الفرق من حيث الموضوع:
كل علم اجتماعي يدرس ناحية محددة من العالم الاجتماعي: فالاقتصاد يدرس الظواهر الاقتصادية، والسياسة تدرس الظواهر السياسية ولهذا تهتم بدارسة الدولة بينما يهتم الاقتصاد بتنظيم العمل.أما علم الاجتماع فينظر إلى المجتمع ككل مترابط ويهتم بالصلات بين اجزائه ديناً أو دولة أو عملاً. وكل علم اجتماعي ينظر إلى الانسان من زاويته، فالاقتصاد ينظر إليه على انه «إنسان اقتصادي»، والسياسة تنظر إليه على انه «انسان سياسي»... الخ. اما علم الاجتماع فينظر إلى الانسان باعتباره كائن حي يعيش في مجتمع في اطار حياة اجتماعية ذات الوان ثقافية واقتصادية وسياسية ودينية.... الخ.
2ـ الفرق من حيث المنهج:
يظهر الفرق بين علم الاجتماع وباقي العلوم الاجتماعية اذا ما تناولنا دراسة ظاهرة اجتماعية معينة «كالانتحار» مثلاً، فالاقتصاد يرجع أسبابها إلى الفقر، وعلم النفس يرجعها إلى خيبة في حب أو مفاجأة عصبية أو تهوس، والسياسة ترجعها إلى الاخفاق في الميدان السياسي، والدين يرجعها إلى فساد الخلق، والجغرافيا إلى اثر المناخ أو البيئة أو غير ذلك. وبالرغم من توصل هذه التفسيرات إلى جانب من حقيقة الانتحار، إلاّ ان كل منها على حدة لا يستطيع ان يقدم سبباً كافياً يمكن الاعتماد عليه، لانه لم يدخل في تبيان الخصائص الرئيسية للانتحار ونوع الاشخاص المنتحرين وفترات الزيادة والنقص في الانتحار وتوزيع نسب المنتحرين في المجتمعات المختلفة. والذي يستطيع ان يقدم السبب الكافي ويقوم بكل هذه الامور هو علم الاجتماع. وهذا لا يعني أن هناك قطيعة بين علم الاجتماع والعلوم الاجتماعية الاخرى، فنظريات كارل ماركس الاجتماعية كان لها اكبر الاثر على الدراسات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والنفسية على السواء. إلاّ ان علم الاجتماع ـ دون العلوم الاجتماعية الاخرى ـ يدرس الظواهر الاجتماعية في تفاعلها بعضها مع بعض وفي اثر كل منها على الاخرى والوظائف التي تؤديها والارتباط بينها. فهو اذن علم تركيبي شامل يحوي بين دائرته مختلف العلوم الاجتماعية الاخرى(31).


المصدر