asma assouma كتب:يوجد حلين لهذه الظاهرة.. اولها ايقافها تماما بالاستعانة بهذا البرنامج الالكتروني...
ثانيا اذا لم تستطع الدولة تطبيق هذا النظام فعليها القبول بعملية القرصنة هذه شريطة اعادة تسميتها ..فبدل ان نقول هي عبارة عن co co يجب ان ترغم الدولة هذا الباحث على اثبات و ادراك ما نسخه.. لانه هناك من ينسخ و هو يعلم ما ينسخ.. و هناك من يبحث و يخترع و هو لا يدرك شيئا من انجازه....
قالها يوما بوتفليقة.. "انفقنا الكثير على la recherche scientifique لكني لم ارى من الجديد شيئا"
و الله أختي أسماء أنت توقظين في وعيي جراحا عملت جاهدا على تجاوزها .. فالدولة المدعوة حسب رأيك أعلاه إلى إجبار " الباحثين " على إثبات بحوثهم قد أنفقت 50 سنة من الجهد و المال لترقية البحث العلمي رغم إعترافي بتواضع الموارد المالية المرصودة لهذا القطاع مقارنة بما يتم رصده للفريق الوطني لكرة القدم وحده على سبيل المثال ... و رغم تلك الأموال و ذلك الجهد فقد جاءت النتائج عكس المأمول ... كانت سياسة تعتمد على الكم بحكم إفتقار البلد لحملة الشهادات العليا غداة الإستقلال و في المراحل اللاحقة وصولا إلى تسعينيات القرن الماضي.
و مع ذلك .. إستطاعت الجامعات الجزائرية تخريج كفاءات علمية متميزة رغم االتركيز الكبي على الكم ... و كان مصير هذه الكفاءات إما التهميش و إما التعفن في مناصب لا علاقة لها بالبحث العلمي و إما الهجرة إلى دول أكثر إستقطابا للعقول ... بمعنى أن الدولة لم ترافق الباحثين و لم توفر للبحث العلمي أهم متطلباته .. و هو ليس ذنب الدولة وحدها ... بل هو قبل ذلك تقصير من كل مؤسسات المجتمع... إذ لم نسمع أن شركة ما أو صاحب رؤوس أموال ما قد تكفل بأحد الباحثين على غرار حمى السبونسور الذي تحظى به الفرق الكروية على سبيل المثال.
هذا بإختصار فيما يتعلق بالبحث العلمي ... لكن المصيبة أننا في الموضوع المطروح من طرف الأخ هنا نناقش ما هو أقل من البحث العلمي .. فهذه مجرد رسائل ماجستير و أطروحات دكتوراه لا ترقى أصلا إلى مفهوم البحث العلمي طبقا للتصور الذي يحمله الإنسان العادي لهذا المفهوم ... نحن على مدار المراحل التعليمية كلها نتساهل مع ظاهرة السرقة أو ما أسماه الأخ copier-colller ... في الرمحلة الإبتدائية نطلب من التلميذ أن ينجز واجبا منزليا و نعطيه العلامة كاملة رغم أننا نعرف أنه لم ينجز الواجب لوحده و ربما لم ينجزه إطلاقا و أنه إستعان بوالده أو والدته أو أحد أقاربه .... وفي المرحلة المتوسطة و الثانوية نطلب من التلاميذ بحوثا فليجأون إلى فضاءات الأنترنيت لشراء البحوث جاهزة ثم نقبلها منهم دون نقاش .. ثم يستمر السلوك نفسه في المرحلة الجامعية و بطريقة أكثر مأساوية و إساءة للأمانة العلمية ... فماذا ننتظر من جيل تربى على السرقة .. لقد صارت في عرفه أمرا مشروعا.
