الحكومة تسابق الزمن لتنقية المشهد السياسي من أي “تشويش”
 مصدر نقابي: “بوتفليقة وافق على إلغاء المادة 87 مكرر وتحمل تبعاتها”
أفادت مصادر مطلعة بأن، الوزير الأول عبد المالك سلال، وجّه تعليمات إلى كافة الوزارات المعنية باجتماع الثلاثية المقبل المبرمج خلال شهر دسمبر المقبل، بالتحضير الجيد للملفات الاجتماعية التي ستطرح للتفاوض مع الاتحاد العام للعمال الجزائريين ومنظمات “الباترونا”، وذلك من أجل التكفل بالانشغالات المطروحة وتفادي مزيد من غليان الجبهة الاجتماعية على مقربة من الانتخابات الرئاسية.
وأشارت مصادر واسعة الاطلاع إلى أن اللجان الوزارية المكلفة بتحضير اجتماع الثلاثية المخصص لمناقشة الاجتماعي، ستشرع في عرض نتائج أشغالها خلال الأسبوع القادم وهو الأجل الممنوح للوزراء من طرف الحكومة لتسوية كل الملفات العالقة التي تتصدرها الانعكاسات المالية لتعديل المادة 87 مكرر وملف الأسلاك المشتركة بوصفه العصب الحيوي للوظيف العمومي، إلى جانب مقترحات تحسين الحياة الاجتماعية وتعزيز المعاشات للمتقاعدين وكذا تحسين أوضاع العمال بالوحدات الصناعية. وذكر مصدر نقابي أن الاتحاد العام للعمال الجزائريين بدوره شرع في التحضير لتنصيب لجنة وطنية من خبراء تتكفل بتقديم مقترحات حول تحسين الظروف الاجتماعية للعمال ودراسات الأنظمة التعويضية من أجل فرض نوع من العدالة التي تغني عن الاحتجاجات التي تشتعل في كل مرة بسبب مطالب الزيادة في الأجور والمقارنة بين كل قطاع وآخر في كل حركة احتجاجية. وتحدد المادة 87 مكرر من القانون 90 /11 المتعلقة بعلاقات العمل الدخل الوطني الأدنى المضمون الذي يشمل الأجر القاعدي والمنح والعلاوات مهما كانت طبيعتها باستثناء التعويضات المدفوعة لتخليص النفقات المترتبة عن العمال.
ويطالب العمال في مختلف القطاعات منذ سنوات بمراجعة هذه المادة بإقصاء المنح والتعويضات من الأجر الوطني القاعدي المضمون مما ينجر عنه رفع الأجور.
 وأوضح سيدي السعيد في هذا الصدد أن “هناك توافقا “حول هذه المادة” وتم تخصيص غلاف مالي من قبل السلطات العمومية لهذا الغرض. ويتعلق الأمر برفع غير مباشر للأجور يمس خاصة الطبقات الاجتماعية الهشة”. وكان الوزير قد أعلن في وقت سابق عن انتهاء وزارته بالتنسيق مع الشركاء الاجتماعيين من التحضيرات الخاصة بالتقارير المتضمنة اقتراحات جديدة متعلقة بالمادة المذكورة وأن تلك التقارير متواجدة على مستوى الوزارة الأولى. وفي سياق التحضير لمراجعة المادة المذكورة، فقد شهدت سنة 2011 تنصيب ثلاثة أفواج عمل مكلفة بدراسة بعض الملفات تنفيذا لقرارات الثلاثية التي جمعت الحكومة بالاتحاد العام للعمال الجزائريين وأرباب العمل في دورتها الـ14 التي انعقدت في سبتمبر 2011، حيث كانت مسألة المادة 87 مكرر ضمن جدول أعمال ذلك الاجتماع. ويولي الجهاز التنفيذي أهمية بالغة لاجتماع الثلاثية المقبل الذي يتزامن مع اقتراب موعد الرئاسيات، بالنظر إلى الاحتقان الذي ميز الشارع وهز عدة قطاعات وزارية وجعل حكومة سلال تعيش تحت الضغط، مما يفرض على الهيئة التنفيذية البحث عن حلول لإطفاء لهيب الجبهة الاجتماعية، خاصة في ظل تهديدات ونداءات بالاحتجاج ودعوات إلى الإضراب صادرة عن التنظيمات النقابية للموظفين، برمج تنفيذها أواخر الشهر الجاري أو خلال الشهر المقبل.
وأشارت مصادر نقابية إلى أن تصريح سيدي السعيد الأخير الذي أكد فيه أن “الرئيس بوتفليقة لم يسبق له أن رد بالرفض عندما يتعلق الأمر بانشغالات المركزية النقابية والعمال”، يعد لوحده مؤشرا على أن السلطات العمومية لديها الرغبة في معالجة كل القضايا االاجتماعية وتلبية الانشغالات المطروحة في عالم الشغل، حيث أشار إلى أن الرئيس يكون قد أعطى موافقته على إلغاء المادة 87 مكرر وتحمل تبعاتها.
وضمن هذا السياق، يعد فتح النقاش خلال الثلاثية المقبل لملف مراجعة المادة 87 مكرر المحددة للحد الأدنى للأجر القاعدي، بعد تأجيل كل حديث عنه منذ سنة 96، بحجة تكلفته المالية الباهظة، يعتبر هو الآخر مؤشرا على أن الحكومة تريد تسوية ملفات عالم الشغل المعقدة، حتى يتسنى لها المرور إلى المحطة الثانية التي تنتظرها في نفس الموعد، وهي مواجهة الجبهة السياسية، بعد دعوة أحزاب فاعلة لتشكيل جبهة ضد التزوير والتحرك لفرض منطقها بخصوص ضمانات شفافية الاقتراع الرئاسي القادم. ومن هذا المنطلق، تعي حكومة الوزير الأول في طريقة تعاطيها مع ملفات الثلاثية المقبلة، أن أي خلل أو تأخر في علاج ملفات الجبهة الاجتماعية قد تدفع ثمنه غاليا، لكونه سيضيف لها متاعب أخرى قد تصعب من مهام احتوائها، خصوصا أنها سعت دوما للحيلولة دون تحالف الجبهتين، الاجتماعية والسياسية