حين نتفق على أن القانون لا يشترط أي طريقة محددة .. نكون بذلك قد وضعنا منطلقا للنقاش يقوم على مسألة في غاية الأهمية يمكن إيجازها في العبارة التالية :
" ما دام القانون قد ترك للمصلحة المتعاقدة و تحت مسؤوليتها حرية إختيار طريقة تنظيم الإستشارة ... فما هي الضوابط التي يجب أن يستند إليها مسؤول المصلحة المتعاقدة عند إختياره لهذه الطريقة أو تلك ... و هل يحق للمراقب المالي أو المحاسب رفض هذه الطريقة أو تلك ؟ "
طيب نحن هنا ننتقل بالنقاش من مستوى إلى آخر ... أي من مستوى علاقة الآمر بالصرف بكل من المحاسب و المراقب المالي إلى مستوى آخر .. و حينها يكون باب النقاش مفتوحا على مصراعيه.
عند إختيارنا لأي طريقة من الطرق التي يمكن بواسطتها الدعوة إلى الإستشارة ... يكون لزاما علينا مراعاة مباديء قانون الصفقات الثلاث ... حرية الوصول إلى الطلب العمومي ... شفافية الإجراءات ... و المساواة ما بين المتعاملين الإقتصاديين ...
و بالتالي .. شخصيا أوافقك الرأي في كون الإقتصار على دعوة 03 متعهدين فقط هي طريقة إقصائية ( رغم أن القانون يجيزها من باب المرونة ليس إلا ... فهو لا يقصد أن يجعلها قاعدة و سلوكا ... لا سيما و أن القانون نفسه ينص على ان المصلحة المتعاقدة تختار طريقة تنظيم الإستشارة مع الأخذ في الحسبان عدد المتعاملين الذين يمكنهم الإستجابة لها ... و جميعنا يعرف أن هناك عشرات المتعاملين المستعدين للمشاركة في المنافسة لو وفرنا لهم أسباب الثقة الكافية من خلال ضمان شفافية الإجراءات و المساواة فيما بينهم ) ..
و بالتالي لن تخسر المصلحة المتعاقدة شيئا لو علقت الإعلان و راسلت بعض المتعهدين و البعش الآخر و أدرجت الإعلان في موقعها الإلكتروني أو موقع الولاية أو أذاعت الأعلان في المحطات المحلية ...
و لكن الإشكال الذي بدأنا النقاش بخصوصه هو إصرار البعض على إشتراط طريقة معينة و فرضها فرضا كما لو كان هناك نص قانوني يستند إليه ..... هذا هو المنطق الذي يجب أن نناقش به مختلف المسائل ... بحيث نفصل بين ما هو مطلوب قانونا و بين ما نراه الأجدى و الأفضل و الأنفع ...