فضلت الكثير من الأسر الجزائرية، الاشتراك في تكاليف أضحية العيد المبارك، حتى لا تحرم من أجر النحر، خاصة مع الارتفاع الجنوني لأسعار المواشي، التي تجاوزت توقعاتها الخيالية وقدراتها الشرائية، الأمر الذي اضطر الكثير من العائلات والتي دخلت في حيرة من أمرها إلى طريقة الاشتراك مع الأقارب والجيران لشراء العجول أو ما يطلق عليها اسم "الفرد"، في حين اختار البعض الآخر نحر التيس "العتروس".

اختارت الكثير من العائلات الجزائرية السير على خطى النبي إبراهيم عليه السلام، من اجل نحر أضحية العيد، بالرغم من غلاء أسعار المواشي والتي لم تعرف انخفاضا.. نحن لا يفصلنا عن العيد سوى أيام قلائل،حيث فضل الكثيرون التضامن فيما بينهم وخصصوا مبالغ مشتركة تتناسب وميزانياتهم، ليتمكنوا من اقتناء أضحية العيد، لكن هذه المرة الاختيار وقع على نوع آخر من الأضاحي والمتمثلة في نحر التيس "العتروس" والعجل، كونه الأكثر توفيرا من الناحية المالية وأزكى طعاما من حيث الاستهلاك.

ولإثراء الموضوع، اقتربت "الشروق" من بعض العائلات بالأحياء الشعبية العاصمية لاستطلاع آراء من اشتركوا في شراء "عجل " لنحره بدل الخروف مثلما فعلت عائلة عمي "مرزوق"، فعلى حد تعبيره، وصل سعر الأضحية العادية التي اعتاد الفقير شراءها سابقا بسعر مليوني سنتيم إلى سقف الأربعة ملايين ونصف، وذات النوعية الجيدة إلى 7 ملايين سنتيم، والتي تتجاوز بطبيعة الحال دخل المواطن البسيط والعامل اليومي، لذا اختار الاشتراك مع أقاربه الأربعة لنحر عجل قيمته المالية 12 مليون سنتيم بدل أربعة كباش تشبه القطط، سعر الواحد يفوق 4 ملايين سنتيم .

ولأن الأسعار ملتهبة هذه السنة، اقترح الكثير منهم التشارك وشراء أضحية واحدة، يضيف ذات المتحدث، حتى يتمكنوا من تغطية تكاليف الأضحية، التي جاءت بعد عدة مناسبات: رمضان، الدخول المدرسي، عيد الفطر، استنزفت كلها أموال ومدخرات العائلات الجزائرية.

عائلات كثيرة تكاد توفر الأكل والشرب لعائلتها، حرمت هذه السنة من الأضحية، على حسب تعبير عمي "إبراهيم" الذي اختار نحر "عتروس" بدل كبش يقول: "في سنوات خلت كان سعر الأضحية لا يتجاوز 20 ألف دينار أقصى حد، حيث كان الفقير والغني يضحي، لكن الموالين والمضاربين في الأسعار غلاو علينا الشربة وحرمونا من القيام بسنة النبي ابراهيم عليه السلام"، ويؤكد لنا أن الكثيرين فضلوا تقاسم تكاليف الأضحية مع جيرانهم، وذلك رغبة منهم في عدم تضييع أجر عيد الأضحى المبارك، خصوصا أنه يأتي مرة كل سنة، وهذا راجع إلى الأسعار الملتهبة وغير المعقولة، فالسعر المعقول يتجاوز جيب المواطن البسيط.

وكشف الناطق الرسمي باسم اتحاد التجار والحرفيين الجزائريين، الحاج الطاهر بولنوار، أن السبب الحقيقي وراء ارتفاع أسعار المواشي خلقته عملية المضاربة في السعر وفرض منطق الاحتكار من طرف المتحكمين في سوق الموالين، خاصة مع ارتفاع أسعار العلف والغذاء الحيواني المستورد من الخارج، مشيرا إلى تلاعب الوسطاء بالأسعار في عمليات البيع، وبتسويقها دون سجل تجاري.

وقال بولنوار في اتصال هاتفي بـ"الشروق" أن العائلات المحدودة الدخل لجأت إلى الاشتراك وحتى للاقتراض لنحر الأضحى، خاصة وان العاصمة لوحدها تستهلك ما يقارب 200 ألف رأس أضحية، وأعطى مثالا عن نحر العجل في مناطق بلاد القبائل والتي تفضل العجول كأضحية عيد بدل الخرفان، فالعجل بمبلغ 12 مليون سنتيم فيه الخير والبركة على الخروف بمبلغ 4 ملايين سنتيم.


رئيس فيدرالية الموالين لـ"الشروق":

الموال والمستهلك ضحايا لوسطاء يتلاعبون بأسعار المواشي

ألقى رئيس فيدرالية الموالين عزاوي الجيلالي اللوم على التجار الذين يلعبون دور الوسيط لبيع أضحية العيد، واغتنام الفرصة لرفع الأسعار والتلاعب بجيوب المواطنين البسطاء، معتبرا أن الموال والمستهلك مجرد ضحية، في ظل اقتصار مهمة الموالين على تمويل التجار بالفائض ولا علاقة لهم بارتفاع الأسعار، مبديا غضب الموالين على لسانه بخصوص تأخر توزيع مادة الشعير التي يفترض أن تمنحها لهم وزارة الفلاحة بداية شهر سبتمبر الماضي، إلا أن تأخرها خلق مضاربة واستياء وسط الموالين.