسيير بها في ذلك طرق التنظيم و الإدارة لهذا الغرض تقدر جهة الرقابة مدي تحقيق الأهداف المقررة و الوسائل المستعملة و تكاليف الأموال و الخدمات المقدمة و الأسعار المطبقة و النتائج المالية المحققة على أن تحظر الرقابة علي نفسها اي تدخل في تسيير الهيئات محل الرقابة.
كما تهتم الرقابة حول التسيير بمشروعية و نزاهة الحسابات و كذا حقيقة العمليات المدرجة فيها.
هنا يستدعي مفهوما المشروعية و النزاهة بعض التوضيحات :
تشير المشروعية إلى مطابقة عمليات التسيير لقواعد قانون الميزانية.
اما نزاهة الحسابات فإنها تشير إلى صحة الإشارات و الأرقام المدرجة في الحسابات بالتنبؤات (تكوين الاحتياطات) بدقة التقديرات.
حيث أن هذه الرقابة تتعلق بحسن استعمال الاعتمادات و الأموال و القيم بقدر ما تتعلق كذلك بمطابقة العمليات للترتيبات التشريعية و التنظيمية.
و يتعين التذكير بأنه لا يمكن الاقتصار في تقدير تصرفات المسيرين على مجرد ملاحظة مشروعية و عدم مشروعية عمليات التسيير ، فللمسيرين ، في حدود الإنجازات المالية ، إمكانيات للاختيار على مستوي الغايات و الوسائل غير أنه قد تكون للأخطاء المقترحة في هذا الإطار آثار يفوق ضررها على المجموعة الوطنية مجرد مخالفة النصوص.
لذلك تتعلق رقابة تسيير هؤلاء بصحة اختياراتهم بقدرما تتعلق بمطابقة تصرفاتهم للترتيبات التشريعية و التنظيمية.
إذن تعتبر رقابة التسيير رقابة للمشروعية و كذلك و خصوصا رقابة للنوعية. و يتم تقدير نوعية التسيير (المردودية) باعتماد المعايير الثلاثة (أو الأربعة إذا أخذنا بالبعدالبيئ) التي تشهد في أيامنا هذه تغطية إعلامية هامة:
الاقتصاد : و يعني ترشيد تكاليف الموارد المستخدمة
الفاعلية : تناسب النتائج مع الوسائل المتوفرة
الفعالية : و تتعلق بتحقق الأهداف.

تنصرف رقابة التسيير إلى الوحدات التالية :
-الهيئات العمومية (الدولة – المجموعات المحلية و المؤسسات العمومية.
- المؤسسات العموميةوالشركات العمومية التي تخضع وجوبا لرقابة التسيير و هي حسب المادة 15 من نفس القانون :
* المؤسسات العمومية ذات طابع الصناعي و التجاري ؛
* الشركات الوطنية ؛
* الشركات ذات الاقتصاد المختلط التي تملك فيها الدولة بصفة مباشرة أو غير مباشرة على الأقل %50 من رأس مالها.
كما تطبق رقابة التسيير ، و لكن بصفة اختيارية على "كل مؤسسة تمتلك منها الدولة أو الهيئات الخاضعة للرقابة ، بصفة مباشرة أو غير مباشرة ، منفصلة أو مجتمعة مساهمة في رأس المال تخول ممارسة سلطة القرار أو التسيير". و تطبق كذلك على كل هيئة تستفيد في أي شكل كان من المساعدة المالية أو العون الاقتصادي للدولة أو لأية هيئة خاضعة للرقابة
- الإجراءات المطبقة في مجال رقابة التسيير.
لا تمارس رقابة التسيير بصفة تلقائية خلافا للنظر في حسابات المحاسبين العموميين الذي يعتبر اختصاصا تلقائيا فرقابة التسيير تمارس حصرا في إطار تنفيذ برنامج النشاط السنوي أو بناء على طلب من جهة رسميةى مؤهلة.

