أسباب وآثار انتهاء علاقة العمل

أسباب انتهاء علاقة العمل

* الأســاب القانونـــــة .
* الأسباب الاقتصادية .
تنتهي علاقة العمل بصورة عامة لأحد الأسباب سواء كانت قانونية عادية أو عارضة ، أو كانت اقتصادية بحتة نتيجة أوضاع وضرورات اقتصادية فرضت تقليص أو تسريح عدد من العمال ، وتنتهي بذلك العلاقة التي تربطهم بصاحب العمل قبل الآجال المحددة لها .
المبحث الأول : الأسباب القانونية

الأصل أن ينتهي العقد حتما بانتهاء مدته الأصلية أو المحددة إذا كان محدد المدة ، إلى جانب ذلك فإننا نجد القانون والتنظيم المعمول بهما يجيزان لأحد الطرفين المتضرر منهما ، إنها علاقة العمل بمراعاة الاجراءات المتبعة في ذلك 1
المطلب الأول : الأسباب العادية

لقد أقر للعامل حق الاستقالة لإنهاء علاقة العمل انطلاقا من مبدأ حرية العمل الذي تقوم عليه هذه العلاقة ، ليتحرر بذلك من الالتزامات المتضمنة في العقد إذ نصت عليها الفقرة الثالثة من المادة 66 من قانون علاقات العمل ، واعترفت المادة 68 منه أن الاستقالة حق معترف به للعامل يقدمها كتابة للهيئة المستخدمة ، ويغادر منصب عمله بعد فترة إشعار مسبق وفقا للشروط التي تحددها الاتفاقيات الجماعية ، ليبقى في ذلك تحديد هذه المدة لاتفاق الطرفين دون أن ينص القانون أو التنظيم على حد أدنى لها .
كما تنتهي هذه العلاقة قبل انقضاء أجلها المحدد عن طريق الفسخ الإتفاقي ، إن كثير ما يلجأ إليه العامل أو المؤسسة المستخدمة بشرط إخطار الطرف الثاني ومنحه مهلة إخطار مسبق تحددها النظم والاتفاقيات الجماعية ، فهو بالنسبة للعامل شكل من أشكال الاستقالة ، أما بالنسبة لصاحب العمل يعتبر تصريحا ينجم عنه التعويض المنصوص عليه في القوانين والنظم والاتفاقيات المعمول بها في مجال العمل ، مع احتفاظ العامل بكل حقوقه إذ كان هذا التصرف انفراديا من صاحب العمل دون خطأ من العامل ، أما إذا كانت علاقة العمل محددة المدة ، تنتهي بصفة قانونية عادية بانتهاء المدة المقررة ، أو انتهاء العمل المتفق عليه ، كما تنتهي علاقة العمل بوفاة العامل وليس وفاة صاحب العمل ، وهو ما تنص عليه صراحة المادة 74 من قانون علاقات العمل بنصها على أنه : " إذا حدث تغيير في الوضعية القانونية للهيئة المستخدمة تبقى جميع علاقات العمل المعمول بها يوم التغيير قائمة دون أن يطرأ عليها أي تعديل إلا حسب الأشكال المنصوص عليها في القانون وفي المفاوضات الجماعية إلا في حالة حل المؤسسة المستخدمة أو استحالة الاستمرار في وجودها أو إنهاء النشاط القانوني لها " ومن جهته بشكل تقاعد العامل نهاية لعلاقة العمل إلا إذا اتفقا على تجديد العقد واستمرار العلاقة ،إذا نصت الفقرة الثامنة من المادة 66 المذكورة أعلاه على التقاعد ، وبالرجوع إلى القانون رقم 83 /12 المتعلق بالتقاعد، تتوقف وتنتهي علاقة العمل وجوبا ببلوغ الرجل ستين سنة ، وخمسة وخمسين سنة للمرأة في المادة السادسة منه 2 .
المطلب الثاني : الأسباب العارضة

أما إذا كان إنتهاء علاقة العمل لعجز كامل لأسباب صحية فهو يجعل العامل غير قادر على مواصلة عمل ، أدرجها المشرع الجزائري ضمن حالات العزل في الفقرة الرابعة من المادة 66 من قانون علاقات العمل دون أن يحددها أو يبين طبيعتها وأسبابها ، بما فيها فسخ العقد لإدانة العامل بتهمة سالبة للحرية في حالة إرتكابه عمل غير مشروع أدين بسببه ليتم تعويض مصطلح العزل بمصطلح التسريح التأديبي في المادة 73 من قانون علاقات العمل المعدلة بالقانون رقم 91-29 ضمن الشروط والإجراءات المحددة في النظام الداخلي .
وأما التسريح التأديبي الذي أشرنا إليه آنفا فهو حق معترف به لصاحب العمل في حالة ارتكاب العامل خطأ جسيم لم يحدده المشرع الجزائري ، إلا بعد تعديل المادة 73 بموجب القانون 91-29 المؤرخ في 21 ديسمبر 1991 ، فهو إن لم يشر إلى تعريف الخطأ التأديبي بصفة دقيقة ، إلا أنه يعتبر كل مخالفة وعدم الإنصياع لأوامر وتعليمات المستخدم، أو مخالفة للقواعد العامة للمؤسسة المستخدمة ، كما أنه حتى وإن كان من غير الممكن حصر كل الأخطاء التأديبية مسبقا ، غير أن النظام الداخلي الذي يعتبر ميثاقا كل مؤسسة يتولى تحديد حالات تحقق الخطأ التأديبي ، ليكون بذلك الخطأ خطيرا أو جسيما ، يترك فيها تحديد جسامة الخطأ لصاحب العمل بمقتضى المادة 73-01 لينجر عنها التسريح بدون مهلة عطلة ولا علاوات 1.
وبالتالي ينشأ الخطأ التأديبي إذن بمجرد إخلال العامل بالتزاماته وواجباته بكل تصرف من شأنه أن يلحق ضررا بالمؤسسة حسب طبيعتها وطبيعة نشاطها ، وإما بإفشاء معلومات مهنية، أو بمشاركة في توقف جماعي أو القيام بأعمال عنف خرقا للتشريع المعمول به ، وهو ما تنص عليه المادتان 36 و40 من قانون 90 /02 المتعلق بالوقاية من النزاعات الجماعية وممارسة حق الإضراب المعدل والمتمم بالقانون 90/27 المؤرخ في 21 ديسمبر 1991 . هاتان المادتان اللتان تنصان على اعتبار عرقلة حرية العمل ورفض القيام بقدر أدنى من العمل خطأ جسيما، على أن يكون هذا الفصل أو التسريح التأديبي وفق الإجراءات المحددة قانونا ، لاسيما تكييف الظروف المحيطة بالخطأ و البحث عن المبررات وفق ما تقتضيه المادة 73/01 مع منح العامل ضمانات كالإستماع له وسماع الشهود ، وإبلاغ العامل بصفة رسمية ، حتى لا يكون هذا الإجراء سلاحا في يد الهيئات المستخدمة، مع إمكانية الطعن في قرار الفصل هذا إذا اتضح خرق لهذه الإجراءات المادة 73/04 2.
-----------------
1/- رشيد واضح : علاقات العمل في ظل الإصلاحات الاقتصادية في الجزائر ، سبق ذكره ، ص : 164 .
2/- أحمية سليمان : التنظيم القانوني لعلاقات العمل في ضوء التشريع الجزائري ، سبق ذكره ، ص : 288 .
المبحث الثاني : الأسباب الاقتصادية