أما عن كلام فخامة رئيس الجمهورية فهو كلام صحيح لا غبار عليه ... و لكن حيث يعترف السيد الرئيس بفشل سياسة الدولة في مجال ما نكون أمام نتيجتين منطقيتين لا يمكن التهرب منهما أو تجاهلهما ... أولا يجب الإعتراف بأن " تشجيع البحث العلمي " ليس مجرد أموال ننفقها " ... بل هي قبل ذلك " تصور و منهجية و سياسة و إستراتيجية" ... و في غياب هذه السياسة يكون من المؤكد أننا سنصرف الأموال عبثا لأن المال هو وسيلة و ليس خطة في حد ذاته... أما النتيجة الثانية فتتعلق بوجوب القضاء على عوامل الفشل الكثيرة و الكثيرة جدا التي لا أستطيع شخصيا حصرها ... و لكنها تبدأ من إصلاح المنظومة التربوية إصلاحا حقيقيا جزائريا بحتا يركز على المعارف بكل تأكيد و لكنه يضع لنفسه أولوية أكبر ... و هي تكوين الإنسان .. بمعنى إعادة الروح للمدرسة الجزائرية بعد سنوات العبث التي عمل فيها أعداء الأمة على إفراغ المنظومة التربوية من كل العوامل الروحية التي تضمن للمجتمع أجيالا تشعر بالإنتماء إلى هذه الأرض و تكون مشبعة بقيمها و بمقوماتها المعنوية .. فالمجتمعات لا تتقدم بالمعرفة وحدها ما لم يكن لأفرادها هوية و إنتماء.
المشكلة في بلادنا أننا نفكر دوما كمحاسبين Comptables ... لقد تخلينا في مرحلة سابقة على الكفاءات الأجنبية في جامعاتنا بهدف تشجيع الموارد البشرية المحلية و بهدف توفير أموال معتبرة من العملة الصعبة ... رغم أننا كنا ندرك جيدا اننا لم نصل بعد إلى مستوى الإكتفاء الذاتي النوعي ... و تجاهلنا أن المسألة هنا لا تتعلق بمجرد عنوان كبير عشقناه ذات يوم و هو مصطلح الجزأرة ... فالولايات المتحدة الإمريكية و بريطانيا و فرنسا و ألمانيا و المملكة العربية السعودية و قطر و الإمارات العربية المتحدة كلها دول أكثر تقدما منا و لكنها ما زالت تبحث عن الكفاءات الأجنبية و تقدم لها من الإغراءات و الحوافز ما لا حدود له ... ذلك أن تسيير الجامعات بعقلية سياسوية شعبوية لن ينتج سوى التخلف و الإنحطاط ... فالجامعة لا جنسية لها و لا وطن ... و النظر إليها يجب أن يتم خارج هذه المفاهيم.
علينا ان نعيد النظر في مفهومنا للبحث العلمي ... على نحو نعمل فيه على ترسيخ القناعة بأن البحث العلمي ليس مسؤولية الدولة وحدها ... وليس على الدولة سوى أن توفر االعوامل المحفزة لا غير ... فها نحن لا نكاد نستطيع مواكبة التحفيزات التي يقرها القانون للباترونا و المستثمرين بما في ذلك الإعفاءات الضريبية في إطار دعم سياسة التشغيل ... و لكن ألم يحن الوقت لإقرار نفس الإعفاءات الضريبية لتحفيز الشركات و أصحاب رؤوس الأموال و المستقثمرين على التدخل في مجال البحث العلمي.
أرهقونا بالإبتزاز المستمر في إطار ما يعرف بالثلاية ... و لم نسمع إلى يومنا هذا أن شركة ما أو مستثمرا خاصا ما قد تبنى مشروع بحث علمي في أي قطاع كان ... بما في ذلك القطاع الفلاحي الذي لم تتعد البحوث الجادة فيه عدد أصابع اليد الواحدة.
آلاف الإختراعات و الإبتكارات تتحول مع الوقت إلى خردة و يطويها النسيان ... و مازلنا نتحدث عن باترونا و مستثمرين و قطاع خاص و عام ... المشكلة معقدة أختي الكريمة ... لا تبدأ من سرقة علمية و لا تتوقف عندها ... فالسرقة العلمية ليست حكراعلى الجزائر ... و إنما العوامل المساعدة عليها أكبر عندنا مما هي عليه عند غيرنا.