كل إدارة وأن الوظيفة إذا ما تم أداؤها على الوجه المطلوب يكون دورها
إيجابياً في تحقيق الأهداف والغايات التي تسعى إليها المنظمات لخدمة
المجتمع الذي تعيش فيه ولذا، فإن للوظيفة العامة واجبات ومسئوليات وتشمل
تخصصات وأنظمة ولوائح ، يجب على الموظف العام القائم عليها أن يستوعبها
ويفهمها على أكمل وجه، ويتدرب على أفضل الطرق لتحقيق الغايات والأهداف
التي أنشئت الوظيفة من أجلها .
وتتعدد المصطلحات التي تستخدم للتعبير عن الالتزامات ، فمنها ما يأخذ شكل
الواجبات التي يطلب من الموظف القيام بها على خير وجه ، ومنها ما يأخذ شكل
المحظورات التي يجب على الموظف الامتناع عن تأديتها تحت طائلة المسئولية
ويعرف الواجب على أنه (ما طلب فعله على سبيل المثال الإلزام ) ، وتأتي
سلوكيات الوظيفة العامة منطلقة من التزام الموظف العام بهذا الواجب كما
حددته اللوائح والأنظمة والقوانين وابتعاده عن كل ما يتعارض معها ، ويعتبر
عدم الالتزام بهذه الواجبات مخالفة يعاقب عليها النظام . والجدير هنا . أن
نبين أن الموظف لا يخضع لكل ما تصدره الإدارة من منشورات وتعليمات سواء
كانت متعلقة بالنواحي الإدارية أو المالية أو الأخلاقية ، كما يخضع الموظف
للقرارات الفردية الصادرة في شأنه ، وكذلك للأوامر الصادرة إليه من رؤسائه
بشأن العمل ، فإذا خالفها فإنه يكون قد خرج على مقتضيات وواجبات الوظيفة
ويمكن تمييز نوعيين من السلوكيات هما : السلوكيات الإيجابية والسلوكيات
السلبية .
تعريف السلوكيات الإيجابية :
يمكن تعريف السلوكيات الإيجابية بأنها مجموعة القواعد والقيم والمبادئ والمعايير التي يجب على الموظف الالتزام بها والتقييد بها.
السلوكيات الإيجابية للموظف العام :
تشتمل السلوكيات الإيجابية ثلاثة أنواع هي :
ويمكن على وجه التفصيل تحديد السلوكيات الإيجابية التالية :
أولاً : القوة والأمانة :
تعتبر هاتين الصفتين العظيمتين شرطين من شروط الإسلام في التعيين على
الوظيفة العامة وقد وضعت شعاراً للخدمة المدنية في المملكة . لقول الله
تعالى )إن خير من استأجرت القوي الأمين( الآية (26) سورة القصص .
أ- القوة : يختلف مفهوم القوة من وظيفة لأخرى وذلك على ضوء طبيعة عملها
والمؤهلات والقدرات الذاتية اللازمة لشغلها. ويتم تقسيم الوظائف وفقاً
لنوعيات وأسباب مشتركة مع تجديد الشروط والمؤهلات المطلوبة لشغل الوظيفة ،
حتى يتم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب . ولهذا ، فعلى الموظف أن
يتخذ جميع الوسائل والأساليب التي تجعله قوياً في بدنه وجاهزيته للعمل .
وقوياً في معلوماته وأفكاره ، وقوياً في مهاراته ، ملماً ومدركاً
لاحتياجات وشروط الوظيفة التي يشغلها حتى يحقق أقصى درجات الخدمة
للمنتفعين من هذه الوظيفة .