يشكل الفسخ في علاقة العمل محددة المدة أو غير محددة المدة ، عائقا أمام إنهائها قبل حلول أجلها ، فكل فسخ مسبق لهذه العلاقة ، يعتبر أصلا فسخا مقترنا بخطأ ، واستثناء لهذا الأصل يجوز تقريره لسبب أو لآخر، يمكن فيه للطرف المتضرر أن يرجع بطلب تعويض على موقعه ، دون أن يكون لهذا التعويض طبيعة الأجر.
فبمقتضى عقد العمل وترفع القوة الملزمة عن أحكامه بالنسبة للمستقبل ، ويبقى ما تم وفقا له منتجا لآثاره حتى لو امتدت هذه الآثار إلى ما بعد الانقضاء بالنسبة لصاحب العمل فقط ، أما بالنسبة للعامل فلا يمنع انقضاء العقد من وجوب مراعاة بعض التزاماته .
المطلب الأول : مفهوم الأسباب الاقتصادية .

أمام التطور التكنولوجي والهيكلي للمؤسسات المستخدمة ، وأمام الأزمات الاقتصادية والمالية التي أفرزت عدة نتائج على عالم الشغل، أصبحت فيها المؤسسات معرضة إلى الظروف وحتميات تمليها عليها الأوضاع السائدة وتفرضها عليها من أجل التغلب على هذه الصعوبات حتى تتمكن من فرض وجودها في عالم المنافسة وإعادة التنظيم الهيكلي والوظيفي للمشاريع ، أصبح فيها الفصل أو التسريح يتجاوز المفهوم التقليدي ، ليتخذ مفهوما أوسع وأعم مما كان عليه 1.
ليشمل جماعة أو فئة العمال بتسمية جديدة "وهي التسريح الجماعي لأسباب اقتصادية " مما أجبر المشرع على إدخال تعديلات على تشريعات العمل بهدف تنظيم هذا الإجراء وحماية اليد العاملة ، وإضفاء الطابع على هذا الفصل وإن كان بدون خطأ من جانب العمال ، وذلك وفق إجراءات معينة ومحددة في القوانين والنظم ، وإدراج هذه الحالات في الاتفاقيات و الاتفاقيات الجماعية للعمل ، بما يحقق مصالح الطرفين والاستقرار الجماعي لعلاقات العمل ، وفي غياب مفهوم محدد للتسريح الجماعي، فهو فصل عاملين أو أكثر بسبب ضغوطات أو صعوبات اجتماعية أو بسبب إعادة تنظيم هيكلي في المؤسسة المستخدمة ، ذلك وفق جدول زمني محدد ومتلاحق أو دفعة واحدة ، وهو حق خوله القانون للمؤسسات المستخدمة أو صاحب العمل ، إذ تنص المادة 69 من قانون علاقات العمل على أنه : " يجوز للمستخدم تقليص عدد المستخدمين إذ أبرزت ذلك لأسباب إقتصادية " . فالعبرة إذا من هذا التقليص أنه يكون جماعيا ولأسباب اقتصادية بحتة ، تستبعد بذلك انتهاء علاقة العمل للأسباب الأخرى، فهو إن كان يتم على شكل تسريحات فردية ، يتخذ قراره بعد تفاوض جماعي ، يجب أن يكون مبنيا أساسا على صعوبات إقتصادية ، مالية وتقنية ، وهو ما يبرر هذا الإجراء وإلا كان تعسفيا أو باطلا 2 .
-----------------
1/- أحمية سليمان : التنظيم القانوني لعلاقات العمل في ضوء التشريع الجزائري ، سبق ذكره ، ص: 292 .
2 /- رشيد واضح : علاقات العمل في ظل الإصلاحات الاقتصادية في الجزائر ، سبق ذكره ، ص ص : 167 ،168

غير أن النقابات العمالية كثيرا ما عملت على تضييق الخناق على مشروعية أسباب هذا الإجراء نظرا لخطورته وحماية لحقوق العمال ، مهما كانت التسميات، والدوافع سواء اقتصادية ظرفية أو أسباب اقتصادية ناتجة عن إعادة تنظيم وهيكلة العمل في المؤسسة أو سبب اندماج عدة مؤسسات في مؤسسة واحدة ، وبالتالي الاستغناء عن العمال ، ليكون فيها صاحب العمل مقيدا أو مجبرا على الالتزام ببعض الإجراءات ، لا سيما طلب الموافقة المسبقة من الادارة ، بالإضافة إلى إسناد هذه المهمة أي مهمة تحديد شروط و إجراءات التسريح الجماعي لأسباب اقتصادية إلى الاتفاقيات الجماعية ، لتوضح فيها طبيعة الأسباب التي أدت إلى اتخاذ هذا الإجراء ، فيكون هذا المبدأ وهذا الشرط من صنع طرفي الاتفاقيات ، خاصة وأن المرحلة الراهنة في الجزائر تقتضي وتفرض إعادة التنظيم والهيكلة ، وهي تعرض باستمرار العديد من العمال لهذا الإجراء ، خاصة بعد اللجوء إلى تجربة الخوصصة في إطار إصلاح الاقتصاد الوطني وتنازل الدولة عن تسيير أموالها بموجب الأمر 95/25 المؤرخ في 25 سبتمبر 1995.

فإن كانت الخوصصة عملية ناجحة لدفع عجلة الاقتصاد ودفع وتيرة الإصلاحات الاقتصادية لتحضير المؤسسات إلى نمط تسيير مفتوح في اقتصاد السوق ، إلا أنها تعمل ضمن خطة تعتمد أساسا على المحافظة على مناصب الشغل الحالية وخلق مناصب أخرى ، غير أن هذا لا يعفيها من اللجوء إلى التسريح الجماعي للعمال ، رغم أن هذا المشرع الجزائري لم يدرج أي نص في قوانين الإصلاحات الصادرة إبتداءا من سنة 1988 يعالج أو يحدد أسباب التسريح الجماعي لأسباب اقتصادية إلا ما أورده في المادة 69 المذكورة أعلاه أنه يكون " لأسباب اقتصادية " دون حصر دقيق لهذه الأسباب ثم تقييد هذا الإجراء في المادة 70 بعدها ، على أن تلجأ إلى جميع الوسائل التي من شأنها التقليل من عدد التسريحات والمتمثلة في تخفيض ساعات العمل ، العمل الجزئي ،الإحالة على التقاعد والتقاعد المسبق ، ثم دراسة إمكانية تحويل المستخدمين إلى أنشطة أخرى ، أو تحويلهم إلى مؤسسات أخرى لتلجأ بعد ذلك المؤسسات المستخدمة إلى تقليص عدد العمال على أساس معايير معينة ، كالاقدمية والخبرة والتأهيل لكل منصب عمل ، لتوضح الاتفاقيات والاتفاقيات الجماعية مجموع الكيفيات المحددة ، فأصدر المشرع بهذا الشأن المرسوم التشريعي رقم 94-09 المؤرخ في 26 ماي 1994 الذي ألغى المادة 72 من قانون علاقات العمل ، ويحدد الترتيبات الخاصة بحماية الأجراء وأجراء اللجوء إلى تقليص عدد العمال الذين يفقدون عملهم بصفة لإرادية ويطبقه على جميع الأجراء والهيئات المستخدمة للقطاع الاقتصادي مهما كان وضعها القانوني، ويمكن تمديدها إلى الإدارات العمومية بموجب نص خاص حسب المادة الثانية من هذا القانون .
ومن خلال هذا يمكننا حصر هذه الإجراءات والشروط التي تضمنتها مختلف هذه القوانين والتنظيمات العمالية في شروط عامة يجب توفرها لإقرار مبدأ التسريح الجماعي ، ثم تدابير إحتياطية أولية التي يجب إتخاذها للتقليص من عدد العمال 1 .
-----------------
1 / رشيد واضح : علاقات العمل في ظل الإصلاحات الاقتصادية في الجزائر ،سبق ذكره ، ص ص : 168 ، 169 .
المطلب الثاني : إجراءاتها وشروطها

