حين يتعلق الأمر بالطلب العمومي فلا بد من تحديده كميا تحديدا واضحا و دقيقا حتى يتم التعرف على طرق الإبرام واجبة الإتباع و على حدود إختصاص لجان الرقابة الخارجية .. و هذا ما نصت عليه المادة 11 من المرسوم الرئاسي رقم 10-236 المؤرخ في 07 أكتوبر 2010 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية، المعدل و المتمم.
أما الإكتفاء بأسعار الوحدات فيعطينا بالتأكيد فكرة واضحة عن سعر الوحدة و لكنه لا يسمح بالحكم على الإجراءات المتبعة في المنافسة .. فقد ننظم استشارة بمفهوم المادة 06 و لكن تحديد الكميات في مرحلة لاحقة سيجعلنا أمام حتمية إجراء المناقصة .. و هذه المسألة تخلق مشكلة للمراقب المالي فهو لا يستطيع التكهن بالكميات التي سوف تطلبها المصلحة المتعاقدة المعنية و بالتالي لا يستطيع اعطاء تأشيرته لنفقة غير محددة بالحجم و بالقيمة معا في آن واحد.
ضف إلى ذلك أن تنظيم استشارة لمعرفة سعر الوحدة دون تحديد الكمية قد يكون عاملا يحد من المنافسة .. فكثير هم المتعاملون الإقتصاديون الذين سيحجمون عن المشاركة إما مخافة أن تكون الكميات المطلوبة أكثر من قدراتهم على تلبيتها أو أقل أهمية بالنسبة إليهم من المأمول من طرفهم.
ان الالتزام بالفواتير الشكلية شكل مقبول من أشكال الإستشارة بمفهوم المادة 06 التي لم تشترط أصلا أي شكلية في تنظيم الإستشارة .. إلا ما تعلق منها باستشارة 03 متعهدين مؤهلين على الأقل و تحديد الحاجيات بدقة و اختيار العارض الذي يقدم أحسن خدمة من حيث الجودة و السعر .. و لكن هذه الفاتورات الشكلية تجعلنا نعود إلى نقطة البداية و هي وجوب تحديد الحاجيات و كمياتها تحديدا دقيقا .. و طالما أننا نستطيع تحديدها فما الداعي إلى تنظيم استشارة على أساس سعر الوحدة إذن ..
ما لا أفهمه شخصيا هو اللجوء إلى إجراء مزدوج لتحقيق نفس الغاية .. استشارة على أساس جدول أسعار الوحدات مضافا إليه استشارة على أساس فواتير شكلية .. لماذا لا نختصر الإجرائين في اجراء واحد من خلال تحديد الكميات و بالتالي اعداد كشف كمي و تقديري مفصل يعطينا صورة واضحة عن حجم الطلب العمومي و قيمته المالية و بالتالي عن الإجراءات واجبة الاتباع من البداية.
و الآن .. اذا قبل المراقب المالي هذا الإجراء المعتمد من طرفكم فالأمر لا يطرح مشكلة بالنسبة لكم .. و لكنني لا أستبعد أن يعود المراقب المالي عن رأيه هذا مستقبلا .. لذلك وجب تدريب مصالحكم من الآن على تحديد الطلب العمومي مسبقا و قبل تنظيم أي استشارة.