قضية الاطفال اللقطاء
لا شك، ان قضية الاطفال اللقطاء - مجهولي النسب - او غير الشرعيين
في دول العالم الغربي
امر طبيعي وظاهرة لا تثير في النفس ما يكدرها،
اليوم.. بدأت مشكلة الاطفال اللقطاء تنمو في مجتمعنا، وباتت تصيب
اعماق حياتنا الاجتماعية في شتى مناحيها، وهذه المشكلة وان ظهرت
في العاصمة اولاً، ولكنها تخطت حدودها الضيقة لتمتد الى بقية المدن
والقرى والاغوار. وربما يكون من اسبابها بين الشباب، ما يتمثل في العنوسة
والبطالة والفقر، وضعف الوازع الديني وانتشار الكحول والمخدرات
واننا لنتعجب مما نسمعه اليوم، او ما نطاله في صحفنا المحلية
من حوادث رمي الاطفال حديثي الولادة الشرعيين وغير الشرعيين
او بالقائهم او بقتلهم فور ولادتهم، بطرق بشعة يشمئز
لها ضمير المواطن وانسانية.. ونعجب من هؤلاء الذين سلكوا طريق
الضلالة والفجور مسالك عدة في تزيين افعالهم: خشية العار
والفضيحة ، ومنها التنصل من مسؤولية الامومة والابوة.
ومن العجب ان هؤلاء نسوا ان من حق اولئك الاطفال، العيش في
كنف الاسرة وحنان الوالدين، وهو حق إلهي وانساني في آن واحد.
لقد بيّن القرآن الكريم ضلالة هؤلاء الذين استحلوا ما يجب
ان يحرم، وحرموا ما يجب ان يحل
فقال تعالى: ''قد خسر الذين قتلوا اولادهم سفهاً بغير علم
وحرموا ما رزقهم الله افتراء على الله، قد ضلوا وما كانوا مهتدين''.. سورة الانعام: 140.
ان تحريم الحلال قرين الشرك، وان الله حرّم على الناس جميعاً الزنا
واعاضهم عنها بالزواج الشرعي الحلال، وان الله
اذ حرّم الزنا حرم كل مقدماته ودواعيه من خلوة آثمة
واختلاط عابث، تكون ثمرته اطفالاً غير شرعيين.
وحرّم كل قول او عمل يفتح نافذة على علاقة محرمة، وهذا سر
نهي القرآن عن الزنا بهذا التعبير المعجز:
(ولا تقربوا الزنا، انه كان فاحشة وساء سبيلاً).. سورة الاسراء: 32.
فلم يكتفِ بالنهي بل بتحريم الزنا ومحاربته لما يؤدي اليه
من اطفال لقطاء، ومن اختلاط الانساب، والجناية
على النسل، وانحلال الأسر، وتفكك الروابط، وانتشار
الأمراض المعدية ، وانهيار القيم الانسانية كافة.
ومهما اختلفت الزوايا التي ينظر فيها الى قضية اللقطاء، ومهما
تعددت الاراء وتباينت المواقف فإن القضاء على هذه الظاهرة ممكن،
وللحد من هذه القضية بمخاطرها وسلبياتها على المجتمع بشكل
عام، فإن الحل الامثل يأتي من نفس المواطن ووجدانه، وعليه
تقع التبعية الخلقية امام ضميره وامام الله وامام الناس، كما
تقع التبعية الجنائية امام القانون.. وبعبارة اخرى، لا بد
من الضمير الحي الذي يوقف الفرد عند حدود الحلال، ويردعه
عن اقتراف الحرام، ذلك الضمير لا ينمو غرسه الا
في تربة الايمان بالله والدار الاخرة، وصدق رسول الله
اذ قال: (اذا اراد الله بامرئ خيراً جعل له واعظاً من نفسه).
فاطفالنا هم فلذات قلوبنا، هم بذور اليوم
وهم رجال المستقبل وقادته.