نظرا لما قد يلحقه إجراء التسريح الجماعي لأسباب اقتصادية من عدم استقرار في مناصب العمل ووضعية العمال على السواء ، أدى بالدولة إلى التدخل بمقتضى الأمر 75/31 المتضمن الشروط العامة لعلاقات العمل في القطاع الخاص ابتداءا من سنة 1975ليضع أحكاما مقيدة لهذه العملية ، كما نص المشرع الجزائري في القانون الأساسي العام للعامل على هذا الإجراء بأنه يمكن للمؤسسة المستخدمة أن تخفض عدد المستخدمين إذا أبرزت دوافع اقتصادية حتمية ، وذلك بناءا على عمليات تسريح فردية متزامنة ، يمنع فيها على المؤسسة تطبيق ساعات إضافية أو أي توظيف جديد ، وذلك بعد نفاذ جميع الوسائل الكفيلة بالتقليل من عدد التسريحات الضرورية ، كاللجوء إلى التخفيض ساعات العمل ، المقتطع الجزئي أو الإحالة المسبقة على التقاعد ، ثم نقل المستخدمين إلى المؤسسات مستخدمة أخرى ، يستفيد فيها العمال المعنيون بهذا التسريح من تعويضات الإخطار المسبق والعطل المدفوعة الأجر وتعويضات التسريح الجماعي من أجل تقليص عدد المستخدمين ، وهو ما نص عليه قانون العلاقات العمل في المواد 69 و70 منه ، على أن تحدد كيفيات تقليص عدد المستخدمين بعد إستنفاذ جميع الوسائل التي من شأنها منع اللجوء إليه ، على أساس معايير، ولا سيما الأقدمية والخبرة والتأهيل لكل منصب عمل ، و توضح الاتفاقيات أو الاتفاقيات الجماعية مجموع الكيفيات المحددة . ومن أجل الحفاظ على الشغل وحماية الأجراء الذين يفقدون عملهم بصفة لإرادية ولأسباب اقتصادية ، صدر مرسوم التشريعي رقم 94/09 المؤرخ في 26 ماي 1994 المعدل والمتمم بالأمر 95/01 المؤرخ في 21 يناير 1995 ، والمرسوم التنفيذي رقم 96/208 المؤرخ في 05 جوان 1996 ، ويضع الترتيبات الخاصة والأدوات القانونية لحماية هؤلاء الأجراء ، فتحدد المادة السادسة منه مرحلتين متمايزتين ومتعاقبتين ، على أن يشمل المرحلة الأولى ، حسب المادة السابعة تكيف النظام التعويضي، وإعادة دراسة أشكال مرتب العمل ومستوياته ، وتنظيم عمليات التكوين التحويلي لإعادة توزيع العمال ، إلغاء تدريجي للجوء إلى العمل بالساعات الإضافية ، ثم الإحالة على التقاعد المسبق للعمال الذين بلغوا السن القانونية لذلك ، ثم العمل بالتوقيت الجزئي أو المنقطع ، مع عدم تجديد عقود العمل لمدة معينة.
أما المرحلة الثانية المحددة في المادة الثامنة من نفس المرسوم فتتضمن عمليات إعادة توزيع الأجراء المعنيين بالاتصال مع الفروع أو قطاع النشاط التابع له والمصالح العمومية للشغل والعمل والتكوين المهني والإداري القطاعية المختصة ، أو إنشاء أنشطة تدعمها الدولة لصالح الأجراء المعنيين بإعادة التوزيع ، وتحدد المادة السابعة بعدها أن يتضمن الجانب الاجتماعي هذا ضرورة إستفادة الأجراء من الإحالة على التقاعد ، قبول الإحالة على التقاعد المسبق أداءات التأمين عن البطالة ، والتوظيف التعويضي عن طريق إعادة التوزيع ، بشرط أن يترتب كل ذلك على مفاوضات بين الهيئة المستخدمة وممثلي العمال في محضر 1
-----------------
1 /- رشيد واضح : علاقات العمل في ظل الإصلاحات الاقتصادية في الجزائر ، سبق ذكره ، ص ص : 169 ، 170 .

