ماذا أقول لك أخي أحمد ؟ و الله عانينا و نعاني هذه الويلات في بلدنا و على جميع المستويات و في كل القطاعات .. منظومتنا القانونية تخلو من ضوابط محكمة لصالح التوسع غير المنطقي لمفهوم السلطة التقديرية التي يساء إستعمالها في 90 بالمئة من الحالات .. عموما المناصب العليا و الوظائف العليا تسند على اساس معايير لا تكون الكفاءة هي الفيصل فيها .. بل تغلب عليه إعتبارات الولاء و المصالح و توزيع النفوذ و ترسيخه بل و قد يصل الأمر إلى ما هو أخطر و أقصد تحديدا لعبة التوازنات السياسية و تقاسم " المغانم " ما بين القوى السياسية المتصارعة أو المتحالفة ... فاللعبة في وطننا لا تقوم على قواعد نظيفة مع الأسف و جميعنا يعرف تأثير الجماعات الضاغطة في مستويات إتخاذ القرار من قمة الهرم الإداري و السياسي إلى قاعدته ... و سنكون أغبياء إذا إعتقدنا أن المسار الوظيفي لإطارات الدولة تحدده معايير الكفاءة وحدها.
صحيح أن الكفاءة من ضمن هذه الإعتبارات و لكنها ليست المعيار الأساسي و بالتالي أنت تتنافس مع غيرك و لكنك خاسر مسبقا لأنك لا تعرف بالضبط ما هي قواعد التنافس و يمكنك أن تقضي عمرك كله في إكتساب العلوم و الخبرات و المهارات دون أن يتم إقتراحك مجرد إقتراح لتولي وظيفة عليا أو منصب عال على الأقل .. و يؤسفني كل الأسف أن أقول اننا في وطن يأكل بعضه و يمتهن رجالاته.
و مع ذلك أقول لك أخي احمد صراحة أن عدم تعيينك انت مثلا هو دليل على كفاءتك و نزاهتك و إلتزامك ... طبعا لا يعني هذا ان كل من هو معين في منصب عال او وظيفة عليا غير كفء أو غير نزيه او غير ملتزم .. و لكن المسألة أكبر من مجرد كفاءة.
لذلك شخصيا لا ألوم نفسي بسبب ضيق و إنسداد الأفق الوظيفي .. أعرف أن العيب ليس في أنا حتى اعمل على إصلاحه بل العيب في المنظومة الإدارية التي أنتمي إليها ... هذا هو رأيي اخي أحمد... و هو ليس مجرد رأي نظري بل نتاج تجربة شخصية و معلومات مؤكدة حول الكيفيات غير الأخلاقية التي يجري وفقها التعامل مع الموضوعات المماثلة ... و الأمر لا يختلف إطلاقا عن طريقة إعداد قوائم المترشحين للإنتخابات التشريعية و شروط ترتيب القوائم.
نسأل الله العافية لهذا الوطن... و أياما أفضل للجيل الآتي بعدنا.