تمت المشاركة الجمعة 05 فبراير 2010, 16:44
1-
القوة القاهرة هي قوة حدث غير عادية مثل الحرب (معلنة او غير معلنة)
وقيام ثورة او تغيير في نظام الحكم يجعل من المستحيل الاستمرار في تنفيذ
العقد.
ولابد أن يحتوي العقد على تعريف واضح للقوة القاهرة نظرا
للأهمية البالغة امثل هذا التعريف وما قد يترتب عليه من ملابسات قانونية
ومالية في المستقبل. وتختلف هذه التعاريف من عقد لآخر ومن بلد لآخر. كما
يختلف أيضا تعريف القوة القاهرة الذي تتبناه هيئة او منظمة متخصصة في
إعداد العقود النموذجية باختلاف القوانين و أصول المهنة في الدولة او
الدول التي تتواجد فيها تلك الهيئات والمنظمات.
فمثلا يختلف تعريف القوة القاهرة الوارد في نموذج (فيديك) للعقود الهندسية
المعمول به في أوروبا عن مثيله المعمول به في المعهد الأمريكي للمعماريين.
ويجب أن يولى تعريف القوة القاهرة أهمية خاصة ويعالج بلغة واضحة وصريحة
بقدر الإمكان حتى يمكن تضييق المجال المحتمل للخلاف في المستقبل. وبناءا
على تعريف القوة القاهرة, تحتوي شروط العقد عادة على بند او عدة بنود خاصة
تعالج مستقبل العلاقة بين أطراف العقد في حالة حدوث القوة القاهرة. ولابد
من الإيضاح التفصيلي لتصفية حقوق المقاول عن الأعمال التي تم تنفيذها قبل
إنهاء العقد وكذا تعويضه بطريقه عادلة مقابل ذلك الإنهاء.
وتتخوف الشركات الأجنبية العاملة في الدول النامية عادة من احتمال حدوث
القوة القاهرة, ولذا فهي تحاول وضع شروط منحازة لصالحها عند حدوث القوة
القاهرة. كما أن تلك الشركات تحاول الإصرار على تصميم تعريف القوة القاهرة
ليشمل كافة الاحتمالات المختلفة.
ولهذه المخاوف ما يبررها من الناحية القانونية لان أي خلاف قد ينشأ بين
أطراف العقد يجب أن يحل بواسطة القضاء في الدولة التي ينفذ فيها المشروع
حيث ينص القانون الدولي على انه لا يحق أن تقام دعوى ضد بلد ما دون موافقة
طوعيه منها أما القضاء في دولة أخرى.
2-
النظام القانوني التقليدي للقوة القاهرة :
لقد ذكرت بعض التشريعات الداخلية حالة القوة القاهرة و حددت خصائصها و آثارها ،إلا أنها كما ذكرنا سابقا لم تقدم لنا تعريفا دقيقا لها ، تاركة للقضاء مهمة تشخيص عناصر وجودها و تقييمها حسبما تقتضي ظروف الحادث .
تستند فكرة القوة القاهرة في التشريع الداخلي عند أغلب الدول على نظريتين رئيسيتين تكونان خصائص الحادث الذي يمكن اعتباره قوة قاهرة في مبدأ القانون الداخلي . فلقد تضمنت هاتبن النطريتين بعض المبادئ التي يمكن الاستعانة والاستدلال بهما في صياغة شرط القوة القاهرة .
النظرية الأولى : نظرية الاستحالة المطلقة: و تعتمد على معيار الاستحالة المطلقة لتنفيذ التزام المدين L’impossibilité d’exécution .و هو ما نجده واضحا في مبدأ القانون الأردني ، الألماني و الإنكليزي رغم إن لكل منهم تعريفة الخاص لهذه الاستحالة مما يتطلب التوقف لمعرفة محتواها وآثارها .
( 1 ) المادة 159 من القانون المدني المصري . المادة 215 فق1 من القانون المدني الكويتي .
النظرية الثانية : نظرية القضاء في القانون الفرنسي : و هي تمثل المبدأ العام ا في القانون الفرنسي ، وقد صاغه لنا القضاء الفرنسي حيث حدد أركان هذه الظاهرة . ولكي يعتبر الحادث مكونا لحالة القوة القاهرة فلابد أن تجتمع فيه ثلاث خصائص كي يكون التكييف صحيحا ومعتمدا وينتج أثره على تحديد أو إبراء مسئولية المدين بالتنفيذ و هي : سبب أجنبي Extérieur ، لا يمكن توقعه Imprévisible ، و لا يمكن مقاومته Irrésistible .رغم ذلك فإننا نجد أخيرا موقفا معتدلا للقضاء الفرنسي يسمح في تجاوز هذا المنطق الثلاثي.
أولا : القوانين التي تعتمد معيار استحالة التنفيذ
القانون الأردني : تنص المادة 274 من القانون المدني الأردني بأن في العقود الملزمة للجانبين إذا طرأت قوة قاهرة تجعل تنفيذ الالتزام مستحيلا انقضى معه الالتزام المقابل له ، و انفسخ العقد من تلقاء نفسه ، فإذا كانت الاستحالة جزئية انقضى ما يقابل الجزء المستحيل ، و مثل الاستحالة الجزئية الاستحالة الوقتية في العقود المستمرة و في كليهما يجوز للدائن فسخ العقد بشرط علم المدين ( 1 ) . و المعروف في هذا النص عدم وجود تعريف محدد و دقيق لحالة القوة القاهرة و اكتفى المشرع بذكر معيار استحالة التنفيذ و اعتبره عنصر أساسي في تقييم الحادث على انه حالة من حالات القوة القاهرة . و من الملاحظ أيضا أن المشرع لم يهتم بتشخيص مصدر هذه الاستحالة و ظروفها و مدى تأثيرها الخاص على تنفيذ التزامات المدين . إن موقف القانون هذا يترك المجال واسعا لسلطة القضاء لغرض تحليل الحادث و البت فيما إذا كانت الحالة موضوع الدعوى تتمتع بصفة القوة القاهرة وتقييم ما ينتج عنها من آثار على قدرة المدين بالتنفيذ .