يوقع عليه الطرفان بمقتضى المادة 13 من نفس المرسوم ، على أن يتم وضع تصور الجانب الاجتماعي هذا في مرحلة واحدة بالنسبة للمؤسسات التي هي موضوع إجراءات الحل أو التي يجب حلها أو المؤسسات التي لها خطة إنعاش ، وذلك بمقتضى المادة 17، كما تلزم المادة 25 المستخدم بتنفيذ تدابير تجنب اللجوء إلى تقليص عدد العمال أو تخفيضهم ، أن تطلب مساعدات عمومية محددة في المادة 26 بعدها ، وتتمثل في تخفيض أو إعفاء جبائي أو شبه جبائي في إطار قوانين المالية ، وإعانة في باب التمويل الجزئي لدورات التكوين والتحويل وإنشاء نشاطات لصالح أجراء المؤسسة في إطار اتفاقية تربط المستخدم بمصالح الإدارة المكلفة بتسيير الصندوق الوطني لترقية الشغل و إدارته ، أو ان يمنح هذا الصندوق الوطني لترقية الشغل ضمانات ضرورية للحصول على قروض لتمويل إستثمارات دفع طاقات الإنتاج أو الإنشاء نشاطات جديدة . ومن جهتهم يستفيد العمال المحالون على التقاعد المسبق في إطار التقليص أو التسريح لأسباب اقتصادية، من الاستفادة من خدمات التقاعد المسبق لسبب اقتصادي قبل السن القانونية للتقاعد لعدد من السنوات قد تصل إلى عشر سنوات للعمل أو المماثلة لها للاعتماد في مجال التقاعد، كما هو محدد في القانون83/12 المتعلق بالتقاعد وفي حدود المقررة بموجب المرسوم التشريعي رقم 94/10 المؤرخ في 26 ماي 1994، أما باقي العمال الذين يفقدون عملهم من جراء التسريح للأسباب الاقتصادية فيستفيدون من نظام التأمين عن البطالة المحدد في المرسوم التشريعي رقم 94/11 المؤرخ في 26 ماي 1994. إذ قبل إلغاء المادة 72 من القانون 90/11، كان العامل الموظف لمدة غير محدودة الحق في التعويض عن التسريح في حالة تسريح فردي أو جماعي يستحقه على أساس شهر لكل سنة عمل حدود 15شهر، بعد إستنفاذ الحق في العطلة السنوية المدفوعة الأجر، يحسب مبلغ التعويض على أساس المتوسط الشهري الأفضل للأجور المقبوضة خلال إحدى السنوات الثلاثة الأخيرة تقوم به الهيئة المستخدمة ، تدارك المشرع هذا الموقف فيما بعد ،حماية للمؤسسات المستخدمة من خطر تحمل تكاليف التعويض الباهضة وأصدر المرسوم التشريعي رقم 94/11 لإحداث نظام التأمين عن البطالة لفائدة الأجراء من أخطار فقدان العمل بصفة لا إرادية و لأسباب اقتصادية، إما في إطار التقليص من عدد العمال ، أو إنهاء نشاط المستخدم، ليوسع تطبيق أحكام هذا المرسوم على جميع الأجراء المنتمين لقطاع المؤسسات والإدارات العمومية، وباستثناء الأجراء الذين هم في انقطاع مؤقت عن العمل بسبب البطالة التقنية، أو البطالة بسبب عوامل مناخي، أو في انقطاع مؤقت أو دائم عن العمل بسبب عجز أو حادث أو كارثة بناءا على ذلك يمكن إجمال الشروط والإجراءات التي تضمنتها مختلف القوانين العمالية العامة والخاصة بعملية التسريح الجماعي لأسباب اقتصادية في شروط أساسية عامة يستند عليه التسريح الجماعي لإقراره، وتدابير احتياطية يجب اتخاذها للتقليل من العمال المعنيين بالتسريح، تتضمن الشروط الأساسية العامة إعداد عرض الأسباب والمشاورة الداخلية، يقدم فيها صاحب العمل تقريرا مفصلا عن الأسباب التي أدت إلى هذا الإجراء، وبيان الضمانات التي تم توفيرها للعمال المعنيين به،أن يعرض هذا التقرير على لجنة المشاركة للاطلاع عليه وإبداء الرأي فيه ضمن صلاحياتها المحددة في المادة 94/04 من قانون علاقات العمل، وذلك بأجل أقصى 15يوما 1
-----------------
1/- رشيد واضح : علاقات العمل في ظل الإصلاحات الاقتصادية في الجزائر ، سبق ذكره ، ص ص : 171 .

من تاريخ تقديم المستخدم لعرض الأسباب على اللجنة وفي حالة عدم وجود لجنة المشاركة، يعود الرأي للممثلين النقابيين في المؤسسة، وفي حالة عدم وجود هؤلاء الممثلين النقابيين في المؤسسة فيعرض الأمر على الممثلين المنتخبين مباشرة من قبل العمال وفق ما هو منصوص عليه في المواد من 34 إلى 39 من قانون كيفيات ممارسة الحق النقابي رقم 90/14 المعدل والمتمم بالقانون رقم 91/30، لتبدأ بعد ذلك مرحلة التفاوض حول الموضوع المقدم في العرض من حيث العدد المعني بالتسريح من العمال و الاجراءات و الضمانات لمعرفة دوافعه هذا الاجراء ، و برنامج التسريح و الحقوق المقررة لهؤلاء العمال . إذ تعتبر مرحلة التفاوض أهم مرحلة في مصير الأجراء وهو ما أوردته المادة 69 من قانون علاقات العمل بنصها على أنه : " يجوز للمستخدم تقليص عدد المستخدمين إذ برزت لذلك لأسباب اقتصادية ، وإذا كان تقليص العدد ينبـني على إجراء التسريح الجماعي فإن ترجمته تتم في شكل تسريحات فردية متزامنة، يتخذ قراره بعد تفاوض جماعي " . والمادتان 12 و13 من المرسوم التشريعي رقم 94/09 على أن : " يحرر الطرفان محضرا يوقع انه ليثبت نقاط الاتفاق والمسائل محل تحفظ أو إختلاف " ، أما الموافقة الإدارية المسبقة التي كان المشرع الجزائري قد أوردها في المادة 99 /01 من أمر الشروط العامة لعلاقات العمل في القطاع الخاص ، فإنه إجراء شكلي استبعدها المشرع من الشروط العامة لإقرار التسريح الجماعي ، وأوجب على المستخدم إيداع الجانب الاجتماعي الذي تم الاتفاق عليه لدى كتابة الضبط المحكمة ومفتشية العمل المختصة إقليميا ، وذلك بموجب المادة 15 من المرسوم التشريعي رقم 94/09 ، و ذلك وفق الآجال والكيفيات المتفق عليها ، وتضيف المادة 23 من المرسوم التشريعي رقم 94/10 المتعلق بالتقاعد : " أو يودع المستخدم أو الهيئة المكلفة بالتأمين عن طلب الإحالة على التقاعد لدى الهيئة المكلفة بالتقاعد للبت في الموضوع في أجل شهر" .
بالإضافة إلى هذا هناك مجموعة من التدابير الاحتياطية تهدف إلى تقليص التسريح والتقليل من عدد العمال تبلغ مسبقا إلى ممثلي العمال والجهات الإدارية ، وتتمثل في الإجراءات التالية :
· توقيف التوظيف الجديد بالنسبة للفئات العمالية والأصناف المهنية المعنية بالتسريح وهو ما تنص عليه المادة 69 من قانون علاقات العمل .
· توقيف ساعات العمل ، واللجوء إلى العمل الجزئي ، وتنص عليه المادة 13 من قانون علاقات العمل .
· توقيف العمل بالساعات الإضافية .
· إحالة العمال الذين تتوفر فيهم الشروط المحددة في قانون التقاعد على التقاعد .
· تحويل العمال إلى مناصب عمل أو أعمال أخرى أو مؤسسات أخرى . الى جانب ذلك يستفيد العمال المعنيون بالتسريح الجماعي لأسباب اقتصادية من عدة حقوق وحماية 1
-----------------
1 /- رشيد واضح :علاقات العمل في ظل الإصلاحات الاقتصادية في الجزائر ، سبق ذكره ، ص ص : 175 ، 176 .

