من حق الشعوب أن تثور في وجه الظلم و الطغيان وتطالب بالإصلاح ومكافحة الفساد و لكن، هل حقا ثورة سوريا تحمل هذه الشعائر و المبادئ؟، قبل الخوض في الجواب المقنع يجب أن نفهم ما معنى ثورة:
الثورة كمصطلح سياسي هي الإنتقال من مرحلة إلى أخرى قد تكون من الأسوأ نحو الأفضل والعكس، أي التمرد على الوضع الراهن الخاص بأي دولة أو مجتمع ما، و قد تكون تجلياتها إما سلبية أو إيجابيه وهذا يترتب عن إيديولوجيتها وفكر من يقومون بهذه الثورة، لقد شهد العالم عدّة ثورات وكانت اهمها في القرن الفائت والتي صبت في ذات الهدف وهو تحرير الأرض من المستعمرين، وفي هذا السياق فإن ثورة سوريا التي بدأت مطالبة بالإصلاح السياسي والمعيشي أخذت منحى آخر بعدما إستجاب النظام لمطالب عامة الشعب وقام بعدة تغييرات ومنها إلغاء قانون الطوارئ وتعديل بعض مواد الدستور.
لكن من يزعمون أنهم يريدون الإصلاح لم ترضهم هذه التغييرات لأنّ الهدف الأساسي من ثورتهم لم يكن ما جهروا به و إنما غايتهم هي المناصب والحكم، حين ننظر اليوم بتمعن إلى تداعيات الثورة السورية والتي أخذت طابعا راديكاليا فإننا نستنتج على إثره: قيام ثورة جديدة ضد الثورة الأولى، بمعنى آخر يتوجب على من يطلقون على أنفسهم “ثوار”، أو “جنود الله” أن يقوموا بإصلاح فكرهم وتغييره قبل أن يطالبوا بأي إصلاح من طرف النظام.
ثورة مبنية على التكفير وشريعة القتل لا يمكن لها أن تثمر سلاما وسلما و أمانا أو تنسب نفسها للإسلام الذي صار اليوم المنوم المغناطيسي للكثير من الناس الذين لا يمتلكون من الوعي الدين شيئا، وإن ما دخلنا في المقارنة بما تقوم به “حركة المقاومة بسوريا” والتشريعات الإسلامية فإننا نستنتج أنّ هذه الحركة ترتدي غطاء الدين لغاية صار الكثيرون يدريكونها وهي هدم كيان المجتمع السوري وليس النظام السوري وترسيخ الفكر المتطرف الديني في عقل الجيل الحالي والأجيال القادمة.
إن هذه الثورة تحلل القتل الجماعي وتعذيب الأسرى وإعدامهم وهتك عرض النساء بتهمة الكفر، وهذا ما نهى عليه الرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام أي عدم قتل العزل والأطفال والنساء وتعذيب الأسير، أما بعض مؤيدوا هذه الثورة فإنهم يشمتون بضحايا التفجيرات الإرهابيه ويرجؤونها إلى أنّها إنتقام رباني من أتباع النظام “الكافر” على حد وصفهم، هنا نذكر هؤلاء أنّ الإنسان الذين تنسبون أنكم من أتباع سنته كان يقوم لجنازة من كانوا يعادونه وذلك إكراما لروح خلقها الله.
بهذا التعليل البسيط أصبح الجواب واضحا، أي أنّ ثورة سوريا هي ثورة قذرة بكل ما تحمله الكلمة من معنى لا تسعى سوى لخراب البلاد والعباد تحت شعار الحرية والإسلام، إنّ الثورة الحقيقيه هي تلك التي يقوم بها الإنسان ضد نفسه للإصلاح منها ومن فكره وحتى يتمكن بعد ذلك من إصلاح ما حوله.
الثورة الحقيقيه تكمن في التآخي والحفاظ على بنية الوطن والسعي إلى ترميم التصدعات وليس إحداثـها والعمل على تأجيج الفتن وسحق الأقليه لا لشيئ إلا لأنهم لا يقاسموننا نفس الدين ولكنهم يشاركوننا ذات الأرض.
الثورة ليست تغيير علم ونشيد وطني وإسقاط نظام و نّما هي إسقاط الفكر المتطرف والعمل على المساواة ما بيننا وبين الآخر وتقبل إختلافه الديني والطائفي.