ب- الأمانة : يقول الله تعالى ) يأيها الذين آمنوا لا تخونوا الله
والرسول وتخونوا أمانتكم وأنتم تعلمون ( الآية (27) سورة الأنفال ويقول
الله تعالى ) فإن أمن بعضكم بعضاً فليؤيد الذي أتمن أمانته وليتق الله ربه
( الآية (283) سورة البقرة . وأمانة من الأخلاق التي تدل على سمو ورقي
المجتمع ، ومن المتفق عليه عند علماء الدين والأخلاق والاجتماع أن الأمانة
تعتبر من الأخلاقيات التي تعود بالخير على الفرد والمجتمع . وللأمانة معنى
واسع يختلف عن المعنى الضيق الذي حصرت فيه ، حيث أن المفهوم الضيق للأمانة
يعني حفظ الفرد ما يودع لديه من أموال . ولكن المفهوم الواسع والشامل
للأمانة يشمل التزام الواجبات الدينية والاجتماعية وأداؤها خير أداء ،
فالله سبحانه وتعالى حق على عباده ، وللمجتمع حق على الإنسان وهو أمانة
يلتزم بالوفاء بها ، فإن لم يفعل كان مسيئاً إلى أصحاب الحقوق وخائناً
للأمانة . ولذا فعمل الموظف أمانة وهو مؤتمن على وظيفة ولابد أن يحسن
التصرف فيها ويؤدي حقوقها ويلتزم بواجباتها ، وإذا فها ذلك كان أميناً
وفياً .
ثانياً : إتقان العمل :
يجب على الموظف مباشرة عمل الوظيفة المعين عليها بنفسه ، ولا يجوز له
التفويض فيه إلا في نطاق الحدود النظامية وتحت مسئوليته . لأن الأصل هو
مباشرة الموظف لأعمال ومهام وظيفته . كما تنص على ذلك المادة (31/6)من
اللوائح التنفيذية لنظام الخدمة المدنية . ومن مستلزمات مباشرة الموظف
العام لأعمال وظيفته أن يكون إيجابياً في مباشرته لهذا العمل بحيث يؤدي
عمله بدقة وإخلاص ، وأن يكون هذا الأداء طيلة ساعات العمل الرسمية . فلا
يكفى أن يوجد الموظف في مقر العمل بدون أن يؤدي عملاً . بل إنه مكلف
بإنجاز القدر المطلوب منه بحكم ومهام وظيفته . وإلا فإنه يعتبر مقصراً .
ويشتمل إتقان العمل إجادة العمل . والسرعة في إنجازه ومحاولة تجنب الوقوع
في الأخطاء كما تؤكد على ذلك إدارة الجودة الشاملة حيث يتم تعريف الجودة
بأنها : (أداء العمل من أول مرة وكل مرة بدون أخطاء) . والعمل المتقن
مطلوب وضروري ، وهو ما حث عليه رسول الله r بقوله (أن الله يحب أذا عمل
أحدكم عملاً أن يتقنه).
ثالثاً : الإخلاص في العمل :
يعتبر الإخلاص في العمل من أهم مقومات الموظف الناجح ، ولأن طبيعة
العلاقات بين الموظف العام والدولة هي علاقة تعاقدية و بناءً على هذه
العلاقة واستناداً إلى قوله تعالى (وأوفوا بالعهد أن العهد كان
مسئولا)الآية (34)سورة الإسراء. فأن يترتب على الموظف العام أن يؤدي العمل
الموكول إليه بأقصى الإمكانات المتوافرة لديه وفاءً لهذا العقد . كما يجب
أن يكون هذا الأداء مستوفياً لجميع الشروط الفنية استناداً لقوله تعالى
(ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ، ولا تبخسوا الناس أشيائهم ولا
تعثوا في الأرض مفسدين) الآية (85) سورة هود .
ولذلك ، يجب على الموظف إنجاز المهملات بسرعة وعليه أن يتفادى التأخير في
البت فيها، هذا التأخير الذي قد ينجم عنه ضرر بمصالح المراجعين قد تتحمل
الإدارة أو الموظف نفسه المسؤولية الناجمة عنه ، كما يشترط على الموظف أن
يتجرد من أهوائه الشخصية أثناء تأديته لمهام وظيفته ويبذل الجهد اللازم
والتضحية الممكنة في سبيل تحقيق أهداف وظيفته والمنظمة التي يعمل فيها .