قانونية لا سيما الاستفادة من خدمات التقاعد المسبق بسبب اقتصادي المذكور في المادة 05 من المرسوم التشريعي رقم 94 /10 ، منحهم مهلة إخطار مسبق ، كما هي محددة في النظام أو الاتفاقية الجماعية المعمول بها في المؤسسة مع إحتفاظ العامل بكل حقوقه المترتبة عن منصب عمله ، وتعويض التسريح الجماعي وفق ما هو محدد في الاتفاقيات والاتفاقيات الجماعية على أساس شهر واحد عن كل سنة عمل على ألا تتجاوز قيمة التعويض مدة 15 سنة عمل وفق ما هو محدد في المرسوم التشريعي رقم 94/11 المتعلق بالتأمين عن البطالة لأسباب اقتصادية ، والمرسوم التنفيذي رقم 94/189 المتضمن مدة التكفل بنظام التأمين عن البطالة ، دون أن تتجاوز 36 شهر ، ومنح العمال المسرحين أسبقية التوظيف أو التشغيل في مؤسسة ومنحهم شهادات عمل تتضمن بيانات حياتهم المهنية في المؤسسة حتى يسمح للعمال المسرحين من تسهيل إعادة تشغيلهم في المناصب التي يستحقونها ، وبذلك قرر المشرع بطلان أي إجراء من شأنه أن يمس بحق من حقوق العامل المقررة قانونا ، وأعتبر باطلا كل خرق للإجراءات المنصوص عليه في القوانين والتنظيمات العمالية تترتب عليها عقوبات تعرض مخالفيها لأحكام جزائية منصوص عليها في القوانين الساري بها العمل تختلف باختلاف درجة خطورتها وأضرارها 1 .
-----------------
1/ - أحمية سليمان : التنظيم القانوني في علاقات العمل في ضوء التشريع الجزائري ، سبق ذكره ، ص : 241
@آثــــــــــارإنتهـــــــاءعـــــــــــــلاقة العمل

* منازعات العمل .
* طرق تسويتها .
ان علاقات العمل تثير إشكالات عديدة ، سواء كان ذلك أثناء سريانها أو تنفيذها أو انتهائها لسبب أو لأخر ، خاصة وأن التنظيم الجديد لعلاقات العمل قد أفرز نوعا من التدقيق والتخصيص في مختلف مراحل إبرام وسريان علاقة العمل ،فردية كانت أو جماعية، بغض النظر عن طبيعة ومدة وشكل الأداة القانونية أو التعاقدية التي يقوم عليها ،الأمر الذي يستوجب الإهتمام بدراسة أثار انتهائها ، وتنظيم عمليات حلها و تسويتها ، عن طريق إجراءات محددة ، وإقامة أجهزة رقابية وقضائية مختصة لمعالجتها والبت فيها ، لذلك سنتناول في هذا الفصل المنازعات التي تنشأ عن علاقة العمل ببيان مضمونها و أنواعها في مبحث أول ثم البحث عن طرق تسويتها ، الفردية منها و الجماعية في مبحث ثاني .
المبحث الاول :منازعات العمل .

إن خلافات العمل ظاهرة عالمية نجدها في كل دول العالم ، بغض النظر عن النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي السائد فيها ، وتنظيم هذا الجانب فقد أصدرت التوصية الدولية رقم 62 سنة 1951 المتعلقة بالتوفيق والتحكيم أوجبت إنشاء هيئات للتوفيق الاختياري للمساهمة في حل منازعات العمل وتسويته 1 .
لأن منازعات العمل غالبا ما تثور بين العامل والهيئة المستخدمة ( صاحب العمل ) من جهة أو بين هذا الأخير وممثلي العمال من جهة ثانية بمناسبة أو بسبب تنفيذ علاقة العمل لعدم تنفيذ أحدهما للإلتزاماته التعاقدية او لإخلاله بنص قانوني أو تنظيمي أو اتفاقي بما يسبب ضررا لطرف الثاني .
المطلب الاول : مضمون منازعة العمل

يقصد بالمنازعة كل خلاف يثور بمناسبة أو بسبب علاقة العمل بين العامل أو العمال أو الهيئة المستخدمة أو ممثليها لإخلال أو لإخلال أو خرق التزامات تعاقدية 3
ا و قانونية او تنظيمية او اتفاقية ، فعندما اكتفى المشرع بالنص عن المنازعة لحدوث خلاف ناجم في علاقة العمل بين المؤسسة المستخدمة والعامل في المادة 91 من نون الأساسي العام للعامل رقم 78/12 فإن المادة الثانية من القانون 90/04 المتعلق بتسوية منازعات العمل الفردية في العمل المعدل والمتمم بالقانون رقم 91/28 بتاريخ 21/ ديسمبر1991 تعرف 2 :
---------------
1/ - راشد راشد : شرح علاقات العمل الفردية والجماعية في ضوء التشريع الجزائري ، سبق ذكره ، ص ك 283.
2/ - رشيد واضح : علاقات العمل في ضل الإصلاحات الاقتصادية في الجزائر، سبق ذكره ص : 177 .

" المنازعة الفردية أنها كل خلاف في العمل قائم بين عامل أجير ومستخدم بشأن تنفيذ علاقة العمل ، التي تربط الطرفين ، إذ لم يتم حلها في إطار عمليات تسوية داخل الهيئات المستخدمة " ، كما تعرف المادة الثانية من القانون 90/02 المتعلق بتسوية النزاعات الجماعية في العمل المعدل و المتمم بالقانون رقم 91/27 المؤرخ في 21 ديسمبر 1991 " أن النزاع الجماعي هو كل خلاف يتعلق بالعلاقات الاجتماعية والمهنية في علاقة العمل والشروط العامة للعمل ، ولم يجد تسوية بين العمال والمستخدم باعتبارهما طرفين في هذه العلاقة " .
فالنزاع الجماعي هو الخلاف الذي يتناول مصلحة جماعية تهم عددا من العمال ينشأ بينهم وبين الهيئة صاحبة العمل ، لذلك يجب أن تتوفر فيه الشروط أومعايير الشكلية وموضوعية ، فيجب أن يمس هذا الخلاف الجماعي مجموعة من العمال سواء كانوا منظمين في نقابات أو غير منظمين ، يكون المستخدم واحدا أو متعدد طرفا فيه ، أما من حيث الموضوع فيجب أن يتمحور الخلاف حول الحقوق والمصالح الجماعية ، كتطبيق إتفاقية عمل جماعية أو زيادة في الأجور أو التسريح الجماعي ، فقد يكون النزاع فرديا في البداية ثم يتحول الى نزاع جماعي ، وقد يكون في نفس الوقت فرديا وجماعيا كأن يتم تسريح عامل بسبب نشاطه النقابي .
---------------
1 /- أحمد سلامة : شرح قانون العمل ، سبق ذكره ، ص : 130 .

من خلال هاتين المادتين ، يعتبر نزاعا كل إخلال يأخذ شكل منازعة ما لم يجد له حلا داخل المؤسسة أو لم يجد تسوية بين العمال و المستخدم أو ممثلي العمال ، مهما كانت الاسباب المؤدية إليها 1 .
نظرا لأهمية طبيعة المنازعة ، فردية أو جماعية ، وما قد ينشأ عنها من خلافات وإخلال باستقرار خلافات العمل ، فإن تشريعات العمل قد أحاطتها بعناية تنظيمية خاصة ، ووضعت لها إجراءات تسوية متميزة لتسهيل معالجتها وتسويتها في مختلف المراحل التي تمر بها ، وهو الشيء الذي يترجم العناية والاهتمام الخاصين بهذا الجانب الذي يستوجب إجراءات خاصة على النحو المنصوص عليه في القوانين المنظمة له ، تخضع لمجموعة من المبادئ الأساسية لتسوية المنازعة داخل المؤسسة ، فيتساوى فيها الأطراف في الحقوق ، وتلعب فيها النقابة دورا هاما ، يسمح فيها لأطراف المنازعة بحضور جلسات المصالحة ، وتقسيم القرارات المتخذة في هذا الشأن بطابع التنفيذ المعجل .
المطلب الثاني : أنواع المنازعاتالعمل .