كما أن تقييم الحادث يجب أن يأخذ بعين الاعتبار زمن وقوعه و المكان الذي حصل فيه و الظروف التي رافقته ، وهذه العناصر بحد ذاتها متنوعة و ليست ثابتة وخاصة في ظروف تنفيذ عقد البيع التجاري الدولي . وقد ينتج عن ذلك إصدار قرارات قضائية متباينة و متنوعة وقد تكون أحيانا متناقضة .
و لقد جاء النص مطلقا لمعيار استحالة التنفيذ . ولاشك انه يبقى بهذا التجريد مبهما وغير محدد المعالم ولكنه بنفس الوقت شاملا . رغم ذلك يمكننا تعريفه بأنه ذلك الحادث الذي يجعل المدين عاجزا بشكل مطلق من إنجاز أو متابعة إنجاز التزامه بصورة دائمة أو مؤقتة . و استحالة التنفيذ متعددة المصادر ، فقد تنصب الاستحالة على العين محل العقد . فإذا كانت تستند على سبب مادي فتسمى الاستحالة المادية Impossibilité Matérielle . أو قد تكون ناتجة عن سبب قانوني مصدره التشريع الداخلي أو قرار السلطة فتسمى بالاستحالة القانونيةjuridique Impossibilité . وقد يحصل الحادث بفعل الوضع الاقتصادي العام أو الخاص بالمدين بالتنفيذ فتسمى بالاستحالة الاقتصادية Impossibilité Economique . و استحالة التنفيذ مهما كان سببها أو مصدرها تتمتع بقوة الإلزام أمام القضاء إذا حدد الطرفان مضمونها ونطاقها صراحة في العقد . و بهذه الصيغة فإننا نجدها مدرجة دائما في الشروط التي يتناولها
( 1 ) يأخذ المشرع الكويتي بهذه القاعدة القانونية في نص المادة 215 في الفقرتين 1 و 2 من القانون المدني .
العرف التجاري الدولي .ونرى فيه سببا في خلق مفهوم جديد لخصائص القوة القاهرة تنسجم مع حاجة المعاملات و العقود ذات الطابع الدولي كي تجعل الأطراف المتعاقدة أكثر اطمئنانا على مصير العقد وفي ضمان حقوقهم عند النزاع. وهذا ما سنحاول بحثه مفصلا بعد التعرف على أثر موقف بعض القوانين الأخرى في صياغة مفهوم القوة القاهرة بشكل مباشر أو ضمنيا .
القانون السويسري : تقترب خصائص القوة القاهرة في القانون السويسري من المعايير التي جاء بها القانون الفرنسي . رغم ذلك ، أراد القانون السويسري أن يكون معيار الحادث الذي لا يمكن مقاومته اكثر واقعية عندما جعله يتصل بمعيار استحالة التنفيذ بصورة غير مباشرة . لقد اعتبر القضاء السويسري بأن حالة القوة القاهرة هي حدث غير عادي ، أجنبيا يؤثر في الاستثمار - حدث غير متوقع ، لا يمكن لأحد تجنبه حتى بعد إعطائه كامل العناية ، دون أن يعرض للخطر بالكامل الاستثمار و مال و مصير المشروع L’entreprise، إنه حدث لم يحسب حسابه رئيس المشروع حتى وإن كان يحصل غالبا ( 1 ) .
نجد في ذلك بأن القضاء السويسري قد طور فكرة استحالة التنفيذ و اعتبر وجود هذه الاستحالة متحققة في حالة إن الاستمرار في التنفيذ سيعرض حتما إلى الخطر الاستثمار و الوضع الاقتصادي النهائي للمشروع شركة أو مؤسسة . و مثل هذا الموقف يمكن أن يقودنا إلى اعتماد مفهوم نظرية الظرف الطارئ L’imprévision التي تستند في حجتها على معيار الاستحالة الاقتصادية ، تلك التي تجعل تنفيذ العقد مرهقا للمدين ويعرضه لخسارة جسيمة وقد تؤدي إلى إفلاسه ( 2 ) .
وقد ذهب كذلك الفقه السويسري بنفس الاتجاه حيث اعتبر الفقيه Engel (3) إن القوة القاهرة هي ذلك الحدث الذي يجب أن يسبب إكراه لا يمكن تجاوزه . وهذا المعيار يقترب في مضمونه و غرضه من فكرة الحادث الذي لا يمكن تجنبه أو مقاومته Irrésistible والذي تبناه القانونين الفرنسي و البلجيكي كواحد من خصائص القوة القاهرة ، ومثل ذلك من الحوادث التقليدية هي تلك الحالة التي تجعل التنفيذ كليا مستحيلا ، بفعل حوادث الطبيعة أو الإنسان أو قرار السلطة العامة Le fait du prince
التوقــيـــــــــــــــــــــع
لايحزنك انك فشلت ما دمت تحاول الوقوف على قدميك من جديد
.المهنية سلاحنا الفعال!
لا يمكن أن نواجه هذا العالم الذكي بالهبل والدجل والكسل والشلل!
لتنمية مهارتك تابعنا على
مدونة الموظف الجزائرى