“شكوك” حول الأصول اليهودية لوزيرة التربية تثير جدلا في الجزائر
الجزائر/ محمد زيان/ الأناضول - أثار الاسم العائلي لوزيرة التربية الجزائرية الجديدة جدلا شعبيا ونخبويا في البلاد على خلفية “شكوك” في الأصول اليهودية للوزيرة “نورية بن غبريط رمعون”، وازدادت “حساسية” الموضوع أكثر بتعيينها على رأس قطاع حساس جدا.
وبمجرّد إعلان التلفزيون الرسمي، خلال التعديل الحكومي الأخير، في 5 مايو الجاري، اسم وزيرة التربية الجديدة حتى انطلقت التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن “غرابة” هذا الاسم عن الأسماء الجزائرية و”تطابقه” مع أسماء يهودية من قبيل “شمعون”.
وازدات الشكوك بالنظر إلى المنطقة التي تنحدر منها الوزيرة وهي محافَظة تلمسان (500 كلم غرب العاصمة)، التي سكنها اليهود بكثرة منذ القرن الـ 15 بعد سقوط غرناطة، آخر الممالك الإسلامية في إسبانيا، حيث فرّ عدد كبير منهم إلى بلاد المغرب العربي.
ولم يصدر عن الوزيرة ذاتها أو مسؤولين في الجزائر ما يؤكد أو ينفي تلك “الشكوك” حتى اليوم.
واستدعت هذه الشكوك تدخلا من باحثين وكتاب صحفيين وأحزاب، وكان أول رد فعل من الباحث الجزائري المقيم في فرنسا فوزي سعد الله، الذي قال في اتصال مع “الأناضول”: إن “لقب رمعون ليس يهوديا ولكنه تعريب للقب رامون الإسباني”.
وأفاد أن “الأسماء التي تنتهي بحرفي الواو والنون لا يعني أنها يهودية بالضرورة، وساق على ذلك أمثلة منها خلدون وسعدون وسحنون، وكلها أسماء عائلات جزائرية معروفة منذ مئات السنين، لم يتحدث أحد حول كونها يهودية”.
ونفى الباحث الجزائري الأصول اليهودية عن اسم “بن غبريط” أيضا، وقال إنهم أندلسيون فروا من حملات التهجير ومحاكم التفتيش الإسبانية بعد سقوط غرناطة.
وكشف سعد الله أن “بن غبريط أقاموا في تلمسان، وأحد سليلي العائلة وهو قدور بن غبريط أسّس مسجد باريس الكبير في العشرينيات (من القرن الماضي)، وهو أيضا أحد رجال سلطان المغرب سيدي محمد (ولد 1710، وتوفي 1790)”.
سياسيا، أصدرت حركة “النهضة” الجزائرية (إسلامية)، بيانا، انتقدت فيه إسناد وزارة ذات صلة بالهوية الوطنية، إلى شخصية “مشكوك في انتمائها”.
وقال بيان للحركة إن “إسناد دوائر وزارية هامة لها علاقة ببناء الهوية الوطنية لشخصيات مجهولة الوجهة السياسية ينذر بمخاطر وتخوفات على مستقبل الناشئة الجزائرية تربويا وثقافيا وتعليميا”.
من جهته، هاجم مسؤول جبهة “الصحوة الحرة” الإسلامية السلفية الشيخ عبد الفتاح زراوي حمداش، في بيان حصلت الأناضول على نسخة منه، الوزيرة نورية بن غبريط رمعون، واستهجن تعيينها قائلا “يهودية بالأصل تقود وزارة التربية ومستقبل التعليم والتربية في بلاد جزائر الإسلام والشهداء والجهاد”.
وتساءل حمداش “بأي حق وشرعية ومصداقية تتولى اليهودية بالأصل نورية بن غبريط رمعون وزارة التربية وقطاع التعليم في الجزائر؟”.
وأضاف أن “جبهة الصحوة الحرة الإسلامية السلفية تحمل الرئيس (عبد العزيز) بوتفليقة ودوائره مسؤولية هذا القرار الفاسد تربويا، وتدعو إلى عدم تولية اليهود أي منصب في الدولة أو النظام أو الحكومة”.
ووصف البيان قرار تنصيب الوزيرة بن غبريط على رأس وزارة التربية بـ”القرار الخطير جدا، والتصرف المخالف لعقيدة الشعب الجزائري ومنهج حياته ورسالة نضاله”.
وفي الاتجاه المعاكس لبياني “النهضة” و”الصحوة السلفية”، كتب الصحفي الجزائري عبدو سمّار، على صفحة موقع محلي ناطق بالفرنسية، مقالا عنوانه “جزائرية من أصول يهودية تُعيّن وزيرة.. وماذا بعد!”.
ودافع سمار عن الوزيرة وعن الوجود اليهودي في الجزائر، قائلا “هل يُسأل الوزير في الجزائر عن دينه وعن ترتيله القرآن وأدائه الصلاة أم يسأل عن برنامجه وعن المشروع الذي سيقدّمه للمجتمع؟”.
وأضاف: “لتكن الوزيرة نورية يهودية الأصل، وماذا بعد؟ نحن لم نعرف اليهود منذ الاستعمار الفرنسي، بل عرفناهم قبل آلاف السنين… لقد ساهم اليهود في الجزائر في مجالات عديدة، فهل أصبح اليهود جزائريين من الدرجة الثانية؟”.
وانتقد الصحفي مستوى النقاش السياسي والمجتمعي في البلاد، قائلا:”بدل أن يكون النقاش حول البرامج صرنا نخوض في أصول الشخصيات ودياناتها.. إنه نقاش عقيم فعلا”.
وكان ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، وبينهم الناشط الجزائري في صفوف الجالية البريطانية محمد الصالح معريش، أدرجوا مقتطفا من مقال للوزيرة الجديدة بعنوان “المدرسة والدين”، تقول فيه “وينبغي أن تقوم المؤسسات الجزائرية على مبدأ الفصل بين الدين والدولة، فلا يموّل التعليم الديني من طرف المؤسسات العمومية”.
وقال معريش لـ”الأناضول” إن “على الوزيرة أن تبرر ما تقصد به من وراء هذه العبارة”، مضيفا: “نحن نرى أنها تريد أن تقصي الإسلام من المناهج التربية الجزائرية وهذا مرفوض، وعلى البرلمان أن يسائلها بشأن هذه القضية الخطيرة”.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]