تختلف أسباب المنازعات في العمل من حالة لأخرى ، إلا أنها ترتبط كلها بالإخلال بالالتزام أو التقصير في تطبيق نص قانوني أو تطبيقي أو اتفاقي ، وهو ما يميز بين المنازعة الفردية والمنازعة الجماعية ، تقوم المنازعة الفردية بين العامل الأجير والمستخدم ، بشأن تنفيذ علاقة العمل بين الطرفين ، إذا لم يتم حلها في إطار تسوية داخل الهيئة المستخدمة ، أما المنازعة الجماعية فتقوم بشأن كل خلاف يتعلق بالعلاقات لاجتماعية والمهنية في علاقة العمل والشروط العامة للعمل ، ولم تجد تسوية بين الطرفين ، ويقصد بالتسوية الداخلية في المنازعة الفردية هو رفع الأمر الى الرئيس المباشر ، ثم الى الهيئة المكلفة بتسيير المستخدمين او المستخدم قبل إخطار مفتش العمل ، ( المواد 03 و 04 و05 من قانون 90/04 ) .
أما التسوية في المنازعة الجماعية فهي مباشرة إجراءات المصالحة المنصوص عليها في الاتفاقيات أو العقود التي يكون كل من الجانبين طرفا فيه قبل أن يرفع الخلاف الجماعي في العمل إلى مفتشيه العمل ( المادة 5 من قانون رقم 90/02) 1
المبحثالثاني : طرق تسويتها

إن التنظيم الجديد لعلاقات العمل قد بين ووضح مختلف الإجراءات التي يجب إتباعها في كل خلاف في علاقة العمل سواء كانت علاقة العمل هذه فردية أو جماعية ، وذلك بضرورة المرور ببعض الإجراءات الهادفة الى تسوية النزاع بطريقة ودية أو سلمية قبل إخضاعها لقضاء العمل ، هذه الإجراءات التي تعتبر شرطا جوهريا قبل الفصل في أية منازعة قصد تسهيل حلها والمحافظة على العلاقة الودية بين العامل أو العمال والهيئات المستخدمة ، وهو ما تعمل على تحقيقه وتكريسه قوانين العمل الصادرة في إطار الإصلاحات الاقتصادية لا سيما القانون رقم 90/04 المتعلق بتسوية المنازعات الفردية والقانون رقم 90/02 المتعلق بتسوية الخلافات الجماعية وحق الإضراب ، ولبيان ذلك سنبحث أولا عن طريق تسوية النزاعات الفردية إما بطريقة ودية تتضمن تسوية داخلية او المصالحة ، أو بطريقة قضائية ومعرفة مدى اختصاص قضاء العمل بهذه المنازعات و الإجراءات المتبعة أمامه ، وثانيا طرق تسوية المنازعات الجماعية داخل المؤسسة الجماعية سواء بطرق سلمية لإتقاء خلافات العمل الجماعية داخل المؤسسة المستخدمة ، لمباشرة إجراءات المصالحة ، الوساطة ، أو بطريقة عنيفة بعد فشل الوساطة ليتخذ هذا الخلاف الجماعي أوج صوره وتصل إلى حد الإضراب 1 .
المطلب الاول : طرق تسويةالمنازعاتالفردية .

إن كل خلاف قائم بين العامل والأجير والمستخدم بشأن تنفيذ علاقة العمل ، يتم حله في إطار عمليات تسوية داخل المؤسسة المستخدمة عن طريق التسوية الودية أو إدارية داخلية للنزاع ، دون تدخل من أي جهة خارجية وذلك وفقا للإجراءات الداخلية لمعالجة النزاع المحددة في المعاهدات أو الاتفاقيات ، أو بواسطة أسلوب التظلم والمصالحة المعمول به في التظلم من القرارات الإدارية لسحب القرار أو مراجعته أو تعديله ، وذلك وفقا للمادة 275 من قانون الإجراءات المدنية 1.
وإحترام إتباع الهرم التنظيمي للمؤسسة نفسها ، وهو ما تنص عليه المادة الرابعة من القانون رقم 90/04 المتعلق بتسوية النزاعات الفردية على ان يقدم العامل أمره الى رئيسه المباشر ... ثم الى الهيئة المكلفة بتسيير المستخدمين او المستخدم ، على ان يقدم الرئيس الاول للعامل جوابا على ذلك خلال ثمانية أيام من تاريخ الإخطار ، أما بعد استنفاذ إجراءات المعالجة الداخلية داخل الهيئة المستخدمة ، فيمكن للعامل إخطار مفتش العمل او لجنة المصالحة ، حسب المادة 05 من نفس القانون ، بهدف التقريب او التوفيق بين الطرفين يكون فيها مفتش العمل أو لجنة المصالحة .
تعتبر مكاتب المصالحة لجان متساوية الأعضاء ، مشكلة من العمال وأصحاب العمل بنسب متساوية ، تكون فيها رئاسة المكتب بالتداول لمدة ستة أشهر ، و هو نصت عليه المادة السادسة من قانون تسوية منازعات العمل الفردية ، يشمل اختصاصها كل المنازعات الناتجة عن علاقة العمل الواقعة في دائرة اختصاصها الإقليمي ، المحدد في مرسوم التنفيذي رقم 91/273 المؤرخ في 10 أوت 1991 المحدد لكيفيات تنظيم إنتخاب المساعدين ، وأعضاء مكاتب المصالحة المعدل بالمرسوم التنفيذي رقم 92/288 المؤرخ في :06/07/1992 .
فيكون إجراء المصالحة اجباريا قبل عرض النزاع على الغرفة الاجتماعية بالمحكمة واختياريا في حالة إقامة المدعي عليه خارج التراب الوطني ، او في حالة الإفلاس والتسوية القضائية لصاحب العمل ، فيتم تحرير محضر لذلك يكون الحل فيه اتفاقيا يضع حدا للنزاع وفق الشروط التي يحددها الأطراف .
فمساعي مكاتب المصالحة تخرج عن كونها إتفاقا بين الطرفين ، وليس أمرا ولا حكما منها فتنص المادة 33 من قانون المنازعات العمل الفردية على انه " ينفذ أطراف المصالحة الاتفاق ( أي اتفاق المصالحة ) وفقا للشروط والآجال التي يحددونها فإذا لم توجد ، ففي أجل لا يتجاوز 30 يوما من تاريخ الاتفاق . " غير أنه وفي حالة تنفيذ اتفاق المصالحة وفقا للشروط والآجال المحددة .
---------------
أحمية سليمان : التنظيم القانوني لعلاقات العمل في التشريع الجزائري ، سبق ذكره ص 242.