التبعات
لا تفضي رقابة التسيير إلى قرارات ذات صبغة قضائية متمتعة بسلطة الشيء المقضي به. غيران الملاحظات و اقتراحات التحسين أو الإصلاح الناجمة عن هذه الرقابة يتم إبلاغها إلى الوزراء و السلطات الإدارية المختصة.
و عندما تنصب الرقابة على المؤسسات و الشركات العمومية تتخذ البيانات صيغة تقارير خاصة تبلغ مباشرة إليها.
هذه الترتيبات تدفع إلى القول بأن المشرع قد أراد من الرقابة الظهور كجهة تقوم بدور المستشار أكثر من كونها رقيبة.

و يشير المرسوم السالف الذكر إلي رفع نسخ بيانات المحكمة إلى الوزير الأول و وزير المالية.

أهم المخالفات الملاحظة :
أ- غياب متابعة الممتلكات العامة
تعتبر المحاسبة المادية شبه معدومة فيما يتعلق بالدولة الأمر الذي يستحيل معه معرفة مكونات ممتلكاتها.
اما فيما يخص المؤسسات و الشركات العمومية فإن حساباتها الختامية لا تعكس في الغالب الحالة الحقيقية لأموالها الثابتة التي لا يمكن تحديدها بسبب غياب ترميز جدير بهذا الاسم. فالجرود المادية لا تتوافق دائما مع الحقائق المحاسبية.
و يجرد تنبيه السلطات العمومية إلى ان هذه الوضعية قد تكون مصدر لتجاوزات خطيرة.
ب- مخالفة مبدأ المنافسة
يشكل اللجوء إلى المنافسة النقية و الشفافة ، أفضل ضمان للتسيير المعقلن و الفعال كما يضمن الولوج المتساوي للطلب العمومي. بيد أن استغلال التقارير الرقابية يكشف عن عدة تجاوزات لهذا المبدأ .
للالتفاف على الحد المقرر لإبرام الصفقات عن طريق تجزئه الطلبات ؛
اللجوء المفرط إلى صفقات التراضي ، بشكل يتنافي مع الشروط المحددة في قانون الصفقات العمومية. يلاحظ أن مبرر الظروف الاستعجالية الذي يتم غالبا تقديمه بغية إضفاء الشرعية على هذا الإجراء ، إنما هو مجرد عذر يراد به تبرير التعامل مع موردين محددين ؛
استخدام أسماء مستعارة من طرف مورد و احد من أجل الحصول على الطلب عن طريق منافسة صورية. إن اللجوء المتكرر لهذه الطريقة ربما ينم عن وجود تواطؤ بين هؤلاء الموردين و الموظفين المسؤولين عن الأمر بالطلب.

ج- التجاوزات في تسيير الممتلكات العمومية.
تأخذ المخالفات ضد المال العام عدة أشكال تتراوح بين الاختلاس و النصب مرورا بالأشكال الأخرى للاحتيال :
الاختلاس عن طريق أخذ أو تبديد الأموال و القيم المملوكة من طرف الهيئات العمومية ؛
الاستلام الوهمي رغم وجود وثائق تبريرية يراد منها فقط التبرير الصوري للنفقة ؛
التحايل و الغش عن طريق المغالات المفرطة في أسعار السلع و الخدمات التي يتم اقتناؤها من فبل الهيئات العمومية.
و في غياب دليل للأسعار يكون مرجعا للمسيرين العموميين مع وجود نص قانون يعاقب تلك التصرفات ، يبقي الباب مفتوحا للتجاوزات.

د- عدم دفع الضرائب و اشتراكات الضمان الاجتماعي.
لاحظت الرقابة،أن كثيرا من الهيآت العمومية لا تقوم بواجبها الضريبي مما ينتج عنه ضررا للخزينة العامة و صندوق الضمان الاجتماعي كما أنه يؤدي إلى أظهار فائض صوري في السيولة و يغطي العجز المسجل في حسابات هذه الهيآت .

ه- قصور هيآت الرقابة الداخلية :

من المسلم به اليوم أن شرعية و ترشيد النفقات العمومية تتوقف أساسا على فعالية هيآت الرقابة الداخلية. و إذا كانت هذه الهيآت قاصرة أو غير موجودة يصبح استخدام المال العام ، خاضعا لرحمة و إرادة المسيرين.