رابعاً : المحافظة على أوقات الدوام الرسمي :
وقت العمل ليس ملكاً للموظف أنما هو ملك للجمهور وللمنظمة التي يعمل بها ،
فعليه أن يكرس كل جهده ووقته في تأدية العمل الذي أوكل إليه من خلال
واجبات وظيفته المحددة حيث تنص المادة (11/ج)من نظام الخدمة المدنية على
أن (أن يخصص وقت العمل لأداء واجبات وظيفته وأن ينفذ الأوامر الصادر إليه
بدقه وأمانة في حدود النظم والتعليمات ) .
لذا فإن احترام مواعيد العمل الرسمية التي حددتها اللوائح تعتبر من أهم
واجبات الوظيفة والتي يجب على الموظف أن يخصصها لتأدية هذه الواجبات،وأن
يتقيد بهذه المواعيد من حيث الحضور والانصراف،كما أن التغيب بدون عذر أو
إذن رسمي أو التأخير عن الدوام يعتبر إخلالاً بالواجبات الوظيفية تقتضي
المساءلة النظامية. ويترتب على عدم التزام الموظف بأوقات الدوام الرسمي
أضرار عديدة مثل تدني إنتاجية بالعمل والإضرار بمصالح المنظمة والإخلال
بأدوار الآخرين .
خامساً : تطبيق القوانين والأنظمة النافذة :
أ- القوانين المنظمة للعمل : يجب على الموظف أن يطبق القوانين
والأنظمة واللوائح النافذة دون أي تجاوز أو مخالفة أو إهمال ، فالموظف
مسئول خلال قيامه بوظيفته عن احترام الشرعية والتقيد بالقوانين والأنظمة ،
ولا يحقق له اتخاذ أي قرار أو تدبير أو موقف لا يستند إلى أساس نظامي
وعليه أن يطبق بدقة وإخلاص القوانين والأنظمة المعمول بها دون أي تجاوز
على صلاحيات غيره من الموظفين رؤساء أو مرؤوسين ، وتجاوز على اختصاصات
سلطة أخرى .
ب- الأنظمة واللوائح التي تنظم علاقة الموظف بجهة العمل : وضع نظام
الخدمة المدنية من أجل تنظيم العلاقة بين الموظفين وجهة عملهم بحيث يتم
الاحتكام لتلك الأنظمة واللوائح عندما يتطلب الأمر كذلك . ولهذا لابد
للموظف عند بداية التحاقه بالخدمة المدنية من الإطلاع على تلك الأنظمة
واللوائح من أجل التعرف على ماله من حقوق وما عليه من واجبات والالتزام
بها .
وهناك العديد من المصادر التي يمكن للموظف الاستفادة منها في هذا المجال
كنظام الخدمة المدنية ولوائحه التنفيذية بالمملكة العربية السعودية الصادر
عن الديوان العام للخدمة المدنية ، حيث يحوي هذا المصدر جميع أنظمة الخدمة
المدنية مثل (الإجازات ، سلم الرواتب ، شغل الوظيفة ، واجبات الوظيفة ،
البدلات ، الجزاءات، المكافآت ، إنهاء الخدمة ،.....)
ج. تنفيذ القرارات والأوامر الصادرة إليه (19): يدخل في نطاق تنفيذ
الأعمال الوظيفية تنفيذ الموظف للأوامر والقرارات الصادرة إليه ، وأن كان
الموظف يعتقد عدم نظامية هذه الأوامر والقرارات ، بل أن عليه في هذه
الحالة التنفيذ ثم الاعتراض بالطرق النظامية ، لأن اعتراضه قبل التنفيذ قد
يعتبر نوعاً من التحدي والعصيان للقرار الحكومي ، إلا إذا كانت هذه
الأوامر والتعليمات مخالفة بصورة صريحة وواضحة للقوانين والأنظمة فإن عليه
أن يفيد رئيسه خطياً بذالك ، ولا يلزم تنفيذها إلا إذا أكدها رئيسه خطياً
.