كما ان المادة 34 من نفس القانون تخول للسلطة لرئيس المحكمة الفاصلة في المسائل الاجتماعية إصدار الأمر بالتنفيذ المعجل لمحضر المصالحة من تحديد غرامة تهديديه يومية لا تقل عن 25% من الراتب الشهري الأدنى المضمون ، كما يحدده التشريع والتنظيم المعمول بهما " وذلك بعد نهاية المدة المحددة للتنفيذ والتي لا يجب ان تتجاوز 15 يوما " . وبذلك يكون لهذا الأمر قوة التنفيذ المعجل بحكم القانون رغم مباشرة طرف المراجعة العادية وغير العادية .
أما في حالة عدم التوصل الى مصالحة ، فإن المادة 36 من القانون 90/04 تجيز للطرف الذي له مصلحة ان يرفع دعواه أمام المحكمة الفاصلة في المسائل الاجتماعية وبذلك تدخل المنازعة حيز التسوية القضائية بعد فشل محاولات التسوية الودية هذه المحاكم التي تتشكل من قضاة معينين من طرف الجهات المختصة وممثلي العمال بنسب متساوية ، إذ تنص المادة 8 من القانون المتعلق بتسوية النزاعات العمل الفردية على ان " تنعقد جلسات المحكمة للنضر في المسائل الاجتماعية برئاسة قاضي يعاونه مساعدان من العمال ومساعدان من المستخدمين " . يتم تعينهم أو انتخابهم حسب نفس الطرق والشروط المقررة لانتخاب اعضاء مكاتب المصالحة المحددة في المادة 09 من القانون 90/04 ، أما طبيعة الأحكام الابتدائية للمحاكم الفاصلة في المواد الاجتماعية فترتبط بطبيعة اختصاصها ، وبأحكام القوانين المنظمة لها ، حسب الشكل التالي :
* أحكامابتدائيةونهائية :إذ تنص المادة 21 من قانون تسوية منازعات العمل الفردية على ان " تبت المحكمة المختصة في المسائل الاجتماعية ابتدائيا ونهائيا في الدعاوي التي تتعلق أساسا بإلغاء العقوبات التأديبية التي لا تراعي فيها الإجراءات التأديبية او الاتفاقات الإجبارية والدعاوي الخاصة بتسليم شهادات العمل وكشوفات المرتبات ، ومختلف وثائق إثبات علاقة العمل " . وهي بهذا غير قابلة للطعن بالاستئناف بحكم القانون 1.
* أحكام ابتدائية قابلةللتنفيذالمعجل :
وهي أحكام تستدعي تنفيذها بصفة استعجاليه رغم قابليتها للمراجعة ، كذلك الأحكام المتعلقة بالفصل التعسفي من العمل ، او المتعلقة يدفع أجور العمال ، أو المتعلقة بحق من الحقوق المادية والمهنية للعمال ، وفي ذلك تنص المادة 22 من نفس القانون على ان " تكون الأحكام القضائية التالية محل تنفيذ مؤقت بقوة القانون : تطبيق او تفسير اتفاقية او اتفاق جماعي للعمل ، تطبيق او تفسير كل اتفاق مبرم في إطار المصالحة ، دفع الرواتب والتعويضات الخاصة بالأشهر الستة الأخيرة ". -* أحكام الابتدائية عادية:
وهي أحكام قابلة للمراجعة العادية وغير عادية ، ولا يمكن تنفيذها إلا بعد استئناف كافة الإجراءات المقررة قانونا للمتقاضي بعد حصول الحكم على حجية الشي المقضي فيهه لأن الاصل في الأحكام الابتدائية هي قابليتها للمراجعة والطعن ، سواء كان ذلك بالاستئناف او المعارضة ، ان كان بالنقض او التماس إعادة النظر كما هو منصوص عليها في قانون الإجراءات المدنية .
المطلب الثاني : طرق تسوية المنازعات الجماعية

