ملخص الدراسة: لم يعد خافيا على أحد ما تسببه ظاهرة الفساد الإداري من آثار سلبية على الإدارة العامة والاقتصاد والمجتمع بشكل عام، مما يستوجب تناول هذه الظاهرة بالمزيد من الدراسة والتحليل، بهدف الوصول إلى الأسباب الحقيقة وراء هذه الظاهرة، وللمساعدة في وضع استراتيجيات مكافحة أكثر فعالية، تتناسب مع الواقع والبيئة المحلية، وتلبي طموحات الإرادة السياسية في الحد من ظاهرة الفساد الإداري.
لذا تهدف هذ ه الدراسة إلى التعرف على أسباب الفساد الإداري في الأجهزة الحكومية في البيئة الأردنية، وتحديد أكثر هذه الأسباب تاثيرا في إحداث الفساد الإداري، إضافة إلى الكشف عن أكثر وسائل مكافحة الفساد الإداري فعالية من وجهة نظر المعنيين بمكافحة الفساد محليا، وبيان درجة انتشار بعض مظاهر الفساد ومستوى وجود الفساد الإداري بشكل عام في القطاع الحكومي الأردني، وقد أجريت هذه الدراسة على مجتمع يتكون من العاملين في جهازين يتوليان مسؤولية مكافحة الفساد في الأجهزة الحكومية، وهما مديرية مكافحة الفساد إضافة إلى المدققين في ديوان المحاسبة، وقد بلغ إجمالي حجم العينة (429) موظفا من الجهازين، وقد تم توزيع الاستبانات على جميع أفراد عينة الدراسة، تم استرداد (322) استبانة، أما الاستبانات الخاضعة للتحليل فقد بلغت (282) استبانة، تم تحليلها باستخدام برنامج التحليل الإحصائي (spss)، وذلك لحساب المتوسطات الحسابية والتكرارات والنسب المئوية، إضافة إلى استخدام معامل بيرسون، كما استخدم تحليل التباين الأحادي واختبار (T) لدراسة الفروق في إجابات أفراد العينة نحو متغيرات الدراسة.
وقد أظهرت النتائج أن مستوى وجود أشكال الفساد الإداري كان متوسطا في مجال مظاهر الرشوة والاختلاس والتزوير والابتزاز، في حين كانت درجة الوجود مرتفعة لمظاهر الواسطة والمحاباة والتحيز وسوء استخدام المال العام إضافة إلى قبول الهدايا الرمزية، أما المستوى العام لدرجة انتشار الفساد الإداري، مع الأرجحية النسبية في الأهمية للعوامل الذاتية والسياسية، إضافة إلى احتلال عامل ضعف العقوبات المفروضة على المخالفين والتساهل في تطبيقها على المرتبة الأولى من حيث درجة التأثير في التشجيع على ممارسة الفساد الإداري، يليه في الأهمية ضعف الالتزام بعاليم الدين وقلة وجود القدوة الحسنة، إضافة إلى عامل سيطرة الجشع والرغبة في جمع المال.
وقد أظهرت الدراسة أن المجتمع المحلي ما يزال يرفض الفساد الإداري، ولا يشجع على ممارسته، حيث حصل عامل تشجيع المجتمع على الفساد على أقل درجة موافقة من بين أسباب الفساد الإداري، مما يعني عدم وصول المجتمع المحلي إلى حد الآن إلى مرحلة استشراء الفساد.
وعلى ضوء نتائج هذه الدراسة قدم الباحث مجموعة من التوصيات من أهمها ضرورة تبني سياسة شاملة تهدف إلى تعزيز الوازع الديني وإرساء المبادئ والقيم المثلى الرافضة للفساد، إضافة إلى أهمية تطوير القوانين والتشريعات وضمان فرض العقوبات المناسبة على جميع المخالفين، كما أوصت الدراسة بأهمية تعزيز عامل الثقة بين المواطن والقطاع الحكومي، والإهتمام بعدالة توزيع الحقوق والمكتسبات على المواطنين، كما أكدت الدراسة على ضرورة تفعيل دور القضاء والمحافظة على استقلاليته و نزاهته، وعدم حضوعه للضغوطات الخارجية.
كلمات مفتاحية: فساد إداري، مخالفات إدارية، أجهزة رقابة، أردن.
منقول للفائدة