سادساً المحافظة على المال العام :
يعتبر الحفاظ على المال العام بشقيه النقدي والعيني من أهم الواجبات
المنوطة بالموظف ، وذلك لأن المال العام هو مال الأمة كلها وهو الوسيلة
الأهم في تحقيق الأهداف والقدرة على تقديم الخدمات للمواطنين على النحو
الأمثل ومن ثم السعي نحو النمو الاقتصادي الذي يؤدي إلى الرفاه الاجتماعي
.ولذلك يجب على الموظف العام أن يحافظ على هذه الأموال عن طريق الترشيد في
استهلاكها واستعمالها وأن يحافظ على صيانتها بصورة منتظمة ، وأن يسعى
باستمرار لتخفيض مستوى الإنفاق دون الإضرار بمستوى الأداء وذلك تحقيقاً
لمبدأ الكفاءة والفعالية . كما ينبغي ألا يستغل أياً من هذه الأموال
النقدية والعينية لأي استخدام شخصي له أو لأي من معارفه .
سابعاً : التفرغ للعمل الوظيفي :
يتعين على جميع موظفي الدولة التفرغ لأداء مهمات وظائفهم ، فلا يجوز لهم
كمبدأ عام ممارسة عدة أعمال مختلفة في وقت واحد ، ويجب على الموظف العام
أن يكرس كامل وقته لأداء مهمات الوظيفة التي عين عليها . وقضى نظام الخدمة
المدينة (20)في المملكة العربية السعودية بأن يكون تفرغ الموظف لوظيفته
واتخاذه إياها حرفيه الأساسية هو أحد الواجبات الملقاة على عاتق الموظف .
وقد عللت الحكمة من وراء ذاك بأن لا تتنازع الموظف مصالح متعارضة ، بعضها
خاص بالوظيفة العامة وبعضها خاص بالعمل الخارجي . ولذلك فإن الأمر يتطلب
أن يصرف الموظف جل وقته لأعمال وظيفته . ويترتب على ذلك ما يلي :
أ.عدم الجمع بين وظيفتين حكومتين : حيث تحضر التعليمات (21) الوظيفة
تقاضي الموظف راتبين من خزانة الدولة من جراء شغله وظيفتين في آن واحد
باستثناء بعض الحالات المنصوص عليها في بعض الأنظمة كجواز الجمع بين
الوظائف (22) الخاضعة لنظام الأئمة والمؤذنين أو بينهما وبين الوظائف
العامة الأخرى .
ب.عدم مزاوله الموظف لمهنته في غير وقت الدوام بدون ترخيص : حضر نظام
الخدمة المدنية (23) على الموظفين باستثناء أصحاب التخصصات الفنية
المساعدة أو الحرفية مزاولة تخصصاتهم في غير أوقات الدوام الرسمي بدون إذن
رسمي ممن يملك الصلاحية في ذلك . فقد نص نظام الخدمة المدنية بأنه (لا
يجوز للموظف الجمع بين وظيفته وممارسة مهنه أخرى ، ويجوز الترخيص للاشتغال
بالمهن الحرة لمن تقضي المصلحة العامة بالترخيص لهم في ذلك لحاجة البلاد
إلى مهنهم ، ويكون منح هذا الترخيص من قبل الوزير المختص وتحدد اللائحة
شروط منح هذا الترخيص) (24) ولم تصدر اللائحة المشار إليها (25) إلا أن
مجلس الوزراء قضى بعدم السماح للموظفين في القطاع العام بممارسة المهن
الحرة ، ويجوز للمجلس بناءً على توصية من مجلس القوى العاملة والخدمة
المدنية استثناء شاغلي فئات معينة من وظائف ذات تخصص معين على ألا يتعارض
عملهم في مهنهم مع عملهم الأصلي وألا يؤثر في مصلحة الدولة .