لقد برزت أهمية التنظيم النقابي بأهمية الدور الذي تضطلع به النقابات في إقامة و تحديد علاقات عمل جماعية ، كما برزت أهمية المشاركة العمالية في التنظيم و تحديد ظروف العمل على كافة المستويات ، فنظم المشرع علاقات العمل الجماعية و اصدر إحكاما و نصوصا قانونية يعالج فيها الخلافات التي تنشأ بسبب او مناسبة العمل ، حتى و ان كان قبل ذلك لم يقر صراحة الاعتراف بإقامة علاقات عمل جماعية ، إلا انه اعترف بها ضمنيا ، كما أشار الى الخلافات التي قد تشأ بشأنها و قرر نظامي المصالحة
و التحكيم ، و خصص لهما المواد من / 303 الى 315 من الأمر رقم : 75/31 المتعلق بالشروط العامة بعلاقات العمل في القطاع الخاص بينما اقر كيفية حل الخلافات التي تتولد عنها حيث نص في المادة : 90 من القانون الأساسي العام للعامل رقم 78/12 على انه " تداركا لأي خلاف قد يحدث في العلاقات الجماعية للعمل
وتوصلا لتسوية عند الحاجة تنشأ الإجراءات الإلزامية للمصالحة والتحكيم في تلك الخلافات" ، غير انه وبصدور القانون رقم 82/05 المتعلق باتقاء الخلافات الجماعية في العمل وتسويتها ألغى أحكام الأمر 75/31 المتعلق بتسوية النزاعات الجماعية .
حيث يبين في المادة الأولى منه الإجراءات الإلزامية لاتقاء الخلافات الجماعية في العمل التي تطرأ بين العمال والهيئات صاحبة العمل ، يتعين فيها على المؤسسة صاحبة العمل ان تبرمج اجتماعات شهرية مع الممثلين المنتخبين للعمال للنظر في كل مسالة ذات الصلة بالعلاقات الاجتماعية والمهنية وبحياة مؤسسة صاحبة العمل حسب المادة السابعة منه ، على ان تشارك خلية الحزب في هذه الاجتماعات و تبين المادة : التاسعة من نفس القانون انه يتعين على المؤسسة صاحبة العمل أن تحدد موقفها من الاقتراحات و المطالب في ظرف : 15 يوم .
و إذا لم يحصل الاتفاق ، تعيد أطراف الخلاف النظر في المسائل التي تتم تسويتها او ظلت معلقة ، خلال اجتماع استثنائي يعقد وجوبا في ظرف : 15 يوم كما خصص المشرع في هذا القانون أحكاما خاصة بالقطاع الاشتراكي للمواد : 10/11/12 منه بقصد تسوية كل خلاف جماعي من قبل مجلس الادارة او مجلس عمالها او مع الممثلين المنتخبين للعمال ، تتدخل خلية الحزب ، وفي حالة الفشل يعرض الخلاف على متفشية العمل المختصة إقليميا، وفي حالة الفشل يودع بعدها محضر اتفاق لدى مفتشية العمل و في حالة الفشل تتم إحالة الخلاف الى مفتشية العمل المختصة إقليميا ، و في كلتا الحالتين تتولى مفتشية العمل إحالة الأمر الى اللجنة البلدية خاصة بالمصالحة تكون قراراتها ملزمة لأطرافها بقوة القانون حسب المواد : 19/26 من نفس القانون وفي حالة عدم المصالحة، يحال الخلاف الى اللجنة الولائية المكلفة بتسويته تكون قراراتها ملزمة لأطرافها قابلة للطعن أمام اللجنة الوطنية لدى الوزير المكلف بالعمل برئاسة قاضي من المجلس الأعلى.
و في حالة ما لم يتم التوصل الى الخلاف يحال على سلطة التحكيم لتصبح قرارات التحكيم نافذة بأمر من الرئيس الاول . 1 للمجلس الأعلى ، و يكون غير قابل للطعن .
و بناءا على ذلك نظم المشرع بهدف التقاء خلافات العمل الجماعية وتسويتها داخل المؤسسة المستخدمة في ظل القانون القديم لنخص بالنظر فيها :
- الهيئات المكونة : قانونا داخل المؤسسة صاحبة العمل .
- اللجنة البلدية الخاصة المكلفة بالمصالحة بالخلافات الجماعية
- اللجنة الولائية المكلفة باتقاء الخلافات الجماعية .
- اللجنة الوطنية المكلفة باتقاء الخلافات الجماعية .
- سلطة التحكيم .
* فاخضع كل خلاف جماعي في المؤسسات الخاضعة للقانون التسيير الاشتراكي لإدارة الوحدة او مجلس العمال ، اما الخلافات الناشئة في المؤسسات القطاع الخاص فيعالج الخلاف قصد تسوية من طرف صاحب العمل ، و الهيئة النقابية .
أما في حالة فشل التسوية الداخلية للنزاع الجماعي فنباشر إجراءات المصالحة بطلب من إحدى الطرفين الى مفتشية العمل المختصة إقليميا او بقوة القانون و في حالة فشل محاولات إجراءات المصالحة يحال الخلاف الى سلطة التحكيم و هي التي قررها المشرع الجزائري فغي المادة 40 من القانون المتعلق بإنقاذ الحلافات الجماعية في علاقات العمل وتسويتها لسنة 1980 ليكون قراره نافذ بأمر من الرئيس الاول للمجلس الأعلى اما في التنظيم الجديد لعلاقات العمل الجماعية ، فقد نضمها القانون 90/02 المتعلق بالوقاية من النزاعات الجماعية وتسويتها وممارسة حق الإضراب المعدل والمتمم بالقانون رقم 91/27 صادر في تاريخ 21/12/91 وميز بين الأحكام التي تطبق على المؤسسات والإدارات العمومية ، وبناءا عليه
فالمادة 4 تنص على انه : أحكام المواد 4 الى 13 منه ، وبناءا عليه تنص على انه " يعقد المستخدمون وممثلو العمال اجتماعات دورية لدراسة وضعية الخلافات الاجتماعية والمهنية وضروف العمل العامة داخل الهيئة المستخدمة ، على ان تحدد اتفاقيات الجماعية كيفية عقد هذه الاجتماعات 1 .
وفي حالة اختلاف الطرفين ، حسب المادة 5 ، يباشر الطرفان إجراءات المصالحة المنصوص عليها في الاتفاقيات او العقود التي يبرمانها فإن لم تكن فيرفع احد الطرفين الخلاف الجماعي الى مفتشية العمل المختصة افليميا على ان تقوم هذه الأخيرة وجوبا بينهما في ضرف 8 أيام وفي حالة فشل إجراء المصالحة ، بناءا على محضر المصالحة تبين المادة 9 انه يمكن للطرفين ان يتفقا على اللجوء الى الوساطة او التحكيم ، فتسند مهمة اقتراح تسوية ودية الى وسيط يشتركان في تعيينه أما في حالة اتفاقهما على التحكيم ، فتطبق اخكام قانون الإجراءات المدنية في المواد 44الى 454 منه
فيجوز لكل ان يطلب التحكيم في حقوق له مطلق التصرف ، دون ان يجوز ذلك للأشخاص المعنويين التابعين للقانون العام ، أما إذا كانت تعلق النزاع بشركتين وطنيتين او أكثر او مؤسسات عمومية تابعة للسلطة وصابه مختلفة فتعيين كل من هذه الشركات او المؤسسات حكما عنها ، يرجع احدهما او يعينه رئيس الجهة القضائية الواقعة في دائرتها العقد ، فيكون بذلك قرار التحكيم ملزما للاطرافه و غير قبل للمعارضة ينفذ بموجب أمر صادر عن رئيس المحكمة الذي صدر القرار في دائرة اختصاصها
أمام ا لمؤسسات و الإدارات العمومية المتمثلة في هيئات العمومية ذات الطابع الاداري والإدارات المركزية التابعة للدولة والولايات والبلديات فقد خصتها بالمواد من 14 الى 23 من نفس القانون 90/02 لتتم تسوية كل خلاف او نزاع جماعي داخل المؤسسة او الهيئة او الإدارات العمومية لدراسة وضعية العلاقات الاجتماعية والمهنية ، كما تبين المادة 16 أنه اذا اختلف الطرفان في كل او بعض المسائل المدروسة ، فيرفع ممثلوا العمال و الممثلين المخولين في المؤسسات و الإدارات عمومية لدراسة وضعية العلاقات الاجتماعية و المهنية .
كما تبين المادة : 16 انه اذا اختلف الطرفان في كل او بعض المسائل المدروسة ، فيرفعه ممثلو العمال الخلاف : 1 للسلطات الادارية المختصة في مستوى البلدية او الولاية التي تنتمي اليها المؤسسة الوزراء او ممثليهم المخولين : إذا في المؤسسات تدخل في نطاق اختصاصهم .
أما إذا لم تتمك تسوية النزاع خلال : ثماني أيام فان السلطة السلمية المباشرة تستدعي طرفي الاختلاف الجماعي الى اجتماع المصالحة ، بحضور ممثلي المكلفة بالوظيفة العمومية ، و مفتشية العمل المختصة إقليميا و الا تعرض نقاط الخلاف على المجلس المتساوي في الأعضاء في الوظيفة العمومية الذي يعتبر جهاز مصالحة داخل المؤسسات الإدارية العمومية يتكون من الادارة و ممثلي العمال .
و عليه فالتنظيم الجديد لعلاقات العمل الجماعية قد نظم تسوية خلافات العم لا الجماعية داخل المؤسسة المستخدمة صاحبة العمل غير المؤسسات و الهيئات العمومية لتخص في العم ل فيها :
- هيئات مكونة قانونا داخل المؤسسة صاحبة لعمل مكونة من المستخدمة و ممثلي العمال
- المصالحة المنصوص عليها في الاتفاقات و العقود
- مفتشية العمل المختصة إقليميا .
- الوساطة .
- التحكيم .
* أما إذا كانت المؤسسة المستخدمة من المؤسسات و الإدارات العمومية بمفهوم المادة : 14 من نفس القانون المذكور أعلاه ، فان مهمة تسوية كل نزاع جماعي داخل المؤسسة تختص به:
- هيئات مكونة قانونا داخل المؤسسة لممثلي العمال و ممثلي الإدارات العمومية .
- السلطات الإدارية المختصة في البلدية او الولاية
- الوزراء او ممثليهم المخولين .
* و المصالحة بحضور السلطة المكلفة بالوظيفة العمومية و مفتشية ا