و هكذا فقد لوحظ أنه رغم تعدد هيآت الرقابة الداخلية (الرقابة السلمية ، رقابة الأمر بالصرف من قبل المحاسب العمومي ، المراقب المالي بالنسبة للدولة، سلطات الوصاية و مجالس الادارة بالنسبة للهيآت العمومية الأخرى، إلا أنها في أغلب الحالات تعاني من عجز مزمن .
إن هذه السلسة من الرقابات تفتقر إلى المرونة و الفاعلية حيث يصبح كل متدخل في عملية الرقابة يعتمد على التحريات التي ستقوم بها الحلقة التي تليه.
يتضح في النهاية أن كثرة التأشيرات المنصوص عليها بالنسبة للأعمال الإدارية و المالية للدولة ، لا توفر الأمان المطلوب سواء تعلق الأمر بشرعية الأعمال او بمشروعية النفقة العمومية.

2- أخطاء التسيير :

في هذا الإطار يجب التذكير ان المحاكم ، ليست لها ولاية اختصاص على الآمرين بالصرف فيما يتعلق بالنظر في الحسابات إلا أنها يمكن أن تعاقب أخطاء التسيير التي يمكن أن يرتكبها هؤلاء المسيرين.
إذا كان الأشخاص الخاضعين لـ (التأديب) الموازنى و المالي ، لا يطرحون إشكالا يذكر ، فالأمر مختلف فيما يتعلق بتعريف المخالفات التي من شأنها أن تشكل أخطاء في التسيير.

أ) الأشخاص الخاضعين لإختصاص المحكمة في مجال معاقبة أخطاء التسيير.
إن مفهوم المسير الفعلي الذي يجب أن نميزه عن مفهوم المحاسب الفعلي" يقترب أكثر من نظرية الموظف الفعلي المعتمدة من قبل مجلس الدولة الفرنسي إبان الحرب العالمية الثانية.

ب- مفهوم خطأ التسيير.
لا يوجد تعريف محدد لمفهوم خطأ التسيير إلا أننت يمكن أن نحصر أربع حالات على أنها تشكل أخطاء في التسيير :

كل مخالفة تتعلق بالتعهد بالنفقات كالتعهد بدون تخويل أو بدون التأشرة المسبقة للمراقب المالي أو بشأن اعتمادات غير تلك التي يجب أن يتم خصم النفقات عليها.
كل مخالفة أخري للقواعد المتعلقة بتنفيذ الإيرادات والنفقات أو تسيير الممتلكات و كذلك الموافقة على القرار المنشي لهذه المخالفة.
التغافل المتعمد عن القيام بالتصريحات التي يجب أن تعطيها الهيئة الخاضعة للرقابة للإيرادات الجبائية طبقا لأحكام قانون الضرائب و ملحقاته أو القيام بتصريحات ناقصة أو مزورة وذلك بصرف النظر عن العقوبات المنصوص عليها في القانون المذكور.
حصول الشخص أو محاولة الحصول لنفسه أو لغيره على منفعة غير مبررة نقدية كانت او عينية يلحق ضررا بهيئة عمومية أو بأي هيئة أخري خاضعة لرقابة المحكمة.
عدم القيام بالمنافسة في إبرام الصفقات العمومية ؛
الإخلال الخطير في البناء من قبل فني تنقصه الكفاءة مما ينجر عنه اختلالات تجعل المبني غير قابل للاستعمال
توقيع على مستندات و التصديق على فواتير يتم تسديدها من المال العام بغير وجه حق
غياب المبررات الشرعية لنفقات تم القيام بها على بند مساعدة المعوزين و أخري بمناسبة تنظيم الاحتفالات.
تجاوز الإعتمادات المخصصة ؛
خصم مفرط لنفقات خارج عن نشاط المصلحة
عدم مسك المحاسبة المادية ؛
عدم تبرير صرف اعتمادات مخصصة لمهام رسمية
قبول هبة شخصية ذات صلة بالوظيفة
التصديق علي فواتير و مذكرات غير دقيقة
صرف مبلغ اضافي مرتب بدون وجه شرعي
عدم القيام بالترتيبات اللازمة لتأمين السير الحسن للمصلحة و عدم المزاولة المنتظمة للاختصاص الذي تم تفويضه لبعض المعاونين