ج. عدم مزاولة التجارة : يحتاج الموظف العام للتفرغ لعمله الوظيفي ، ولما
كانت التجارة تشغل الموظف عن ممارسة مهامه فإن أغلب أنظمة الخدمة المدنية
في العالم تمنع اشتغال الموظف العام بالتجارة سواء كان ذلك بطريقة مباشرة
أو غير مباشرة . ويقصد بالأعمال التجارية تلك الأعمال (26) التي تؤدي إلى
اكتساب الموظف صفة التاجر حسب القواعد القانونية التجارية ، وذلك كأن
يمارس الشراء والبيع على سبيل الاحتراف .
ب.ثامناً :احترام وطاعة الرؤساء :
بنيت الإدارة العامة ومنذ القدم على شكل هرمي إداري يتصاعد تدرجياً حتى
يصل إلى قمته الذي يشغلها الرئيسي الإداري الأعلى . بمعنى آخر يتوسط
الرئيس الإداري بين مرءوسيه الإداريين والقانون ، وإليه تعود ما تسمى
بالسلطة الرئاسية (27) وتشمل السلطة الرئاسية مايلي (28) :
ا أن واجب الطاعة من الأمور التي حث عليها الإسلام ، وحدود واجب الطاعة
في الإسلام تمثلت في الآية (59) من سورة النساء ) يأيها الذين آمنوا
أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ( والمقصود بأولي الأمر منكم
(29) المسئولين باختلاف مستوياتهم سواء كانوا حكاماً أم رؤساء إدارات.
والطاعة تتمثل أيضاً في الحديث الشريف الذي يوضح حدود الطاعة التي أقرها
الإسلام : قال رسول الله r السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب
وكره ما لم يؤمر بمعصية . فلا سمع ولا طاعة ). وقد أجمعت أنظمة الخدمة
المدنية العالمية على وجوب الطاعة الرئاسية وذلك داخل نطاق عمله . وكذلك
النظام الأمريكي الذي يعتبر التزام الموظفين بالطاعة نحو السلطة الرئاسية
هو نتيجة طبيعية لخضوعهم للقوانين العادية والدستورية للدولة (30)
ولالتزام الموظفين بطاعة رؤسائهم والاستجابة لأوامرهم وتوجيهاتهم أهمية
كبيرة على حركة سير العمل وسرعة الإنجاز وانسجام القرارات التي تصدرها
الجهة الإدارية . كما أن لها أثراًَ كبيراً على تعزيز العلاقات الإنسانية
في العمل ودعمها إيجابياً وتنميها .
تاسعاً : مراعاة آداب اللياقة (31):
لقد تضمنت المادة (11) من نظام الخدمة المدنية في المملكة على جانب أخلاقي
يتضح من نص المادة حيث يجب على الموظف الحكومي أن يراعي آداب اللياقة في
تصرفاته مع الجمهور ورؤسائه وزملائه ومرءوسيه . والمقصود بآداب اللياقة
مقتضيات الذوق العام . حسن المعاملة لأن طبيعة عمل الموظف الحكومي تحتم
عليه الاحتكاك بمنسوبات مختلفة من الناس والدخول في علاقات أيضاً مختلفة
وبنجاح هذه العلاقة يعتمد اعتماداً كبيراً على أسلوبه في المعاملة .
والمادة المذكورة حددت ثلاث فئات من الناس يجب على الموظف أن يتحلى بآداب
اللياقة وبذل روح التعاون و التفاهم معهم . وهذه الفئات هي الجمهور من
المراجعين والرؤساء والزملاء في العمل . وسنحاول أن نوضح نوعية هذه
العلاقة مع كل فئة .
أ ـ العلاقة مع الجمهور والمراجعين : يراجع الدوائر الحكومية عدد
كبير من المراجعين من أصحاب المعاملات والمصالح وقد يكون من بينهم الموظف
الذي ترك عمله ، والتاجر الذي تعطلت مصالحه ، والطالب الذي تغيب عن درسه ،
والمريض والعاجز الذي تكبد مشقة الحضور إلى هذه الإدارات جميعهم أتوا وهم
يطمعون في إنهاء إجراءات معاملاتهم ، ومع هذا قد يواجهون نوعية من
الموظفين يتسمون بالانفعالية والعبس ، ويقابلونهم بسوء المعاملة والتسويق
والمماطلة. أن الموظف الحكومي يجب أن يكون ذلك الإنسان الأمين المخلص الذي
أؤتمن على مصالح الناس . فعليه أن يعاملهم معاملة حسنة بكل أدب ولياقة ،
فالدين المعاملة ، وأن يسعى إلى إنجاز أعمالهم في الوقت المناسب وبدون
مماطلة أو تسويف ، لأن تحقيق مصالح المواطنين من المراجعين يعتبر تحقيقاً
للمصالح العامة ، وهذا هو الهدف الرئيسي الذي ترمي إليه الوظيفة العامة ،
ولهذا فإن أي إهمال أو إساءة يقوم بها الموظف تجاه الجمهور يعتبر تقصيراً
في أداء واجباته الوظيفية . إن العمل الإداري يعتبر عمل إنسانياً يقتضي
تقديمه بالوسائل والأساليب الإنسانية بحكم أن الوظيفة العامة تكليف
للموظفين يدفعهم إلى التكبر أو الاستعلاء على غيرهم من الموطنين . بل هم
ملزمون بالتعاون والتفاهم معهم . والإصغاء والاستماع إلى مطالبهم وشكواهم
والعمل على حلها وتسهيلها . وترجع أهمية السلوك الأخلاقي الحميد الذي يجب
أن يتمسك به موظفو الدولة مع المواطنين إلى أن العلاقة بين المواطنين
والدولة تزداد عمقاً وتلاحماً . وهذا يقتضي أن يجد المواطن المعاملة
الطيبة والكريمة في الإدارات الحكومية . وتتمثل هذا التصرفات السيئة في
سوء التصرف في المواقف الحرجة التي يتعرضون لها أثناء دوامهم اليومي . أو
تعطيل معاملات الجمهور أو تفصيل البعض على الآخر .
ب ـ العلاقة مع الرؤساء : هذه العلاقة تتمثل في توقيرهم ،ويقصد بها التزام
اللياقة والأدب في الاتصال بهم ، ويظهر الالتزام أثناء اللقاء بهم في
العمل والتخاطب معهم . إن احترام الرؤساء والالتزام بآداب اللياقة والأدب
في التعامل معهم من أهم الواجبات التي يجب على الموظف أن يحرص عليها ، إن
يحرص عليها ، أن السلوك الحسن والتعامل الطيب القائم على الاحترام
المتبادل والتقدير تنعكس عليه فوائد جمة تعود على مصالح العمل والموظف
والرئيس ، لأن العلاقة الحسنة بين الرئيس والمرؤوس لاشك أنها تسهم بشكل
كبير في تعميق روح المودة والتعاون وسرعة الإنجاز ، وتمنع التفكك بين
أعضاء التنظيم . إن احترام الرؤساء وتوقيرهن لا يمنع الموظف من حقه في
الشكوى والطعن في التصرفات الإدارية الناجمة عن الانحراف وسوء استخدام
السلطة ولكن في حدود القانون الذي تقتضيه ضرورة الدفاع بعيداً عن
التجاوزات التي من شأنها إظهار التحدي للرؤساء أو التمرد أو التطاول عليهم
أو التشهير والمساس بكرامتهم على أن لا تكون الشكوى هدفها الإساءة إلى
الآخرين ، وكُيل الاتهامات لهم دون دليل قاطع والرغبة في التشهير بهم
والنيل منهم وتجريحهم . والاختلاف في الرأي بين الرئيس والمرؤوس لا حرج
فيه بشرط أن يكون في حدود الأدب واللياقة وحسن السلوك والاحترام الواجب
نحو الرئيس ، فالحقيقة هي وليدة اختلاف الرأي . ولا يجليها إلا قرع الحجة
بالحجة ، ومناقشة البرهان بالبرهان . فالموظف الذي يخرج عن حدود اللياقة
والأدب يعد تصرفه مخالفة تأديبية في حقه . واحترام الرئيس واجب أخلاقي لا
يقتصر فقط على محيط العمل ، بل يتبعه في كل مكان يلقيان فيه ، على اعتبار
أن الاحترام والتقدير لا يقتصر على محيط العمل فقط بل خارجه ، وتتمثل
إهانة الرؤساء في التطاول عليهم وتهديدهم بالأذى سواء كان بالتهديد شفوياً
أو كتابة أو بواسطة آخرين .
ج ـ العلاقة بين الزملاء : أن روح العمل الجماعي المبني على التعاون وروح
المودة والاحترام والثقة من أهم المبادئ الإدارية التي يجب على الموظف أن
يدركها فعليه أن يحسن معاملة زملائه من الموظفين وأن يتعاون معهم في إنجاز
العمل وتقدمه خاصة تلك التي تحتاج إلى مجهود جماعي منسق إن تعاون الموظف
مع زملائه يمكن تحديده في جانبين هما :
أولاً : عدم السعي إلى حجب المعلومات عن زملائه ، أو تقديم معلومات مظللة
يكون القصد منها وضع العقبات والعراقيل ليحول دون إنجاز زملائه لأعمالهم .
الثاني : وهو إيجابي ويظهر في التعاون مع زملائه والأخذ بيدهم ومساعدتهم
بكل ما أمكن وتنويرهم بما يعود على العمل بالفائدة الكبيرة ، وهذا يجب أن
ينطلق من الإحساس بالمسئولية والضمير الحي والأخلاق الفاضلة . ولا شك أن
الشعور بالراحة النفسية والطمأنينة في العمل تعود إلى شعور الموظف بالرغبة
إلى الانتماء إلى المجموعة ، والى كونه محبوباً ومحترماً من الجميع ، مما
يولد عنده الرضا والسرور ، وبالتالي الروح المعنوية العالية . ومن
الواجبات الأخلاقية - أيضاً – التي يجب أن يتحلى بها الموظف تجاه زملائه :
تجنب الحصول على ميزة شخصية على حساب زملائه وجهودهم ، خاصة عندما ينسب
إلى نفسه وحده الفضل في إنجاز العمل الذي أسهم زملاؤه في إنجازه ، أو
تقديم الآراء والمقترحات التي شاركوا في وضعها ويناسبها إلى نفسه .
د. العلاقة مع المرؤوسين : تتمثل آداب اللياقة مع المرؤوسين في مراعاة
الرئيس أو المدير المبادئ الأخلاقية العامة ، كالعدل والإنصاف ، والمساواة
،والحياد في التعامل بين المرؤوسين ، بالإضافة إلى فهم الاختلافات بين
المرؤوسين في الطبائع والاتجاهات والميول والقيم والمعنوية والاعتبارات
الإنسانية لأن ذلك يعمل على رفع روح المعنوية للمرؤوسين ، ويحقق الرضا
الوظيفي والأخلاقي في العمل مما يحفزهم على مضاعفة الجهد ورفع كفاءة العمل
، ولا يعني حسن التعامل أن يتبسط الرئيس مع المرؤوسين بطريقة عير مقبولة
أو معقولة ، بل يجب أن يكون بصورة طبيعة وعفوية تبنى على الثقة المتبادلة
والتعاون .
عاشراً : الترفع عما يخل بشرف الوظيفة العامة والكرامة :
تعتبر هذه السلوكيات من ضمن الواجبات الوظيفية التي يلتزم بها الموظف لقاء
شغله الوظيفة العامة ، وقد نص نظام الخدمة المدنية على أنه (32) " يجب على
الموظف أن يترفع عن كل ما يخل بشرف الوظيفية والكرامة سواء كان ذلك في محل
العمل أم خارجه" . ويتضح من هذا النص أن التزام الموظف بهذا الواجب لا
يقتصر على مقر العمل بل عليه الالتزام خارج مقر العمل ، في داخل البلاد
وخارجها ويتطلب هذا الواجب من الموظف الابتعاد عن التصرفات التي تسئ إلى
سمعته وسمعة الجهة الإدارية التي يعمل بها . ولأن لا يوجد معيار يحدد هذه
التصرفات فإن مركز الموظف ومقر عمله يلعبان دوراً في تحديد هذه التصرفات ،
فما يطلب من الموظف الكبير في هذا الشأن قد لا يطلب من الموظف الصغير ،
وكذلك الشأن بالنسبة لطبيعة العمل ، فالمستشفيات تتميز بحساسية خاصة بسبب
اتصالها المباشر والمستمر بالجهود من الجنسين ، مما يتطلب من القائمين على
العمال في مثل تلك المرافق أن يكونوا على درجة عالية من السلوك الوظيفي
القويم والحرص على أداء الواجب والابتعاد عن مواطن الريب درءاً للشبهات .
أحد عشر : الولاء للوطن والاسترشاد بالمصلحة العامة :
يقع واجب الولاء للوطن على عاتق المواطن بصفة عامة سواء كان موظفاً
حكومياً أو غيره ، إلا أن التزام الموظف بهذا الواجب أقوى من غيره ، وذلك
بسبب العلاقة الوظيفية التي تربط بينه وبين الدولة . ويسأل الموظف عن كل
ما يتعارض مع هذا الواجب ، كالتعاون مع أعداء الدولة .
كما يقتضي هذا الواجب أن يكون الموظف متحفظاً في أبداء الرأي في المسائل
والقضايا العامة وفي الأمور المتعلقة بعمل المرافق العامة،سواءً كان إبداء
الرأي في المجتمع عام أو عبر وسائل الإعلام. ويختلف ذلك من موظف لأخر حسب
المركز الوظيفي الذي يشغله. ويؤكد نظام الخدمة المدنية على عدم توجيه
النقد او اللوم إلى الحكومة في الصحف المحلية والخارجية. ومفهوم(الحكومة
)هنا مفهوم واسع يشمل سائر السلطات العامة ، بما فيها السلطة التنفيذية
والسلطة التنظيمية والسلطة القضائية.
إضافة إلى ذلك يجب على الموظف أن يراعي في عمله المصلحة العامة دون سواها.
وبتالي علية أن يحقق المصلحة العامة في تأدية مهام وواجبات وظيفته التي
يجب أن تكون هدفاً له . مبتعداً في ذلك عن تحقيق مآربه ومصالحة الشخصية
على حساب المصلحة العامة.
1. الأخلاقيات الوظيفية : هي تلك التي تتعلق بتأدية الواجبات الوظيفة وإتقان العمل بكل أمانه وإخلاص
2.الخلاقيات المسلكية : هي تلك الأخلاقيات التي تتعلق بسلوك وتصرفات
الموظف داخل وخارج الوظيفة العامة ، ولقد نصت جميع أنظمة الخدمة المدنية
في العالم على وجوب تحلي الموظف العام بالسيرة الحسنة والأخلاق الحميدة .
3. ألاقات متعلقة بإطاعة الأوامر الرئاسية : وردت كلمة الطاعة في اللغة
بمعنى (الانقياد) والمقصود بواجب طاعة الرؤساء تنفيذ أوامر الرؤساء
واحترام قراراتهم بالتعقيب على أعمال وقرارات المرؤوسين بالتعديل أو الوقف
أو الإلغاء .
1. سلطة توجيه المرؤوسين في أعمالهم بإصدار الأوامر أو التعليمات اللازمة
لحسن سير العمل التي يلتزم المرؤوسين باحترامها والتقيد بها .
2. سلطة إلغاء أو وقف أو تعديل الأعمال أو القرارات التي تصدر من المرؤوسين .
3. سلطة مسائلة الموظفين تأديبياً عنا يرتكبونه من مخالفات مسلكية .
منقوول